
رواية أسير عينيها
الفصل الثاني والثلاثون 32 والثالث والثلاثون 33 الجزء الرابع
بقلم دينا جمال
وكلمات الطبيب التي نطقها بحزن على ذلك الشاب الصغير أصابت الجميع بالصاعقة:
- بص يا أستاذ على، أنت عارف ان كل شئ في الدنيا مقدر ومكتوب، الواقعة كانت شديدة اوي على عموده الفقري، للاسف ابن حضرتك جاله شلل نصفي.
صرخت قوية خرجت من لبني عقب تلك الجملة لتسقط بعدها فاقدة للوعي، اما على فلم تقدر ساقيه على حمله بعد ما سمع وقع ارضا جالسا ينظر للامام في ذهول، صدمة عنيفة زعزعت كيانه، ابنه، طفله، حتى وإن كان يغضب منه معظم الوقت تقريبا لا يرضي عن تصرفاته ابدا يعنفه ليل نهار ولكنه يبقي طفله الصغير، هرع الممرضين مع أحد الاطباء ناحية لبني الملقاة ارضا يتجهون بها إلى أحدي الغرف سريعا، بينما انهمرت دموع على بعنف تغرق وجنتيه، يردد بهذيان بلا توقف:.
- عثمان اتشل، ابني، ابني، ابني اتشل
تقدم الطبيب سريعا من على يحاول مواساته قدر المتسطاع، ربت الطبيب على كتف على يهتف سريعا بهدوء:
- وحد الله يا أستاذ على، حالة عثمان مش خطيرة او ميؤوس منها، بالعكس مع العلاج الطبي والطبيعي هيرجع زي الأول وافضل
والامل انار قلب على ما أن سمع تلك الكلمات من فم الطبيب، امسك يد الطبيب كغريق على وشك الموت وجد طوق نجاته نظر له بتلهف يسأله سريعا:.
- بجد يا دكتور، بجددد، يعني ابني هيرجع يمشي تاني، بجددد
ابتسم الطبيب يحرك رأسه إيجابا يطمئن على بأن كل شئ سيكون على ما يرام:
- ما تقلقش والله يا أستاذ على، صدقني حالة ابنك مش صعبة خالص، المهم دلوقتي لازم تكون جنبه لما يفوق، لازم تحاول تهون عليه الخبر...
حرك على رأسه إيجابا يحاول فقط أن يتماسك، تسند على الحائط وذراع الطبيب ليقف يحاول إقامة عمود الخيمة من جديد، اتجه خلف الطبيب إلى غرفة عثمان ليري ابنه ما أن اقترب من الغرفة مد يده يفتح مقبض الباب لتتجمع الدموع في مقلتيه اغمض عينيه بعنف يشد عليها، تمردت دموعه تنساب على وجهه ليرفع يده يمسحها بعنف ليدير مقبض الباب يدخل إلى غرفة عثمان.
في تلك الاثناء تحديدا اختفت ليلا من المستشفي، اختفاء تام وكأنها لم تكن موجودة من الأساس.
سيارته بعنف تشق غبار الطريق، غاضب بل يشتعل غضبا، منها ومن نفسه كيف تسمح لنفسها بالخروج في ذلك الوقت الباكر، وكيف يسمح لنفسه بأن يراقبها منذ أن علم انها ابنه عمه، الفتاة التي أحب قريبته من الدرجة الأولي وهو يشعر بلغبة حارقة تكوي اوصاله بالبحث عن ذلك الشاب الذي كان يساومها قبلا وقتله بأبشع الطرق الممكنة، شد قبضته على المقود يسحق دعاسة البنزين تحت قدمه، وهي على الكرسي المجاور له تبكي فزعة مذعورة، تفكر في اسوء ما يمكن أن يحدث، يقتلها، والاسوء يغتصبها، لما جاء، هل ارسله والدها ليفعل ما لم يفعله من قبل، عن تلك النقطة انتفض قلبها يدق بجنون التفت له بعينيها الحمراء الباكية تسأله بصوت خفيض مرتجف:.
- اااا أنت، واخدني فين
التفت لها برأسه لتنتفض مذعورة حين رأت عينيه السوداء القاتمة المشتعلة من غضبه، حدجها للحظات بنظراته القاتلة، لتنكمش تنظر له مذعورة تضم ذراعيها لجسدها قاطع تلك اللحظات صوت رنين هاتفه التقط الهاتف غاضبا ليشتغل غضبه أكثر مما هو عليه، فتح الخط يضع الهاتف على أذنه ليسمع صوت يغمغم بحدة:
- واخد بنت عمك فين يا حسام بيه يا سويسي.
تهدجت أنفاسه غضبا نظر لسارة بطرف عينيه يشدد قبضته على الهاتف يصيح غاضبا:
- وأنت مالك، أنت بتراقبني
سمع ضحكات الطرف الآخر تليها لحظات صمت ومن ثم صوت والده يهتف بحدة:
- وأنا هراقبك ليه يا بيه قاصر خايف عليها تتخطف، السواق بتاع سارة كان وراها بالعربية وهو اللي بلغني باللي حصل، واخد بنت عمك فين يا حسام
ارتسمت ابتسامة خبيثة على شفتي حسام يغمغم في خبث افزع الآخر:.
- هتأكد من اللي ما عرفتش اتأكد منه قبل كدة وأنت أكيد مش هتقتل اب، ولا بلاش اصل سوسو لسه ما تعرفش سلام يا باشا
ابعد الهاتف عن أذنه ليسمع صوت والده يصيح فيه:
- حساااام اياك تأذيها يا حسااااام الو...
اغلق الهاتف يعيده لجيب سرواله، يبتسم في خبث، يشعر بارتياح غريب يسري في اوصاله فقط حين ضايق ذلك المغرور كبير عائلة السويسي والده، اوقف السيارة على جانب الطريق ليعود برأسه يستند على ظهر مقعده يبتسم في سخرية يسخر من حاله قبل الجميع، لحظات طويلة مرت على سارة لتجده يلتفت برأسه ناحيتها رماها بنظرة حادة يغمغم بعدها بهدوء لا يمت لما حدث بصلة:
- أول وآخر مرة تخرجي فيها من غير السواق مفهوم يا سارة.
توسعت عينيها في ذهول ممتزج بصدمة تأكدت حقا أن ذلك الجالس جوارها مجنون يشبه عمها شكلا وطباعا، حركت رأسها إيجابا سريعا خوفا من تقلباته الغريبة تلك، ليبتسم حسام شبح ابتسامة صغيرة يربط على وجنتها بكفه لتجفل من حركته تعود للخلف تنظر له مذعورة، عاد حسام يدير محرك السيارة اتجه بها ناحية المركز الخاص بدرسها، توسعت عينيها في ذهول حين وقف كيف عرف مكان درسها، كل درس تقريبا في مكان مختلف عن الثاني تماما، ارادت الفرار سريعا لتجده يجذب رسغها لتنظر له سريعا تحرك اهدابها بسرعة خائفة بل مرتعدة منه لتجده يردف بهسيس متوعد:.
- الواد الملزق اللي اسمه أحمد دا ما شوفكيش واقفة معاه تاني، وما تضحكيش بصوت عالي تاني في الشارع، تخلصي الدرس وجري على عربيتك على البيت، والا هيبقي حسابك معايا وحش اوي يا سارة.
انتفض قلبها تتسارع دقاته خوفا تحرك رأسها إيجابا بلا توقف عله فقط يتركها، ليترك رسغها فما كان منها الا أن نزلت تهرول سريعا من السيارة، دخلت إلى مركز المحاضرات، لتتجه إلى المرحاض، تبحث عن هاتفها بين اغراضها بسرعة وتهلف، وجدته، ووجدته يدق للمرة العاشرة تقريبا التقطته تجيب بصوت مرتجف باكي:
- أيوة يا عمو.
انتفض خالد خوفا حين سمعها تبكي ابنه المجنون وريث ابيه حتى في جنونه، هو نفسه لا أحد يتوقع افعاله فما باله بنسخة اخري منه، صاح يسألها مذعورا:
- سارة انتي كويسة يا بنتي، حسام دا عملك حاجة آذاكي
حركت رأسها نفيا تحاول السيطرة على دموعها لتقص عليه ما حدث كاملا بصوت خفيض باكي مرتعب، قابلها خالد بالصمت للحظات من جهته ليهتف بهدوء يحمل خلفه الكثير والكثير من الغضب:.
- ماشي يا سارة، ركزي في درسك وأنا اوعدك انه مش هيتعرضلك تاني...
اغلق معها الخط ليتجه إلى شرفة مكتبه الكبيرة وقف أمامها يعقد ذراعيه امام صدره ينظر للحديقة غاضبا احتدت عينيه خاصة حين اعاد مع نفسه كلمات سارة لترتسم شبح ابتسامة خبيثة على شفتيه يغمغم متهكما:
- السويسي الصغير بدأ يلعب، صبرك عليا يا ابن خالد أنا هوريك اللعب على اصوله.
