قصة عشقت امرأة خطرة
البارت الثالث والعشرون 23 جزء ثاني
بقلم ياسمينا احمد
لم يبقى شخص من الحاضرين لم يلاحظ الحالة التى بينهم وتهامس دون تصديق بتحول "زيد" مالت "بثينه"
الى ونيسه التى تحدق فيما يفعل إبنها العازف عن الزواج
بألم :
- شفتى السحر قولتلك نعمل حاجه مضاده للى بتعمله
هتفت "ونيسه "وهى تكاد تسقط أرضا من فرط الوجع:
- حصنته باسم الله ،ربنا يكفيك يا ضنايا شر سحرها
رددت "مها"فى نفسها:
-بقى كدا يا صبا هتبقى الآمره الناهيه فى العيلة كلها ومال الكل تحت ايدك وايد جوزك اتنصفتى أوى بس مستحيل أسيبك تتهنى اما خليت الفرحة دى كلها رماد ما ابقاش انا .
مالت الى "بثينه" لتهمس فى أذنها بجديه:
-جبت اللى انتى عايزاه امتى هنروح لفتوح دا
ابتسمت لها "بثينه" وأجابت :
-الليلة جاني الرد
عادت "مها "لتعتدل فى جلستها مطمئنه انها اخيرا ستطفئ جزء من نيرانها المشتعله تجاه صبا .
"فى جانب آخر "
على طاولة أم نهى وأخيها"ياسر" تحدثت بنهى:
-اوعاك أختك تعرف باللى حصل دا
هتف الآخر باستياء:
-اقول إيه دا حال يحزن إحنا هنرمى نهى لداه دا مش شايف غير البت دى
بررت والدته بضيق :
-دى عشان أول جوازه بعد سنين حتى لو كانت نهى كان هيبقى كدا برضوا
ضيق "ياسر"عينه ومال بجسده ليسألها :
-إنتى بتضحكى عليا ولا على نفسك يا امى الأعمى شايف إن زيد بيحب البت دى وإن العيله اللى مستهزيه بيها دى ليها شأن عنده وأختى هتبقى مجرد سد خانه عشان مريم
ضغطت والدتها على فمها وهى تقول بغضب:
-اسكت اسكت يا ياسر انت مش عايز تفهم اختك خلاص داخله على التلاتين خلاص ما بقاش حد يسأل فيها تقعد جانبى زى البيت الوقف ولا تتجوز زيد ابن فايز الواصل اللى البلد كلها قريب هتبقى تحت إمراته
لوح بيده دون اكتراث وهو يهتف :
-ما تقعد هى هتقعد فى الشارع دى هتقعد في بيت ابوها معززه مكرمه هو زيد بكل مشاكله أمله
-والله ما انت عارف حاجه يا ابنى البنت مالهاش غير بيت جوزها سيبنا من دا قوم شوفلنا مريم خلينا ناخدها ونروح زمان أختك هطق فى البيت لوحدها
"فى جانب آخر"
مال "رشدى" الى أخته"مها" وربت على كتفها بتوعد:
-كدا يا مها طريقنا انشق انا راجع
التفت له وصاحت بدهشه:
-هتمشي يا رشدى ؟!
اجاب بانزاعاج:
-البنت وطارت والقاعده مش جايب همها
هتفت بضيق :
- ياشيخ انا فكرتك هتقعد عشان تساعدنى فى المصيبه اللى بقيت فيها دى هتبقى الكلمه كلمتها بعد كدا اقعد ساعدنى اخلص منها
نظر باتجاهها وقال بيأس:
-خلاص يا مها كل اللى ممكن نعمله اتعمل
نظرت بغل تجاه زيد وصبا ودت لو تحرقهم وتنهى هذا الغضب العارم الذي بداخلها بعدما حظيت صبا بكل هذه القوة .
"زيدوصبا"
كم إستمتعت اليوم برؤيتهم جميعا يحترقون رائحة تفحمهم تصل الى أنفها ،عينها كانت ترصدهم ويدها بيد "زيد"يطبق عليها بقوة ،تذكرت شيئا هاما فمالت بجانبها إلي زيد لتسأله :
-عرفت مين قطع الفستان ؟!
