قصة عشقت امرأة خطرة
البارت الخامس والثلاثون 35
بقلم ياسمينا احمد
الصدمة كانت كبيرة على إستيعابه إتسعت عين "فايز"وهو يحدق به مذهولا مما سمع ومع شعوره بالتأرجح إستند على عصاه حتى لايسقط ،شعر بأن قلبه سيخرج من مكانه مما دفعه على وضع يده عليه هتف بصوت غاضب رغم حدته ضعيف :
-ملعوووون
رفع ذلك الرجل الخبيث كتفه ورد قائلا :
- إسألها ،دي دافعه لياعشرين الف جنيه .
إذدرء "فايز" ريقه لم يكن يحتاج توضيح أكثر من هذا لقد طلبت منه "بثينه"بالفعل هذا المبلغ منذو مده قصيره
استدار عنه وهو بحالة رثه لقد هدمه الشر الذي فعلته إبنته وخاب امله فى جمع شمل عائلته، خطواته كانت ثقيله وهو متجه نحو سيارته حتى لاحظ الرجال ما به وهرعوا تجاه لكن قبل ان يصلوا إليه كان ساقطا أرضا ينازع من ألم قلبه .
"فى القصر"
إنها لطامة كبري على رأس "بثينه"و"مها" خبر إحتمال حمل "صبا" الذي سمعوه لتوا من الطبيب المغادر للقصر ،رددت "بثينه" بصدمه:
-إزاي ،دى أمها قعدت سنين ما بتخلفش إزاى دي تحمل بسرعه كدا؟
نفس الصدمه تقاسمتها معها "مها " لكنها كان لديها أمل فهتفت :
-دا مجرد إحتمال ممكن ما يكونش حقيقي ،انتى ما سمعتيش الدكتور قال إيه؟
التفت اليها "بثينه" وقد بدت خائفه من ان تتكرر هذه الفصيلة من جديد،قالت مترقبه:
-تبقي مصيبه لو بصحيح
اشتر شر "مها" وهى تفكر فى مصير ما تملك "صبا"واخيها الذي ينتظر بفارغ الصبر الظفر بها لذا لم تتردد فى قول:
- ولو بصحيح إحنا هنخليه مش بصحيح.
نظرت اليها "بثينه" بتكهن ثم إبتسمت وهى تجيبها:
- يبقي علينا وعلى ابو الفتوح
اطاحت "مها"برأسها بنفي وهتفت:
-لااا المرة دى عشان أتاكد إنها مش هتفلت هتكون بيدى
لم تقاوم "بثينه" رغبتها فى الضحك بصوت عال وبانتصار أخيرا وجدت من يشاركها كرها وأحقادها
حضنتها بقوة وهى تقول بإشادة:
-مرات أخويا حبيبتي
-الله الله إيه الحب دا كلوا
قاطعهم صوت "عماد" القادم من الدرج ابتعدت عنها "بثينه " واستدارت نحو وجهته لتحدثه :
-وايه يخلينى ما أحبهاش المزاج واحد
هيئة "عماد" لازالت تحت الترتيب فهو يخطو للاسفل وهو يعقد رابطة عنقه ويحمل جاكت بدلته على يده ،سمع اجابتها ورد بتحسر:
-واللى فوق دى ما لهاش فى الحب جانب
تحركت" بثينه "صوبة لتتنظره اسفل الدرج واجابته:
-مين قالك ؟ دى ونيسة دى الحب كلو ،دا انا كلوا اللى بعملوا فى مصلحتها
اخيرا وصل لها فقال وعلى وجهه علامات الضيق ليقول بحنق :
- والنبى ابقى شوفى مصلحة اخوكي بالمرة لاحسن انا على أخري .
حدقت به مليا ثم استشفت ما يريد وسألته بإمتعاض:
-اتخانقتوا تانى
أشار الى أنفه ليبرز اثار لكمه زيد وتحدث :
-المرة دى غير إبن اخوكي مد ايدوا عليا
اتسعت عيناها وصاحت غير مصدقة:
-معقول
كاد ت أن تخدعها الصدمه لكنها تذكرت من يكون "عماد" ارتخت تعبيرها واردفت بملل:
-انت مش هتبطل تعاند فيه يا عماد
نظر لها ببرود ورفع احد حاجبيه مجيبا بترفع:
- لما يبطل معيله هو، أهو اتجوز مرتين وكبر ولسه بيغير على أمه مني
تعرف ان الخلاف ازلى بينهم لكن تخشي ان يستغل "عماد" هذا الموقف ضده فتمسكت به وهى ترجوه:
- إوعي تقول لأبويا
ازاحها من وجهه ونظر بإتجاه "مها" التى كانت تسمع وتشاهد جيدا للحوار واضاف:
- مش انا اللى هقول العصفورة اللى هتقول
فهمت "مها"مغزى كلامه فقالت مبتسمه:
-العصفورة ما بتقولش ببلاش خدمه قصاد خدمه
أؤمي بالموافقة وأجاب:
- معلووم
غادرتهم "بثينه"متشنجه وصعدت للاعلى لتعاتب "ونيسة"عما حدث حادثه مثل هذه ستدمر "زيد"
"بالأعلى"
كان يقف "زيد"امام فراش "صبا "مشدودا مما سمع فى وقت سابق كان ليفرح ويزع الارض وردا من فرط بهجته أما
الآن هو معلق فى الهواء بين قلبه الذي يسقطه نحو قاتلة إبنته وعشقه لتلك الإمراة الخطره .