تنهد قلقا يتصل بزيدان للمرة العاشرة تقريبا، والاخير فقط نائم لا ذنب له ان خاله يحاول الاتصال به منذ الخامسة فجرا، أجاب زيدان بعد لحظات بصوت خفيض ناعس:
- صحيت يا خالي والله صحيت، هقوم اشوف لينا صحيت ولا لسه
قطب خالد جبينه دس يسراه في جيب سرواله يسأل زيدان متعجبا:
- هتقوم تشوف لينا، ليه هي لينا مش نايمة معاك في نفس الأوضة.
أصفر وجه زيدان لينتفض جالسا لا يجد ما يقوله حمحم يبلع لعابه الجاف يهتف سريعا بهدوء يتصطنعه:
- هااا، لاء هي شكلها في الحمام عشان مش لاقيها، ليناااا، لينااااا، اهي في الحمام
ضحك خالد بشدة ليغتاظ زيدان من رد فعله ليردف خالد من بين ضحكاته بمكر:
- في الحمام بردوا، لينا فين يا زيدان
تأفف زيدان حانقا الا احد يستطيع الكذب على ذلك الرجل أ لديه جهاز لاستشعار الكذب عن بعد تنهد بضجر مردفا:.
- في الأوضة اللي جنبي يا خالي، لينا حاسة أن في حاجز بينا مش عارفة تتجاوزه وأنا أكيد مش هجبرها على اي حاجة
ارتسمت ابتسامة صغيرة مطمئنة على شفتي خالد يشعر بالارتياح يتسرب إلى كيانه حقا أحسن الاختيار لصغيرته اردف ممتنا:
- متشكر يا زيدان، انا كنت واثق أنك الوحيد اللي اقدر آمنه على البنت، قبل ما تتحركوا على الطريق اتصل بيا عرفني
ابتسم زيدان يمط ذراعيه في الهواء يحرك عظام رقبته المتيبسة تثآب يردف بخمول:.
- حاضر يا خالي هقوم أنا اشوف لينا، سلام
اغلق خالد معه الخط ليتجه إلى غرفته يستعد لما سيفعل.
على صعيد آخر في منزل زيدان الحديدي، نزل زيدان من فراشه اغتسل سريعا ليتجه إلى الغرفة المجاورة له دق الباب بالطبع نائمة كاد أن يدير المقبض ليدخل حين وجده انفتح من الداخل وظهرت لينا أمامه على ثغرها إرق ابتسامة رآها يوما، تجمع شعرها في حلقة صغيرة فوق راسها تضع قليلا من مستحضرات التجميل وعطرها النفاذ يضرب في قلبه بعنف كالعادة وككل مرة خطفت أنفاسه وقف أمامها لا يجد ما يقوله جميلة كلمة حقا قليلة عما يراه أمامه الان، اجفل من شروده اللذيذ على صوتها تقول برقة:.
- صباح الخير يا زيدان
لم يفق من صدمته الأولي ليجد صدمة أخري اعنف حلت فوق حين رأسه حين شبت على أطراف اصابعها قليلا تقبل وجنته قبلة طويلة ناعمة تهمس بصوت خفيض هامس دغدغ حواسه:
- صباح الخير.
انحبست أنفاسه داخل صدره ينظر لها مذهولا هل قبلته للتو، وضع يده على وجنته للحظات ينظر لها مصدوما، تلك الفتاة ستلقيه في فوهه الجنون بأفعالها الغريبة تلك، أليست هي من رفضت حتى المبيت معه في نفس الغرفة والآن تقبله كعاشقه التقت بحبيبها بعد طول غياب، هل تحاول اللعب على اوتار مشاعره لتثبت له أنه مكبل دوما بقيود عشقها، حمحم بحدة ليخرج من تلك الفقاعة الناعمة التي قيدته في لحظات، رسم ابتسامة صغيرة على شفتيه يتمتم في رتابة:.
- كويس انك صاحية، باباكي لسه قافل معايا
بيسأل عليكي، جهزي نفسك عشان هنسافر ونبقي نفطر في اي استراحة على الطريق.
ولكن ما أثار استغرابه حقا انها ابتسمت بنفس الرقة، وحركت رأسها إيجابا، تنهد حائرا هل تلك الفتاة مصابة بانفصام، تركها وعاد إلى غرفته، بدل ملابسه إلى قميص ازرق قاني اللون وسروال اسود، جمع ما يحتاج في حقيبة صغيرة، لينزل إلى أسفل ينتظرها، جلس على احد المقاعد يفكر، ليقطب جبينه فجاءة يتمتم مع نفسه بقلق:
- طب افرض هي جعانة واتكسفت تقولي، لما قولتلها هنمشي، انا هقوم اعملها حاجة تاكلها.
اتجه ناحية المطبخ شمر عن ساعديه ليتوجه إلى البراد اخرج منه بعض علب الجبن والمعلبات السريعة، وقف أمام المقود يطقهو بعض البيض المقلي حين نزلت هي تتهادي بخطواتها ترتدي سروال من خامة الجينز لا يلتصق بالجسد فوقه قميص نسائي، تعقد شعرها ديل حصان، شمت رائحة طعام طيبة لتسير خلفها لتصل إلى المطبخ توسعت عينيها في دهشة وابتسامة صغيرة نمت على شفتيها حمحمت بصوت خفيض ناعم تجذب انتباهه، التفت لها يناظرها للحظات طويلة ليجفل على صوتها تقول مبتسمة:.
- أنت مش قولت هنفطر في الطريق
ابتسم ابتسامة خفيفة التقط منشفة صغيرة يجفف يده رفع كتفيه يقول بهدوء:
- ابدا أنا بس جوعت قولت اعمل حاجة سريعة، جعانة؟
ابتسمت تحرك رأسها إيجابا بخفة لتتجه اليه تحمل بعض الصحون تضعها على طاولة المطبخ الصغيرة رائحة الطعام الطيبة جعلت لعابها الجائع يسيل، جلست على أحد المقاعد وهو جوارها تتناول الطعام بتلذذ، نظرت له مبتسمة ابتسامة واسعة تقول بمرح:.
- إنت بتعمل اكل حلو اوي حقيقي، تسلم ايدك، شكرا يا زيدان
قالتها لتميل ناحيته تقبل وجنته كما فعلت قبل قليل، ليشد على قبضته بعنف تعالت أنفاسه الثائرة رفع وجهه ينظر لعينيها بحدة غاضبا:
- في ايه يا لينا أنا ما بقتش فاهمك امبارح رفضتي حتى أنك تباتي معايا في نفس الأوضة والنهاردة رايحة جاية تبوسي فيا
اخفضت رأسها حزنا بلعت لعابها تفرك كتفيها تهمس بصوت خفيض متوتر:
- ودي حاجة مضيقاك.
طال الصمت من ناحيته لترفع وجهها له فتراه ينظر بعيدا عنها يشد على قبضته بعنف لحظات وسمعته يزفر بحرارة ليغمغم بضيق:
- آه يا لينا تضايقني، انتي بتلعبي بمشاعري شوية ابعد وشوية تقربي، أنا ما بقتش فاهم انتي عايزة ايه بالظبط، أنا إنسان من لحم ودم ما ينفعش تدخليني الجنة وبعدين ترميني بعدها في النار
مدت يدها تمسك سبابة يده اليسري الموضوعة على الطاولة كأنها فقط طفلة صغيرة لتهمس بصوت خفيض متوتر:.
- أنا بس متلغبطة يا زيدان، كنت فاكرة حاجة وطلعت حاجة تانية وامبارح اتأكدت من الحاجة دي، متلغبطة مش عارفة احدد مشاعري ولا تصرفاتي أنت فاهمني
ارتسمت ابتسامة حانية على شفتيه ينظر ليدها ليتذكر أنه إلى الان لم يعطيها خاتم زواجهم ليخرجه من جيب سرواله يلبسه إياها رفع كفها يقبله ابتسم يغمغم في هدوء:
- فاهمك ومعاكي خطوة بخطوة لحد ما اللغبطة دي تروح، لو كلتي اسبقيني على العربية هقفل الدنيا واحصلك.
حركت رأسها إيجابا لتخرج إلى سيارته التفت قبلا تنظر له تبتسم له ممتنة:
- على فكرة يا زيدان أنا عارفة أنك مش جعان وأنك عملت الاكل عشاني...
انهت كلامها تعطيه ابتسامة واسعة كهدية صغيرة منها على ما فعل، لتهرول إلى الخارج ليتنهد هو بحرارة يتمتم مع نفسه:
- طب اغتصبها دي ولا اعمل ايه، كاتك الارف في حلاوتك يا شيخة...
منذ مدة وهو يجلس على حالته تلك ينظر لوالده يحاول الا يبكي ولكن تخونه دموعه رغما عنه انتفض قلبا خوفا من ردة فعله خاصة حين رآه يحرك رأسه يتأوه متألما يحاول جاهدا فتح عينيه، لحظات وبدأت الرؤية تتضح أمامه غرفة، فراش يشعر بألم قاتل في جميع اعضاء جسده يحاول تذكر آخر ما حدث لحظات وبدأت لقطات سريعة تنير أمام عينيه، سقط من فوق الحصان وهو يقفز على العارضة الخشبية الضخمة حرك رأسه ينظر جواره ليجد والده الذي اقترب منه سريعا جلس جواره على الفراش يحاول أن يبتسم ولو ابتسامة صغيرة:.
- حمد لله على السلامة يا حبيبي الحمد لله جات سليمة.
