قصة عشقت امرأة خطرة
البارت السابع والاربعون 47
بقلم ياسمينا احمد
عاهدونى أن لا تأخروا صلاتكم لأجل قراءة الحلقه عاهدونى أن لا تلهيكم عن ذكر الله
عاهدوني ان وجدوا منى ما ينفر او يحرك مشاعرك نحو شئ فج أن تخبرونى
عادهدونى ان كما اجتمعنا بالدنيا نجتمع كلنا فى الجنه ...
الذي يمر بمرحله صعبه يتغير يتغير فكريا ويتطور بسرعه وكل لحظه يعيش بها داخل تلك المرحله تتسع عينه ويسمي الأشياء بأسمائها الحقيقية الأسماء التى تعيش معه للابد .
"صبا" كانت فى حالة لا تحسد عليها لم ينزل فمها حتى الماء من وقت الحادث اسفل عيناها كان ملتهب من فرط البكاء ،يدها ترتعش وقلبها ينتفض خوفا من أن لا يفتح "زيد"عيناه للحياة اصرت على الجلوس جواره برغم محاولة الأطباء بإبعادها لكن امام حالتها الصعبه وافقوا
ظلت متمسكه بيده وتميل بوجنتها عليها ،يتملكها حزن
عميق لسكونه الحياة بدونه كئيبه والزمن يمر فوق قلبها كالقطار السريع رغم بطئه .
هتفت بنبره حزينه هادئه :
-قوم يا زيد ،انا مش هعرف اعيش من غيرك
رفعت وجنتها عن يده وقبلت ظهر يده وبللتها بدموعها
واردفت وهى تهمس بتوسل:
- اوعي تسيبنى إنت وعدتنى إنك هتكون جانبي وانا بصدقك
لم تسمع منه رد سوي صوت صافره الاجهزه ياله من وجع كبير سكوته هذا يمزق قلبها تلك الصافره التى ترد عنه تطعنها كالنصل البارد بلا رحمه غياب صوته عنها كاد يذهب عقلها زفرت بتعب من كثرة الضغط وانهمرت فى البكاء من جديد وهى تدعوا:
-يارب انا عبدتك الضعيفه يارب ماليش غيرك يارب خد من عمري واديلوا يارب ما تحرمنيش منه يارب انت قادر وانا ما أقدرش إنت كبير وانا صغيره انت هادتنى بيه وانا شبط فيه ما تحرمنيش منه ما تاخدهوش مني لو هتاخده خدني معاه .
بالخارج
لم يكف لسان فايز عن الدعاء قلبه منقسم بين حالة زيد
وحالة بثينه التى ابلغه الطبيب بحالتها الصعبه والتى تجعلها فى عذاب لا هى على قيد الحياة ولا الموت.
أما" ونيسة"فكانت مفطورة القلب زيد ليس فقط الأكبر بين ابنائها تفاحة قلبها بل هو سندها والثمره الباقيه من زوجها
السابق لقد ضحت كثيرا من اجلة وكانت مستعده لاكثر من هذا سنوات من العذاب عاشتها تحت سلطة "عماد"
رجل غيور باطش سام يريد حذف وجودها جرحها بكل
ما يمكن جرحها به وعاشت معه فى ظلمات لم تعرف لها آخر تحملت كل هذا لأجل "زيد"وبعده اولادها "بلال ويحيي" حلقها جف من كثرة الدعاء له وقلبها ظل يدعوا
ويتوسل وان يعيد تجربة فقدان مرت عليها من قبل .
"حسين" انشطر قلبه على إبنته وإبن أخيه مشاعره بالكامل كانت مرتبكه حالة إبنته صعبه للغايه وكذلك
"زيد"راح يلعن اخيه سرا وجهرا على جريمته الكبري
لايستوعب عقلة كيف تجرد من إنسانيته وعقله ليقدم على فعل كهذا أظن ان حتى لو ابيه سامحه هو ما كان يسامحه
انها فلذت كبده التى كادت أن تضيع مهما حدث فما فعله لا يغتفر ،وبعد معاناتها من زوجته السابقة وما فعله "رشدي"لو كان بمقدرته سجنه ألف عام لفعلها دون تردد حتى لو كان ثمن هذا حياته فما يعيش الانسان إلا من أجل
شرفه وبدن والشرف لايكون إنساناً.
