قصة تزوجته رغما عنه
البارت التاسع والعشرون 29 و الثلاثون 30
بقلم حورية
البارت التاسع والعشرون
نعلم جميعا ان لحظة الفراق مكتوبه علينا جميعا..واننا سنعيشها يوما ما ..ولكنّها من أصعب اللحظات على بنى ادم ..نشعر وكأن الحياه قد توقفت ..كل لذه كانت طريق لفرحنا بالأمس تصبـــح لا تعنى لــنا أى شئ ..
فى طريــق حسن مع الضابط الى تلك المستشفى كان ذلك ما يشغله ..ما ان فقدها ؟!..سرعان ما تنبه الى وجوب معرفة والدتها بكل شئ لتأتى اليـها ...
امسك هاتفه بيده المرتجفه ..واتصــل بها ..
حسن بارتباك:-سلام عليكم
مايسه والنعاس يغلب على صوتها فالساعه لم تتعدى الحادية عشر صباحا :-عليكم السلام يابنى فيه حاجه ولا ايه ؟
حسن وقد بدأ فى البكاء:-مها فى مستشفى _____ على طريق اسكندريه الصحراوى
صرخت به وهى تقول:-ايه ؟ مستشفى ..ايه اللى حصلها ؟
حسن بحرج وقلق وعدة مشاعر لا يمكننى وصفها لكم الان :-مها مجتش من امبارح يا طنط وكنت بدور عليها طول الليل ولقوها مرميه على طريق الاسكندريه الصحراوى وخدوها عالمستشفى من خمس ساعات وانا مع الظابط دلوقتى ورايحين على هناك ...
مايسه بصراخ:-حسبى الله ونعم الوكيل فيك يا شيخ ...ضيعتها ازاى متقوليش من امبارح ...حرام عليك اغلقت الهاتف وبدأت فى البكاء وهى تسرع لتيقظ شكرى ليرتدوا ملابسهم سريعا للذهــاب اليها ...
اغلق الهاتف وبكى بكاءا كطفل صغير غابت عنه أمه ..احمر وجهه بشده ...
ربت على كتفه الضابط وقال له:-يا استاذ اهدا ان شاء الله تبقى كويسه ...
حسن ببكاء:-يارب استرها معاها ...يارب
مرت ساعه الى ان وصلوا لتلك المستشفى ..كان يسير مهرولا ...
قال الظابط بنبره تقليديه للموظفه الموجوده على الاستعلامات:-الحاله اللى لقتوها على طريق اسكندريـ ...
قاطعته المرأه وقالت له بحزن:-جت حالتها خطيره جدا ودخلوها العنايه المركزه فى الدور اللى فوق ...
صرخ حسن وجرى سريعا الى ذلك الدور حتى قابل طبيبا ..قال له بأعين دامعه :-مها عندها ايه ..ايه اللى حصلها ؟
الطبيب بنبره عاديه :-دماغها اتعرضت لضربه قويه بعصايه او ما شابه ونتيجه للضربه جالهاارتجاج فى المخ ومن الواضح انها اتعرضت لتحرش او ايذاء جسدى بس موصلش للاغتصاب لانها جتلنا مش بكامل لبسها وعندها كسر فى اليد اليمنى وكدمات فى انحاء جسدها نتيجه لالقائها بقوه... وحاليا هيا فى غيبوبه من ساعت ما جت ..ادعلها
ما ان سمع حسن ذلك حتى أمسك بعروة قميص لك الطبيب وقال له وهو يصرخ :-مها هتبقى كويسه ..انت فاهم ..هتبقى كويسه ...ثم هرول الى باب غرفتها واخذ يحاول فتحه ..جرى وراءه الطبيب وبعض رجال الامن وحاولوا ان يدفعوه بعيـــدا عن الباب ...
حتى جاءت مايسه فى ذلك الوقت ..كرر لها الطبيب نفس الكلام فسقطت مغشيا عليها....
**************************************************
عليـــاء الان تجلس على مكتبها ...تمسك بعض الورق وتتفحصه باهتمام ..حتى التفتت الى اسماء وقالت لها بتساؤل وقلق :-هوا مين اللى سمح للبضاعه انها تخرج من شركتنا لشركة start ديه النهارده؟.