"صبا"
فتحت جفنيها بثقل لتراه أمامها لم تكن تصدق أنه أمامها
دارت رأسها بضعف من حولها لترى جدران غرفتها التى طُردت منها إلي جحيم غرفة مظلمة وبارده وقضت بها ليله من اصعب ليالى حياته ،فرددت بصوت ضعيف منهك:
-زيد ،انا بحلم ولا أنا فعلا معاك
لم يجيبها ورفع حاجبيه بتعب فلازال لا يجد ما يقوله لها ولا يقوى على الحديث معها
ادمعت عينها عند ملاحظت هذا وشعرت بشئ ينغز فى ظهر يدها لترفعها فى مقابل عينها وتلاحظ الابرة
الموصولة بقنية بيضاء تقطر محلولا عبر خرطوم رفيع
ازاحت يدها لتعاتبه بدموع :
-شفت يا زيد وصلتنا لفين؟
لم يكن يتحمل كل هذا الضغط وإلقاء اللوم عليه فهتف بنبرة غاضبه :
- انا اللى وصلتنا ولا عنادك وكبريائك ،أنا تغاطيت عن مشاكل كتير وغمضت عينى وإنتى بضايقى أمى وعمتى
وبتسغلينى عشان تتنقمى لكرمتك وأنا بقول عادى طايشه
وبديلك مبررات عشان بس أحافظ عليكى كل دا وفجأة تغدرى بيا أنا،انا يا صبا الإيد اللى اتمدتلك والقلب اللى احتواكى كسرتيه ميت حته و عشان" نهى" ما تجيش البيت قطعى قلبى بأنانيتك وغرورك أنا أستاهل منك كدا .
كان صعب عليها السيطرة عليه ولكنها ايضا كانت تعانى من سؤء ظنه إليها وعدم تصديقها كما إعتادت من والدها ضغطت بيدها على الفراش لتنهض من مكانها ثم تحدثت بخذلان :
- إزاى مش مصدقنى إنى ماليش ذنب فى موت مريم انا عمرى ما كذبت عليك والله
قاطعها مشيرا بإصباعه في حده :
-بس خبيتى ،خبيتى عليا إنك قبلتى رياض تانى
تفاعلت مع حديثه بحزن وهتفت بصدق :
-انا ما كنتش عايزه أقولك عشان ما تضايقش والوقت مش مناسب ،وانا عرفت أصده كويس وفكرت الموضوع مش مستاهل
أشهر أصبع الاتهام نحوها وهو يزمجر بغضب :
- إنتى بقيتى بتفكرى لنفسك ،رياض كنتى سايباه على جنب عشان لو رميتك بعد موت مريم تروحيلوا
قضبت حاجبيها من اسفلهم اعينها إمتلئت بالدموع وإستنكرت إتهامه وقالت بانفعال :
- اوعك يا زيد تشك فيا انا أصلا حبيتك عشان انت وثقت فيا ما دمرش كل حاجه
وجهنى بيه وأقولك قدامه انا عملت فيه إيه ؟ وبلاش تظن فيا كدا
استدار عنها خشية ان يضعف امام دموع عينيها المتلألئه
وتحدث بعصبية من بين أسنانه:
- انا بس ظـــنـــيــت إنـــــتِ خــالـــفــتــى كـــل الـــظـــنــون
تيقنت أن النقاش معه لا جدوى منه حاليا طفي على ذهنها حديث"زوج عمتها" وإستدعت قواها إنها إبنة إمرأة يهابها الجميع حتى وهى مغلولة اليدين،لذا ركزت هدفها على البقاء هنا ومن بعدها ستغير وجهة تفكيره تماما وتعيده من جديد لأحضانها قالت مدعية الاستلام :
-يظهر إن الكلام ما منوش فايده ،على الاقل خلينى فى اوضتى بلاش ترمينى زى الكلبه لحد ما تتأكد إذا كنت أستاهل منك كدا ولا لاء.
هتف بغموض شديد قبل ان يغادر الغرفه بالكامل :
-خليكى .
برغم حزنها على مابدر منه إلا أنها ابتسمت فى نجاحها المبدئي فى الحصول على ما تريد مؤقتا .
"فى غرفة ونيسه"
وبختها "بثينه"بانفعال:
- هو انتى لسه صغيره على كدا يا ونيسة تدخلى زيد فى مشكلة زى دى مع عموا ،ابويا لو عرف هيقلب على زيد
هتفت وهى تلوح بيدها فى حنق :
- سبينى فى حالى انا تعبت من الدنيا دى كلها ربنا ياخدنى ويريحنى
زعقت بها "بثينه" فى حنق:
-هو دا اللى انتى فالحه فيه ،ولما ربنا ياخدك ولادك التانين دولا مصيرهم إيه ؟ولا زيد ابنك اللى فى ايد العقربه بنت بشري هيبقى ايه ؟
زفرت ونيسه بملل وردت بحسره :
- سيبى زيد فى اللى هو فيه عمو من جهه ومراته من جهه
اجابة "بثينه"وهى تحرك جانب فمها الى كلا الجانبين:
- مراته ،انتى نايمه فى ماية البطيخ ،مراته نايمه فى اوضته واحتمال تكون حامل
انتفضت "ونيسه"من مكانها وكأنما لدغها عقرب اتسعت عينها وهى تردد خلفها بدهشه:
-حامل ،انتى بتخرفى تقولى ايه ؟
تجاهلت "بثينه" سبها لانها تدرك واقع الصدمه عليهاوهتفت مجيبه:
- بقول اللى شوفته وسمعته ،ابنك جابها من الاوضه اللى برا شايلها بين اديه وجابلها دكتور
"انا الصبح هكون هنا" رنت جملة صبا على مسامعها التي قالتها فهمست من بين أسنانها :
ـ قالتها وعملتها بت بشري يبقى كانوا بيلعبوا بيا ولا ايه ؟
نهضت من مكانها فورا واتجهت صوب الباب ،نادها بثينه متعجبه وهى تنهض من خلفها :
-ونيسة رايحه على فين ؟!
