رواية أسير عينيها الفصل المائه و سبعه 107 والمائه وثمانيه 108 الجزء الرابع بقلم دينا جمال

رواية أسير عينيها

الفصل المائه و سبعه 107 والمائه وثمانيه 108 الجزء الرابع

بقلم دينا جمال

تأوهت بخفوت تحركت مقلتيها بضعف شديد تحاول كشف الستار عن بندق عينيها الماكر البرئ، شيئا فشئ بدأت تفتح عينيها تنظر للملتفين حولها رأت وجهه القلق لم يستطع عناده أن يخفي قسمات وجهه التي تنضح قلقا عليها يقف جوار الفراش هناك امامها مباشرة لا يفصلها عنه سوي حسام الجالس جوارها على الفراش يمسك زجاجة عطر، زجاجة تعرفها جيدا، لولا الموقف التي من المتفرض إن تكن فيه لكانت تمنت أن تنشق الأرض وتبتلعها تلك الزجاجة التي تحتفظ بها في حدقتيها بين اغراضها كيف عثر عليها حسام، مد الأخير يربت على وجهها برفق يصيح قلقا:.


- لينا أنتي سمعاني، لينا مركزة مع صوتي سمعاني

شتمته في نفسها الأحمق هي يظنها صماء، رفعت مقلتيها في وهن برعت فيه تهمس له بصوت ضعيف خفيض متألم:

- اااه، حسام، هو اييه اللي حصل.


رفع حسام حاجبه الأيسر في سخرية، أدائها التمثيلي مبالغ فيه بشكل يثيره للضحك، حمحم يحاول إستعادة ثباته كي لا ينفجر ضاحكا، فتح فمه يريد أن يقول شيئا، لكنه سبق زيدان، الذي رغم ما به من خوف يفتت قلبه خرجت نبرة صوته هادئة للغاية وكأن شيئا لم يحدث إطلاقا:

- حمد لله على سلامتك يا لينا، أنا كلمت الوحدة وفي دكتور هيوصل بعد دقايق، أنا بعتذرلك عن اللي عملته عمتي، عن اذنكوا.


قالها ليلتفت يوليها ظهره يأخذ طريقه لباب الغرفة هكذا ببساطة دون أن يهرع إليها يحطم أضلاعها داخل صدره يخبرها بأنه كاد يموت قلقا عليها، رأت والدها يفعل ذلك الأمر مئات أن أصاب والدتها ولو خدش بسيط، أليس هو تلميذ والدها النجيب، ما إن تعد ستخبره بأن تلميذه فاشل لم يأخذ منه شيئا ابدااا، تعلقت حدقتيها به وهو يغادر تتمني لو يلتفت لها، امسك مقبض الباب بيده ليخونه قلبه التف برأسه يرغب فقط في أن يراها، لو كان بينه وبين الموت دهر، سيعيشه فقط لكي يراها، حين التفت اصطدمت مقلتيه بمقلتيها، عانقت السماء الأرض للحظات قبل أن ترحل، اضطربت دقاته حين اصطدمت أعينهم ليدير مقبض الباب سريعا يخرج من الغرفة، ما إن خرج تبدلت نظراته القلقة بأخرى شرسة تسارعت أنفاسه ثائرة على ما فعلوه يكفي لقد لاق منهم ما يكفي ويطفح به كيله، حرق الأرض تحت قدميه غاضبا، ينزل لأسفل بخطي سريعة في الأسفل كان يقف كل من حسان ونجيب وفارق ومعهم إلهام اندفع الرجال يصرخون فيه ما أن رأوه:.


- مرتك السبب

- هي اللي عملت اكدة في شعر مرتي

- حسنة قالتي انها اللي ادتها الهباب اللي خلي وشها أحمر

- مرتك خلت وش مرتي ما باينش

- أنا ما ذقتهاش هي اللي رمت نفسها

وقف أمامها صامتا هادئا تمام يطالعهم وهم يعوون كالكلاب، بينما عقد هو ذراعيه أمام صدره توجهت حدقتيه ناحية صورة والده التي تعلو صالة البيت جوار صورة جده الراجل نظر للصورة يمعن النظرات إليها يتمتم في نفسه ساخرا:.


- أنا مش فاهم حقيقي أنت كنت مستحمل الناس دي ازاي، دا أنت ربنا رحمك منهم

أزاح مقلتيه من على صورة والده ينقلها بين اعمامه الثلاث وعمته الفاضلة تحرك امامهم، الي بات في المنتصف منهم عقد ذراعيه خلف ظهره يبتسم ساخرا:

- أنا واقف قدام اعمامي، أخوات أبويا الله يرحمه، كنت فاكر أنهم ممكن يكونوا فيهم من حنيته، بس طلعت غلطان، هما شوية كلاب بيجروا ورا الفلوس

- زيدان اتحشم ولم لسانك لاقطعهولك.


زمجر بها حسان غاضبا، ليقترب زيدان منه وقف امامه يرفع حاجبه الأيسر في سخرية، مد يده في حركة مفاجأة يقبض على تلابيب ملابس حسان ابتسم يتمتم:

- خالد، خالد زيدان ، ابن أخوك، اللي ما رعتش اي صلة دم، وكنت عايز تسرق حقه وهو لسه عيل صغير

ترك ملابس حسان الذي توسعت عينيه في ذهول مما يفعل زيدان بينما عاد الأخير عدة خطوات للخلف توسعت ابتسامته يردف ضاحكا:.


- بس الصغير مصيره في يوم هيكبر، واهو كبر وعدي ال 30، وبقي راجل ملو هدومه يقدر بإشارة واحدة من صباعه أنه يمحيكوا خالص...

اختفت ضحكاته تجهمت قسمات وجهه ينظر أهم بأعين تملئها الغضب ليزمجر غاضبا:.


- رغم كدة عمري ما اذيتكوا، سايبكوا عايشين في ملكي وأنا ممكن بكل بساطة ارميكوا برة، عامل حساب لابويا، مش عايز ازعل اخواته، اخواته اللي ما فيش جواهم غير الكره والحقد والغل، ما افتكرش أنهم زعلوا دقيقة واحدة على موت اخوهم، لا دول كانوا بيفكروا ازززاي هياخدوا حق عيل صغير، ما كنش عندكوا اي مانع انكوا تموتوا طفل صغير، وأنا واثق أن كل واحد وواحدة فيكوا بيتمني موتي او نفسه هو اللي يموتني عشان بيت وأرض، خدووووهم، خدوا البيت والأرض، خدوا كل اللي عندي ورجعولي أبويا دقيقة واحدة، دقيقة واحدة بس...


صمت يلهث بعنف ينظر لوجوههم جميعا، نظراته قاسية خالية من اي مشاعر، لحظات وارتسمت إبتسامة ساخرة على شفتيه يردف متهكما:

- مش هتعرفوا صح، انتوا بس بتعرفوا تنهشوا في لحم الضعيف...

توجه ناحية إلهام يرميها بنظرات حادة سوداء قاسية يتمتم محتدا:

- استقويتوا على لينا زمان كنتوا عايزين تكسروها ودلوقتي جاية ترميها من على السلم عايزة تموتيها، روحك كانت هتسبق روحها لو كان حصلها حاجة.


قاطع جلسة كلامه الحادة صوت طرقات على باب المنزل توجه ناحية الباب يفتحه، ليطل شاب تقريبا يماثله عمرا ملامحه هادئة بشوشة يرتدي نظرات طبية شفافة، مد يده يصافح زيدان يتمتم مبتسما:

- مروان ساهر!، أنا الدكتور اللي

قاطعه زيدان يهمس له سريعا بتلهف:

- ايوة ايوة كويس انك ما اتأخرتش، اطلع السلم دا تالت اوضة على ايدك الشمال.


حرك مروان رأسه إيجابا يعدل من وضع نظارته الطبية تحرك لأعلي يمسك بحقيبة يده السوداء، بينما عاد زيدان اليهم ارتمي بجسده على أحد المقاعد المقابل لهم ابتسم يتمتم ساخرا:.


- ايه ساكتين ليه، على العموم انتوت ما بقاش ليكوا مكان هنا، دا بيتي وأنا إن كنت استحملتكوا زمان فأنا مش مجبر تماما اتحملكوا دلوقتي، وبلاش جو المسكنة يا إلهام هانم، أنا عارف انكوا شارين بيت كبير من الناحية الغربية للبلد يعني مش هتباتوا في الشوارع ولا حاجة...

وقف من مكانه ينظر لدهشتهم للحظات بابتسامة ساخرة رفع يسراها يشير لباب المنزل يصيح محتدا:

- اطلعوا برة، يلا برة، مش عايز جنس مخلوق فيكوا هنا...


