قصة عشقت امرأة خطرة
البارت الرابع والثلاثون 34
بقلم ياسمينا احمد
"والله لأخلى الـكــل يــكـــتــرثـــنــى لــو أتــــحــــالــف مـع إبــلــيــس"
كانت ليلة طويلة على "صبا"إذداتت بها حقد وكرها لتلك العائلة إنتقلت من دفئ أحضان "زيد" للظلام والبروده ،لم تتوقع منه هذا لم تجرب قسوتة من قبل ولم تختبر غضبه الذي هدم كل شئ بلحظه وأوله هي ،قضت اليلة تفكر فى كيفية الخروج من هنا والعودة إلى مكانتها قبل مكانها "زيد"هو مصدر قوتها وهي لا تريد العودة إلي الضعف لكن كيف سيتأكد من برائتها إذا كانت هي نفسها غير متأكده منها ما حدث لمريم كان غريب وحدث تحت أنظارها وكأن طائر إختطفها من جوارها ليطيح بها من أعلى السور شعرت بالذنب لكن لم تستوعب كيف حدث الأمر لم تكن تقصد أذيتها أو قتلها لكن ماحدث كان أكبر من إستيعابها وبرغم من هذا كانت تنتظر من "زيد" أن يصدقها يحتويها ويثق بها ،فلم تجد منه إلا الطرد والنفي وتكذيبها تماما كما كان يفعل والدها،وبما أنه لا يريد سماع أي لفظ عن مريم فلتبرء نفسها الآن من واقعت رياض القذر الذى إن ما نهضت من هنا هتدفعه ثمن القديم والجديد ولن تتهاون في حقها ابدا .
صوت اقدام قريبة جعلها تنهض سريعا من مكانها وتقف امام الباب بتلهف لعل هذا منقذها تعلقت بالنافذه الصغيره بالباب وطرقته بشدة وهى تنادي :
-إفتحولي الباب حد يخرجني
ازيحت نافذة الباب لتجد بوجها "حكيم" انسابت دموعها بحرقه وتحدثت بنبرة تملئها الخيبه والحزن والانكسار:
-عمو حكيم خرجنى من هنا انا بموت هنا ساعدني
نظر خلفه فى ترقب وهتف بصوت منخفض وهو يحاول إسكاتها:
-هش هش مش لازم حد يعرف اني جتلك
انتبهت الى ما يقول وتبدل حزنها لعجب على الفور ،تطلعت إليه بقلق وانتظرت تفسير واضح لزيارته.
قال وهو يحدق الى عينها بجد:
- إنتى بنت بشري ما تعيطيش وتتهزى كدا ، انتى أقوي من كدا بس إنتى اللى مش حاسه .
سكتت قليلا وحاولت إستيعاب ما قالوا وإذدات تعجب من مقارنتها بوالدتها وكأنهم سلالة غريبه عن باقي البشر،لم تبقي فى فمها السؤال وطرحته بضيق:
- لي هي أمي دى كانت أمنا الغولة ؟!
رأي جهلها البين بقدرات والدتها،فأجابها :
- بشري ما كانتش زى أى ست من اللى بتشوفيهم حوليكي ،بشرى كانت ذكيه وقويه كانت بتعرف تتصرف
ولو هى كانت فى يوم فى نفس مكانك عمرها ما كانت هتتصرف زيك كانت الصبح هتكون جوه القصربأي حيلة وأى تمن .
