قصة مزيج العشق
البارت التاسع عشر 19 والعشرون 20 والواحد والعشرون 21
بقلم نورهان محسن
البارت التاسع عشر
ان شعور الامان اقوي الف مرة من شعور الحب ، فمن السهل ان يمنحك احدهم الحب ، ولكن صعب ان يمنحك المساندة و الامان
سهل ان تنبهر به ، لكن صعب ان يشعرك انك مسؤل منه ..
سهل ان يقدم لك الحب لكن صعب ان يزيل عنك القلق ...
الحب عطاء مشروط و الامان عطاء بلا شروط !!
الحب كالنسيم يطوف حولنا و الامان نور يسكن قلوبنا و ارواحنا
الكل يحب ، و يبقي للأمان .. مهمه الرد ؟!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صباح يوم جديد
في قصر البارون
استيقظ أدهم منزعجًا من هذا الصوت ،
جلس على الأريكة يفرك عينيه محاولًا التركيز لمعرفة هذا الصوت ، الذي لم يكن سوى بكاء ملك يأتي من داخل غرفته.
متأكد ان كارمن جعلتها تنام معها.
تذكر ذلك الشجار الأخير بينهما ، فمنذ 3 أيام وهو يتجاهلها ولم يتحدث معها.
لا يعرف السبب
هل نادم على انفلات اعصابه عليها أم لا يزال غاضبًا منها ومن نفسه؟
تنهد بضيق و هو يرفع الغطاء عنه ، و نهض يسير إلى باب الغرفة.
فتح الباب بهدوء ليرى كارمن تنام بعمق ، ويبدو على وجهها الإرهاق ، وكانت جالسة بجانبها ملك تبكي لأن والدتها لا تستجب لنداءها.
لكن عندما وجدته يتجه نحوها توقفت تمامًا عن البكاء.
نظرت إليه بعيونها الخضراء الصافية التي ورثتها عن والدها ، ثم مدت يديها إلى الأعلى ، كأنها تطلب منه أن يحملها.
مد أدهم يديه إليها ، ورفعها إلى ذراعيه ، وابتسم لها بعذوبة ، يالله كم يعشق هذه الصغيرة.
وضعت ملك رأسها على كتفه ، فارتبك قليلا لانه لا يجيد التعامل مع الأطفال وحده ، فبدأ يمشي بها في الغرفة يلاطفها ، لكنها بدأت تبكي مرة أخرى.
كان في حيرة من أمره ، فخطر بباله فكرة استخدمها مع ياسين عندما كان في عمرها تقريبا ، وهي أن يقفزه في الهواء و يمسكه مرة ثانية بين ذراعيه.
بدأ في رفعها بالهواء يلاعبها ، فأحبت ملك هذه الحركة كثيرًا ، وبدأت بالصراخ والضحك بشدة ، و هو يضحك علي ضحكاتها المسرورة.
★•••••★•••••★
انزعجت كارمن من هذا الصراخ ، ففتحت عينيها تبحث عن مصدر الصوت ، حتى سقطت نظرتها المتعبة على طفلتها يحملها ادهم ، ويطيرها في الهواء و كانت سعيدة وتضحك بشدة ، و كان يقف و ظهره لها.
أغمضت عينيها مرة أخرى ، فهي كانت متعبة ولم تنم جيدًا الأيام الماضيه بسبب تفكيرها المستمر ، لكن لحظة هل رأت أدهم يقف في الغرفة حقا ؟
فتحت كارمن عينيها علي مصراعيها ، تنظر إليهما بدهشة و فم مفتوح ببلاهة ، ثم قفزت من مكانها ، وهي تنهض علي الارض و كادت ان تتعثر قدميها.
انزلت عينيها تمررها علي جسمها ، و رأت أنها تقف في ثوب النوم القصير أمام أدهم.
فقد كان القميص عارياً قصير للغايه ، يصل الي منتصف فخديها ، شفاف يبين مفاتن جسدها بإغراء ، مظهراً جمال قوامها و سيقانها البيضاء الحريري.
عادت إلى السرير بسرعة وغطت نفسها ، و تحدثت بعصبية من منظرها المحرج امامه وقد حل النعاس تماماً من عينيها : انت بتعمل ايه هنا ؟
توقف عن اللعب مع الصغيرة يضعها علي الارض بجانب العبها ، و رفع وجهه لها فوقعت عينيه التي إلتمعت بشئ غريب مسلطه عليها بإمعان ، لتمر ببطء فوق جسدها الشبه عاري تحت الغطاء امامه.
اعتدل في وقفته و هو يضع يديه بجيوب سرواله ، ويحاول التحكم في نفسه بسبب مظهرها الخاطف للانفاس ، ثم نظر لها بهدوء و شوق برع في اخفاءه.
هنا فقط ادركت انه يقف امامها عاري الصدر ، فإبتلعت لعبها بتوتر.
اجاب ادهم بصوته الرخيم : البنت كانت بتعيط و صوتها اللي صحاني فجيت اشوف مالها
رمشت كارمن بعينيها في دهشة ، وهي تشير اليه قائلة بإستنكار : و ازاي تقف قدامي بمنظرك اللي شبه طرزان دا !!
ضحك علي كلامها قائلا بسخرية : المفروض اكون لابس بدلة و انا نايم يعني و بعدين هي اول مرة تشوفيني كدا !!
احمرت خجلا من كلماته الوقحة و صاحت بتذكر طفولي : لو سمحت ماتتريقش علي كلامي
ابتسم بمكر مشاكس و هو يشير بسبابته عليها : بدل ما تقولي عني انا طرزان .. شوفي نفسك الاول و انتي منكوشة و شبه العفاريت كدا .. انا دلوقتي عرفت ليه مش عاوزاني انام معاكي في اوضة واحده .. اكيد خايفه عليا من الخضه.
