قصة عشقت امرأة خطرة البارت الثامن والاربعون 48 جزء أول بقلم ياسمينا احمد

     

قصة عشقت امرأة خطرة

البارت الثامن والاربعون 48 جزء أول 

بقلم ياسمينا احمد


خبر كهذا كان كالصاعقه على رأس ونيسه والتى صاحت بصوت عال فى وسط القصر فى الصباح بوجه "زيد" دون مقدمات:

-يا لهوووووى ،يا خراب بيتى هتاخدك بنت بشري منى 

هتقلب نظام بقالوا الف سنه يا مصبيتى 


تحدث زيد مشددا فى لهجته ليخفض من الضوضاء التى افتعلتها دون داعي:

-حيلك حيلك انا هنقل فى بيت وراء منك يعنى لو هتفتحى شباك هتلاقينى فى وشك هو انا ههاجر ،وبعدين يا امى الشوشره دى ما الهاش داعي 


كانت مغتاظه من هذا التصرف بُعد فلذة كبدها عنها يجعل عقلها يطير من مكانه ردت باهتياج:

- ايه اللى مالوش داعى هو ربيى يا خايبه للغايبه انت ابنى حته منى على اخر الزمن تبعد عن عينى وتختار مراتك 


زفر بضيق عندما لاحظ نزول صبا وعمه من على الدرج على صوت الشجار ،هتف مستدعيا هدؤئه:

-يا أمى  انا ما اختارتش حد انا موجود معاكى وانتى عارفه مكانتك عندى وماحدش هينافسك فى المكانه دى 

كل اللى حصل ان البيت مش هيكفينا خصوصا بعد ما بلال يتجوز وكل واحد يأخد حريته .


لاحظت حضور صبا التفت لها وزجرتها بغضب:

-عملتى اللى فى دماغك يا بنت بشري 

امسكت بذراعها فأسرع والدها بإبعاد يدها عنها قائلا بحده:

-ونيسه اتكلمى بلسانك مش بايدك 

نظرت له بحده عندما باعد يده عنها وهتفت بسخريه:

-ياسلام كلكم عملين ربطيه عليا عشان تاخدوا الولد منى 


قضب "حسين"حاجبيه ورد بسخريه:

-ولد ايه اللى ناخده منك هو احنا بنلعب كوتشينه ولا تكونى فاكره انك واخده بنتى من الشارع.


قال حسين هذا مدافعا عن ابنته وعدم رضاه على معاملتها السيئه لابنته لأول مرة صبا تشعر بالحماية من جانب والدها والتى أشعرتها انها تستند على ظهرى قوى كما ان تدخله أعفي زيد من الصدام مع والدته المحتوم 

رغم عدم درايته بالامر لكنه لم يتقبل التحدث لإبنته بهذا الشكل مهما كان السبب


اهتاجت ونيسه ووضعت يدها فوق رأسها وقالت بنواح:

- شارع دا انا كدا اللى من الشارع لما اتجوز عماد غصب عني عشان ابنى وبعد ما ابنى يكبر تاخد مراته ويمشى .


برغم نواحها ومهاجمتها إلا انها نالت تعاطف صبا فتدخلت قائلة :

- انا ما اخدتش حد يا طنط وحرام عليكى تشيلينى أخطاء الماضي واوعى تفتكري انه عاجبنى ان جدو يخيرك بين ابنك والجواز ،فما تدفعنيش انا تمن حاجه ماليش ذنب فيها،زيد ابنك وهيفضل ابنك حتى لو راح المريخ 

وانا سبق وقولتلك يمكن لما نبعد نحب بعض وساعتها انا اللى اجيلك برجليا بدل ما احنا مغصوبين على بعض بحكم العيشه  يمكن دا خير لينا كلنا.


نظرت لها ونيسه كان صعب عليها فهم هذا فى الوقت الحالى كل ما تعتقده ان خروج زيد من منزلها يعنى انهيارها وقطع عقد تحتم فرطه فيما بعد .

نهرتها بحده:

-وانتى يجى من وراكى خير من يوم ما شوفناكى ماشوفنا خير 


صاح زيد بنفاذ صبر:

-امــــي.

خرج فايز اخيرا من غرفة مكتبه وفور مافتح الباب سكت الجميع كان يسمع كل شئ من بدايته لكنه أثر السكوت حتى يرأى ما نهاية هذا الشجار لكن من الواضح انه لن ينتهى خاصتا بعد حديث صبا .

اتكى على عصاه وتوجه نحوهم يدق الارض بضيق وهو ينتقل خطوة خطوة .

هدر بغضب :

-وبعدين ،اخرتها ايه؟


بادرت ونيسه بسؤاله :

-عندك خبر باللى حصل ؟


احتدت نظرته وهو يتطلع اليها وصاح بانفعال:

-ومين يقدر يعمل كدا من غير اذنى ؟


زيد اشتري بيت جارك يا ونيسه عايزه تروحى تزوريه ما تخافيش رجلك مش هتعفر تراب الباب فى الباب  انما شغل خدتى ابنى وخدتى ضانيا مش اول واحده ابنها يتجوز وبعدين روحى شوفى مشوار بلال اشغلى نفسك بواحده جديده صبا عندها شغل العيلة واعمال خيريه ولا عايزه كل ما تعزم حد تقعدى معاهم وترمى كلام زى السم 

وبعد كدا تشتكى من ان العيشه معاهامستحيلة 


وضع يده فى جيبه واخرج ورقة مطبقه اشار بعصاه محتدا وهو يمد يده بالورقه عليها :

-اوعك تقلبى فى الماضى زى ما جوزتك عماد طلقتك منه ادى ورقة طلاقك عايزه تتجوزى براحتك عايزه تجوزى عيالك براحتك كلمه زيادة مش عايز صلحنا الغلط وانتهينا


شخص بصرها وهى ترى ورقة خلاصها بيده لم تكن تصدق انها تحررت من كابوسها نسيت الخلاف وتقدمت نحوه لتلتقط الورقه وتتطلع بها كالمجنونه وعندما انتقلت عينها بين السطور فاضت احزنها وانهمرت فى البكاء ،سارع كلا من صبا وزيد بالوقوف جوارها ومحاولة مواساها بالربت على كتفها ،ضمتها صبا الى صدرها متأثره واستسلمت ونيسه الى ضمتها تلد التى شعرت بها بالمواساه وحاوطهم زيد معا بيديه .


