قصة عشقت امرأة خطرة
البارت الثامن عشر 18
بقلم ياسمينا احمد
زعق الجد بقلق وهو يخطوا تجاها مفزوعا :
ـ صبا ......إلحق يا زيد هاتى يا ونيسه شويه ريحه
ناول "زيد" إبنته التى بين ذراعيه لوالدته وأسرعت "مها" بإتجاه غرفتها ليبقى "زيد"
امامها هو وجدها نظر إليه "فايز" وصاح به :
ـ هتسيبها فى الارض كدا شيلها
كان يخشى الاقتراب حتى منها، شعوره أنه سيذوب تماما إذا تلمسها نظر تجاه جده وحاول
الرفض لكن جده اصر زاعقا :
ـ اتحرك يا إبنى
زفر بضيق ومد يده أسفلها ليجذبه تجاهه ومن ثم إنتشالها من الارض وخطى بها سريعا نحو
الاريكه القريبه خرجت "مها" بسرعه لتره وهو يحملها وقد ضاق صدرها من هذا الاهتمام
الزائد الذى حظت به "صبا" لمجرد سقوطها ، إقتربت منهم ومدت يدها هى تقول :
ـ هى متعوده على كدا دى حركه دلع كدا لازم تعملها من غير داعى
رفع "فايز" نظره إليه وهو يستنكر حديثها بهذا الشكل عنها :
ـ يعنى إيه بتدلع انتى بتقولى كدا إزاى ؟
شعرت "مها" بمهاجمة "فايز"وقد ينقلب الامر عليها فهتفت :
ـ يعنى ما عندهاش حاجه انا عارفه انا مربياها وعارفه
وقت انشغال "فايز" بالحديث مع "مها" وضع "زيد" الرائحه على يده وراح يحرك اصبعه
فوق شفها العلويه ينتظر بلهفه لحظة فتح عينها ، توتر بالقرب منها وارتجف قلبه نعم شعر بالقلق
عليها شعر بالذنب لكن سرعان ما تجاهل مشاعره فهو ايضا مجبر على كل هذا
اخيرا فتحت عيناها وقلبها منهك اول ما وقعت عينها عليه كان "زيد" ،الويل لها مما تحمله الايام
اعتدلت سريعا وكأنها فزعت التف اليها "جدها " يسأل عنها باهتمام:
ـ مالك يا صبا في إيه ؟
أجابة بصوت ضعيف :
ـ مافيش
سأل جدها بقلق لم يختفى بهذه الاجابه :
ـ اومال مالك؟ نجيب دكتور؟
نهضت من مكانها وتحاملت على نفسها حتى لا تبدو بهذا الانهزاشعرت بنظرات "زيد"
المصوبه نحوها فهمت بالنهوض وهى تقول :
ـ لاء أنا هطلع أرتاح وأبقى كويسه
استعدت للصعود تحت نظرات "مها" الحاقده لقد اعتادت منها على هذا حمد لله أن ونيسه أختفت
عن المشهد يكفيها سقوطها امام زيد ومها أما جدها فقد شعرت بالفعل بقلقه عليها يكفيها من الهم
نظرت زيد الغير مفهومه ونظرات الحنق من مها .
بدات تتحرك تجاه الدرج فناد "فايز " أمرا زيد:
ـ وصل صبا يا زيد لا تقع تانى
تجاهلت حديثه واستدارت تنظر بإتجاه بنظرات زيد الجامد والثابت مكانه دون ان يتخذ خطوة تجاه
لقد اذدات الشحناء بينهم بعد توعده لها يبدو أن القادم لا يبشر بالخير
"فى اليوم التالى"
بدأت التجهيزات لحفل عيد الميلاد الخاص بمريم لكن أصر زيد على الاختلاء بمريم وعدم انتظار
مساعده" صبا" لقد جهز الحديقه ووصى على الحلوى الخاصه بعيد الميلاد
واشترى لها ملابس جديده وانتقى لها هدايا وإحتجزها فى غرفته ليعتنى بها شخصيا ويلبسها ما انتقاه
ظلت "صبا" بلاسفل كالغريبه بانتظار رؤية "مريم" وعزة نفسها تمنعها من الذهاب لغرفته ،وكذلك عودة
والداها الذى ستصل طيارته فى المساء ،أثناء جلوسها فى وسط المنزل ترى الجميع ولا يراها احد
دخلت عمتها بثينه والتى رمقتها على الفور بضيق يبث حجم الغل الذى بداخلها مما جعل صبا تتمت بداخلها:
- ياساتر يارب
لكن سرعان ما تبدلت تعبير "بثينه" للتهلل الذى يبدوا خلفه شئ خفى ابتسمت بشماته وهى تنادى بصوت جهور :
- تعالى يا نهى اتفضلى هو انتى غريبه
الاسم لم يكن غريب على مسامعها لكنها لم تالفه ،على اثر النداء دخلت "نهى" فتاة جميلة ذات أعين واسعه وخضراء انف
مدبب وشفاه صغيره كانت تخطوا على استحياء والى جوارها امراة كبيره تاخذ الكثير من ملامحها ،رأت صبا عمتها
وهى تتجه صوبها وبيدها هذه الفتاة التى من الواضح تكبرها بعمر كبير لا تزال "صبا "تجهله اشارت "بثينه"نحو نهى
وهى تقول لصبا بفخر :
- شوفتى نهى اهى دى بقى ضرتك
الكلمه كانت صادمه، وكأن شئ ثقيل سقط على قلبها حاولت الابتسام ورحبت ترحيب مزيف لكنها لم
تقوى على نفس الشئ تجاه "نهي" أما هي فقد رمقتها بضيق جلى نافذ من عينيها الخضروتان
الأنثي لديها من الكبرياء والكرامه ما يجعلها ترفض مشاركه غيرها أى شي حتى ولو كان حذائها فما
بالك برجل واحد ، الموقف كان محرج لكيهما وقد تعمدت "بثينه" هذا فقط لترى ملامح الضيق والانزعاج
على وجه "صبا"وقد حصلت على ما أرادت تدخلت والدته "نهى" لتسحب يد إبنتها هاتفه :
ـ تعالى يا نهى نشوف "مريم" ونجهز حاجات العيد ميلاد
"مريم" هذا الاسم الذى ومض برأس "صبا" لقد عاقبها "زيد" عقاب قاسي بإبعادها عنها خاصتا بيوم كهذا