عينها كانت معلقه بشفاه وكأنه يحكي عن أسطورة دفعها بحديثه لسؤاله بفضول:
- إزاي؟
إبتسم ثغره واجاب بإقتضاب:
- إزاى دي بتاعتك انتى بس اللى مش عارفه تستخدمي قدراتك
لازالت محبطه فاستدارت عنه وهى تهتف بيأس:
- قدراتى هه ما البركه فى زيد شمت الكل فيا وداس عليا هو كمان
سارع بالقول ليطمئنها:
- زيد عمروا ما هيسيبك أنا لسه مقابله جوة وحالته شارحه هو قد إيه زعلان ومضايق من بعدك
التفت له بسرعه للتأكد من ما قال وبدي عليها الفرح لازال ينبض قلبها بإسمه وعقلها يريد ان يصدق أنه لازال يحبها امسكت بالنافذة وسألته متوسلة :
-بالله عليك يا عمو قولى أخرج من هنا إزاى ؟ساعدنى ارجوك
تعجب من عدم رؤيتها ما يراه الكل بها وما تقدر هي على صنعه إن أرادت ،على ما يبدو أن النسر لم يتعلم الطيران بعد ويحتاج توجيه هتف :
- دورى جواكي إنتى هتنقذي نفسك بنفسك،بس يوم ما تاخدى حقك إفتكريني كل واحد ليه نقطة ضعفه لو عرفتى تستخدميها هتملكى الكل
قبل أن يستدير وينوي المغادره فنادته :
-عمو حكيم،ممكن تحكيلى عن أمي
إبتسم ثغره بإعجاب ولم يتوني عن تلبية طلبها كالمرة السابقه أجابها على عجل :
- أمك كانت مكروة مش عشان هى وحشه لأ عشان هى كانت أحسن من الكل عقلها كان يوزن بلد وبتعرف إزاى تاخد حقها مافيش ست فى البلد إلا لما كانت بتغير منها حتي "بثينه"لو سمعتني بجيب سيرتها هتجيب عليها وطيها ،ست ذكيه وقويه مش بسهولة تقع فى غلطه فالكل كان بيحاول يغلطها وحكاية تأخيرها فى الحمل كانت الجرح اللى الكل بيدوس عليه حتي حماتي كانت كل شويه تدور لحسين على عروسة بس "بشرى"كانت دايما تغلب بذكائها وشطارتها عرفت تخلي حسين ما يبصش برا
وسدت كل الابواب عليهم وبقت فى حته وهما فى حته تانيه وكسبت الحاج فايز فى صفها وبقت هى ضد الكل كل اللى ضايقها فى يوم ضايقته عشرة،بشري ما كانتش ضعيفه وقويت بشري اتولدت قوية عشان تقدر تعيش وسط كل اللى بيكرهوها وتقهرهم وهى مش فى حسبهم ونسبهم ولا شايلة عيل من دمهم .
عينها ظلت شاخصه إن النيران المستعرة باستمرار بداخلها ما هى إلا توهج لم تعرف كيف تستخدمه ،انتهى حديثة ورمي لها نظرة ثاقبة ليتأكد من أنها ستكون هى بكل قواتها تحت تصرفه .
"فى القصر "
أعادت "ونيسة"نجلاء للعمل بالقصر لإحتياجها لها فى أعمال المنزل التى باتت ثقيلة عليها خصوصا بعد مرضها الأخير
_ماما
نادها إبنها "بلال"وهو يدلف من باب غرفتها المفتوح ،اجابت ندائه وهى تلتف عن زوجها عماد الواقف أمامها :
-فى ايه يا بلال ؟
ردد بانزعاج :
-انا اللى في ايه برضوا يا ماما ؟ البيت فوقيه تحتيه وما فيش حاجه فى مكانها لا لاقي هدوم ألبسها ولا لقمه أكلها
مطت جانب فمها وتحدثت بتعب:
-انزل ل نجلاء هتفطرك
نظر لها بتعجب وسأل وهو يحذر:
-الله هو انتى مش هتنزلى تعملينا الفطار زى عادتك ونجلاء دى اللى رجعها تاني مش هى كانت بترعي مريم
لقد استنزفها "عماد" للحد الذي جعلها لا تقوى على التفوه بكلمه واحده او الدخول فى أي تفاصيل لذا صاحت بنفاذ صبر:
- تعبانه يا بلال تعبانه هو ما ينفعش حد يتعب ،وبعدين نجلاء متربيه عندنا وعارفه طبع البيت وما فيش حاجه هتغير
لاحظ بلال ضيقها ونظر لوالده الذي رفع كتفيه بيأس وكأنه مغلوب على امره مع أمه ،وضع يده على الاخري وسأل بضيق:
-وهدومي مش لاقى حاجه البسها هدومى كلها فى الغسيل
التفت عنه "ونيسه" وهدرت يانفعال:
-البس اى حاجه دلوقتى هبقى اشوف حد يساعدني
لازال بلال لا يفهم سبب هبوط والدته وتنازلها عن أشياء ما كانت تتنازل عنها أبدا سابقا ،لكنه تحدث بمزاح كان يريده حقيقة:
-طيب طالما كدا ما تجوزونى
ابتسم ثغر عماد وهتف وهو يعدل من ملابسه أمام المرآة:
-هها هو عشان لبسك نجوزك
تحرك صوبه وهو يتحدث باصرار:
-عشان حاجات كتير يا بابا،زيد اتجوز وهو فى نفس سنى إشمعنا انا وهو لحد دلوقتي اتجوز مرتين
لمعت عين "عماد"ولاه كامل انتباه بما ان هناك مقارنه بين
زيد وبلال وهذا شيء كان يغفل عنه بسبب نزوانه الشخصية التى لا تنتهى امسك بمنكابيه ونظر له بسعاده والتف لونيسه وهو يسألها بفرح:
-صحيح لي لاء اي رايك يا ونيسة؟
نظرت تجاه بملل وردت دون إهتمام:
- خلينا فى اللى احنا فيه دلوقت وبعدين نبقى نشوف الكلام دا
ترك ابنه وتوجه نحوها كالعاصفه وصاح بها مشدودا :
-ايه اللى احنا فيه دلوقت ؟مشاكل سي زيد ابنك مع مراته
انتبه بلال لما قالة والدته وسأل بفضول:
-هو فى ايه يا بابا ؟!
