قصة عشقت امرأة خطرة
البارت الرابع والعشرون 24
بقلم ياسمينا احمد
"صباوزيد"
عبثت بخصلاته الليليه وهو بين أحضانها لأول مرة تشعر بقوة عشقها له وخطورة حضوره وصل بها لآفاق ووديان لم تكن تعرفها ليلة كاملة قضتها بين أحضانه أنستها بؤس السنوات الخاليه وغمرتها بالامان الذي إفتقدته حتى من والدها ممتنه جدا للقدر الذي جمعها به وشاكرة للظروف التى جعلتها من نصيبه،أخيرا فتح عينها على اثر أطرافها التى تعبث بخصلاته وارتسمت على ثغره إبتسامة أخيرا قطعت شكوكه وعرف أين يضع ثقته لقد قطع اليقين شكوكه حول صدقها فيما أخبرته بما حدث بينها وبين رياض ،لا داعى لذكر إسمه حتى لا يفسد هذا الصباح الذي لم يعيشه أبدا التف تجاهها ليطالعها بإبتسامه متسائلا:
-صحيتى قبلى!
أجابته وهى تبادله الابتسام وقلبها لا يسع دقاته المتسارعه
-ايوا بصراحه مش مصدقه إنى حبيتك بجد بعد ما كنت عايزه أطربق القصر على اللى فيه دلوقتى بفكر أحط ورد على الحيطان من حبى ليك
ظل يستمع لها وعينه لا تفارق عينها مشاعرها المجنونه كان يشاطرها إياها ويستمتع بهذا الاعتراف وبقلبه أكثر وأكثر ،لم تجد منه رد سوى ابتسامه على وجهه ونظره هائمه بتفاصيلها سألته بإهتمام:
-حاسس نفس اللى أنا حساه ولا ااا؟
ضغط على كلتا يديه ليعتدل فى جلسته سؤالها كانت إجابته أكبر من الشك هذا وأكبر من الاجابه ما يكنه لها أكبر من يتلفظه لكن مع تحول إبتسامتها للعبوس تنهد مجيبا:
- حاسس أكبر وأكثر إنتى مش بقيتى مراتى إنتى بقيتى حبيبتى وبنتى وكل حياتى
حاوطت جنبيه بذراعيها بسعاده غامره حرك يده على شعرها بفوضويه لتهتف بطفولة :
-زيد خليك جانبى إوعى تسيبنى أبدا
مد يده ليرفع وجهها إليه بطرف إصبعه ليقول بعمق:
-هسجل روحى بإسمك عشان أفضل كل عمرى جانبك.
اتسعت عينها غير مصدقه مقولته ،أوقعته الخطرة حصلت على تأشيرة عبور لقلبه بل وإمتلاكه ،أنسته همه بالنظر لوجهها ضاع بإرادته فى غيابات عيناها التى أدمعت فجأة
ضم حاجبيه مستنكرا دموعها التى مسحها فورا قبل أن تسقط على وجنتها :
-لازمته إيه دا دلوقت؟
لم تعرف تعبيرا عن فرحتها سوى بالدموع وكأنها بحرا لا يجف فرحا وحزنا تأتي :
-مش مصدقه إنك بتحبنى بجد
مط فمه بابتسامه ومسح دموعها من أسفل جفنها دون ان يسمح لها بالتمادى فهى لايليق بها البكاء والحزن قال مؤكدا وهو ينظر بعينها :
-عنيكى دى ممنوع تبكى وأنا موجود الزعل ممنوع الزعل الزعل عمروا ما كان لايق عليكى
هتفت من أعماقها بحروف ذهبيه لم تمنحها لأحد من قبله:
-حبيبى
خمس أحرف أفقدته تعقله من أين يبدأ وأين ينتهى منها الكلمه مختلفه ملئت قلبه وأرضته تمام الرضا ، أمسك وجنتيها باطرافه محرك رأسها يمينا ويسارا متغزلا بحلاها :
- إفضلى قوليلى حبيبي لحد ما تفقدينى الذكره إلا من إسمك صبا قلبى إنتى .