فتحت عينيها علي وسعهم من حديثه ، و تركت طرف الغطاء و أخذت ترتب شعرها و نست امر القميص ، ليظهر جسدها في الثوب العاري امام عينيه.
انحصرت انفاسه داخل رئته واحس بأن قلبه يتوق لها بشده ، و هي بهذا الشكل.
نظرت كارمن له ، لتراه يركز عينيه علي فتحة الصدر بثوبها ، فراحت تغطي نفسها مرة اخري.
تهدج صوت كارمن بإرتباك : مم ممكن تطلع برا لو سمحت عشان اقوم ؟
ادهم بمكر : ما تقومي حد حايشك ؟
كارمن بإستياء : هقوم ازاي و انت وقفلي كدا !!
ادهم بإبتسامة جانبية : مش فاهم يعني و فيها ايه !!
احمرت وجنتيها قائلة بخجل : فيها ايه ازاي مايصحش تشوفني كدا؟
ادهم بجدية : علي فكرة انا جوزك لو ناسية و عادي جدا اشوفك في اي وضع
هتفت كارمن بحماقه و تسرع : لا طبعا انت اجننت .. انت جوزي علي الورق وبس دا كان اتفقنا ومش هيتغير .. ومش من حقك تشوفني بقميص النوم
انها تستفزه بشدة وتعزف على أوتار غضبه بشكل احترافي.
رفع إحدى حاجبيه بصرامة و حدة : خدي بالك من كلامك يا كارمن و افهمي اني لو عايز جوازنا يبقا حقيقي هيحصل و دلوقتي و لا نسيتي كلامي الأخير ليكي احسنلك بلاش تستفزيني و تخرجي اسوء ما فيا عليكي
هبت كارمن من فوق السرير ، وهي تسحب روبها لترتديه و تغلقه بإحكام ، ثم نظرت إليه بحنق و غضب ، و هي تضع يديها بخصرها قائلة بتحدي : و انا مش لعبة في ايدك تحركها زي ما انت عايز و تقرر بمزاجك يبقا حقيقي و لالا
وجدته يقترب منها ببطئ ، فتراجعت خطوات قليلة للوراء تلقائياً.
فجأة امسكها من معصمها بقوة المتها و سحبها اليه ، هامساً ببطئ ويشدد علي كلماته وهو يقترب من وجهها للغاية : قولتلك خدي بالك من كلامك معايا .. انا مش زي عمر مابعرفش اتعامل مع شغل الدلع دا
ضغطت كارمن على شفتيها من الألم. ،وحاولت الهروب من قبضته والفرار بعيداً ، لكنه لم يتركها.
تناست الألم واجابت بغيظ من عجرفته المعتادة معها : و مش ممكن هتبقي زيه ابدا .. عارف انا شايفاك ازاي ؟ بارد و معندكش احساس و حديد و مش بتحس
زم شفتيه بقسوة حتى ساروا في خط مستقيم ، محاولاً السيطرة على غضبه وغيرته من كلامها الفخور عن رجل غيره حتى لو كان شقيقه الراحل.
هدر أدهم فيها بحدة وكبرياء : ميهمنيش نظرتك فيا وانا دلوقتي جوزك مش عمر لازم تحترمي دا و تقبليه غصب عنك
اتسعت عينيها بشدة و هي تتذكر شيئاً ما ، واسرعت تضع يدها الأخري علي شفتيه ، لتهمس بخوف على الفور : وطي صوتك ملك جنبنا .. انت نسيت ممكن تتفزع من صوتك العالي دا
اما هو فنسي ما كان يفكر به ، ويقوله منذ لحظات عندما لمست اناملها شفتيه ، وارخي قبضته علي معصمها تلقائياً.
كانت مندهشة من صمته ، حيث توقعت المزيد من الغضب منه ، رفعت عينيها الزرقاء إليه لتجد نفسها قريبة جدًا منه ، والغريب أن هذا أعجبها ، فقد رأت عينيه الزرقاوتين لأول مرة بهذا اللون الصافي ،
و ليست قاتمه كالمعتاد.
لا تعرف كم بقيت في هذا الوضع ، رمشت بعينيها و احمر خديها خجلاً ، ثم خفضت يديها ببطء من علي شفتيه ، وهي تشعر بحرج شديد.
فجأة هتفت ملك بصوت طفولي لطيف للغاية : بابا العب معايا
ذهلت كارمن بصوت ابنتها التي نطقت بهذه الكلمة لأول مرة.
نظرت إلى طفلتها ، ورأتها توجه عينيها إلى أدهم الذي لم يكن في حال أفضل منها ، ولكنه شعر بإحساس جميل جدا ، فهذه الطفله تناديه بكلمة أبي التي أراد أن يسمعها منذ سنوات.
لكنه لا يعرف هل هو سعيد أم حزين ، لأن هذه الكلمة كانت من نصيب لأخيه وليس هو!!
هل ستتقبل كارمن هذا ام ستغضب اكثر ؟
كانت هذه الأفكار تعصف بذهنه.
نظرت اليه ببلاهة قائلة بخفوت : انت سمعتها صح !!
هز أدهم رأسه اليها بصمت ، و نظراته لا تزال علي الصغيرة التي تشير إليه لكي يأتي لها.
شعرت بالفوضى التى تحدث داخله ، لذا همست له بتلقائية : هي بتحبك و متعلقه بيك يا ادهم و انت تستاهل تناديلك ببابا .. محدش فعلا هيحميها و يحبها قدك
نظر إليها بمشاعر كثيرة لم يستطع ترجمتها أو التعبير عنها ، ليقول بتردد : يعني مش زعلانه انها بتناديلي بابا يا كارمن
ابتلعت لعابها وهى تفكر في اجابة ثم قالت بحيرة : مش عارفه يا ادهم بصراحة القدر دا غريب اوي بس كل اللي بيحصل دا بإرادة ربنا مانقدرش نعترض و لا نسأل عن السبب.