لم ترد عليها وإنطلقت كالسهم في الطرقه لا تولي لألمها أي اهتمام وكأنما إبنها خدعها لقد شددت من قبل عليه أن لا ينجب لها أحفاد من تلك الملعونه
"في غرفة صبا "
فور ما ترك زيد الغرفه اسرعت "مها" نحو غرفتها كانت لا تصدق تحول تلك الطفلة التي ربتها على الخوف
والإرهاب تفعل المستحيل وتبنى حياه ابدا لم تتمناها لها ولم تحصل عليها هي .
وقفت امامها وحاولت ان تبدى عطفها المزيف وهى تهتف بتأثر :
ـ أي يا صبا مالك انا صحيت لقتهم بيقولوا ان زيد طردك
تعرف "صبا" نوايها فلم تتأثر بما تقول فردت بهدوء:
ـ لاء ما تقليش يا طنط زيد ما يقدرش يستغنى عنى
تحركت لتجلس بجوارها واستمرت على نفس حالتها المزيفه :
ـ يا بنتى احكيلى دا انا اللى مربياكى دام افيش حد في الدنيا هيحبلك الخير قدى
قلبت عيناها بملل وزفرت أنفاسها وحاولت إحباطها بالقول :
ـ دعواتك بقى اصلى احتمال أكون حامل
تحولت تعابير "مها " للضيق سريعا وسألتها بنبره حازمه :
ـ إزاى يا صبا ؟
التفت "صبا" لها واتسعت عينها بتركيز متسائله :
ـ إزاى يعنى إيه يا طنط ؟
وجهها كان يشتعل من الفكره لكنها كان عليها أن تكمل خطتها في استدرجها وردت ب:
ـ لاء اصل يوم فرحك كان فيه حريق باين وحماتك وزيد ما كانش معاكى
مطت شفاها بابتسامه بارده وهى ترد مغيظه إياها :
ـ لاء ما انتى برضوا ما تستهوني بيا يا طنط
"مها"عضت طرف شفاها ظلت تنظر لها بانفعال نجحت في إغاظتها لكنها لن تسكت على هذا
مهما كانت هي كانت طفله صغيره تحت يدها تهاب حتى النظر في عيناها سألتها ببرود وكأنها تكويها
بجمره :
ـ لسه بتخافى من الضلمة ؟
إذدرئت ريقها ما كانت لتهزم منها ابدا بعدما اصبح "زيد" في ظهرها لكن بعد ليلة أمس تلك الكلمه موجعه
لاحظت تغير وجهها فإبتسمت وهى تسترسل :
ـ عينى عليكى يا صبا بقى هونتى عليه يرميكى في اوضة الفيران عموما عشان تعرفى إن كل اللى بيعاقبك بيعاقبك
عشان مصلحتك .
استدارت عنها وهتفت بنبره هادئه :
ـ انا عايزه انام
جذبت الغطاء على رأسها لتختفى من تحت انظارها ،نهضت "مها " ووقفت تنظر عليها لم تنل منها شيء ثم دارت بعينها
في الغرفه التي تناثرت فيها ملابسها في كل اتجاه لكن هناك شيء هام موضوع أعلي الطاولة القريبه هاتفها تحركت صوبه واخطتفته وخرجت تماما من الغرفه .
"ونيسه "
زعقت فى وسط المنزل بصوت حاد:
-زيــــــــد ،يــــا زيـــــــــد
وقفت اعلى الدرج تنادى بإسم ولدها الذي لم يكن يتجاوز الباب الخارجي حتى الآن عاد مهرولا باتجاه صوت والدته
قلقا مرتبا متخوفا أن يكون حدث لها مكروه،رفع رأسه للاعلى فوجدها تهرول بإتجاه للاسفل وهى تزعق بحده :
-حصل إزاى ؟! قولى إزاى ؟
كانت بثينه تقف خلفها تتركها تتحدث بحريه وتشاهد بصمت ردة فعل "زيد"
انتشر على وجه علامات الاستفهام وهو يحدق بوجهها المقبل باتجاه فى غضب وانتهى كل هذا حينما أردفت بجنون :
- حامل إزاى ؟!
سؤال إجابته معروفه إنها زوجته أمام الله وأمام الجميع كيف لها أن تسأل سؤال ليس له معنى ولا تفسير سوى أنها زوجته وهذا أمر طبيعي ،اجاب بضيق :
-زي الناس يا أمي
صرخت عاليا وهى تواجهه بإنفعال:
-لااااا دى مش زى الناس دى اقل من كل الناس دى بنت بشري ،ازاى وأمها قعدت سنين على ما خلفتها هى تخلف بالسرعه دى اكيد لعبه من ألاعيبها عشان ترجع تقعد هنا.