كانت ستشغلها كثيرا عن كل الأعين التى تريد أن تراها مكسوره ومهزومه ستنسى بها ما يؤلمها وتستشعر
لمره واحده معنى عيد الميلاد ،عادت منبوذه عندما تركتها "بثينه" لتنضم ل"ونيسه" بالمطبخ ،وشعرت بالبرد
يسرى فى أوصالها تريد أن يضمها أحد جسدها كان بحاجه لحضن دافئ فقدته من مده طويلة من وقت
ما كانت طفلة حضن تطمئن بداخله ويهدى ما بها من ألم، يد تربت على كتفها وتُطمئنها أن كل شئ سيكون بخير
لكن ما حصلت عليه كان الصقيع من كل المشاعر ومن كل الاشخاص ضمت نفسها وحاوطت كتفيها بيدها وحاولت
الثبات لن تسقط كالنعجه فى شباك الصياد خاصتا وهى ترى تهامس بثينه وونيسه وضحكاتهم الخبيثه ونظراتهم
الموجهه نحوهم ،انطلقت نحو الحديقه حتى تتنفس بصوره جيده ووقفت فى الشرفه الواسعه قليلا حتى
تنظم انفاسها دقائق معدوده وعاد عقلها بالعمل إن كانت "بثينه" تري أن "نهى " حجر ستستمر بقذفها
به فستريها أنها صاعقه تقسم الحجر ،لن يقوى احد على أذيتها وإن فعلوا لن تبدى هذا أبدا ستحارب
إن كُتب عليها الحرب وستومن بالنجاح حتى يتهيئ لها
ـ واقفه كدا ليه ؟
استمعت إلى هذه الكلمات من صوت "مها" القريب منها فإلتفت على أثر ذلك لترد وهى تحاول الثبات :
ـ ولا حاجه بشم هواء
عاينتها "مها" بنظرات متمعنه لم تصل بها لشئ لقد عاد غامضه كما تكون فى بعض الاوقات ،خمنت سبب
هروبها من الداخل وهتفت :
ـ عشان "نهى " هنا
لم تتلقى منها أى ردة فعل نفضت رأسها ببرود مدعيه عدم الاهتمام لكن كان داخل "مها" شئ يؤكد أن هذا هو
سبب ابتعادها كما تلاحظ ايضا إقصائها عن "مريم" المتعمد من "زيد" فقالت لتستفزها :
ـ خالتها وانهارده المفروض انها هتكون اقرب حد ليها بعد امها واكيد اكيد زيد هيفضلها عنك
أضافت بخبث :
ـ الصراحه البنت حلوه وواضح قريبه من سنه وهتفهمه عنك
لازالت "صبا" تحدق ببرود رغم الحمم البركانيه التى كانت تندلع بداخلها فإستمرت "مها" بالضغط :
ـ مستقبلك شايفاه من عندى إنتى هتبقى خدامه مش اكتر
نجحت فى استفزازها وقد ظهر التفاعل اخير على صفحة وجهها الذى أصبح بلون الدماء حينها ابتسمت
"مها" لنجاحها فى معرفة ما تضمره فأضافت وهى توكزها بخفه فى كتفها :
ـ ايوا كدا بينى اللى جواكى
ما كان من "صبا" إلا أن هتفت باستحقار :
ـ مش عايزه تنسي اصلك ابدا
أسرعت "مها" بالامساك بفكها بيدها واعتصرته بين اصابعها، قد بلغ الغضب منها مبلغه
تتعمد "صبا" معايرتها بعملها السابق والذى كرهته وكرهتها معه لقد كانت خادمتها من قبل
لكن حظها تبدل بلحظه عندما قرر "حسين" الزواج بها وعندها تبدلت حياه "صبا" ايضا وتحولت
معاملتها للاسوء حال، ماإن حصلت على والدها حتى انتقمت منها شر إنتقام ،هدرت "مها" بانفعال لم تستطع
التحكم به وسحقت كل كلمه توجهها إليها بعنف:
ـ عارفه انا عمرى ما كنت أتمنى ليكى جوازه ابشع من دى عشان تعرفى معنى كلمه خدامه بصحيح
انا هنا اطمنت أوى انك هتكونى فى المكان اللى تستحقيه بس اخويا اللى مانعنى اتتمم الجواز دى
ولولا هو انا كنت وقفت اتفرج عليكى وانتى بدوبى زى الشمعه
حاولت "صبا" الإفلات من قبضتها لكن "مها " كانت الاقوى هتفت بصعوبه :
ـ ربنا يحرقك أنتى واخوكى
زادت "مها" من ضغطها على فكها وكشرت عن انيابها وهى تقول بغيظ :
ـ كنوز الدنيا مش خساره فى إنى اشوفك مذلوله انا مش هأدخل ومش هنفذ لرشدى
اللى عايزوه وهقعد هنا مخصوص عشان أشوفك بعينى والكل بيهينك
أوشكت "صبا" على البكاء لو أفلتها لركضت لآخر مكان وانفجرت فى بكاء لا تعرف له أخر
اذدرات ريقها لقد هدمت "مها" امالها ورعبتها اكثر من حياتها المقبله التى لا منقذ لها منها .
على غفله امسكت يد غليظه يدها ونهرتها بعصبيه :
ـ إيه اللى بتعمليه دا ؟
التفت "مها" دون اكتراث بينما صبا حاولت الحفاظ على توازنها الذى بدأت تشعر باختلاله بعد ما قالته
زوجه ابيها
صاحت "مها " بضيق وانفعال عندما رأت يد أخيها تعتصر معصمها :
ـ سيب إيدى ، انا بقولك قدمها أهو موضوعك دا حلنى منه
انفعال اخته بهذا الشكل وعدم اكتراثها لأى عواقب جعله يحاول تهدئتها عوضا عن تهديدها :
ـ فى إي اللى حصل ؟
اجابته "مها" وقد امتلائت نبرتها بالاستياء:
ـ قال بتعايرنى
نظر "رشدى" إلى "صبا" وهتف بلوم :
ـ كدا يا صبا برضوا دى مها طول عمرها بتعاملك زى بنتها انتى حتى كنتى بتحبيها زى مامتك
رفعت "صبا" اصبعها لتحذره وتوقفه :
ـ ما تجبش سيرة امى على لسانك ما تقارنش امى بواحده زي دى .