انتفخت اوداج حسان ونجيب وفاروق يكاد الغضب ينهشهم يطردهم بكل وقاحة، يطردهم من بيتهم هم، هو الغريب هنا وليس هم اندفع ناحيته في لحظة رفع يده يود صفعه ليشعر بيد تقبض على تلابيب ملابسه من الخلف يجذبه بعنف، نظر مدهوشا للفاعل ليجد حسام يقف خلفه يبتسم في توسع يتمتم ساخرا:.


-الكلام اللي هقوله دا مش هعيده تاني، ايدك تتمد على صاحبي هقطعالك، آمين، وأنت عارف بمكالمة واحدة هجيب اللي هيزحفكوا على ايديكوا ورجليكوا، الحج ما هيصدق هو نفسه يولع فيكوا اصلا، دا موصيني اي قلة أدب منكوا اني اولع فيكوا، عود كبريت وهتنورا قدامي بدل ما انتوا مضلمين كدة.


دفع حسان يد حسام ينظر له حانقا غاضبا تجهم وجهه ينظر لاخوته للحظات قبل أن يندفع لأعلي وخلفه البقية، اقترب حسام من زيدان يبتسم له في هدوء رفع يده يربت على كتفه، تبدلت ابتسامة زيدان بأخرى حزينة، قبل أن ينظر لحسام يحاول أن تبدو نبرة صوته طبيعية:

- هي لينا كويسة.


حرك حسام رأسه بالإيجاب كاد أن يضحك ساخرا يخبره من تحاول أن تخدع بنبرتك الهادئة تلك فأنا الشاهد الأول على ملحمة عشقك الضارية، حين تناهت إلي اسماعهم أصوات صرخات، انجليكا!، ركض زيدان وخلفه حسام لأعلي يتوجهان مباشرة إلي غرفة انجليكا، اندفع زيدان يدير مقبض الباب يدخل الي الحجرة لتشخص عينيه في ذهول، وشهقة قوية خرجت من حسام، ينظر مدهوشا إلي المنظر العجيب أمامه، انجليكا كان أمامه حرفيا تغرق في العسل الأسود رائحته النفاذة تملئ الغرفة، شعرها، يديها، جسدها، ملابسها، من فعل ذلك، بالطبع ليست لينا البريئة التي انتظرت إلي أن خلد الجميع للنوم وتحركت على أطراف أصابعها إلي غرفة الشقراء، فتحت بابها تدخل الي الغرفة مدت يدها تخرج زجاجة صغيرة بها مخدر رشته على وجه انجليكا حتى، لا تستيقظ، امسكت العلبة الكبيرة التي جلبتها في الطرد هي والأشياء الاخري فتحتها تسكبها على الشقراء وهي نائمة لا تعي ما يحدث، لما يظلمها الجميع هي لم تكن تقصد اي شر إطلاقا، هي فقط علمت مصادفة أن العسل الأسود مفيد جدا للبشرة فقررت أن تهديها كمية كبيرة منه.


انفجرت انجليكا في البكاء تنظر لجسدها المغطي بتلك المادة السوداء اللزجة نظرت ناحية زيدان تنوح باكية:

- زيدان الهقني زيدان، مين أمل كدة...

حرك رأسه بالنفي لا يعلم حقا لا يعلم، او لا يريد أن يعلم، بالطبع من غيرها ستفعل ذلك، لينا باتت خطرا جسيما على المجتمع بأفكارها الشيطانية تلك، اجفل على صوتها تصرخ وهي تبكي:

- اامل هاجة زيدان...


ماذا يفعل، لا يعلم، نظر لحسام ليراه في حالة بلهاء هو الآخر يفغر فاهه حتى، آخره ينظر لها بأعين متسعة تحملق فيها بدهشة، زفر يحاول أن يفعل شيئا، إن يجد حلا لتلك الورطة، توجه ناحيتها جذب يدها يخرجها من الفراش الموحل، ناحية باب المرحاض تركها يحادثها مترفقا بحالها:.


- انجليكا خدي دش، وأنا هقول لحد من الخدامين ينضفلك الأوضة توجهت للمرحاض توجه هو ناحية حسام جذبه لخارج الغرفة ليجد ذلك الطبيب يقف هناك في منتصف الردهة توجه زيدان ناحيته سريعا يسأله متلهفا:

- أخبارها ايه حصلها حاجة؟!

ابتسم الطبيب في هدوء يحرك رأسه بالنفي يعطيهم ورقة خط عليها نوع واحد فقط الدواء:

- كدمات بسيطة، المرهم دا هيبقي مناسب ليها جداا، واضح انها اتزقت بس كويس أن الوقعة ما كنتش جامدة.


احمرت مقلتيه، شد على أسنانه كور قبضته يطحن أصابعه لو لم تكت عمته فقط امراءة لكان هشم عظامها أجمع على ما فعلته بها، شكر الطبيب حاول أن يعطيه نقوده ليرفض الأخير رفضا قاطعا يردف بجملة واحدة قبل أن يغادر:

- لاء طبعا مش هاخد فلوس، دا جزء صغير من دين قديم، عن إذنك

لم يفهم زيدان عما يتحدث ذلك الشاب ولكن حسام فهم جيدا، ابتسم شاردا ما يفعله والده قديما يصب في مصلحتهم الآن.


Flash back

حين خرج زيدان من الغرفة التفت حسام لشقيقته ينظر لها ساخرا أسبل عينيه يحاول تقليدها بشكل مبتذل:

- اااه، أنا فين، انتي مين علمك التمثيل يا بنتي، ادائك مبتذل ولا الفنانة اللي كانت في الفيلم اللي شوفته امبارح ومش فاكر اسمه

ضيقت لينا حدقتيها ترميه بنظرات قاتلة حادة رفعت يدها تقرصه في ذراعه بغيظ تتمتم حانقة:

- وأنا همثل ليه يعني هي اللي ذقتني

ضحك حسام متهكما يحرك رأسه بالإيجاب يجاريها ساخرا:.


- طبعا، اومال.


حسام يذكرها بوالدها لا تنطلي عليه خدعها ببساطة هكذا، فتحت فمها تود أن تقول شيئا ليقاطعها صوت زيدان الغاضب الذي صدح من أسفل يبدو أنه يتشاجر مع عائلته، صمتت تنظر لحسام لتري في عيني الأخير نظرات حزينة حسام خير من يعرف معاناة زيدان مع عائلته التي لم تكن له عائلة يوما، جميعهم يسعون خلف نقوده بجشع وانانية مخيفة، وقلبها هي يتمزق مع كلمة تسمعها، الجميع شارك في ايذائه حتى، هي، دمرت قلبه ولكنها لم تكن ظنته الجاني وهو مثلها مجني عليه، انسابت دمعة من عينيها لترفع يدها تمسحها سريعا قبل أن يراها حسام، في اللحظة التالية صوت دقات على باب الغرفة، قام حسام يفتح الباب ليطل ذلك الشاب من خلفه يحادث حسام مبتسما:.


- أنا الدكتور، الإستاذ اللي تحت قالي اطلع هنا

حرك حسام رأسه بالإيجاب يفسح للطبيب المجال ليدخل، تحرك ذلك الشاب لداخل الغرفة، وقف للحظات ينظر لحسام في عجب يقطب جبينه مال برأسه قليلا ناحية اليمين ينظر له عن كثب، لاحظ حسام نظراته ليرفع حاجبيه يسأله ساخرا:

- ايه يا دكتور أنت بتشبه عليا ولا ايه

حمحم الطبيب في حرج يحرك رأسه بالإيجاب توجه ناحية فراش لينا يحادث حسام:

- بصراحة آه، اصلك شبه واحد أنا أعرفه.


اقترب الطبيب من فراش لينا يجلس على حافته الفارغة نظر للينا للحظات يسألها مبتسما:

- خير، ايه اللي حصل، وقعتي ولا ايه اللي حصل

ابتلعت لينا لعابها مرتبكة لا تعرف ما تقول نظرت لحسام بعينيها عله ينقذها من ذلك المأزق ليحمحم الأخير يردف في هدوء:

- اتكعلبت وهي نازلة على السلم وقعت...

نظر الطبيب لحسام من جديد يتمتم مدهوشا:

- لاء حقيقي شبهه أوي، حتى، في طريقة الكلام، إنت تعرف خالد السويسي!


توسعت أعين لينا وحسام في دهشة ينظران لبعضهما البعض ليعاودا معا النظر للطبيب يتمتمان في صوت واحد:

- أنت تعرف بابا!

توسعت إبتسامة الشاب حتى، غطت وجهه ينظر للينا وحسام ينقل انظاره بينهما يتمتم سعيدا:

- أيوة طبعا أعرفه...

وضع يده على صدره موضع قلبه يتمتم ممتما:.