عقد جبينه متعجبا من طريقة كلام والده معه ليبتسم له كطفل صغير مرهق، اسند كفيه إلى سطح الفراش يحاول أن ينتصف ولو قليلا في جلسته حاول سحب ساقه بهدوء، لا استجابة، قطب جبينه متعجبا يحاول مرة والثانية والثالثة، قدمه لا تتحرك للحظات شك أنه بتروا ساقيه لا يشعر بهما تماما، شد الغطاء عن جسده يلقيه ارضا ليطمئن قليلا ساقيه في مكانهما ماذا يحدث اذا، بعنف حاول تحريك ولو احد أصابع قدمه لا مجيب، توسعت عينيه فزعا نظر لوالده يصيح مذعورا:.
- أنا مش حاسس برجلي، بابا أنا مش حاسس برجلي في ايه يا بابا، هي اتكسرت طيب، بابا رد عليا إنت ساكت ليه بقولك مش عارف احرك رجلي
كنت تلك النقطة انفجر على في البكاء اقترب من صغيره يعانقه بقوة يحاول إخراج صوته المختنق:
- هتعرف والله العظيم هتعرف، هتتعالج وهترجع زي الأول وأحسن
توسعت عينيه في فزع حين بدأ يدرك قليلا ما يحدث ابعد والده عنه ينظر له عينيه متسعتين في ذهول يسأله مفزوعا:.
- هتعالج من ايه، هي رجالي، أنا، أنا مش فاهم، ايه اللي حصل، انا اتشليت
صاح بها بصدمة ليعاود النظر لوالده يحرك رأسه نفيا بعنف ينفي مجرد الفكرة من المجئ برأسه احمرت عينيه تتجمع فيها الدموع ليصرخ بهياج:.
- لالالا ما حصلش أنا الصياد أنا مش عيل هاوي ما بيعرفش يركب خيل فيقع من على حصانه، الصياد ما بيخسرش، الصياد ما ينفعش تشل، يعني ايه أنا مش هعرف اركب خيل تاني، مش هعرف حتى امشي، بقيت عاجز، لا انتوا كذابين ابعد عني
صرخ بها في والده الذي اقترب يحاول اختضانه ليدفعه عثمان بعيدا عنه بعنف ليرتد على بضع خطوات للخلف توسعت عينيه فزعا حين سمع ابنه يهذي بجنون:
- أنا ما اتشلتش أنا بعرف امشي، حتى بص بص.
قالها ليدفع بجسده من فوق الفراش فما كان منه الا أن صرخ بصوت عالي حين ارتطم جسده بعنف بأرض الغرفة ليهرول على إليه يعانقه بعنف يحاول إخفاءه داخل صدره يشد على جسده بقبضتيه، ليسمع صوت ابنه يصرخ يبكي ينوح داخل صدره كأنه طفل صغير:
- أنا اتشليت يا بابا بقيت عاجز مش عارف احرك رجلي، ليه ليه ياااااارب ليه
انهمرت دموع على تغرق وجهه يهتف سريعا بلا توقف:
- هترجع تمشي والله هترجع تمشي.
منذ أن رأته سقطته العنيفة على التلفاز صرخت باسمه تبكي بصوت عالي تتحرك مكانها تقف وتجلس تجوب انحاء شقتهم ذهابا وايابا تبكي بلا توقف تدعو له أن يمر الأمر على خير ساعات مرت عليها وهي في تلك الحالة والخوف وحش مخيف ينهش روحها ببطئ، انتفضت حين سمعت صوت مفتاح والدها لتهرول سريعا ناحية باب الشقة تنظر لوالدها بتلهف تسأله سريعا بذعر:.
- عثمان يا بابا، عثمان كويس وقع وقعة بشعة أوي، ارجوك طمني عليه أنا لما كلمتك قولتي أنك رايحلهم المستشفي، فاق بقي كويس
لم يجد عمر ما يقوله خاصة امام حالة ابنته المنهارة تلك اقترب منها يعانقها لحظات يشعر بها تنتفض بين يديه من عنف شهقاتها وقف صامت ليقرر تفجير القنبلة فجاءة:
- عثمان اتشل يا سارين جاله شلل نصفي.
شهقة عنيفة قوية مذعورة خرجت من بين شفتي ابنته لتبتعد عنه للخلف بعنف تنظر له مذعورة تحرك رأسها نفيا بعنف أمسكت بكفيه تصيح من بين شهقاتها العنيفة:
- لا يا بابا بالله عليك لو بتقول كدة عشان عايزني ما افكرش فيه، فأنا مش هفكر فيه تاني، مش هحبه مش عايزة اعرفه خالص، بس قولي أنه هو كويس، قولي أنك بتكذب عليا عشان خاطري يا بابا، قولي أن عثمان كويس.
رأت من خلال عيني والدها الباكية أن ما يقوله هو الحقيقة القاسية بعينها، انتفض قلبها بين اضلاعها لتصرخ باسمه تركض إلى باب الشقة تحاول فتحه:
- عثمااااااااااان، ابعد عني يا بابا عشان خاطري سيبني اروحله...
قالتها حين لف عمر ذراعه سريعا حول بطنها يحملها يحاول أبعادها عن باب الشقة لتتخبط بين يديه بعنف تصرخ باسم عثمان وتصرخ في والدها أن يتركها، توقفت عن الحركة للحظات حين صدح صوت والدها الحاد:.
- اهدي وأنا هسيبك تروحي
توسعت عينيها تلتفت برأسها لوالدها لتراه يحرك رأسه إيجابا يحاول تهدئتها:
- هسيبك تروحي تشوفيه بس لما يهدي شوية حالته النفسية صعبة...
اجشهت في بكاء عنيف عقب جملة والدها الأخيرة لتفلت من بين ذراعيه ترتمي في صدره تنوح بلا توقف.
وصل بها إلى عروس البحر الأبيض المتوسط منذ ساعة تقريبا لتجده استأجر شقة صغيرة مجهزة تطل على البحر مباشرة فتح شبابيك الشقة ليدخل الهواء المحمل برائحة يود البحر إلى الشقة، اخذت نفسا قويا لتبتسم ابتسامة واسعة مرحة تنظر لجاسر الجالس على الأريكة يشاهد التلفاز الصغير يبدو شاردا عينيه تتحرك بلا هدف، شيئا ما يشغل باله بكل تأكيد، اطالت النظر له لتبتسم بحالمية عاشقة تحب وتهوي، تحركت ناحيته تجلس جواره على الأريكة تبتسم دون كلام ليشعر بها بجانبه نفض افكاره السيئة عن رأسه في المساء سيذهب لشاهي وللمطعم ولكن الآن وقت العروس، التف لها برأسه يحاول رسم ابتسامة مرحة على شفتيه يغمغم:.
- ها يا ست قلقاسة تحبي ننزل نتغدي ولا نطلب دليفري
ضحكت بخفة تحرك رأسها نفيا اعتدلت فئ جلستها تربع ساقيها حين تذكرت ما قرأته عن ذلك المكان الشهير على صفحات الإنترنت لتهتف سريعا بتلهف:.
- أنا دخلت على النت، وعرفت أن في مطعم هنا اسمه الحورية تقييمات الناس كلها عنه أنه مطعم ممتاز والناس في منتهي الاحترام والذوق معاهم من اصغر فرد لحد صاحب المطعم عارف دا حتى اسمه جاسر على اسمك الناس كلها في الكومنتات كاتبين اسمه وسط كلامهم
تلاشت الابتسامة من على شفتي جاسر ينظر لها مذهولا كأنه يقول احستني الاختيار السئ يا سهيلة، حرك رأسه نفيا يقول بحدة:
- لا نروح اي مطعم تاني بلاش دا.
قطبت سهيلة جبينها في ضيق لتمسك يده سريعا تقول بإلحاح:
- ليه يا جاسر دي الناس كلها بتشكر فيه وصور المكان جميلة جدااا عشان خاطري يا جاسر عشان خاطري
ابعد يدها عنه بحدة ليقم من مكانه وقف بعيدا عنها حرك رأسه نفيا يقول محتدا غاضبا:
- أنا قولت لا يا سهيلة لاء يعني لاء مش هنروح المطعم دا، خلصت خلاص
لأول مرة تري جاسر غاضب لتلك الدرجة عقدت ما بين حاجبيها لتقف هي الاخري امامه تهتف في حدة متعجبة:.
- في ايه يا جاسر أنا قولت ايه للعصبية دي كلها، ويعني ايه لاء يعني لاء احنا مش في عصر سي السيد وأمينة لازم يكون في سبب، أنت مش عايزنا نروح المطعم دا ليه
في موجة اندافعه وغضبه صاح دون أن يشعر:
- عشان أنا جاسر صاحب المطعم، مطعم الحورية دي بتاعي، ارتحتي دلوقتي
توسعت عينيها في ذهول تنظر له متعجبة، اقتربت تقف أمامه مباشرة تسأله مدهوشة:
- بتاعك ازاي مش فاهمة، انت صاحب المطعم ازاي.
ارتسمت ابتسامة ساخرة متهكمة على شفتيه ليتهاوي على الأريكة يمسح وجهه بكفيه تنهد يغمغم بهدوء:
- اقعدي وأنا هحكيلك كل حاجة...