نظر لها برهه ثم تحدث بلطف:
-هعرفوا وصدقينى لو عرفتوا مش هحلوا
هتفت وهى تميل صوبه اكثر ليصل صوتها له :
- انا لازم اخد حقى
قبض على يدها بقوة ليهدئها :
-اللى عمل كدا هيتجاب وهيتعرف وانا اللى هحاسبوا مش إنتى لأن اللى بيأذيكى كأنه أذانى بالظبط
تمعنت بالنظر له وإبتسمت كل يوم يثبت لها أنه سند وظهر قوي لن يستطيع أحد أن يمس منها شعره واحده مادام هو إلى جوارها ،سألها من جديد:
-المهم عجبك الفستان ؟
هتفت بسعاده وهى تعاود النظر الى فستانها :
-جداا احلى من اللى فات ذوقك طلع يجنن يا حبيبي
إبتسم ثغره على كلمتها الاخيره ورفع حاجبيه قائلا بغرور:
- طبعا ذوقى حلو مش إختارتك
ضحكت بشده وردت مبتهجه:
-لاء فى دي إنت غلطان أنا اللى إختارتك
تمعن بالنظر لضحكتها وسعادتها التى تقطر من عينيها وهتف بفيض من المشاعر والامتنان:
- المهم إن القدر جمعنا قولتلك قبل كدا ماحدش يقدر يفرض على زيد الواصل حاجه.
"طاولة حكيم وعامر"
تحدث "حكيم "بعصبية لولده:
-شوفت أمك وصلتنا لإيه ؟
لم يبدى" عامر" أى تفاعل مع ما حدث فصبا لم تستحوذ على كامل انتباه لكى يحزن على زواجها :
-خلاص يا بابا كل شئ قسمه ونصيب
هتف" حكيم "من بين أسنانه وهو لا يعرف كيف يخفى غضبه الذي اجتاحه من ضياع صبا من بين يديه :
- البت اللى ما طلعتش من قسمتك دى بكرا تشوف هتعمل ايه فى بيت جدك
التف "عامر "له ليسأله بإهتمام:
-هتعمل إيه يعنى؟
ثم تراجع مستهزئا بسؤاله:
-دى لو فكرت تعدى حدودها جدي هيقطع رقبتها إن ما كانش بإيد زيد الأول
مط" حكيم "جانب فمه وسخر منه قائلا:
- تفكر هه انت علانياتك يا عامر بص شوف كدا ،البنت دى ما بتفكرش دى بتنفذ على طول دى بنت بشري اللى هتعوزوا هتعملوا والجدع يبقى يثبت عليها غلطه
ظل" عامر" ينظر له بدهشه ثم عاد بذكراه ليقول شيئا عالقا فى ذاكراته عن تلك المرأة الحديدية"بشري":
- انا فاكر عمتى بشري لما ستى الله يرحمها كانت تخانق معها كانت تفضل ساكته والموضوع ده كان بيضايق ستى ما اعرفش ليه؟ زى ما تكون بتخاف من سكوتها .
اجاب حكيم :
-هو دا اللى انت فاكره ،بشري ما كانتش بتكلم كتير اقل فعل ليها كان الكلام بس كانت عايزه تعيش والكل بيحملها
أى فعل يصدر من حسين دا غير إن المنافسه بين حسين ونادر على الحكم كانت مزوده الخناق والكل كان متوقع إن بشري اللى هتكسب بس فى آخر لحظه الأمور اتغيرت نادر مات وبشري سابت كل حاجه ومشيت ،لكن بعتت بنتها أهى تكمل المسيرة .
سأل "عامر" باهتمام:
-انا عايز أعرف الحكايه من الأول
أجاب" حكيم" وهو ينظر باتجاه "صبا" وهتف بضيق بدى على تعابيره:
- ماهى هتعاد تانى مع بنتها اتفرج وشوف كل اللى عملوه فى صبا هيطلع على جتدهم اولهم أمك اللى مارضيتش تحتطها تحت عنيها .
"طاولة ونيسه"
مالت أحد الخادمات على أذنها لتعطيها خبرا جعل "ونيسة" فى حالة صدمه لقد كلفها زيد بمعرفة الفاعل
لكنها لم تدرى أنه امر فى منتهى الصعوبه كيف ستخبره بمن مزق فستان الزفاف الخاص بصبا ،وضعت يدها على فمها وهى لا تصدق الفاعل .
"زيد وصبا"
نظراتهم لبعض وابتساماتهم الرائقه كانت تبدى مدى تناغمهم معا وقدر تجاذبهم ،حقا كان سعيد وهى ايضا كانت سعيدة لقد وضحت لكل من حذرها من زيد أنها الآن تملكه وأنها قادت القائد وبات خاتماً بين إصبعها .