اجابه دون إطاله :
-متخانق معاها ومبيتها برا القصر
نهضت ونيسه من مكانها وامرت بلال بقسوة:
-بلال ما لكش دعوه ويلا روح شوف انت رايح فين ؟
كاد بلال ان يستجيب لما أمرته به أمه لكن 'عماد' اوقفه
بصوته المحتد:
- لااا اقعد يا بلال شوف امك بتفرق بينك وبين اخوك عايزه الدنيا تقف عشان خاطر هو زعلان
زعقت بحنق من اسلوبه فى محاولة تشويه صورتها امام ابنها :
- انا ما بفرقش بين ولادي يا عماد ولم الدور بقى لاجواز بلال بإيدى ولا بإيدك
امسك براسغها وشدد من قبضته حتى تألمت بصوت عال جعل بلال يحاول التدخل بينهم قائلا:
- بابا ما تكبرش الموضوع
رد بضيق وهو يرمق ونيسة بحده :
-الموضوع كبير اصلا،زيد قاعد ومتربع فى قلبها ومخليها مش بدور غير على راحته والكل فى داهية
اشدت الأجواء بينهم وما عادت ونيسة تتحمل كل هذه الاتهامات إنهم فلذات أكبادها لا تفرق بين أحد إنها أم لا تعرف التميز ولا تود أن تعرف،كان عليها محاسبته بشدة عما يفعل لذا تحدثت بعصبية:
-كفايه بقي اى اللى انت بتقوله دا
التفت الى "بلال" لتأمرة للمرة الثانية:
-قولتلك إخرج يا بلال
كان "بلال" يشعر بشئ خطر إن غادر وتركهم معا لكن كان مجبر على التنفيذ حتى لا يري ما لا يسره خرج بهدوء مبتعدا عنهم ،وما إن تأكدت من خروجه حتى اندفعت بوجه عماد دون ترتيب اى حرف:
- انت بتزرع فى مخ عيالك ايه زيد زيه زيهم غلاوتهم عندى كلهم واحد
قاطعها مغلولا:
- بامارة ما كنتي عايزه زيد يكون وحيدك ومش عايزه تخلفي مني
بملل شديد ردت :
-ييي انت ما وركش غير الاسطوانه المشروخه دي ،يا اخي عيب على سنك الكلام دا كان من سنين ولادك بقوا طولك وواحد فيهم بيقولك جوزنى
ظل يقبض على راسغيها ويحركها بقسوة زاعقا بصوت مجلجل :
-سني هو حد ضيع عمري غيرك انتى وابنك انا قرفت منك
الواحد ما بقاش عارف يلاقيها منين ولا منين ،احترمي انتى سنك وما تخلنيش أرميكى مع مرات ابنك زى ما عملتها زمان بس المرة دي مش هتخرجي منها إلا على قبرك
كانت تحدق فى عيناه وتعلم أنه قادر على فعل هذا دون ذرة شفقه أوندم ،لكنها تعلم انه ليس بالامر السهل،بإذدراء شديد رمقته وهى ترد على كل هذا :
- نومه الارض ارحم من النومه جنبك انا لسة بكرهك يا عماد وهفضل أكرهك لاخر يوم فى عمري
كلماتها كانت كالزجاج المتطاير رشقت فى قلبه دون رحمه يعرف انها تقول هذا من كل قلبها كما يعلم انه لن يستطيع تركها فقد أحبها من فرط رفضها له ولم يسعي أبدا لتحبه بل كان يستمتع بنفورها ويقضي بهذا الهوس ايامه معها،لكن صراحتها معه لهذا الحد أوجعته وجعلته يفقد صوابه ويرفع بيده فى الهواء ليهوي بها على وجنتها بقوة جعلتها تميل إلى جانبها وتنزف بعض الدماء من جانب فمها .