بعد ساعات
أخرج الفريق الطبي " صبا" من الداخل من أجل الكشف سارعت "ونيسة"نحوها تسألها بفزع:
-إيه اخباره طمنينى ؟
حركت رأسها بثقل وهى ترد بحزن:
-مافيش جديد
رأت "صبا" الحزن العميق في عين "ونيسة" والحسرة الشديدة التى تتملكها ،بعد تضحياتها الكبيرة لها بعدما
تنازلت عن الدخول له ورؤيتها بأم عينها وتركتها هي لعله يرجع من جديد لأحضانها لا يهم الآن من الأحب لديه لكن الأهم هو أن يفيق ويستعيد وعيه الكامل .
حاوط كتفها والدها فور خروجها ومال يسألها بلطف:
-اجبلك أكل
حركت رأسها بالرفض ،فزفر يائسا من استمرار رفضها
ولجأ لحيله أخري ليخدعها قائلاً:
-طيب ينفع زيد يقوم يشوفك بالشكل دا دا كان يغمى عليه تانى .
رفعت رأسها له بأمل كانت فى عرض كلمه تخرجها من هذه الدوامه لكن إنها الحقيقة المره زيد لا يزال غائبا عن الوعي
سأل "فايز"صبا "والذي يعرف اهمية وجود صبا الى جواره
فى هذه الاوقات الحرجه :
-خرجتى ليه؟
اجابت بتعب:
- هيدخلونى تانى كمان شويه
لازال الوضع متأزم والجو ممتلئ بالكآبه ،صدح هاتف فايز ،فحدق فى شاشته يخشي الإجابه إنه "حكيم"يرتعش قلبه أن يخبره بخبر يهوي بقوته المتبقيه لكن كان مُلزم بالإجابة فالخبر إن وقع سيأتيه سيأتيه فلا داعي للتهرب
فالهروب لن يغير من الحقيقة شئ.
إذدرأ ريقه وفتح الخط ليسمع صوت "حكيم"وهو يقول:
-طمنا على زيد يا حاج
زفر انفاسه وهو يجيبه:
- أدينا بنقول يارب .
سكت قليلا ثم سأله متوترا:
-بثينه عاملة إيه؟
جاء دور حكيم بالارتباك وقال أسفا على وضعها:
-الحال مش حلو الاجهزه بتاعة جسمها اغلبها وقف وربنا يلطف بيها وبينا الدكاترة بيقولوا لوفضلت على كدا هنفصل الأجهزه عنها
لم يتحدث "فايز"نهائي دموعه نابت عنه وصوت نهنهة المكتومه شرح حالته .
اتجهت صبا اليه وجلست بجواره رغما عنها وجدت نفسها تهدئه وتعطيه أمل غير موجود لديها :
- ان شاء الله هيقوم بالسلامة يا جدو ما تزعلش عشان صحتك .
علم انها لاتعرف شي عن بثينه تواسيه عن زيد دون أن تعرف سبب بكاؤه وانكساره الآن اغلق الهاتف والتف لها وتحدث فى سرعه وكأنه يريد أن ينقذ ما يمكن إنقاذه:
- اسمعى يا صبا ،بثينه بنتى بين الحيا والموت ونفس اللى بيصارعوا زيد هى بتصارعه بس هى روحها متعلقه .
تعجبت صبا من هذا الخبر الذي لم تعرف عنه شئ من قبل وضمت حاجبيها تسأل:
-مش كانت كويسه
هتف فايز حزينا:
- كانت يا بنتى دلوقتي هى تعبانه وحالتها حرجه
لاحظت كيف انكسر نظره عنها وثقل لسانه وهو يسترسل بالقول:
-لو تقدري تسامحيها سمحيها ،سامحيها عشان خاطر ربنا حتى لو هي ما تستحقش سامحيها
قلب "صبا" اكبر من أن يقسو على جدها تعرف مدي حب زيد له وتعرف حجم طلب السماح لإبنته منها فلم ترد له الطلب وهتفت بهدوء:
-انا مش هامنى دلوقتي غير زيد انا مسامحها مسامحه اى حد جرحنى أو ظلمنى بس زيد يرجعلى تانى أنا اتاكدت إن مش مهم الف قلب يحبك المهم إن قلب واحد يحبك بصدق وإخلاص ويآمن بيك فده اللى يوقفك على رجلك
انا سمحتهم كلهم كلهم يا جدو عشان خــاطــر زيــــد.
اطفأت جزء من نيران قلبه واذهبت ضيق انفاسه ربت على كتفها بحنو وقال بإبتسامة طفيفه:
-قولت لزيد إنك انسب واحده ليه وفعلا إنتى الوحيدة اللى تناسبيه يا صبا .