ابتسم لها ابتسامة جذابة خطفت قلبها الذي اشتاق إليه كثيرا في الأيام الماضية.
أرادت تغيير مسار الحديث هرباً من ثورة مشاعرها ، سألت بإبتسامه عذبة : هو انا ممكن ابدأ شغل انهاردة يا ادهم
ادهم بهدوء : اكيد تقدري .. جهزي نفسك و البسي وانا هستناكي تحت نفطر و نروح مع بعض
كارمن بحماس : ماشي
ذهبت إلى ابنتها ، وهي تحملها من الأرض ، وتدخل حمامها و تغلق الباب خلفها و هي تشعر بسعادة عارمة لا تفسير لها.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في مكان اخر بداخل القصر
تحديدا في جناح نادين
أغلقت الهاتف مع عشيقها الذي اصبحت تتردد علي زيارته كثيرًا في الفترة الأخيرة ، فهو دائماً يشبع غرورها ويجعلها تشعر بأنوثتها بكلماته الحلوة.
كانت سعيدة جدًا ، حيث لاحظت منذ 3 أيام أن أدهم لا يوجه أي حديث لكارمن ، و هم يجلسون على مائدة الطعام ، وكأنهم يتجاهلون بعضهم البعض ، ومن المؤكد أن هناك شجارًا بينهم ، وهذا ما شجعها على التحدث إليه أمس عندما عاد من عمله ليلاً ، وتوجه مباشرة إلى مكتبه في الطابق السفلي.
قطع رنين الهاتف أفكارها لتجد أن ميرنا تتصل ، فأجابت بحبور : هلووو يا نونا
ميرنا : هلو يا حبي .. اخبارك ايه
نادين : تمام جدا
ميرنا : خير شكلك فرحانه
نادين : فوق ماتتخيلي
ميرنا : خير ايه اللي حصل
نادين بشماته : شكلهم لسه متخانقين سوا و مش بيكلمو بعض تقريبا .. و ادهم مابقاش يقعد في البيت كتير و في خبر كمان
ميرنا بفضول : قولي
نادين بنبرة حماسية : امبارح انتهزت فرصه انه لوحده في المكتب و دخلت اتكلمت معاه وقولتله انا زهقانه من النادي و البيت و عايزة اشتغل في الشركة و اسلي وقتي بحاجة مفيدة
ميرنا بتصفير : اه يا جامدة و بعدين
نادين بضحكة : يعني في الاول كان رافض و مش مقتنع بس لما اصريت وافق والمفروض انزل معه انهاردة
ميرنا بسؤال : و هتشتغلي ايه في الشركة
نادين بلا اهتمام : معرفش لحد دلوقتي بس ماتنسيش اني ادارة اعمال يعني هبقي في منصب مهم اكيد و الأهم تكون عيني عليهم و بكدا هعرف انفذ خطتنا و من موقع الأحداث كمان
ميرنا بتملق : اووووبا طلعتي مش سهلة يا نانو
نادين بحقد : اكيد مش هسيبلها الفرصة تستحوذ علي كل حاجة و انا اطلع من غير و لا حاجة
ميرنا بهدوء : تمام و ابقي بلغيني بالاخبار
نادين : اوكي هسيبك بقي و انزل افطر معهم يلا باي
ميرنا : باي يا حبي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند كارمن
نزلت الدرج بحذر ، وهي تحمل طفلتها بين ذراعيها ، وكانت ترتدي الكعب العالي ، ثم دخلت غرفة الطعام ، ورأت الجميع يتناولون وجبة الإفطار ، فألقت تحية الصباح بهدوء ، وتوجهت إلى مكانها المعتاد ، بعد أن أعطت ابنتها لجدتها.
جلست تبتسم بخجل عندما لاحظت أن أدهم يحدق بها ، وهو يحتسي القهوة بهدوء.
قالت مريم بدهشة : اتأخرتي ليه يا حبيبتي علي الفطار ؟
اردفت وهي تنظر إلى ما ترتديه كارمن بإعجاب : و ايه الشياكة دي كلها .. انتي خارجة ؟
اجابت بعفوية : اتفقت انا و ادهم اني هنزل انهاردة الشركة معه
تحدثت نادين التي تتابع الموقف منذ البداية في صمت ، لتشتعل عيناها بالحقد من مشاهدة نظرات الإعجاب من أدهم إلى كارمن.
شعرت بالغيرة تكاد تقتلها بسبب براءة ملامح كارمن التي لا تضع مكياج ، و مع ذلك تتألق جمالاً.
نادين بغيظ و دهشة متصنعة : معقولة انا كمان هنزل شغلي الجديد مع ادهم انهاردة
ليلي بسخرية : و يا تري هتشتغلي ايه في الشركة !! هو انتي عندك خبرة في الشغل!!
كانت كارمن أيضًا متفاجئة جدًا، فمنذ متي كانت نادين مهتمة بالعمل ، ونظرت إلى أدهم الذي تحدث بهدوء : هتدرب في قسم التسويق تحت اشراف مدير القسم
هتفت نادين بغرور : نعم!! ازاي كدا يا ادهم انا مرات صاحب الشركة يعني علي الاقل ابقي انا مديرة القسم
ابتسم ادهم اليها بتهكم : و مدير القسم الحالي يروح فين .. انتي ماشتغلتيش بشهادتك قبل كدا يا نادين َعندكيش خبرة يعني لازم تبدأي من الاول ..
ثم نظر لكارمن مردفاً : و نفس الكلام ليكي
نظرت إليه كارمن باستنكار ، وواصل حديثه بجدية : لازم فترة تدريب انتي بقالك سنين ماتعرفيش حاجة عن الشغل و تدريبك معايا زي ما اتفقنا لحد ما انا نفسي اشوف انك جاهزة تستلمي منصب نائب مجلس الادارة
حدقت كارمن في الطبق أمامها دون أن ترد وتهمس بداخلها : بدأ الديكتاتور اللي جواك يبان يا دراكولا ..