مال اليها ليسألها بشر وغضب :
- اومال بتحبي مين ؟هاا زيد؟ ولا يكون بتحبى نادر ؟
نظرت له بخوف استحضار إسمه بعد كل هذه السنوات لن يبشر بخير حاولت ان لا تبدى أى مشاعر أو تاثر لكن ارتجافها وخوفها من ردة فعله جعله يزيداد بشاعه ويحدق بها بشر اعظم وكأنه تحول لوحش مخيف ،فهتفت بصوت مرتعش:
-ااا ..ب..بحب ولادي
لم تدري ما اصابها وجدت نفسها تلامس الارض بغمضة عين وصوت حاد يزأر من فوقها بسباب لازع ويده تهوي بلا رحمه :
- انتى ××× يا ×××××انا هكسر نفسك ××× هخليكي تموتى الف مرة وانا مع غيرك هعيشك كل اللى عيشته لى
وأدوقك من نفس الكاس يا ×××××
-قــطـــع إيــــدك
كلمتان ثقيلتان من صوت يكره بشده جعلته يتركها ليلتف
نحوه ليكمل عليه بحنقه وغضبه وعنفه ،امسك بتلابيب "زيد" دون تردد وصاح به:
-انت ازاى تدخل اوضتى من غير اذن يا ××××× انت ما اتربتش
نهضت "ونيسه"سريعا لتقف بينهم خشيتة من تطور الامور بينهما خاصتا إن تملك أخر من الثاني لن يرحمه،امسكت بكتف إبنها لتنهاه بتوسل:
-زيد ابوس ايدك إطلع برا
نظراته كانت كلها حقد وغضب ،هتف "عماد" بإحتقار :
- خليه يقعد معانا يتفرج إبن أمه
حديثه القذر جعل الدم يدفق فى عروقه ولكمه بقوة فى أنفه اخرج بهذه اللكمه الغير مناسبة لعمه كل ضيقه منه ولازال لديه المذيد،تراجع عماد ونزيف انفه لم يتوقف وضعت "ونيسه"يدها على فمها وهى تولول بفزع :
-يا مصبتى يا مصبتى
جلس "عماد"على طرف الفراش ومسح طرف انفه الذى لم يتوقف نزيفه ،ضحك بمكر وهتف بسخريه:
-خبطة زى دى هتدفع تمنها غالي يا ابن ونيسه،بس اللى فايز هيدفعهولك غير اللي هعدفعولك أنا
سارعت "ونيسه "بالتوسل إليه بأن لا يخبر فايز بهذا :
-عشان خاطرى بلاش تقولوا امسحها فيا
لم يهبأ "زيد" بتهديده كان يبارزه بعين قويه جارحه كالنسر لو كان قتله سبيلا لدفاع عن والدته لن يتردد
لن يعيش دون كرامه ولن يسمح أن تعان والدته فى حضرته وهذا ما كان يعرفه "عماد" الذي استغل كلمات ونيسه الاخير التى رددتها بلا توقف :
-عشان خاطرى امسحها فيا
نظر فى عين زيد وهو جالس بمكانه ومسح اصابعه بإهمال فى اعلى جلباب ونيسه اخفي ابتسامة الشماته وهو يأمرها
بمكر:
-قلعينى،،، الجزمه
اشتدت نظرات "زيد"امام تصرفاته التى تشعل النيران فى قلبه وتجعله يكاد يحرق الكون بأكمله لن يتركها له يتحكم بها ،وقفت ونيسه بوجهه ودفعته وعينها تفيض بالدموع:
-إطلع برا يا زيد ،امشي
عينه كانت تأبي ان تتزحح عن عين "عماد" الذي خلع سترته وهو يزيد من ابتسامته الماكرة ورغم دراية "زيد"بألاعيبه إلا أنه لم يتقبل هذا السلوك المنحرف منه
والذي زاده إحراق قولة:
- ونيسة يلااا عايزك فى موضوع قبل ما اخرج .