رغم انها تنكر إلا أنه يزداد يقينا أن والدته تكرها بلا سبب واضح حتى وإن لم تكن حامل فهى لن تحبها،هتف :
-الدكتور لسه ما أكدتش التحليل هى اللى هتبين ومسألة قعادها هنا ما تنسيش إنك إترجتينى أخليها ترجع هنا .
شعرت بالخجل من مباغته برجائها الخاص وتذكيرها بأنها حاولت من دون حيلة" صبا "للعودتها من أجل شفقتها عليها فقالت بلسان متعثر عكس ما كان من قليل:
- ااايوا قولت لو كان انت مش عايزها ،وجدك مش هيوافق على الطلاق خليها ترجع مكان ما جات ومرات أبوها موافقه .
كانت "مها" حضرت لتسمع الجديد ووجدت فرصتها بالتدخل فهتفت بتلهف:
-ايوا يا زيد أنا مستعده أحل المشكلة دى وأخدها ونرجع سواء طلقتها أو لا
ضيق عيناها وهو يمنحها نظرة ثاقبة ،ثم صر على أسنانه بغلظه رافضا التدخل بينه وبين زوجته مهما كان قدر الخلاف بينهما سحق الكلمات أسفل اسنانه وهو ينطق بها :
- مافيش حد يدخل بينى وبين صبا،صبا مراتى وأى حد هيتجاهلنى وهو بيتكلم عنها هــعــرفـــوا مــقـــامه كــويس مــفــهوم ولا لاء.
هيئة المرعبه التى تحول لها كانت كفيلة لترعبها ،لا إراديا وجدت نفسها تؤمي بإذعان وهى تقول:
- مفهوم
صوت هاتفه شق الصمت الذي تلي كلمة" مها " فجذبه من جيبه ليرفعه على اذنه دون إزاحة نظره عنها ،تحول وجهه للعبوس وانتشرت علامات الصدمه وردد بقلق بالغ:
-فى أى مستشفى ؟!
الكلمة شتت أذهان الجميع فتلهفوا ليسألوا بفزع:
-فى إي يا زيد ؟
- مين فى المستشفي ؟
أجاب متالما وهو يستعد للمغادرة في عجل وارتباك :
-جدى فى المستشفى
اثارت كلماته الجنون وإستحضر ا مئات المشاهد والسناريوهات وصاحت "بثينه" بصراخ :
-أبوياااااا
"فى المستشفى"
كان "فايز"يصارع للتقاط أنفاسه وسرعان ما أسعفته ايدى الأطباء الذين شخصوا حالته من الوهله الأولي بضيق في التنفس نتيجه جلطه فى الشريان التاجي بالقلب وبدا التحضير للدخول للغرفة العمليات وعمل قسطرة
وقف الكل في انتظار أى شئ يطمئنهم عليه بالاخص "زيد"كان يرتعش قلبه خوفا من فقدانه لم يكن فايز
مجرد جد فقط بل كان ل "زيد"اب وصديق وداعم بجواره يشعر بالأمان وبدونه تنتهى الحياه .
اسندت "ونيسه" برأسها إلى الحائط تدعو وتتمتم أن يطيل عمره فبرغم قسوته عليها طول العمر إلا أنها تدرك أهميته
واهمية وجوده فهو حارس حياة ولدها الأكبر "زيد" إن رحل عنهم ستعم الفوضي وسيفرق "عماد" بينه وبين أخوته
ويزداد ظلما وجبروتا عليها وتزداد إستحالة الحياة بينهم
ويبدأ جحيمها على الأرض عندما تتواجه وجها لوجه مع قسوة "عماد" التى لم يردعها سوي أبيه .
"بثينه"
كاد ان تشق عبائها من فرط القلق تغدوا الطرقه ذهابا وايابا ودموعها لم تجف كلمة "أب"قليله على هذا الرجل القامه والاستثنائي رغم انه لم يكتب لها من الإرث شيئا لكن كان يكفيها أنه يغمرها بحنانه ولطفه ويلبى كافة مطلباتها دون رفض او تذمر سواء طلب او لم تطلب
فهو لم يكن يبخل عليها ويجود بكل ما يملك كل هذا كان نقطه فى بحر من فقدانه هو كشخص إن الأب نعمه لا تعوض وسند لا يميل وحب بلا سبب أو شروط .
"عماد"
كان مترقبا والده إن رحل سيترك الامر كله بيد حفيده المدلل وسيظل تابعا لألد أعدائه طيلة حياته الباقية
هذا أكثر ما كان يخيفه وليس موت أبيه فمعظم من ماتت
قلوبهم وتحكمت القسوة بهم يكن الجحود عنوانهم وأقل ما يقال عنهم أندال .
رغم ان فايز كان يحمل عنه الكثير والكثير لكن كما قال الله تعالى فى كتابه الكريم
"إنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التى فى الصدور"
"مها"
الامر لم يكن يعنيها جديا عقلها ليس هنا هي تفكر في أخذ كل شي من صبا حتى أنفاسها تستكثرها عليها
الآن معها هاتفها وستحول كل صورها الخاصه الى هاتفها .