اسماء بهدوء وهى تنظر فى ورق اخر بيدها :-عائشه
علياء بانفعال:-ايه الهبل ده البضاعه اللى خرجت ديه بايظه وكانت مركونه عشان يخلصوا منها
اسماء بلا مبالاه :-مالناش دعوه
علياء بغضب اكثر:-هوا ايه اللى ملناش دعوة والشركه لما تكتشف انها البضاعه بايظه
اسماء بجديه :-ولك ايه يا علياء مالكيش دعوه بعايشه خالص ..ثم انتى مالك اصلا ومال الخارجات والواردات خليكى فى شغلك ...
علياء :-هوا ده اللى همك ...الورق ده وقع فى ايدى بالغلط ..ثم همت بالنهوض وهى تقول بثبات :-انا هروح اقولها ..مش هيا فى الاوضه اللى جمبنا ؟
اسماء وقد وقفت لتمسك بيدها :-بس يا علياء بجد ..مش هتسلكى معاها اصلا
علياء وقد اتجهت ناحية الباب :-انا هتصرف
مشت الخطوات التى كانت تفصلها عن الغرفه الاخرى ..دخلت اليها ...
قالت لها برسميه:-انسه عائشه ..البضاعه اللى حضرتك سمحتى انك تخرجيها لشركة start مأخدتيش بالك انها منتهية الصلاحيه
عائشه ببرود:-وانتى عايزه ايه ؟
علياء بانفعال:-هوا ايه اللى عايزه ايه ..عايزه حضرتك تتصرفى وتصلحى اللى حضرتك عملتيه
عائشه بانفعال:-انتى هتعلمينى اعمل ايه ولا ايه ..مالكيش دعوه ..مش شغلك
علياء بغضب:-اه اعلمك لو حضرتك مش عارفه
عائشه وقد علا صوتها :-طب ورينى بقى هتعلمين ازاى يا بنت امبارح
علياء وقد اتجهت خارج الغرفه :-انا رايحه لمستر فارس وهوا يشوف شغله معاكى
عائشه وقد سارت ورائها :-فارس اوى اوى يا حبيبتى ورينى هتعملى ايه
طرقت علياء باب غرفته بعصبيه ...سمح لها بالدخول
قالت له بعصبيه :-مستر فارس ...انسه عائشه سمحت للبضاعه رقم __هاتخرج من هنا لشركة start وهيا منتهية الصلاحيه
هنا جاءت عائشه لتقول لفارس :-فارس عجبك كده ...شايف الهمجيه واسلوبها عامل ازاى
هنا ردت علياء بغضب :-انا اللى همجيه ولا انتى اللى مبتعترفيش بغلطك
هنا ذهبت عائشه لتتعلق بيد فارس ..قال لها فارس وهو يبتعد قيللا :-ازاى تعملى كده ؟
عائشه بابتسامه:-خرجها يا فارس وانا هفهمك الموضوع
فارس بملل :-اتفضلى يا انسه علياء وانا هلغى حالا الكلام ده
علياء بأدب :-شكرا يا فندم
خرجت علياء ..لتغلق الباب وتتركه بمفرده مع عائشــه فى الغرفه ...
ذهبت الى غرفتها وجلست بعصبيه ..قالت لاسماء:-بنى ادمه غبيه ومستفزه ..وازاى بتكلم مستر فارس بالاسلوب ده
اسماء وهى تضحك:-معلش يا بنتى اصلها اخته بس مدلعه اوى
علياء بانفعال :-براحتهم ...
وفى الغرفه الاخرى ...قالت عائشه لفارس بانفعال:-انا واحده زى ديه تيجى تهزأنى بالطريقه ديه
فارس بعد انا وضع سماعة الهاتف:-لولا انها اخدت بالها من غلطتك كان زمانا روحنا فى داهيه
عائشه بارتباك:-ولو بردوا يا انا يا هيا فى الشركه ديه
فارس بغضب:-بقولك ايه يا عائشه بلاش مشاكل انا مش فاضى
عائشه بغيظ :-طب انا هقول لبابا وهوا هيعرف يتصرف مع الاشكال ديه
فارس بقلق:-بلاش مشاكل يا بنتى متقطعيش عيش حد
عائشه :-يا كده يا تيجى تعتذرلى
وتركته وغادرت....
