قصة مزيج العشق البارت الثاني والعشرون 22 والثالث والعشرون 23 والرابع والعشرون 24 بقلم نورهان محسن


قصة مزيج العشق

البارت الثاني والعشرون 22 والثالث والعشرون 23 والرابع والعشرون 24 

بقلم نورهان محسن


البارت الثاني والعشرون

هناك دائما طرف ثالث في العلاقات

ينتظر الانفصال بفارغ الصبر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أرادت عبور الشارع ، لكن الدموع التي ملأت عينيها جعلت نظرها مشوش ، ولم تلاحظ السيارة التي ظهرت أمامها فجأة.

نظرت إليها و هي تشهق في ذعر وأغمضت عينيها ، تستعد لإرتطامها بها.

قبل ذلك بساعتين

في مكتب مراد

بعد أن أغلق الهاتف مع ياسمين ، ظل يفكر في طريقة سريعة يمكنه من خلالها مقابلتها.

بعد عدة لحظات ، سمع رنين هاتفه مرة أخرى ، وكان المتصل أيضًا ياسمين

اجاب مراد بضجر : ايوه يا ياسمين في ايه؟

ياسمين : ..........

استمع مراد الي ماتقوله بإنتباه ثم هتف بتساؤل و هو يجعد بين حاجبيه : متأكدة من ان اللي عملتيه دا هيعمل مشكلة بينهم؟

ياسمين : ...........

حك ذقنه بتفكير : تمام اقفلي دلوقتي و تابعي اللي بيحصل و بلغيني

اغلق معها و قد خطرت له فكرة متهورة ، و سرعان ما التقط هاتفه مرة أخرى متصلاً برقم الحارس الذي يراقب كارمن باستمرار

مراد بتساؤل : ايوه يا حمدي انت فين

اجاب حمدي مسرعاً : قدام شركة البارون يا باشا مدام كارمن موجودة جوا

تحدث مراد بعد ان تنفس بعمق : تمام اسمع اللي هقوله و نفذه بالحرف ...

حمدي بإذعان لكلام سيده : اوامرك يا باشا

مراد بتحذير شرس : اوعي يحصل غلطة و لو صغيرة يا حمدي .. عيلتك هتكون ثمنها فاهم

هتف حمدي برضوخ لأنه يخافه بشدة ويعرف أنه يمكن أن يؤذيه بسهولة : مفهوم كل اللي طلبته هيتنفذ يا باشا

أغلق مراد الهاتف ونهض يضع في جيبه الخلفي ثم إلتقط سترته من خلف مقعده ، و توجه إلى باب المكتب و خرج من الشركة ، وهرع إلى سيارته يقودها متوجها إلى شركة البارون.

★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••

عند مراد بعد فترة وجيزة

وصل إلى الشارع الذي تتواجد فيه الشركة ، وظل جالسًا في سيارته يتابع مدخل الشركة بتركيز.

بعد دقائق قليلة سمع رنين هاتفه فأجاب على الفور.

مراد : ايوه يا ياسمين .. حصلت حاجة عندك ؟

ياسمين بثرثرة : مدام كارمن خرجت من المكتب معها شطنتها و شكلهم فعلا اتخانقوا و هي خارجة من الشركة دلوقتي يا باشا

مراد بسأم : خلاص سلام

انهي مكالمته معها ثم اتصل بحمدي ...

مراد بسرعه : حمدي ركز كويس كارمن هتخرج دلوقتي تنفذ اللي قولتو .. و اياك يحصلها حاجة

أومأ حمدي بطاعة كأنه يقف امامه : تحت امرك يا باشا

أغلق الهاتف ونزل من سيارته ، و وقف علي الرصيف وظهره للشركة حتى لا يلاحظه أحد.

في هذا الوقت ، خرجت كارمن من الشركة على عجل و أرادت عبور الشارع ، لكن الدموع التي ملأت عينيها جعلت نظرها مشوش ، ولم تلاحظ السيارة التي ظهرت أمامها فجأة.

نظرت إليها في ذعر و الدماء تهرب من جسدها ، و تتصلب قدميها في الأرض.

تشعر انها لا تستطيع التحرك فأغمضت عينيها بقوة ، وهي تستعد لإرتطامها بها.

شعرت فجأة بيد تمتد من خلفها تشد ذراعيها ، لتسحبها إلى الخلف بسرعة وبقوة ، وتصطدم في صدره القاسي.

مرت بضعة لحظات مبهمة قبل ان تدرك أنها بين ذراعي شخص ما.

فتحت عينيها و هي ترفع وجهها إلى ذلك الشخص الطويل الذي تراه لأول مرة.

★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••

في مكتب ادهم

بعد أن ركضت للخارج من أمامه بغضب ، استمر هو في توبيخ نفسه لقسوته تجاهها.

نفخ بسخط من نفسه وتوجه إلى مكتبه ، ثم قام بتشغيل جهاز الحاسوب ليرى ما حدث في مكتب السكرتيرة أثناء الاجتماع.

لكن شيئًا ما في الكاميرات لفت انتباهه ، اتسعت عيناه في صدمة شديدة و خوف حقيقي لأول مرة يشعر به ، وركض من المكتب والشركة بأكملها في هلع.

★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••

عند كارمن

رمشت بعينيها عدة مرات ، لتستعيد تركيزها وأدركت أنها في أحضان شخص غريب ، فصبغت خديها بحمرة الخجل ، وخرجت من حضنه ثم تنحنحت بحرج و هي تمسح دموعها ، وقلبها يكاد ان يتوقف من شدة دقاته بعد أن أحست بالموت الذي كان قريبًا جدًا منها.

تمتمت كارمن بصوت خافت و نظرتها موجهة للأرض : احم انا ....

قاطع أدهم بصياحه كلماتها : كارمن...

