قصة عشقت امرأة خطرة البارت السادس والاربعون 46 بقلم ياسمينا احمد

     

قصة عشقت امرأة خطرة

البارت السادس والاربعون 46  

بقلم ياسمينا احمد


"فى المستشفى"

ساءت حالة "بثينه" فى ليلة وضحاها واستمر عذابها 

وقف فايز مكتوف الايدي ليس بيده سوي الدعاء دخلت فى غيبوبه تامه تصارع بين الحياة والموت وجدسها بات 

كالخرقه البالية موصول بالأجهزة تان وتصرخ عندما تفيق 

حتى يطر الأطباء لأعطائها مسكن لكن الحالة كانت أصعب من التفسير أو العلاج فإن الله غفورا رحيم وعذابه  هو العذاب الشديد .


امسك هاتفه ليتصل من جديد ب"زيد "لكن تراجع يشعر بالحرج وهو يطلب العفو لإبنته لا يريد ارغامه ولا يريد عذاب إبنته بقي فى حيرة حتى ترك رساله صوتيه له 

تمتلي بالحزن والالم :

-"وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ"صدق الله العظيم 

اغلق هاتفه وترك بجواره منتظرا منه اى أجابه سيجن إن لم ترحم إبنته فقلب الأب مهما كان حجرا لا يقسي على أولاده.

"جميع الحقوق محفوظه لدى الكاتبه سنيوريتا ياسمينا أحمد "


"زيد"

وقف أمام ميرا فبادرت هى بالحديث بعصبية:

- واضح انك مش عامل اعتبر لوجودي


اجاب وهو يحرك رأسه:

-دا مش واضح دا اكيد طول ما مراتى موجوده فالاعتبار الأول لها وبس والباقي هامش 


اشارت الى نفسها وهتفت بضيق:

- انا هامش يازيد ،خلاص نسيت اللى بينا ..

ضم حاجبيه وسألها مستنكرا :

-وإحنا كان ايه اللى بينا ؟مجرد زمايل فى الكليه وكل سنين الزمالة ما تسمحلكيش تحطى ايدك على كتفي 


عقدت  يدها على صدرها وهتفت متذمره:

-مع انك سمحت بدا زمان 


هتف دون مبلاه وهو بضع يده فى جيبه:

-اديكى قولتيه بلسانك زمان ،زمان ما كنتش متجوز وما عنديش حد اخاف على مشاعره ومدام زوجتى فى نفس المكان اللى حضرتك فيه يبقى مشاعرها هى الأهم وياريت تمشي عشان هى مضايقه من وجودك .


ذهلت من طرده لها صرحتا وظلت تحدق له بدهشه حتى استوعبت اشارت حاجبيه لها بالخروج فقالت بغضب:

-انا اللى غلطانه انى جيت عشانك يازيد للاسف كان عندى امل إنك تقدر مجيتى .


لم يضيف "زيد" سوي كلمه وحده  قالها بهدوء لكن بنظره حاده:

-شرفتى .

رحلت ميرا وعين صبا لم تتحرك عنهم ظهر شبح ابتسامتها برضاء عندما رأتها ترحل وهى تدق الارض بقدمها وكأنها تستدعيها لتنشق وتبتلعها ،نظر اليها نظرة رضاء وبادلته نفس النظره حركت رأسها بالقبول وابتسم لها بيأس 

ستظل ملكه حتى وهى غاضبه .


اوشك الاحتفال على الانتهاء ونهضت صبا بعدما ارتاحت قدمها قليلا من الحذاء وعادت تقف لتودع رفقائها وتعدهم بمقابلة أخري إن قدر لها واتت الى المعرض وبدأ المكان يخلو من الزوار وسط كل هذا  دخل "عماد" يرتدي بدلة بنيه ويتحرك بخفه بين المغادرين كان عامدا "زيد"الذي يقف امام "صبا" لم يجد انسب من هذا الوقت وقف فى مقابلة مباشره وجذب انتباهه الكلى عندما ناده بصوت أجش:

-زيد 

انتبه كلا من بلال ويحيي لحضور والدهم ووقف الى جواره يرحبان به لكنه كان عامد النظر  على زيد واهتمامه الاكبر به " العين الحاقده تسبق العين المحبه فى التركيز "


قال بجمود لاولاده :

-روحو هاتولى اكل وعصير يلا 

نظر كلا من بلال ويحي لبعض فى دهشه ثم استجابوا عندما شعروا بجديه والده وبهيئته التى توحى عليه التعب والارهاق. 