نظر كلا من فايز وحسين للموقف ونفض فايز رأسه بيأس تلك التى كانت تعادى صبا مستسلمه ليدها المواسيه بل وتقبل بإحتضانها .


فى المعرض


كان يجلس "بلال "على مكتبه يحدق فى شاشة هاتفه 

غير ملاحظ تلك الفتاة التى عمدته خصيصا ومتوجه نحوه نادته بصوت مائع رقيق:

- ممكن مساعده يا استاذ 


رفع عينه ليرأي فتاة اجمل من استيعاب عينه تضع من المواد التجمليه ما يفيض ويبرز جمالها ورائحه عطرها تفوح بقوة وملتبسها متحرره بعض الشئ .

سألها بدهشه :

-أؤمرينى 


نظرت حولها وقالت :

-عندى شقه جديده وعايزه عفش كامل ليها وبصراحه مش عارفه اختار ايه ومحتاره وانا ست وحدنيه .


نهض بلال من كرسيه وقال قبل ان يشير بيده لمتسع المكان  :

-طبعا ... .اتفضلى المكان كله تحت امرك .


رمقته بنظره عميقه ثم سألت بميوعه:

-المكان بس .


دقق النظر بها غير مستوعب جرئة  مقصدها ،لكنه حاول الثبات والتعامل بحداثه مجيبا:

- صاحب المكان تحت امر الشغل يا افندم ومادم حضرتك طلبه شغل فأنا تحت امرك .


سبقته بخطوات وتعمدت الالتفات كانت تبحث عن الانبهار فى عينه لكنها وجدته شاب اخضر مخلص لعملة اخذت جولتها ساعة كاملة فأثناء هذه الساعه تعمدت أشياء كثيره للفت نظره ولكنه لم يستجيب ابدا وظل يحافظ على ثباته واتزانه ،انتهت اخيرا ورفعت يدها بكارت بإسمها قائلة :

-رقمى لو فى وقت احتاجتنى اتصل على طول .


نظر الى يدها الممتده والتف دون ان ياخذ منها شي تجاهلها تماما فضحكت ساخره ودارت على اعقابها وخرجت تماما من المعرض.


ابتعدت وهى تخرج هاتفها من حقيبتها وضغطت زر الاتصال ابتسمت ابتسامه متهلله وهى تقول:

-حصل يا باشا اللى طالبته،لا صدنى خالص 


جائها الرد باقتضاب:

- تمام

ردت وهى تتحرك بالشارع:

-تحب احاول تانى 

نفى قائلا:

-لاخلاص ، حسابك هيوصلك ما تقلقيش


هتفت مرحبه:

- انا فى الخدمه ،انا مش بعمل كدا عشان الفلوس وانت عارف 


تحدث قاطعا:

- خلاص انا مشغول دلوقت هبعتلك حسابك 

اغلق الهاتف دون انتظار رد وزفرت  وهى تتشدق بحنق :

-ااااوووف هو انا حظي بَرك  كدا ليه ؟


"فى السجن"

ذاق "عماد " ويلات السجن وقدر جيدا نعمه المنزل والدفئ العائلي لكن فات الاوان على الاعتذار والعوده الى الديار لقد أصبح مجرم وعلى الاغلب سيعدم عمته نفسه وغلبه شيطانه ويأس من روح الله وعز عليه انقلاب حاله من العزه للمذلة وضاقت به السبل  بعدما اجبره والده على طلاق ونيسه وتخلى عنه تماما وراح يرطم رأسه بالحائط ندما وحسرة على عدم ادراك النعم من حوله تسلطت عليه نفسه فأهلكته وعماه الكبرياء عن طاعة والده  لذا قرر انهاء حياته كنهايه عادلة بعد كل ما عاناه نفسيا بين جدران السجن لم ينتظر حتى حكم المحكمه ولم يرد ان يسمعه ،نفسه أبت ان تقف خلف القضبان وان تكون نهاية جسده التأرجح على حبل المشنقه قطع شريانه بقطعه من الزجاج وتخلص من حياته المليئه بالاخطاء والجرائم ليضع فى صحيفته نقطه بالدم كما انهي حياة الآخرين بالدم بداية من نادر وغاليه واخرهم كان زيد

وانتهى أمره وصعدت روحه الخبيثه الى الجحيم ليعذب فى الموت كما عذب غيره فى الحياة.


"فى المنزل الجديد "


وقفت صبا على اعتاب بوابته تحدق به غير مصدقة أن هذا الصرح سيصبح مكانها قلبها كان يقفز كالصبى فى الوديان بسعادة غامرة جالت بكل تفاصيله وعشقته قبل ان تطأ قدمها بداخله .

ظلت مذهولة ومشدوده حتى حط يد " زيد"فوق كتفها هتف مازحا :

-مش عايزه تتدخلى نرجع القصر تانى 

التفت اليه وهى تقول بتذمر:

-بوظت المشاعر ،ارجع فين دا انا هبات هنا .


ابتسم لها وقال مداعبا اياها:

- سيبى المشاعر دي عليا  انا مستعد اصلحها 


ابتسمت هى الاخري وقالت بتحدى:

-لأ مش هسيبلك مشاعري ابدا 


رفع حاجبيه متعجب من تحديها اياه وسأل مبتسما:

-يعنى مش هتسبيلى حتة مشاعريايه صغننه حتى 


قالت ضاحكه:

-ولا حته صغننه 


بنبرة حماسيه اردفت :

-مش هتورينى البيت بقى 


تجاوزها نحو البوابه وهو يمسك بالمفتاح قائلا بإستسلام:

-تعالى يا ستى 


فتح البوابة وشرعت بالدخول لكنه اوقفها سريعا قائلا:

- استنى ،ادخلى برجلك اليمين 


السعادة التى  كانت تملئ وجهها أبهجت قلب زيد كم تكون أجمل ومشعه عندما يغمرها الفرح  مظهرها فى هذا الوقت يجعل حزنها جرما يعاقب عليه .