"جميع الحقوق محفوظه لدى الكاتبه سنيوريتا ياسمينا أحمد"
عادت "صبا"تجلس الى جواره وتمسك بيده كالطفلة الصغيرة التى تتشبث فى ثوب أمها ويشعرها بالآمان نادته بصوت ارهقة النداء وفؤاد معذب يرجو الرد:
-زيد قوم بقى يا حبيبي عرفت انا بحبك قد إيه كلنا هنتجنن عليك برا قوم عشان ابننا يتربي فى حضنك
بكت بحرقة وعادت تحدثه وكأنه يسمعها :
- انا سامحت عمتو بثينه عشان خاطرك سامحتهم كلهم
وسامحت طنط ونيسة أحلفلك بالله إني عمري ما هزعلك او اضايقك تانى وهستحمل "ونيسه"عشانك، ايه يعنى بتعصب وتقولى يا بنت بشري ما انا بنت بشري هي بتشتمنى ما اهى أمي ايه يعنى تقولى انى ساحره مش مهم ساحره ساحره المهم انك انت مصدقنى مهما عملت مش هضايق قوم انت بس بالسلامة وعمري ما هزعل منها ابدا ولا اتخانق معاها .
-إنتي متأكده إنك مش هتخانقي معاها تانى .
لم تصدق الصوت الذي أتاها رفعت وجهها لتحدق به غير مصدقه انه أخيراً أجابها ،جالت فى ملامحه بصدمه مازال مغمض العينين ثابت التعبير استنكرت هذا وهتفت بتعجب:
-هو انا كان بيتهايقلى ،زيد انت رديت عليا
لازال صامتا وعينه ممغمضه امسكت بيده وقبضت بقوة لتهتف بنبرة حزينه :
-يارب يارب ما تحرمنيش من صوته ووجوده يارب
يارب زيد طيب وحنين وبيعملك خير كتير وقلبه ابيض
اخيرا فتح عيناه ليقول بنبره أرهقها التعب:
- انتى هتشحتى عليا ، خلاص
اتسعت عيناها وهى تنظر اليه ،رفع يده ببطء ليمررها على وجنتها وينظر لها بحزن على حالتهاالمزريه التى وصلت لها
بينما هى تصنمت وهتفت بصدمه:
-زيد قول ان مش بيتهايقلى.
لم يقوى على الابتسام ورد باقتضاب:
-مش بيتهايقلك.
نهضت من مكانها وصاحت بفرح وهى تضع يدها على فاها
كالمجنونه:
-زيد ،انت رجعت لنا بالسلامة الحمد لله يارب الحمد لله رب العالمين الحمد لله الحمد لله
قفزت عدة قفزات فنها زيد بحزم جعله يتألم:
-بس بس
هتفت بسعادة:
-انا مش مصدقه نفسي عايزه اطير ما تقوليش بس مش هسمع الكلام .
رد ساخرا:
-انتى لسه قايله هتسمعى كلامى
تذكرت وعدها وعادت تجلس الى جواره بتهذيب وهى تقول :
-ايوا قولت حاضر
قال بتعب :
-الحمد الله انك حامل حافظى عليه بقى عشان انا خلاص كدا قطعت الخلف
ضحكت على مزاحه حتى أدمعت عيناها،فعاد يتحسس وجنتها برفق ويسألها:
-انتى كويسه؟
وضعت قبله عميقه فى كف يده من بعدها اجابتة:
-دلوقتى بس بقيت كويسه .
نهضت من مكانها لتقول :
-هبلغ جدو وماما وبابا وبلال ويحيى كلهم برا هيتجننوا عليك .
خرجت مهرولة للخارج فوجدت فايز يجلس كالنخله الخاويه يرجع رأسه للوراء بتعب ويلتف الى جواره "حسين" وبلال ويحيى وونيسة ايضا يبدو كأنهم يحاولون مواساته ،حدقت لوجوهم المنطفأ والحزن المخيم بأعينهم وسألتهم بفزع:
-فى إيه؟
أجاب "حسين" اسفا:
-عمتك بثينه تعيشي انتى !
شهقت وكممت فاها سريعا ،كادت الصدمه تنسيها ما اتت لتخبرهم به .
سألتها ونيسه بفزع وكأنها ادركت لتو خروجها :
-زيد كويس ؟
ليكن ما كان المهم أن زيد بخير ،اجابت بهدوء :
-زيد فاق
تضاد السعادة مع الحزن شئ يفسد الاعصاب ويدمر المشاعر لكن دائماً الحمد لله دائمافى السراء والضراء.
