قصة ساتزوج منحرفا البارت الخامس والاربعون 45 البارت السادس والاربعون 46 بقلم امانى عطيه


قصة ساتزوج منحرفا
البارت الخامس والاربعون 45
البارت السادس والاربعون 46
بقلم امانى عطيه


رجل لكل النساء
انتهى دكتور مسعود من نزع جبيرة الجبس عن ساق ممدوح للمرة الثانية ، وقال موجهاً حديثه إليه :
ـ حمداً لله لا توجد خطورة حتى الآن ولكن عليك توخى الحذر فى المرة القادمة 
حانت منه التفاتة حانية إلى ليلى التى تعمدت الوقوف بجوار ممدوح وكأنها سمرت فى مكانها ، أشاح ببصره مرغماً أمام نظرات ممدوح الغاضبة ثم ما لبث أن غادر وهو يغمغم : 
ـ أتمنى أن تكون هذه هى المرة الأخيرة ، حتى لا تحدث مضاعفات 
التفت ممدوح إلى ليلى الشاردة قائلاً :
- بماذا تفكرين ؟
تنهدت قائلة :
- لا شئ
حاول أن يبدو هادئاً وهو يتأملها قائلاً :
- ما مدى علاقتك بدكتور قيس هذا ؟ 
ـ اسمه دكتور مسعود 
تأملها غاضباً فأردفت :
- مجرد صداقة 
قال فى تهكم :
- صداقة ، من أى نوع ؟
حدقت فيه غاضبة :
- ماذا تعنى ؟
قال ساخراً :
- أخشى أن تكون صداقتك معه من نوع صداقتى بـ نجوى 
صاحت مستنكرة :
- هل تسمى ما بينك وبين تلك الساقطة صداقة ؟!
تابع بنفس اللهجة الساخرة :
- ربما الحمى التى تصيبه كلما رآك هى الصداقة بعينها ..!
ـ لا تظن أن الرجال جميعاً مثلك 
تجاهل غضبها قائلاً :
- فيما كنتما تتحدثان فى الحديقة ؟ 
أشار محدزاً وأردف :
- ولا تقولى أنه كان يحدثك عنى ؟
ـ نعم هذا ما حدث بالفعل 
جذب ذراعها فصرخت فيه ساخطة :
- كف عن عنفك معى ، تذكر أننى امرأة
تأملها فى وقاحة قائلاً :
- لست فى حاجة لتذكر كونك امرأة ، فأنا أرى هذا دائماً ، لكنك من تصرين على الإنكار 
تلاقت عيناهما فى نظرة طويلة ، استسلمت بعدها لسيل من قبلاته الشرهة ، حتى استطاعت أن تتحرر منه أخيراً قائلة بأنفاس لاهثة :
- عليك أن تعلم بأننى لن أسمح لك بأكثر من هذا ، حتى تصبح رجلى 
هتف مستنكراً :
- كفى بلاهة يا ليلى ، رجل من أنا إذاً ؟
ـ أنت رجل لكل النساء 
ـ وكيف تريديننى أن أكون ؟ مثل هذا القيس ؟
ـ ومن أوصلك أنت لقيس ؟ 
ـ قيس هذا كان أحمق ، ترك امرأة تسلبه عقله 
ـ قيس كان عاشقا ًوظل مخلصاً لعشقه حتى الموت 
ـ كفى أوهاماً ، إن كنت أصدق شيئاً فى هذه الأسطورة الغبية ، فهى أن قيس هذا كان مجنوناً 
ـ ليتك تجن مثله إذاً 
ـ أهذا ما تريدينه ؟ أراهنك بعدها ستهجريننى بلا رحمة 
ـ تنقصك بعض الثقة بالنساء 
ـ بعض الثقة ! أنا لا أثق فيكن أبداً ، وهذا ما يجعلنى ممدوح سالم 
ـ يا لك من متعجرف ، تتحدث عن نفسك وكأنك من بنى الأهرامات ..!
ـ أنا لا أبنى الأهرامات ، بل أسقطها 
زفرت فى ضيق ، بينما ابتسم وهو يتأملها قائلاً :
- أتنكرين ذلك يا هرمى الأكبر ؟
ـ أنت لا تطاق 
احتضن وجهها بين راحتيه ، وعيناه تغزو عينيها قائلاً :
- لكنك سقطت فى حبى ، أليس كذلك ؟
هتفت فى عناد :
ـ لا أعلم سوى شيئاً واحداً ، وهو أننى لن أكون لك قبل أن تكون أنت أيضاً لي
ـ أنت تلعبين بالنار يا ليلى ، حذار أن تقتربى من حصونى أكثر من هذا
لا تدرى كيف استسلمت لقبلاته كالمسحورة من جديد ، لكنها ابتعدت عنه فى حدة حين دلف أشرف إلى الحجرة فجأة .. وكأن ارتباكها قد انتقل إليه فغمغم فى بعض الخجل : 
ـ لقد طرقت الباب ولكن يبدو أنكما .......
عضت ليلى على شفتيها فى خجل بينما صاح به ممدوح ساخطاً :
- ماذا حدث لك ؟
أجابه أشرف فى لهجة ما زال الخجل يشوبها :
- لقد نسيت أن آخذ معى الورقة التى كتبها الطبيب لكى أحضر الدواء 
ناولته ليلى الورقة دون أن تجرؤ على رفع وجهها نحوه فانصرف وهو ينظر إلى ممدوح مبتسماً ، غمغم ممدوح وهو ينظر إلى ليلى فى تهكم :
- يبدو أن حماقتك شديدة العدوى 
ـ ليت عدواها تنتقل إليك إذاً ، فربما أصابتك ببعض الحياء ..!