حاولت "مها " الانقضاض عليها وهى تقول :
ـ انتى فعلا عايزه تتربى
منعها "رشدى" من ذالك بأن امسك براسغيها وهتف بانزعاج :
ـ خلاااااص يا مها انتى هتفرجى علينا الناس ولا ايه؟
ابتعدت "صبا" عنهم وقبل أن تغادر اشارت لها بتحدى :
ـ هتشوفى مين فينا اللى هيربى التانى
غادرت وتركتهم لتزداد "مها" انفعالا وتسبها بعصبيه :
ـ ××× ما ابقاش انا إن ما كنت اكسر مناخيرك وانهارده قبل بكرا يا××××
حاول "رشدى " تهدئتها قائلا :
ـ ياشيخه إنتى هتعملى عقلك بعقل عيله,, اهدى شويه
لم تهدأ بالعكس وجهت إنفعالها نحوه وصاحت بضيق :
ـ مالكش دعوة إنت
"بالاعلى "
وقفت "نهى "ووالدتها بخارج غرفة "زيد" ونهرتها والدتها بشده :
ـ فى اي يا نهى عماله تعصبى على مريم قدام زيد كل شويه كأنك مضرره منها فى إيه ؟
وضح على "نهى " التأثر وهى ترد على والدتها بضيق:
ـ غصب عنى يا ماما انا مش عارفه اتلم على اعصابى من ساعة ما شوفت البت اللى تحت دى
حسى بيا
لم تبدى والدتها أى اهتمام لحجتها وصاحت بها معاتبه :
ـ بلاش هبل إركنى اعصابك على جنب كدا احنا ما صدقنا إننا وصلنا لكدا وبعدين قولتك دى عيله
صغيره وانتى هتبقى المفضلة عنده عشان "مريم " إنتى عارفه غلاوة مريم عند زيد قد إيه مستحيل
يبص لأى حاجه غير راحتها
طوت يدها بتذمر لم تستطيع تصديق هذه الكذبه وإقناع نفسها بها ،سنوات وقد درست بهم "زيد" حرفا حرفا
تعرف جيدا أنه من المستحيلات أن يرغمه أحد على شئ لم يريده فما الذى غيره ليقبلها زوجه ويقبل بغيرها
بعد سنوات كان رافضا الفكره كلها ،هناك سر والغالب فى "صبا"
مسحت والدتها على وجنتها برفق وهى تهتف :
ـ يلا يا بنتى عشان زيد ما يحسش بحاجه عايزاكى انهارده تاكلى الجو ما يشوفش غيرك انتى وبس
رمقتها "نهى " بيأس رغم ان كل المنزل معها وسيصتف إلى جنبها حتى يلغى وجود "صبا" إلا انها كانت
متشائمه من فكرة نجحها .
"فى غرفة زيد "
ملابس "مريم"
كانت منتشره فى كل مكان وكذلك رابطات شعرها وما يلزم واحذيتها لتجهيزها لعيد الميلاد والذي يحتفل ويهتم به
"زيد "كل عام هو ايضا كان منهمك بالترتيب والتجهيز لملابسه وتنسيق ملابس "مريم "التى لم تكن على سجيتها
ولا تتعاون مع أحد حتى انها قذفت بضيق فستانها الذي اعد خصيصا لها وهى تزمجر :
_وحش
مالت "نجلاء" لتلقطه من الارض وهى تحاول اقناعها بلطف :
- دا جميل
لاحظ هو تصرفاتها الغاضبه والتى يعرف سببها جلس اسفل قدمها طاويا ركبتيه على الارض وسألها بحزن:
- مالك بس يا مريومه ؟
امتعض وجهها دون اجابه وكأنها تنتظر منه التنفيذ ،امسك بين يده فستانها وهو يسأل :
- الفستان مش عاجبك ولاانتى مضايقه فهمينى
فى الوقت ذاته طرق باب غرفته ،بدى على وجهها الاهتمام وهى تنادى بحماس وكأنها تنتظر شخص ما :
- ادخل
بالفعل فتح الباب لكن خيب ظنها دخلت خالتها "نهى "وجدتها ،عاد الامتعاض على وجهها وقضبت حاجبيها
بشده حد البكاء ،هتفت "نهي" معلقه على نداء مريم للدخول بسعاده :
-والله وسمعنا صوتك يا ست مريومه
وضع "زيد"يده على جبهته بيأس لابد أن يحزن قلبها، لكن لن يترك صبا دون عقاب على ما تفعله لن يتعامل معها كأن لم يحدث شئ ولن يتركها تتحداه ويضعف هو امام ضغط مريم ،اقتربت منها "نهي"فى محاولة التغطيه على غضبها السابق الذي نبهتها له والدتها بالخارج و تسألت عن سبب عبوسها قائله:
-مالك يا مريومه مضايقه لي ؟
لم تجيب وظل العبوس هو ردها الوحيد على الجميع لاحظت "نهي" تأثر "زيد"بتصرفات"مريم" وحاولت
التخفيف عنه ب:
- ما تضايقش هخلى ماما ترقيها
تدخلت والدتها وهى تحاول ضمها الى احضانها هاتفه:
- تعالى يا قلب ستك ارقيكى
نهض "زيد"من جلسته وحاول تهدئه نفسه لاستقبال زمجرة وبكاء "مريم" المتوقع وبالفعل ما هى إلا ثوان حتى انفجرت فى البكاء بصوت عال ودفعت جدتها عنها ،لا يشك "زيد" فى محبة "نهى" وجدتها لها لكنه لم يثق فى قوة تحملهم تقلبات مزاج مريم وعصبيتها ،وقد استمع الى جدتها تهتف مستنكره:
- الله يا ساتر يا رب ،مالك بس ؟
دفعتها "مريم" عنها واستمرت بالبكاء دون هدف واضح ،سألت"نهي" بدهشه من تصرفاتها الغريبه :
-مالها يا زيد هى عايزه حاجه معينه ؟
ولها ظهره دون اجابه فقط أطلق انفاسه الحبيسه ونظر للعدم دون تفكير،لن يسكتها سوى "صبا "ولن يذهب إليها
استمرت محاولات "نهي"والجده فى تهدئه مريم لكن بائت محاولاتهم بالفشل كانت تزداد عنادا وصراخا ،التقطت "نهي"السلسال المعلق بعنقها وأبدت اعجابها به قائله:
-الله اي السلسله الجميلة دي ؟
اجفل "زيد"دون أن يلتف يعرف عن ماذا تسأل "نهى " وسؤالها هذا جعل "صبا " الغائبه تحضر بقوة
وتلغى كل الحاضرين انتابه اليأس من محاولاته بالإستغناء عنها فهى بات قدره والقدر ليس منه مفر .