لم يستوعب قلبها كل هذه السعادة والحب الذي غمرها به وكأنها أرادت رشفة ماء ووجدت نهرا كان "زيد"عوضا لائقا لكل شئ فاليحدث ما يحدث لقد منحها زيد حبا لتواجه كره العالمين وثقه تعوضها عن رفض الجميع لها وكما كانت وأكثر ستظل متربعه على عرش قلبه .
وقبل أن ينساق الى رغبته الكاملة بها من جديد والانسلاخ لعالم لم يطأه قدمه من قبل عالم من السحر والحب والعشق رنين هاتفه صدح بالارجاء ليعيده سريعا لواقع قد نساه ،ابتعد عنها ليري هاتفه الذي اضاء بإسم جده فتواترات أحداث الأمس على رأسه ليتذكر كم مشكلة أنسته إياها "صبا" فتح الخط سريعا بينه وبينه ليقول:
-ايوا يا جدو
هتف الآخر بانزعاج:
-يا ابنى انت مش رايح المستشفى ولا ايه ؟
ابعد الهاتف ليرى الساعه التى قاربت لمنتصف النهار وعاد يهتف بتعجل وهو يدفع الغطاء عن جسده :
- لاء هروح ثوانى وهكون عندها
تحدث جده هازئا :
-ثوانى هتكون عندها ازاى يعنى هطير ،انا هروح القسم عشان نشوف الإجراءات واخوك رايح مع عماد المعرض وهيباتوا هناك يحرسوا المكان لحد ما نعرف الفاعل باقى بلال هخدوا معايا وعمك حسين ومراته عند عمتك بثينه وهيطلعوا على المستشفى،وما تسيبش صبا لوحدها خدها معاك
كان زيد يتحرك ويجهز ملابسه أثناء حديث جده وإبلاغه بخط سير الجميع وعندما انتهى اجابه:
- حاضر يا حاج
تحدث فايز بنبره غامضه وكأنه يعرف شيئا:
-ونتقابل بليل عايزك .
بهذا أغلق الهاتف بينه وبين حفيده الذي حدق بالهاتف لوهله محاولا التكهن سبب هذا اللقاء ،قطعت هذا صبا التى تابعت ما يفعل وسألته:
-انت هتخرج يا زيد ؟!
اجابها وهو يتحرك نحو الحمام :
-ايوا ويلا انتى كمان إجهزى عشان هتخرجى معايا مش هسيبك لوحدك
تصنمت قليلا ثم همت سريعا من الفراش لتلتقط أحد الاثواب المفتوحه وإرتدتها على عجل وتبعته حيث إختفى
وقفت امام الباب وتسألت بعد مدة :
-هنروح فين ؟!
سمعت بوضوح صوت الماء المنهمر على جسده لكنها ابتعدت عن الباب بحرج لتسمع اجابته:
-هنروح المستشفى
تعجبت من إجابته وتذكرت ما حدث لو نيسه بالامس فلطمت جبهتها لتقول بتذمر:
-يعنى اول خروجه لينا تكون المستشفى ؟!
جائها صوته المنزعج من عدم تفاعلها مع حزنه على والدته :
- ما انتى لازم تيجى معايا انتى مش واخده بالك ان اللى فى المستشفى دى أمى ولا ايه؟!
زمت فاها لكلا الجانبين ورفعت يدها الى السماء وهى تدعوا سرا :
-ربنا ياخد أمك دى عشان ما تعذبش على ايدى من اللى هعملوا فيها
فجأه وجدته قادم تجاها يقضب حاجبيه متسائلا :
_ بتقولى إيه؟!
ارتبكت وحاولت إخفاء الامر لتقول عكس ذلك بابتسامه بارده :
- بدعيلها يا حبيبي بدعيلها
غادرته لتاخذ هى الأخري دورها فى الاستحمام وتبدا بالتجهيز للخروج .
"فى منزل شاكر"
تحدث والد "نهى " بتعجل :
-سمعتوش إللى حصل؟
جذب انتباه كلا من "نهى"ووالدتها" وتسألوا:
-حصل إيه ؟!