الحديقة كانت واسعه لكنها ليست بنفس سعه حديقة قصر جدها و مهجورة بالكامل واضح انه بيت مغلق من سنوات طويلة ،اشارت الى الجوانب وهى تقول:

-هنزرع ورد هنا 


رد وهو يتاملها:

- انت تؤمر يا ورد 


ابتسمت من جديد وكلما ابتسمت تعثر قلبه بها اكثر قال بتأوه:

-قلبى مش حمل كدا يا صبا كل ما بتفرحى بتحلوى اكتر 


نظرت له بحرج ثم قالت اسفه:

- فرحانه اوى يا زيد اخيرا بقى لينا بيت .


هتف مشيرا لقلبه:

-قلبى طول عمره بيتك افرحى يا شمسي افرحى ونوري كمان وكمان انتقمى من ايام عشتها فى الضلمه من قبلك .


وضعت يدها على صدره بحنان وقالت وهى تنغمس بين كلماته الرقيقه التى لم تسمع مثلها من قبل :

- انا بعشقك يا زيد بعشق عيلتك وبلدك واى حاجه تخصك .

حاوط كتفها بيده وابتسم برضاء قاطعا حديثهما بقول :

- يلا بينا نكمل لاحسن انا مش قادر استنى اكتر من كدا 


دلف الى الداخل وأشار هو على احد الزوايه:

-هنا قدام البلكونه القزاز الكبيره دى هنعمل كرسين ونشرب سواء القهوه بعد العصر .


لمعت عيناها وهى تتخيل كيف سيكون مظهرها بعد ان تعمر الحديقة بالورود،لطمت كفيها ببعض وهى تقول بحماس:

-  الله وتكون بطول على الجنينه اللى فيها الورد .


امسك طرف انفها بين اصابعه وقال بإبتسامة:

-وانا هيهمنى الورد فى ايه وانا قاعد جنب الورده نفسها .


انتقلت الى جانب اخر واشارت هى قائله:

-انا هحط هنا انتريه عشان استقبل فيه الناس وعمري ماهقفل بيتى فى وش اى حد .


قال بسعادة:

-ان شاء الله منزل مبارك 

علق يده بيده واردف:

-‏تعالى نطلع فوق 


صعد للأعلى عبر السلم الذي يشق منتصف المنزل  لترأي الغرف المصتفه على كلا الجانبين  هتفت بفرح:

-على قد الاوض هجيب ولاد مش هسيب اوضه فاضيه 


قهقه زيد ومازحها قائلا:

-مش قولتلك موضوع العيال دا انا مش مالى ايدى منه 

مسحت على صدره وهتف بدلال :

- ان شاء الله هنجيب لحد ما هتزهق 


عاينها بعشق خالص وتحدث بجديه:

-انا عمري ما هزهق منك يا قلبى 


اتخذوا جولتهم بين الغرف وجذب صبا سؤالا طرحته على استحياء:

-هو جدو وافق ازاى ؟!


كانت تعرف ان زيد لن يخبرها اى تفاصيل حدثت بين جده وبينه لكنها كانت تريد ان يكمل ثقته بها حد النهاية حيث لا قيود بعدها .


ضيق عيناها وهتف :

-اه من لؤمك عايزه تعرفى كل حاجه

لعب بمشاعرها حتى ظنت انه لن يخبرها كعادته لوت شفاها السفليه بأسف حتى هتف من جديد:

-عموما هو مش سر ،انا قولتله انى عايز اخرج من البيت 

طبعا رفض كتير فى البداية ،لحد ما اتعرض عليه البيت دا بصفته الجار فقبل واشتراه وبعد ما حصل اللى حصل فتحته تانى فى الموضوع وانى موت الف مرة فى العيلة دى ولو عايزنى عايش لازم اطلع برا واحس انى عايش الحقيقة هو ما اترددتش  انه يدينى المفتاح بس انا اللى اترددت  اخد المفتاح لأن رضا جدوا عندى غالي والصراحه بعد الصدمات اللى اخدها بقيت خايف عليه .


تاثرت صبا بمشاعره وشعرت بالذنب فراحت تسأله مخمنه:

- هو انا السبب؟


امسك بطرف ذقنها وتطلع لها بابتسامه :

-انتى تستاهلي اكتر من كدا ،بس فعلا انا كنت محتاج اخد حريتى واحس انى عايش فى عالم مش بس فى غرفتى .


اطاحت بشبح الحزن عن عيانها وعادت تبتسم وهى تسأل عن المطبخ قائله:

-هو المطبخ فين

اشار بعيناه للاسفل وقال:

- تحت فى مطبخ وحمام وهنا برضوا فى حمام 

نزلت عبر الدرج من جديد وهى تساله بحماس:

-هنعيش هنا امتى ؟!

اجاب وهو يتبعها :

-البيت عايز ترميمات تخلص وعلى طول هنفرش ونستقر

وصلت للاسفل  والتفت تحدثه بصرامه:

-اوعك يكون بعد ما اولد انا عايزه اولد هنا .


ضمها اليه وأسند جبهته الى جبهتها وقال :

-ان شاء الله بنتنا هتيجى هنا ،اوعدك كل ركن فى البيت هنملاه سعادة وحب .


أضافت وهى تعبث بياقة قميصه :

-وولاد ..عايزه منك نسخ كتير تملي علينا البيت .


طبع قبلة عميقه على جبهتها ورد بحنان:

- انتى  ماليه روحى وعينى وقلبى معقول مش هتملى البيت كفايه ابتسامتك يا شمسي .


حاوطت عنقه وزفرت بارتياح اخيرا ضحكت لها الدنيا وجائها العوض .


وصل الخبر لفايز وابي ان يستلم جثته كان بداخله وجع كبير منه اكبر من أن يرق قلبه لتوديعه ترك اولاده يحيى وبلال ينوبان عنه ويدفناه بعيدا عن موطنه وعن مدافن العائله فى المكان الذي كان يهرب فيه فى أحلك الظروف ويترك الهم لعنق زيد ليضاعف عليه المسؤليات ،لم يذهب ايضا "حسين"لقد احرق  بتصرفه اخر ذرة حب بينهم عندما قرر قتل ابنته .