جميع الحقوق محفوظه لدى الكاتبه سنيوريتا ياسمينا أحمد"
التفت الأسرة بالكامل نحو "زيد" إطمئنت على حالته والتى أكدت الأطباء استقرارها مع بقائه تحت الملاحظه حتى يتحسن الوضع أكثر ويزول الخطر بالكامل حمد الله "فايز"بصوت عال:
-الحمد الله على نعمته وفضله الحمد لله فى السراء والضراء .
كان زيد يلاحظ ملامحه المكسوره وتعبه الجلي وحزنه العميق بعينيه الذي يغطيه بالحمد الدائم حتى لا يخضع لشيطانه ،يعرفه كما يعرف باطن يده جده يتألم بجرح لن يفشيه .
تحدث "حسين" قائلا :
-حمد لله على سلامتك يا زيد،ياريت تخلى بالك من صبا من ساعة ما دخلت المستشفى ما حطتش لقمه فى بقها
وبتاخد علاج على معده فاضيه
نظر الى "صبا"متعجبا من إهمالها وقال :
-مش عارف احكم عليها يارب حد فينا كلمته تمشي عليها
ظهر الانزعاج على وجهه "زيد" ولاحظته صبا لم تنتظره ليتفوه بحرف فهتفت لتسترضيه:
- حاضر يا زيد انزل بابا هاتلى اكل .
ابتسم "حسين"وهتف مصدوما:
-كدا من غير ولا كلمه ،لاااا انا كدا طلعت ماليش كلمه ولا حرف.
هتفت صبا بهدوء لعله يطمأن أنها غيرت فكرتها بالكامل عنه خاصتا بعد وقوفه بجوارها فى هذه المحنه:
- انت الخير والبركه يا بابا
ربت على كتفها بحنو وقال بحنو:
-ربنا يحميكى يا صبا انا المهم عندى سعادتك.
ونيسه كانت تلزم جوار السرير لم يسعها القول سوي بالحمد والشكر الدائم لله فلم تتحدث سوي ب:
-صبا قعدت جانبك وما سبتكش لحظه
تعجبت صبا من شهدتها وظلت تنظر اليها مليا غير مصدقة.
وزادتها دهشه حين أضافت:
-بلال ويحيى قالوا انك كنت بدافع عنها عماد كان قاصد يقتلها هى عشان يموتك الف مرة عماد فهم قيمة صبا عندك وانا فهمت متاخر .
أمسك زيد بيدها بلطف وتجاوز الامر لا يريد أن يتحدث عن ماضي كاد يخسره حياته لم تدخل صبا حياته ليستغلها الجميع ضده .
على اثر هذا تحدث كلا من بلال ويحيى بالتبادل و بحرج شديد:
-الف حمد لله على سلامتك يا زيد
-والله يا زيد احنا مكسوفين منك
نظر باتجاهم "زيد"وضم حاجبيه متسائلا:
-الله يسلمكم ،بس لي الكسوف
هتفت يحيي وهو يتحاشي النظر اليه:
-عشان اللى عملوا بابا و...
قاطعه فايز بحده:
-خلااااص عماد هياخد جزاء بالقانون وأي حد عاجبه اللى عملوا يتفضل من غير مطرود من حياتنا
لم يعد يبقى على أحد أو يتحمل أحد فقد أدرك أن دائرتة كلما كانت نظيفه وصغيره كانت أفضل مما تكون كبيرة وملوثه .
سكت الجميع قابلا بعقابه نظر نحو زيد بهدوء وقال بمشاعر غاضبه:
-هجبلك حقك يا زيد وحق أبوك .
أثلج صدر زيد بكلماته التى تملتئ بالثقه وتفيض بالصدق ولم يحتاج مجهود ليدرك أن فايز سيفتح النار على عماد كما فعل مع رياض ورشدي وكل ما اخفاه قديما سيعيده من جديد ويأخذ حقة جملة وتفصيلا.
هتف ليحث بلال ويحيي:
-قسموا نفسكم حد يقعد هنا وحد يجى معايا ومع عمكم حسين عشان ندفن عمتكم .
فاجي زيد بالخبر لكنه كان متوقع بعد شكوته الاخيره قبل الافتتاح بتدهور حالتها ،لم يستطيع التفاعل ظاهريا لكن الم الفراق كان ينخر فى قلبه بالداخل اخفض رأسه بتعب ثم قال اسفا :
-البقاء لله يا جدى معلش ما لحقتش اسامحها
رد فايز باقتضاب وهو يشير بعيناه نحو صبا:
-صبا سامحت .