استسلمت "مريم"للبكاء عندما لم تجد منهم استجابه لطلبها الذي لم تفصح عنه وبإنتظار معرفة وتنفيذه دون
تدخل منها خبأت وجها بيدها الصغيرتان وهتفت بحزن:
-عايزه صاصا ...عايزه صاصا
ابتعد "زيد "قليلا عنهم حتى لا يضيق صدره اكثر من هذا زادت "مريم" الضغط وحولت العصبيه لبكاء واكثر
ما يؤلم قلبه هو بكاء مريم ،فى حين ان "نهي "لم تفهم ما تريد وسألتها :
-عايزه اي ؟صاصا قصدك مصاصه؟عايزه مصاصه ؟
تدخلت جدتها تلومها وهى تحاول الاقتراب منها اكثر :
- يا ستى من العين دى قبل العين دى اجبلك
حركت "نجلاء"شفاها إلى كلا الجانبين خشية ما ينتظر الجميع من معرفة رغبة مريم انها حقا تطلب أن تفجر
الغرفه بقنبله من ثلاثة حروف "صبا"
نادت نهي نجلاء لتامرها قائله:
-ابعتى حد يا نجلاء يجبلها مصاصه
لم تتحرك "نجلاء" وظهر الارتباك عليها فهى لا تعرف إن اخبرتها بما تريد "مريم" ماذا ستكون
ردة فعلها ،تجاهلتها نهى قليلا وعادت بالعبث بسلسلها قائلة بإعجاب:
-السلسلة دى حلوه اوى ذوقها رقيق جدا مين جايبهالك يا مريم ؟
لم تعلم أن حديثها المرسل عن السلسال كالاسهم المتراشقه فى صدر زيد يؤلمه بصمت ويكتمه بصعوبه .
فى نفس الوقت استمرت مريم بالنداء والبكاء:
-صاصا عايزه صاصا
التفت "نهي"الى نجلاء التى لازالت تقف مكانها وانفعلت عليها قائله:
-يا بنتى واقفه كدا ليه ؟مش قولتلك شوفى حد يجبلها مصاصه
لم تجد"نجلاء" مفر من اخبارها بالحقيقة حتى لا تنهرها مجددا فهتفت باستسلام:
-دى مش عايزه مصاصه ...صاصا دي صبا بنت حسين بيه.
اتسعت عين "نهي"وهي لا تستوعب ان مريم تبكى كل هذا البكاء من أجل صبا متجاهله وجودهم جميعا بجوارهم
وهذه الدهشه تقاسمتها معها والدتها التى سارعب النظر تجاه زيد وهى تدعوا ان ينقذهم الله من هذا الحرج لكن
زيد لم يبدى اى تفاعل وانطلق نحو الشرفه الخاصة بالغرفه فهو لم يعد يتحمل أكثر من هذا .
بقيت الحيره والانزعاج من نصيب نهى وجدتها فهتفت نهى بتعصب بعد التاكد من خروج زيد :
- شوفتى الكسفه اللى احنا فيها بنت اختى مش عايزانى وعايزه التانيه
نهضت من مكانها وهى تستأنف بضيق وانفعال:
-يعنى انا مش مهمه انا هبقى عدد عشان ضمان ست مريم ما تخرجش من بيتوا انا ...انا
انحسر الكلام على طرف شفاها فلم تجد أى تعبير أو وصف يصف الثورة العارمه التى بداخلها فقاطعتها
والدتها بتنبيها بوجود "نجلاء"بينهم :
-نجلاء ...نجلاء سبينا لوحدنا شويه
خرجت الاخري بصمت وهى تلقى نظرات شفقه على كلا من نهي وأمها
خلت الغرفة إلا منهم مريم ونهي ووالدتها التى قفزت من مكانها لتمسك بساعدها موبخه إياها بحنق :
- جري اي يا نهي انتى هتعملى عقلك بعقل العيال عيله ومش فاهمه ومتصلبطه على بت زى دى تعملى انتى كدا قدام الخدمين وتهزي صورتك قبل ما تدخلى البيت وتورى للكل انك مهزوزه وضعيفه واقل كلمه توديكى وتجيبك ...فوقى يا بت انتى لاحسن لا هتطولي زيد اللى طول عمرك بتحلمى بيه ولا غيروا
سقطت "نهى"جالسه على طرف الفراش بتعب تشعر أنها فى حرب على أبسط الأشياء سهوله ،وما أسهل من زوج وبيت
خاصتا أن "مريم" حلقة وصل كبيره وسبب قوي لوجودها فى هذا البيت لكن كل شئ أصبح مستحيل نمي بداخلها كراهيه
لا آخر لها لصبا التى انتزعت منها ابسط حقوقها وأيسرهم بمنتهى البساطة،نظرت لوالدتها وهى تهتف بنبرة حزينه جدا:
- ليه كل حاجه كتيره عليا ليه عمرى كلوا مربوط بواحد مش عايزني كتير عليا يكون ليا بيت وراجل وعيال
ارادت والدتها تحفيزها فى الحفاظ على مركزها الآن لكن اتت بنتيجه عكسية تماما واستشعرت الاحباط فى حديثها
فحدثتها بضيق من بين أسنانها:
- شوفى بقولك ايه وانتى بتقولى اي ؟جايه بعد ما اتقدملك تقولى مش عايزنى اومال احنا فى اوضة ليه؟
وهو مش راضى يخليها تقرب من بنته برغم انها قاتله نفسها عياط !
كلامها كان منطقى لكن إحساسها كان يخبرها انها خيار ثانوي وليست الاولى .
دفعتها قائله:
-قومى شوفيه على ما اتصرف واسكت البنت ،وخلى بالك يا نهى لو ضيعتيه من ايدك
ما تلوميش إلا نفسك .
"فى الشرفه"
"زيد "كان يحاول التنفس لكن جبل ثقيل كان يقطن فوق صدره ويخنقه يعيش بفضل جده وأخيه أسوء إختبار
وعوضا من خوف أن يظلم واحده بعدما ظلم "غاليه" اصبح يظلم ثلاثه فى موضع واحد ،كل ما يقع عليه عينه الآن أسود
ومظلم كحال"صبا" التى تقف فى شرفة غرفتها هى الآخري على نفس الحافه تنظر للامام كما ينظر هو لايراها ولا تراه
لكن الشعور متفق وكأنها مقدمه واحده يراها الاثنان معا .
دلفت"نهي" الى الشرفه لتحاول التخفيف عنه،ولكنها كانت مستيقظه عن "زيد" الذى لم يلاحظ وجود صبا ولاحظتها
هى بسهوله،شعرت بالضيق لمجرد رؤيتها ولم تتحمل أنها تشاركها نفس الهواء الذي يتنفسه ، نادته كي تعلمه
بحضورها :
- زيد
التف رأسه على إثر ندائها ،ثم عاود النظر حيث كان ،لم يكن فى مزاج رائق للحديث مع أى شخص كل ما أراده
الانفراد لكن يبدو أن هذا كثير عليه هنا ،هتفت نهي كي تحاول التخفيف عنه:
- زيد انا عارفه إنى ممكن ما أكونش الست اللى بتحلم بيها أو ....
- ومين قالك إنى كان ليا أحلام
هكذا قطع عليها احراج الحديث دون أن يلتف ،لتهتف بصدق:
-انا هكون ليك كل حاجه بتمناها انا مش عايزه منك غير بس تدينى فرصه فرصه أثبت فيها حبى ليك .