طوال الطريق وهي تضع سماعات الإذن في أذنيها تحرك رأسها للامام وللخلف بتناغم مع ايقاع ما تسمع، وهو يختلس لها النظرات بين حين وآخر يبتسم عاشقا، اوقف السيارة جوار الطريق بالقرب من استراحة مطعم مشهور يعرفه الجميع، بلع لعابه يشجع نفسه عليه أن يأخذ معها الخطوة التالية، التف لها ينزع برفق احد سماعتي أذنيها يردف بهدوء:
- لينا اسمعيني.
نزعت هي السماعة الأخري تغلق ما كانت تسمع نظرت له تبتسم في هدوء بلع لعابه ليشير إلى المطعم القريب يغمغم بحذر:
- يلا هننزل ارتاح شوية من السواقة واخد فنجان قهوة دماغي هتنفجر
توسعت عينيها في فزع تنظر لما يشير للحظات لتعاود بذعر النظر إليه تتمتم فزعة:
- دا دا دا مطعم، فيه ناس، بابا مش هنا، لالالالا مش هنزل وأنت مش هتنزل مش هتسيبني هنا لوحدي...
سريعا امسك ذراعيها برفق يسيطر على حركتها يقول متلهفا برفق:.
- لينا اهدي ما حدش هيأذيكي، ما حدش يقدر يأذيكي، بلاش تخلي الخوف حاجز وهي يحبسك وراه
تجمعت الدموع في مقلتيها تحرك رأسها نفيا تهمس بصوت ضعيف خائف:
- مش هقدر يا زيدان والله ما هقدر، عشان خاطري لو بتحبني خلينا نمشي...
تنهد حزينا من حالتها ليتركها وينزل التف حول السيارة يفتح بابها مد يده لها يجذب كفها يشدها من السيارة يقول في رفق:
- يلا يا لينا، انزلي.
شدها من السيارة حرفيا يتحرك بها إلى داخل المطعم ما أن اقتربت من بابه تمسكت في ذراعه بكلتا يديها تحرك رأسها نفيا تهمس مذعورة:
- لا والنبي يا زيدان عشان خاطري نرجع.
شد على يدها يبتسم لها يحاول طمئنتها تحرك معها لداخل المطعم كانت حرفيا على وشك الدخول في جيب قميصه من شدة التصقاها بها عينيه تراقبها وهي تنظر لجميع الناس بفزع كأنهم وحوش يودون نهشها، يتمني فقط أن يمر الأمر على خير، جذبها إلى احد الطاولات يجلس امامها لا جوارها ليشعر بها تنكمش حول جسدها كأنها طفلة صغيرة، طلب زيدان له قهوة وهي طلبت عصير اناناس كما تحب، بلعت لعابها تحرك قدميها بتوتر لتجفل على جملة زيدان المرعبة:.
- لينا شكلك مرهق اوي، قومي اغسلي وشك...
توسعت عينيها فزعا تحرك رأسها نفيا بعنف تكاد أن تبكي من الخوف، لتجد زيدان يناظرها بحدة يهمس:
- قومي يا لينا، شوفي الحمام فين واغسلي وشك
حركت رأسها إيجابا رغما عنها قامت تحركت خطوة واحدة لتعود اليه سريعا قبضت على ذراعه تنظر له تتوسله بصوت ضعيف:
- طب تعالا معايا.
بصعوبة ارتدي قناع البرود يحرك رأسه نفيا بهدوء تام لتعاتبه بنظراتها فقط، تحركت خطوة واثنتين، تنظر حولها مع كل خطوة كأنها تبحث عن والدها لينقذها، بينما عيني زيدان لم تفارقها، حبيبته على وشك البكاء في اي لحظة ولكنها تعليمات الطبيب ماذا يفعل.
تتحرك بخطوة كأنها طفل صغير يتعلم المشي حالا ليراها تقترب من باب المرحاض الخاص بالسيدات دخلت تغلق الباب خلفها، وقفت في المرحاض الفارغ تنظر لانعاكس صورتها في المرآه تستند على حوض الغسيل تتنفس بعنف لا تصدق انها تحركت تلك الخطوات بين جموع الناس قدميها بالكاد تحملها، فتحت صنبور الماء تصفع وجهها بالماء بعنف، رفعت وجهها تنظر لانعاكاس صورتها في المرآه لتجد في تلك اللحظة سيدة تدخل إلى المرحاض نظرت لينا لها بريبة، بينما أخرجت تلك السيدة أحمر شفاه من حقيبتها تضع منه باحترافيه شديدة على شفتيها لحظات وسمعتها تسألها:.
- أنتي لينا خالد السويسي
توسعت عيني لينا في ذهول تحرك رأسها ايجابا ليتحول الذهول إلى فزع حين وجدت تلك السيدة ت...
رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا
جمال الفصل الثالث والثلاثون
أخرجت تلك السيدة أحمر شفاه من حقيبتها تضع منه باحترافيه شديدة على شفتيها لحظات وسمعتها تسألها:
- أنتي لينا خالد السويسي
توسعت عيني لينا في ذهول تحرك رأسها ايجابا ليتحول الذهول إلى فزع حين وجدت تلك السيدة تنقض عليها تعانقها بقوة تهتف بحماس مبتسمة:
- ايه يا لينا مش فكراني، أنا موني كنا مع بعض في دروس ال biology في ثانوي.
قطبت جبينها متعجبة تنظر لتلك الفتاة مستفهمة، عادت للخلف قليلا تنظر لها تبلع لعابها متوترة، درس الاحياء في الصف الثالث الثانوي كانت تأخذه في منزلها بصحبة سهيلة وقريبة المدرس كان اسمها منار على ما تتذكر، تلك الفتاة كانت تأتي مع المدرس وتغادر معه لم يكن بينهما تعامل، رفعت لينا وجهها قطبت جبينها تسألها:
- منار قريبة مستر حسين
ابتسمت الفتاة باتساع تحرك رأسها إيجابا، لتقترب من لينا تثرثر بابتسامة واسعة:.
- أيوة بجد مبسوطة أنك فكراني، اصلنا ما كناش بنتكلم مع بعض خالص، انتي دخلتي كلية ايه، أنا دخلت كلية تجارة واتجوزت رجل الاعمال مهاب المالكي وانتي
توسعت عيني لينا في ذهول وتلك الفتاة تثرثر بلا توقف ابتسمت بحرج تحاول الخروج من ذلك الموقف لتبتسم تعتذر تتقدم ناحية الباب تود الفرار:
- آه congratulations عن اذنك عشان جوزي مستنيني.
ما كادت تتحرك وجدت تلك الفتاة تتحرك وقفت امامها تمنعها من التقدم تكمل وصلة كلامها الغير متناهية:
- أيوة صح ازاي نسيت، دي صور فرحك مالية المجلات والسوشيال ميديا، مبروك...
لفت خصلات شعرها حول سبابتها تقربها كثيرا من لينا تسألها بابتسامة واسعة:
- صحيح ايه رايك في لون شعري، الاحمر حلو صح، كنت عايزة اعمله بني زي ما انتي عاملة شعرك كدة
صمتت اخيرا حين دق باب المرحاض من الخارج تلاه صوت زيدان:.
- لينا انتي كويسة اتأخرتي كدة ليه، لوليا انتي بخير
ابتسمت لينا بحرج تعتذر من تلك الفتاة تهرول ناحية باب المرحاض تفتحه تنفست الصعداء تتمسك بذراع زيدان تهمس له سريعا:
- كويس أنك خبطت مشيني من هنا مش عايزة تبطل رغي
قطب جبينه متعجبا من كلامها ليسحبها بعيدا عن المرحاض قليلا امسك ذراعيها يفحصها بعينيه ليسألها متلهفها قلقا:
- في ايه يا لينا انتي كويسة يا حبيبتي.
تنفست بعمق تحرك رأسها إيجابا ابتسمت ابتسامة صغيرة تضع يدها على رأسها تشعر بصداع حاد يكاد يقسم رأسها من ثرثرة تلك الفتاة:
- أيوة كويسة، فاكر درس ال bio وأنا في تلتة ثانوي
قطب جبينه للحظات يتذكر ليعاود النظر اليها يحرك رأسه إيجابا يردف حين تذكر:
- أيوة ايوة افتكرت مستر حسين بيومي، كان معاه قريبته اسمها منار عبد الواحد، دي تقريبا دخلت تجارة واتجوزت مهاب المالكي، رجل اعمال سمعته مش تمام.
توسعت عينيها على آخرها تفعر فاهها تنظر لزيدان باندهاش بلعت لعابها تغمغم بحسرة:
- كان نفسي اعيش مع بني آدمين طبعيين مش ردارات، المهم هي منار دي اللي شوفتها جوا ونازلة رغي بقي كلت دماغي
ضحك بخفة يصدمها على رأسها برفق ليلف ذراعيه حول كتفيها يغمغم مبتسما:
- طب تعالي يا ستي اطلبلك نسكافية يظبط دماغك اللي كلتها وبعدين نمشي.