كل ما يفكر به الحاضرين كان يراه زيد بوضوح لم يهتم بكونه أصبح أمامهم عاشقا لصبا لكن الأهم أن يكون مسيطراً عليها ولا يجعل هذا العشق نقطة ضعفه ،يحبها وما المشكلة لكن لن يتركها تقوده إلى حيث تريد ،عين جده من بعيد كان يظهر عليها الارتباك والقلق لدرجه أنه أرسل له إشارات متعدده بالرحيل ،لا يصح ابدا أن يري الناس هذا خاصتا عائلته ،الحب بينهم خطيئه ستعلق عليها كل أخطائه حتى وإن سهي وأخطأ سيقولون سرقت عقله وهذا لا يجوز ذكره عن من سيتحكم بأمرهم .
"""""انتهى الحفل """
وعاد زيد مع صبا للقصر وعائلته تتبعه مشيت متعلقه بيده نحو بوابة القصر الداخلية أمسكت بذيل فستانها الطويل تعثرت به فمالت للامام تشبث بيدها حتى لا تقع ثم حدثها :
- حاسبى تقعى
أجابته واثقه وهى تخطف نظرة بأعيننا الناعسه والتى زادت بريقا ولمعانا بالالون التى حولها:
- لأ ما تخافش عليا
عادت تتعثر وكأن هناك إشارات واضحة أنها ستتعثر كثيرا فى بداية حياتها ،لكن يد زيد أمسكت بها من جديد ليقول مبتسما:
- لأ كدا لازم أخاف شكلك هتقعى وتفضحينا
نظر خلفه ليرى عائلته تترجل من السيارة فأردف:
-هتقعى قدمهم
رفعت من ذيل فستانها لتقول بإصرار وعزيمه:
-يستحيل أقع
على فجأه مال ليخطفها بين ذراعيه فشهقت من مباغته ،نظرت بعينه وهى بين ذراعيه ولم تجد تفسيرا لما تكنه له من مشاعر تشعر وكأن ذراعيه القوية التى تحملها جدران عاليه تمدها بالأمان وعينه التى تنظر لها بحب ملاذا لها مهما حاولت شرح مشاعرها تجاه فلم تجد أعمق من أنه أمانها الرجل الوحيد الذي تأمنه هتف وهو ينظر بعينها :
-يستحيل تقعي وأنا معاكي
وضعت رأسها على قلبه باستسلام وعلقت يدها بعنقه ،نظر امامه وتحرك بها ليهدر مازحا :
-الفستان دا أتقل منك
ابتسمت "صبا" وهى مسترخيه على صدره ومازحته قائله:
-عندك مشكلة في ظهرك
عض طرف شفاه وإبتسم بمكر :
-عندى مشكلة كبيره لازم تحليها فورا
وكزته بخفه فى صدره ،ليتأوه بتصنع:
- آه
رفعت رأسها لتنظر له وسألته بقلق:
-وجعتك لدرجادى
اجاب وقد تعمق بعيناه فى عيناها:
- جات فى قلبى وقلبى مش متحمل والله
عادت ترتاح على صدره من جديد والإبتسامة تزين وجهها
من خلفهم رأتهم "ونيسه" فأمسكت بقلبها وأسندت كفها على سيارة زوجها متأوه:
-آه يا قلبى
اسرع" بلال" ليقف الى جوارها متسائلا:
-مالك يا ماما ؟
أجابت وهى تنظر باتجاه زيد الذي بدأ يختفى عن نظرها بألم:
-ما مال حالى خلاص
فهم "بلال"سبب الآمها وضم فمه بإمتعاض قائلا :
-يا ماما خلاص بقى أومال لو ما كنش هيتجوز عليها كمان شهر
صرت على أسنانها بضيق وهى تتحدث مغلوله:
- ولو اتجوز عليها الف مرة مش هيشفى غليليلى
التفت الى "بلال "وتذكرت ما فعله وصبت جم غضبها عليه وصاحت به بحنق:
-انت منك لله انت السبب فى الوقعه السوده دى
رد بعنف وغضب :
-انتى هتقلبى عليا انا لااا منك ليها بقى
تحرك من أمامها بعدما قال هذا فهو يعرف صرامة والداته والتى لن تمرر له تحدثه معها بهذه الطريقة.
بالفعل غادر قبل أن تفرغ غضبها به فأسرع" عماد" بوضع يده على كتفها قائلا بصوت مبتهج:
- اخيرا خلالنا الجو
التفت له بسرعه قفزت اكبر مشكلاتها أمامها دون مقاطعه :
-جو ايه اللى خلالك يا عماد
اجاب وهو ينظر باتجاه بوابه القصر من مكان مرور زيد السالف:
- إتلهي عننا ابنك الحيله مش كل ما هنتكلم مع بعض كلمتين هينطلنا زى العمل الرضي
تحدثت بعصبيه من تحامله على زيد:
- كلمتين ايه انت قربت تبقى جد اللى قدك المفروض ما يفرقش سجادة الصلاة .