****************************************
نعود مره اخرى الى مها التى ترقد فى الغرفه ولا تدرى بأى شئ حولها ...و والدتها ترقد فى غرفه اخرى لا تبعد عنها بكثير ...وشكرى يقف بجانب حسن يستفهمون من الشرطى عن الذى حدث لهــــا...
"مين ولاد التيييييييت اللى عملوا فيها كده ..حسبى الله ونعم الوكيل فيكوا "
قالها شكرى للظابط بانفعال وغضب
أمسكه حسن وقال له وهو يحاول تهدئته :- اهدا يا عمو ثم دمعت عيناه فمسحها بيده واكمل:-هتبقى كويسه والله هتبقى كويسه
ابعد شكرى يده يغلظه:-منك لله يا اخى انت كمان ..انت السبب ..شخص مش مسئول منك لله
هنا تدخل الضابط وقال بحزم:-احنا مش هنعرف حاجه عن الحادثه غير لما المدام تفوق ..ثم همّ بالقيام وقال بهدوء:-عن اذنكوا
نهض حسن متجها الى الزجاج الشفاف ينـــظر اليها فى أسى ...قابل احدى الطبيبات فقال لها :-ينفع اشوفها
الممرضه:-للاسف الزياره ممنوعه فى الوقت الحــــالى ...
**************************************
كانت اميره تمسك بعلىّ الذى لا يريد ان يكف عن البكاء ...
"اسكت بقى يابنى شويه انا مش قادره "
رن هاتفها المحمول ..امسكته وهى تنظر اليه بتقزز ..تذكر الهاتف المتطور smart phone الذى كانت تمتلكه وأخذها منه ...اجابت المتصل بعدما تنهدت بحسره ...
اميره بملل :-الو يا ايمن
ايمن بتساؤل:-انا قربت اجى اهو ...الاكل خلص
اميره بعند:-لاء ملحقتش اطبخ ..هعمل مكرونه وفراخ كوكى
ايمن بانفعال:-هوا كل يوم ..اعملى اكل يا اميره
اميره ببرود:-وهوا ده مش اكل
ايمن بحزم:-مش هكرر كلامى تانى
اميره بغيظ واستسلام:-يوووووووه حاضر هعمل الاكل ..
اغلقت معه ..الى متى سيظل السخط على حالك رفيقك يا اميره ؟!...
امسكت بعلىّ الذى هدأ قليلا ..نظرت له وهى تحدثه كشخص بالغ :-عارف لو مكنتش سكت كنت هرميك ما الشباك ..قبلته بحنان و وضعته فى فراشه ....
اتجهت ناحية المطبخ وهى تزفر ...رن هاتفها مره اخرى ...زفرت بضيق ...
تمتمت "عايز ايه تانى بقى"...
اجابت الهاتف ...:-عايز ايه...
مايسه ببكاء:-الحقى اختك يا اميره ..مها بتموت ....
اميره بتعجب وصراخ:-ايه ؟ انتى بتقولى ايه يا ماما
شرحت لها مايسه ما حدث...
اغلقت معها ..وامسكت الهاتف فسقطت دموعها على شاشته ..مسحتها بيدها المرتجفه ..
واتصــلت بأيمن لتخبره بما حدث للنزول فى اجازه ...
ايمن بأسف:-مش هعرف خالص يا اميره اخد اجازه وننزل حاليا
اميره بانفعال:-يعنى ايه مش هتقدر
ايمن :-طب ادينى طيب يومين استأذن فيهم طيب
اميره :-طيب ماشى ..يارب استرها
**************************************************
كان حسن واضع رأسه على الزجاج الشفاف ينظر اليها ..الى كل تفاصيلها ..عيناها ..شفتيها ..أنفها..وجنتيها..يديها وقدميها ..تمنى ان يخترق ذلك الزجاج ليصل اليها ..ليقبلها ..ليعتذر لها ..اه وألف اه ..من الذى فعل بـــك هذا؟! من الذى جروء على ان يمسك ؟! أنا احمق ..كيف تركتك لتخرجى فى ذلك الوقت المتاخر؟..ليت الزمان يعود يوما واحدا فقط لأقبل قدمك اعتذارا لكى على كل شــئ ..كل شــئ ..أقسم انى كنت سأحفظك داخل عيناى ...