- بسببه بعد رحمة ربنا أنا عايش النهاردة، خالد السويسي كان السبب في أن والدي ربنا يديله الصحة يلاقي شغل في شركته، واداله فلوس العملية، كنت مريض قلب ومحتاج عملية ضروري، أنا قابلته كذا مرة بعد ما كبرت حقيقي الراجل دا عظيم اووووي

نظر للينا يبتسم يسألها ضاحكا:

- أنتي لينا صح

قطبت لينا ما بين حاجبيها في شك تحرك رأسها بالإيجاب كيف عرف ذلك الرجل أسمها لتجده يردف ضاحكا:.


- مش هتفتكري بس انتي بوستيني وانتي صغيرة

توسعت عيني لينا في اندهاش، بينما نظر حسام لشقيقته نظرات حادة مدهوشة ولسان حاله يقول:

- آه يا سافلة يا سهلة يا رخيصة بتبوسيه

بينما ضحك مروان بخفة يذكرها بذلك الموقف البعيدددد للغاية

« ابتسم مروان للصغيرة ببراءة: ممكن اشيلها

وضع خالد الصغيرة على قدمه فوق الفراش

مد مروان يده ليداعب وجنتها الصغيرة الممتلئة فغضته الصغيرة بسنتيها

مروان متألما: آه، دي بتعض.


ضحك خالد وساهر ومنال

منال: بسم الله ما شاء الله زي القمر

ابتسم بحرج: متشكر

نظرت الصغيرة لمروان الذي ينظر لها بألم من عضتها له

خالد ضاحكا: معلش يا مارو اصل انا بنتي مؤدبة ما بتحبش رجالة غريبة يشيلوها

ما كاد خالد ينهي جملته حتى، شبت الصغيرة وقبلت مروان على وجنته، لتتسع عيني خالد بفزعيهدر بصدمة: نهار ابوكي اسود دا انا لسه بمدح في كرم اخلاقك بتعملي ايه، دا انا لسه ما خلصش كلامي ».


انهي مروان كلامه ليحمر وجه لينا خجلا لا تتذكر حقا أنها فعلت ذلك، الوضع برمته محرج للغاية، بينما اقترب حسام منه جلس على مقعد بالقرب منه يربت على ساقه يتمتم مبتسما:

- بص يا مارو طالما طلعت معرفة قديمة، هي البت دي زي الفل، بس الموضوع مشكلة عائلية كدة، اكتب أنت بس اي مرهم للكدمات، ولو الراجل الحليوة ابو عيون زرقا دا سألك، قوله أنها اتزقت بس الوقعة ما كنتش جامدة.


بالطبع وافق مروان، في تلك اللحظة دق هاتف مروان برقم والدته، خرج بصحبة حسام من الغرفة يستأذن منه إن يرد على والدته، في تلك اللحظات علا صوت الشجار بشكل مخيف، ليترك حسام مروان يقف خارج الغرفة وينزل يهرول لأسفل

Back.


عاد حسام من شروده الطويل على حركة زيدان يتوجه صوب غرفته التي تقطن بها لينا قطب جبينه متعجبا ليجد زيدان يدق الباب، سمعا صوت لينا يأذن بالدخول، دخل زيدان وقف بالقرب من فراشها لتتوتر دقات قلبها ظنت انه هنا ليطمئن على حالها، إلا أن صدمتها كان قاسية حين بدأت يتحدث في جمود كجلمود صخر:.


- بصي يا لينا، أنا عارف إن كل اللي حصل لستات البيت دا أنتي السبب فيه، وما اتكلمتش، لإني بقول حقها، اللي عملوه مش شوية، هما بدأوا بالاذي، انما أنجيلكا ما اذتكيش اصلا عشان تعملي اللي عملتيه دا، لو سمحتي مالكيش دعوة بيها، أنا عامل حساب أنك بنت خالي لولا كدة كان هيبقي تصرف تاني ، عن إذنك.


قال ما قال بمنتهي القسوة، كلماته كمطارق تنزل على حطام قلبها تفتته، زيدان يحادثها بذلك الشكل البغيض المؤلم القاسي لأجل الشقراء، بات يحبها، بالطبع فعل والا ما كان سيغضب لتلك الدرجة على ما فعلت، لم تنزل دمعة واحدة من عينيها وهي تنظر له رغم أن قلبها يقطر دما بدل الدموع، تحرك لخارج الغرفة، ليدخل حسام في تلك اللحظة اقترب من فراشها يجلس جوارها، يري عذابها الممزق الذي يصرخ في حدقتيها، لف ذراعه حول كتفيها يجذبها لصدره حين وضعت رأسها على صدر أخيها سمحت لدموعها الحزينة بالهطول.


على صعيد آخر في منزل خالد السويسي، استيقظت في وقت متأخر، لم تكن تريد أن تفتح عينيها، بعد ما حدث، تلك السيدة ومجئيها إلي منزلها، ستخطف طفلها الصغير منها، فتحت عينيها تنظر لقسمات وجهه خالد وهو نائم بالطبع سيكون متعب بعد اليومين الماضيين، تنهدت قلقة رفعت رأسها عن الوسادة، تتحرك من جواره بخفة لا ترغب في إيقاظه، تحركت ناحية المرحاض وقفت أمام الحوض تصفع وجهها بالماء مرة تليها أخرى وأخرى، رفعت وجهها تنظر لسطح المرآه أمامها للحظات طويلة قبل أن تهبط دموع صامتة تغرق وجنتيها، ليس ذنبها أنها أحبت الفتي كطفلها الذي لم تلده، ليست بتلك البساطة سيسلبونه منها، اغتسلت وبدلت ثيابها باخري خرجت من الغرفة بحذر حتى، لا توقظه، تحركت للخارج وقفت أمام غرفة زيدان للحظات تنظر للباب المغلق نظرات حادة كارهة، كم ترغب في أن تدخل إليها وتتشاجر معها حتى، تبتعد عنهم، ولكن بدلا من ذلك توجهت إلي المطبخ، دخلته تعد الإفطار، وقفت تقطع حبات الخيار والطماطم حين سمعت صوتها يأتي من خلفها مباشرة من ناحية باب المطبخ:.


- صباح الخير يا لينا

شدت على أسنانها غاضبة، لم ترد تجاهلتها تماما وكأنها غير موجودة من الأساس تكمل ما تفعل، ارتبكت نظرات لوجين، ستحاول وتحاول وتحاول اكتساب ود وصداقة لينا قدر الإمكان، فلينا هي طريقها المباشر والوحيد لزيدان، لينا فقط من يمكنها مساعدتها في استعادة صغيرها من جديد، خطت لداخل المطبخ وقف خلف لينا بالقرب منها تحادثها:

- معقولة بتعملي الفطار بنفسك، ما فيش شغالين هنا يساعدوكي، بدل ما تتعبي.


وكأنها جذبت فتيل وهمي لقنبلة غضب تلك الواقفة التفت فجاءة بعنف ناحية لوجين تصرخ فيها بشراسة:

- والله أنا حرة اعمل بنفسي، اجيب حد يعمل مكاني، وبعدين دا بيتي أنا اللي مسؤولة عن كل واحد وواحدة فيه، خالد ولينا وزيدان أولهم

توسعت عيني لوجين هلعا من صراخ لينا الشرس المخيف، ملئت الدموع حدقتيها ارتجفت شفتيها تصيح بقهر:

- انتي ليه بتكرهيني ليه بتعملي كدا، دا ابني!


تلك الكلمة التي نطقتها هي خوف لينا الكامل، أنها هنا لتأخذ أبنها، ابن لينا هي الأحق به لوجين لن تأخذه منها ابدا، احمرت مقلتيها تسارعت أنفاسها اقتربت منها خطوتين حتى، باتت بالقرب منها نظرت لحدقتيها في تحدي لاهب تصيح محتدة غاضبة:.


- دا ابني انااااا، لو انتي اللي خلفتيه فأنا اللي ربيته، انتي ما عشتيش معاه قدي زيدان لما جالي كان طفل عنده 10 سنين طفل، ما يعرفش معني الطفولة طفل ما بيضحكش حتى، ، طفل دمرتيه بانانيتك لما روحتي اتجوزتي من غير ما تعمليله حساب في حياتك، كبر قدام عيني يوم بعد يوم، من طفل لشاب لراجل، ذكريات سنين طووويلة اووووي، ما تفتكريش انه هينساها بسهولة كدة، ما تفتكريش أنه ممكن برجوعك يبعد عني تبقي بتحلمي.


تحركت لخارج المطبخ تاركة لوجين ترتجف تبكي تحسرا وندما، مرت لينا من جوارها ما أن وصلت لباب المطبخ سمعتها تتمتم بنبرة حزينة نادمة ممزقة:

- أنتي ليه فكراني عايزة أكرهه فيكي او اسرقه منك، بالعكس أنا بشكرك ولو فضلت عمري كله اشكرك على اللي عملتيه لابني مش هوفيكي حقك على اللي عملتيه مع زيدان ، أنا بس نفسي يسامحني، نفسي اخده في حضني، ساعديني ارجوكي ساعديني.