"بعد مدة "


جلس زيد مع جده ليخفف عنه وطأه ماحدث ويواسيه فى همه الذى نسج خيوطه على وجهه وكساه تعبيره وجعله يبدوا وكأنه تخطى المائة عام.


-وحد الله يا جدو انت مؤمن وموحد بالله.


رد فايز متشنجا:

-لا اله الا الله ،هو انت مالك شايفنى بقطع فى هدومى ولا بشد فى شعرى ما انا قاعد ساكت اهو 


نظر اليه زيد ثم وابتسم له واخبره بهدوء:

-اهو سكوتك دا اللى قلقنى .


اشاح برأسه دون اهتمام وقال بتأثر طفيف:

-انا ساكت عشان مافيش حاجه اقولها ،انا كمان غلطت زيه، غلطت لما شكيت انه السبب فى موت نادر وفضلت انى ما اصدقش احساسي وغلطت لما عرفت بتدبير الحادثه بتاعتك وغمضت عينى واجرمت زيه لما غطيت على حادثة غاليه وسيبته يكمل وسطينا وكأنه برئ انا ساكت عشان انا ماليش حق أزعل عليه ومستنكر ازاى قلب الاب مات بالنسبالى وبقيت مش فارق معايا.


لم يجد زيد ما يمكن قوله لتخفيف عنه وبدى وكأنه سيفتح جراحا نازفه إن اطال الحديث فقرر تغير الحديث برمته ليقول :

-ربنا يديك الصحة وطولت العمر يا حاج ،على فكرة انا عملت لبلال اختبار صغير ونجح 


نجح زيد فى الاستحوذ على اهتمام فايز حيث سأله وهو يعتدل فى جلسته فى سرعه:

-ايه الاخبار طمنى 

طمأنه زيد واشار بإبهامه قائلا:

- تمام أوى ،ما اندرجش مع البنت انها حاولت معاه ودا يثبت انه عقل ويعتمد عليه


ضيق عينه يسأله بتدقيق:

-يمكن ما عجبتهوش


نفض زيد رأسه بخفه ورد بإبتسامة:

-لا ما تقلقش نقوتى 

هنا انفرج فم فايز بإبتسامة وسخر قائلا:

- صبا لو سمعت الكلمه دى مش هتعديهالك 


ابتسم هو الآخر ولوح باصبعه ناهيا:

-لا لو قولت هطأر اقول انك انت السبب


فتح يديه فايز وهتف معترضا:

-وانا شفت حاجه 

ضحك زيد وضحك فايز معه  فى هدوء وسكينة بعدما مروا بمواقف صعبه كان يستحيل فيها الضحك واخيرا تبدلت حياتهم من الحزن الى الفرح.


جلست بأرضية الغرفه تبدو مدهشه وهى تضع انواع طلاء الاظافر التى قدمها لها زيد ومعهم قطع الشيكواته


دخل زيد اليها وتأملها قليلا وهى تضع طلاء الاظافر على اطرافها فلم يمنع نفسه من القول:

- ااه دا باين ليلتنا طويلة


رفعت وجهها له وفهم ما يرمى اليه وابتسمت وهى ترد:

- لا يا حبيبي احنا عندنا معاد مع الدكتور انهارده هنعرف نوع البيبى 


إنضم إليها وجلس ارضا بجوراها ثم هتف:

-بالله بلاش ،خلينا نتفاجئ انا اصلا راضى بأى حاجه منك 


قضبت حاجبيها ولوت فمها بحزن طفولى لم تدرك تأثيره عليه،نظر لها وابتسامة تتسع والتقطت يدها واحد زجاجات المناكير ليكمل ما لم تكمله من يدها الآخري وقال وهو يمشى بريشة الطلاء بنعومه :

- ماشي يا شمسي نروح عشان خاطرك 

سرعان ما ابتسمت ثم قررت ان تغير رأيها لحبها الفكره:

-اقولك خلاص انا فعلا راضيه بأي حاجه منك وهتبقى حاجه حلوة لو اتفجأنا .


رفع وجهه اليها ثم رمقها بمكر وهدر  :

-كدا ليلتنا طويلة فعلا 

ضحكت وضحك معها بات بينهم من الحب والتفاهم والثقه ما يجعلهم منسجمين متقبلين كل شئ كما يأتى المهم أنهم معا ليس المهم ان يتعدى احد على الآخر ولكن مراعاتهم لحقوق بعض هى ما تجعل بينهم توافق مرة له ومره عليه وهى ايضا احيانا تتنازل كى ترضيه كما يفعل هو المستحيل ليرضيها.


فى المساء


انضم فايز وزيد وونيسه وصبا الى طاولة الطعام وكانت ونيسة قد هدئت قليلا من جانب صبا او بدأت تتقبل انها لم تخلق للمطبخ اصلا تناولوا الطعام بصمت حتى قاطعته ونيسه مناوشه صبا :

- لو جبت بنت يا زيد تسميها ونيسه 


وقفت اللقمة فى حلق صبا وسعلت بشده عندما سمعت تلك الفكرة فهم "زيد" سبب سعالها لكنه لم يقوى على جرح مشاعر والدته واكتفى بالقول وهو يناولها الماء:

- ان شاء الله ببقى ولد .


ارتشفت  صبا بعضا من الماء وردت وهى تعقد يدها قائله:

-والله يا طنط انا ناويه لو جبت بنت اخلص فيها كل الكبت اللى عشته ومطرأه وانا بخلص الكبت دا أشتم وكدا يعنى.