يد والدته كانت تدفعه بقوة للخارج وعماد كالشيطان نصب عينيه يضع عينه بعينه ويحرر وثائق قميصه مع كل خطوة يتأخذها للخارج ومع سحب الباب من يد ونيسه لحجز"زيد" عنه مال عماد برأسه ليستفزه أكثر ويريه نفسه وهو يخلع عنه حزام بنطاله،أغلقت ونيسه الباب اخيرا وادارت المفتاح في الغرفه حتى لا ياتي من جديد واسندت ظهرها للباب وهى تنهر عماد بإحتقار:
- إنت إيه يا أخي شيطان !
وقبل أن يرد إستمعت الى طرقات عنيفه تتوالى على الباب من خلفها من قوتها جعلتها تهتز لم تحتاج لسماع صوته الذى يزأر كالأسد الجريح وهو يردد:
-إفتحي ،إفتحي،هكسر الباب ،هكسر البيت كلوا إفتحي الباب بقولك
عصبيته وصوته العالي الممتلئ بالغضب صاحبه صوت آخر من حطام وتكسير زجاج على ما يبدوا كان يحطم كل ما يقابله،لم يكترث عماد بما يفعل او يقول لقد تعمد ان يخرجه عن طوره وقد نجح ويبدوا ان مشاكلة مع صبا تجعله مشوش لا يدرك توابع تصرفاته الطائشه والتى يفعلها دون مبرر سوي الغضب والغيرة وهذان ليسوا بمبرر كافي يشفع له عند فايز الواصل.
هتف ببرود :
- عايزانى اعمل إيه لإبنك المجنون دا طول عمره بيكرهني
ونيسه كانت تتحسر على ما يفعل ولدها من جراء إستفزاز عماد لا تلقي عليه لوما بقدر ما تزداد بغضا فى هذا الرجل
صاحت به وهي تندفع نحوه:
-وهيحبك على إيه ؟إنت من يوم ما بقي تحت وصايتك وإنت بضربوا ومش حنين عليه ،حتي أمه لازم تهنها قدام عينه وتحسسوا بالعجز ،زيد لو كان طفل تاني كان زمانه طلع مجرم او سفاح من اللى شافوا على ايدك
لم يهتز له شعره مما تقول ولم يهتم رد بسخريه على ما تقول وهو يذكرها بما مضي:
- إنتي عايزانى أعامله إزاي ان شاء الله اجيبه أنيموا فى وسطينا ،ابنك من يوم ما اتجوزتك وهو كل ما اقولك صباح الخير يتحشر
هتفت و نبرتها تمتلئ بالإشمئزاز:
- ما تنساش إني اتجوزتك مخصوص عشانه والمفروض انك فى مقام أبوه ولو كان مش موجود عمري ما كنت هتجوزك .
عينه ترقبت قولها كالنسر القانص أمسك بذراعها وهو جالس وتعلق بها ليقول بحده وانفعال:
-ودا سبب كبير يخليني أكرهه أكتر يا ونيسة انتى بتلومينى انا بس إنتى مش عايزه تعترفى إنك إنتى السبب الاول والاخير فى فشل علاقتى بيه .
رغم انها كانت خائفه ومتألمه من قبضة يدها إلا انها أرلدت ان تسمع هذه الحجه الجديده والشماعه التى يعلق عليها كل فشله وخيباته ،رددت بدهشه :
-انا السبب؟
لم يبخل بالاجابه وإندفع قائلا :
- ايوا إنتي ،كل ما كنت بقربلك كنتى بتبعدينى كل ما كنت احاول معاكى تتحججي بإبنك حججك كلها كانت زيد وهو كان واخد وقتك واهتمامك وحتي حضنك ا نتى نسيتى إنك كنتى بتسبينى وبتباتى معاه
ضحكت ساخره من هذه الحجه الواهيه وحاولت التخلص من يده التى ألمتها وهي تهتف بسخريه :
-بقي هو دا اللى بوظ علاقتك بيه مش عشان ابوك فضلوا عنك وعملوا الكبير ومن قبلة نادر اضحك على حد غيرى ما يعرفكش
وكأنها دعست قلبه بقدمها ،تشبث بها أكثر لدرجه انه أجلسها الى جواره وصاح بجنون :
- إنتى فى صف مين ؟زيد ولا جوزك
ردت بحنق من هذه المهاترات التى لا جدوي منها سوي نهايات مأسويه لن تعجب احد:
- ما تنساش إن زيد دا يبقي إبنى
غرس أظافره فى جلدها فتأوهت رغما عنها وعلى فجأة كممت فاها بيدها حتى لا يخرج صوتها ويصل لآذان زيد فيجن جنونه ويفعل ما لا يحمد عقباه ،لاحظ عماد هذا وقال بمكر:
-خايفه يسمعك طيب لما نشوف هتستحملي لحد إيه !