أجاب وقد ظهر على وجهه علامات واضحة للدهشة:
-الدنيا مقلوبه من امبارح فى قصر الواصل
تسألت المرأة بفزع:
-يا ساتر يارب خير كفانا الشر
هتف مخبرا إياها :
- ونيسة بايته فى المستشفى ومخزن الخشب ولع
لوت "نهى "فمها قائله بإستخفاف:
-هه وش العروسه حلو عليهم
نهضت والدتها وهى تقول بتعجل:
- بتقول كدا وانت قاعد قوم ياراجل نشوفهم ونواسيهم فى مصيبتهم
أجابها متعجبا:
-الاه وإحنا هنروح فين ولا فين؟
تحدثت بزنق:
-انت تروح للحاج فايز وانا وبنتك نروح المستشفى
تدخلت "نهى" متسائله :
-انا هروح يا ماما
اجابتها والدتها بضيق:
-ايوا اومال ايه حماتك فى المستشفى واجب تروحى وتطمنى عليها وبالمرة تعرفى الكل مين صاحبة الاصول اكيد التانيه ما تعرفهاش
فى المستشفى"
إستقرت حالة "ونيسة"الى حد ما فتحت عينها وبدأت بالتجاوب قليلا مع الحديث لكن لازل سبب هذا الإضراب مجهول وقفت "صبا"امام الباب بإنتظار إذن الزيارة من جانب الطبيب يقف إلى جوارها عمتها "بثينه"وزوجة أبيها بينما ذهب زيد مع عمه حسين لمراجعة الطبيب فيما يخص الحالة ،نظراتهم تجاهها لم تتغير الحقد والغل ونار الانتقام تسيل من عينيهم لكن من تغير كان نظرة "صبا"تجاهم نظرة مليئه بالثقة والا مبلاه كانت مختلفه فى استقبال نظراتهم هذه وكأنها تنظر اليهم من جبل عالى
تمسكت بالهدوء فهى الآن تعرف أن الخطأ بالنسبة لها لا يجوز فزوجها فى مكانه عاليه ووضعه حرج ،لوت بثينه فمها للجانبين وهى تجزرها:
-قدمك نحس زى أمك
برغم محاولة استفزازها التى نجحت إلا انها كظمت غيظها قدر المستطاع لتستأنف بثينه الاهانه قائله:
- جبتى للست جلطه والمخزن اتحرق مش عارفه لو قعدتى لبكرا هيحصل إيه؟
أجابتها "صبا" بإبتسامه بارده:
-هجيب أجلك
"صبا"تضرب ولا تبالى سحقت بثينه التى شهقت مستنكره :
-يا مصيبتى بعد الشر ،انتى يا بنت انتى بتفولى عليا
إسطنعت البرائه فى اجابتها مجيبه بتأثر:
- أنا دا أنا بهزر معاكى بنغشك يا عمتوو دا انتى حتى حبيبتي
ردت بثينه بإشمئزاز وهى تشيح وجهها عنها:
-حبك بورص وعشره خرص
بقيت "مها"تشاهد تحول "صبا"بإبتسامه ماكره ثم سألتها بفضول:
-إتعلمتى دا كلوا منين يا صبا ؟!
رمقتها صبا بنظرة مترفعه لقد كانت دوما هى مثلا لكل مكر وشر غرس بداخلهاقررت راحتها بالاجابه:
- منك وانا هجيب من برا وإنتى موجوده برضوا؟!