اخيرا وبعد مده طويله من القلق خرج من غرفة العمليات محملا على فراشه الى العناية المشدده
"لدى صبا "
جلست بنصف جسدها على الفراش بعد إنتهاء المحلول تتابع" نجلاء" التى تنظم ملابسها التى بعثرها زيد بالغرفه وتعاينها قطعه قطعه بأطراف أصابعها وبأعين منبهره مع كل مرة تعلق أحدهم يالخزانه ،ويدها تعبث بفراء قطها النائمه على قدمها ،فقالت وثغرها مبتسم :
- عاجبينك يا نجلاء
اجابت وهى تبادلها الابتسامه بفرحه عارمه:
- إلا عاجبنى ،كل لبسك مش شبه ستات البلد هنا حاجة شبه الستات اللى بتطلع فى التلفزيون
تحدثت "صبا"بسماح وهى تشير للخزانه قائله:
- طيب نقي أحلى واحده واكتر واحده عاجبتك وخديها
انفرج فمها غير مصدقة إغداقها بالنعم وصاحت بدهشه:
-ليا أنا معقووول ايش جاب لجاب يا ست صبا دا حتى لو لبستها عمرها ما هتكون حلوة عليا زيك
هدرت صبا ضاحكه:
-يا بكاشه خدى اللى عاجبك يا نجلاء
تهللت "نجلاء"وقالت فرحه:
-ربنا يعطيكى ما يحرمك ويحبب سي زيد فيكى كمان وكمان
تغيرت نظرة "صبا" وتحولت للغموض وراحت تسألها بدهاء:
-هو إنتى شايفه إن زيد بيحبنى اوى كدا يا نجلاء
أجابت الأخري بإهتمام :
-إلاء بيحبك ،دا انتى ليكى حاجات كتيره عن مراته الأولي دا اللى عملوا معاكي فى شهر ما عملهوش معاها فى السنتين اللى عاشتهم معاه
جلبت إهتمامها بالحديث عن ماضي "زيد" لكنها لم تريد أن تبدى هذا لذا دفعتها للحديث والاسترسال دون أن تشعر وهتفت متصنعه اليأس:
- اه صحيح هي كانت مراته الاولى رمها برا القصر ولا كان ورها ربع القسوة اللى انا شفتها
وقعت "نجلاء" فى الشبكة وفاضت بحديث متسرع عن كل شئ تعرفه وكل تكهناتها أيضا وراحت تسرد قائلة:
-فى فرق يا ست صبا بين إن الست تبقي مع الرجل فى نفس الاوضة وبرا قلبه وست تانيه فى قلبة بس مش جانبه انهو أحسن
أطاحت برأسها "صبا"ورددت :
-قولى إنتى انهي أحسن
اجابت نجلاء:
-سيدى زيد ماكانش بيجي يبات هنا كتير لما كانت ستى غاليه عايشه إنما انتى لما جيتى بقي يجي على طول وخاصتا لما اتجوزك بقى حد يصدق إنه يقعد على يتغدأ ولا يفطر ويتعشي معاهم دا غير نصفته ليكى قصاد أمك ومرات ابوكى انهارده ياسلام على حمشنته وهو بيقول دى مراتى اى حد هيدوسها على طرف هعرفوا مقامه
أنهت جملتها بإبتسامه واسعه وكأنما قالها عنها وأردفت:
- إوعـــد نا يارب
سرعان ما تسلل اليأس من جديد لنفسها وقالت:
-هـيـوعدنا ازاى هو فى زى سي زيد فى البلد كلها
التفت سريعا لصبا التى لم تغادر سطرا ولا لفته دون معاينه عميقه زمن الامبالاه ولي وعليها أن تكون يقظه وتجمع أطراف كثيره حتى تدخل الحرب بكامل قوتها،فسألت بدهشه :
_معقول زيد قال كدا ؟
قالت نجلاء واعينها متسعه:
- ايوا ،زيد بيه دا زينه شباب البلد كل بيت يتمنى يناسبه وكل بت تتمنى واحد زيوا رجولة وايدوا سابقه فى الخير ولسانه بينقط شهد لما يبقي مزاجه رايق وحتى لو متعصب بردوا قمر مين فى البلد كلها ما تتمناش إنه يبصلها والنبى إنتى إمك دعتلك فى ليلة القدر
"صبا"
اغمضت طرف عينها وسألتها بإبتسامة مازحه:
- إنتى بتعاكسيه قدامى يا نجلاء ؟
ضحكت "نجلاء" دون مبلاه ورددت عليها مشيرة للخارج:
-إطلعي إنتى برا القصر والبلد كلها هتعاكسوا قدامك ووراكى ، انتى اللى مش عارفه قيمة النعمه اللي معاكى
"دا زيـــــد الـــــواصــــل"
توقفت عند جملة واحده وأمسكت بذراعها لترجوها قائلة:
-ايوااا بالله عليكى قوليلى إزاى أخرج برا القصر دا بدل الحبسه اللى انا فيها دى وفى ايه برا انا ما أعرفهوش .
