رواية أسير عينيها الفصل التاسع والسابعون 79 الجزء الرابع بقلم دينا جمال

رواية أسير عينيها

الفصل التاسع والسابعون 79 الجزء الرابع

بقلم دينا جمال

الحق سهيلة، أنا شوفتها دلوقتي ماسكة ايد غريب كان بيبوسها في الجنينة وبعدين هربت معاه شوفتها بتجري هي وهو بيهربوا من البيت

احمرت مقلتيها سعير من نار الجحيم استوطن في حدقتيه نفرت عروقه توسعت عينيه ليهب من فوق فراشه كبركان انفجر فجاءة، توجه ناحية دولاب ملابسه يلتقط سلاحه، خرج نن الغرفة يهرول يزمجر بصوت حاد عالي كالرعد:

- سهيلة، موتك علي ايدي.


خرج غيث وصبا كل من غرفته علي صوت صراخه يتبعهم رشيد وشروق الجميع يصيح فيه متعجبين:

- في ايه يا جاسر، حصل إيه يا ابني، بتصرخ ليه يا ابني

اندفع بخطواته ناحية غرفة سهيلة يريد دخولها ليشعر بحرارة لاهبة تحرق جسده ما أن اقترب من غرفتها، لم يقدر علي الأقدام ولو حركة واحدة للامام، وقف مكانه وجه عينيه الي صبا يصيح فيها:

- صبا خشي شوفي سهيلة في اوضتها ولا لاء.


نظرت صبا لأخيها خائفة من عينيه الحمراء صراخه المخيف ابتلعت لعابها تحرك رأسها إيجابا هرولت سريعا ناحية غرفة سهيلة دخلتها، تهرول لتتوسع عينيها في فزع حين رأت الغرفة فارغة تماما، دولاب الملابس مفتوح علي مصراعيه خالي من اي ملابس، وورقة كبيرة ملقاه فوق سطح الفراش التقطتها تقرأ ما خط عليها لتتوسع عينيها فزعا لطمت خدها الأيسر بيسراها، لتغلق الورقة سريعا حين سمعت أخيها يصيح باسمها، هرولت إلي خارج الغرفة تقبض علي الورقة في يدها وقفت بالقرب من اخيها تمد يدها له بالورقة تغمغم متوترة:.


- الحق يا جاسر، سهيلة هربت وسابتلك الورقة دي

انتزع منها الورقة بعنف لم يهتم فيما بداخلها فقط دسها في جيب سرواله، لينزل الي أسفل سريعا خرج الي الحديقة يصيح باسماء غفراء والده:

- يا أمام، يا عوض، يا حسين

هرول إليه الغفراء وقفوا أمامهم ليصرخ فيهم:

- سهيلة هربت تقلبوا البلد وتلاقوها، لو رجعتوا من غيرها هضربكوا انتوا بالنار، فاااااهمين.


نظر الثلاث رجال الي بعضهم في توتر، ليتحركوا من أمامه سريعا، بينما عاد هو الي الداخل يتحرك في صالة بيته كليث حبيس غاضب، يتمتم بصوت حاد قاسي:

- هقتلها، هموتها، هدفنها بالحي، بس احط ايدي عليكي يا سهيلة.


الجميع ينظر له في صدمة عقدت ألسنتهم عن الحديث، عدا رشيد الذي تحرك بهدوء ينزل لأسفل وقف بالقرب من جهاز راديو قديم ورثه عن والده، فتح تردد إذاعة القرآن الكريم، يقطع شكه باليقين، حين رأي عيني جاسر اشتعلت غضبا، اقترب من جهاز الراديو يركض نزع المقبس من الكهربا يصرخ غاضبا:

- مش عايز اسمع حاجة أنا في ايه ولا ايه، الراديو دا ما يشتغلش

ابتسم رشيد في هدوء يحرك رأسه إيجابا ينتظر ما سيحدث.