اقتربت منها مها لتحادثها بصوت منخفض لا يسمعه سواهم وهتفت :
-حقك ما انتى عرفتى تلفى دماغ زيد بحركاتك امبارح
لم تبالى بما تعتقد ولم تريد أن تعطيها إجابه شافيه او تعرض لها أى جزء من حياتها فأجابت متسترة بإبتسامه شريره:
-إنتى لسه شوفتى حاجه ؟دى الحركات والتكات جاية تابعى كويس عشان ما يفوتكيش حاجه لاحسن دورك جاي
ضيقت مها عينها وقالت بضيق :
-بقى كدا يا صبا طيب وحياة غلاوتك ليرميكى زيد اللى انتى فرحانه بيه دا بإديه للنار وهيسيبك تتسوى على الجانبين ساعتها مش هتلاقى حد ينقذك غيري
لازالت كما هى صلبه لا تهتز ولا تتأثر بكلماتها المسمومه
ولا ترخى نظراتها الشرسه والتى إذدات شراسه عندما هتفت :
- لو اترميت فى النار مش هتحرق يا مرات ابويا أنا النار اللى هتحرق مش اللى تتحرق
رغما عن مها بدأت تقلق من هذا الحوت الصغير الذي بدأ يتوحش رقصت عينها بين مقلتيها وهى تبحث عن شيئا بعين صبا ولكن لم تجد له إجابه،صبا تتحول بشكل سريع وتحولها سيقضي على الجميع بقيت عينها تتوسط عين مها بثقه كبيرة حتى سمعت صوت زيد وهو يدعوها للدخول معه لوالدته :
- صبا يلا تعالى
توجهت صوبه وأمسكت يده ودخلت معه ،تاركه الكل يحترق بما أن زيد معها فلن تهتم بأحد هو وجهتها الأولي وحمايتها .
"فى غرفة العناية المركزة"
"ونيسه"
متمدده بلا حول ولا قوه جسدها موصول بالاجهزه وفمها مغطى بقناع للتنفس وحالتها تبدو سيئه عينها فقط ما بثيت غضبها من حضور صبا ويدها المرتبطه بيده زادتها تعب لم يكن لديها قدرة لرفض الأمر .
مال "زيد"لها متأثرا بحالتها أمسك بيدها وتسأل بإهتمام :
- إيه سبب كل دا ؟!
نابت عنها "بثينه"بالرد من خلفه:
-هيكون إيه السبب من القهر مش اتجوزت بنت عدوتها
زم فمه وتحاشي النظر باتجاهها لم يقل سوي :
- لا اله إلا الله
أما صبا فكانت تحاول عدم الإنفعال مهما حدث لن تتفاعل مع أحاديثهم رغم أن ذكر والدتها المستمر بالسوء ماعادت تريد إكتشاف حقيقة أمها لقد أصبحت متيقنه أنها كانت مظلومه مثلها وأنه عالم مصتنع كائنات مقرفه كلاً يستحق ما يحدث له وحتى إن أرادت معرفة الحقيقة من تسأل هى لا تثق فى أحد من سيخبربها الحقيقة الكل يراها مذنبه ولن يحكى أحد سبب هذا الذنب .
عاد زيد ليحدث لوالدته ممسدا على ظهر يدها بلطف:
- الف سلامه عليكي،قومى يا أمي خليكى جانبى محتاجك
حركت رأسها بإيماء قصير دون أى حديث فقط وضعت يدها على وجنته لتطمئنه وتهدأ من روعه ،زيد له موقع خاص بقلبها وغلاوة لا ينافسه بها أحد .