مـــر طبيبا ..سأله عن الزياره ..وعن الموعد المحتمل لأن تعود مره اخرى الى الحيــاه...
الطبيب بجديه:-مراتك اتعرضت لحادثه مش سهله ..وزى ما الظابط قالكوا انها كانت حادثة سرقه ..انا من رأيي انك تقابل اللى جابوها هنا ..
حسن بأسف :- قابلتهم وقالوا انهم لاقوها مرميه حاولت استعلم عن المنطقه اكتشفت انه شارع عادى طريق سريع يعنى ..ثم تنهد بأسف وقال:-اه لو اوصل لولاد الكلب دول ..لهطلع روحهم فى ايديا ..انا اعد من الصبح بحاول ادور على أى خيط عشان امسكه بس لأسف زى ما الظابط قال لازم هيا تفوق الاول ....لازم تفوق
*****************************************
أما سهى علمت من اميره ما حدث فتركت سيف وحمزه لتذهب لتشاركهم ما هم فيه ....
***************************************
دخل أحمد منزله ..نادى بصوت مرتفع :-ساره ساااااااااااره
جاءت مهروله ..قالت بقلق:-فيه ايه ؟
احمد ببرود:-عملتى الغدا ..
ساره بتعجب:-انت بتصرخ كل ده عشان كده ..ايه الهبل ده
اقترب منها وأمسك بيدها :-انتى مش ناويه تتعدلى ؟
ساره ببرود:-لاء مش ناويه ..انا قولتلك طلقنى ..
تركها ودخل الغرفه وهو يقول ..انا صاحبى واخوه ومراته جايين يتغدوا عندنا النهارده
ساره بغضب:-يعنى ايه يعنى انا معملتش حسابهم
احمد ببرود:-براحتى
ساره بغضب:-وانا مش هعمل حاجه ...
احمد بانفعال :-لاء هتعملى غصب عنك ..ده بيتى واجيب فيه اللى يعجبنى فى الوقت اللى يعجبنى
ساره :-وانا هتصل ببابا يجبنى حالا
احمد بلا مبالاه:-مفيش نزول
ساره وقد أمسكت هاتفها لتطلب والدتها ..
ساره بحزن:-يا ماما تعالى خدينى بقى
والدتها بحزم:-ساره لمى الدور شويه بقى ابوكى الضغط عالى عليه من امبارح ومش حمل اللى انتى بتعمليه ده
ساره باصرار :-خلاص انا هاجى
والدتها محاوله تهدئتها :-طب مشى بس اليومين دول وانا هاجى اخدك بنفسى ..بس استنى ابوكى يقف على رجليه
ساره بقلق:-انتى بتكلمى جد ..بابا تعبان ؟
والدتها :-كان تعبان امبارح ..دلوقتى بقى احسن ..اتخانقتوا تانى
قصت عليها ما حدث ...قالت لها والدتها :-معلش يا بنتى ادخلى اعملى اى حاجه سهله كده ومشى أمورك معلش ..
ساره باستسلام :-حاضر ...
دخــلت الى المطبخ وهى تزفر وبدأت فى اعداد الطعام ...بينما أمسك هو بليلى ودخل الى الشرفه ..يتحدث مع والدها ...
احمد بثقه:-متقلقش يا عمو ..كله تمام
والدها :-فولت على نفسى عشان خاطرك اهو ..متقلش العيار عليها بقى
احمد بامتنان:-ربنا يديك الصحه يا عمو ..ربنا يهديها ..ديه فى عينيا والله
اغلق معه وابتسم بانتصار ...
حانت الساعه السادسه ...
ارتدت اسدالا بنى اللون يزينه شريط من الستان الابيض على طرفه ..
جاء صديقه وزوجته واخاها صديقه ايضا ...
قال احمد مرحبا لهم:-اتفضلوا يا جماعه ناكل الاول...الاكل جاهز ...