انا متأكدة انك هتخليني الطم بالنحوي .. هبقي معاه علي طول ازاي دا انا متوترة من دلوقتي ربنا يستر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البارت العشرون
لا خيار في الحب ، حتي و إن كنت حريصًا
فهو رزق مثل المطر الذي يروي الأرض ، و مثل البرق يضئ سماء القلب بإرادة الله وحده.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في شركة البارون ديزين
دخل أدهم الشركة بخطواته الواثقة إلى الشركة ،
و تسير بجانبيه كارمن و نادين التي كانت على وجهها ابتسامة متعجرفة من النظرات الإعجاب التي لاحظتها من الموظفين.
أما كارمن فقد كانت خائفة عندما دخلت إلى الشركة ، لم يكن هناك فرق كبير منذ آخر مرة كانت فيها هنا ، لكنها كانت حينها زوجة عمر ، والآن تدخلها كزوجة لصاحب الشركة وشقيق زوجها الراحل.
تمشي وهي مرتبكة قليلاً ، ولم تشعر بنظرات بعض الناس الذين يحدقون بها بازدراء ، وبعضهم بفضول والبعض الآخر بإعجاب.
خرجت من دوامة افكارها متفاجئة عندما شبك ادهم أصابعه بأصابعها و هو يضغط عليها برفق ، وكأنه يرسل رسالة صامتة بأنه بجانبها ، لكنه لم يقصد ذلك بشكل تام لأنه كان يشعر بالغيرة تتوقد في داخله من نظرات الموظفين لها.
نظر إليهم بنظرة ثاقبة يعرفونها جيدًا ، فإنتبه الجميع يواصلون عملهم وهم في حالة اضطراب وخوف من غضبه.
وصلوا إلى المصعد ، فتكلم أدهم بهدوء موجهاً حديثه لنادين عندما وقفت موظفة أمامهم تلقي تحية الصباح بإحترام : الانسة هتوصلك لقسم التسويق يا نادين .. روحي معها
مطت نادين شفتيها بتعالي وغادرت معها ، تمشي بغطرسة ، وتتنفس بغضب ، لم يكن هذا ما كانت تخطط له ، لكن لا بأس ، ستجد طريقة لإصلاح الأمور وضرب هدفها بالإحتراف.
أما أدهم فدخل إلى المصعد مع كارمن
ابتسم بخفة وهو يلاحظ توترها المفرط ، اما هي فبدأت تقرأ القرآن في صمت لتجلب الهدوء في نفسها.
ادهم بإبتسامة حانية : ليه كل التوتر دا !! اهدي شوية
كارمن بخجل : هو باين عليا اني متوترة اوي كدا
ادهم بخبث : واضح اوي من ايدك المتلجة
لاحظت أنه لا يزال يمسك يديها بيديه ، وهو يربت عليها بحنان ، و يقول بصوت دافئ : انا معاكي خطوة بخطوة في كل حاجة اتفقنا
هزت رأسها بصمت ، وابتسامة جميلة على شفتيها ، و خرجوا من المصعد معًا، فجأة توقفت للحظة ، فاندهش هو من توقفها المفاجئ : وقفتي ليه ؟
كارمن بتساءل : هو انا هيبقي مكتبي فين ؟
ادهم بهدوء : مؤقتا هتقعدي في مكتبي لو تحبي او في مكتب السكرتيرة لحد ما اجهزلك مكتبك
كارمن بدهشة : طيب ليه ما اخدش مكتب عمر !!
اجاب بثبات كأنه توقع منها هذا السؤال : لإني طلبت تجديد المكتب بالكامل و ماتنسيش انك في فترة تدريب .. لما تبقي جاهزة هتستلمي مكتبك
نفخت في حنق ، فهو لديه إجابة على جميع الأسئلة ، واستمرت في المشي بجانبه بهدوء.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في الصعيد بمنزل الحج عبدالرحمن الشناوي
بعد الإفطار ، تجلس روان مع والدتها وعمتها و هم يتحدثان بعد أن غادر الجميع للعمل
حنان بعبوس : الواد ماجد اتوحشتو اوي يا خيتي حاسه ان البيت هادي قوي
حياة بتأييد : عندك حق هو دايما عامل حس للبيت ربنا يحميه .. بس يعني هي اول مرة يسافر يا حنان و بعدين ما انتي كلمتيه امبارح و اطمنتي عليه
حنان بقلق : مش عارفه ليه حاسه ان في حاجة مخبيها عننا خصوصا بعد اجتماعاته هو و ابوه الكتير في الايام اللي فاتت
روان بمزح : خايفه لا يكون متجوز عليكي في مصر يا حنون و لا ايه
حنان بغيظ : انكتمي يا بت بلاه الحديث الماسخ ديه
روان بجدية : انتي شغله بالك كدا ليه يا ماما .. ماجد مش صغير اكيد عنده سبب و هنعرفه في الوقت المناسب
حياة بهدوء : عندها حق البت خلاص يا حنان بلاش تقلقي نفسك علي الفاضي مش قالك انه راجع انهارده !!
حنان بإصرار : ايوه و هعرف منه اول مايرجع ايه اللي بيحصل من ورانا
ضحكت روان قائلة بمرح : امي دي طالما حطت حاجة في دماغها مش هترتاح غير لما تجيب قرارها
حياة بإبتسامة حنونة : سيبك منها المهم عاملة ايه مع جوزك يا بنتي مش ناويين تسافرو كام يوم قبل دراستك ما تبدأ
حاولت اخفاء حزنها و ردت بهدوء : الحمدلله يا عمتي احنا تمام بس مش هنلحق فاضل ايام قليلة و لازم اجهز نفسي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
ظهراً في شركة البارون
نظرت إلى المنظر الجميل أمامها من نافذة مكتب أدهم ، ثم نظرت إلى ساعتها بملل.