وقفت عند باب المطبخ خارجا توليها ظهرها كلماته تطعنها بقسوة، غرزت اظافرها في كف يدها حين شعرت بقلبها يدق بعنف مشفقا عليها، كم أرادت أن تخلع قلبها وترميه أرضا فذلك الأحمق دائما ما يضعف ببضع كلمات، التفتت برأسها ناحية لوجين تهمس لها:

- أنا آسفة، بس مش هقدر!


- بجد يا عثمان بجد أنا مش مصدقة نفسي، صاحت بها ليلا في سعادة تغمرها حين اخبرها عثمان بكل عشق أن زفافهم سيكون خلال أيام في القاهرة في حفل كبير ضخم، مد يدها تقبض على كف يده تسبل عينيها تهمس بنعومة حزينة سامة:

- أنا بحبك اوي يا صياد، حقيقي بحبك أوي، صدقني بُعدي عنك زمان كان غصب عني، بابا هو اللي اصر، على الاقل كنت هبقي جنبك، وقلبك ما يدخلوش غيري.


ابتسم عثمان تلك الابتسامة البراقة التي يعرف بها جيدا كيف يخدع ضحيته شبك أصابعه في أصابعها يهمس بصوت عاشق خفيض حاني:

- ليلا انتي عارفة اني بحبك، بحبك اوي، اي واحد تاني مكاني، كان هيقول دي اتخلت عني في أصعب وقت في حياتي، لكن أنا لاء، أنا بحبك، وجود سارين في حياتي أمر مفروض منه دي مراتي، وانا بحبها زي ما بحبك يمكن انتي اكتر شويتين تلاتة لكن وجودها أساسي في حياتي واحنا متفقين على كدة ولا ايه.


عبست في نعومة ظريفة وكأنها طفلة بريئة غاضبة من صديقها في الروضة لأنه يحادث فتاة أخرى ويعطيها الحلوي بدلا منها، لتهمس بخفوت حزين:

- ايوة يا عثمان، أنا بس بغير عليك، بس طالما هتبقي معايا خلاص، كله يهون عشان نبقي مع بعض.


رفع كف يده الذي يمسكه في كفه يقبله بنعوومة ينظر لحدقتيها نظرات تتوهج بنيران العشق كما تظن هي والانتقام كما يضمر هو، اوصلها لغرفتها، ليتوجه مباشرة إلي غرفته، التقط هاتفه من جيب سرواله يحادث والده:

- زي ما قولتلك يا بابا، أنا عايز حفلة كبيرة اوووووي، وأنت عارف الباقي، ماشي يا بابا سلام.


أغلق الخط مع والده يخرج كارت الغرفة الإلكتروني وضعه في الباب ليدخل بحث عنه بعينيها يتقدم للداخل يبحث عنها لفت انتباهه باب الشرفة الشبه مفتوح، توجه ناحيته يفتحه بالكامل خطي داخل الشرفة يجدها تجلس هناك كملاك حزين تجلس على مقعد ترفع قدميها تحتضنهم بذراعيها نسيم الهواء يداعب خصلات شعرها بدلا منه، خطي ناحيتها، شعرت بخطواته لتلتف برأسها ناحيته بخفة ارتسمت ابتسامة شاحبة على شفتيها تهمس له بصوت متحشرج:.


- رجعت أمتي

توجه ناحيتها وقف أمامها مباشرة مد ذراعيه يحملها كأنها عروس شهقت من المفاجأة بينما ضحك هو يغمغم مشاكسا:

- لسه جاي دلوقتي حالا، ولقيتك قاعدة زي حورية خرجت من الماية عشان تنادي الناس بجمالها، فقررت اخطف الجمال دا ليا لوحدي.


خرجت من بين شفتيها ضحكة خفيفة لفت ذراعيها حول رقبته ليتوجه بها لداخل الغرفة وضعها على الفراش لتنظر له عينيها تخبره أنها تود قول الكثير وشفتيها خرساbء صامتة، ابتسم لها يهمس بشغف:

- عايزة تقولي إيه

زفرت أنفاسها المختنقة تفرك كفيها ببعضهما البعض تشعر بالقلق ينهش قلبها الصغير رفعت عينيها إليه تهمس بخفوت حائر:

- أنت هتعمل بعد كدة مع ليلا وليه رافض تقولي..


ابتسم، إبتسامة واسعة ماكرة، إبتسامة تخفي خلفها ما تخفي هو فقط الادري بها، مد يده يمسح على وجنتها برفق يحادثها مبتسما:

- مفاجاءة اللي جاي كله مفاجأة عمرك ما هتتخليها ابدا!

كلماته لم تطمئنها بالعكس تماما زادت قلقا خوفا من أن تكن هي الخاسرة في تلك اللعبة، بينما تبدلت ابتسامته هو باخري مشاكسة يتمتم عابثا:

- سمعتي عن ابو قردان اللي غرق من زمان.


ضحكت رغما عنها تحرك رأسها يآسة منه لتتعالي ضحكاته يشاركها في الضحك ويده تتسلل خلسة لتغلق إضاءة الغرفة وتتوقف الضحكات ويسطر الصياد قصائد اخري من عشق الصياد.


رحلة العودة كانت صامتة حقا صامتة بشكل مبالغ فيه حتى، حسام وضع سماعات الإذن الخاصة به واغمض عينيه ولم ينطق بحرف يستمع الي هاتفه، أنجيلكا تجلس بالخلف جوار لينا تعبث في هاتفها تلتقط لنفسها الصور، جوارها تجلس لينا بينهما فاصل صغير، تستند برأسها الي ظهر الأريكة تغمض عينيها تتذكر كلماته التي قالها مرارا وتكرارا، لترتسم إبتسامة شاحبة على شفتيها، قديما كان يحميها من أي خطر ولو صغير كما يفعل مع انجليكا الآن، اعتدلت في جلستها تنظر له من خلال مرآه السيارة تلك المرة لا تختلس النظر بل تنظر له، وهو منهمك لتلك الدرجة في قيادة السيارة، حانت منه التفاتة خاطفة للطريق ليراها تنظر إليه أصابته الدهشة من عينيها المرتكزتين على وجهه بتلك الطريقة، عينيها كانت تقول الكثير، نظراتها كان مزيح ساحر من العشق والألم والندم، ما القادم لا يعلم كلما يشعر أنه تفادها هرب من عشقها له، يجد نفسه يعود ليسقط صريعا لعشقها المؤلم، كلما حاول أن يتناسي مع حدث، ليعود لقيود عشقه القديمة، يتذكر بأنها ذهبت لاحضان غيره الفكرة لذاتها تقتله كلما يتذكر، عقله يصور له مشاهد بشعة، مشاهد تقتل رجولته ألف مرة، يقف على حبال الهوي لا يعرف أين الخلاص إيقفز في بوتقة من النسيان أم يتأرجح بين العشق والكره، كفتان كلما رحجت احداهما تطالب الاخري بحقها، تحركت مقلتيه ناحية الطريق من جديد يزيد سرعة السيارة ساعة أخرى ووصل الجميع، بيته لم يكن بعيدا إطلاقا عن منزل خاله فقط ساعتين، وقف بالسيارة لتنزل لينا اولا تلاها حسام وزيدان وانجليكا يتحركان للداخل، دخلوا جميعا إلي المنزل بعد ترحيب حار من خالد ولينا زوجته، اقتربت لينا من زيدان تنظر له بأعين دامعة، أصابت قلبه في مقتل خوفا عليها نزع يد انجليكا يبعدها عنه، توجه ناحيتها يسألها فزعا:.


- مالك يا ماما بتعيطي ليه، انتي كويسة

حركت رأسها بالإيجاب ليتنهد خالد حانقا من أفعالها، اقترب هو من زيدان ربت على كتفه يحادثه بهدوء:

- زيدان في ضيق مهم مشتاق جداا أنه يشوفك.


قطب جبينه في عجب من، من ذلك الذي يتحرق شوقا لرؤيته، صعد خالد لأعلي تتابعه عيني زيدان ينقل أنظاره بينه وبين لينا والدته التي ازدادت دموعها انهمارا بشكل اخافه ما بها تبكي، لم يهتم من ذلك الضيف فقط امسك يدها يجلسها على الأريكة يسألها قلقا:

- مالك يا ماما بتعيطي ليه، ما تقلقنيش عليكي فيكي ايه

مدت يسراها تمسح دموعها بينما ربتت بيمناه على وجهه برفق ليمسك كف يدها يقبله...