وكأنها كانت تطعنه لا تحدثه قلبه ليس ملكه ليهديه لمن شاء لطالما كان يرفض هذا يرفض أن يضحى احد من أجله ان يقدم له أحد شئ لا يستطيع هو رده كما كان مع زوجته غاليه ،استمرار اخذه ما لم يقدر على رده يوجعه لكنه بات
مجبر عليه أن يتحول فليهدأ ضميره قليلا فالتجربه فى بادئها والقادم أخطر .
حرك رأسه لكلا الجانبين لياخذ قدر كافي من الهواء فلاحظ وجود "صبا" فى شرفتها ابتسم بسخرية فى نفسه عندما رأي
عينها المتحجره بالنظر تجاههم وعينها تحتقن بالدماء ،لقد بدأ الظلم سمع من قبل جملة تردد صداها
بداخله " إن قررت ان لا يكون بك عيب معين ستتقاتل الدنيا والشياطين لجعله بك وستكون ما تكره "
وها هي البداية بداية دائره الظلم إلتف ل"نهي"متعمدا إغاظة "صبا"ليريها بأم عينها أنه مرغوب وليس بحاجة إليها
ولا إلى قبولها ،ليريها كم كانت غبيه عندما عاندته وجرحته واختارت محاربته.
لقد خفق قلب "نهي" عندما رأته يلتف لها ويستعد لحديثها اخيرا جائتها الفرصه لتقف بوجهه دون خشيه من
هروبه المعتاد وأين فى شرفة غرفته ، هتفت فى نفسها مبتسمه :
- كل حاجه هتبقى تمام هنعيش احلى ايام سواء انا وانت ونجيب ولاد كتير .
خرج صوتها مفعم بالسعادة وهى تقول :
- اول مرة تبصلى واول مره أحس أن قلبى مرتاح ربنا يريح قلبك يا زيد
حاول بجد أن يقول شئ طيب امام فيض مشاعرها لكنه لم يستطع أن يخادع نفسه أو قول شئ لم يمس قلبه
رمي نظرة جانبيه على شرفة "صبا" فلم يراها اصبح مكانها خالي وكأنها لم تتحمل هذا ،هو ايضا لم يتحمل
فسأل دون اهتمام لما تقول :
-مريم سكتت ؟!
وكأن سكب على رأسها ماء مثلج ،ضيقت عينها وهى تنظر اليه وعاد الشك يغزوها بقوة فسالته هى بتعصب:
-زيد انت حد غاصبك على الجوازه دى ؟
لم يحاول الرد عليها وهم بتجاوزها لكنها وقفت بوجهه ومنعته من ذلك لتهتف بعصبيه:
-انت لازم تفهمنى ليه بعد ما كنت رافض تجوز من سنين وافقت بسهولة كدا وفوق كدا هتجوز بنت عمك حته العيله
اللى لو اتجوزت بدري شويه كنت خلفتها
رددت باصرار :
-من حقى افهم فهمنى
لم يرضي عن اسلوبها بالحديث وعصبيتها فصاح محذرا بنبره حاده:
- نهي ما تعديش حدودك ،مالكيش دخل بموافقتى او لاء
خليكى فى نفسك مش انتى وافقتى ما تسأليش عن أى حاجه متخصكيش
رفع اصبعه ولوح به فى الهواء ليؤكد :
- و إوعى تفكرى تعملى مشاكل معها احنا لسه فى اولها لو ناويه على شر قولى من دلوقت عشان نخلص
حركت فكها السفلى لتغطى على غضبها الذى تحاول إخفاءه استدعت صبرها كى تحصل على ما تريد،مطت
جانب فمها وهى ترد على تحذيره ببرود:
- اطلاقا مش ناويه غير على كل خير
خطوة واحده باتجاه اتخذتها نحوه وهتفت بلطف:
- كفايا عندى انى هبقى مرات زيد الواصل مش عايزه حاجه من الدنيا تانى
عاد الالم يتجدد فى قلبه والطعنات التى مازال آثار ندوبها فى معدته تؤلمه بشده ضم حاجببه فهو لم
يعتاد على الوضع الجديد لم يستصيغ رمى مشاعره والتعامل بوجهين امر مرهق عليه حاول الابتسام
ليجارى حديثها وفر للداخل .
مع كل لحظه تمر تتأكد "نهي"أنها ليست مرغوبه منه وأن زيد هو زيد القديم لم يتغير ابدا لازال
ميت من الداخل لازال لا يرغب بالحياه .
"فى الداخل"
استعدت "مريم" وهدئت تماما وهذا ما أدهش "زيد" ونظر لجدتها مستفهما لكنها اكتفت بابتسامه وإيماء
قصير بثقه لأنها بات مسيطره تماما على" مريم " لا يعلم كيف هدئت
واستسلمت للتزين دون تتزمر لكن هذا كان جيد .
"فى المساء "
لقد تحولت الحديقه لقاعة مناسبات بفضل الزينه والطاولات والعاملين الشركه التى تعامل معها زيد كانت ماهره
فى ذلك بدأت العائلة فى التجمع وتوافد الزوار من كلا العائلتين لحضور الحفل السنوى لعيد ميلاد "مريم"
ارتدت "مريم" فستان هادئ اللون مزين بالورود وارتدت تاج من الورود لتظهر فى مظهر رائع وانيق وكما
ارتدت "نهى" ايضا عباية ملونه وحجاب كامل وامسكت بيد "مريم" لتبدو امام الجميع وكأنها والدتها أو اصبح
مكانها أقرب من مكانة صبا التى ظلت طوال اليوم مختفيه عن الأنظار
اختفائها أثلج صدر "نهى " لكن هذا لم يدوم طويلا عندما رأت الصور المعروضة فى كل الجانبين لصبا مع مريم وزيد
الصور تشع بهجه تُعلن بكل صراحه قصة عشق خفيه بينهما وأن زيجه "نهي"مجرد عقد للاحتفاظ بمريم .
لم تحتاج أن تكهن بما يتهامس الناس وسبب شهقاتهم المكتومه ونظرات الشفقه التى وجهت صوبها،
مالت الى والدتها والمراره تملا حلقها :
- قولتلك زيد مش عايزنى زيد كل اللى همه مريم
اجابتها والدتها بثقه:
- يبقى انتى الكسبانه برضوا إنتى خالة مريم إنتى الجوكر اللى هيؤش كلوا وهى تبقى تبل الصور
دى وتشرب مايتها
نظرت اليها وهى تحاول أن تجد معنى لتجاهلها مشاعرها
وصاحت بها :
-بقولك مش عايزنى
عنفتها امها وقالت بغضب مستتر حتى لا تلاحظه الأعين المسلطه عليهم :
-مش مهم عايزك ولا لاء المهم ان إنتى عايزاه افهمى بقى دا قدرك فكرى ازاى يبقى ليكى لوحدك مش
هو عايز إي دى حرب ولازم تكسبيها واولها مريم
داعبت بأطراف أصابعها خصلات شعرها فتذكرت نهى هدوء مريم الغريب بعد غضبها فسألتها :
-انتى ازاى سكتى مريم ؟!