استدارت ورأت أدهم يندفع نحوها بخطوات واسعه اقرب الي الركض ، وعندما وصل إلى مكانها بتلقائية شدها بين ذراعيه وعانقها بقوة وخوف شديد ، وكاد قلبه أن يتوقف عن النبض من الهلع عليها ، وفي نفسه يحمد الله على انها لم تصاب بمكروه.

أما بالنسبة لها ، فقد كانت متفاجئة للغاية من تصرفه ، لكنها شعرت بدفء يسري في جسدها ، وهي تجرب عناقه لأول مرة.

تمسكت كارمن به بقوة وأغمضت عينيها ، وهي تسمع نبضات قلبه السريعه بداخل ضلوعه ، ثم اخذت تتنفس بهدوء هي بحاجة إليه الآن ، ولا تستطيع وصف الاحساس بالأمان الذي شعرت به داخل ذراعيه في هذه اللحظة ، رغم أنها كادت أن تفقد حياتها ، و هو السبب.

أخذ نفساً عميقاً قبل ان يخرجها من حضنه ممسكًا وجهها بيديه ، راغبًا في طمأنينة قلبه عليها.

تكلم بسرعه و هو يتفحصها جيداً بعينيه : انتي كويسة .. حصلك حاجة .. في حاجة بتوجعك .. اخدك علي المستشفي

اجابت بهمس مؤكدة : مافيش داعي .. متقلقش انا محصليش حاجة واقفة قدامك اهو

ثم نظرت إلى الشخص الذي يقف أمامهم ، والذي كاد ان يخرج الدخان من أذنيه من الشدة الغضب ، فكل ما خطط إليه و فعله راح هباءاً.

كارمن بإبتسامة مرتجفة و نبرة امتنان : انا متشكرة لحضرتك جدا علي اللي عملته .. لولالك انا كان زماني موت

كان مراد مسحورا تمامًا بابتسامتها البريئة وبأسلوبها الرقيق للغاية ، حيث شعر لأول مرة بضربات قلبه تنبض في صدره بتلك القوة منذ وقت طويل قبل وفاة أعز الناس إليه.

توجهت نظرات أدهم الثاقبة إلى الشخص الواقف أمامهم ، والذي لم ينتبه إلى وجوده بسبب شدة توتره.

شعر أدهم بالغيرة الجارفه تتوقد في قلبه بقوة من ابتسامة كارمن ، وكلماتها المعبرة عن شكرها لذلك الوسيم ، وما زاد جنون غضبه اكثر رده علي كلماتها ، ونظرات الإعجاب اللامعه في عينيه بوضوح اليها ،

و بحركة تلقائية منه وضع ذراعه علي كتفيها من الجنب ، و احتضنها إليه بتملك ، فما هي الغيرة إلا مجموعة من التصرفات الغريبة والأحاسيس المشتعله التي تظهر على الإنسان من دون أن يتحكم بها.

في نفس التوقيت حاول مراد أن ينفض ذكرياته المؤلمة من عقله ، وهو يجمع تركيزه الكامل عندما رأي حركة ادهم و قد فهمها جيدا ، فأراد حرق دم أدهم بعد أن شهد احتضانه القوي لكارمن أمام عينيه ، ممَ جعله يشعر بالغيرة القاتلة منه عليها.

انفرجت شفتي مراد بإبتسامة جذابة جدا قائلا بصدق يشوبه المكر : بعد الشر عنك .. مافيش داعي للشكر و حمدلله علي سلامتك يا انسة

تحدث ادهم بنبرة باردة كالصقيع و هو يشدد علي كلماته : لا اكيد الشكر واجب .. متشكر جدا علي انقاذك حياة مراتي يا استاذ

نظر مراد اليه بحاجب مرفوع يتصنع الدهشة قائلا بمكر : مراتك .. تمام معلش بعتذر ماخدتش بالي لإني ماشوفتش دبلة في ايد المدام

نظرت كارمن لإصبعها في حرج من تلك المحادثة التي كانت تدور امامها ، وأرادت أن تخفف من غضب أدهم الذي أصبح واضحًا عليه من تعقيد حاجبيه.

همست كارمن بكذب و هي تبتسم بتوتر : ايوه فعلا اصلي انا نسيت الدبلة في البيت .. متشكرة لحضرتك مرة تانية

تجاهل أدهم هذا الحديث من ذلك الدخيل أمامه ، فوجه حديثه لكارمن قائلا بجدية : ماشوفتيش العربية اللي كانت هتخبطك ؟

هزت رأسها بمعني لا

تدخل مراد في الحديث بثقة : معتقدش ان الغلطة من صاحب العربية لان المدام كانت بتعدي الشارع و هي بتعيط اكيد ماوقفش عشان مايحطش نفسه في مشكلة

ثم واصل حديثه قائلا : المهم انها بخير و اني لحقتها في الوقت المناسب ..

ثم اردف بثقة عالية في النفس و هو يمد يده إلى ادهم : انا مراد عزمي اتشرفت بيك

مد ادهم يده اليه قائلا بفتور : ادهم البارون .. الشرف ليا

ابتسم مراد لكارمن بجاذبية : ميرسي عن اذنكم عندي شغل

ثم ابتسم لأدهم ابتسامة صفراء ، و غادر بهدوء بعد أن أحدث عاصفة عنيفة داخل قلب أدهم.