*****

فى المساء دلفت ليلى إلى غرفتها لتوقظ ممدوح لكنها وجدته واقفاً أمام المرآة وقد انتهى تقريباً من ارتداء ملابسه كاملة ، حدقت فيه قائلة :
- ماذا تفعل ؟ 
ـ كما ترين ، لقد مللت جدران هذه الحجرة 
قالت فى بعض التردد :
- هل يمكننى الذهاب معك ؟
نظر إليها قائلاً :
- لن نكون بمفردنا 
ابتسمت فى مكر قائلة :
- هل أنت خائف أم أن هذه نصيحة نجوى ؟
بادلها الابتسام قائلاً :
- كفى عن استفزازى يا ليلى ، هل ستأتين معنا ؟
ـ إن لم يكن لديك مانع 
ابتسم وهو يقبلها قبلة صغيرة قائلاً :
- سأنتظرك بالأسفل ، لا تتأخرى 
ما كاد يصل إلى باب الحجرة حتى استدار إليها وقال محذراً : 
ـ ليلى ... سنذهب إلى ملهى ليلى هذه المرة 

ظل يذرع الردهة ذهاباً وإياباً وهو يغمغم ساخطاً :
- اللعنة على النساء جميعاً ، لمَ كل هذه العطلة ؟
خرجت نجوى من غرفتها أخيراً وقد أعادت زينتها من جديد بعد علمها بوجود ليلى معهم ، التفتت إلى ممدوح قائلة :
- ما رأيك الآن ؟
تأملها بإعجاب قائلاً :
- رائعة ، أنت دائماً رائعة يا نجوى 
قالت ماكرة :
- أرجو أن لا ترتدى ليلى الجينز 
ابتسم ممدوح قائلاً :
- لا أظن 
ـ هذه البلهاء لها ذوق قروى لا يطاق 
نظر إليها صامتاً وهو يجلس ساخطاً فى انتظار ليلى ، فجلست فوق مسند كرسيه وهمست فى دلال : 
ـ ممدوح ، أنا من ستجلس بجوارك ، أليس كذلك ؟
ابتسم فى خبث قائلاً :
- أنا سأجلس بجوار أشرف ، ربما أمكنك الجلوس بجوار ليلى فى المقعد الخلفى 
ـ وماذا عن سميرة ؟
نظر إليها مستنكراً ، فتابعت فى وقاحة :
- سميرة ستكون معنا فى السيارة 
ـ وماذا عن ليلى ؟
لوت فمها فى مزيد من الدلال قائلة :
- يمكنها أن تركب فى السيارة الأخرى ، لقد أصبحت علاقتها حميمة جداً معهم وكأنها تعرفهم منذ دهر كامل 
ـ ما هذا الهراء ؟ كونى معقولة يا نجوى 
ـ وهل طلبت المستحيل ؟
ـ هل نسيت أنها زوجتى ؟ 
نهضت غاضبة :
- قلت لك مراراً ، كف عن ترديد هذه الكلمة أمامى 

استدار ممدوح إلى حيث تعلقت عيناها فجأة قبل أن تغادر الردهة ساخطة ، كانت ليلى تهبط الدرج فى نعومة 
وعلى شفتيها تلألأت ابتسامة أحلى من كل الجواهر التى تزينت بها والتى تحلى بها فستانها السماوى الرائع الذى التصق بجسدها فى عشق تولد عنه أنوثة طاغية ، صعد ممدوح الدرجات المتبقية عدواً 
همست فى دلال :
- هل يعجبك هذا ؟
همس وهو يقبل يدها :
- ماذا ترين ؟
****
شعرت نجوى بالجنون وهى تصرخ فى عادل قائلة :
- لماذا تصر على أن تكون سيارتنا فى المقدمة ؟
كان عادل قد فهم الإشارة التى وجهها إليه أشرف بناء على طلب ممدوح فقال مماطلاً : 
ـ ولماذا تصرين أنت على السير خلفهم ؟
ـ عادل ، هل أصابك العته فجأة ؟
ـ الطريق ضيق كما ترين وأخشى أن أعرضكما لمكروه 
ـ تتحدث وكأنها المرة الأولى التى نسلك فيها هذا الطريق 