مرت ساعة منذ أن تركها أدهم في مكتبه مع مجموعة أوراق لمراجعتها ليتمكن هو من حضور الاجتماع ، لكنها ضجرت من الانتظار.
بدأت تفكر في الحرباء الجالسة بالخارج التي تدعى ياسمين منذ أن عرفها عليها بأنها زوجته ، وهي تتصرف بدلال زائد أمامها معه ، لم تعجبها تحركاتها أو طريقة حديثها هذه مع أدهم ، كما أنها كانت تتحدث عن مواعيده اليوم بطريقة ناعمة و رقة فائقه اثارت غيرتها بشدة.
زفرت غاضبة من نفسها بسبب أفكارها الحمقاء ، ودار حوار بينها وبين نفسها
كارمن : انا ايه اللي بفكر فيه دا من امتي و دا تفكيري اصلا .. اكيد دا من التوتر بتاع اول يوم شغل
النفس : شغل ايه يا كارمن انتي صحيح كنتي خايفه من الشغل بس بعد ما طمنك ادهم راح قلقك منه .. بس ياتري ايه سبب غيرتك من السكرتيرة اللي برا دي ؟
كارمن : ايه الهبل دا انا هغير عليه ليه؟
النفس : يمكن بتحبيه مثلا .. الغيرة دايما دليل علي الحب .. ليه استفزتك اوي البت دي بدلعها المايع عليه و ايه تفسيرك لما بيكون قريب منك قلبك مابيبطلش دق؟
كارمن بتعب : انا اكيد اجننت ايه اللي بقوله دا مينفعش احبه مش هستحمل افقده هو كمان
استغفرت ربها وهي تنهدت بحزن ، وفجأة خطرت على بالها صديقتها التي تعمل في الشركة هنا ، واتجهت خارج المكتب في محاولة للهروب من مشاعرها.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في شركة مراد
يجلس بهدوء و يتفحص الأوراق أمامه.
سمع رنين الهاتف فأجاب بمجرد أن رأي الرقم
مراد ببرود : ها ايه الأخبار عندك يا ياسمين في جديد
همست ياسمين بهدوء و هي تقف في حمام المكتب فهي خشيت ان يسمعها احد بالخارج : ايوه يا باشا مدام كارمن جت الشركة انهاردة مع ادهم بيه
مراد بإهتمام : و بعدين
ياسمين : ابدا هو راح يحضر اجتماع و هي قعدة في مكتبه
مراد : تمام تابعي كل حاجة بتحصل عندك و بلغيني فوراً و اي فرصة توقع بينهم تستغليها زي مافهمتك
ياسمين بطاعه : امرك يا باشا
يغلق الهاتف و هو يفكر أنه يجب أن يقابلها وتراه ، فيكفي اللعب من خلف الستار ، ربما يستطيع أن يسيطر على عقلها ويجعلها تترك أدهم دون الدخول في صراعات لا داعي لها.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في مكتب السكرتارية
خرجت كارمن من مكتب أدهم ، ومرت بجانب ياسمين التي خرجت من الحمام للتو وهي تعدل ملابسها.
توقفت لبرهة ثم التفت إليها وقالت بهدوء : انا هعدي علي صديقة ليا موجودة هنا في الشركة لو اتأخرت و ادهم رجع قبلي بلغيه بكلامي
ياسمين بخبث : تمام يا فندم هبلغه
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
نعود الي منزل الحج عبدالرحمن
دلف جمال الي الصالة الكبيرة
( جمال : الابن الوحيد لشقيق حنان ، شاب يبلغ من العمر 24 عامًا ، لا يفعل أي شيء سوى إنفاق المال والتحدث مع الفتيات عبر الإنترنت ، لا يحب العمل كثيرًا ، يتميز بخفة ظله و كان معجب بروان ، لكنه يعلم انها تراه اخاً لها فقط ، وجهه وسيم إلى حد ما ، وعيناه بنيتان ، ومتوسط الطول ، وجسمه رياضي )
فغطت روان رأسها بالحجاب وقامت من مقعدها لترحيب به..
جمال : مساء الخير و الهنا
الجميع : مساء النور
حنان : كيفك يا ولدي ؟
جمال : بخير يا عمتي تسلمي
روان : اخبارك ايه يا جمال؟
جمال : تمام انتي عامله ايه ؟ و فين ماجد لسه مرجعش من مصر
روان : لا لسه هيراجع بليل أن شاء الله
جمال : يجي بالسلامة يارب
الجميع : امين يارب
نهضت حياة بعد قليل قائلة بحنو : اعمل حسابك هتتغدي معانا يا ولدي كلها شوي و يجي عمك بدر و زين من المستشفي
جمال بإبتسامة : امرك يا خالة وحشني الاكل من ايدك
نهضت ايضا حنان : بالإذن احنا هنروح نحضر الغداء و انتي خليكي هنا يا روان مع ابن خالك و لما يجي ابوكي اديني خبر
اومأت روان بالموافقه
تحدث جمال وهو يحاول فتح مجال للحديث معها : جامعتك هتبدأ امتي ؟
روان بتنهيدة : بعد اسبوع
جمال بتودد : بالتوفيق يا رورو و لو محتاجة مساعدة انا موجود
ابتسمت روان قائلة بمزح : تساعدني في ايه يا فاشل انت ناسي الملاحق اللي كنت بتطلع بها كل سنه
جمال بحدة مزيفة : عيب يا بت بطلي لسانك الطويل دا
فأخرجت اليه لسانها تغيظه بعناد طفولي ، و انفجروا ضحكاً تزامنا مع دخول زين الذي إشتعلت عيناه غضباً ، و شعر بنار الغيرة تحرق قلبه وهو يراها تضحك مع هذا الشخص البغيض.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في الشركة عند كارمن
وصلت القسم الذي تعمل فيه صديقتها ، بعد أن استفسرت عن مكانها من الاستقبال ، و عندما دخلت التفتت إليها كل الأنظار بدهشة وتفحص ، فشعرت بقليل من الاحراج والخجل.