ادهم بهدوء مفتعل : يلا بينا

نظرت اليه كارمن بدهشة : هنروح فين؟

تحدث أدهم وهو يرفع أطراف أصابعه بلطف ، ويزيح خصلة من شعرها سقطت على عينيها : هنروح البيت عشان تستريحي بعد اللي حصل

أثارها لمسه اللطيف على وجهها و نبرته الحنونه ، وكان قلبها لا يزال ينبض بعد عناقه الدافئ لها

كارمن بخجل : طيب و شغلك ؟

ابتسم ادهم قائلا بحنو : مش ورايا حاجة مهمه .. انتي متأكدة انك مش حاسة بوجع ممكن نروح المستشفي نطمن

كانت سعيدة بداخلها لأنه يخاف عليها ، لكنها لم تنس ما فعله بها منذ قليل ، فأجابت بهدوء و هي تبتعد عن ذراعه : انا تمام يلا نروح

كان يعلم أنها لا تزال غاضبة مما فعله معها ، فسار معها إلى السيارة وركب بجانبها في صمت.

★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••

عند نادين

كانت تجلس على مكتبها وهي تتصفح مجلة بملل ، وتضع قدمًا واحدة فوق الأخرى ، وتهزها بحركة عصبية.

أضاء هاتفها الموجود على المكتب أمامها بإستلام رسالة.

أخذته تنظر إليه ، لتجد أنها رسالة من جاسوسها في الشركة ، ينقل لها كل ما حدث منذ قليل ، فإبتسمت بشماتة عندما علمت بشجارهما معًا

هامسة بداخلها : مش كانت داستها العربية دي و خلصت منها .. سواق حمار صحيح

★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••

عاد مراد إلى الشركة وكان في قمة غضبه من فشل خطته ، فبدلاً من استغلال الموقف وجذب انتباها إليه ، قربها اكثر إلي هذا الأدهم.

أثناء ذهابه إلى مكتبه إلتقى بحاتم في الممر.

توقف عن المشي عندما صاح حاتم متسائلاً : كنت فين يا مراد؟

اجاب مراد بغضب مكتوم : كنت في مشوار في حاجة حصلت و انا مش موجود

رد حاتم بدهشة من تقلباته الكثيرة هذه الفترة : ايوه طبعا العميل تبع المناقصة الجديدة مستنيك من بدري في مكتبك

زم شفتيه و هو يضرب جبهته بتذكر : اخ .. انا نسيت ميعاده خالص

رفع حاتم حاجبيه قائلا بحيرة : و ايه اللي خلاك تنسي .. دي اول مرة تنسي حاجة في الشغل

قص عليه مراد ماحدث معه قبل قليل

هتف حاتم بعدم تصديق و هو يخبط كف علي كف : انت اجننت رسمي يا مراد .. في حد يعمل كدا افرض كانت اتفرمت تحت عجل العربية

مراد بتذمر : بعد الشر عليها و انا مش عبيط عشان اخاطر بحياتها انا كنت واثق ان حمدي قدها

حاتم بسخرية : و ايه اللي استفادته دلوقتي من استفزازك لأدهم .. كدا ممكن هتخليه يحطك في دماغه و يدور ورانا

مراد بعدم اهتمام و غرور : مايدور انا مفيش حاجة ضدي اخاف منها .. المهم انا هروح اشوف العميل .. بعدين نتكلم .. سلام

حاتم بعجز : ربنا يهديك يا ابني و يكفيك شر دماغك

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


البارت الثالث و العشرون


الحب ماسة غالية الثمن لا يستطيع أحد أن يشتريها إلا إذا كان معه المشاعر

‏إنّ حبكِ قصة

حفر فيها الشوق حروف إسمك في شغاف الفؤاد

وأوشكت أن تُغرق الصدر بشكوى الحنين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حل المساء سريعا

في الصعيد بداخل منزل الحج عبدالرحمن

كان الجميع جالسين في الصالة الكبيرة و معهم الحاج عبد الرحمن

بعد فترة وجيزة دخل ماجد الصالة يهتف عاليا : مساء الفل عليكم .. وحشتوووني جدا

رد عليه الجميع : مساء النور

صاحت حنان وهي تنهض من على كرسيها ، وتعانقه بشوق : حمدالله علي سلامتك يا ولدي

رد ماجد وهو قبل يديها ورأسها بحب : الله يسلمك يا ست الكل

ذهب إلى جده يقبل يديه باحترام ، ثم سلم على الجميع.

جلس بجانب والده الذي ربت على قدميه ، قائلا بهدوء : طمني .. عملت ايه يا ماجد ؟

ماجد بتعب : اصبر عليا بس يا حج اخد نفسي و هقول كل حاجة

زين بإستفسار : ايه الحكاية يا ماجد !

ماجد بشرح : هحكيلكم من الاول .. من كام يوم قرأت علي النت خبر عن جواز رجل اعمال مهم في مصر .. و كانت اسم الزوجة كارمن الشناوي

نظر إليه الجميع بصدمة في صمت ، بإستثناء والده الذي يعلم بكل ما يحدث

كان اول من تكلم هو الحج عبدالرحمن بذهول : قصدك كارمن بنت ابني يا ماجد ؟

اومأ ماجد مؤكدا حديثه : ايوه يا جدي هي .. انا سافرت مخصوص مصر و اتأكدت بمساعدة ناس حبايبنا هناك .. انا قولت لأبويا لما قرأت اسمها و هو ماحبش يقولك الا لما نتأكد الاول

الحج عبدالرحمن بلهفة : و عملت ايه في مصر يا ولدي قبلتها

ماجد بتوضيح : لا طبعا يا جدي انا بس روحت شوفت شركة جوزها و كمان عرفت عنوان بيتهم

تدخل بدر في الحديث : انا قولتلو يا بوي انه مايتصرفش واصل و يرجع علي طول .. انا و هو و زين بعد يومين هنسافر و نقابلها كلنا ان شاء الله

ابتسم الحج عبدالرحمن بفرحة : الحمد و الشكر ليك يارب بسرعه يا بدر عاوزها تكون هنا في اقرب وقت