تمسكت صبا بزيد وابت تركه فى هذه المواجهه لوحده بينما تحدث هو الى "زيد"قائلا:

-طالبت مساعدتك ورفض ،رفضت ليه؟!

اجاب زيد دون اكتراث:

-انت اللى ماساعدتش نفسك دي غلطتك


لديه كبرياء كبير لينكر خطأه وبإستماته لذا قال وهو يشير اليه :

- غلطتى انى خليتك عايش لحد دلوقتي غلطتى إني ما اتاكدتش من موتك قبل ما امشى من المزرعه .

اوجع "زيد" غليله تجاه وعادت تلك الذكري المؤلمه تمر امام عينه  حتى غيرت تعابيره للإستياء 

استرسل عماد وهو يخرج يده الأخري من جيبه مشهرا فى وجهه سكينا لامعا :

- بس المرة دي هصلح الغلطه هتأكد إنك ميت لا محالة حتى لو عشت فهتعيش ميت .

شهقت "صبا"بفزع من تهديده ونظرت حولها لتجد ان المكان فرغ تماما من الناس وانها وحيده هى وزيد فى مواجهة عماد.

من جانب "زيد" لم يهتز له شعره الالم النفسي الذي سببه له عماد خدر حواسه وأفقده الثقة بكل من حوله ، فتح ذراعيه  على مصراعيه وقال بحزن عميق :

- ومين قالك انى مش عايش ميت انت قتلت فيا الثقه زمان وقتلت الامان واللى قدام دا جسم بس والباقى روح 

مش جوه الجسم دا 

ابتسم "عماد" ابتسامه صفراء ثم هجم على عكس توقعاته 

على صبا وهو يقول:

- وانا عارف مكان روحك وهاخدها 

كان" زيد "يقظا لكن الرعب الذي سيطر عليه وخداع "عماد" له أخره ثوان حتى رفع السكين بيده لأعلى أمام "صبا" والتى صرخت عاليا هنا صاح زيد دون وعي :

-إلا صـــبا

 تدخل فورا ولكن تعابير وجهه تمتلي بالرعب ترجعت خطوة للخلف تلك الخطوة اتخذها مكانها "زيد" ليتلقى بدلا منها طعنه نافذه فى الصدر .


سرعان ما انتشرت الدماء على قميصة الابيض وتفأجي عماد بالسكين عالقا بصدره ،دوت صرخات "صبا" وهى تمسك به  كادت تجن من ما رأت وعلى إثر صوتها هرول يحيى وبلال اللذان بهتوا من الصدمه وامسكوا بوالدهم يصرخون فى جنون :

-عملت ايه يا بابا حرام عليك 

-‏زيـــــــــد 

اجتمع الناس على هذا الهرج والصراخ ليتفأجئه بصاحب المعرض الجديد يفترش الارض و غارقا فى دمائه .


صاح "عماد "واولاده يحاولون منعه من الاقتراب منه من جديد:

- كنت قاصدها هي كنت قاصد ارجعك ميت زى ما كنت بعد ما ماتت غاليه بس دى ما كنتش هتقوملك منها قومه 


استمرت" صبا" بالانهيار فى البكاء وجلست ارضا لتضع رأسه على قدمها وتهيب بالحضور بصوت منحور :

-حد يجيب إسعاف

امسكت برأسه وتحسست وجهه ويدها مطلطخه  بدمائه 

تناديه بفزع وتحاول لملمت اعصابها التى فرطت كالعقد 

الذي تشتت حباته :

-زيد خليك معايا زيد ما تسبنيش 

لازال السكين عالقا بصدره والدماء تسيل بغزاره حتى غطت الأرض وطالت فستانها الذهبي عادت ترجوه وكأن روحه فى يده:

-اوعي تسيبنى  انا حياتى ما تنفعش تتعاش من غيرك 

يااااب يااااارب يااااااااارب خد من عمرى واديه بس ما تخدهوش منى .


رفع يده ليمسك بيدها وكأنه غير راضي عن دعائها هتف بصوت ضعيف وهزيل :

- انا ..ربنا ...عيشنى ...يومين معاكى يتحسبوا عمر ....

لو كنت هموت دلوقتي وانا شايفك يبقى الف حمد وشكر ليه....