عادت "نجلاء" لتطبيق الملابس واجابت وقد إكتسي وجهها بالحزن وهى تجيب :
-فى ناس غلابه بينحتوا فى الصخر عشان يلاقوا قوت يومهم صحتهم على قدها عشان ما فيش مستوصف عدل يعالجهم وجوزات كتيرة بتقف على غسالة ولا بتوجاز ناس بيشوفوا اللحمه فى الاعياد وبس ناس نفسها تعلم عيالها بس المدرسة مش بتكفي كل عيال البلد ناس عايشه ومش عايشه
تأثرت "صبا" بما سمعت وسألتها بضيق:
- وليه جدوا مش بيساعد ؟
-جدك هيساعد مين ولا مين ؟البلد مافيهاش غير مدرسة واحده ومستوصف واحد جامعين للصلاة البلد بتكبار على اللى فيها وبتضيع الناس الغلابه فى النص
احيت بحديثها هذا سؤال فى جيب ذاكرتها :
-مش عمو عماد بيحاول يبقى نايب لما يبقى نايب أكيد هيعرف يعمل خدمات للبلد هنا ويجيب تمويل ليها
اجابت "نجلاء" متعصبه ويبدوا أنها نسيت نفسها عندما استفزتها صبا بهذا السؤال :
- عمك عماد عايز يبقى نايب لمصلحته هو مش مصلحة حد وبيستغل اسم وشهرة ابوه عشان نفسه يطلع بحاجه وقيمه غير اللى ابوه إدها لزيد ومن قبلة ابوه نادر الله يرحمه
كانت تحتاج تفسيرا لذا سألت بوضوح:
-يعنى مش فى نيتوا ينفع الناس دى
اجابت نجلاء بضيق:
-سيدى عماد مش زى زيد ولا الحاج فايز ولا حتى ابوكي سيدى عماد عايز يكوش على كل شئ وما يدفعش شئ
مزاجه فى الستات وبس .
كانت كلمه كبيرة لتخرج من فم نجلاء أحد خادمات القصر
لكنها سرعان ما انتبهت لما قالت ونهضت بارتباك وهى تسحب كلماتها ب:
- اقصد يعنى ...يساعد الغارمات بتوع البلد
لم تكن "صبا" غبيه حتى لا تفهم قصد نجلاء وان "عماد" يساوم كل الغارمات باغراض دنيئه وشخصيه ،لكنها إدعت الانزعاج وهى تنهض من الفراش قائلة:
- انتى ازاى تقولى على عمو عماد كدا ؟
ارتبكت "نجلاء"من تحولها المفاجئ ونسيانها مع من تتحدث فهتفت بنبرة متوسلة:
-يقطعنى ،لسانى عايز قطعوا انا ما اقصدتش حاجه وحشه التعبير خانى سيدى عماد دا ابن اصول ويعرف ربنا أوى بقولك بيساعد الستات بتوع البلد اللى عليهم ديون ما اقصدش حاجه وحشه خالص
نظرت لها" صبا" ببرود ومن ثم بابتسامه لطيفه ثم قالت متودده:
-ما تخافيش يا نجلاء أنا عايزاكى بس تبقي صريحه معايا وتعرفينى كل حاجه وانا أوعدك كل حاجه هتكون سر فى بير وما حدش هيعرف بيها .
وضح على" نجلاء" الشك وعدم التصديق الخطأ يمكن ان يكون مقابلة حياتها وخاصتا انها لم تلعب دور الخادمه الناقلة للاسرار فى هذا القصر ابدا واختيارونيسه لها كان لأجل أمانتها .
وضعت" صبا" يدها على كتفها بود وأضافت لتجعل بينهم علاقة صداقة تجعلها تفيض بكل ما تعرف:
- يا نجلاء انا مش هضرك بالعكس ياستى انا هعمل اعمال خيريه وهخليكى تدلينى على اللى يستحق والانفع للناس
ابتهجت "نجلاء" وصاحت غير مصدقة:
-بصحيح يا ست صبا
اجابت صبا مؤكده:
-بصحيح ،بس اوعدينى انك تكونى عينى ودونى هنا عشان اعرف أعمل كل حاجه إزاى وإمتى .
مقابل جيد بالنسبة لنجلاء ونفع مدينه بأكملها متوقف عليها هى وعلى مجهود بسيط ستفعله،لكن القلق مما
سيلاحقها من ضرر جعلها تدفع يدها وهى تقول :
-لاااا انا ما انقلش كلام دى ستى "ونيسه" تقطع رقبتى انا بدخل واخرج من القصر اديلى سنين عمرى ما نقلت كلمه برا
امتعض وجه "صبا" وعادت لتغريها بالقول :
- يا نجلاء وايه دخل ونيسه فى الحوار دا انا بقول هعمل خير هى "ونيسة" دى وش خير وبعدين انا قولت انقلى كلام انا بس عايز اعرف طبع كل واحد عشان اعرف اتعامل واعمل اعمال خيريه من غير ما حد يوقفلى زى اللقمه فى الزور ويقولى لاء
تحدث "نجلاء" بتسرع:
-ان كان على دى ما تقلقيش ماحدش هيوقفلك والحاج فايز هيفرح اوى بيكى وزيد هيساعدك لانه بيساعد على طول من جيبه وحاجه زى كدا هتقربك منه اكتر وهيحبك اكتر واكتر
ابتسمت "صبا" ومن ثم ظهر الخبث على وجهها وهى تسأل بمكر:
-وغيرهم !!