بدر : كل اللي انت عايزو هيحصل يا بوي ماتقلقش من حاجة

اردف ماجد حديثه قائلا بتذكر : علي فكرة يا جدي ام كارمن عايشة معاها في بيت جوزها .. اللي عرفته انها كانت متجوزه اخوه و عندها بنت منه و من فترة اتوفي في حادثه و اتجوزت بعدها ادهم البارون اخوه و عايشين كلهم في بيت واحد

نظر الحج عبد الرحمن الي بدر قائلا : طيب اسمع يا بدر عاوزك تقنع امها انها تيجي معها انا عايز اشوفها هي كمان

بدر بطاعة : امرك يا ابوي

ثم نظر الي زين قائلا بإبتسامة : معلش يا ولدي هنعطلك عن شغلك لكن الامر ضروري

زين بإحترام : تحت امرك يا خالي .. الاجازة مقدور عليها هكون جاهز في الميعاد ان شاء الله

كان الأمر غريبًا وممتعًا للجميع ، حيث أن العائلة على وشك استقبال حفيدة جديدة لأول مرة ، سوف يراها الجميع.

★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••

في قصر البارون

صعدت كارمن إلى الجناح بعد أن تعشت مع والدتها وحماتها في الطابق السفلي و تركت ملك معهم ، فهي اصبحت تنام يومًا مع ليلي و يومًا مع مريم ، وهم سعداء جدًا بذلك.

احمرت خجلاً عندما تذكرت تلميحاتهم بأنها لا تزال في أيام زواجها الأولى ، وتحتاج إلى وقت خاص مع زوجها.

ابتسمت بسخرية علي حالها ، ماذا لو عرفوا حقيقة معيشتهم معًا ، فمن المؤكد أنهم سيصابون بجلطة دماغية من الصدمة ؟

كيف سيصدقون أن رجلاً وامرأة متزوجان منذ أسابيع قليلة ، والزوج لم يقترب من زوجته حتى الآن و ينام بعيدا عنها ايضا ؟

فهي نفسها لا تدري من أين أتى بكل هذا الثبات الانفعالي أمامها!

هل يراها غير مثيرة ولا جميلة ام انه يحب نادين ،

ولكن كيف وهي لا ترى اي تواصل بينهم الا في أضيق الحدود.

كما لم يحضر أدهم العشاء هذا المساء ، فمنذ أن وصلها إلى المنزل وتناول الغداء معهم ، خرج ولم يأت حتى الآن ، ولا تعرف شيئًا عن نادين أيضًا منذ ان عادت من الشركة اختفت بغرفتها ، ولم تظهر مجددا طوال اليوم.

دخلت الغرفة وتوجهت مباشرة إلى الحمام ، لتأخذ حمامًا طويلاً وتعيد النشاط لجسدها ، بعد ما عانته اليوم من توتر وإرهاق جسدي ونفسي.

جلست في حوض الاستحمام ، تغلق عينيها وتريح جسدها به ، اخترق عقلها لحظة اقتراب السيارة منها ، التي كانت على وشك الاصطدام بها ، كم شعرت بالخوف الشديد في ذلك الوقت و قلبها لا يزال ينبض بعنف عندما تتذكر هذا المشهد ، ف مؤكد إن فكرة اقتراب الموت منك هي لحظة صعبة للغاية.

تذكرت ايضا عناق أدهم لها ، و كم شعرت بالدفء والأمان بين ذراعيه.

بدأت تتحدث مع نفسها بغضب و يأس ، ودوامة الأفكار في رأسها لا تتوقف : ايه اللي انا بفكر فيه دا .. معقولة عشان حضني بس يتلخبط حالي كدا .. ازاي انا ممكن اكون اتعلقت به في الفترة البسيطة دي !! ازاي اصلا افكر فيه و هو مش بيثق في كلامي و لا بيصدقني ..!!! و انا ليه قلبي مابيطلش دق لما بفكر فيه او يكون قدامي !! مش عارفه ياربي ؟ بس لا من بعد ما جرح كرامتي الصبح انا مش هسكتلو بعد كدا .. بقي انا يكذبني و يصدق سكرتيرة مايعه زي دي ...

فتحت عينيها وهزت رأسها بغضب من أفكارها الحمقاء ، لا ينبغي لها أبدًا أن تقع في حب شخص متعجرف ومستبد مثله ، رغم انها تعترف أنه احيانا يكون لطيفًا وحنونًا معها ، لكنها لا تفهم شخصيته الغامضة ، وهذا يثير سخطها بشدة.

★★★

أنهت حمامها ، ثم خرجت إلى غرفة تبديل الملابس وارتدت ثوب نوم أبيض طويل مكشوف الكتفين ، و اسدلت شعرها الناعم على كتفها بعد أن جففته ، ورشت القليل من العطر على رقبتها.

نظرت إلى نفسها في المرآة بإحباط.

هل حقا لا يراها جميلة ، حتى لو لم تفهم مشاعرها تجاهه الي الآن ، لكنها في النهاية أنثى تريد زوجها يراها فاتنة في عينيه ويمدحها أيضا ، حتى لو منعته من لمسها ، فهي تعلم أنه إذا أراد يمكنه ذلك ، فهل يعني ذلك أنه لا يرغب بها.

هل الي الان يراها ارملة اخيه فقط ، لكن كيف هي انتبهت الي عصبيته وقت ذكرها امامه اسم عمر و شعرت بغيرته ، وهي في قرارة قلبها تعترف بأنها تريده زوجًا لها.

لقد تعلقت به ، ولكن كيف تبدأ في الاقتراب منه ، لا بالتأكيد لن تفعل ذلك ، كما أن كرامتها تمنعها من ذلك بعد أن شعرت أنه لا يثق بها ، وستحاول بكل قدرتها ان تكتم الشعور الذي تولد بداخلها اتجه.