تحدثت مها مقتربه منها :
-الف سلامه عليكي يا أم زيد شدة وتزول وترجعى تنورى بيتك من تانى
التفت لها وحركت رأسها بالقبول ،وجدت صبا أنها عليها التحدث لقد نظر زيد باتجاهها مرارا حتى تحدث وحتى لا يغضب هتفت مقتربه منها بابتسامه:
-الف سلامه عليكي يا طنط
سرعان ما تبدلت ملامحها واشاحت بوجهها عنها ،شعرت صبا بالحرج ونظرت نحو زيد بتوتر من فعلتها فأبعد هو الآخر نظره عنها لتبقى سجينة نظرات مها وبثينه الشامته
تحدثت مدعيه عدم الاكتراث بقبولها أو رفضها فهى فى النهاية حصلت على زيد وليس إداراة وجهها عنها تغير شئ :
- ربنا يقومك بالسلامه ان شاء ويديكى الصحة لحد ما تشوفى ولاد زيد
اتسعت عين "ونيسة"عقب كلماتها وكأنها متعمده جلطها أما صبا فإنتظرت صدى ما قالته نعم لم تقل شيئا خطأ لكن هى تعرف أين تضرب بالصح ،وأصابت جمعت ونيسة قواها وشحذتها فى كلمات غاضبه:
-طلع البنت دى برا
لم يحاول زيد مناقشتها بالامر يعرف مدي إستيئها من صبا دون أن تقوم بشئ نظر بإتجاه زوجته وإستدارت لتتوجه خارج الغرفه ،قلبها يكاد ينفجر مما سببته ونيسة من حرج
ظلت هكذا واقفه أمام الباب تحاول العوده على سجيتها والبرود المتناهى التى كانت تدعيه تنظم أنفاسها باسترخاء وتقول:
-إهدى يا صبا إهدى
خرج إليها "زيد" لشعوره بها لقد أحرجته والدتها أشد الحرج وأبعدتها من جلستهم بمنتهى القسوة وقف قبالها
وقد لاحظ عينها الحزينه وفمها المطوى وكأنها تقاوم البكاء رفع يده ليضعها على وجنتها لكنها تراجعت بخوف وكأنها خشيت أن يضربها تعلقت يده بالهواء بدهشه حتى أدركت هي من يكون فمالت بوجهها بالكامل لتحط على كفه بإشتياق للحنان،عندها مال يقبل مقدمة رأسها ثم عاد ليهتف مبتسما لها:
-إنتى عارفه إن ضحكتك أحلى من دموعك ؟
ابتسمت ابتسامه لا تمت لقلبها بصله وظلت تنظر بعينه وهى تحتجز يده بين كتفها ووجنتها وسألته سؤال مقابل سؤال:
-طيب أنت عارف إنك أحلى حاجة حصلتلى ؟
اجاب مؤمأ برضاء :
-عارف وعارف حاجات كتير كمان انتى لسه مش عارفه انك تعرفيها
ضمت حاجبيه وتسألت:
- حاجات زى إيه؟!
ثبت نظره بعينها وهو يقول مؤكدا:
- زى إنك هتعرفى تتخطى دا ومش هيأثر فيكى ولا كلمه
تذكرت الموقف الذي نسيته فى غمرة مشاعرها الملتهبه ناحيته لمعت عينها من جديد وهتفت متأثره:
-أنا مش عارفه أنا عملتلهم إيه كلهم بيكرهونى
_كفايا أنا بحبك ولا ايه؟!
اجابة قاطعه من "زيد" جعلتها تبتسم وتندمج مع أحاسيسه فاليحترق الجميع هى تحبه وهو يحبها مهما فعلوا لن يغيروا تلك الحقيقة ابدا .
لاحظ قدوم نهى ووالدتها عبر الرواق فأرخى يده سريعا بعيدا عن وجنت صبا استدارت نحو نظرته المثبته امامه لترى ماذا يري ،وعندها تحول كل شئ للغضب وإشتعلت نار الغيرة دون حطب وتمتمت بضيق :
-اه كانت ناقصاكى إنتى كمان
اقتربت منهم نهى ووالدتها والتى دحجة زيد بخيبه مستنكره تماما ملطفة لصبا فى وسط المشفى سألته محركه فمها لكلا الجانبين:
-امك فين يا زيد؟!
اشار للغرفه المجاورة :
-موجوده هنا اتفضلى
سحبت نهى عنوة من يدها وهى ترد:
-يزيد فضلك يا ابن الاصول
عادت مجبرة لغرفة ونيسه وقفت تشاهد مدى ترحيب الكل بحضور "نهى" ووالدتها ونظرات ونيسه النقيض لها
كانت تحلل كل حرف ولفته ونظرة من نهى تجاه زيد بالأخص، الغيظ يتملكها وجنونها يحثها على الإقدام على كارثه دون تريس لكنها إستدعت هدوئها حتى لا تخسر علاقتها بزيد للابد ،سرعان ما إنقطع الأمل فى الصبر عندما تحدثت نهى برقه واضحه لزيد :
- أنا خوفت على مريم أجيبها معايا عشان نفسيتها
بدى الإهتمام على وجه زيد وهو ينصت إليها مهتم بشده لمعرفة أى أخبار عن إبنة التى غابت عن نظره لمده ليلة كاملة ،عرفت كيف تجذبه بطريقه سهله للغايه بإستدراج عاطفته تجاه إبنته فهتف متعجلا:
-أنا هعدى أخدها كفاية عليها كدا
ردت "نهى" وقد سبقت غيراتها الحديث وطفت على وجهها :
- لو عايز نخليها معايا كام يوم انا مش مضايقه
كانت مقاطعته ناهيه :
-لاء أنا هاخدها
تطرقت "نهى"الى حديث آخر وهتفت وهى تسبل عينها بعينه وكأنها تعاتبه :
-إنت كويس يازيد ؟!