صاحت به بجنون وهى تصرخ:

-مااا تقولش كدا ...ما تقولش كدااا... لي وقفت فى وشه ليه اخدت الضربه مكانى ...ليه عايز تعذبنى ...


إذدرء ريقه وتحدث بنبرة بطيئه منهكه توشك على الانقطاع:

- وعدتك..... إني...هدافع...عنك ..لاخر يوم فى عمرى ..وعدك ان روحي فداء روحك...وهو عارف فين روحي..صدقينى ..الموت أهون عليا...من إني ..اعيش من غيرك.


انهي كلامه مضيفا بصعوبه:

-الحمد لله،واشهد أن لا إله إلا الله وحده وأن محمد رسول الله.

أغمض عينه نهائياً ودوت صرختها ارجاء المكان.


فى المستشفى


كانت ونيسة جالسه بجوار "فايز" الذي لم يجف فاه عن الذكر والدعاء الجلوس فى طرقة المشفى لن يغير شئ 

هى تتعذب وحدها وتدفع ثمن أخطائها لكن فايز أب 

لايفقد الامل فى تغير الحال لآخر .


أما ونيسه فكانت بالنسبة لها زيارة عابره كى لا تقضي وقتا طويلا وحدها بالمنزل،على فجاه امسكت بصدرها 

عندما روضتها غصة قويه فى قلبها من قسوتها جعلتها تتأوه ،لفتت نظر فايز الذي هتف وهو ينظر اليها:

-سترك يارب مالك يا ونيسه؟


اجابة وهى تضغط على قلبها بقوة :

-مش عارفه زى سكينه اتغرست فى قلبى 


تشنجت تعابيره واقترح قائلا :

-أندهلك دكتور


زفرت بصعوبه وهى تردد :

- مش عارفه انا قلقانه على ولادى 


أرجع رأسه للخلف بتعب وتمنى بصوت عال:

- يااا نفسي أجمعهم كلهم وأشوفهم حواليا حتى لو آخر يوم فى عمري نفسي أطمن على ولادى واحفادي وهما كويسين بس فى الاخر بقيت ببعد دا وبنفي دا وبدخل رياض السجن وبحارب ناس من دمي وناس من أهلي واقرب حد ليا .


رغم الم قلبها الذي لم يزول وتضاعف شعورها بالخطر تجاه شي غامض ،فهى تشعر بكل ما يقول انه النعيم لكل أب وأم هو روية أبنائهم حوله بخير دون حقد أو كره أو غياب أحدهم أيدته لأنها أثمن ما تملك أولادها وتحدثت له بشرود :

- حاسه بيك يا حاج، زمان لما حكمت أتجوز "عماد" رضيت عشان "زيد"يفضل فى حضنى كنت مستعده 

اموت عشان زيد يعيش كنت خايفه عليه ولحد اليوم خايفه عليه "زيد" الشوكه اللى كانت فى ضهري اللى كل ما عماد يعوز يكسرني يضغط عليها ،مش بس عشان ابني البكري  عشان كمان  إبن نادر مش  بفرق بين ولادى  بس فى فرق بين إبن الحب وإبن الغصبان التلاته حته منى الضنا طول عمره غالي .


تنهد "فايز" بتعب ذكريات الماضي تعود والم فراق" نادر" ينيش فى صدره وكأن الم تعب "بثينه" لم يكفى ،قال بنبرة متعبه :

-  صدق من قال يخلق من ظهر العالم فاسد ،رغم كل اللى اديتوا ل عماد ما اتغيرش طول عمره بيغير من نادر وبيلوم عليه فكل اللي بياخده ، إديتوا كل اللى خده نادر المال والجاه والسلطه وحتى مراته وبرضوا ما اتغيرش 

  الآسي فى نفسه مش فى أي حاجه تانيه وطول السنين دى عايش على أمل يتغير بوظ كل حاجه حوليه وما اتغيرش .


مرت مأساتها معه  كلها نصب عينها وحركت رأسها بالم غير مصدقة أنها تحملت كل هذا وانتهي الكابوس وراحت تهتف بتمنى :

-  انا مش عايزه حاجه من الدنيا غير أطمن على ولادى وألمهم حوليا وعماد يبعد عننا 


زفر فايز وهو يجيب بأسف:

- هيبعد خالص يا ونيسه انا صلحت كل أخطاء الماضي واللى مش هيتعدل يتبدل والدنيا مش بتقف على عيل فاسد احنا ما جيناش الدنيا عشان نستحمل كل وحش احنا اتخالقنا عشان نعبد الخالق ويارب يحسن ختامنا ونروح من الدنيا مش واخدين حاجه من حد ولا ظالمين حد .