★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••

عند روان و زين

تجلس روان على السرير مربعة قدميها ، وتضع يديها على خدها بضجر في انتظار خروج زين ، الذي دخل لتغيير ملابسه في الحمام ، وطلب منها انتظاره.

خرج زين من الحمام ، وهو يجفف وجهه بمنشفة صغيرة.

ارتسمت ابتسامة علي شفتيه بسبب شكلها اللطيف أمامه

ذهب وجلس على حافة السرير بجانبها ، يقرص طرف أنفها برفق ، قائلاً بمرح : الجميل قاعد مكشر كدا ليه؟

حركت وجهها بعيدًا عن يديه و هي تقول بضحكة : بطل مش بحب الحركة دي

ضحك زين معها قائلا بمشاكسة : كنت بعملها فيكي و انتي صغيرة ولا نسيتي

شاركته الضحك مؤكدة بمرح ممزوج بالغيظ : لا فاكرة و لو مالحقتش مناخيري منك كان زمانها بقت قد مناخير البلياتشو

انفجر من الضحك علي تشبيها بشدة ، سرحت في افتتان بضحكته الرائعة التي لا تراها كثيرًا ، ولاحظ هو سرحانها به.

نظر اليها بمكر و هو يتلاعب بحاجبيه ، ثم هتف بغرور شديد : عارف اني حلو علي فكرة

اغتاظت روان من غطرسته واجابت بنفس الغطرسة ، و هي تمرر أصابعها في شعرها الطويل ، وتقوس شفتيها بإغراء غير مقصود : مش انت لوحدك اللي حلو .. انا كمان حلوة برده علي فكرة

حدق زين بشرود في حركة شفتيها التي تستفزه إلى التهامها ، فرفع إبهامه ، ومرره فوق شفتيها السفلية برقة وبطء ، مما جعل الدم يرتفع إلى وجهها من لمسته.

خفضت وجهها الي الاسفل بخجل ، فاقترب منها بوجهه ، ووضع أصابعه تحت ذقنها ، ورفع وجهها إليه ، وركز عينيه على شفتيها المغريتين ، وهمس بصوت عميق بجانب اذنيها : غلط حلوة اوي مش حلوة بس

أغمضت روان عينيها تتنفس بقوة ، وهي تشعر بأنفاسه تلفح بشرتها و تشعل بها لهب لذيذ ، فأخذت ترتجف من لمساته و كلماته العذبة التي نقلتها إلى عالم وردي ، حيث لا يوجد به الا هو و هي فقط.

كان على وشك تقبيلها ، لكنهم استيقظوا من السحر الذي كان يلفهم عندما رن هاتفه على الطاولة.

شتم في سره المتصل السخيف الذي افسد عليه اللحظة التي كان ينتظرها منذ الصباح معها.

نظر إلى الهاتف بغيظ ثم أجاب قائلاً بحنق : الو .. ايوه

المتصل : .......

زين : اومال فين شريف ؟

المتصل : .......

زين بضجر : خلاص انا جاي .. يلا سلام

أنهي المكالمة ، ثم نظر إلى روان التي كانت تنظر إليها بفضول ، وهتف في إحباط : دي مكالمة من المستشفي في حادثة حصلت و المصابين كتير محتاجيني هناك دلوقتي

عضت شفتيها بحزن لأنه سيتركها ويذهب إلى العمل ، لكن كعادتها الصبورة ، ابتسمت بحنان قائلة بلطف : يبقي لازم تروح بسرعة دا شغلك و ربنا يقدرك علي علاجهم و انا هدعيلك خير ان شاء الله

ظل ينظر إليها بنظرات لم تخفي ندمه ، كيف استطاع جرح هذه الرقيقة ، فتصرفاتها معه جعلته يوبخ نفسه كل لحظة بشدة على قسوته تجاهها في بداية زواجهم.

امسك زين وجهها بين يديه ، و نظر في عينيها بعمق ، و عيناه كانتا تتألقان بحب ، و دقات قلبه تنبض بعنف ، تهتف برغبة قلبه في البقاء معها ، قائلاً بصوته الدافئ : انا بحمد ربنا علي وجودك في حياتي يا روان و بجد كل اللي انا عايزه دلوقتي ان ربنا يقدرني اعوضك عن اي وجع سببته ليكي بغبائي

قبلت باطن يديه التي يضعها على خدها قائلة برقة : انا مش عايزة حاجة غير انك تكون بخير و معايا يا زين ويلا بقي اتفضل روح شوف شغلك و ماتتأخرش عليا

زين بحنو : لازم نكلم كتير يا روان .. انا اسف الايام دي مش لاحق اخد راحتي معاكي..  بس اوعدك لما ارجع من مشوار مصر هتتغير كل حاجة

وضع قبلة عميقة على خدها ، يبث بها ما جزء بسيط مما يشعر به في قلبه لها قبل النهوض ، لتغيير ملابسه والذهاب إلى المستشفي.

تنهدت تنهيدة سعيدة بعد مغادرته ، لا تطلب من ربها أكثر من أن يشعر بحبها العميق له،  وأن يحبها حتى لو نصف ما تحبه فقط.

أغلقت عينيها وذهبت إلى النوم وهي تبتسم بشكل مريح لأول مرة منذ وقت طويل.

★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★••••••★

نعود الي قصر البارون

قامت بتعديل ثوبها قبل الخروج من غرفة الملابس للنوم.

تفاجأت بوجوده في الغرفة امامها.

نظرت إليه بصدمة ، رأته جالسًا على حافة السرير عارياً لا شيء يغطي جسده سوى المنشفة فقط ، ولم يلاحظ أنها دخلت ، وواضح عليه الشرود.