القادم ستحمله مهما كان حتى لا يدخل "زيد" معه فى أي شجار مهما فعل بها "عماد" ستتحمل وستبتلع صراخها وإن كان "عماد" لا يرحم وما نوي فعله كان عادته البشعه فى أخذها قسرا وضربها بقوة صحيح لن يخرج صوتها لكن صوت لكماته كان عاليا،لو هوي جبل لهدمه وهي كانت أقوي من الجبل.
كان يغدوا ساحه القصر ذهابا وايابا بغضب وجنون خرج جده مع حكيم من مدة قصيرة ولم يجده فى مكتبه حاول الاتصال به مرارا وتكرارا حتى لا يهدم القصر بأكملة من جراء تصرفات عمه المستفز لكن سوء الشبكه المحليه منعته من التواصل معه لم يطاوعه قلبه فى المغادرة او حتى البقاء ظل معلقا لا يعرف أي مكان يتجه يصعد للاعلي ويخرج كبده من مكانه ليرتاح أم يسقط ارضا ويختفي بعيدا عن القصر حتى يتمالك اعصابه ويعود لرشده من جديد بين هذا وذاك صدح صوت عال متلهف
يبدوا عليه الانزعاج والخوف صاحبته "نجلاء"التى تركض نحو الداخل بفزع وهي تقول:
-إلحق يا زيد بيه إلحق
على ما إلتفت ليفهم سبب كل هذه الجلبه التي سببتها "نجلاء "اخبرته قائله:
- ست صبا روحت اوديلها اكل زى ما قالتى ستى ونيسة لاقتها واقعه من طولها وما بتحطش منطق
إسمها كان كفيل أن يهز كيانه وليس قلبه ودون أى تفكير ركض باتجاه الغرفه البعيده لينقذها لم يفكر فى سبب نفيها حياتها الآن أهم ما لديه قلبة الملعون لازال يسوقه إليها فى أحلك الظروف ومهما فعلت ستظل هى المسيطرة الخطره التى لا مثيل لها ولا احد سيحتل مكانها .
وصل إليها ودفع الباب بكل قواه عينه كانت زائغه لا يعرف من اين يبدا الإطمئنان عليها ،نزل على ركبتيه و وضع يده أسفل عنقها ليرفعها عن الأرض وهو يناديها بقلق:
-صبا،صبا،صبا
لم يجد منها أى إستجابة ورفعها بين يديه وتحرك بها نحو الخارج قلبة سقط فى قدمه لم يستوعب ما فعله بها إلا الآن لم يدرك انه لن يتحمل فقدانها حتى وهي بعينه مذنبه فقلبه فى واد وعقله فى واد أخر ..
دخل الى القصر وهي بين أحضانه أعادها بنفسه كما نبذه أمس برغبته هذا المشهد الدرامي الرائع كان كالضربة القاضيه فى وجه كلا من بثينه ومها الجالسان فى وسط الساحه ،نهضت بثينه وهي تردد قائلة:
- انتى شايفه اللى انا شايفاه
كانت "مها" فى نفس حالة الذهول التى إمتلكت "بثينه" اجابتها وهي مخدرة:
-ايوا بس مش مصدقه
صاح زيد وهو يتجه للاعلى :
-اتصلي بدكتور بسرعه
تحدثت بثينه وهى تندب حظها:
-يااا ويلي لسة داخلة الدار عشان أشمت فيها أدخل من هنا ألقيها سبقانى متشالة على كفوف الراحه ودخلة القصر من تانى يا بت السحاره .