ضحك فايز بصوت عال وخبأ زيد ضحكته امام غضب والدته والذى كبحته بالقول :

- لا يبقى ولد ان شاء الله

عادت تحذرها :

- بس لو ما جبتيش الواد انا هجوزه 


ردت بامتعاض من تلك الجملة التى لم تكف عن تهديدها بها طوال الوقت :

- نفسي ترتاحى ياطنط وتشوفى ولادك التانين انتى اطمنتى على زيد اطمنى بقى على التانين ربنا يقدرك 


نظرت لها ونيسه وقالت بفخر :

- انا هجيب بنت اختى انا هتريحنى 


ترك زيد المجال لصبا فهى في الأخذ والعطاء لا تخطأ ولا تسمح لأحد بالخطأ فى حقها وأجابت :

- وانا اكره راحتك يا طنط انا عشان راحتك مشيت وهسيبلك البيت اهو 

اشهرت ونيسه  اصبعها  وتحدثت بنهى قاطع:

-مش هتطلعى الا لما بلال يتجوز مش هقعد لوحدى انا تانى 


ابتسمت لها صبا حتى وان تفكر فى منعها من الانتقال 

فالاعتراف  ا لمبطن بأنها ركن هام في  البيت يسعدها 


-يعنى طلعتى بتحبينى اهو 


سكتت ونيسه  ولم تجيب ضحك كلا من زيد وفايز وهم يتبادلان النظرات تحدثت ونيسه اخيرا :

-لو ولد سموه فايز 


اوقفها فايز ورفع يده قائلا:

- لع ما حدش ليه دعوه بفايز 

نهض  واردف قبل ان يغادر الجلسه :

- ابعدوا عن اسمى 


سألتها صبا بتركيز :

-  انتى ليه ؟مصرة تسميه هو انتى اللى حامل فيه انتى اللى هتولديه...

ردت مقاطعه:

-  ‏بس انا اللى هربيه 


مالت صبا لتحدث بمشاغبه  وهى تضع يده على كتف زيد :

- هسيبهولك تربيه وأخد  أنا زيد 


كادت تفتك بها  وظهر هذا على وجهها وقبل ان تنفجر  نهض وامسك بيدصبا ليحثها على النهوض وهو  قائلا:

-انا بقول انتى شبعتى كدا قومى 


نهضت معه ولكنها ابت ترك الموضوع لتضيف وهى مبتسمه:

-شوفتى انا قد ايه حقانيه هديكى ابنى واخد ابنك 


دفعها زيد بخفه مانعا اياها من التزايد الذي يرأى انعكاسه على وجه والدته وقال ناهيا  :

- انا مش هدى ابنى لحد 

انهى جملته بابتسامه حتى يلطف الجو بينهم لكن ونيسة لم تعد كالسابق بدأت تقبل ب صبا وتحب ردوها المسليه 


تبعا تجر الأيام بعضها لبعض تبعا ،بدأ "زيد " فى تجهيز المنزل الجديد الذي سيستقران به هو وصبا اخيرا وترك لصبا الحريه الكاملة فى تنظيمه كما تشاء وبدأ فى تصميم أثاث خاص يليق على كل زواية اختارتها وايضا تصميم أثاث غرفة خاصة لبلال لقرب موعد زفافه .

البيت بالكامل مستقر وصبا لازالت الوجهه الأولى لأهل البلدة لتحقق مطالبهم وتحاول قد استطاعتها توفير ما يلزم لهم من احتياجاتهم رغم أن بدأ ثقل الحمل يوهن جسدها إلا أنها كانت مثل شعلة من النشاط تنتقل بخفه من القصر الى بيتها لترأى آخر التحديثات والتطورات التى تتم كما أرادت بدقة وكما يحلو لها .

نجاح صبا فى تجاوز كل ما فات كان أسطوريا والمكانة التى حصلت عليها فى قلب زيد لم تكن مبنيه على مجرد قاعدة جمالية فانيه أو بعضا من كلمات الحب الفائضة المعاني بل من قوة تحمل وتضحيات عديدة فالحب ابدا أركانه لم تكن قائمة على كم تحبنى فقط بل إلي أي حد تستطيع تحمل الصعب لأجلي ،بكم القدر الذي تضحى به من أجلي فلا يتعين على زوجة مطالبة زوجها بعشق خالص وبحياتهم العديد من المشكلات التى لا تساهم هى فى حلها سواء عائليه أو عينيه كل شئ يهون إذا فى النهاية أغلقتى بابك على شخص واحد يقدرك ويحترمك ويقدر ما بذلتيه لأجله ولأجل عيش حياة تختفي منها النزاع والبغضاء والشكوي واختراع القصص والتحفز للعراك على اقل شي بدعوى إنشاء كيان امام زوجك 

لكن الأصل فى العشق هو معاونة الطرف الآخر على الحياة وجعل الحياة أسهل وليس عبئا وجعل بيتك هو عنوان الراحه وليس فرضا حكميا من الاقوي من الافضل من صاحب الكلمة .

تطور النضوج لدي صبا هو ما جعلها تحتل قلب زيد وتحصل على ثقة وصلاحيات غير منتهية الحدود ولكى أكون منصفة ف"زيد" أيضا كان له دور فى تعزيز هذا النضوج ومساعدة الدائمة لها ومساندته فى تحقيق كل ما تريد سواء من اعمال خيرية او مشاركته بالعمل وبات خير عون لها وخير سند ،اخيرا اصبح للعصفوران عشاً واخيرا بات ينتظرهما مستقبل مشرق بعيدا عن كل العوامل المسسببه الانزعاج والمحفزه للمشاكل.


وقفت أمام التحف الفنية التى صممها زيد ونفذها ووضعها فى ساحة المنزل وصاحت بإنبهار:

-وااااو إيه الجمال دا كلوا إنت فنان يا ابنى والله فنان 


إبتسم زيد ورد متصنعا الغرور :

-اومال طبعا انا موهوب أوي 


نظرت له بنصف عين وسألته بمكر:

-ينفع أفتح لايف اوري صحابي قد إيه جوزى شاطر و موهوب 

سرعان ما اختفت الابتسامه وحل مكانها التأفف واجاب متشنجا:

-يوووه لسه هنعيدوا ياصبا ،قولتلك انتى مش محتاجة تعملي كدا وان عملتى زمان فأنا دلوقتي موجود 


أمسكت بظهرها وتأوهت بصوت خافت ومالت قليلا فقطع حديثه ليمسك بساعدها مناديا إياها بقلق بالغ:

-صبا مالك 

اجابت وهى تحاول الجلوس على اقرب كرسي :