تسارعت دقات قلبها وهي تتفحص جسده العضلي العاري أمامها بعيون واسعة ، وتعض شفتيها في حرج ، و تشتم تحت لسانها.

هل هذا وعدها لنفسها و هي بالداخل ؟

ها هي الآن تذوب بمجرد رؤيته هكذا ، و تتساءل في نفسها بإستغراب ، كيف لم تشعر بدخوله الي الغرفة؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


البارت الرابع و العشرون


ماكر هو يتحدث فارتجف ك ورقة خريفيه

تتلاعب بها رياح شغفه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نعود الي قصر البارون

قامت بتعديل ثوبها قبل الخروج من غرفة الملابس للنوم

تفاجأت بوجوده في الغرفة معها ، و ظلت تنظر إليه بصدمة.

رأته جالسًا على حافة السرير عارياً لا شيء يغطي جسده سوى المنشفة فقط ، ولم يلاحظ أنها دخلت ، و واضح عليه الشرود.

تسارعت دقات قلبها وهي تتفحص جسده العاري أمامها بعيون واسعة ثم عضت علي شفتيها في حرج ، و اخذت تشتم تحت لسانها.

هل هذا وعدها لنفسها و هي بالداخل ؟

ها هي الآن تذوب بمجرد رؤيته هكذا !! تسألت  في نفسها بإستغراب كيف لم تشعر بدخوله الي الغرفة؟

★★★

أما بالنسبة لأدهم ، فقد كان يفكر فيما حدث

Flash Back

اثناء تناوله الغداء معهم ، كان يلاحظ نظراتها الحزينة التي لم ترفعها عن طعامها ، و ظل يلقى باللوم على نفسه كثيرًا ، وقرر أن يكتشف ما حدث في المكتب.

حينما هدأ من ثورة غيرته التي تجعل الإنسان يبالغ في أصغر الأشياء ، رأي أنه لا يوجد سبب منطقي لكل ما يفعله معها ، وأن اتهامه لها بالكذب في الأساس لم يكن سوى حماقة منه ، ولكن لم يكن ذلك بإرادته ، لأن الغيرة تشوش العقل ولا تسمح بالتفكير العقلاني تمامًا.

★★★

على الفور توجه ادهم مباشرة إلى الشركة ، وفتح الكمبيوتر وشغل تسجيل الكاميرات وشاهد ما حدث ، ليكتشف ان كارمن لم تكذب عليه كما توقع ، لقد أخبرت السكرتيرة بأنها ذهبت إلى مكتب صديقتها .

 

شعر بالغباء والغضب من نفسه ، ليشعر بفوران الدماء في عقله ، فأنها كادت أن تفقد حياتها بسبب تهوره و إنفعاله عليها ، وجرحه لها بحديثه الغاضب معها الذي كان بسبب غيرته القاتلة عليها.

ذهب إلى مكتب ياسمين ، وهو لا يري أمامه من شدة سخطه في تلك اللحظة.

كانت جالسة وهي تتفحص الأوراق بضجر ، لكنها توقفت و هي تنهض عن كرسيها عندما رأته أمام عينيها

ياسمين بدلال انوثي : اي اوامر يا ادهم بيه !!

صاح أدهم بجدية ووجه صارم ، وهو يحاول السيطرة على نفسه حتى لا يرتكب بها جريمة الآن : تكتبي استقالتك حالا قدامك خمس دقايق يلا..

اختفت الإبتسامة عن وجه ياسمين التي تسألت بإستغراب : ليه كدا انا حصل مني حاجة يا فندم؟

ضيق ادهم عينيه قائلا بحدة : انتي عارفه عملتي ايه كويس !! تسجيل الكاميرات صور كلامك مع كارمن و هي بتبلغك بخروجها لصحبتها و لما سألتك قولتي متعرفيش

شعرت بالغباء الشديد بسبب هذه الثغرة التي لم يتم أخذها في الحسبان و هي تدبر خطتها ، لكنها أرادت إنقاذ الموقف ، لذلك سرعان ما هتفت قائلة بإستعطاف : انا اسفه جدا يا فندم انا نسيت و الله

هتف بها بشراسة و هو يضرب علي المكتب بقوة : نسيانك دا كان هيموتها انهاردة و رفدك دا اقل عقاب ممكن اعملو فيكي .. من غير مناقشة تكتبي استقالتك و مش عايز اشوف وشك تاني مفهوم

صرخ في الكلمة الأخيرة بصوت عالٍ ، فإتنفضت من مكانها وهي تمسك القلم و تميل علي المكتب لتكتب الاستقالة بأصابع مرتجفة ، فكانت مرعوبة حقًا من نظرته الشرسة إليها.

★★★

عندما عاد إلى المنزل وصعد إلى جناحه ، دخل الحمام الملحق بالجناح وأخذ حمامًا سريعًا ، ثم تذكر أن ملابسه كانت بالداخل عند كارمن ، فذهب إلى الغرفة و هو ينوي أن يعتذر لها على ما حدث.

لكنه لم يجدها في الغرفة ، وسمع صوتًا قادمًا من غرفة الملابس ، فجلس كما هو منتظرًا خروجها.

Back

★★★

في الوقت الحالي

ابتلعت كارمن لعابها بصعوبة و هي ترمش بعينيها ، ، وعقدت ذراعيها أمام صدرها قائلة بخجل وتبعثر : ايه دا .. انت ليه قاعد عريان كدا ؟

رفع وجهه في اتجاها ونظر إليها ، لتنحبس أنفاسه تلقائيًا في صدره من مظهرها الساحر في ثوب النوم الناعم ، الذي أظهر جمال بشرة ذراعيها البضة.

اخذ أدهم يتنفس بهدوء ، و يحاول السيطرة على مشاعره الشغوفة تجاهها ، و يركز انتباه علي ماسيقوله بعد ان استحوذت علي حواسه تلك الفاتنة التي تقف أمامه بعودها الرشيق.