التفت لها "مها" لتقول بأعين متسعه:
- معقول اللى بيحصل ده هو إبن اخوكي دا مجنون ولا ماعندوش شخصية ازاى يطردها امبارح فى نص اليل وانهاردة يدخلها شيلها شيل
نفضت بثينه رأسها لليمين ولليسار وهى تجيبها:
-لااا دا ولااا دا ،زى ما قولتلك دى سحرالوا
هتفت "مها" بضجر:
-بالله بلاش كلام فارغ ما انتى شايفه اللى روحنالوا ما عملش اى حاجه
عضت "بثينه" على طرف اصابعها بضيق قائله:
-أه يا نارى منك يا بت بشري
"جميع الحقو ق محفوظه لدى صفحه بقلم سنيوريتا"
"بالأعلى "
وضعها على الفراش وثنى ركبتيه ليصبح بجوارها لطمها بخفه لتستعيد وعيها مناديا اياها:
-صبا فوقي
امسك براسغها ليتحسس نبضها كانت باردة جدا ونبضها بطئ نهض من مكانه ليدثرها بالغطاء ووضع يدها بين يديه لينقل لها من حرارة جسده لها ،فتحت عينيها والتقت بعيناه وغمغمت وهي ترتجف :
-زيــــد
كان يكفي نطق إسمه من بين شفاه حتى يتعلق بها أكثر ويذوب عشقا بها اقترب منها وهتف مجرورا من قلبه :
-انا جنبك أنا أهو
اغمضت عيناها من جديد لتترك له عذاب الضمير وحرقة القلب، سقطت دموعه رغما عنه بدونها حياته إنتهت .
لم يبتعد عنها طوال مدة انتظار الطبيب وما إن اتم الكشف ورأي أنه من المناسب تزويدها ببعض من المحلول
سارع "زيد" بسؤاله بقلق:
-فى إيه طمنى يا دكتور؟
في هذه اللحظه بدأت "صبا " تستعيد وعيها بعض الشئ تحدث الطبيب بابتسامه لطيفه:
- عندها هبوط في الدورة الدموية وبعد المحلول دا إن شاء الله هتبقى كويسه بس لازم تزونا في المستشفى أو تعمل تحاليل شاكك فى حاجه ولازم نطمن
اتسعت عين "زيد" عند اخر جملة وسأله بفزع:
-حاجه إيه؟
اجابه وهو يطمئنه بإبتسامة واسعه:
-ما تقلقش حاجه كويسه إحتمال تكون حامل
ارتخت تعابير القلق عن وجهه وحل محلها الصدمه ظل ثابتا لا يعطى جوابا ولا تفاعلا ،المراة التى قتلت إبنته
ستنجب له طفل مجبورا على حبه وكأن لعنته لم تنتهي ما لها هذه المرأة التى لم يقابل مثلها تسحبه كالجنية
فى ظلام البحور ويتعذر عليه التخلص منها او العودة دونها .
"لدى فايز "
وقف عند بيت قديم متهالك فى طرف المدينه لكم بابه الرث بعصاه الغليظه وانتظر إجابة من بداخله ذهب مع رجالة يقفون بعيدا فى انتظار أومره وسائقه ينتظرة امام سيارته جاء لينهي الشر ويبتره وينبذ عادات الجهل والكفر من مدينته .
فتح الرجل الذي يبدوا على وجه سخط الله ونظره "فايز"بإشمئزاز ثم سأله :
-إنت اللى اسمك ابو الفتوح
حرك الرجل رأسه وهو يتمعن فى هيئة من امامه وحسن طلته التى توحي بالهيبه والتعقل والرزانه
-الله لا يفتح عليك وشك عليه غضب ربنا
لم يبالى الرجل بما قال وسأل مستفسرا:
-وإنت مين ؟
نطق "فايز"اسمه بحنق واشمئزاز من التحدث له:
- فايز الواصل عمدة بلدك
افرج الرجل عن اسنانه السوداء بابتسامه خبيثه ليسأله بدهاء:
- عايز خدمه ولا إجابة سؤال؟
رمقه "فايز" بحدة وزعق به بشده:
-استغفر الله العظيم،انا جاي اقولك يا ترحل من نفسك يا نحرحلك على السجن
تغيرت نظرات الرجل واتضح بها العداء وصاح بغضب:
-هو انا جيت بلدك عشان تطرنى منها انا قاعد اهو وسط الصحراء انتوا اللى بتجوني مش انا اللى برحلكم
دفعه "فايز" بعصاه فى كتفه بنفاذ صبر قائلا بإحتكار :
-انت اللى زيك ما لوش مكان يقعد فيه ولولا القتل حرام لكنت قتلتك لكن كفايه عليك عذاب ربنا فى اخرته وربنا هيقتص منك ان شاء الله
لم يكترث الرجل بما قال فهؤلاء جنتهم في الدنيا فقط ولهم بالاخرة عذاب أليم يعلم هذا جيداً لاحظ الرجال الأشداء الذين خلفه على بعد امتار وعرف أن قدرته لن تضاهي هذا الرجل ،لكن الحيلة كان يعرف سبلها لو يستطيع تاخيره قليلا او يجعله يتراجع عن هذا سيكون هذا فى مصلحته
خاصتا أن الحصول على مكان كهذا فرصة غير متاحه بسهوله ويسر.