وجهه المقابل لسلم البيت جعله يري خالد وهو ينزل يمسك يد سيدة تنظر لأسفل وجهه لا يظهر بسبب رأسها المنحني ولكنه شعر بدقات قلبه تتسارع بشكل مؤلم، تلك السيدة يعرفها ولا يذكرها، أين رآها فقط لو ترفع وجهها، وصلت بصحبة خاله إلي أسفل، بينما هو يضيق عينيه ينظر لها حذرا، والجميع يراقب ما يحدث في صمت، لينا ابنه خالد تجلس جوار حسام على أريكة بالقرب منهم نظرت لأخيها متعجبة كأنها تسأله بعينها إن كان يفهم ما يحدث ليحرك رأسه بالنفي يتابع ما يحدث هو الآخر، بينما لينا الشريف يدها تقبض على كف زيدان الجالس جوارها، حين رفعت تلك السيدة وجهها شخصت عيني زيدان حتى، كادت تخرج من مكانها، هي، كيف ينساها وهي تجاور والده في جميع الصور، صورتها ترفض الخروج من عقله، ما إن رآها ضرب في رأسه سيل عنيف من الذكريات المؤلمة يتخللها بكاء طفل صغير.


- ماما أنا جعان عمو معتز مش راضي يديني اكل

- يا ماما بيضربني، أنا ما بحبوش يلا نمشي

- ماما أنا بردان، يا ماما ردي عليا.


احمرت مقلتيه لا يعرف أهو غاضب ام هي دموع الماضي المؤلم، تلك المرة هو من شدد على كف يد لينا الجالسة جواره كأنه يستشعر منها الأمان، تسارعت أنفاسه، صدره بات يعلو ويهبط بجنون، صمت رهيب، الجميع صامت مترقب والبعض يجهل ما يحدث، أنفاس لوجين انقطعت ما أن رأت طفلها أمام عينيها زيدان كبر حقا، نسخة عن والده الراحل، رأته في الصور ولكن الواقع أشد جمالا، كم أرادت أن تركض إليه تعانقه تصرخ بندمها، رأت كيف شبك يده بيد لينا كأنه ينفر منها، صمت لم يقطعه سوي جملة خالد التي وجهها مباشرة لزيدان:.


- مش هتسلم على مامتك يا زيدان

توجه بحالته الغاضبة ينظر لخاله ابتسم، رغم كل ما فيه الا انه ابتسم، ينظر للينا الجالسة جواره، رفع كف يده يقبله ليقبل رأسها يحادثها مبتسما:

- ازيك يا ماما وحشاني اوي والله اعذريني اني ما سلمتش عليكي لما دخلت، عايز احكيلك حاجات كتير أوي بس مش دلوقتي...

- زيدان ما تستعطبش.


هتف بها خالد بنزق يوجه انظاره ناحية زيدان، لينظر الأخير ناحية خاله في براءة طفل، قام من مكانه يتوجه إليه يتمتم مبتسما:

- في اي يا خالي، أنا عارف أنك بتغير على ماما بس مش مني يعني، حد يغير على أم من ابنها بردوا.


كلماته عادية للغاية ولكنها تنزل كالنيران تلهب قلب تلك الواقفة تنظر لصغيرها شوقا يمزجه الألم وهي تراه يحب أخرى يعاملها كأنها هي والدته يقبل يديها ورأسها، لم تحتمل هي لا تريد فقط سوي أن تضمه تركت يد خالد تندفع ناحيته ما كادت تلمسه شهقت متألمة وشهقة لينا وابنتها في ذهول حين دفعها زيدان بعنف قاسي حتى، كادت تسقط أرضا لولا يدي خالد التي امسكت بها سريعا، نظر خالد لزيدان يصيح فيه غاضبا:.


- أنت اتجننت بتزق أمك

توسعت عينيه في هلع يشير لنفسه ينظر ناحية لينا يتمتم سريعا:

- تتقطع ايدي لو فكرت اعمل كدة في يوم يا ماما

ابتسم لها عاود النظر لخالد قست نظراته ينظر لتلك التي بين يديه تشع الكراهية من مقلتيه صدح صوته عاليا كارها:.


- اللي واقفة جنبك دي مش امي ولا عمرها كانت ولا هتكون، دي مجرد رحم، زيها زي اللي بيبعوا عيالهم وياخدوا فلوس، بس الفرق أنها باعت بالرخيص، بالرخيص اووووي، وأنت اللي علمتني يا خالي، اللي يبيعك، اعرضه في مزاد واخسر فيه وهتبقي إنت الكسبان، الست اللي واقفة جنبك دي شيطانة لا عندها لا قلب ولا رحمة ولا مشاعر...


- دي أمك يا زيدان، صرخ بها خالد محتدا، ليحمر وجه زيدان من الغضب نفرت عروقه تصرخ غضبا، توجه ناحية لينا جذب يدها وقفت يجذبها خلفه إلي أن وقفت جواره نظر لخالد يصرخ بحرقة:

- دي أمي، دي أمي اللي أنا أعرفها، انما اللي جنبك دي، مش أم اصلا، ما فيش ابنها بيبقي بيعيط من الجوع ماما أنا جعان وهي كل اللي بتقوله بس يا زيدان عندي صداع...

نظر ناحية يكمل ما يقول بحرقة:.


- إنما ماما اللي كل دقيقتين تقريبا بتسأل حبيبي مش جعان...

عاود النظر ناحية خالد احمرت عينيه نزلت دموعه رغما عنه يصيح غاضبا:

- انهي أم اللي بتسيب ابنها مرمي في البرد نايم على الأرض في البلكونة، ماما لحد دلوقتي بتدخل تشوفني احسن اكون رميت الغطا وأنا نايم، وأنا راجل عدي ال30، باعتني زمان مش هشتريها دلوقتي، أنا ليا أم واحدة اسمها لينا جاسم الشريف، الست اللي جنبك دي أنا ما اعرفهاش وما يشرفنيش أني أعرفها.


مد يده يمسح دموعه التي سقطت بعنف يزيحها من على وجهه، التفت ناحية مال يقبل رأسها يحادثها في هدوء وكأن شيئا لم يكن:

- هوصل أنجيلكا الأوتيل واطلع على البيت، هكلمك لما اوصل، سلام يا حبيبتي.


تحرك للخارج ليلحق به حسام سريعا لن يتركه في حالته تلك ابداا، سقطت لوجين أرضا على ركبتيها تنظر في أثر صغيرها وهو يرحل زيدان يكرهها لدرجة مخيفة، تحركت لينا ابنه خالد تتوجه ناحيتها جذبتها تسندها تنظر لها مشفقة تلك السيدة ضحية مثلها، ضحية لعبوا بخيوطها حتى، تظهر هي الجانية، كما حدث معها هي! تبع 


رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وثمانية

في سيارته يديه تشتدان بعنف على المقود، يدهس الدعاسات تحت قدميه بقسوة مخيفة، قسوة لم يعرفها قلبه، لم يولد بها، بل صبغته الحياة بها رغما عنه، لما عادت من جديد، عادت لترميه في بحر موحل من الذكريات السوداء، بحر ظل عمره بالكامل يتخلص من بقاياه العفنة التي تلوث روحه، والآن عادت لتغرقه فيه من جديد بمنتهي البساطة، عادت تريد منه إن يسامحها، كيف يفعل ذلك وهي سبب شقاءه، كان مجرد طفل، طفل صغير لم يرد سوي والدته لم يكن له سواها، وهي ماذا فعلت تزوجت بمريض نفسي مجنون كان يكره والده فعذبه هو، اذاقه الويلات وهي فقط تشاهد في صمت، تريد منه السماح نجوم السماء أقرب لها منه، نظر حسام لصديقه الجالس جواره ملامحه الغاضبة عروق يديه النافرة عينيه الحمراء يشعر بأنفاسه السريعة، زيدان غاضب بل على وشك الإنفجار، بعد أن اوصلوا انجليكا الي الفندق، ها هو يقود سيارته منذ ساعات بلا هدف، فقط يتحرك في الطرقات الخالية يشتد من سرعته كل حين، حاول تهدئته أكثر من مرة دون فائدة، بعد ساعات وقفت السيارة في حديقة منزل زيدان البعيد، بعد أن انتصف الليل تقريبا، أوقف زيدان السيارة لم تترك يديه المقود، ظل أصابعه تقبض على مقود السيارة يطحنه بين يديه عينيه تسبح قي فراغ الليل المظلم، ذكرياته تتصارع في رأسه تأكله بلا هوادة تمزق قلبه الممزق من الأساس، طال صمته، قبل أن يحرك رأسه ناحية حسام يطالعه بنظرات فارغة فتح فمه لتخرج نبرة صوته الخاوية من الحياة:.

- أنا عمري ما هسامحها، ابدا يا حسام، أبوك فاكر أني لما اشوفها هجري في حضنها، أنا بكرهها، ما بكرهش حد في حياتي قدها، دي شيطانة صدقني، ما تتخدعش بدموعها، هي راجعة عشان تحسسني بالذنب، عشان تخلي الناس تتعاطف معاها، عشان اطلع أنا الوحش في النهاية.