ابتسمت لينا تحرك رأسها بخفة لتتجه مع زيدان إلى الطاولة من جديد بينما عند باب المرحاض كانت تقف تلك الفتاة تراقبهم حاقدة كارهة ربعت ذراعيها تنظر لهما شزرا بحقد تغمغم مع نفسها بكراهية:
-لينا السويسي طبعا لازم تاخد كل حاجة، حتى زيدان كنت بحاول بأي طريقة الفت نظره ليا بس ازاي مسحور بالست لينا، هي تتجوز المز ده، وأنا ألبس في رجل عجوز مكحكح، ماشي يا لينا صبرك عليا.
في منزل شهد، دق جرس الباب لتلتقط حجابها فتحت الباب تنظر للطارق تقطب جبينها مستفهمة تسأله:
- أنت مين
ابتسم ذلك الواقف بهدوء يخلع نظارته الشمسية، نظر لها للحظات صامتا ليردف بهدوء:
- محمد محفوظ، اخو خالد، ممكن اتكلم معاكي كلمتين يا مدام شهد.
لوت شهد شفتيها بامتعاض هل يظنها ستتراجع عن قرارها أن بعث لها شقيقه، ابتسمت بتكلف تحرك رأسها إيجابا تفسح المجال ليدخل محمد إلى الشقة، تركت باب الشقة مفتوحا لتتوجه إليه، تصحبه إلى اقرب مقعد في غرفة المعيشة جلست أمامه تقول بابتسامة صفراء:
- تشرب ايه
حرك محمد رأسه نفيا يبتسم في هدوء شبك كفيه يردف بهدوء:.
- لا ابدا ولا حاجة أنا بس جايلك في كلمتين، اتمني منك تسمعيني كويس، طبعا اللي خالد عمله في حقك جريمة لا تغتفر، بس هو ندمان وخصوصا أن خالد زمان كان مريض والمرض النفسي مش عيب، فأكيد يقدر يعوضك عن اللي حصل زمان من غير جواز، يعني اعذريني مش بعد العمر دا كله نقوله بكل سهولة اتجوز على مراتك، اكيد لازم يكون في حل تاني ولا ايه.
انتظرت شهد إلى أن انهي محمد كلامه بالكامل لم تتغير تعابير وجهها الهادئة فقط ابتسمت ساخرة وقفت تعقد ذراعيها أمام صدرها تغمغم متهكمة:
- خلصت اللي عندك، وأنا قولت اللي عندي وكلامي مش هيتغير أنا ما طلبتش من صاحبك يتجوزني، الا لو عايزني اسامحه مش عايز بقي هو حر
احتقنت عيني محمد غضبا تلك السيدة تسعي كحية لتخريب حياة أخيه هب واقفا يردف محتدا:.
- انتي بتلعبي على احساسه بالذنب ناحيتك عشان تدمري حياته، ما قالك هيعملك اللي تحملي بيه هتستفادي ايه لما يتجوزك
التفت شهد له تنظر له بعيني حمراء كالجمر انهمرت دموعها بعنف اشارت لنفسها تصيح بقهر:.
- هاخد حقي، حق قهرتي وهو بيناديني باسم حبيبته، حق شهد اللي اخوك دمرها وهي عيلة عندها 17 سنة اغتصبها وكان عايز يسقطها، هاخد حق عذابي بعد كدة من معاملة خالي الزفت ليا، لحد ما اتجوزت وهربت بابني، هو اللي جه وقالي سامحيني أنا مستعد اعمل اي حاجة عشان تسامحيني، أنا بقي عيزاه يتجوزني ودا آخر ما عندي
لا ينكر محمد أنه حقا على شهد ولكنه اولا وثانيا واخيرا مع صديقه وأخيه ابتسم يغمغم متهكما:.
- يعني انتي ما خدتيش حقك لما كتبتي ابنه باسم راجل تاني، ما خدتيش حقك لما يعرف أن عنده ابن بعد 30 سنة وزيادة، في حين أن مراته ما بتخلفش وعايش طول عمره نفسه في سند ليه، ما خدتيش حقك لما اخوكي اتجوز ياسمين أخته ووراها أيام عذاب وهي مالهاش ذنب في اي حاجة، انتي خدتي حقك وزيادة يا شهد، كفاية بقي نقفل الحلقة دي
ارتجفت شفتيها تضطرب حدقتيها حركت رأسها نفيا تهتف متعلثمة:.
- أنا ما عرفتش إن أنور اذي أخته غير بعد قريب ومن ساعتها وأنا قطعت علاقتي بيه، عشان دخل واحدة مالهاش ذنب في انتقامي
تقدم محمد منها خطوة واحدة بعد أن نفذ صبره يصيح غاضبا:
- وانتي كدة بردوا بتدخلي واحدة مالهاش ذنب في انتقامك، لينا ذنبها ايه تعيش الوجع دا، انتي ما تعرفيش خالد كان بيعاملها ازاي زمان، صدقيني اللي حصلك ارحم منها، خالد كان مريض افهمي بقي.
ما كاد محمد ينهي جملته وجد يد عنيفة تقبض على تلابيب وصوت يصدح كرعد عنيف غاضب:
- أنت مين وايه دخلك هنا وازاي تتكلم مع والدتي بالشكل دا
نظر محمد لذلك الواقف امامه ليرتفع جانب فمه بابتسامة صغيرة يردف في نفسه ضاحكا:
- لا ابن خالد فعلا، نسخة منه حتى في عصيبته.
توسعت ابتسامة محمد ليرفع يديه يبعد يدي حسام عن ملابسه يردف متفاخرا:
- ابوك عمره ما رفع ايده على حد اكبر منه.
ابعد يدي حسام ليباغته بلكمة قوية ارتد حسام على إثرها خطوة للخلف ينظر لمحمد غاضبا لتهرع شهد إلى ابنها تصرخ باسمه مفزوعة:
- حسام، أنت كويس يا ابني، امشي اطلع برة قول لاخوك دا آخر اللي عندي يلا برة
نظر محمد لها بحدة غاضبا ليعدل من وضع تلابيب ملابسه خرج من الشقة يصفع الباب خلفه، لتحتد عيني شهد حقدا ستنقتم مهما كلفها الأمر.
لا يصدق حقا لا يصدق أنه يفعل ذلك، يوقف السيارة أسفل منزل على، بعد أن علم أنه عثمان رفض المكوث في المستشفي وعاد إلى منزله، وطبعا سارين ظلت تبكي وتبكي وتبكي تتوسله أن تذهب للاطمئنان عليه ولو للحظات، التفت برأسه ينظر لابنته القابعة على المقعد المجاور له تنساب دموعها بلا توقف، حمحم بصوت عالي لتلفت برأسها لوالدها الذي حدجها بنظرة متضايقة تنهد يردف بحنق:.
- سارين وبعدين معاكي انتي وعدتيني أنك مش هتعيطي، وخصوصا لما نطلع فوق مش عايز اي اندافع يا سارين.
حركت رأسها إيجابا سريعا تمسح دموعها المتساقطة بكف يدها بعنف نظر عمر لها مشفقا على حالها، لينزل بصحبتها إلى داخل العمارة السكنية، صعدا إلى منزل على ليدق عمر الباب لحزات وفتح على له الباب وجهه حزين شاحب مرهق، ابتسم على لعمر شبح ابتسامة صغيرة باهتة لا يجد ما يقوله فقط افسح له المجال ليدخل هو وسارين، دخلت سارين تبحث عنه بعينيها في كل ركن، لم تري سوي لبني التي تجلس على أحد المقاعد تبكي بلا توقف، ما إن وقعت عيني لبني على سارين وقفت سريعا متجهه إليها تعانقها بقوة تشعر بحاجة ماسة بأن تشعر بأحد يشد من ازرها يربط على قلبها يطمئنها (على) فيه ما يكفيه ويزيد، انفجرت لبني في البكاء تشد على جسد سارين تصيح من بين شهقاتها:.
- عثمان اتشل، ابني اتشل، أنا السبب، أنا السبب، أنا اللي اهملته طول عمري، بجري ورا شغلي، اااااااااه يا حبيبي يا ابني، أنا السبب سامحني.
في الداخل على كرسي متحرك يجلس عثمان جسده بأكمله يؤلمه، ألم بشع يفتت عظامه ولكن الابشع شعوره أنه متسلقي كالميت لا يقدر على القيام والتحرك لذلك رفض أن يبقي في المستشفي أن يتمدد حتى على سريره يجلس كهذا منذ ساعات، في يده ورقة يقبض عليها بعنف، ورقة سيجعل صاحبتها تدفع ثمن ما فعلت غاليا، غاليا جدااا، سمع صوت دقات على باب الغرفة خلفه، يليها صوت الباب انفتح وصوت والده يردف بثقل من الحزن:.
- عثمان يا ابني ارتاح شوية، الوقعة كانت شديدة اوي على جسمك
تعالت ضحكات عثمان الساخرة صاحبتها دموعه حرك عجلات مقعده التفت لوالده ليصيح ساخرا متهكما من حاله:
- ما أنا مرتاح اهو، مرتاح خالص على طول، اكتر من كدة راحة ما فيش
بجهد شاق منع على دموعه من الهبوط اخذ نفسا قويا يغمغم بهدوء:
- عمك عمر وسارين هنا عايزين يطمنوا عليك
احتدت عيني عثمان غضبا ليحرك عجلات المقعد بعنف اقترب من والده يصرخ فيه غاضبا:.