جلسوا كلهم على الطاوله ...كان احمد منهمك فى الحديث مع صديقه وزوجته زملائه فى العمل
قال الاعزب من بينهم لساره :-وحضرتك يا مدام ساره خريجة ايه ؟
ساره بابتسامه :-انا خريجة علوم
رد عليها بمرح:-كنتى بتشرحى ضفادع بقى وكده
ضحكت ساره برقه وقالت:-اه واكتر من كده كمان بس بصراحه كليه صعبه اوى ثم تابعت بتساؤل:-وحضرتك اسمك ايه
رد :-اسمى نائل
ساره بتعجب ومرح:-اسمك غريب اوى يا عم
أخيرا لاحظ احمد طلاقتها فى الحديث معه وضحكتها التى لا تنقطع ..وكزها برقه وهو يجلس بجانبها وقال لها :-مش نهدى شويه بقى ولا ايــه ؟
*************************************
أما كريم ونهال كانوا يجلسون على طاولة الغذاء ايضا ..عندما قالت بمرح:-ايه رئيك نخرج
كريم بابتسامه:-معنديش مانع طبعا
نهال بفرحه :-ولا اقولك ما تيجى نسافر
كريم بأسف:-عندى سفريه بعد اسوبعين ان شاء الله يا حبيبتى اسبوع تبع شركة الادويه ..اوعدك بعدها ان شاء الله
رن هاتف نهال ..لتتلقى خبر اقامة مها فى تلك المستشفى ...
قصت له ما دار بحزن شديد ...
كريم بحزن :-ربنا يشفيها يارب ..بالرغم من انى متعاملتش معاها الا قليل الا انها فعلا انسانه كويسه
نهال بصدق:-يارب
**********************************
البـــارت الجديـــد الثلاثون
**************
مرّ اسبوعا كاملا ..ما أصعب الانتظارعليهم جميعا ...مازالت مهــا فى فراشها بالعنايه المرّكزه ..سبعة أيام زادتهم الما وغمّا ولهفة عليــها ...كان حسن لا يفارق الزجاج الشفاف يلصق رأسه به ..يتابعها ويتأملها ...قــلّ وزنه بشكل ملحوظ ..عيناه متورمتان ..يعيش هو أيضا فى عالم اخر ...فلندعو له ...
مــازالت الزياره ممنوعه و مازالت أشواقه ليلمسها ويقبّل رأسها لم تنتهى وتكف بعــد....
أفاق من شروده بها على صوت فتحــيه التى بالرغم من جبروتها وقوتها الا انها تذكرّت كل جميل فعلته معها تلك المخلوقه الراقده التى لا تدرى بأى شئ قـــط....فحزنت هى ايضا من اجلها!
قالت له بهدوء كئيب :-حسن ..فيه يابنى اتنين زمايلك هنا
رد عليها وقد اعتــدل فى وقفته ومازال ينظر الى مها بهدوء:-ماشى انا جاىّ
ربتت على كتفه بحنان ...وتركته ورحلــت....كانت تعلــم انه لا يتحمل أى ضغط عليه ..فكانت لا تطالبه حتى بتناول الطعام أو الشــراب...
أما هو نظر الى مها عبر الزجاج وقال وكأنه متيقّن من أنها تسمعه وتشعر به :-انا رايح يا حبيبتى خمس دقايق بس وجايلك تانى....والتفّ ليتجه اليهم ..تحرك خطوات بسيطه ...عاد مره اخرى اليها وعيناه تملأها الدموع :-هتوحشينى ...
وأخيرا اتجه اليهم ليجد علياء وفارس يقفان أمامه ...من العجيب أنه لم يبد أى تأثير برؤيته لها ...
أما هى فصعقت من مظهره ...وجهه الشاحب ...عيناه المتورمه من أثر البكاء ...الهذه الدرجه يحبها؟!...ويتألم من أجلــها...
احتضنه فارس وربت على كتفه ..ومن ثم أعطاه علبه من الشيكولاته الفاخره كان يمسكها بيده ..وقال له بحنان :-الف سلامه عليها يا حسن...ربنا يقومهالك بالسلامه يارب
حسن بامتنان :-الحمد لله على كل شئ ..تعبتوا نفسكوا
فاقت من شرودها على رده ..فقالت له هى بدورها :-الف سلامه عليها ...