أنقذها صوت صديقتها التي هتفت بإسمها في ذهول وفرحة ، ونهضت تمشى نحوها ، واحتضنتها بحب ، وردت كارمن عناقها بالمثل.
ليلي بسرور : كارمن يا بنت اللذينا وحشتيني اوي
كارمن برقة : و انتي كمان و الله يا ليلي
تحدثت ليلي بعتاب مازحة : كدا يا واطية كل دا ماتسأليش عني خالص
كارمن بإحراج : معلش يا حبيبتي .. انا عارفه اني مقصرة معاكي سامحيني .. قوليلي اخبارك ايه ؟
ليلي بود : سيبك مني انا .. انتي اللي اخبارك ايه؟
لازم تحكيلي كل حاجة بالتفصيل تعالي
جلسو معاً بعيدا عن الموظفين
كارمن بإستغراب : هما بيبصولي كدا ليه؟
ضحكت ليلي بخفة قائلة بهمس : اصلك حديث الشركة انهاردة الكل تقريبا بيكلم عنك انتي و مرات ادهم بيه
كارمن بفضول : بيقولو ايه!!
ليلي : مستغربين وجودها بالشركة في لأول مرة و مستغربين اكتر انك ضرتها و جاية معها كدا عادي .. عارفه انا كنت عايزة اطلع اسلم عليكي بس خوفت من ادهم بيه
كارمن : لا عادي يا ريت تطلعي و تونسيني انا دماغي اتمسحت تماما من الشغل قرأت شوية اوراق صدعت و مليت شكلي اخدت علي قعدة البيت
ليلي بضحكة : لا ماتقوليش كدا فين كارمن النشيطة بتاعت زمان .. قوليلي لسه بتفصلي هدومك بنفسك بماكينة الخياطة
ضحكت كارمن برقه : لا بطلت من وقت ما خلفت و تقريبا كل وقتي مع بنتي
ليلي : يومين تلاته هنا في الشركة وهيرجع حماسك و ترجعي تبدعي زي زمان
كارمن بتنهيدة : ربنا يسهل .. بجد كنت محتاجة اتكلم مع حد و انتي جتيلي من السما
ليلي بحب : اكيد .. لسه اصلا لينا قعدة طويلة عشان افهم ازاي بقيتي مرات ادهم البارون هرتب يوم الاجازة و نتقابل
كارمن بإبتسامة رائعة : تمام حبيبتي
وأخذها الحديث مع صديقتها ومضى الوقت بسرعة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البارت الواحد و العشرون
المرأة تسعد بغيرة الرجل الذي يحبها ،
ولكن على شرط أن تدفئها تلك الغيرة لا أن تحرقها، وأن تفتنها بنفسها وحبها لا أن تسجنها،
وأن تعطيها إحساساً عارماً بالأهمية دون أن تدفنها، وحبذا كونها غيرة نبيلة تظهر في العيون والتصرفات وألم الرجل دون ألفاظ قاسية ولا عبارات نابية .. فضلاً عن الاتهام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في منزل الحج عبدالرحمن
هتف زين بصوت جهوري : السلام عليكم
توجهت نظرات روان و جمال الي زين الواقف بثبات امامهم ، لكن ملامح وجهه و تكور قبضته بعصبيه يعكسون مدي حنقه الداخلي ، فالغيرة نار والقلب حطب، فإن لمست قلبك الغيرة، فإعلم أنه سيحرق : و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
حاول التحكم في غضبه جالسًا بجانب روان على الأريكة ، ثم رفع ذراعيه ووضع يديه على كتفها وعصره بشده دون وعي منه.
ارتفع نبض قلبها من فعلته ، وأنذهلت من قبضته القوية على كتفها ، لكنها رغم ذلك الالم كانت سعيدة جدًا بقربه منها.
حسنا ، فلا جديد في علاقتهما الزوجية ، لكنها لا تنكر فرحتها باهتمامه بها وكل ما يتعلق بأمورها
تخدرت قليلاً من رائحة عطره الذي استنشقته ، والذي سحبها إلى عالم وردي ، ولم تلحظ النظرات الحارقة والحرب الباردة بين زين وجمال.
عادت للواقع على صوت والدتها وهي تتحدث معها
روان بإنتباه : نعم بتقولي حاجة يا ماما؟
حنان بإستغراب : وه بقالي ساعه بكلم يا بنتي .. قومي مع جوزك يغير هدومه .. و انزلو بسرعه عشان نتغدي .. ابوكي وصل و قاعد مع جدك في المندرة
روان : حاضر
رأت يد زين ممدودة إليها ، فنهضت واضعة يديها في يده ، فأمسك بيديها برفق وصعدت معه إلى الطابق العلوي.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
نعود الي الشركة
أنهى أدهم الاجتماع ودخل المكتب ، فرأى ياسمين تتفحص الأوراق بهدوء أمامها ، أو بتعبير أدق ، متظاهرة بالقراءة.
تحدثت ياسمين برقه : استاذ ادهم علي فكرة المدام خرجت من شوية
التفت إليها متفاجئًا بكلامها قائلاً بصوته الرخيم : ماقالتش رايحة فين؟
ياسمين بكذب : لا يا فندم
ادهم : تمام
تركها ليدخل المكتب
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند زين و روان
دخلوا الغرفة معًا ، فتركت يديه وذهبت إلى الخزانة ، تبحث له عن ملابس مريحة ، فهي اصبحت تهتم بكل مايخصه و هذا جعل مكانتها في قلبه تزداد اكثر.
تجعد حاجباها بدهشة عندما شعرت أنه يقف خلفها مباشرة ، ويحجب الضوء عنها بطول قامته.