صدح صوت هاتفه فدس يده فى جيبه ليرأى من المتضل 

ومن بعدها قرا الاسم بصوت واضح :

-دا بلال 


تحفزت ونيسه لسماع أي شئ يطمئنها على أولادها الغائبين، فتح الخط بينه وبينه وانصت الي صوته 

المهتز ونبرته السريعه والمفزعه وكأنما شخص يركض خلفه كان خطأه أنه ترك السماعه الخارجية:

- مصيبه يا جدو بابا ضرب زيد بالسكينة ...


هب" فايز "واقفا وصرخت "ونيسه" بجنون وبصوت هز أرجاء المشفى :


- زيـــــــــــــد،إبــــنــــي


فى غرفة نهى 


راحت تقف أمام مراتها التى دائما كانت تقف امامها لترأي كم خط تعبيرى طفي  على وجهها وهل من شعره بيضاء زادت فى شعرها وقفت تتأمل كيف سحبت منها الحياه حياه وتركتها بين الموت والظلمات وتذكرها أنها ستظل وحيده دون رجل ودون طفل ودون سند .

لكن تلك المرة لم تقوى على النظر بها فهى تعرف اين وصلت حالتها فماعاد يهم مظهرها فقد ثارت لكرمتها برفض "عامر" وما عادت تعلق حياتها برجل لكن الحزن العميق والانهيار الذي تعيشه الآن بسبب صحوتها المتأخره 

أن الحياة ليست رجل وانها بإستطاعتها أن تكون هى كل شئ دون أن يضيف لها الزواج شئ فكم من متزوجه تشعر بالوحده وكم متزوجه بات هى الرجل بسبب زوج لا يعرف مسؤلياته ولا يؤدي مهامه وكم من رجل وجوده كعدمه وغيره من النماذج التى لا تبنى علاقه سويه لفردين لكنها  تكف  ألسنة الناس عنك فقط  و تجعلك تعيشي الحياة كالموت من أجل الظل أسفل إسم رجل بينما هو الظل الحقيقي الذي لا ظل له .


قذفت بأقسي قوتها المزهريه بالمرآه لتهشمها تماما وعلي إثر ذلك تناثرت بقاياها فى كل مكان محدثة دويا عالياجذب اخيها مهرولا نحو غرفتها .

حطمتها كما حطمتها وهى تنظر لها كل هذه السنوات حطمتهاحتى لاتذكرها بكبر سنها وبموعد القطار الذي فاتها حطمتها لتثبت لنفسها أنها لا تنظر رجلا ولن تعيش لإنتظاره ولتؤكد أن كل قطار فاتها

ليس لها وان سكة القطار ليست لقطار واحد وأن كل قطار يمضي سيعود مرة أخري فكل قطار له طريق للعوده .


اسرع اخيها بضمها وقبلا رأسها وهدئها قائلا:

- نهي انا جانبك انا معاكى 


ظلت تبكي حسرة على ما فاتها  فى انتظار أوهام  وراح "ياسر"يهدئها ويمنيها :

- يا عبيطه  انتى فاكره نفسك عنستى انتى ما حدش يستحقك جوهره غاليه ماحدش قادر يدفع تمنها ولا نكون مجنون عشان نرميكى لأي حد اوعي تفكري إنك قليله عشان من غير جواز إنتى غاليه على الجواز وغاليه على أي راجل وغاليه عندي اغلي من روحى عندي اغلى من انى أديكى لراجل  مايدكيش حقك .


حديثه هدئها وجعل بكائها يخف شيئا فشيئا اثلج صدرها بتمسكه بها ودعمها فهذا الوقت الصعب ،كففت دموعها ونظرت اليه لتقول بهمه :

-عايزه أشتغل يا ياسر عايزه اعمل أى حاجه غير قاعده البيت .

نظر لها بعمق وهو يحاوطها بذراعيه لم يري شيئا مستحيلا لها فهى أخته لحمه ودمه قال مستجيبا :

- هعملك كل اللى انتى عايزاه.


"فى المستشفى "


حالة زيد خطرة ودخل من ساعات الى غرفة العمليات الجراحية اما صبا فحالتها كانت انهيار عصبى رحمها الله من التوتر فى انتظاره بكل هذا القلق بحقنه مهدئه جعلتها تلزم سرير المستشفى فرقتهم الآسره وباعدت بينهم الأقدار لكن القلوب متصله على أي حال .