جلست ليلى بجوار ممدوح على المقعد الخلفى وقد أحاطها الأخير بذراعه بينما احتضن كفيها بيده الأخرى مما جعل قلبها يهتف فى عنف حتى كادت تبكى وهى تتلقى الترحيب من أشرف وكمال بكل العبارات الرائعة .. ما أن بدأ الطريق يزدحم بالسيارات حتى غمز ممدوح لأشرف قائلاً : 
ـ نريد أن نرى مهارتك فى القيادة يا أشرف 
ضحك أشرف وهو ينعطف بالسيارة فجأة فى طريق جانبى تاركاً السيارة التى يقودها عادل فى الطريق الآخر
فابتسم ممدوح بينما غمغمت ليلى :
- ماذا تفعلون ؟ 
ضحك أشرف قائلاً :
- نلهو قليلاً 
توقفوا بالسيارة أمام مقهى كبير لبيع المشروبات الساخنة والمثلجة ، وسألهم أشرف :
- ماذا أحضر لكم ؟
قال كمال بسرعة :
- عصير مانجو 
نظر ممدوح إلى ليلى وقال مبتسماً :
- بل آيس كريم 
ضحك كمال قائلاً :
- منذ متى وأنت تأكل الآيس كريم ؟!
بادله أشرف دهشته قائلاً :
- ما هذه الطفولة المتأخرة أيها الزعيم ؟!
همس ممدوح فى أذن ليلى :
- هل أخبرهما ؟
اتسعت عيناها الجميلتان تحمل التحذير والرجاء معاً ، فابتسم ممدوح قائلاً دون أن يرفع عينيه عنها : 
ـ ليلى تحبه كثيراً 
ابتسم أشرف قائلاً :
- إن كان الأمر كذلك ، فليحيا الآيس كريم 

انتابها بعض الضيق عندما عاد أشرف إلى القيادة من جديد ، معلناً انتهاء اللحظات السعيدة التى تمضيها مع ممدوح بعيداً عن غريمتها ، يا لها من لحظات رائعة ، ليتها تدوم للأبد 
همس ممدوح وهو يتأملها :
- هل أنت سعيدة ؟
ـ جداً 
مال عليها يقبلها ، فابتعدت عنه فى خجل هامسة :
- ممدوح ، لسنا بمفردنا 
استدار إليهما كمال قائلاً :
- لا عليك يا ليلى ، نحن معتادون منه على ما هو أكثر من هذا 
عضت ليلى على شفتيها بينما أزاحه ممدوح فى عنف قائلاً :
- انظر أمامك يا ذنبى الأسود

****

حدقت نجوى فى ممدوح بغضب وهو يقترب منها مبتسماً ، جلس بجوارها قائلاً فى لا مبالاة : 
ـ هل تأخرنا عليكِ ؟
ضحك فى مرح عندما أعلنت نظراتها بأنها تتمنى قتله ، بينما ابتسمت ليلى مرغمة وهى تشعر بالشفقة تجاه نجوى .. وتجاه نفسها أيضاً ، يا له من قدر هذا الذى أوقعها فى عشق رجل بهذه القسوة ، قدر وضعها فى موقف .. لو أقسم كل من تعرفهم ومن لا تعرفهم منذ أيام قليلة بأنها ستوضع فيه لكذبتهم جميعاً واتهمتهم بالجنون

رغم ما تشعر به نجوى من ضيق بالغ ، فقد أصرت على أن لا تدع ليلى تنعم وحدها بهذه السهرة أبداً ، لن تدعها تخطف منها ممدوح مهما حدث ، ابتسمت وهى تعاتبه فى دلال مفرط ، وراحت تهمس فى أذنه بعبارات لم تسمع منها ليلى شيئاً ، عدا هذه الضحكات التى تعقب الهمس حتى شعرت بالجنون وارتفعت حرارتها غيظاً
أقبل الجرسون فى هذه الأثناء وقدم لهم قائمة الطعام ، فنظر ممدوح إلى نجوى قائلاً :
- ماذا تفضلين ؟
همست فى نبرة بدت لليلى كريهة جداً :
- ألم تعرف بعد أن أفضل ما عندى هو ما تفضله أنت ؟
ابتسم ممدوح وهو يلقى على ليلى نظرة عابرة قائلاً :
- سأطلب لثلاثتنا إذاً ، لحوم باردة و......
قاطعته ليلى ساخطة :
- يمكننى أنا أن أطلب ما أريد 
حدق فيها وهو يقدم لها قائمة الطعام صامتاً ، فقالت فى محاولة لاستفزازه : 
ـ سأتناول سمكاً وأرز بالخلطة 
صاح مستنكراً :
- ماذا ؟ سمكاً فى المساء !!
نظرت فى عينيه قائلة :
- ألديك مانع ؟
ابتسم وهو يتفحصها قائلاً :
- كما تشائين ، إنها معدتك على أية حال 
ثم أردف هامساً وهو يقترب منها :
- على الأقل سيكون هناك مبرر قوى ، حين تشتكين من المغص بعد قليل 
ـ ماذا تعنى ؟
ضحك ولم يعلق بينما نظرت إليها نجوى وقالت ساخرة :
- لديك ذوق رهيب يا ليلى 
بادلتها ليلى نظراتها ساخطة .. قبل أن تغمغم بابتسامة صفراء :
- حمداً لله أن لى ذوق ، إنها نعمة يفتقدها كثيرون


تعليقات