نظر لها محتدا ثم تحولت حدته هذه لمزاح متقبلا ما قالته لغرض معين :
- قدى ايه دا انا لسه فى عز شبابى
حاوط كتفها بقسوة وهو يضمها اليه فإمتعضت تعبيرها تخنقها لمساته كأنه أفعى تحاوط كتفها لا يده ،فصاح بها وهو يحركها بعنف بسيط:
-الله ما تفردى وشك دا
دفعت يده عنها وهتفت بضيق:
- يا شيخ ابعد عنى انا فى سكاكين بتقطع فى قلبى
بلغ من الغضب ذروته وهم ليعصف بها لم يرتاح معها يوما ولم يشعر انها زوجته كما يجب كلما تقدم معها بالعمر زادت بعداً لم ينجح فى جذبها إليه ولم ينجح فى محو أى ذكرى عن زيجتهم المختلفه بل أن خطأ عنفه معها زاد حياتهم جحيماً ونفوراً،لم يدرك ابداً أن المرأة تميل للحنان قبل الحب تستشعر الإهتمام قبل الغرام وتسقط دفعه واحده لمن يستثنيها.
_عــمــاد
هكذا نداه "فايز "قبل أن يصب جم غضبه عليها ،فالتف اليه ليتجه صوبه قائلا:
-ايوا يا حاج
تمشت "مها"بجوار حسين" وتحدثت متصنعه الفرح :
-اخيرا اتجوزت صبا وريحت قلبك
ابتسم "حسين " وضم "وليد" الى جانبه وهو يقول بسعاده:
-الحمد لله ،عقبال ما افرح بوليد
نظرت لكم المشاعر الذي يكنها بعينه لوليد وإطمئنت تماما على مكانتها ومكانة إبنها لديه ثم قالت متأثره:
-رشدى رجع القاهره
التف حسين يسألها بدهشه:
-ليه مشي ؟
اجابت سؤاله بسؤال:
-وهو هيقعد ليه ؟انت قاعد معايا
توقف عن السير ووقف قبالها ليقول :
-هو دا اللى كنت عايز افتحك فيه ،انا هسافر تانى يا مها
ومافيش مكان أطمن عليكى فيه غير هنا غير إن بابا يعنى قال إنه عايز وليد يبقى قريب منهم وزى ما انتى شايفه الشاب هنا بيتري ازاى وبيخرج عامل ازاى ؟!
انزعجت من هذا القرار وهتفت :
-يعنى ايه ؟هتسبنى هنا وسطيهم وتمشي
وضع يده على وجنتها ليقول بابتسامه:
-وانا هطمن عليكى فين أحسن من هنا وبعدين انتى ليكى مين هناك هو رشدى ولما يحتاج يجي مكانه موجود
سكتت قليلا لتحسب إفادتها من الوضع لكن لم تعطى إجابة قاطعه قالت بتردد:
-خلاص هقعد شويه لو لقيت نفسي ما إرتحتش ما تجبرنيش
وافقها واكمل معها السير ضاما وليد الى جواره متجها بكامل رغبته نحو القصر الذي نشأ به.
فى غرفة زيد وصبا
حرص زيدعلى تغير الغرفة بأكملها ليغلق على نفسه ذكريات قديمه سُجن بها لأعوام الآن وهو أمام حياة جديدة وحب لم يمر عليه من قبل أصبح مرتبك من وقت ما أغلق الباب عليهم ،يقف مذهولا لا يصدق أنه كرر نفس الموقف
وعاد يقف أمام عروس والتغير وصل إلى قلبه ،قلبه الذي ينبض ويقفز تجاهها ،اقترب منها ووضع جبهته امام جبهتها لفحت أنفاسها المتلاحقة بشرته البارده فأجفل بهدوء لأول مرة يقترب منها بكامل إرادته ويترك العنان لروحه،الاقتراب منه يربك حواسها ويفقدها صوابها رائحته الممتزجه بالعطر الثقيل ذو الرائحة النفاذه تثملها كالخمر
أحبته بل وملأ حبه قلبها حركت أنفها بأنفه وهمست بصوت خفيض:
-إنت حقيقى ولا بتخيل
حاوط خصرها بيديه وضمها اليه ليرد بمشاعر فياضه:
- أنا الحقيقة بطعم الخيال والخيال اللى مش موجود فى الخيال أنا اللى هكون جنتك
حاوطت عنقه برفق وابتسمت له وعينها تعانق عينه، سألته بمرح:
-ولما تكون جنتى أنا هكونلك إيه؟
اجاب هو ينتشلها من الارض ليدور بها :
-هتكونى نعيمى يا خطيره...