- جايين ليه، جايين يشوفوا عثمان بعد ما بقي عاجز، سارين جاية تشمت فيا مش كدة، مش عايز اشوف حد، طلعهم برة.
في تلك اللحظة لم تقدر سارين على الوقوف اكتر وهي تسمعه يقول ذلك الكلام هرولت ناحية غرفة عثمان تتبعها نظرات عمر المصدومة الغاضبة، اقتربت تدخل إلى الغرفة والصورة كانت ابشع مما تخيلت، لم يكن من السهل تماما أن ترى حبيبها الأول والأخير في ذلك المشهد على مقعد متحرك يبكي كطفل صغير ضماد يلتف حول رأسه عينيه حمراء، وضعت يدها على فمها تبكي بعنف حاولت الاقتراب منه لتراه يعود بمقعده للخلف ينظر لها بحدة يحرك رأسه نفيا يصرخ فيها:.
- امشي اطلعي برة، برررررة جاية ليه جاية تشمتي مش كدة، جاية تشوفي عثمان بعد ما اتشل...
حركت رأسها نفيا تنهمر دموعها كفضيان ليزداد تدفق دموعه يصيح بقهر:
- كان عندك حق يا ريتني صدقتك، ياريتني صدقتك، امشي يا سارين، ابعدي عني..
حركت سارين رأسها نفيا بعنف لتقترب منه أكثر جلست على ركبيتها جواره، بسطت يدها على وجنته تغمغم بصوت خفيض من البكاء:.
- أنا عمري ما هبعد يا عثمان، هفضل جنبك لحد ما تقف على رجلك تاني، ساعتها بس لو عايزني اسيبك هسيبك
ارتسمت ابتسامة ساخرة متألمة على شفتي عثمان يحرك رأسه نفيا، بينما على باب الغرفة يقف عمر ينظر لابنته غاضبا مما تفعل وتقول ليردف مع نفسه:
- آه يا متخلفة يا هبلة، دا أنا هولع فيكي لما نروح، كدة بقيت اريل.
تقدم لداخل الغرفة سريعا يشد سارين يجعلها تقف على ساقيها، شد على رسغها بين قبضته يرميها بنظرة غاضبة لينظر لعثمان يرسم ابتسامة صغيرة على شفتيه:
- حمد الله على سلامتك يا عثمان، معلش مضطرين نمشي...
دفع ابنته لخارج الغرفة ودع على لتعانق لبني سارين بقوة تهمس لها برجاء:
- سارين ارجوكي ما تسيبهوش
وقبل أن تجيب الأخيرة كان عمر يشدها إلى الخارج بصحبته نزل معها إلى سيارته، جلس جوارها ينظر لها غاضبا ليصيح فيها:.
- انتي عارفة لو واحد تاني هو اللي قاعد مكاني كان كسر عضمك، ايه اللي انتي نيلتيه فوق دا، آخر مرة هتشوفي فيها عثمان يا سارين، ودا آخر اللي عندي...
توسعت عينيها بألم تحرك رأسها نفيا تترجاه بنظراتها ليقابلها عمر بنظرات جافة غاضبة ادار محرك السيارة يرحل غاضبا، يقرر قرار نهائي
بأن تتبعد ابنته عن عثمان ولكن ربما للقدر رأي آخر.
حسنا، حسنا الآن فهمت كل شئ، وحقا هي ليست غاضبة بل زدات اعجابا به وبشخصيته، جاسر شخصية فريدة حقا محظوظة هي به، درس ما يرغب والده فيه وحقق حلمه هو في آن واحد، توسعت ابتسامتها تنظر له بفخر يمتزج بعشق لتجده يتنهد يردف بخفوت:
- بس دا سر يا سهيلة أنا مش عايز اي حد في العيلة يعرفه، اوعديني
حركت رأسها إيجابا سريعا تبتسم لها لتغمغم بخفوت:
- اوعدك، ممكن بقي نروح نشوف مطعم الحورية، يا صاحب مطعم الحورية.
ابتسم جاسر بخفة يحرك رأسه إيجابا لتصفق سهيلة بحماس هرولت سريعا إلى غرفتها تبدل ثيابها إلى فستان ازرق فاتح بلون البحر فردت خصلات شعرها، نظر جاسر لها حين خرجت من الغرفة تنهد يبتسم برفق، الفتاة حقا تزداد جمالا بشكل مؤلم لاعصابه، اقتربت منه تمسك بكفه ابتسمت ليبادلها ابتسامتها باخري حنونة أخذها في سيارته متجها بها إلى مطعمه القريب للغاية من شقتهم لم تكن تتخيل أن المطعم قريب لتلك الدرجة وقفت السيارة لتجد جاسر ينزل منها نزلت بعده لتراه يتركها يتحرك بخطي سريعة ناحية سيدة عجوز جميلة رغم ملامحها المسنة، تفترش فراش متوسط الحجم عليه حلي من الأصداف البحرية، رفعت حاجبيها متعجبة حين رأت جاسر يجلس على ركبتيه أمامها قبل يدها وجبينها، اقتربت منه تشعر بالفضول يأكلها لتمسعه يغمغم مبتسما:.
- وحشاني اوي يا حورية البحر والله، قوليلي العيال اللي عندي لسه بيعكوا ولا بقي يعرفوا يطبخوا
تعالت ضحكات تلك السيدة برقة فطرية لتشاكس ذلك الجالس امامها:
- لاء لسه بيعكوا أنا عارفة وقعت عليهم فين دول، هتفلس يا موكوس
والعجيب أن جاسر لم يغضب بل تعالت ضحكاته، من تلك السيدة ولما يتعامل معها بتلك الاريحية، توسعت عينيها في دهشة حين وجدت تلك السيدة تشد إذن جاسر كأنه طفل صغير تسأله:.
- واد يا جاسر، مين البنت الحلوة اللي واقفة وراك دي
التفت جاسر لسهيلة يمد يده لها وضعت كفها في يده تبتسم متوترة ليشدها برفق يجلسها جواره يعرف كل بالاخري:
- سهيلة دي حوريتي، قلبي اللي واخدة قلبي عرضت عليها الجواز تسع مرات بس هي شيفاني مش قد المقام
تعالت ضحكات حورية تصدم جاسر على رأسه بخفة بينما ضحكت سهيلة بخفوت، فاكمل جاسر مبتسما:
- حوريتي دي سهيلة، مراتي، لسه متجوزين امبارح.
توسعت ابتسامة حورية تنظر لسهيلة باعجاب وسعادة لتقترب من جاسر تهمس له بسعادة:
- حلوة يا واد مش بقولك أنت صياد بتقع دايما واقف، مبروك يا حبيبي ربنا يهينك
ابتسم جاسر لها يقبل جبينها، ليقم ينفض الرمال عن ملابسه شد سهيلة لتقف هي الاخري ليغمز لحورية بطرف عينيه مغمغما بمرح:
- طيب أنا هروح اعملك احلي طاجن صيادية، سلام يا حوريتي.
القي لها قبلة في الهواء ليمسك يد سهيلة يتجه بها إلى المطعم نظرت سهيلة له تسأله متعجبة:
- مين الست دي يا جاسر.
فتح جاسر باب المطعم التفت لها ليجيب عن سؤالها لتلمح عينيه من بعيد، شاهي تخرج من مكتب مراد تتلفت حولها كاللصوص لتخرج سريعا من باب المطعم الخلفي، ماذا تفعل زوجته في مكتب صديقه، ولما تخرج بذلك الشكل المريب، شعور بشع بالشك تسرب إلى قلبه، الوضع برمته مريب وعليه أن يكتشف ما يحدث خلف ظهره، عاود النظر لسهيلة يبتسم لها بزيف ليأخذ يدها يوصلها إلى أحدي الطاولات، يخبرها:
- خليكي هنا وهشوف حاجة وجاي.
تركها ليتجه مباشرة إلى مكتب مراد دق الباب ليسمع صوت صديقه يخبره بالدخول، رسم جاسر ابتسامة واسعة مرحة على شفتيه يدخل إلى الغرفة يهتف ضاحكا:
- ابو الامراض كلها عامل ايه يا صاحبي
ابتسامة واسعة احتلت شفتي مراد ليهب من مكانه يعانق جاسر بقوة، يقول ضاحكا:
- ابو الاجسار إيه يا عم الغيبة دي كلها وحشتنا
ابتعد جاسر قليلا عن مراد يربت على كتفه يقول مبتسما:.
- ابدا يا سيدي شوية مشاغل، أنا سايب مطعمي فئ ايد أمينة، يعني ما اخفش عليه ابدا
صمت للحظات ينظر لوجه صديقه المبتسم ليقترب منه اكثر يغمغم بصوت خفيض:
- صحيح يا مراد ما تعرفش حاجة عن شاهي اصل أنا كنت قافل موبايلي الفترة اللي فاتت وما كلمتهاش، ما اتصلتش تسأل عليا ما شوفتهاش جت مثلا تسألك أو حد من العمال عني
حافظ مراد على ابتسامته الهادئة الواثقة حرك رأسه نفيا يقول بهدوء:.
- لا أبدأ أنا ما شوفتش مراتك خالص، ولا اتصلت ولا مرة...