كلماتها كانت بلا معنى كيف يكون بحال جيد وهو فى وسط هذه المشكلات،لكن هى كانت تسأل عن حاله
قلبه تحديدا هل إمتلئ بغيرها هل سعد بزيجته هذه كما استمعت من المدعوين عن مدى تفاعل الثنائي معا ،حتى هذا السؤال فى الوقت هذا غير مناسب رد بامتعاض:
-اومال مافيش أحسن من كدا !
ظهرت فى نبرتها الانفعال وهى ترد بصوت خافت:
-انت فاهم انا قصدي على إيه بلاش تغير الكلام
اجاب محدقا بوجهها بضيق :
-انتى مش امبارح اتصلتى واتأكدى بنفسك إنى كويس
زاغ بصرها بين عينيه الغائره وهتفت وقلبها يتألم:
-قلبك اتملى تانى بعد غاليه
طعنته بنصل حاد فى ذكرياته القديمه أحيت علاقه نسيها أو تظاهر بنسيانها ظل ينظر الي عينيها التى تشبهها بحد كبير دون حديث وكأن من تحدثه هى" غاليه" عادت لتسأله وتلومه فعصفت بقوته وشلت حواسه مهما حاول النهوض تثقل على كتفه الهموم فتطرحه أرضا وكأنه حربه الدائره هى فقط من أجل أن يقف على قدمه.
تدخلت صبا والتى اصابها الضجر من طول الحديث الهامس بينهم والذي إنتهى بتمعن نظر زيد فى وجهه نهى
تحركت صوبه ووضعت يدها على كتفه برقه وهى تناديه متعمده إغاظتها:
-حبيبى
انتبه لها وقد إنتشلته من همومه التى أوشكت على دفنه حيا ،كما انتبهت "نهى" والتى تحولت نظراتها لشرسه وضيقت عينها بغل لا آخر له ،تحدثت "صبا"عوضا عنهما
عندما ساد الصمت بعد حضورها وكأن هناك ما يخفيانه عنها:
-إيه يا جماعه سكتوا يعنى مش تشاركونى معاكم بدل ما إنتوا قاعدين تتوشوشه لوحدكم كدا على جنب
أجفل "زيد"خوفا من إختلاق مشكلة او توتر فى المكان الغير مناسب وهتف :
-صبا بلاش مشاكل
نظرت باتجاه وتصنعت الصدمه قائله ببرود :
-معقول يا زيد انا أعمل مشكلة عشان بتكلم ضرتى المستقبلية مش أوى كدا دى حتى هتسلينى بعدين انا قولتلك انا يوم ما أغير عمرى ما هغير من نهى يعنى
اتسعت عيناها وهم بالحديث ليردها عن استعمل فنون الكيد والاغاظه ومنعها من الاهانات المبطنه التى ترسلها لها :
-صبا بلاش تنرفزينى
ظلت على نفس هدؤئها واجابت لتشعل الواقفه امامهم وآثار الكيروسين على وجنتها وجبهتها وبات قابله للاشتعال :
- سلامتك من النرفزه يا زيزوا هدى اعصابك يا حبيبي دا حتى النرفزه مش حلوه عليك يا عريس
تعمدت رمى كلمتها الاخيره بميوعه حتى تفقدها عقلها وترتاح منها ،بالفعل صاحت نهى من بين اسنانها :
-اما إنتى وقحه بصحيح
فعلتها "صبا" ونجحت فى إغضابها وجرها للخطأ الشنيع
لتصيح ببرائه:
- هااا انا وقحه شوفت يا زيد انا مش هرد عليها وانت واقف
انفعل زيد على كليهما وصاح بغضب وسط الغرفه:
- بس اسكتوا انتوا الاتنين انتوا مش مراعين احنا فين
تحدثت صبا ببرائه :
-انا لو عليا مراعيه الدور والباقى على اللى مش مكسوفه وهى جاي واقفه جانبك و...