من جانب" زيد" إكتفى من الحياة مرتين يدخل هذه الغرفة بسبب أحد أقاربه من الدرجة الأولى الجروح كلها قابلة للإلتئام إلا جروح العائلة لا تلتئم المجروح من عائلته لا يشفي أبداً .

انت لا تعرف معنى أن لا تتقبلك اسرتك ويدفعهم عدم تقبلهم لك لإنهاء حياتك  اما "زيد" فمر به كثيراً طيلة حياته لم يشعر أنه مرغوب به وأن هناك من مستعد ليفديه بروحه سوي من قبل صبا ،اصلا صبا سبب مقاومته للبقاء حياً لديه الكثير ليفعله لها ويعوضها هى الأخري عن كل ظلم وقع عليها .


حار الأطباء فى جرحه وكذلك الندوب القديمه التى لازال أثرها على سطح بطنه تحكى مأسات رجل ينجو من الموت من أجل مـوت آخـر .


أما "صبا "فكانت تهذي بإسمه فما عرفت طعما للحب ولا للحياه سوي عندما عرفته لقد غير نظرتها فكل الرجال 

وكان هو سيدهم ذاقت على يده حنان الأبوه الذي حرمت منه لسنوات وكان خير زوج وسند .

لقد فادها ليزيد  عذبها عذابين عذاب انه عاملها طيلة حياته بالحسنى وبالنهاية دفع حياته ثمناً لتعيش هي .


فتحت عينها لتفيق ويدا ممسكه بيدها تمنت أن يكون زيد 

فسرعان ما التفت كالمجنونه لترأى يد والدها ممسكه بيدها ،همت بالنهوض وهى تسال كالصريع :

-زيد زيد فين يا بابا ؟

وجهه كان يكسوه الحزن ويده كانت متشبسه بها بقوة ينظر اليها بأسف،فانهرت بالبكاء وهى تكرر بفزع:

- زيد كويس مش كدا قولى بالله عليك 

نهض ليضمها اليه ويطمينها قائلا:

-هشش ما تقليش زيد كويس 

همت بالنزول وهى تهتف دون تصديق:

- أشوفه ودينى عنده 


منعها من هذا وهو يوضح :

- هو خرج من العمليات وتحت الملاحظه 


جال بصرها فى وجهه حتى تستطيع تصديقه وسألته بتلهف:

-يعنى هو كويس؟

وضع كفيه على وجنتيها وأجابها :

- إدعيلوا،لو عدا عليه ٤٨ ساعه هيبقى كويس 

ارتجف جسدها بالكامل وعينها تفيض بالدموع ،فأردف ليطمئنها كي لا يخسرها:

- ‏إهدي، زيد عشان يبقى كويس لازم انتى تبقى كويسه 

تمالكى نفسك انتى قويه وقدها  .


تحدثت بصوت مرتجف وخائف:

-أنا قويه بيه ،انا ما عرفتش ابقى قويه غير وهو جانبى 


ضمها الى صدره وبكي عليها ،سنوات وهو تارك ابنته بلا سند حتى بقى زوجها هو مصدر الحياه بالنسبالها شعر بظلمه لها وضاق صدره من ما تمر به.


 تحدث لعل هذا يجدى نفعا مع أن الدواء لا يؤثر فى شئ بعد الشفاء:

-انا جانبك انا هساعدك ،المهم ما ضعيش منى تانى .


بالخارج


حالة "ونيسه" كانت الاسوء تبكى بإنهيار فور وصولها للمشفى لم تراه بعينها لكن قلبها يتمزق لحالته التى بين الحياة والموت.

اما فايز فقد تغير ذكره من مشفى لمشفي  لآخر يركض خلف عائلته التى تنحر قلبه بلا رحمه ولا مراعاة لكبر سنه ولا تأخذها شفقة بشيبته يردد فى نفسة بألم كبير وحزن عميق:

-هونت عليك يا عماد هونت عليك تكرر وجع قلبى مش كفايه نادر مش كفايه غدر فى ابوك ،قلبى عليك انفطر و انت قلبك عليا حجر .

الأمر كان صعبا عليه لكنه قرر أن لا يخرجه من هذه الورطه ابدا كسابقها سيتركه للقانون ليقتص منه القديم والجديد ولن يسمح له بأذية أى فرد من عائلته وعند هذا وكفي فسيدعس قلبه اسفل قدمه إن كان يستغله .