تنهد جاسر يبتنفس الصعداء ابتسم يغمغم بارتياح:
- طب كويس الحمد لله الواحد مش ناقص صداع ومشاكل، هروح أنا اشوف المطعم، سلام يا صاحبي
خرج جاسر من غرفة مكتب مراد يغلق الباب خلفه لتحتد عينيه غضبا كور قبضته يشد عليها، هنا حقا تأكد أن شيئا ما يدور من خلف ظهره.
خرجا من المطعم ليستقلا سيارة زيدان متجهين إلى الساحل، الطريق طويل صامت فارغ لا سيارات تمر جوارهم بشكل مقلق، كادت لينا أن تسقط في النوم حين سمعت صوت انفجار قوي وترنحت بهم السيارة توسعت عينيها فزعا لتجد زيدان يحكم قبضته على السيارة يقف على جانب الطريق، التفت له تسأله مذعورة:
- في ايه يا زيدان ايه الصوت دا
ابتسم لها شبح ابتسامة يآسه، تنهد يقول حانقا:.
- الكاوتش فرقع وأنا مش عامل حسابي في استبن وجاي يفرقع في نص الصحرا
شهقت مذعورة تنظر له بهلع لتتحرك في مكانها باضطراب تسأله بخوف:
- ططططب هنعمل ايه، هنفضل محبوسين هنا
تنهد يحرك رأسه نفيا ينظر حوله عله يجد شئ يساعده وقعت عينيه على تلك اللافتة الكبيرة التي تخبرهم في اي كيلو متر هم، تنهد حائرا يملك حل سهل مباشر ولكنه سئ يكرهه نظر للينا تنهد يقول في حيرة:.
- في حل احنا في الكيلو (ّ، ) وعلى بعد خمسة كيلو من هنا في قرية...
تأفف يكمل على مضض:
- عمامي وجدتي عايشين هناك، نقدر نكلم حد منهم يجي يساعدنا، او ننزل نشوف اي محل او ورشة قريبة
نظرت حولها برعب لتعاود النظر النظر إليه تقول في هلع:
- لالالا أنا خايفة مش هنزل.
تنهد حانقا لا يرغب فئ التواصل مع اي منهم، ولكن ما باليد حيلة، هل كان يجب أن تتوقف السيارة هنا تحديدا ياله من حظ عثر، تأفف يلتقط هاتفه يطلب أحد الأرقام شعرت به متضايقا وهو يجري تلك المكالمة:
- ايوة يا عمي، أنا زيدان، العربية بتاعتي عطلت عند الكليو (، ) طيب مستنيك، سلام
اغلق الخط يتأفف بضيق لتسأله لينا متعجبة:
- أنت متضايق ليه مش دول قرايبك
ضحك زيدان ساخرا يردف بنبرة تهكم متألمة:.
- قرايب عقارب، جدي الله يرحمه قبل ما يموت كتب البيت باسم ابويا، والدي الله يرحمه كتبه بعدها على طول باسمي، كل واحد فيهم خد ورثه كامل على فكرة جدي ما ظلمش حد، بس ازاي ابن زيدان حتة عيل صغير يورث بيت على مساحة خمسين فدان بالأرض بتاعته، حاولوا بأي شكل بعد موت ابويا ياخدوا البيت، لولا ابوكي، وقفلهم وهددهم أنه هيحبسهم، تخيلي عيل صغير يسمع من عمته يا رب تموت عشان ورثنا يرجعلنا، مع اني سايبلهم البيت يعيشوا فيه، ما بروحش هناك خالص تقريبا، حتى لما كبرت كان ممكن اطردهم وابيع البيت هيجيب ملايين بس ما رضتش اكراما بس لوالدي انهم أهله.
انهي ما يقول لتشعر بقلبها يعتصر ألما عليه لاقي الكثير من العذاب في حياته، كم رغبت في تلك اللحظة بأن تعانقه فقط، دقائق صمت قبل أن تقف سيارة سوداء كبيرة، نزل منها رجل تقريبا في الستينات، ذكرها بمسلسل قديم للفنان جمال سليمان حدائق الشيطان تقريبا، زفر زيدان غاضبا ما أن رأي ذلك الرجل، لينزل من السيارة تقدم منه يصافحه بجفاء يبتسم بتكلف:
- اهلا يا عمي...
ابتسم الرجل ابتسامة جافة يربط على كتف زيدان:.
- اهلا بولد اخوي الغالي، هات مرتك يلا وتعالا معايا، والرجالة هيصحلوا عربيتك، جدتك تعبانة وعايزة تشوفك، أنت الباقئ من ريحة الغالي
زفر يحرك رأسه على مضض يقول بتعالي:
- طيب بس مش هقدر اطول أنا مش فاضي عريس وعايز الحق شهر عسلي، على ما الرجالة يعملوا العربية.
نظر حسان لزيدان شزرا يحرك رأسه إيجابا على مضض، ليتجه زيدان اخذ لينا من سيارته يجلس جوارها في سيارة عمه التي انطلقت لبلدتهم، خلفهم سيارة اخري تشد سيارة زيدان، طوال الطريق وزيدان وعمه ينظران لبعضمها البعض نظرات جافة غاضبة ولينا حقا خائفة منهما معا، وصلت السيارة بعد دقائق معدودة إلى سرايا ضخمة كبيرة الحجم نظرت لينا لها قبل أن تنزل تسأله بذهول:
- دا بيتك، كل دا بيت.
ضحك زيدان بخفة على ما تقول، نزل حسان لينزل زيدان بصحبة لينا دخلا معا إلى غرفة الاستقبال الكبيرة ولينا مدهوشة حرفيا من فخامة البيت وضخامته، في غرفة الاستقبال للينا يهمس لها بصوت خفيض:
- بقولك يا لينا صحيح احنا متجوزين قلبا وقالبا يعني ما حدش يعرف اني نمت في أوضة وانتي في أوضة، عشان هتلاقي الستات اللي هنا بتسأل اسئلة سخيفة شوية، اعملي مكسوفة وما ترديش، هي نص ساعة ولا ساعة بالكتير وهنمشي.
ابتسمت متوترة تحرك رأسها إيجابا، اقتربت تقبض على ذراع زيدان حين لمحت بطرف عينيها سيدة تقف بالقرب من باب الغرفة تسترق السمع لتهمس لينا بخوف:
- ففي حد كان واقف في حد كان بيتصنت علينا يا زيدان أنا شوفتها والله
حقا لن يستبعد ذلك، قام متجها إلى باب الغرفة القريب منهم ينظر هنا وهناك ولكن لا احد التفت للينا يبتسم:
- ما فيش حد، يمكن بيتهيئلك.
حركت رأسها إيجابا، ليسمعوا صوت زغاريد عالية وفجاءة امتلئت الغرفة بثلاث رجال واربع سيدات، نظرت لينا لهم بهلع، ليقترب زيدان منها لف ذراعه حول كتفيها يهمس لها برفق:
- حبيبتي ما تخافيش دول اعمامي ومراتتهم، خليكي جنبي
اقترب بها منهم يعرفها عليهم:
- دا عمي حسان عمي الكبير ودي مراته مدام تحسين، دا عمي فاروق ومراته مدام رانيا، دا عمي نجيب ومراته مدام حسنة، ودي عمتي إلهام، ارملة جوزها مات من النكد.
نطق جملته الأخيرة وهو ينظر لعمته نظرة ساخرة كارهة لن ينسي ابدا ما قالت له لتقابله إلهام بنظرة غاضبة شرسة تنظر ناحية لينا بكره شديد، لف ذراعه حول جسدها يضمها لجسده اكثر يبتسم في اتساع:
- لينا السويسي مراتي، وتقدروا تقولوا صاحبة السرايا...
تبادل الجميع النظرات الحاقدة فيما بينهم، لينظر زيدان لحسان يبتسم بسماجة:
- اومال جدتي فين، خلينا نخلص.
حسنا حسان الآن على وشك الانفجار ولكنه يلجم لسانه بصعوبة، اشار له إلى أحد الغرف ليأخذ لينا معه متجها إلى تلك الغرفة دق الباب فقط دقتين، ليدخل رأت لينا سيدة عجوز تجلس على مقعد هزاز جوار الشرفة تمسك كوب قهوة في يدها ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتي زيدان يردف متهكما:
- قالولي أنك تعبانة يا جدتي، بس ما شاء الله يعني صحتك أحسن مني.
التفت تلك السيدة لهم لتتوسع عيني لينا في ذهول الآن فقط عرفت من أين أخذ زيدان عينيه الزرقاء، من تلك السيدة، ابتسمت توحيد بهدوء تردف معاتبة:
- طول عمرك قاسي يا زيدان، مش زي ابوك، واخد دم خيلانك، واخد قسوتهم، قسوة أمك، لما اتجوزت بعد ابوك
تجهم وجه زيدان غاضبا مما تقول تلك السيدة ليردف ساخرا:
- اخد قسوتهم احسن ما اخد حقدكم وكرهكم لولا ابويا الله يرحمه كنت رميتكوا برة..
ابتسمت تلك السيدة ساخرة تتغاضي عما يقول لتنظر للفتاة جواره تبتسم بمكر:
- مش تفرجني العروسة يا زيدان
احتدت عيني زيدان غضبا، ليخرج صوته الغاضب:
- أنا مش داخل بعروسة حلاوة ولا مراتي فترينة عرض عايزة تتفرجي عليها...