-اسكتى ،لما اتكلم ما ترديش
لاحظت كلا من مها وبثينه ومروة والده نهي الشجار الذي تصاعد وخرج عن السيطره ،ظلت صبا تنظر فى عينه دون أن تخشاه وكأنها تحذره من التمادى بالخطأ فى حقها أمامهم وكان لها السيطره الكاملة عليه لتنهاه وقت ما تشاء
وبالفعل سكت عن الكلام .
هتفت مها متعجبا مما حدث:
-زيد انت اعصابك تعبانه ومن امبارح ما ارتاحتش روح واحنا هنستنى هنا معها
اجاب وهو يضغط على مقدمة رأسه بقوة :
- لامش هينفع انا هاروح لجدى واشوف موضوع الحريق دا وصل لفين ؛وكدا كدا انتوا كمان لازم تروحوا الزيارة هتخلص وقاعدتكم فى الطرقه مالهاش لازمه.
استمعت ونيسه للحديث وتعجبت من كلمة حريق لكنها لم تقوى عن السؤال مايدور حولها كان اكبر من تحملها خاصتا رؤيتها الساحره الصغيره تستحوذ على عقل إبنها
نهضت "بثينه" وقالت :
-انا هروح اعملكم لقمه تاكلوها انا وصبا
"صبا"نطق اسمها فى هذه الجملة جعلها تلتف لها بدهشه غير مصدقة انها ستعيش هذا الدور الذي كرهته طوال حياتها ،لم تنتهى الصدمه بعد عندما أضافت بثينه قائله بإبتهاج :
- وهاخد نهى معانا عشان مريم
لاحظت السرور على وجه "مروة" وهى تقول :
-احنا أهل ولا يمكن نسيبكوا فى محنه زى دى يا ام عامر
ربت "بثينه"على كتفها وهى تقول مبتسمه:
-دا العشم برضوا يا ام ياسر انتوا ولاد اصول
وسط كل هذا التبجيل والتفخيم تنحى زيد عنهم ليجلس جوار والدته ويمسك بيدها تاركا "صبا"تواجه مشكلتها الجديدة وحدها ،عندها هتفت بداخلها بشر:
-كدا يا زيد بتهرب طيبب ربنا يقدرنى على فعل الخير
أجبرت من جديد على وضع لا تألفه ضم نهى فى يوم صباحيتها إلى منزلها أمر مزعج لكن إجبارها لن يغدوا سهلا
هي لا تريد أن تكون سيئه لكن الظروف هى التى تجبرها وعليها ستتصرف بطريقتها وصلت الى القصر مع عمتها ونهى ووالدتها وكذالك زوجة أبيها اللطيف فى الامر هو وجود مريم وقطتها بينهم حاولت الانغماس معها والبعد عن محاولاتهم مضايقتها بها لكن مريم كانت غريبة الأطوار،عندما سألتها فور نزولها من السيارة بحماس:
-إيه رأيك نأخد القطه ونطلع نوريها السطوح واللعب اللى فوق ؟
بدت خائفه وغاضبه وهى ترد عليها :
-لاء مش هروح معاكي
سبقتها بخطوات راكضه للداخل وهى تضم قطتها بين أحضانها لوت "صبا"فمها بيأس وهمست بداخلها:
-مالها البت دى ؟
وأثناء مرور بثينه من جوارها وكزتها متعمده بكتفها لتعود قائله بإبتسامه شامته:
- معلش يا صبا بقى مستعجلة بصراحه أقضى اليوم مع نهي اطعى غيرى وتعالى نعمل أكل عشان جدك وولاد عمك لما يرجعوا
أخفت "صبا"تشنجها وهدرت مستدعيه هدوئها:
- ولي ما نجبش اكل من برا ولا نشوف طباخين
اسرعت "بثينه"بالقول لتردعها ناهيه:
-لاء يا حبيبتي احنا هنا مش بندخل بيتنا لا طباخين ولا دليفري دى لو ونيسة علمت كانت تهد القصر وكمان جدك مش بيرتاح غير فى الاكل البيتى شدى حيلك واتعلمي بقى عشان جدك يتبسط منك
اقتربت منها صبا وركزت عينها عليها وكأنها تتمعنها لقول شئ مهم ومع آخر خطوة اتخذتها بالقرب منها طرحته
متسائله بجديه:
-إنتى بتكرهينى كدا ليه؟طيب ونيسه بتكره أمي إنتى بتكرهينى ليه؟!