نظر زيد لصبا التى تبلدت من كلمات جدها عليها وتركهم فايز يحدقان لبعض وانسحب بلال وفايز من خلف جدهم وكذلك ونيسة التى أرادت اللحاق بفايز لتحضر العزاء الخاص بالسيدات .
وعندما فرغت الغرفه اشار زيد نحو صدره ولطمه بلتتابع بخفه يدعوها دون حديث الى أحضانه فاتجهت صوبه لتحاوط خصره بقوة واشتياق بينما هو أغمض عينها براحه.
كانت بإحتياج شديد لهذا الحضن وهو أيضاً باحتياج لتلك الضمه قال متأثرا :
-عايز اقول إنك وحشاااني وحشاااني
ردت هى الآخري وهى تشتم رائحته التى كادت تجن عليها فى الأيام السالفه:
- الدنيا من غيرك مالهاش طعم أبدا ،بعدك عني دا عذاب
كان مغمضا عيناه يستشعرها بكل حواسه دون تشتيت
يستند بطرف ذقنه على رأسها هتف:
- البعد عنك موت يا شمسي ،انتى كل الدنيا فى عيني
زفرت براحه انتهى الخطر وذهب كل الأعداء للجحيم وبقيت هي وهو معا رغم مرور الظروف القاسية هى الآن
بين أحضان زوجها حبيبها إختيارها شريك حياتها والمستقبل مفتوح امامها لأسرتها الجديده،صبا زيد وطفلهما .
بعد مده
عادت الأوضاع لسيرها المعتاد وعاد بلال لعملة ويحيي الى كليته واستقر "حسين"الى جوار والده وإبنه الذي لم يعد له أحد سواه ،اشترى "زيد"شقة بالمدينة الكبري الى جانب العرض من اجل" بلال " لازال الجد يعيش فى حداد مطول على ابنته ،حتى أن الجلسات قلت لضعف قواه
وبدأت "صبا"فى الإذهار بعدما أنشات مشاريع تنموية فى المدينة وبات علم من اعلام المدينه والكل يدعوا لها بالخير على ما قدمت لهم والان تستعد لاستقبال موالدها القادم بحماس.
"فى غرفة صبا"
وقفت امام المرآه بجانب جسدها تتطلع لبطنها المنتفخ وتتحسسه بسعادة غامرة ،حتى شاركه زيد وهو يضمها الى صدره إطمئنت لوجوده وحنانه مالت براحه على كتفته وسألته بتخمين:
-نفسك بنت ولا لد ؟
وضع قبلة عميقه مفعمه بالاحساس وهتف بعدها برضاء:
- أي حاجه منك هتفرحنى
قضبت حاجبيها وتحدثت بانزعاج:
- زيد قول بقى معايا ،طيب تفتكر بنت ولا ولد
ربت على كتفها ونظر مشددا اليها فى المرآه وقال :
-مش قولنا بلاش زعل
نظرت له ببراءه لتحسه على الاجابه ونجحت فى جذب الحديث من فمه وقال مستسلما:
- خلاص يا ستى ،نفسي فى بنت
تشنجت بضيق وابتعدت عنه لتنظر له وجها لوجه وهي ترد:
- يازيد بقى اى الرخامه دى انا عايزه ولد
اجابها بضيق :
- قولتلك قبل كدا البنات بتربينى انما لو ولد هشربه معايا سجاير واسهره للفجر انتى يرضيكي.
وضعت يدها فى جانبيها بتحدي وسألته:
- هتعاكسوا البنات
إبتسم بخفه وهتف مستنتجا:
-اه هى دى هرومانات الحمل اللى بيقولوا عليها
تحدثت بعصبية لتجاهله سؤالها وزعقت هادره:
- زيد ما تلفش وتدور
مسح وجهه بغضب ورد بحنق:
-يادي النيله،مش هنعاكس بنات يا صبا
عاد يبتسم ليسرق عقلها قائلا:
-هنعاكسك احنا الاتنين.
ابتسمت بنعومه ورضاء عما قال ،فتحدث من جديد وهو يجذب يدها الى صدره:
- يا ربي عليكي وعلى جمال ضحكتك ،اقولك أحسن ما تجبيش بنت لو بقت شبهك مش هفرط فيها ابدا ،لو ضحكت فى يوم لحد كدا قلبه هيوقف و الله.
مسحت على صدره بباطن يدها وهتفت بفرح:
-ولو جه ولد شبهك هيجنن البنات وانا مش هستحمل كدا انا بغير .
سألها مازحا:
-طيب نعمل ايه بقى ؟بنت البنات حلوه.