تحدث بصوته الرخيم في صمود مفتعل رغم تشتته الداخلي من مشاعره المفرطة نحوها : كنت داخل البس هدومي بعد ما اخدت دوش ولاقيتك جوا فقعدت استناكي

واصل حديثه بابتسامة خبيثة ظهرت على شفتيه ، وأراد أن يتلاعب بأعصابها قليلاً : ولا كنتي عايزاني ادخلك جوا و انتي بتغيري هدومك

ازاد احمرار وجهها من الخجل الذي يعشقه بها ، و هتفت بتبرير وإنفعال فيما اخذت تلوح بيديها في الهواء : لا طبعا مقصدش كدا .. انا بس اتخضيت من قعدتك كدا قدامي مش اكتر

ضحك ادهم بخفة : طيب هدي اعصابك .. المهم كنت عايزك في موضوع

ردت كارمن بسخرية ، و هي ترفع احدي حاجبيها بعد أن تذكرت ما فعله بها وأرادت استفزازه : خير .. ناوي تكمل محاضرة اتهامك ليا اللي مخلصتهاش الصبح

صر علي أسنانه سخطًا من أسلوبها معه ، فهي اصبحت تشعل غضبه بسهوله ، ليتمتم : بطلي تريقة وخليني اتكلم

قام أدهم من مكانه ، مستقيما بطوله أمامها ، وأصبحت عضلات صدره تتألق بلمعة من الضوء الخافت للغرفة أمام عينيها ، واخذت هي تحسب فرق الطول بينهما.

هي ليست قصيرة ، ولكن عندما يقف بجانبها تشعر أن جسدها ضئيل أمام جسده العريض.

نفضت عنها هذه الأفكار ، وهي ترمش بعينيها و تعاتب نفسها على شرودها الكثير بتفاصيله ، واخذت تستمع إلى ما كان يقوله بأعين متسعة من الذهول.

ادهم ببرود : خروجك بدون اذني في وقت الشغل ايا كان السبب دا غلط يا كارمن

خطت نحوه خطوتين ، ووضعت يديها علي خصرها ، وأجابت عليه بانفعال ، بعد أن نجح بإشعال غضبها بإصراره على أنها كانت مخطئة : تاني .. تاني بتقول نفس الكلام .. هو كان ايه اللي حصل لما اتمشيت خطوتين و روحت اشوف صحبتي

اردفت بنبرة مفعمة بالغيرة لم تستطع إخفاءها من انفعال اعصابها ، وهي تقبض علي كفها بشدة : لا و في الاخر بتصدق كلام وحدة لابسه شبه الرقاصات زي اللي مخليها سكرتيرة مكتبك و تكذبني انا

تبخر غضب أدهم كله في هذه اللحظة عندما شعر بغيرتها عليه ، و غمره الفرح لذلك حاول بمكر استغلال توترها العصبي في هذا الوقت لصالحه.

اجاب ادهم بهدوء : مين قال اني بكذبك ..؟

كارمن بعبوس : مش دا كان كلامك الصبح !!

ادهم بنفى : لا مش عشان كدا..

ثم ابتسم بخبث مردفًا ببراءة مزيفة : و بعدين مالو لبس السكرتيرة ؟؟

تذكرت كارمن مظهرها المثير للإشمئزاز ، وهي تجعد حاجبيها قائلة بإمتعاض : مقرف و شكلها علي بعضه اصلا مستفز .. ازاي دي سكرتيرة مكتب محترم مش عارفه؟

اتسعت ابتسامته ، لتكشف صف اسنانه المتساوية و متناسقه بجاذبية ، قائلا بمكر : بالعكس دي كلها انوثة و فيها شوية امكانيات جامدة

فتحت فمها علي اخره ، و اتسعت عيناها بدهشة من كلماته الجريئة ، وازداد سخطها فهو يتغزل بإمرأة أمامها بكل وقاحة كأنها هواء لا وجود لها.

هتفت فيه كارمن بإنفعال شديد : انت قليل الادب .. ايه الكلام الوضيع اللي انت بتقوله دا؟

اقترب منها خطوة قائلا بصوته الرخيم يتخلله المكر على عكس طبقة صوتها العالية : و فيها ايه لما اعبر عن اللي شوفته .. انتي ايه اللي مضايقك ؟

اجابت بغيظ : و انا هضايق ليه انت حر..

خطرت على بالها صورة الشخص الذي أنقذها هذا الصباح ، و أرادت أن تستفز أدهم بنفس الطريقة التي استفزها بها ، فوضعت يديها على جبينها ، متظاهرة بالتفكير ، قائلة بمكر أنثوي و تغير مجري الحديث تماما : انا تقريبا شوفت اسم مراد عزمي دا قبل كدا في الاخبار .. شكله بزنس مان مهم و معروف وكمان وسيم جدا

رفع أدهم حاجبيه وتشنج جسده بعد سماعه اسم ذلك المقيت ، وهو يتذكر نظراته إليها ، ليقول بتهكم و هو يلمس انفه بتوتر : لا والله

مالت برأسها جانبا ، ثم نظرت إليه ببراءة مصطنعة ، وبالكاد أخفت ضحكتها بعد رؤية وجهه ، الذي تغير بعد سماع سيرة مراد و قد توترت عضلات جسده ، لتعلم أنها أصابت وتر حساس بداخله ، وستجعله يحترق بنفس النار التي حرقها بها الآن ، ثم أجابت  ببراءة و سخرية مبطنه تقصده بها : ايوه واضح عليه انه انسان مهذب و راقي اوي في معاملته مع الناس

كور أدهم قبضته في عصبية مقاطعا حديثها بصوت مرتفع ، وهو علي وشك أن ينفجر فيها : كارمن

ابتلعت كارمن ريقها بصعوبة ، حالما رأته يتقدم نحوها ، و علمت انها قد تمادت من بروز عروق رقبته ، واحمرار وجهه من شدة الغضب.