ابتسم فى وهن حتى استأذنوا ورحلوا ...ورحل هو ايضا يلصق رأسه بالزجاج الشفاف ......
**********************************************
وفى الخارج كانت نهال تودع كريـــم ...
"صدقينى لو كنت اعرف أاجلها كنت أجلتها يا حبيبتى ..هتوحشينى"
قالت له بحب وبصدق:-ولا يهمك يا حبيبى ..تروح وترجعلى بالسلامه
كريـــم بحب وهو يقبل رأسها :-مع السلامه يا نونتى ...واتجه الى سيارته يقودها كمـــا يقول (الى المـــطار)...
أما هى لوحت له بيدها مبتسمه ..لا تعلم ما الذى يخطط له من ورائــها ...
ما ان استقل بسيارته حتى اتصل بوالدته وقال لها بهدوء حزين:-خلاص يا ماما ...صدقت عادى ..ثم تابع بسخريه:-مفيش مشاكل زى ما قولتى
نهله بفرحه :-مش انا قولتلك ..عشان تبقى تصدق اهو كده مره مسافر مره هتخرج مع صحابك وهتتقضى ....
كريم بحزن:-وتفتكرى هتقبل الوضع يعنى لما تكتشف الموضوع
نهله بضيق:-انت بتنكد على نفسك وعليا ليه ؟ ...ده انا مجوزاك واحده زى القمر تحل من على حبل المشنقه زى ما بيقولوا
قاطعها وهو يقول:-طب اقفلى عشان بتتصل
نهله بتساؤل:-نهال؟
كريم بسخريه :-لاء القمــر ..
كــانت شابه فى منتصف العشرينات(ملوك)...تزوجت فى سن صغيره...توفى زوجها فى عام زواجهما الاول منذ خمسة اعوام تقريبا ..ظلت تبكيه طيلة تلك السنين ...لديــها طــفل عمره اربع سنوات تقريبا ..ســـليم...وجدير بالذكر أن تلك الشابه البائسه عانت طوال تلك السنين بضغوطات من اهلها من أجل الزواج ...
كانت جميله بحق ...سمراء اللون ..ممشوقة القوام ..عيناها البنيه تخفى حزنا دفنته بداخلهما ...
حسنا ومالذى جعلها تقبل بكريم ؟!...أن تبقى مجرد زوجه ثانيه؟!...
اذا دققنا النظر فى كريم ..سنجده عريس (لقطه)..فمستواه المادى فوق المتوسط ...يملك شقه وسياره وصيدليه خاصه وبجانبها يعمل بشركة ادويه...وحيد والدته..وسيم جــدا..منذ الوهله الاولى ادركت مدى شغفه بالاطفال ...عند جلسته معها أو بالأحرى مع طفلها ســليم...
واولا واخيرا فسيبقى لها رجلا وسندا (ضل راجل ولا ضل حيطه)كما يقولون....
أحضر لابنها لعبه باهظة الثمن ..عرف كل شئ عنه ...منه هو..قضى الوقت فى تلك الجلسه يلعب معه ويكتشفا تلك اللعبه سويا ويالفرحته فى ذلك الوقت...
أما هى فعرف أسمها وعمرها والكليه التى تخرجت منها فقط وعرفت هى عنه نفس المعلومات ايضا واكتفت بها..
نعود للمكالمه الهاتفيه...
رد عليها بهدوء:-الو
ملوك بهدوء مماثل:-سلام عليكوا
كريم بابتسامه:-وعليكم السلام
ملوك بتساؤل:-بكره ان شاء الله هتيجى تاخدنى امتى بالظبط؟
كريــم بلطف:-الحمد لله
ملوك بتساؤل حقيقى:-فيه ايه ؟
كريم وقد أضكته سذاجتها:-مفيش ازيك ولا عامل ايه ؟
ملوك بابتسامه وصدق:-ازى حضرتك ؟
كريم وقد فتح فاه:-حضرتك !...احنا فرحنا بكره ثم تابع برسميه مضحكه:-يا استاذه ملوك
ملوك برقه:-ازيك يا كريـــم ...
كريم كان يتمتع بشخصيه جذابه,اجتماعيه,مرحه مع الجمـــيع...كان من الصعب عليه ان يتعامل ببرود أو عجرفه او تكبر مع احـــد لم يرتكب اليه مكروه....