استمع الى صوت والدته يزعق بضيق:
-يا زيد ،يا صبا ،دا ايه التاخير دا كلوا ؟مش هنفطر فى يومنا؟
اغمض عيناه ثم عاد يفتحها ليقول:
-اقولك تعالى ننزل قبل ما ونيسة تطلع لنا هنا
تحركت معه لكن قبل ان يغادر الغرفه هتف مواعدا اياها:
- عندى ليكى مفاجأة اخلص شغلى وأرجع أوريهالك
تحمست وهى تنظر فى عينه غير مصدقة ثم تحدثت بحماس:
-مفأجاة إيه ؟
نفض رأسه وقال ناهيا:
- بذمتك هى المفاجأة تبقى مفاجأة لو تتقال اصبري وهتعرفى كل حاجه في وقتها .
حركت قدمها بعصبية وهتفت :
-خلاص ما تتأخرش عليا
اجاب وهو يفتح الباب استعدادا للخروج:
-وانا اقدر برضوا اتأخر عليكى عيونى لو ما شفتكيش تتعبنى .
لم تنطلى عليها حقن المسكن هذه وقالت بتخمين:
-حاسه انك بتثبتنى وهتأخر
اتسعت ابتسامته وامسك طرف انفها بين اصابعه ليقول مازحا:
-بقيتى مجرمه اكتر ما انتى .
افلت انفها وابتعدت برأسها وهتفت:
-من عاشر القوم،وانا مش بس عاشراكم يا عيلة الواصل انا منكم
حاوط خصرها بيدها وتقدم قائلا:
-انتى اخطر واحده فى عيلة الواصل.
بعد يوم طويل
"فى مكتب الحاج فايز "
جلس زيد فى مقابل جده وبدى مصرا على قراره لم يكن جده معترضا لكن ملامح وجهه تبدى اعتراضا وغصه تحدث زيد وهو يعبث فى اطراف اصابعه بخجل:
-انا مش عايزك تزعل يا حاج.
صاح فايز سريعا :
-حيلك حيلك أزعل إيه؟ قلبى مافيهوش حيل لزعله كمان لو كنت زعلان كنت هتلاقينى طابب من طولى دلوقت.
اجابه زيد سريعا وهو ينظر اليه فى تلهف:
- بعد الشر عليك يا حاج.
اطاح بيده دون مبلاه وكأنه ما عاد يعنيه الحياه،الحياه التى سرقت منه ثلاثة أولاد وأبقته يتقلب فى نيران الفقد
قال بجمود:
- ياأخى هو الموت شر ، مش هتعز عليه مصيرى رايح.
غير وجهة كلامه تماما وأردف:
- بلال عايز يتجوز ،وامك خوتانى كل شويه ،ايه رايك فى بنت خالك ضحي .
اعتصر زيد ذاكرته حتى عثر عليها ،تحدث مستنكرا:
-دي عيله صغيره هى دى هتنفع بلال ،بلال متعلم ما ياخد واحده مقاربه لسنه ولتفكيروا .
هتف فايز بسخريه:
-اخوك مش فارق معاه ومش بيفكر فى كدا من أساسه لما امك قالتله عليها وافق دغري .
تعجب زيد من تصرف اخيه وسرعه قبوله وراح يسأل جده مندهشا:
-تفتكر اي السبب يا حاج؟
نظر "فايز"مطولا لزيد مستفزا افكاره وساد صمت بينهم حتى حدق له بريبه عندها قال فايز بحده:
-اقسم بالله ،لو ناوى يعمل زى أبوه لأكون قاطع خبره انا مش ناقص وجع قلب العود اللى هيميل من شجرتى هقطعه وارتاح مش هستناه يبقى شجره ويقلعني .
وضع زيد يده على فمه ووضح بدهشه:
-انت خايف يتجوز ويسيب البنت هنا ويتصرمح براحته فى شقة القاهرة .
نفض رأسه مستنكرا الفكرة واردف:
-يا حاج دا يبقى غبى ،بلال شاهد على كل حاجه هيفكر الف مرة قبل ما يعيد الزمن ،يمكن مافيش حد فى دماغه
وانت عارف امى وزنها .
اطاح فايز بيده وقال:
- برحتهم مش هتجبها وترتاح معاها تتوكل على الله
عادت يحدق بصقرية عيناه لزيد وهو يسترسل بحده:
- وانت حذر اخوك وهات قرار الموضوع دا.
حرك "زيد"رأسه وهتف :
-حاضر يا حاج اعتبروا حصل .
رفع فايز رأسه ليسمح له بالمغادرة:
-روح شوف مراتك انت اتاخرت عليها وهى ما بتنامش غير لما تيجى .