سؤال مستفز جعل "نجلاء"تندفع بالقول:
-هينكادوا
تعالت ضحكة صبا رغما عنها ورددت فى نفسها بدهاء:
-وهو دا المطلوب
ضحك معا وما إن ضمنت "نجلاء" تعاونها ثم عادت تسألها بدهاء:
ـ ايه بقى حكاية عمو عماد
وضعت "نجلاء يدها أسفل ذقنها وهى تسألها :
ـ لا هو إنتى ما تعرفيش سيدى عماد دا بيكره "زيد" دا عما ودايما ناقر ونقير اخر خناقه من شويه وزيد بيه
ضربه
اتسعت عين "صبا" وهى تسألها بدهشه:
ـ يا نهار ضربه ليه ؟
اخبرتها نجلاء بأسف :
ـ دا على طول يستفزه وسيدى زيد موته وسمه حد يقرب من أمه خصوصى هو أصله بعيد عنك شرانى
وطول عمره بيمد ايده عليها واخر مرة اهو انهارده الصبح
سألت "صبا " بتأثر :
ـ ودا اخرته إيه ؟
اجابتها "نجلاء" وهى تنظم الملابس :
ـ ما حدش يعرف احنا بقالنا مده الدنيا هاديه
ردت "صبا " مستنكره :
ـ كدا وهاديه اومال لما تبقى مولعه توصل لحد فين ؟
حركت نجلاء فاه لكلا الجانبين وقالت :
ـ تبقى نار دا قبل حادثة سي زيد ومراته كان كل ساعه خناقه بين سي عماد وزيد يالهوى على النار اللى كانت
والعه وما طفهاش غير حادثة سي زيد
ركزت "صبا " بالكلام الذى استدعى شكوكها فتسألت وهى تضيق عينها :
ـ قوليلى كدا يا نجلاء الحادث دى كانت إزاى ؟
اجابتها "نجلاء " دون ادنى مجهود :
ـ الفرامل بتاعة العربيه اتقطعت
سكت "صبا" تماما واستدارت عنها مكتفيه بهذا الحد .
"فى المستشفى"
تشتت الجمع بعد دخول "فايز" غرفة الانعاش ولا زال تحت الملاحظه الطبيه وبات الدخول اليه صعب فى غير المواعيد المحدده مما دفع "زيد" للقول :
- بقولكم إيه يا جماعه الوقفه دى مالهاش لازمه ارجعوا البيت وانا هستنى يمكن يطلبوا حاجه
الكل كان منهك وبحاجة للراحه بعد هذا اليوم الشاق والطويل ،أردف أمرا :
-بلال خد عمتك وامك وروحهم على القصر
تدخل "حكيم" الذى حضر مؤخرا :
-هي بثينه مش هتروح معانا
نظر الي إبنه" عامر" الذي وقف متشنجا أمام أمر "زيد"،فاجابه :
- خليها عندنا ،وحضرتك لو حابب تتفضل إنت وعامر لحد ما نطمن على جدى البيت كبير ويساع الكل
أومئ "حكيم" وهتف عامر:
-خلاص خلينى أنا جانبك يا زيد
صمت" زيد" عن هذا كان أشبه بالموافقة فاحيانا نحتاج كتفا للاتكاء عليه حتى وإن كنا نبدو أقوياء .
وجه حديثه لاخيه الاصغر"يحيي"قائلا:
-شوف المصنع والمحل اقفلهم وصي الامن يفتحوا عنيهم
قال يحيى بحماس :
-حاضر
لم يعجب "عماد" إدارة "زيد" للازمه والتعامل كأنه هو الكبير الذي يأمر وينهي فهتف بإستهزاء:
-وأنا عندك حاجه ليا ولاا الأومر بتاعتك وزعتها وخلصنا
نظر "زيد" للاعلي وزفر بنفاذ صبر لايريد حتى رؤية وجهه بعد ما دار بينهم فى الصباح
التف عماد حوله وصر على أسنانه بغيظ وهو يقول:
- انت مش أهل لكدا يا زيد وانا وانت عارفين وعيالى اللى عمال تؤمر وتأمر عليهم ما لكش حكم عليهم وابويا لما يقوم ويعرف اللى عملتوا مش هيعديهالك ولا عمرك هتبقى كبير العيلة دى طول ما أنا حي
أمسكت "ونيسه" بكتفه وترجته بنبرة تمتلئ بالحزن والتعب:
-كفاية يا عماد خلاص بقى إحنا فى ايه ولا فى إيه
التف لها ليصيح بجنون:
-عاجبك إنه يأمر على عيالك عاجبك يعمل نفسه وصي علينا ما بقاش غير حتة العيل دا
وقف "زيد" بوجه وزمجر بحده شديدة :
- إلزم حدك وإعرف إنت بتكلم مع مين ويقدر يعمل إيه ؟
هم "عماد " لدفعه ولولا يد "بلال "التى حطت على كتفه لكان المستشفى بالكامل شهد معركه شرسه .
لأول مرة يتدخل "بلال" فى شجار بينه وبين "زيد" الدائر بينهم من سنوات فقال مهدئا لوالده:
-بابا دى مش أومر إحنا بنوزع نفسنا بس و...
جن جنون عماد لمدافعه بلال وقاطعه بانفعال :
- انت بتبرر لمين دا مد ايدوا على ابوك ولولا رقدت جدك زمانه كان مطرود برا العيلة .
كلمته جعلت "بلال" متخبط اى صف يتأخذ صف والده المضروب أم صف كبير العيلة المستقبلي لكن حسم الامر والده بأن زعق بوالديه :
- يلا قدامى مافيش حد هينفذ حرف من اللى قالوا ولحد ما ابويا يقوم بالسلامة إحنا مالناش كبير .