فكان تعامله معها بتلك الطريقه طبيعى جدا ...
*****************************************
أما علياء وفارس ...علاقتهم توطدت قليلا فى ذلك الاسبوع ...مهلا..ليس كما تتوقعون..بعدما صممت اخته على ان تنال اعتذارا من علياء...عرض عليها فارس ذلك بلطف ...
(فلاش باك)
بعد انتهاء فترة العمل ..
فارس وهو يهرول باتجاهها :-انسه علياء ..انسه علياء ...
علياء وقد استدارت له وقالت بدهشه:-مستر فارس..حضرتك بتنادى من بدرى؟
فارس وهو يلهث:-من بدرى اوى ثم ابتسم وتابع:-كنت عايزك فى موضوع ..
وقالت بتساؤل:-موضوع ايه؟
لاحظ هو توترها ...لم يفهم سببه بالمــره ..تجاهله وقال لها بأدب:-دلوقتى عائشه اللى انتى زعقتيلها امبارح ديه ..تبقى اختى ..لم يلاحظ منها أى اندهاش...فقط زال توترها ..فتابع هو:-هيا عايزاكى تعتذرللها...
قاطعته بانفعال وغضب وابتدت (الردح):-نعم اعتذر لمين حضرتك ..انا مغلطش عشان اعتذر وحتى لو كنت غلط مره فهى غلطت الف مره لانها معترفتش بالغلط اللى هيا عملته
فارس بحرج:-انا بقولك كده لانك لو معملتيش كده ..هتوصل هيا الموضوع لرئيسى ورئيسك ...
علياء بتعجب:-نعم!
فارس بحرج وقد اخرج منديلا يمسح به عرقه الذى بدأ يتصبب منه:-ديه اختى الصغيره ومديرى ومديرك يبقى عمنا ...
علياء وقد استوعبت ما يحدث...قالت له بضيق واقتضاب وتبتسم ابتسامه صفراء:-خلاص شكرا لحضرتك...انا هتصرف ...
بعدها بيوم احضرت لها على مضض باقة زهور و وضعتها على مكتبها مع كارت صغير مكتوب فيه امضاء من عليـــاء...كانت عائشه تستعد لزفافها فاكتفت بتلك الباقه ..وانتهى الامر!...كانت تودّ أن يعود الزمن خمس دقائق قبل ان تمسك بها عائشه وتبتسم فى انتصار...لتأخذ الباقه وتعيدها الى المحل مره اخرى... وتحافظ على كرامتها ...ولكن ماذا ستفعل؟!(أكل العيش)...
وبعدها عادت علاقتها كما كانت مع ذلك الفـــارس وذهبت معه لزيارة مها ...
*******************************************
"بجد يا دكتور ...انت بتكلم بجـــد"قالها حسن وهو يمسك بياقة الطبيب وعلى وجهه ابتسامه عريضه ...أمسك به الطبيب وهو يراه يهرول باتجاه غرفة العنـــايه..وقال له بابتسامه:-يا استاذ اهدى شويه استنى بس...لحد ما الممرضه تجبلكم الcovers..ثم اردف الطبيب:-بس حد واحد بس اللى هيدخل مينفعش كلكوا ...
وقف حسن فى يأس ينظر الى مايسه ...
نظرت له مايسه باشفاق وقالت له بحنان:-ادخل انت الاول يابنى
لاحت ابتسامته مره اخرى وذهب اليها ...امسك بيدها وقبلها وقال لها بامتنان:-شكرا يا امى
هنـــــا مصت فتحيه شفتيها فى ضيق ...ونظرت لحسن وكأنها تقول له"يالك من أحمق !..الى من تتوسل ؟!..أنت زوجها وفى كلتا الاحوال ..أنت الأحق بالدخول اولا اليها .."
مابك يا امرأه؟!...من الأحق؟!...زوجها أم والدتها التى ظلت فوق الاسبوع تحترق ...تاره الما على ابنتها ...وتاره اغتياظا من زوجها الذى سمح لها بالنزول فى وقت متأخر!