نظر حسام لصديقه صامتا لا يجد حقا ما يقوله، زيدان عاني كثيرا بسبب والدته، هو أكثر من يعرف معاناة صديقه، يحفظه عن ظهر قلب، أراد أن يخفف عنه بأي شكل كان فرسم ابتسامة مرحة مصطنعة على شفتيه يتمتم في مرح باهت:

- معقولة تطلع إنت الشرير في رواية أحدهم

هي فقط ابتسامة شاحبة التي ارتسمت على ثغر زيدان يحرك رأسه يأسا رفع حسام يضعها على كتف زيدان يشدد كفه على كتف صديقه يحادثه مترفقا:.


- زيدان أنت مش مجبر أنك تسامحها احنا مش ملايكة يا زيدان، بحكم شغلي أنا عارف إن في أمهات مجردين من الرحمة، بشوف منهم حالات كتير، بابا في الأغلب كان فاكر أنه هيفرحك ويتلم الشمل، وتنسي جزء كبير من وجعك، ما تحطش اللوم على نفسك، ولا عليه، دا مقدر انها ترجع دلوقتي، زي ما هو مقدر بردوا إن كنت هتسامحها او لاء ما حدش فينا عارف ايه اللي هيحصل بكرة...


صمت للحظات ينظر لعيني صديقه التي هدأت عاصفتها قليلا بعد ما قال، ليرسم حسام ابتسامة مرحة على شفتيه يتمتم كطفل صغير:

- يلا يا عم أنا هموت وأنام واعمل حسابك أنا مش جايب معايا هدومك، من غير ما تقول يا جدع عارف إن دولابك دولابي

قالها ليخرج من السيارة فتح الباب المجاور لزيدان يخرجه إياه قصرا يحادثه مبتسما في غرور:

- هعملك عجة بس مش عايز اقولك ما تتاكلش قسما بالله، حاجة كدة تقرف...


ضحك زيدان رغما عنه يسير خلف صديقه لداخل المنزل، ينظر لحسام ممتنا، لولا وجود ذلك الرجل في حياته منذ سنوات طويلة لكان تدمر من كثرة ما يلاقي من لطمات.


في غرفتها تتسطح على فراشها ترتسم ابتسامة صغيرة على شفتيها بعد محادثة طويلة مع سهيلة أخبرتها بما يفعله جاسر، شقيقها الرومانسي، محظوظة سهيلة بجاسر، كما كانت محظوظة هي قديما بوجود زيدان، اعتدلت في جلستها تنظر لساعة الحائط تخطت الواحدة بعد منتصف الليل، رغبة ملحة بداخلها تدفعها للذهاب لغرفة لوجين لما لا تعرف ولكنها حقا تريد أن تفعل، والدها أمر الخدم بتجهيز غرفة كبيرة لها، بعد رحيل زيدان اليوم انهارت لوجين في البكاء، ليحملها والدها يضعها في غرفتها، الغريب في الأمر هو موقف والدتها، هي خير من يعرف والدتها العطوف، تحب الجميع، اكثر ما قد يؤلمها هي أن تري شخصا يبكي، لكنها كانت تنظر لوالدة زيدان وهي تبكي بأعين فارغة تماما من الحياة، وكأنها تشمت بها، حسنا لينا لم تكن لتقاوم فضولها ابداا، تحركت من غرفتها خطت في الممر الفارغ إلي غرفة الضيوف التي تقطن بها لوجين، رفعت يدهت تدق الباب بخفة، دقة اثنتين ثلاثة، انتظرت بضع لحظات، ظنت مع الصمت أنها قد نامت إلا أنها استمعت إلي صوت ضعيف تلوه بحة البكاء الخاصة يأذن للطارق بالدخول، تنهدت بقوة امسكت مقبض الباب تديره دخلت للغرفة، اول ما وقع عينيه عليها، لوجين تجلس على الفراش، تحتضن برواز لصورة لم تحتاج للكثير من الذكاء لتعلم أنها بالطبع صورة زيدان، رسمت ابتسامة متوترة على شفتيها حمحمت تهمس مرتبكة:.


- مساء الخير، اانا مش قصدي ازعجك، أنا بس كنت جاية اطمن عليكي

فقط شبح ابتسامة صغيرة ارتسم على وجه لوجين رفعت يدها تمسح سيل دموعها الفائض، لتربت على الفراش جوارها، اقتربت لينا تجلس بالقرب منها تختلس لينا النظرات لها بين حين وآخر لا تجد ما تقوله، فقط تبتسم في توتر واضح، في حين ارتسمت ابتسامة شاحبة على شفتي لوجين، رفعت يدها تربت على كتف لينا تحادثها:.


- تعرفي أن زيدان ما كنش بيبطل كلام عنك وهو صغير، كان بيخليني اكلم خالد واخليه ويبعتلنا الصور، كان دايما يقولي خالو عنده نونو حلوة أوي، أنا هتجوزها لما أكبر وابقي ظابط زي بابا

انحدرت دموع لوجين تصاحب كلامتها لتلتفت لينا برأسها تنظر لها مشفقة على حالها، رأتها وهي تنظر لصورة زيدان اجهشت في البكاء تهذي باكية:.


- أنا اذيته بانانيتي، سلمت مشاعري وقلبي لمعتز عرف يضحك عليا، قبل ما اتجوزه كان خالد دايما يفضل يقولي أنا ما بحبوش يا ماما، عينيه بتخوفني، وأنا اقول طفل صغير، بكرة معتز هيعوضه وهو هيحبه، بس هو كان عنده حق، وأنا اللي كنت غبية، معتز دا شيطان، اذاني واذاه، كل دا عشان ينتقم من زيدان، يا ريتني ما سمحت للشيطان دا يخش حياتي، كان زمان ابني في حضني، ما كنش اتعذب العذاب دا كله بسببي.


نظرت لينا للوجين حزينة لتدمع عينيها، هي الاخري سمحت لشيطان آخر أن يدخل حياتها فدمرها، واكلمت حلقة عذابه، قامت من مكانها تخرج من غرفة لوجين دون أن تنطق حرفا آخر، توجهت في طريقها إلي غرفة زيدان، دون أن تفكر مرتين فتحت الباب، تدخل الي الغرفة تغلق الباب خلفها وقفت تلهث بعنف تنظر للغرفة امامها توجهت إلي فراشه مباشرة ترتمي بجسدها عليه، أغمضت عينيها لتسيل خطوط دموعها، تغرق وجهها، تحركت يدها تقبض على وسادته تجذبها إليها، لتلمح تحت شئ اسود صغير مدت يدها تلتقطه لتجده شريحة تخزين صغيرة للهاتف، تري ما بها وماذا تفعل تحت وسادة زيدان، اعتدلت في جلستها تلتقط هاتفها من جيب سروالها البيتي، وضعت الشريحة فيه انتظرت للحظات قبل أن يظهر ملف الشريحة على هاتفها، فتحته سريعا تنظر لما يحتوي، لتجد الكثير من مقاطع الفيديو، مقاطع قصيرة تستمر لثواني معدودة، اطولهم مقطع يمتد لدقيقة واحدة فتحت أحدهم عشوائيا، لتجد فيديو مصور لها!، وهي في الحديقة تسقي الأزهار، توسعت عينيها في دهشة هل كان يصورها، بدأت تفتح ملفات الفيديو واحد تليه الآخر، وهي تأكل وهي تذاكر على الطاولة بالأسفل، وهي تشاهد التلفاز وهي تضحك مع جاسر، وفيديو لها وهي في الواحة بصحبة الفتيات، حياتها بأكملها هنا، في مقاطع فيديو يحتفظ بها لنفسه دون أن يعلم أحد...


في صباح اليوم التالي في تمام الثامنة صباحا تحرك خالد السويسي بسيارته متوجها إلي منزل زيدان، ليلة أمس وبعد ما حدث، حين صعد لغرفته وجد لينا نائمة تغرق في نوم عميق غير مبرر، نوم عرف سببه فيما بعد، لينا اخذت أحد اقراصها المهدئة لتنام رغما عنها، ربما لتهرب من الحديث معه، وصل بعد ساعة تقريبا إلي منزل زيدان نزل من سيارته توجه ناحية الباب يخرج مفتاحه دسه في قفل الباب لينتفتح، خطي إلي داخل المنزل الفارغ لولا بقايا الطعام الذي تعلو الطاولة لظن انهم لم يأتوا إلي هنا، اخذ طريقه لأعلي، حيث غرفة زيدان، مد يده يفتح مقبض الباب ليرفع حاجبيه ساخرا ينظر للمشهد أمامه في تهكم مستنكرا، زيدان ينام مجاورا لحسام كجثتين يضع حسام يده على وساق فوق أخرى وهو نائم!، بينما ينام زيدان على ظهره يديه جواره، أحدهما عاري الصدر والآخر يرتدي « فانلة » سوداء ذات حمالات، غض خالد على شفتيه حانقا ينظر لهما مشمئزا يتمتم مع نفسه :.