مطت بثينه شفاها ببرود وهى ترد محركه رأسها :
- عشان نفس السبب يا عنيا
امتعض وجهها وهى تسمع كلماتها المقتضبه تقطر كرها وسألتها متعجبه :
-هى عملت ايه لكل الكره دا؟
تحولت نظراتها لغضب عاصف حتى تراجعت صبا بقلق من أن تقتلعها بكم الحقد الذي ظهر بعينيها المتسعه مجيبه من بين أسنانها:
- عشان قتلت أمي
انتفضت صبا من بشاعة التهمه لم تصدق ابدا هذه المهاتره السخيفة ،رمتها بنظرة بارده وهمت بتجاهلها وهى تقول ساخره:
- وانتى شكلك كنتى بتحبى امك أوى
امسكت "بثينه"بساعدها لتمنعها من المرور ،ونظرت بعينيها وهى تهتف بغل:
- لما أبعتك ليها إبقي إسأليها
تصنعت" صبا"البرود وغيرت الموضوع تماما وهي تهتف بتركيز:
-ياااا جدو دا طلع واصل فعلا انا أتأكدت من دا دلوقت !
ضمت "بثينه" حاجبيها وسألتها بدهشة:
-ليه يا عنيا ؟!
اجابتها "صبا "دون إكتراث:
-عشان حاطك فى بطاقه المواليد أنثي مع إنك حيه إزاى عدت على وزارة الصحة دى ؟!
إسمتعت بوجه "بثينه"الذي إنتفخ من الاحمرار وتجاوزتها هذه المرة رادة إليها وكزت الكتف وهي تهرول للداخل مخفية إبتسامتها على مظهرها المشتعل من الغيظ
غادرتها لتقف بثينه عاجزه عن الحديث والتفكير لا تصدق أنها اهانتها لتو فى شكل مزحه صرت على أسنانها وهى تردد بغيظ:
-ماشي يا بت بشري
صعدت لغرفتها واستدعت هدؤئها لتعود من جديد واقفه شامخه لا تهتز من نهى او غيرها هى وقفت بداخل قلب زيد وإستحوذت عليه ماذا تريد أكثر من هذا ، ولتغيظ الكل قررت التعامل على أنها العروس
ارتدت أفضل مالديها وصففت شعرها بعنايه ووضعت زينتها الكاملة ونثرت عطرها بغزاره لتفوح من بعيد وتزكم من قريب ،لتريهم كم هى قاسية متمكنه لا تبالى بمن تنافسها ستتصرف كأنها تملك زيد وحدها ولا تشارك أحد به
لتعلنها صراحتا أن زيد ملكا لها وليست ممن تحارب للوصول إليه ستوضح أنها ملكت وإستوطنت ولا أحد يملك ما تملك ولا احد يستطيع هز ثقتها بنفسها ولا تحرك
شعرة واحده من رأسها من ووجود نهى أو عدمه ستقلب السحر على الساحر بل ستحرقهم دفعه واحده ليعلموا أنها لن تهزم وليتقنوا إنهاالخَطره