ابتسم زيد بهدوء وقال قبل أن يغادر :
-تصبح على خير يا حاج.
رد فايز باقتضاب وهو يعود للنظرللاوراق التى امامه :
-وانت من أهله
فى غرفة صبا
كانت متشوقه لمعرفه مفاجأة زيد فهى جربته من قبل وجميع مفاجاته غاية بالروعه والجمال ،تسرب اليها الضجر وهى تنتظره أمس كانت تسأل جده عليه فى كل لحظه واليوم تعرف انه مع جده فمن تسأل كانت تفكر بتهور ان تقتحم الجلسه عليهم وتجلس معهم أو تنزل الى ونيسه لتشاكسها عوضا عن هذا الملل الذي ياكلها ببطء .
أخيرا فتح زيد باب غرفتهما وكأنه فتح بوابة الأمل قفزت من مخدعها وهرولت بإتجاه لتحتضنه ،اقتسم معها الطريق بشوق لهذه الايدى الممدوده بشوق نحوه .
-اخيرا
قالتها صبا وهى تزفر انفاسها وتطالع اليه
سألها زيد بمكر :
-وياتري الشوق دا كله للمفاجأة ولا ليا ؟!
أجابة بصراحه:
-الشوق دا كلوا من الزهق يا حبيبي انا هطق من الضهر خلصت شغل وجيت قعدت هنا لما زهقت وكنت بفكر انزل اتخانق مع ونيسه من كتر الزهق.
اوقفها بنبرة متوسلة :
-لأ وحياة امك سيبى الأمن مستتب انا مصدقت بقالكم فترة مافيش خناق .
نظرة له بخبث كالطفلة الماكره ،عندها سأل مخمنا:
-ولا تكوني مهدداها ما أنا عارفك .
نفضت رأسها بخفه وقالت بإعجاب:
-أمك بقت بتحبنى يا زيد
دقق النظر بها ليتأكد من صحة ما تقول،وعندما تأكد أنها لا تمزح صاح بفرح:
-الله أكبر ولله الحمد ،معقول زمن المعجزات رجع .
حركت كتفها بخفه لتقول :
-مافيش حاجه تعجز عليا .
سكت قليلا ليتأملها فرحا بها ومستمتعا بوجودها ومزاجها الرائق وعفويتها الخطيرة التي أسقطتُه بلا مقدمات ،اخيرا اقتنعت أمه بأن صبا تستحق الحب ورأتها كما يراها هو .
قاطعت صمته متسائله:
-ايه انت مش قولت فيه مفاجأة ولا المفاجأة كانت انك هتاخر زى العاده
ابتسم لها وهو يرد:
- خلينا بكرا بقى لانها عايزه طقوس وانا عايز انام
ابتعدت عنه وبدت منزعجه من تشويقه الزائد وعبثه بمشاعرهاوهتفت بتوعد:
-خلاص روح نام لو خليتك تنام بقي
ضحك على طفولتها وقال :
-خلاص خلاص وعلى ايه انا هلهيكى فى المفاجأة وانام
اشار نحو القابس واستانف :
-خفي النور وتعالي .
نظرت له بشك ،فحسها مضيفا:
-روحى ما تخافيش .
ذهبت نحو القابس لتبدل الاضاءة القويه بأخري منخفضة والتى تسير على حواف الغرفه استدارت لتجد بين يده علبه متوسطة الحجم وكأنها خلقت بيده لم ترها معه أثناء دخوله ولم يسبق لها ان رأتها ،اتجهت صوبه وهى تبدل نظرتها بينها وبين ابتسامته الهادئه وفور اقترابها قدمها إليها بيدان مبسوطتان.
امسكتها بين يديها متعجبه مما يكون بها تبدو ثقيله بعض الشئ وضعتها على الطاوله وهمت بفتحها أما زيد فتحرك من خلفها ليحاوط خصرها وهى تشرع بفتحها أسند طرف ذقنه على كتفها وأوقفها قبل ان تسحب الرابطه الستان المزخرفه من فوق العلبه :
-إستنى ،انتى عارفه أنا ليه خفيت النور
نفضت رأسها وطفى فى ذهنها مزحه فأجابت ضاحكه:
-انت جايب قنابل اتشاهد قبل ما افتح ولا ايه ؟
ابتسم من مداعبتها ورد ليحيرها اكثر:
- هى فعلا قنابل اتوكلى على الله
ترددت فى أن تبدأ وسألته بهدوء :
-خلتنى خفيت النور ليه؟!