وأخيرا دخـــل حسن اليها ...اقتــرب من الفراش بخطوات بطيئه...امعن النظر جيدا فى وجهها...ياله من وجه شاحب هزيـــل !..أمسك بيدها وأحاطها بيده ..نظر اليها وقال والدموع تترقرق داخل عيناه :-مها..الف سلام عليكى يا حبيبتى ...وحشتينى اوى اوى ...وحشتينى يا ام العيال...هنا سقطت الدموع من عيناه أخيرا لتستقر على يديها ...تابع فى حنان بالغ :-انا غلطان فى كل حاجه ..انا اسف يا حبيبتى ...
لحـــظات...اخذت تفتح عيناها ببطئ شديد ...انتفض من محله ...تملكّه شعور قوىّ بأنها تسمعه الان ...تشعر به ...تابع :-قومى يا مها...قاومى ...انتى قويه ..قويه جدا أقوى من أى حاجه ...انا جمبك...
وكأن كلامه حفّز عقلها الباطن ليجلب لها كلام ســهى عندما كانت تقول لها انتى قويه وتستطيعى تحدى كل الظروف لتحصلى على ما تريدى يا مـــها....فلتتحدى الان مرضــــك...
هنا نطقت مها فى وهن وبصوت مبحوح متقطع:-ح...ح...سن..ح.س..ن
لا استطيع الان ان اصف لكم كيف كان حاله ...مشاعر مختلطه ودّ أن يضمها الان بقوه ..قال لها بلهفه:-أنا هنا يا مها أنا معاكى
اردفت هي:-الع....ي...ال...الع...يال ...ك...كو ...كويسين...
رد عليها مطمئنا:-كويسين ...محتاجينك كلنا يا مها ...هنـــا كانت مايسه ترقص فرحا بالخارج هى ومن بالخارج جميعا وتشير له بأن يخرج لتدخـــل هى...
استجـــاب لهـــا ...وخرج بعدما طبع قبله رقيقه على يد مها التى كان يمسك بها....
أسرع باتجاه الطبيب ..طمأنه انها سوف تخرج من العنايه المرّكزه فى خلال يومين تقريبا وجيناها ستمكث بالمستشفى بضع أيام لتعود مره اخرى الى بيتها...معــه ...
******************************************
"ما هو متجوز عليا" قالتها أم احمد بلهجه تركن الى الصعيدى قليلا ...امرأه تأتى الى نهال كل اسبوع تقريـــبا لتنظف لها المنزل....
قالت لها نهال بفضول:-وانتى يعنى يا ام احمد مش بتغيرى على جوزك ..يعنى كده ..يعنى
ضحكت أم احمد وهى تمسك بقطعه من القماش تمسح بها منضده امامها:-اغير على ايه يا حسره..اللى خدته الجرعه تاخده أم الشعور ...ثم اردفت بابتسامه وكأنها تتخيله امامها:-وبعدين ما بيرتحش الا معايا انا ...
كادت نهال ترد عليها"واجوز ليه امال"..ولكنّها فضّلت الصمت ...فلماذا تجعل المرأه تنقلب على حياتها ..
وكأن ام احمد كانت تسمعها ...فردت عليها بابتسامه:-ايكّش هيا فراغة عين بس ..
ابتسمت نهال و قالت لها :-طب يلا عالمطبخ ..خلاص الاوضه ديه خلصـــت...
*********************************************
أما احـــمد وساره...نظرا للظروف التى تمر بها مها..كانت ساره بجانبها فى المستشفى دائما ..كانت حزينه بحق من أجلها...شعر احمد بحقيقة ذلك فكان يخفف عن ساره دائما ..حتى تحسنت الامور بينهما كثيرا ...والان تقريبا لا يوجد ما يعكر صفو حياتهم ...
********************************************
ايمن مازال بالخارج ..اميره هى وحدها وعلىّ من نزلوا الى مصر...كانت تفتقده جدا وتتمنى ان يكون بجانبها فى ذلك الوقت ..بالطبع كان يؤازرها بالهاتف ...ولكن اسلاك الهاتف احيانا تعجز عن التعبير بالمشاعر كما ينبغى...
النقود من منعته ....
**********************************************
غدا ان شاء الله ..عقد قران كريم وملوك وزفافهما فلننتظر ..هل سيمر بسلام؟!......