-مش عارفه ألاقيها منين ولا منين اللى جوه تاعبنى واللى برا كمان 


زفر بأسف ثم عاد يسأل متاجهلا ما ترمي إليه:

-أرجعك البيت ترتاحي ؟

نفضت رأسها واخبرته:

-لأ ،لو ارتحت مش هرتاح وانت بتعارضنى فى حاجه بحبها 


نظر لها نظرة ثاقبه متحيره من فرط إلحاها على هذا الأمر والذي بات يشكل له إزعاج فهولا يريد هذه الشهرة ولا يريد لها الانتشار ،قال متعصبا:

- انتى ناقصك حاجه دلوقت ولا اصلا عندك وقت احنا خلاص داخلين ولادة كمان يومين وبننقل فى بيتنا حاليا 


أوضحت وهى تشير بيدها بلطف:

-انا مش بتكلم عن دلوقتي وبعدين انا بتكلم عن المبدأ اللى انت رافضه 

-‏يازيد الناس دى يعتبرها عشرة عمري اصحابي واخواتي وهما كمان بيعتبروني فرد من عيلتهم اكيد فيهم ناس بتوحشنى واكيد انا كمان بوحشهم  وبعدين الجروب كلو ستات ايه بقى مشكلتك انت .


اولها ظهره واصر على الرفض فهو كأي رجل  شرقي صميم لا يقبل بأن تكون زوجته محط أنظار ،اجاب بنفي قاطع:

- لاء ياصبا مش همشي معاكى فى الشارع ودا ياخدك على جانب يتصور معاكى ودا يشدك من ايدك يحضنك انا مش عايز يكون فى حياتك حد غير انا ولادنا 


نهضت من مكانها لتوجهه بسوال وهى تقضب حاجبيها:

-طب ما دا بيحصل هنا في البلد والستات بيوقفونا ويسلموا علينا 


أجاب بملل:

-دول اهلنا وقريبنا مافيش منهم خطر انما برا كلهم ما نعرفهمش معرفة شخصية هما عارفينك واحنا وما نعرفش جواهم ايه ولا هما مين 

زفرت بتعب ،بعدما بات مصرا على رأيه وقالت:

-‏ أخ يا نى انا مش عارفه ربنا خلق للرجالة ودان ليه لا بيلبسوا حلق ولا بيسمعوا الكلام 


امسك بطرف أذنها بين اصابعه وسألها بغلظه:

-هوانتى مش هتبطلي طولت لسان 


أجابت وهى تحاول التخلص من يده:

-كان على عينى دا مش طبع دا عيب خلقي 


افلت من يده فأسرع بالامساك بها اتخذت خطوات متعرجه لتفلت منه وضحكاتها الرنانه تصدح فى أرجاء المنزل بأكملة .

شعور السعاده الذي غمر قلبه لم يجعله يشعر بقدماه وزاد شعوره بأنه يطير لا يركض خلفها كم الله لطيف ليخلق من كل معاناتة قلبا مستعد من جديد للحياة وكم له من جبر لينسية قسوة ما عاناه لتعود ابتسامته على وجهه بهذا القوة والعمق .

اخيرا أمسك بخصرها من الخلف وضمها الى صدره هاتفا كمن يتحدث لطفلة صغيره:

-مسكتك 

تعالت ضحكاتها حتى استكانت مستسلمة لقوة ضمة ساعديه على قلبها ومحاوطت جسدها بالكامل ،سقطت الشمس على كليهما كالتمثال بارع التصميم والقوة مفعم بالجمال والروعه لشخصين فى شخص واحد والدفئ يحاوطهما .


قالت وهى تطل بعينيها للنافذة الزجاجية الكبيرة وخلفها الكثير من الاخضر والزهور المختلفة الالوان وخلابة المظهر  :

- شوفت الجمال يا زيد زى ما انا عايزه بالظبط 


اجاب وهو يدفن رأسه بعنقها :

-انا ما شوفتش عمري أجمل منك .


إبتسم ثغرها لهذه المغازلة وانتظرت حتى ينظر معها حيث ترأي ،وعندما صمتت عن الكلام نظر بإتجاه نظرتها وتطلع بعينيه للخضرة التى ملأ بها الحديقة الصغيرة من كل الالوان والاشكال بناء على رغبتها وشعر بالفخر والانجاز للحصولها على ما تتمنى وإعجابها بما صنعه لأجلها لقد نقل أكثر من خمسين أصيص من أنواع مختلفة من الزهور وغيرها من النباتات الخضرية الدائمة وكذلك النجيلة الخضراء فقط لأجل إرضائها" فمن السهل أن تحصل على الزهور ولكن صعب أن تجد من يستحق أن تهديه له

فالزهور عشاق لا يعرف قيمتها سواهم "

قال وهو ينظر نحو ذات المكان :

- انا صممت هنا كرسين كبار ليا وليكى وشوزلانج كمان مع مكتبه صغيره

التفت بوجهها له لتقول بفرح:

-هنشرب الشاي هنا بعد الغداء وبعد الفطار 

اضافت بحماس شديد وكأنها تتلهف للحصول على ذلك:

-وفى الشتاء هنقعد هنا وفى اديدينا فى ادين بعض والايد التانيه حاجه سخنه ونبص على المطر وهو بينزل 


ابتسم لها وغمرته سعادة قوية بتلك الاحلام التى يصارع وقته لانجازها تذكر شئ فاخبرها بسرعه:

-وفى الصيف نقعد برا انا جبتلك مرجيحه تاخدك انتى والبيبي 

كادت تقفز من فرط الفرح لكنها تحسست بطنها المنتفخ وقالت :

- هنبقي أحلي عيلة عيلة زيد وصبا 

وضع يده على سطح بطنها متلمسا إبنه الذي لم يحدد نوعه حتى الآن وقال محذرا:

- انا بقولك أهو أنا مش عايز غلاسة انت عندك  اوضه تنام فيها قد عشرة سنين كدا على ما أشبع من أمك 


شهقت صبا بفزع وسألته وعينها مفتوحه :

-انت عملته اوضه ؟

اجاب متكأ على كتفها بلطف:

-ايوا مش قولتلك انتى عليكى البيت وانا عليا العفش 


عادت تسأله وهى تحذر:

-وصحيح عايزه ينام بعيد عننا 

اجاب بإصرار وهو يحرر يده عنها ويديلها لوجه:

-اومال ونشوفه داد كمان الصراحه بقى انا حاسس انى اضحك عليا فى الجوازه دى ما اخدتش رحتى فانتى تولدى بالسلامة ونعيش حياتنا بقي 


مطت شفاها بعجب وردت عليه ساخره:

-احنا نبعته لامك هى كدا كدا متفقه عليه من قبلك 


رفع كتفيه دون اهتمام وقال:

- ابعتيه لأمي وتبقى ترجعهولنا على المدرسة


قهقت عاليا على مزحته هذه وزات ضحكاتها اكثر وأكثر حتى قفز برأسها سؤال بل ذكريات ماضيه عندما كان لا يترك مريم لتنام  عند شخص حتى والدته فسكت عن الضحك وعاينته بأعين فضوليه ،لاحظ هو ذلك وسألها :

-بتفكري فى إيه عنيكى فيها سؤال ؟


طرحت سؤالها بتردد وهى تضع طرف إصبعها فى شفاها:

-يعني ،،،،انت،،،،ما،،،


لم تعرف كيف تطرح سؤالها تحت نظراته المستشفه ،لكنها كانت تريد الاجابة لذا قررت الاسراع فى السؤال حتى لا يتعرقل لسانها من جديد:

-‏انت ما كنتش بتقبل تسيب مريم لحد اشمعنا دا ؟


رغم أنها وضعت يدها على اكثر منطقة مؤلمه فى حياته ورغم مرارة شعوره بفقدان مريم التى شعر بها فى حلقه من جديد،الا أنه قرر إجابتها وعينه ثابته :

- أنا كنت ماسك فى مريم لأنها كانت بالنسبالي كل الحياة هى دى اللى طلعت بيها من الدنيا واللى كنت مقرر أكرث حياتى ليها وناوي ماحدش يدخل حياتى غيرها .


حاوطت يدها بيدها عندما شعرت بفداحة خطأها فى النبش وراء جرح نازف هتفت أسفه والدموع متحجره فى مقلتيها :

-انا أسفه 


أضاف متطالعا اليه وكأنها نعمه تتوجب الشكر:

- ربنا وهبنى حياة جديدة ونفس جديده الحمد لله على اللى فات واللى جاي الحمد لله إنه عوضنى بيكى عن كل مر عيشته الحمد لله انى حاليا الابتسامة ما بتشالش عن وشي الحمد لله انى حسيت بالحياة والحمد لله على نعمة وجودك .


لم تجد ما ترد به على قولة فضمته سريعا الى احضانها ورددت بسعادة تخالطها الدموع:

-الحمد لله انك نصيبى.

ضمها بقوة بين ذراعيه وهتف مجيبا على سؤالها الذي فتح مجري كل هذه المشاعر :

- عشان كده عايزك انتى دلوقت وبعدين نشوف البيبى بس أشبع منك .


فى احد الحضانات 


بدأت نهى بالعمل هناك كمحفظة القرآن الكريم لقد من الله عليها بان وهبها هى الاخري حياة جديدة بالقرب منه فالله الواهاب دائما يهبنا ما يصلح لنا وليس ما تراه اعيننا الضيقه يلائمنا ،أرادت أن يكون لها أطفال من زيد وأراد الله أن يجعل الله لها أولاد لا تعد من تلك الروضة فكانت تسعد بحضور الاطفال وأحضانهم التى لا تعرف البراءة وهى تركض نحوها فاتحة ذراعيها على مصرعيهم ليضموها بود ومحبه بقلوب لا تعرف الكره ولا تعرف معنى 

للغدر أو النسيان .

وقد من الله عليها بقراءة كتابه وتعليم فالقران هو الذى لا يغلق بابه ابدا طالما كان الصديق والملجأ والطبيب لكن نفس معلوله والصديق لكل وحده وغربه .

اصبحت" نهى " انسانه جديده قد من الله عليها بشئ أعظم نعمة  من الزواج والاولاد ومنحها الرضا وبالرضا تطيب النفس ويبهج القلب فتغيرت تماما للافضل وأضاء وجهها الحسن بنور قلبها الذي انار واتسع بالقران والرضا.


فى المستشفي 


جلست على سرير الغرفة التى ستنتقل منها الى غرفة العمليات اصابعها ترتجف والآمها تشتد تنظر بعين أغرقها الدموع تبحث دون جدوي عن أما حنونه تطمئنها أن القادم سيكون أجمل وكأن "زيد" التقط ما بعينيها وسارع يمسك بكفيها المرتجفتان ويهتف مؤكدا:

-انا جانبك ما تخافيش .

نظرت له وحاولت الابتسام لكن ابت البسمة الظهور من فرط تأثرها ،جلس أسفل قدمها وطالعها بأعينه الناعسة بثقب ليقول بحنان :


-هتقومى بالسلامة ما تخافيش 

اجابته بإستسلام وهى تنظر لعينه  بنهم :

- انا مش خايفه من الموت انا أمي مستنياني هناك

ارتعش قلبه من جملتها وقبض بقوة على يدها وعينه التى كانت تفيض بالحنان من ثوانى تحولت للجحيم وتحدث بلهجه قوية:

-وانا مستنيكى هنا ،اعرفى دا كويس يا صبا انا هنا ومستنيكى طول عمرك عناديه عادى الموت واعرفى ان  حياتك لسه هتبدأ انا واللى جاي 


ارتعشت بتوتر والالم يشدد حتى كادت تفلت صراخات دون ان تشعر :

- انا عايزه اكون معاك انا خايفة بعد دا كلوا ما أكملش معاك 


زاد تمسكه بها وصاح بها كمن يعنفها:

- هتعيشي وهنجيب عشرين عيل وهتفضلى انتى بنتى الاولى والاخيره وفوقى بقى من العبط دا بطلى تقلقينى عليكى 


هتفت بقلة حيلة:

-الم فظيع يا زيد الم مش قادره اتحمله

سألها مندهشا :

-يعنى عشان الالم دا بتقولى انك هتموتى؟!