أجابها وهو يملى كلماته الرقيقه على اذنها حرف حرف:
-عشان أشوف شمسي وهى بتنور .
ضمت فاه بسعاده كان يكفيها كلماته عوضا عن كل شئ ماذا ستحتاج أكثر من هذا وهو ينعتها بشمسه ويهديها
بهداياه ثمينه لتقربه منه تماما كتلك الاسورة التى تلقط أيديهم ببعض فور الإقتراب والتى جاهد الآن ليجعلها تلتقط سوارها ،أمرها وهو يزال يستند على كتفها ويضمها الى صدره:
- افتحى يا شمسي .
سحبت الشريط وفتحت الغطاء لتفتح جدران العلبه بالكامل وبداخله علبه اخري تلك الجدران معلقه بأنواع
شتى من الشيكولاتة جعلتها تفرح بها كالطفلة الصغيرة
مازحها قائلا:
-من وقت ما دوقت الشكولاته معاكى وانا بقيت بحبها .
أشعرها بالحرج فعضت طرف شفاها حسها لتفتح الأخري:
- اللى بعده خلينا نأكل الشيكولاته وصاحبتها
ازاحت غطاء العلبه الأخري وكانت هى ايضا تفتح جدرانها لكن هذه المرة مختلفه فجدرانها معلق بها انواع عديده من اصابع الروج ،وضح هو قائلا:
-طبعا طالما فاكره الشيكولاته بتاكل ازاى؟ يبقى فاكره اسطورة الروج
كانت سعيدة بهذه الهدايا ومحلقه لعنان السماء من كلماته المازحه وذكراياتهم الجميلة معا لم تجيب وكأنه يحبس الكلام عنها ،لم تجد ما تجيب به عليه .
قررت فتح العلبه الاخري والتى انفرجت جدرانها كالباقيه
معلق بها انواع عدة من طلاء الاظافر
هتف مدعى الضيق:
-البتاع اللى بضايق منه بس عشان بتحبيه جبته
ضحكت على تلك الذكري ايضا لازال امامها علبه اخري شرعت بفتحها بسرعه كانت تود معرفه النهايه فكلما فتحت طارت سعادة وهى تطمع فى المزيد انتقاما من كل الحزن الذي عاشته.
ارتمت جدران العلبه الاخري فور ازاحة غطاها وجدرانها معلق بها بعض الرسائل الملفوة القصيره.
قال عنها بلطف :
-دول تقربهم وانا مش موجود يضيعوا الزهق
التفت بعنقها لتسأله:
-مكتوب فيهم ايه ؟
اجابها وهو يضيق عينه مخمنا:
-ممكن بحبك،بعشقك،بموت عليكى،متجنن بيكى احتمال يكون فيها ساحرتينى يا ساحرينى يا ساحره.
ابتسمت من جديد وعادت ببصرها نحو العلبه التى بالفعل تمتلئ بالقنابل المسيلة للدموع وقد تبقى علبه صغيره
مدت يدها لتزيح غطائها لكنها الوحيدة التى لم تسقط جدرانها تعجبت منها وتطلعت لها لتري بعض الورود المجففه الصغيره ،سمعته يقول :
-كل جدران العلبه تقع عشان ماضي وولي دى بالذات مش هتقع لأن دى الــمــســتـقـبـل.
حمسها حديثه للنبش بين الورود بأطراف أصابعها ،التقطت يدها شئ معدنى رفعته نصب عينيها لتراه مفتاحا معلق به مدليه ذهبيه ثقيلة على شكل منزل ،فرغ فاها والتفت له غير مصدقه عندها اوضح بنبره لن تنساها ما حيت :
- مفتاح بيتنا ياصبا ،مع ان قلبى هيفضل بيــتك .
قنبلة كما قال ستفجر فى قصرهم استقلال زيد رغم رفض العادات قنبلة لم يسبق احد تفجيرها.
استدارت لتوليه وجهها وابتسامتها تزين وجهها وقبل ان تفوه بكلمه قال هو :
-شوفتى شمسي طلعت ازاى ؟
نفضت رأسها فما عاد الحديث ينفع تعلقت بعنقه بسعاده ورفعها هو عن الارض بين يديه .
-بحبك يا زيد بحبك لآخر عمري بحبك يا زينة شباب عيلة الواصل .
صدق فى حديثه ونفذ وعده أخرجها من الظلمه الى النور
تحدى العادات والتقاليد والأعراف وظفر لها بمنزل كما أرادت ،هتف وهو يدس رأسه بعنقها اكثر :
- وانا بعشقك يا صبا يا أخطر واحده على عقلي وقلبى....