وللمرة الثانية تغاضت توحيد عما قال زيدان، قامت تتحرك بهدوء ناحيتهم، وقفت أمام لينا
تبسط كفها على وجه الاخيرة لتجفل لينا خوفا من حركتها تتمسك بزيدان مذعورة لتبتسم توحيد تقول بخفوت:.
- ما شاء الله عروسة زي القمر
تركتهم تتحرك لخارج الغرفة، ليخرج زيدان بصحبة لينا، فما كان منها الا انها امسكت بيد لينا التي نظرت لزيدان بهلع، بينما ابتسمت توحيد تقول في هدوء تام:
- روح اقعد مع اعمامك، مراتك معايا ما تخفش مش هناكلها، ولما عربيتك تخلص خدها وشوف طريقك
ودون أن تنطق بكلمة اخري، سحبت لينا خلفها التي ظلت تنظر لزيدان تتوسله بنظراتها الا يتركها، تنهد هو حائرا على اي حال دقائق وسيغادرون.
اخذت لينا توحيد إلى غرفة الضيوف لتجلس منكمشة حول نفسها تنظر عمات زيدان لها شرزا بكره خاصة بعد جملة زيدان التي قالها، يخبرها بصراحة أن مصير مكوثهم في ذلك البيت في يدي تلك الصغيرة، ابتعلت لينا لعابها لتجد رانيا زوجة عمه لا تتذكر ما اسمه تقترب من توحيد مالت على أذنيها تهمس لها ببضع كلمات لتحتد عيني توحيد غضبا، التفت برأسها تنظر للينا للحظات لتعاود النظر لرانيا تسارعت بحدة:
- انتي متوكدة يا بت.
حركت رانيا راسها إيجابا سريعا تهتف بتلهف:
- والله يا مرت عم سمعاهم بودني دي اللي هتاكلهم الدود
لتقترب إلهام عمة زيدان من والدتها تهمس لها هي الاخري:
- من الآخر اكدة احنا عايزين نكسر عينين البت دي واهي جتلنا على الطبطباب دا بيجولنا بالمفتشر أنها ست السرايا، بعد ما كنتي انتي يا اما ست السرايا كلها، ممكن البت دي تطردك منها في اي وقت، شكلها كدة مش سهلة، وزيدان بيمشي بشورتها وامرها.
وهنا بلغ الغضب بتوحيد مبلغه كلام ابنتها كنيران اشعلت حقدها، همست لابنتها متوعدة:
- خدي ستات إخواتك واستنوني في الأوضة اللي فوق يلا
ابتسمت الهام بانتصار تنظر للينا بشماتة، لتجذب رانيا والبقية معها للخارج انتظرت توحيد بعض دقائق لتقم من مكانها جذبت يد لينا، تسحبها خلفها بعنف لتحاول لينا سحب يدها من قبضتها تسألها بذعر:
- انتي وخداني على فين
التفتت توحيد لها تبتسم متوعدة تقول بمكر:.
- ما تقلقيش يا عروسة هفرجك على باقي سرايتك يا ست السرايا.
تلك السيدة مخيفة، تشعر برغبة جارفة في أن تصرخ بصوت عالي تنادي زيدان، صوتها من الخوف يخرج ضعيف مرتجف، صعدت خلف السيدة تنظر حولها خائفة، لتجدها تشدها ناحية احدي الغرف تغلق الباب عليهم من الداخل، لتنفتض لينا تحاول الهرب او الصراخ لتشعر بايادي عدة تجذبها وتكمم فمها، ومن ثم شعرت بنفسها تجذب بعنف تلقي على الفراش تلوت بين ايديهم بعنف، تبكي ذعرا جسدها يرتجف بارد كالثلج، غت تلك اليد التي تكمم فمها لتصرخ بصوتها كله:.
- زيداااااااااااااااااااااااااااااااااان.
صرخة عالية جعلت الرجال في الغرفة يلتفون حولهم بينما ركض هو كالمجنون يبحث عنها ليست في غرفة المعيشة صعد إلى اعلي يركض يبحث بين الغرف يتوعد لهم بالعذاب إذا ما مسوها حاول فتح احد الابواب بعنف ليجده مغلقا من الداخل دون تردد دفعه بقدمه ولقدم الباب انكسر من أول دفعة دخل زيدان إلى الغرفة لتشخص عينيه ذعرا جسده متجمد من هول صدمة ما يري، وهي أمامه تصرخ تبكي تتلوي بضعف يديها وقدميها مقديتان باذرعة بشرية متمثلة في سيدات عائلته، ليجد توحيد جدته تقترب منه دون سابق إنذار جذبت كف يده بعنف تضع فيه قماشة بيضاء متوسطة الجحم حجدته بنظرات قاسية حادة لتهتف من بين أسنانها بحدة.
:
- شرف مرتك يبقي قدامنا اهنه على المنديل هم يلا وعماتك مكتفينها، اللي كنا هنعمله احنا اعمله أنت يلا
وقف للحظات ينظر لهم في حدة الغضب كلمة قليلة للغاية عما يشعر به ابتسم يهتف متوعدا:
- طيب عشان ما تقولوش زيدان ازاي يمد ايده على ستات العيلة، ابعدوا عنها لاقطع ايديكوا اللي مساكها دي
خافت السيدات من نبرة زيدان السوداء عدا جدته التي نظرت لهم بحدة الا يتحركوا، نظرت لزيدان تتحداه بنظراتها:.
- مش هيبعدوا يا زيدان مد يدك على جدتك وعماتك عشان خاطر مراتك ويا عالم إنت بتداري عنها ايه
ابتسم زيدان ابتسامة سوداء مرعبة دس يديه في جيبي سرواله يهتف متوعدا:
- طيب بلاها ستات، رجالتكوا اللي تحت ابقوا انزلوا ودعوا جثثهم
تحرك ليغادر ليسمع صوت طلقات رصاص عالية تأتي من الحديقة وصوت سيارات تتوقف بكثرة، التفت زيدان لهم يحاول ابعاد السيدات عنها بعنف، لتعترض جدته طريقه تصيح فيه:.
- مش هيبعدوا يا زيدان، اضرب جدتك وابعدني أنا الأول، اوعي تكون فاكرني خايفة من تهديدك فوق يا ابن الحديدي، يا تدخل دلوقتي يا اما سيبنا احنا نتصرف زي ما كنا هنتصرف قبل ما الهانم تصوت.
في تلك اللحظة تحديدا انكسر باب المنزل الكبير دخل خالد يحمل سلاحه وخلفه الكثير من الرجال، ما إن دخل سمع زيدان يضرخ غاضبا وصوت طلقات نيران أطلقها زيدان من مسدسه يحاول بها اخافة توحيد ولكنها لم تهتز حتى كأنها معتادة على ذلك، اتجه خالد سريعا إلى اعلي إلى مصدر الصوت لتتوسع عينيه في هلع حين رأي ابنته في ذلك المنظر زيدان حرفيا كان وصل به الغضب مبلغه كان على وشك ضرب الرصاص عليهم جميعا ليمسك خالد يده، نظر زيدان لخالد بذهول متي وكيف جاء بتلك السرعة، نظر لابنته يبتسم بتوسع:.
- حبيبة بابا وحشاني، ايه يا حبيبتي خايفة ليه انا عارف بتتقرفي من الحشرات
نظر للسيدات يقول بابتسامة لطيفة للغاية:
- طيب الحلويات لو ما سابوش البت حالا هيباتوا الليلة في أحضان رجالتي وهندبح الخرفان اللي تحت.
توحيد كانت على اتم ثقة أن زيدان لن يؤذيها فهي جدته اولا واخرا ولكن ذلك الرجل يبدو مختلا بكل ما تعنيه الكلمة هي اول من هربت من الغرفة، لتفر السيدات للخارج خلفها جلس خالد جوار ابنته يضمها لاحضانه، يهمس لها بحنو:
- حبيبة بابا، دا أنا كنت اموتهم قبل ما يفكروا يؤذوكي...
لينا حقا لم تتحمل ما حدث فقدت الوعي ظلت تتمتم بفزع قبلها تبكي بلا توقف:
- هما وزيدان وهما، بابا.
اتجه زيدان إلى أسفل تحديدا إلى الباب المكسور وقف جواره يصيح فيهم:
- يلا بررررررة، بررررررة دا بيتي مش عايز كلب فيكوا هنا، أنا اللي غلطان اني سيبتكوا تعيشوا فيه كل السنين دي، برة، حسن تفضل هنا لحد ما تخرج الزبالة كلها
حرك الحارس رأسه إيجابا يتمتم بطاعة:
- امرك يا زيدان باشا
اتجه زيدان إلى غرفته من جديد ليجد إلهام عمته تقترب منه تود تقبيل يده تتوسله:
- أحب على يدك يا ولدي هنروح فين.
نظر زيدان لها باشمئزاز يهتف ساخرا:
- في مقلب الزبالة مكانكوا
قالها ليصعد إلى غرفته، ساء الوضع وعادت لينا لنقطة الصفر من جديد.
لقراءة جميع حلقات الرواية الجزء الرابع من هنا