اما انك هبلة ووقعتى قلبى بصحيح يا بنتى دا عادى ان شاء الدكتورة جاية حالا ونشوف نوع البيبى 


حاول الهاء عقلها وابتسم رغم عنه متسائلا:

-تفتكرى ولد وأصيعه ولا بنت لسانها طويل زيك ؟


همت بالضحك لكن الالم منعها من ذلك فعادت ترد بغضب:

- انا لساني طويل 

رد بسخريه:

-لا طبعا دا انا 

دخلت الممرضه ونظرة باتجاه زيد وابتسمت ابتسامه عريضه جعلت الدماء تنفجر فى وجه صبا استدارت عنهم لتجهز بعض الأغراض

فنظرت له صبا وحدثته من بين اسنانها بزنق:

- بتضحكلك 

اجابها دون اكتراث:

-وانا اعمل ايه ؟

رمقته بغضب وضيق وهتفت محتده وهى تمسك بطنها:

-مش والده هنا 

نهض من مكانه عندما شرعت بالنهوض عن الفراش وتبعها قائلا:

-ايه يا حجه انتى ؟اي اللى مش هتولدى هى دى فيها عند 

انتى بقالك ساعة بتقولى تعبانه 


بدت مصرة وكأن بات لها طاقة جديدة للعناد :

-مش والده يعنى مش والده ويلا لو عايز تفضل هنا خليك معاها 

لطم جبهته دون تصديق انها بالفعل تغادر دون انتظار قال لاعنا:

-احمينا يارب من الهرمونات.

سحب حقيبتها وتبعها يركض ليلحق بها ،عقبته الممرضه مناديه اياه:

-يا استاذ يا استاذ المدام مش هتولد 

التف بنصف جسده وهو مستمر بالسعى خلف صبا وأجابها:

- المدام نفسها اتسدت ،انتى كان لازم تضحكي يا اختى .


فتح عن بعد سيارته لتدلف بها بدت مصرة على تحقيق رغبتها رغم كل آلامها وخطواتها المتعرجعه .


فى السيارة 


انطلق بسيارته وعلا صوته غير مصدق مافعلته به

- ايه اللى عملتيه دا 

-ردت ونبرتها مشحونه  بالغضب  والالم :

- ‏انا مش عايزه اولد هناك يعنى مش عايزه 

صاح كالمجنون وهاتفه الذي لا يكف عن الرنين يتخلل بينهم:

- اي اللى مش عايزه اوديكى فين انا دلوقتي وانتى تعبانه

- ‏استهدى بالله وارجعى المستشفى 

لم تكترث حتى بوجعها وردت بانفعال:

-ودينى زى ما تودينى لكن ما ترجعنيش هناك تانى 


زدا توتره وهو يرها تتالم وليست على ما يرام والزحام الذي يحاوطهم وكذلك عنادها وصوت الهاتف المزعج الذي لايكف عن الرنين ،اطلق لسانه سبه لعينه وصاح:

-انا اعمل ايه الله يهديكى تعالى نرجع المستشفى

سألته بعصبيه:

-انت عايز تدخلنى العمليات وتقعد بقى انت والممرضة اللى بتضحكلك 

وزع نظراته بينها وبين الطريق غير مصدقا ان الآلم الولادة قد تؤثر على العقل فقال متهكما:

-انتى هبلة وهى لو ضحكت من هنا لبكره انا هكلمها 

اطلقت صرخه عاليه أربكته واجابتة بعصبيه:

-ما اعرفش انا بقى اتخان وانا بولد

زادت سرعته وقال بغضب:

-انتى  لا يمكن يكون عندك مخ دى دماغ عصافيري  انا راجع المستشفى


صرخت عاليا وهى ترفض قاطعيا:

-لا اااااااا مش هولد فى المستشفى

لم يعد يجادلها فتح هاتفه واستمع الى صوت امه القلق وهو يسأل :

-فينك يا ابنى انا وصلت المستشفى انا ويحيي وملاقينكش 

اجاب وهو ينظر لصبا التى احدثت كم من الجلبه لا يحصي بالسيارة تقذف كل ما امامها وتصرخ بصوت عال:

-انا راجع المستشفى ياامي هبقى هناك كمان شويه


صاحت صبا بصوت جهور:

-قولت لاااااااا 

اغلق الهاتف ولكن صراخها لم ينتهي راحت تنادى وهى تمسك باسفل بطنها:

-الحقنى الحقنى يا زيد انا بولد 


زاغ بصره بينها وبين الطريق وقال بعصبية:

-ما انا عارف انك بتولدى اومال احنا متبهدلين لي ؟

نفضت رأسها وقد شعرت بأنها روحها تغادرها منادية اياه بتوسل :

- انا بولد بولد دلوقت الحقنى

نظر الى اسفل قدمها ليجد اسفلها بركة من الماء جعلته  يوقف السيارة فجأه فإرتدت للخلف بقوة وسقط الطفى بين قدميها 


نظر الها بصدمة لا تكف صبا عن ادهاشة لم تتسع عينه ما رأي نزل على ركبتيه فى اسفل السيارة وامسك بين يديه طفله الذي صرخ عاليا  تفقده بفزع بينما هي سألته وهى تلتقط أنفاسها بصعوبه :

- ايه ؟!جبت ايه؟!

قال غير مصدق:

-ولد يا صبا ولد


تمتمت براحه بعد تعب يخالطها غضب طفيف ربما ماعاد لديها طاقة :

- هتصيعوا يازيد؟

كان يحمله بين يديه ويتمعن فى ملامحه الصغيرة بفرح يخالطه دموع إنه ليس بإبن عادى إنه إبن الحب وإبن المرأة التى هزت كيانه وحولت حياته المعتمه الى شمس مضيئه حقا إنه إبن شمسه ،رد مشاكساعلى تمتمتها التي التقطها أذنه :

- المهم ما حدش هياخد لسانك الطويل...

 

   البارت الثامن والاربعون جزء ثاني من هنا 

لقراءة جميع حلقات القصه من هنا

تعليقات