رحل "عماد" وأخذ معه ولديه وترك "زيد" ينظر لفراغهم بعصبيه هذا الرجل لن يهدا حتى يكون في يوما من الايام قتيله.
بقي "حكيم"الذي التزم الصمت وسط شجار العائلة ،فهتف عامر الذي وجد ان زيد وقف وحيدا دون دعم :
-انا تحت امرك يا زيد شوف انت عايز ايه وانا اعمله
دقيقه من الصمت نظم بها أنفاسه ثم ربت على كتفه وهو يجيبه:
- مافيش حاجه روح عمتى وأمي وانا هروح أشوف المصنع والمحل وارجع هنا تاني
تحدث "حكيم"بتعاطف :
-انا هستنى معاك يا زيد
قال زيد بتعب :
- انا هروح اشوف المصنع واقفل المحل ولما ارجع ابقى امشي.
غادر المستشفى وقلبة محطم والدته بين أنياب عمه وقلبة فى مطحنه بين تمسكه بالعائلة وجده وترك كل هذا لعيش هانئ ما يمر به زيد كبير ومؤلم فقدان كل الاحباب دفعه واحده لم يكن أمر سهل فهو يسير بنبض متوقف وعقل رافض الحياة.
"فى القصر"
" صبا "سمعت صوت سياره تصتطف فى ساحة القصر فإنتفضت من مكانها وسألت نجلاء التى لازالت فى مرافقتها باهتمام:
- مين جه ؟!
نهضت "نجلاء" من مكانها وازاحت الستاره لتنظر من النافذة وأجابتها وهى تلتف:
-دى سيدى عماد وباين باقى العيلة معاه
عدلت من ملابسها وهمت للخروج وهى تقول :
- اخيرا حد جه يطمنا على جدو
رفعت نجلاء يدها للسماء وهى تقول :
-ربنا يشفيه ويطمنا عليه
وقفت "صبا" على باب غرفتها وانتظرت اى شخص لتسأل عن جدها وأول من رأته كان "عماد" الذى يمشي بضيق جلى على وجه يشق الهواء بعصبيه وهو متجه نحو غرفته
لكن هذا لم يمنع "صبا " من سؤاله بحيره:
- طمنى على جدو اخباره إيه ؟
ظنت فى البداية انه تجاهلها عندما تجاوزها دون إجابه لكنه توقف ليعود اليها خطوتين وفحصها بغليل وكأن بينهم عداء من سنين طويلة ليتحدث بنبره شرسه وغير مسبوقه:
- مش قولتك قبل كدا إلعبى بعيد يا شاطره
هابته لثوان وتراجعت للخلف ثم عادت لتوازنها وإستجمعت قواها لترد عليه بقوة :
-انا ما بلعبش ولو لعــبت لعبي مش هــيعــجــبــك
شملها بنظرة هازئه وعقب قائلا:
-بتهدديني يا بت انتى ولا إيه؟
نفضت رأسها وتصنعت البراءة لتريه بالفعل أنها تلاعبه وتحدثت بلين :
- أنا لا سمح الله انا سألتك عن جدو وبس.
ضيق عينيه وأفحمها بالقول :
-وما سألتيش زيد ليه؟!
تغير لون بشرتها فى لا تعرف اين هاتفها الذى تركته بالأمس بالغرفه ولا تدري أين مكانه؟
كل هذه التغيرات على صفحة وجهها وصمتها جعلته ينوب بالإجابة قائلا بسخرية:
- متخانق معاكى مش كدا ،عموما دا العادى منه زيد بيتخانق
مع دبان وشه ،وحياتك يا بنت أخويا لايرميكى رمية الكلاب أو يقتلك زى ما قتل اللى قبلك
اتسعت عيناها بصدمه مما يقول واختزنت القول وحاولت أن لا تبدى ردة فعل حتى لا يشمت بها ،أؤمي برأسه فى خبث وكأنه وجد لعُبته التى ستقضي على زيد تماما وأسهب بالحديث :
- فاكرة إنى بضحك عليكى،طيب بذمتك مين هيكون عندى أغلى بنت أخويا انصحها،زيد دا إتدلع كتير والدلع أثر عليه لدرجه إن جدو بقى بيغطى على غلطاته الكبيرة والصغيرة حتى مراته المسكينة ما زهق منها قـتـلـهـا
سري الرعب فى أوصلها من كلمته الأخيرة بالطبع لم تصدقه فهى ليست بهذه السذاجة لتصدق حكاوى عابرة وخاصتا من ألد أعداء "زيد " منحته نظرة عابثه وضمت حابيها وردت بابتسامه بارده:
- يا شيخ قول كلام غير دا
حرك رأسه بضيق وهتف :
- اقول إيه ؟
اجابت بمنتهى العبث:
-قول مثلا إنك انت اللى حاولت تخلص منهم
كانت جملة عميقه صائبه جعلت بؤبؤ عينه يتسع الصغيرة الماكرة حصلت على إجابة دون ان تطرح سؤلا رغم انها لم تقصده بشكل دقيق لكن تغيرات وجهه جعلتها تصدق فى ما طرحته بعبث ودون أى مجهود أو حتى دلالة واحده لكن كما قبل فى الاثر "بتيجى مع العمي طابات"
أسرع بالاختفاء من وجهها الجهنمى وقد تيقن أن صبا هذه أخطر من زيد على هذه العائلة وعلى مستقبله .......