وقف بلال ويحيي امام جدهم ينظران لبعض بحيره من القادم وشرود جدهم وحالة امهم لا تبشر بخير ينتظرون أي شيء يطمئنهم علي زيد لكن لا يوجد سوى الانتظار .


اتى احد أفراد الشرطة يطلب بلال للشهادة فى القسم الذي قدم فيه البلاغ الذي قدمه أحد الشهود على الحادث بعد ان أمسكوا  بعماد وسلموه للشرطه .

لكن فايز منعهم قائلا:

-خليك يا بلال انا اللى هروح 

توجه فايز معهم دون تردد سيدخله الى السجن ويسلمه بيده الى حبل المشنقه كى يرتاح ضميره الذي عذبه طيلة السنوات الماضية لتغطيته على جرائمه على امل إصلاحه

ولكن لا فائدة بعدما نمت الشجره على اعوجاج مستحيل أن تستقيم بعدما تكبر .


"فى القسم "

جلس بمقابل الظابط ليدلى بأقوله ويؤكد اتهام والده بمحاولة اغتيال" زيد" عامدا لكنه طلب طلب غريب وهو ينظر له بدقه :

-انا بس عايز اشوفه

ظل ينظر اليه الظابط فى صمت حتى هتف" فايز" بصراحه:

- عايز اضربه عايز اشفي غليل السنين اللى فاتت ارجوك حقق امنيه راجل عجوز عاش عمرة يربى فى عيل وكبروا وهو ما قدرش دا ولا حتى اتربي نفسي أضربه عشان أحس إني عملت حاجه صح .


رفق  الظابط بحالته وأشار الى الشاويش ليأتى به ثم غادر المكتب وتركه له .

دخل اليه "عماد" وعلامات زرقاء حول عينه من كثرة الضرب الذي تعرض له من قبل الأهالى وبرغم من هذا  لم يشفق عليه "فايز " ولم يشعر بالتأثر تجاه كالسابق فجأة دقت اجراس الجنازة  لمشاعره وما عاد يشعر بشئ سوى الاشمئزاز والقرف 

من جانب "عماد " أسرع ليركض نحوه وكأنه طوق النجاة ارتمي أسفل قدمه وهو يقول ببكاء:

-ابويا انقذنى يا ابويا حن على ابنك ابنك حبيبك اللى شايل اسمك 

إشمئز "فايز"من توسله وهتف زاعقا:

- ياريتك اتشليت قبل ما تشيل اسمي انت وسخت اسمى ماشيلتوش الابن اللى يشيل اسم ابوه بيشيله على رأسه مش يمرمغه فى التراب .


لم يتفاجأء "عماد" من ردة فعله لكنه لأجل حريته سيتقبل أي شئ حاول الإمساك بيده ليقبلها وهو يقول:

- حقك عليا ياحاج أوعدك هبقى تحت طوعك.


دفعه بقسوة بعصاه الخشبيه فى صدرة دفعه جعلته يرتمي أرضا ولم يشفق عليه  وأردف "فايز"بغضب شديد:

- انت عمرك ما عملت حسابى فى حاجه حتى وانت بتقتل ابنى وبتقتل حفيدة لو مرة واحده حطتنى قدامك كنت رجعت لعقلك وقولت ابويا مايستاهلش منى كدا لكن انت قطعت قلب ابوك ودوست عليه وانت عمال تخلص على عيلته واحد وراء التانى .


نهض" عماد" وحاول التقرب منه مسرعا بالتوبه:

- اعمل فيا اللى انت عايزه بس طلعنى من هنا .


نظر اليه مشمئزا وتسأل:

-وإيه هيصلحك غير هنا ،صدقنى لو وصلت لإعدام مش هطلعك كفايه إكفى الناس شرك 


اشهر إصبعه بوجهه واردف محذرا:

-‏ وإوعي تلوم حد غير نفسك ،دا كان اختيارك  ياما حاولت اصلحك لكن انت عايز تبقى أعوج .


انهال عليه بعصاه فى غضب أب كتمه لسنين غضب كان لابد أن ينفجر ليثلج صدره المحروق من نار تصرفاته،ويثور علي طغيانه حتى تخمد نيرانه.....


         البارت السابع والاربعون من هنا 

لقراءة جميع حلقات القصه من هنا

تعليقات