وجه اليه سؤال دون مقدمات:
-ولما احنا ما لناش عيش وسطيكم وانتم هتدخلو الجنه واحنا النار بتجوني تقضوا حجاتكم
وتحملوا ستاتكم وتحفظوا عيالكم وتاذوا بعضكم ليه
رد عليه" فايز" بحنق:
-دى ناس إيمانها ضعيف ونفوسها مريضه ما تشبهاش بينا
ابتسم الرجل الخبيث وقال بمكر:
-يخلق من ضهر العالم فاسد ،صوابعك مش زى بعضيها
شعر "فايز" انه لا جدوى من الحديث مع قذر مثله فصاح به بحنق:
- انا مش هتكلم معاك هتمشي بالذوق ولا أخلى رجالتى يهدوا العشة المخروبة دى على دماغك
رفع الرجل يداه واشار بإبتسامة فاظه بفمه :
-هااا عندك يا شيخ البلد ما انت أهل بيتك جوني برضوا أقضيلهم مصالح هو دا رد الجميل.
اتسعت عين فايز ثم تنبأ أنها ستكون خدعه من خدعه وألاعيبه التى تنطلي على الناس فهب به زاعقا:
-ما تجبش سيرة اهل بيتى يا عديم الشرف والاخلاق
اخرس لسانك الكداب بدل ما أقطعهولك
تحدث الرجل متعمدا إيلامه رجلا مثله ليس لديه ما يخسره :
- انت مش مصدقنى ،مش بنتك إسمها بثينه ومرات ولدك حسين إسمها بشري وبنت ولدك اسمها مريم ومرتك إسمها .....
قاطعه فايز عن هذا بصوت جهور غاضب يكاد ان يقسمه:
- لو ما لمتش الدور وإنكتمت هكتمك انا بالتراب اللى تحت رجلي
استدار عنه الرجل ليصل الى نهاية خيمته وعبث ببعض اغراضه وكأنه يبحث عن شئ يعرف مكانه ثم عاد من جديد ليتحدث بشماته واضحه وهو ينصب امامه سلسال وقطعة ملابس قديمة ملطخه بالدماء :
- مش دى برضوا سلسلة مرات حفيدك زيد ودا شال مرات إبنك حسين الاتنين كانت نهايتهم واحده الموت
لمعت عين" فايز" فى الاغراض التى يتأكد من انها تخص "صبا "وبشري لم تصدق عيناها فى بادى الأمر لكن ظل الرجل يسرد تفاصيل دقيقة عنهم حتى انه ظن انه قد عاش بينهم ،قبض على ما بيده وصاح به بغضب:
- منين جبت الحاجات دي ومين اللى ربنا ينتقم منه بعدلوا وصلهم لإيدك ال×××××
اجاب الرجل بسخريه :
-انا عبد المأمور ،قالولى يا ابوا الفتوح إمنع خلف منعت سلط مرض سلطت ،واخيرا اقتل صبا قتلت
نظر له "فايز" وقد تخبط بين الشك واليقين ضم حاجبيه وسأله بسخرية:
-لا اا دى وقعت منك صبا عايشه إنت كداب و×××
لم تنهه هذه الحقيقة وصرح دون إهتمام:
-وذنبي إيه إنهم جابولى سلسلة فى ريحة بنت غالية واللى بعته إتبع الريحه وخدت البت الصغيره
هنا كاد أن يسقط "فايز" ارضا من فرط الصدمه وضع يده على قلبه وثقلت أنفاسه واستند بكل ثقله على عصاه وعاد يزمجر بقوة كالوحش الضارى:
-مين قولى مين اللي جالك ؟
هتف الرجل وابتسامته القبيحه تتمدد على وجهه :
-اقول وتسيبنى بدل ما أسيب هنا وأخليكم كلكم تعيشوا فى نارى والعينه بينه
ظل "فايز" يحدق به دون تفكير همه كان كبير،من بعائلته سقط هذه السقطه من لوث يده بهذه الدماء وسقط فى بئر الوحل من تلقاء نفسه وخرج بإرادته من ملة الإسلام الى الكفر والشرك بالله عز وجل ،كان مجبرا على قبول عرضه مقابل معرفة الفرع الفاسد فى شجرته حرك رأسه بالايجاب
مال الرجل على كتفه ليهمس بتشفي:
-بـــثــيــنــه بـــنــتـــك...