اجابتها بابتسامه ماكره :
-لما تعقلى هعلمك
من جانب "زيد" شعر بحرج بسبب هذه الصور التى خرجت بشكل عفوي لتثبت شيئا غير موجود بالمرة لكن يبدوا أن
شئ خفي يربطهم ببعض وهو السبب الرئيسي لفهم الجميع الامر لم يتحمل نظراتهم وقرر أن يختفى من بينهم قليلا واتجه
إلي الداخل وقبل أن يصل للبوابه الداخليه ظهرت هي "صبا"كغزال شارد بأعين واسعه مرسومه كالوحه مبهجة الألوان
ترتدي فستان ذهبي يأخذ شكل جسدها بالكامل إلا من اطرافه منفوش وضعت زينه واضحه لكنها لم تكن صارخه حجابها
لم يتعدى عنقها، لم يطيل النظر بإتجاهها وانطلق نحوها وهتف من بين أسنانه :
- ايه اللى انتى عاملاه فى نفسك دا ؟
اجابته بسخريه وهى تطلع الى بدلته الانيقه ببرود:
-إي فى حاجه استفزت عم الشيخ اللى جواك
زعق بها بحده رغم خفوت صوته:
-ما تعناديش وبالذات فى الغلط
اجابته بلا مبلاه :
- فى ايه دا عيد ميلاد عايزنى البس ايه؟ قفطان من بتوع جدى !!
سكت قليلا ليحاول السيطره على انفعاله الذي تدفعه له ثم هتف بهدوء:
- مافيش حاجه فى لبسك غلط بس فى ناس كتير هنا مش متعودين على اللبس دا
نظر حوله ليجد ما يخشاه الجميع يسلط النظر عليهم ،وبغباء شديد ناد مشغل الموسيقى المسؤال عن ادارة الحفل
فى المكبر:
-زيد باشا نورنا على الاستيج مع المدام
نظرت نحوه بدهشه لم تراه غاضبا بهذا الشكل أو وصل إلى هذا الحد من الحرج ،يبدوا ان الرجل إختلط عليه
الأمر عندما قارن الصور بوقوفه معها .
مالت "بثينه"الى ونيسه "التى قضت بداية الحفل منزعجه من الصور المنتشره بشكل كبير وهتفت بغل:
-يلا إشربى يا ونيسه البت سحرتله وطيرت عقله عينى عليكى يا نهي البنت واقفه فى نص هدومها
تحدثت "ونيسه "بخوف:
- بسم الله استر يا رب يارب احمى ابنى من شرها وسحرها اللى بيحصل دا مش طبيعي زيد ساب الحفله
وراح يقف معاها من امتى دا ؟
تحركت "صبا"خلف زيد عندما توجه نحو المنصه وهى تقاوم خروج ضحكاتها التى تتدفق بداخلها وكأنها سمعت نكته
مضحكه موقف صغير كهذا كان كالضربه القاضيه للجميع اولهم زوجة ابيها التى تنتظر الشماته بها بفارغ الصبر
وكل مايليها ، سألها زيد دون ان يلتف:
- ماشيه ورايا ليه ؟
اجابت بابتسامه بلهاء:
-مش بتاع الدجى الى طلب
هتف دون اكتراث لمشاعرها :
-هو غلط انتى كمان غلطتى ولا نسيتى انك رافضه الجواز منى
حاولت مجاورته اللحاق به وهى ترد بعناد:
- ما نسيتش بس دى حفلة عيد ميلاد مريم ومش عايزة ابوظهلها
لم يعجب بتلاعبه به لمصلحتها الشخصيه والكيد فى الجميع تأكد انها تتقرب منه من أجل أن تغضب الكل
فهتف دون اكتراث:
-على كدا استحملى بقى
ما إن استوعبت حديثه حتى رأته يمد يده لمريم لتصعد معه ويشير لنهى ايضا والتى لم تسعها الفرحه للانضمام
معهم وقفت متحيره وكبريائها يرفض ملاحقته وعينها زائغه بين الجميع الذين يحدقون اليها وكأنهم ينتظرون
سقوطها والانقضاض عليها ،نظرة واحده ساخره من زوجه ابيها كانت وقود ودافع قوى للحاق بهم على المنصه .
وقف "رشدى " بجوار اخته ونظره يأبى العدول عن "صبا" التى تشعل أفكاره، كلما رأها اراد خطفها
وألحت بشده فكرة التهامها ،مال رشدى لاخته مها يقول بحنق:
- خلاص كدا يا مها خربتيها ؟
نظرت باتجاه بإستخفاف عندما رأت عينه المتجه صوب "صبا" وهدرت هازئه :
- ولسه
كالمتها المقتضبه اثارت الفزع فى نفس "رشدى"فالتف يسأل بتعجب:
-ولسه ايه؟! قصدك ايه؟!
تجاهلته ونظرت امامها وهتفت بتلذذ:
-هتشوف كل حاجه
لم يفهمها لكنه كان متأكد انها ستنتقم انتقام لا رحمه فيه
لكنه لا يهتم المهم أن يستلم فريسته سليمه دون أى خدش ظاهري ،سالها :
- هو حسين راجع على الساعه كام؟
اجابته :
-زمانه على وصول وساعة ما يوصل بقى هيبقى ابتدى عذاب صبا بصحيح
كان لايستوعب ما تنوى لكنه مندهش من كم الغليل والحقد الذي تكنه ل صبا التى كانت تحت رعايتها من سبع سنوات
من قبل ما تتوفى والدتها من وقت ما كانت مربيتها الخاصة حتى أصبحت شابه تامة النضوج ،وجد سؤال غريب
طرأعلى ذهنه فطرحه دون مقدمات:
-مش المفروض ان حسين هيرجع متاخر عن كدا ؟رجع بدرى ازاى ؟!
ابتسمت بمكر وارتشفت من كوب العصير الطازج الذي بيدها وقالت بتفاخر :
- تفتكر مين اللى جابوا
علت صوت الموسيقى الخاصة بعيد الميلاد وانشغلت "مريم" بالرقص والقفز والفرح لكنها لازلت تخشي
الاقتراب من "صبا" الامر الذى زعج صبا وبشده ولم تملك وقتا كافيا لفهم السبب .