- أنا من زمان وأنا شاكك في العيال دي

توجه إلي زجاجة المياة يغرقهما بهما الاثنين معا ليستقيظا فزعين، يصيح زيدان غاضبا:

- ايه في إيييه

بينما يصيح حسام مذعورا فزعا:

- بغرق ما بعرفش اعوم، ما بعرفش اعوم

لحظات حتى، استوعب كلاهما ما حدث، حرك زيدان رأسه ينفض الماء عن رأسه، بينما حسام لأبيه مغتاظا يتمتم حانقا:

- ايه يا حج الهزار التقيل دا على الصبح، ما تضربنا بالنار أحسن، ولا خلي تريلة محملة رز تعدي علينا.


ضحك خالد ساخرا يشير بيده لهما معا، يحادث زيدان أولا:

- البيه يقوم يغسل وشه ويفوق عشان عايزه في كلمتين

تأفف زيدان حانقا، ليترك الفراش يتجه صوب مرحاض الغرفة، اشار خالد بيده ناحية حسام يحادثه ساخرا:

- والبيه اللي حاطط رجل على رجل وهو نايم ولا كأنه رئيس إدارة المرتبة، انزلنا اعملنا فطار وقهوة يلا

قفز حسام من مكانه اقترب من أبيه بتلك ال«فانلة» السوداء، يتمتم مغتاظا:.


- ايييه يا عمنا هو أنا الفلبينية، ما اخدلكوا الغسيل فومين أحسن

وضع خالد يده على مسدسه لتتوسع عيني حسام فزعا، ابتسم في بلاهة يتمتم سريعا في ذعر:

- خدامك حسام يا باشا، فطار وقهوة بس، من عينيا الجوز يا باشا.


قالها ليفر لخارج الغرفة بينما ضحك خالد يأسا، توجه إلي أحد المقاعد يرتمي بجسده عليه ينتظر زيدان لحظات وخرج من المرحاض يرتدي « تيشرت » أسود، يجفف وجهه بمنشفة صغيرة توجه ناحية خالد يجلس على المقعد المقابل له جوار الشرفة، في صمت مطبق، رفع يده يطرقع بأصباعيه، يجذب انتباه زيدان، ليتمتم في هدوء ما أن نظر الأخير:

- ايه اللي أنت عملته إمبارح دا.


ابتسم زيدان ساخرا، ينظر لعيني خاله ليردف بنبرة ساخرة مريرة:

- عملت ايه، أنا اللي مش فاهم ايه اللي أنت عملته دا، اومال لو ما كنتش عارف الحكاية كلها، احنا مش في يوتوبيا هنا يا خالي، أنا مش هسامح لاني المفروض اسامح ولا لأنها المفروض، وللاسف تبقي أمي...

زفر خالد بقوة يقاطع زيدان فجاءة قبل ان يقول المزيد:.


- امك ما كنتش واعية للي بتعمله، الشيطان اللي اسمه معتز خلاها مدمنة مخدرات من اول يوم سافرتوا فيه، تعرف أنه رماها في السجن، وأنها بقالها سنين مسجونة..

في تلك اللحظة رن هاتف زيدان نظر لخالد لترتسم على شفتيه ابتسامة باردة رفع كتفيه يتمتم بلامبلاة:

- ما تفرقش معايا هي بالنسبة لي ميتة من زمان، عن إذنك هرد على الموبايل.


قام زيدان من مكانه في هدوء يتجه صوب هاتفه الموضوع على الطاولة تتابعه أعين خالد حزينا عليه مشفقا على حاله هو ولوجين معا، وضع زيدان الهاتف على أذنه يتحدث مع الجانب الآخر والتي استشف خالد انها انجليكا من حديثه معها:

- ايوة يا انجليكا، هتسافري الغردقة، ماشي، خلي بالك من نفسك، سلام

أغلق معها الخط يبتسم شاردا ليجفل على صوت خالد يسأله مباشرة:

- حبيتها.


تحولت ابتسامته لاخري ساخرة يحرك رأسه بالنفي، التفت برأسه ناحية خالد يردف متالما:

- يا ريتني عارف أحبها، كنت ارتحت من العذاب

عاد يجلس على المقعد المقابل لخالد ليردف الأخير يسأله مباشرة:

- علاقتك بيها غريبة، تقريبا ملازماك زي ضلك، مش شاكك لتكون مزقوقة عليك من حد

حرك زيدان رأسه نفيا في هدوء تنهد بقوة يتمتم في هدوء واثق:.


- لاء مش شاكك أنا عارف كل حاجة عنها، جبت تاريخ حياتها، انجليكا بس عنده تعلق مرضي، لما بتحب حد او حاجة بتتعلق بيها بشكل كبير ودي معلومات وصلت ليها من اهلها نفسهم، دا خلي حبيبها الاولاني اللي اسمه ماكس يسيبها، هي متعلقة بيا بس كمسكن لوجع قلبها بعد ما سابها ماكس، وانا ما اقدرش بصراحة ابعدها، أنا عارف الحالة اللي هي فيها كويس، عيشتها قبل كدة.


حرك خالد رأسه إيجابا لتشرد عينيه بعيدا، يرغب في تلك اللحظة بأن يجذب زيدان من يده ولينا ابنته في اليد الاخري إلي اقرب مكتب مأذون يعقد قرانهما ويلقيهما معا في بيت بعيد، ليتعاتبان كما يريدان، وينتهي هو من عنادهما، فكرة جيدة راقت له كثيرا ربما يطبقها قريبا، اجفل من شروده على صوت حسام بالقرب منه يتحدث ساخرا وكأنه فتاة لعوب:

- الفطار والقهوة يا سيد الناس

ضحك خالد عاليا يحرك رأسه يأسا يردف ساخرا:.


- يا رتني كنت خلفت دكر بط

اقترب حسام منه يضع صينية الطعام الصغيرة على الطاولة نظر لوالده يتمتم سريعا بعد أن تذكر:

- صحيح يا حج مش احنا واحنا في البلد قابلنا دكتور اسمه مروان ساهر، اللي لينا باسته وهي صغيرة!


شخصت عيني زيدان في صدمة احمرت حدقتيه ينظر ناحية حسام تكاد تخرج النيران من عينيه ذلك الطبيب الذي دله بنفسه على غرفة لينا، قبلته معشوقته الحمقاء قبلا متي حدث ذلك، لاحظ حسام نظرات زيدان اللاهبة ليحمحم حسام يردف سريعا:

- وهي طفلة صغيرة بريئة عندها سنة واحدة...

ابتسم خالد في خبث ينظر لرد فعل زيدان يبدة أنه يحتاج لمحادثة مروان قريبا جداا، كم أشتاق لتلك الخطط القديمة، وحان وقت اللعب من جديد!


مر يومين لم يحدث حسام مقيم في منزل زيدان، لوجين لا تخرج من غرفتها سوي أقل القليل، العلاقة بينها وبين لينا زوجة خالد شبه معدومة، بينما تتوطد العلاقة بينها وبين لينا ابنته يوما يليه آخر، في تلك الساعات المبكرة من صباح اليوم، شقت سيارة عثمان طريقها مسرعة عائدة للقاهرة من جديد، يقود السيارة مستمتعا ترتسم ابتسامة واسعة على شفتيه بينما تجلس سارين جواره حانقة تسأله بنزق بين حين وآخر:.


- ممكن تفهمني احنا رايحين فين وليه قررت نرجع فجاءة كدة...

ويكون رده العابث غمزة ماكرة من طرف عينيه وابتسامة كبيرة وكلمة واحدة بقولها:

- مفاجأة.


ظلت هكذا طول طريق العودة للقاهرة، عقلها يذهب بها إلي أسوء الاحتمالات وقلبها يحاول طمئنتها، عثمان يحبها ولن يؤذيها، بعد ساعتين قضتهم تتلذي بنيران القلق والفضول، وصلت سيارة عثمان عند باب النادي الخلفي، قطبت جبينها في عجب، لما لم يتجه عثمان للباب الرئيسي، اوقف السيارة ليلتفت لها يسألها مبتسما:

- واثقة فيا

نظرت له في صمت قلق للحظات قبل أن تحرك رأسها بالإيجاب، ابتسم هو لينزل من السيارة.


لف حولها يفتح لها الباب امسك يدها يجذبها للخارج، نزلت تمشي بصحبته، لتجده يدخل من باب صغير يمشي بها فئ ممر شبه مظلم إلي أن وصا لغرفة جانبية دق باب الغرفة، توسعت عينيها في دهشة حين فتحت والدته الباب، ليدفعها ناحية والدته يغمز لها بطرف عينيه، فتحت فمها تريد أن تقول شيئا ولكنه قد اختفي في ظلام النفق ابتسمت لبني لها تجذبها لداخل الغرفة لتتوسع عينيها في ذهول حين رأت!