تراجعت بخوف تلقائي للخلف ، فإستمر في الاقتراب منها حتى توقفت عن التراجع عندما شعرت أنها اصطدمت بالجدار خلفها ، واصبح هو أمامها مباشرة.

ارتجف جسدها من الارتباك ، و بدأت تتحدث مع نفسها بتوتر داخلي : انا اتسرعت و لا ايه .. يخربيتي بقيت بقول كلام غبي وافكر بتفكير غريب في اوقات اغرب .. اتورطتي يا كارمن

استغل أدهم صمتها وسكونها ليحيطها بجسده ويداه على الجانبين.

نظرت في عينيه الداكنتين ، مغمغمة بكلمات غير مترابطة : انت .. ليه .. واقف كدا .. هو في ايه !!

مال أدهم بجانب أذنيها وهو ينفث انفاسه الحارة علي عنقها بغضب ، فحينما يشعر الرجل أن المرأة التي يحبها ترى شخصًا أخر أفضل منه و تمدحه ايضا ، تجعله يكره رأيها ولا يريد أن يسمعه من الأساس ، حيث أن الرجل الطبيعي يريد كل ما تتفوه به امرأته من مدح يكون موجه نحوه هو فقط ، هذه هي أنانية الرجال المعروفة.

 

همس أدهم بفحيح غاضب ، بينما رغمًا عنه مستمتع بهذا القرب الشديد منها : ابدا مفيش كل الحكاية ان مراتي بتتغزل في واحد تاني قدامي .. قوليلي المفروض اعمل فيها ايه ؟

أصبحت متوترة اكثر ، وشعرت بالفراشات تطير في بطنها فأغمضت عينيها ، ورائحة جسده المثيرة تقتحم أنفها وتسلبها عقلها.

كان هو ايضا يستنشق عطرها الرائع الذي كانت تضعه على رقبتها ، تحفزه على التهامها فلم يعد بإمكانه التحكم في نفسه اكثر ، و أراد أن يتذوقها بفمه ، فنزل إلى رقبتها ولمسها بشفتيه في شوق ورقه بالغة مستمتعا بنعومتها.

تجمدت أنفاسها وتخدرت مما تفعله شفتيه بها ، و بدون ارادة منها ، رفعت يديها ووضعتهما على صدره العاري ، وأصابعها ترتجف من قبلاته البطيئة والمثيرة على رقبتها.

شعر بإستسلام جسدها بين يديه ، لكنه لا يريد أن تكون علاقتهما جسدية فقط ، لقد أراد يأخذ روحها وقلبها وعقلها منها ، انه يرغب بإمتلاك كل شيء فيها ، لكن بحبها له وإرادتها الكاملة ، سوف يكتفي مؤقتًا بهذا التغيير الذي يحدث بينهما حتى الآن.

مرت لحظات قبل أن يبتعد عنها بصعوبة ، لكنه ما زال يحيطها بيديه ، قائلا بصوت أجش من شدة مشاعره العنيفة التي وصلت لدرجة الغليان بداخله : مش بتردي ليه .. اعمل فيكي ايه ؟

حاولت السيطرة علي ذاتها ، واخذت تتنفس ببطء قائلة بخفوت وتلعثم : مش انا .. لا انت اللي بدأت الاول

نظر أدهم إليها بمكر ، ورفع حاجبيه ، قائلا بتساءل : بترديهالي يعني ..!!

لا تدري كيف استطاعت ان تنطق بتلك الكلمات بثبات في مثل هذا الموقف ، لتجيب بكبرياء الأنثي : محدش احسن من حد .. وممكن بقي تلبس هدومك وتخرج عشان انا عايزة انام

تغاضي هو نبرة التحدي في صوتها ، ليهمس أدهم متظاهرا بالاستياء ، وهو يحاول الاقتراب منها مرة أخرى : مش ملاحظة انك بقيتي تطرديني من اوضتي كتير

دفعته من صدره و كأنها تدفع الحائط ، لتهمس بصوت مرتعش بسبب ضيق التنفس الذي تشعر به من اثارته لجسدها : اطلع برا يا ادهم

ابتسم ادهم علي توترها ليغمغم : ماشي هخرج بس بمزاجي

أمسك يدها بين يديه ورفعه إلى فمه ، وقبّل راحة كفها من الداخل بدفء لدرجة أن قشعريرة لذيذة ركضت في جسدها بالكامل.

أنزلت عينيها بخجل منه ومن ضعفها أمامه ، ثم أحست ببعده ودخوله الي غرفة الملابس ، حيث تركها وحدها تتخبط في مشاعرها المضطربة بسببه.

تقدمت من السرير ، وجلست على حافته لأن قدميها لم تعد قادرة على حملها اكثر من ذلك.

بعد لحظات رأته يخرج من الغرفة بسروال قطني فقط وهو عاري الصدر ، ثم غادر الغرفة بهدوء ، وكأنه لم يقترب منها منذ قليل و بعثر مشاعرها بلمسات خفيفة منه فقط.

ما الذي يريده بالضبط ؟

هل هذا تعذيب جسدي لها ، أم أنه من فولاذ ؟

هي لا تعرف حقًا ، لكنها ستريه من تكون كارمن المتمردة من الغد ، همست لنفسها و هي تكاد تقطم اظافرها من القهر : ماشي يا دراكولا اما نشوف يا انا يا انت....


      البارت الخامس والعشرون من هنا 

   لقراءة جميع حلقات القصه من هنا

تعليقات