لذا تحركت للالتفات إليه ، لكنها لم تستطع فعل ذلك لأنه كان قريبًا جدًا منها ، وشعرت أن ظهرها أصبح ملصقا لعضلات صدره تماما.
انحنى زين ، وهو يهمس بجانب أذنيها بصوت أجش بسبب انفعاله الشديد ، وغضبه الذي استمر بكتمه في الأسفل.
زين بفحيح : كنتي بتضحكي مع اللي اسمه جمال دا ليه؟
صدمت من حركته وشعرت بحرارة جسده تشع في جسدها ، لم تستطع الرد عليه لأنه كان قريبًا جدًا منها ، لكنها حاولت إخراج صوتها
روان بهمس متقطع : احم .. احنا .. كنا ...
لم يفهم كلامها ، فأدارها إليه
هرب منها الكلام وهي تراه عاري الصدر امامها ، فقد خلع قميصه وألقى به في إهمال على السرير
رمشت روان عدة مرات بتوتر و الخجل يغلفها ، و هي تقف أمامه ويحصرها بينه وبين الخزانة بعد أن رفع ذراعيه ، وسندهما على الخزانة حتى أصبحت محاطة بجسده من الجانبين.
تمتم زين بخشونه : كنتو ايه؟!
هل يمزح ، كيف يتوقع منها أن تتحدث عندما تكون في هذا الموقف؟
وضع إصبعه تحت ذقنها ورفع وجهها إليه ، فحدقت في عينيه بشرود ، و هو في انتظار ردها.
همست روان بعقل غائب : عادي .. كنا بنضحك
قرب وجهه اليها اكثر ، فلم يعد يفصل بينهما مسافة تذكر ، وأنفاسه الحارة اختلطت مع انفاسها و تلفح بشرتها بإثارة.
زين جز علي اسنانه بغيرة : مافيش حاجة اسمها عادي .. انا مش عايزك تضحكي معه تاني مفهوم كلامي
شعرت بفرح كبير في داخلها عندما انتبهت لنبرة الغيرة في صوته ، لذلك أرادت الاستفادة من الموقف قليلاً ، ولكنها لم تفكر في العواقب.
تمتمت قائلة بمشاكسة وبراءة : ليه يعني دا زي اخويا ؟
زين بحزم : انتي مالكيش اخوات غير ماجد و بس
ابتسمت له بإستفزاز : لا ليا
نظر زين إليها بحاجب مرفوع ، فواصلت حديثها بإندفاع : انت .. مش دا كان كلامك ليا في اول جوازنا اننا هنعيش اخوات واحنا فعلا زي الاخوات اهو .. يبقي جمال كمان اخويا زيك
ارتفع جانب شفتيه غاضبًا من كلماتها الاستفزازية ، فهي تمكنت حقًا من إثارة غضبه ، وقبل أن تفهم ما فعلته ، انحنى واطبق شفتيه على شفتيها ، وجذبها اليه ضاغطًا على خصرها بتملك ، وهو يقبل شفتيها المغرية التي أرهقته في الأيام القليلة الماضية بنهم شديد.
أغمضت عينيها بخدر أثر على جسمها بالكامل من عنف قبلته وحركة يديه على خصرها ، ولم تعد قادرة على الوقوف على قدميها ، فرفعت يديها المرتجفه من المشاعر المفرطة التي تختبرها للمرة الأولي في حياتها ، ممسكة بكتفيه تتثبت به في محاولة مجارته بهذه القبلة التي تملئها اللهفة و الشوق ، و قد غمرتها أحاسيس مليئة بالدفئ و السعادة وهي بين ذراعيه.
مرت عدة لحظات قبل ان يفصل القبلة ، حالما شعر بحاجتهم للهواء ، لكنه لم يتركها ، بل أحاط وجهها بيديه ووزع برفق قبلاته النارية على وجهها ورقبتها بهدوء.
همست بإسمه في استسلام وسط قبلاته اللاهبة : زين؟
نظر في عينيها و هو يتنفس بعمق من فرط انفعاله : خلاص كدا عرفتي الفرق بين جوزك واخوكي و لا اكمل عشان تتأكدي أكتر
احمرت خجلاً من كلماته الجريئة ، وحاولت التركيز بصعوبة ، وهي تهمس في اضطراب واضح : الغداء يا زين هنتأخر عليهم
همس زين بمراوغة : اخ نسيت خالص الغداء دا .. بس احنا ممكن ماننزلش و نطنش .. هما هيفهمو السبب
أنهى كلماته بغمزة لها بعينه
تمتمت في ارتباك وهي تكاد تذوب من قربه المهلك منها ، وأنفاسه الحارة التي أشعلت جسدها بحرارة لذيذة وتمنت البقاء معه أيضًا ،
لكنها همست بالعكس ، فهذه المرة ليست مناسبة حقًا ، فالجميع منتظرين في الأسفل : ماينفعش يا زين كدا لازم ننزل
همس زين بإبتسامة امام شفتيها : طول ما انتي بتنطقي اسمي بالطريقه دي ماطلبيش مني اني اسيبك واسمعي كلامي احسن
وضعت روان يديها على صدره ، في محاولة دفعه بعيدًا ، ونظرت إليه في رجاء ترمش بعيونها واسعة : خلينا ننزل نتغدي الاول و بعدين نتكلم عشان خطري
توتر جسده عندما لمست صدره ، فأمسك بإحدى يديه كفها الصغير الذي تضعه على صدره العاري ، ورفعه إلى شفتيه يقبله بحنو.
تنهد زين بقلة حيلة قائلا بإبتسامة ساحرة ، وقرص طرف انفها برفق : ماشي بس اوعي تضحكي للي اسمه جمال دا تاني
ضحكت روان بخفة سعيدة كثيرا بتغييره معها و قربه منها وغيرته عليها ، ثم أومأت برأسها دليل علي موافقتها.