اوقف عثمان سيارته أمام مدخل النادي الرئيسي، نزل منه ليجد والده في انتظاره اقترب منه يسأله في حماس:

- كل حاجة جاهزة

تنهد على قلقا من افكاره ولده المجنونة حرك رأسه بالإيجاب يتمتم في قلق:

- آه ربنا يستر من دماغك.


ضحك عثمان مستمتعا يتحرك بصحبة أبيه الي أكبر قاعات النادي، المزينة بشكل فاخر عمل والده جيدا على جعل المكان أكثر من رائع، بينما عيني عثمان كانت تبحث عن مكبرات الصوت، الأمر حقا يستحق ما سيفعل، ترك والده يتوجه احدي الغرف التي يعرف طريقها جيدا دق الباب ودخل ليجد ليلا تلتف حول نفسها بفستان أبيض عاري من الأعلي يصل لبعد ركبتيها ببضع سنتيمترات، هرولت ناحيته ما أن رأته ترتمي بين احضانه تعانقه بقوة تصيح فرحة:.


- عثمان أنا فرحانة أوي بجد، ايه رأيك في الفستان حلو

ابعدها عنه قليلا يمسك يدها جعلها تلتف حول نفسها برقة ليطلق صفيرا طويلا يعبر به عن إعجابه بما يري:

- هايلة يا قلبي، هروح البس على ما تخلصي.


ودعها ليتوجه إلي غرفة ملابسه القديمة بدل ثيابه الي حلة سوداء قميص أبيض رابطة عنق سوداء، نظر لانعكاس صورته في المرآة، يبتسم ساخرا حانت ساعة الانتقام، توجه للخارج بخطوات رشيقة وصل لقاعة الحفل التي بدأت تعج بالضيوف، بحث بعينيه عن والده إلي أن رآها، نظر له ليحرك «على» رأسه إيجابا يخرج من القاعة بالكامل، وقف هو يتلقي التهاني من الجميع لا أحد يعلم لما هو هنا من الأساس، المنتشر أنه حفل زفاف الصياد، دقائق فقط قائق وصدحت أصوات الابواق العالية، وقف هو عند نهاية البساط الاحمر الطويل ينظر لباب القاعة وهو يُفتح ويظهر والده ممسكا بسارين، سارين التي إلي إلا الآن لا تفهم ما يحدث، حين دخلت إلي الغرفة رأت فستان زفاف كبير، في انتظارها، ارتدته وسط دهشتها لتبدأ العاملات في الغرفة بوضع مستحضرات التجميل لها، بمساعدة لبني والدته، والآن يأتي والده يصطحبها من يدها وقف بها عند باب القاعة من الخارج انفتحت الأبواب بشكل درامي، ليترك على يدها يبتسم لها، في اللحظة التالية خرجت شهقة مذهولة حين رأت ابيها يأتي ناحيتها عقد يده في يدها يتمتم مبتسما:.


- يلا عشان اسلمك لعريسك

متي جاء والدها كيف فعل كل ذلك وكيف فعله من الأساس، تحركت بصحبة والدها تتوجهان ناحية عثمان الذي يقف هناك عند النهاية ينتظرهم، وصل عمر إليه بصحبة سارين ليترك يدها يسلمها له، نظر عثمان لعمر يحادثه مبتسما:

- صدقتني لما قولتلك اني هعملها فرح تاني

ابتسم عمر وادمعت عينيه اقتربت من ابنته يقبل رأسها يهمس لها بحنو:.


- ربنا يسعدك يا بنتي، ماما تعبانة اوي من الحمل ما قدرتش تيجي بس سارة بتصورلها كل اللي بيحصل لايف

اشار بيده إلي سارة التي تقف هناك تمسك هاتفها تصور ما يحدث بالكامل ابتسمت في سعادة تلوح لها، تبعث لها قبلة في الهواء ادمعت عيني سارين لا تصدق ما يحدث تنتظر أن تصحو من الحلم بعد لحظة وأخرى، أخذ عثمان بيدها إلي « الكوشة » ما كاد يجلسها عليها سمعوا جميعا صوت انثوي يصيح غاضبا:

- هو ايه اللي بيحصل.


صمتت الأصوات توجهت أنظار الجميع ناحية ليلا التي تقف عند باب القاعة ترتدي فستان زفافها لتفاجئ أن عروس أخرى تجلس جوار عثمان...

- هو في اييييه، خرج ذلك الصوت من عمار الذي جاء توا هو الآخر بعد أن وصلت له رسالة من ليلا! حسب ظنه، بأنها ستريه نهاية الصياد اليوم في قاعة الزفاف الكبيرة

نظر عثمان لهما معا يبتسم مستمتعا طرقع بأصابعه لتُغلق أبواب القاعة بقوة تحرك هو يقف في منتصف القاعة يتحدث في زهو:.


- حاسس أني محمد على اوي في اللحظة دي.

ضحك بقوة ليعاود النظر لجميع الموجودين في القاعة وخاصة ليلا وعمار، صمت للحظات قبل أن يصدح صوته يقول مبتهجا:.


- طبعا اغلبكوا إن ما كنش كلكوا مش فاهمين احنا هنا ليه النهاردة، احنا هنا النهاردة عشان نحتفل كلنا سوا، بعيد ميلاد مراتي وحبيبتي واغلي ما املك في دنيتي، سارين، ولأن ظروف جوازنا اضطرتني اني ما اعملش فرح وقتها فأنا قررت اعملها مفاجاءة واعمل فرح تاني مع عيد ميلادها، عشان اقولها كل سنة وانتي طيبة، كل سنة وإنتي حبيبتي ومراتي ومعجزتي...

بدأ الجميع في التصفيق وصفرات الشباب تأتي من هنا وهناك.


ليشير بيده للجمع أن يهدوا قليلا قبل أن يصدح صوته من جديد يردف في دهشة ساخرة:

- طبعا الناس هتسأل ازاي في عروستين، مين اللي واقفة عند الباب دي...

أشار بيده الي سارين يردف مبتسما:

- دي مراتي وحبيبتي ومعجزتي زي ما قولت

التفت برأسه ناحية ليلا لتختفس ابتسامته يحل محلها قسوة مخيفة اشار إليها بأصبعه يردف محتدا:.


- ودي حية خبيثة شيطانة، فاكرة اني غبي، هتعرف تضحك عليا، ليلا هانم الزهاوي، عشيقة عمار بيه، اللي اتفقت معاه أنها تضحك على الصياد وتوقعه في يوم السبق، اهو يموت يتكسر يتشل، مش مهم، كدة او كدة او كدة هيتزاح من الساحة ويبقي عمار بيه هو بطل السباق، كان نفسي اوريكوا المقطع الجاي صوت وصورة بس للأسف دي مشاهد +18 ما ينتفعش تتعرض فاسمعوها صوت بس.


اخرج جهاز تحكم صغير من جيب سرواله يضعط على أحد الازرار فيه لتصدح من مكبرات الصوت، صوت ليلا وعمار يتحدثان

- يا لولو الموضوع بسيط، انتي هتوقعي عثمان واعتقد أن دي حاجة مش صعبة عليكي، بس اوعي يضحك على عقلك، عثمان لو ما عرفش يطولك هيجي يخطبك وساعتها بقي هتقدري تحطيله الحبوب في أي عصير يشربه، ويوم السبق تزودي الجرعة هوب هيقع يموت بقي يتكسر، اهو هنبقي هنبقي زحناه من على الساحة ولا من شاف ولا من دري.


- خرجت ضحكة دلال عالية من بين شفتي ليلا لتردف مكملة في خبث:

- بس كدة دي بسيطة خالص، انا كدة كدة ليا عند الصياد طار قديم واحدة صاحبتي كانت بتحبه وهو رفضها، ما استحملتش جالها اكتئاب وانتحرت، فاكر نفسه جان، أنا بقي هوريه

- هنوريه كلنا بس تعالي هقولك موضوع مهم دلوقتي، لتتعالي ضحكات ليلا الماجنة من جديد

اوقف عثمان مكبر الصوت، ينظر للجمع أمامه يتمتم ساخرا:.


- طبعا احنا كلنا عارفين إيه هو الموضوع بس عمرنا ما نروح نقول

من بين الحضور كان اول المدعوين جميع رؤساء النوادي المسؤولة عن مسابقات الخيل الدولية والمحلية والعالمية، بدأت نظرات الاشمئزاز تندفع من الجميع ناحية عمار وليلا...

وقف عثمان يدس يديه في جيبي سرواله ينظر لهم ساخرا للحظات قبل أن يصدح بصوته ينادي افراد الامن اشار ناحية ليلا وعمار يتمتم مشمئزا:.


- طلعوا الزبالة دول برة وسخوا المكان بما فيه الكفاية! 


الفصل المائة وتسعه والمائه عشره من هنا 

لقراءة جميع حلقات الرواية الجزء الرابع من هنا

تعليقات