اجتمعت" عائلة نهي" على المنصه ليمرحوا مع "مريم" مع فقرة الساحر والبهلوان وغيرها من فقرات كثيرة لعب
الجميع وشعرت "صبا"بالمرح وكأنها بعمر مريم لم تحتفل من قبل بعيد ميلادها ولم تتشارك بحفل كهذا لطالما كنت تحتل
دور الخادمه المنبوذه على الرغم من أنها صاحبة المنزل ،اذدات ضحكاتها والساحر يضع بيدها الحمامه البيضاء وقد
اعجب بتفاعلها الطفولى معه وكرر معها اكثر من لعبه وهى اكثر من طفل تقفز وتندهش بشكل ساذج للغايه .
وصل"حسين" لتركض "مها " لاستقباله ومعها اخيها الذى صافحه بترحيب :
- ابو نسب منور البلد
صاحفه بحراره وما إن رأى والده "فايز" حتى هرول باتجاه ليسلم عليه بحفاوة
انحنى بجذعه ليقبل يده هاتفا :
- حاجنا ربنا يباركلنا فيك
ربت "فايز" على كتفه قائلا برضاء وابتسامه :
- حمد لله على السلامه
صافحته "مها"بشوق وهى تقول:
-حمد لله على سلامتك يا ابو وليد
اشار اليه "فايز"مرحبا بوجوده:
-ادخل ارتاح يا ابنى انا بلغتهم يجهزولك اوضتك
ابتسم له واستقبل ابنه "وليد " الذى ركض فى احضانه مهللا :
-بابا حبيبى
ضمه الى احضانه وسأله بحنان:
-عامل ايه يا حبيب بابا ؟
سرعان ما اكتشف غياب "صبا" والتف يسأل عنها متعجباً:
- اومال صبا فين ؟
ادعت "مها"الارتباك كى تتصنع انها تخفى عنه أو تحاول التغطية على "صبا" ،فزعق باسمها :
- مها قولى؟ ما جاتش تسلم عليا ليه؟ما تخبيش عليا
اجابته وهى تبدى اليأس:
-يووا عليك يا حسين ...هى صبا فاضيالنا واقفه فى وسط الحفله ترقص وتهيص وكل ما اشدها ترجع تانى
هعملها اي يعنى ؟هى دلوقتي بقت كبيرة وكمان زيد اللى المفروض خطيبها متصور معها الصراحه
جيت لقبت الوضع سيئ وما رضيتش أقولك .
هناك انواع من البشر مهما رأت أعينهم لايرون إلا بأذانهم .
و"حسين" كان من هذا النوع ،انطلق للداخل وهو ينوى نهر ابنته التى باتت كالجبل على كتفه لم يتحمل مسؤليتها التى تقطم الظهر دخل الى الحديقه وراها تضحك بفرح وتمرح دون أن تعى أين هى لاحظ صورها على كل جانب مع "زيد"
واشتعل غضبه نادها بصوت غليظ :
_صـــبــا
وكأن الاصوات خرست وعام الصمت لينفذ صوته الى مسامعها فتسقط من يدها كل الاوراق وهى تبحث عنه
برعب جلى لاحظه "زيد" ،نظرت باتجاه واذدرئت ريقها لتخفى خوفها من حضوره ،اشار لها بطرف بنانه وكانت
كالعروسه ذات الخيوط حركها بسهوله بطرف اصبعه لتتقدم نحوه بخطوات متعثره ،وقفت امامه تقول وهى
تحاول لقط انفاسها :
- حم...د لله ع...لي سلا..م..تك يا با..با
قالتها متقطعه ليباغتها هو بجذب راسغها زاعقا بها بحده:
-واقفه بتمايصي ولا على بالك وماشاء الله خلاص بتعاملى انك مالكيش اب .
ارتعبت من مباغته وحاولت الدفاع عن نفسها بقلق من تهوره لأى فعل قد يدعس كرامتها أسفل اقدام الجميع:
- انا واقفه مع ...ابن..عمى ولو كان شاف أى مبالغه كان حذرنى
مط شفاه معبرا عن اشمئزازه منها وهتف بحنق:
-يا سلام ... انا شايف ان فى انسجام بينك وبينه
نظر الى صورة فى احد الزوايا والتى كانت على قرب منه واستانف:
-خلاص بقى اطلعى معاه ع الاوضه
احتقن وجهها بالدماء كلماته اوجفت قلبها نادته بيأس :
-يا بابا
قاطعها محتدا :
-بابا فى عينك يا فاجره ،امشي اطلعى على فوق واقلعى الزفت اللى انتى لابسه وشيلى الهباب
اللى على وشك اللى قولتلك مليون مرة ما تحطيهوش .
لم تقف للدفاع عن نفسها هرولت سريعا للداخل وهى تحمد الله أن الامر لم يتطور الى تطاول يده عليها
امام الحاضرين رغم انه أهانها بشده لكن هذا ليس بالامر الجديد هذا ابسط ما يمكن ان تحصل عليه منه .
هرولت عبر الدرج لكنها سمعت صوت خطوات سريعا ايضا فى مقابلها رفعت وجهها لتتصادم مع عين زيد الذي ينزل عن الدرج حاملا بيده علبه كبيره استمرت بالنظر له وهو ايضا ،حديث طويل وعتاب كبير تراشقاها بالاعين لكن ألسنتهم
كانت خرساء التقي معا لكن فى مفترق طرق هو عائد للحفل وهى عائده غرفتها بلا عوده تجاوزته فأمسك بساعدها ليعيدها الى نظره من جديد ثوان قضتها بالتحديق فى عينه لتحاول فهم ما يريد لكنها فشلت فشلا ذريعا يحافظ على
اسراره بعيدا عن عينه فلا يطل سوي قرنيته شديده الظلام والقسوة سألها بنبره هادئه بعد مده من الصمت :
- طالعه ليه لسه الحفله ما خلصتش!
سؤال صعب بعدما نهرها والدها اعادتها طفله صغيره كما كانت تخشي معاملة والدها الجافه معها حتى
لا يستضعفها احد كيف تخبره أن والدها فور حضوره اصدر حكمه انها فاجره وأمره بالحبس حتى انتهاء الحفل
وأن ما سمح به "زيد " لم يرضاه هو ، تردد قليلا ثم وجدت حلا مناسبا لتهرب من الاجابه العناد
والضيق فاجابته بحنق:
- زهقت الصراحه من التمثيل فطلعه ارتاح
تعجب من ما قالته وسألها :
- تمثيل إي اللى بتكلمى عنه ؟
هتفت وهى تطوى ذراعيها امام صدرها :
-بجد مش عارف حقيقى حقيقي ابتديت تصعب عليا يا جوز الاتنين
ابتسم ساخر من فشلها الذريع فى إخفاء ما بداخلها وسألها ببرود :
-هو انتى غيرانه ؟ولا زعلانه ؟ولا ابوكى اللى طردك ؟ولا حكايتك ايه؟
غطت على اخر سؤال وصاحت به محتده:
-اغير عليك انت ولا اغير من البتاعه اللى تحت دى انت بتكلم صبا الواصل يا ابن ونيسه
يعنى الغيره اللى تغير منها مش هي اللى تغير
اوقفها بنبرة حادة خرجت من بين اسنانه المطبقه:
- الزمى حدوك بلاش كل مرة تغلطى نفس الغلط لان مرة فى دول مش هعرف امسك نفسي وهقطعلك
لسانك اللى بتكلمى بيه دا .