في البداية لم يعرف سبب شعوره بالقهر والغضب من حديث جمال عن روان أمامه ، لكن الأمر أصبح واضحًا الآن ، فكما يقال ، إذا وجدت نفسك تشعر بالغيرة علي شخص ما ، تفقد مشاعرك جيدًا ، قد تكون في حالة حب وانت لا تعلم.
والآن أصبح واثقًا أن الشعور الذي يكمن بداخله هو عشق و حب كبير جدًا ، فهو لا يطيق تحمل رؤيتها تمزح مع أي شخص ، و لا يريد ان يفقد السيطرة علي نفسه و يجرح مشاعرها ، فالغيرة نار تحرق من يشعر بها وتحرق الحبيب أيضاً ، انه يريد ابتسامتها الرائعة أن تكون بسببه وهو فقط.
رغم ما حدث له في تجربته السابقة بالحب ، وتعرضه للخيانة وانعدام الأمان الذي شعر به في ذلك الوقت ، لكن منذ أن تزوج روان وقد تغيرت كل مفاهيمه عن الحب.
لقد داوت تلك الطفلة جراح قلبه وروحه ببراءتها ونقاوتها وصبرها ، وكذلك حبها الواضح في كل تصرفاتها ، وقريباً ستصبح زوجته فعليا.
لكنه قبل ذلك يجب عليه أن يصلح ما أفسده معها في بداية علاقتهما معًا ، فهو يعلم أنه أساء إليها برفضه ، و لا يستطيع المطالبة بحقوقه الزوجية معها الآن دون أن يعترف لها بمشاعره تجاهها أولاً ، رغم انه يتوق شوقا اليها.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد مرور ساعه في مكتب ادهم
وقف أمام النافذة ينفس الدخان بغضب ، فهذه من عاداته السيئة عند التوتر يدخن السجائر ، ولكن ليس كثيرًا للحفاظ علي لياقة جسده و صحته.
سمع قرعًا خافتًا على الباب ، فأذن بالدخول دون ان يكلف نفسه للإلتفات
كارمن بنبرة ناعمة : مساء الخير
عندما سمع صوتها استدار ، لينظر إليها قائلاً بحدة لم تفهم سببها : كنتي فين كل دا يا مدام؟
اجابت كارمن بتلقائية : انا كنت في مكتب وحدة صحبتي هنا بالشركة
اندفع أدهم نحوها ووقف أمامها ، قائلا بصوت جهوري : بلاش كذب يا كارمن .. صحبتك مين اللي بتشتغل هنا في الشركة وانتي بقالك سنين سايبة الشركة
استغربت كارمن كثيرا من غضبه الغير مبرر وصوته المرتفع ، لكنها استشاطت غضبا من هجومه واتهامه لها بأنها كاذبة.
هتفت كارمن بحدة : ايه الطريقه اللي بتكلمني بها دي .. كأني مذنبة واقفه قدامك؟
ادهم بنفاذ صبر : لما اسألك سؤال تردي بإجابة واضحة بلاش اسلوب خدوهم بالصوت دا معايا
تحدثت كارمن بذهول حقيقي من غضبه ، و لكنها لا تدري أن الغيرة هي العدسة التي تكبر الأشياء الصغيرة ، ثم بدأت تلوح بيديها بدهشة : انت مكبر الموضوع ليه كدا .. انا زهقت من القعدة لوحدي و افتكرت ان في ليا صديقه بتشتغل هنا .. كانت معايا بالكلية روحت اسلم عليها
نظر أدهم إلى ساعته ثم إليها قائلاً بجدية : انا مخلص اجتماع من ساعه تقريبا كل دا بتسلمي عليها
اردف بغيظ : ودا مكان شغل مش نادي تقابلي فيه صحابك وحتي لو حصل و هتروحي اي مكان تبلغيني او علي الاقل سيبي خبر للسكرتيرة
فركت كارمن يديها معًا في حرج مثل طفلة صغيرة وقالت بصوت منخفض : عندك حق هو مكان شغل .. بس انا لسه مش متعودة وبصراحة الكلام اخدنا محستش بالوقت ..
قطبت حاجبيها حين تذكرت ما قاله منذ لخظات ، لتقول بإندهاش : وبعدين انا فعلا قولت للسكرتيرة اني هروح اشوف صحبتي وقولتلها تبلغك
ادهم بإستنكار : تاني بتكذبي هي قالت انك خرجتي من غير ماتقولي حاجة
كانت غاضبة من غطرسته التي حاولت التغاضي عنها ، ولكن إلى هنا طفح الكيل حقا ، تلون وجهها باللون الأحمر من الغضب وغصه كبيرة تتشكل في حلقها.
رفعت سبابتها أمامه بتحذير قائلة بصوت عالٍ : علي فكرة انا مش محتاجة ابررلك اي حاجة .. ومش هسمحلك تقول عني كذابه يا ادهم فاهم .. واظن شركة كبيرة زي دي اكيد فيها كاميرات في كل مكان .. ابقي اتأكد بنفسك قبل ماتتهم الناس بالباطل .. عن اذنك
التقطت حقيبتها من علي الأريكة ، وغادرت مكتبه والشركة بأكملها
خرجت من الشركة مختنقة بالعبرات ، هي لم تفعل له شيئا ، فلماذا هو غاضب جدا منها ؟
الأن لا تعرف كيف ستصل إلى المنزل ، لقد جاءت بسيارته
أرادت عبور الشارع ، لكن الدموع التي ملأت عينيها جعلت نظرها مشوش ، ولم تلاحظ السيارة التي ظهرت أمامها فجأة ، نظرت إليها وهي تشهق في ذعر وأغمضت عينيها ، وهي تستعد لإرتطامها بها ....
البارت الثاني والعشرون والثالث والعشرون والرابع والعشرون من هنا