لم تهتم بتهديده وتجاوزته ملوحه دون اكتراث زهى تقول:
- ياشيخ روح كدا انت كمان
صعدت درجتان بالضبط بعيدا عنه ثم عادت ووكأنها نسيت شئ مهم وقفت خلفه لتصبح فى محاذاة طوله
تقريبا ومالت اليه لترد اليه الصاع صاعين قائله بنبره عنيده ومتمرده:
- معلومه صغيره كدا ع الماشي لو أنا عايزه حاجه هأخدها من عين السبع مش هقف اكتف ايدى واغير بس
انا اللى مش شايفاك زي ما انت مش شايفنى بالظبط .
التفت وغادرت قبل ان يلتف هو اليها ،رفع حاجبيه فحالتها ميؤس منها وعقلها مفصول تماما عن الخدمه كل ما تجيده
هو العناد وإغضاب من حولها ،لم يقف كثيرا فقد تأخر على تقديم هدية الحفل لابنته والتى لابد أنها بانتظاره .
،،،،،،،،،،،
دخلت "صبا"غرفتها ونزعت حجاب رأسها بتأفف لم ينقصها "زيد"بعد ما وبخها والدها لم تحتاج لتعرف ماهو
مصيرها خاصتا بعد حضور والدها" الاصعب فى الامر أن تجد أقرب شخص لك والمفترض أنه حمايتك ،هو من
يأذيك كُتب عليها الجهاد وحدها فى حياه غير منصفه بالمره ،بدأت بالتخيل ماذا عجل زواجها من "زيد " الذى يتوعد لها وحضر والدها هذه الزيجه ما المفترض أن يقدمه والداها إن رأها تُهان وتعذب وتُقهر لمجرد أنها إبنتة بشري ووالدها
يقف يشاهد كل هذا هل سيدافع عنها أم من الممكن ضربها معهم ،زفرت بقوة ودعت فى نفسها أن تجد والدها مرة واحده
فى صفها هى فى ظهرها وحماية لها لأنه إن كشف ظهرها ستضرب حتما على بطنها .
،،،،،،،،بالاسفل،،،،،،،،
توالت الهدايا على "مريم" من الجميع الهدايا كانت قيمه وكثيره لكنها وضعتها جانبا دون اهتمام إلا هديه واحده كانت
من "زيد "قدمها لها بابتسامه ولم تنتظر حتى تركها للغد قفزت وهى تقول بحمس:
-افتحها افتحها
ترقب الجميع هديتها التى تبدوا مغرية فى صندوقها المزركش
هتفت ونيسه:
- يا سيدي على هدية بابا
قالت "بثينه"متعاونه معها:
-افتحها يازيد
اقتربت "نهي"بقدر كافى من زيد لتأخذ وضعها بعد ما لاحظ الجميع غياب" صبا " وبدات تشعر بالراحة مهما
فعل زيد فلن تتركه يبتعد عنها قالت وهى تضع يدها على كتفه:
- افتحها يا زيد مش عايزنها تعيط
بقدر مناسب اتخذ مساحه مناسبه حتى لا يسمح لها بالاقتراب اكثر وهتف موافقا:
-هفتحها بس انتى الاول يا مريومه حذرى فزرى إي جوه الصندوق
وضعت "مريم"اطراف بنانها بين اسنانها الاماميه لتفكر وبدأ الجميع يحاوطها ويفكر معها ،بينما "صبا" تقف بشرفتها
تتابع الأحداث بعين متحسره وقلب متألم لحرمانها من الانضمام اليهم فى يوم كهذا ومع مريم ،لم تغفل عن محاولة
اقتراب نهى من زيد ولمست يدها الي كتفه بأريحية وبدأت تحقد فى إعطاء نهى صلاحيات اكبر من صلاحيتها
خاصتا فى التعامل مع زيد دون تعليق احد فى وقت إن فكرت حتى فى الوقوف بينه وبينا امتار تنعت بالفاجره
لكنها طبيعة بشر تقلب الحق باطل إن كرهت وتقلب الباطل حق إن أحبت الحكم دائما على أهوائهم وليس بأعينهم .
فاقت من شرودها على ضحكاتهم فى تخمينات "مريم" الغير مناسبه والمضحكه فى آن واحد
عادت تخمن ببراءه وتقول باعين متسعه:
- ديناصور
تعالت ضحكات الجميع مجددا ونهى مهم لكن كانت غايتها هى تقترب من زيد اكثر وتستند على كتفه
وهو المنشغل بمريم وهتف ردا على تخمينها الخاطئ:
- الديناصورات انقرضت يا مريم فكرى ايه ممكن يكون ناعم وبشعر قصير من الحيوانات الاليفه
_قطه
قالتها "صبا" بفرح وابتسام تمنت أن تكون بجوار "مريم" لتمليها هذا التوقع الذي لم يخيب ،وبعد فشل مريم
الذريع فى التخمين كشف "زيد"الغطاء عن الصندوق ،فقفزت "مريم"صارخه وهى تقول بفرح:
-قطه قطه ..قطه حلوه ..
قطه بيضاء ذات أعين زرقاء صغيرة الحجم جميلة المظهر
سعد "زيد " بسعادتها وايضا كلا من "بثينه وونيسه ونهى ووالدتها" اختطفتها "مريم" بين احضانها واطبقت
عليها ذراعيها متنعمه بفرائها الناعم وشكلها الجذاب
هتفت "نهى "بإعجاب :
-شكلها يجنن يا زيد ذوقك حلو اوي
حرك رأسه بايماء قصير والتف من جديد لابنته منظر لا يفوت ورؤية سعادتها من أحب الاشياء اليه ،قاالت جدتها بفرح:
- شبهك خالص يا مريومه
وسالتها "ونيسه"بسعاده:
-هاا هتسميها إي يا مريومه
لم تجد "مريم"مجهود فى العثور على الاسم كما تعثرت فى التخمين وهتفت ببراءه:
-صاصا
أحضرت العفريت من جديد فسكت الجميع عن الضحك وتلونت وجوهم ،ببراءه شديدة أثبت "مريم"حضور "صبا"القوي
رغم ابتعادها ،المراة التى يكرها الجميع المرأة التى حكم عليها بالظن الخاطئ المرأة البعيده والقريبه الظالمه والمظلومه
المرأه الخطيره.....