علي ذلك الحال يجلس منذ ساعات عينيه معلقتين بغرفة والدته يرفض الطعام حتي الماء لم يشربه، زيدان يجلس جواره يحاول التخفيف عنه ولكن بلا فائدة، حسام حاله كما هو، بل يزداد سوء، وخالد يجلس يراقب طفله الذي علي حافة الانهيار قلبه يتفتت عليه شظايا تقتل روحه المنهكة التعبة، لم يكن حال انجليكا افضل، بدأت تشعر بالدوار والنعاس معا، مالت تضع رأسها علي كتف زيدان تتمتم بخمول ناعس:.


- زيدان أنا تآبنة زيدان، آيزة أنام

التفت زيدان برأسه ينظر لتلك التي احتلت كتفه تنظر له، نظرات بريئة ناعسة، تنهد حانقا ما كان عليها أن تأتي معه ولكن ماذا يفعل بعندها طفلة صغيرة ذات رأس صلب، تنهد من جديد يحرك رأسه إيجابا، لا يعرف حتي ما يفعل، انقذه قدوم أحدي الممرضات وقفت تنظر لهم مدهوشة تتمتم في عجب:.


- حضرتكوا قاعدين ليه، مالوش لزوم وجدكوا هنا خالص، المريضة في العناية المركزة وممنوع حد يدخلها، اتفضلوا روحوا أفضل

حرك زيدان رأسه إيجابا يؤيد الفكرة بشدة التفت لصديقه يقبض علي كفه يحادثه برفق:

- قوم يا حسام نروح، الممرضة عندها حق مالهاش لزوم قعدتنا كدة

حرك حسام رأسه نفيا يتنفس بعنف يوجه انظاره الي غرفة والدته يتمتم رافضا:

- أنا مش همشي من هنا، مش هسيب أمي، مش هتحرك من مكاني.


تنهد زيدان يآسا ينظر لخاله يخبره بنظراته أن يجد حلا، حرك خالد رأسه إيجابا تحرك من مكانه وقف أمام حسام ربت علي كتفه برفق يحادثه:

- قوم يا ابني نروح قعدتك هنا مالهاش لازمة...


رفع حسام وجهه ينظر لخالد في حدة ليزيح يده بعنف من فوق كتفه عاد ينظر لغرفة والدته دون أن ينطق بحرف، ليتنهد خالد حانقا من عناد ذلك الطفل الكبير، مد يده يمسك كف يد حسام يجذب بعنف وقف الأخير رغما ينظر لأبيه غاضبا، جذب كفه من كف أبيه يصيح فيه:

- قولتلك مش هتحرك من هنا، أنت ايييه ما بتفهمش، عايز تمشي امشي، أنت ايه اللي جايبك اصلا، يلا امشي.


توسعت عيني حسام في ألم وشهقة فزعة خرجت من انجيلكا حين هوي كف خالد بعنف علي وجه حسام، اندفع زيدان يجذب خاله بعيدا عن حسام يهتف متلهفا:

- ليه كدة بس يا خالي...

ابعد خالد يد زيدان بعيدا عنه بعنف ليقترب من حسام قبض علي تلابيب ملابسه يقربه منه يصيح فيه:.


- اسمع يلا، أنا سايبك تغلط من الصبح وبقول معذور ومقدر، لكن اللي بقوله ينتفذ ورجلك فوق رقبتك، هتقعد تهبب ايه أنت مش دكتور نسا زي ما فقلتنا، أنا دكتور نسا أنا دكتور نسا، قعدتك مالهاش اي ستين لازمة، قاعد بتدعي، ممكن تدعي وأنت في البيت عادي، يلا قدامي

احمرت عيني حسام، ترقرقت الدموع فيها ينظر لخالد كارها نافرا، أسرع زيدان يجذب يده يجذبه للخارج:

- تعالا بس يا حسام صدقني قعدتك مالهاش لزوم...


تحرك حسام بصحبة زيدان يجر قدميه عينيه ملعقتين بغرفة والدته المغلقة، وخلفه خالد قامت انجليكا تهرول خلفهم، تحاول أن تكن بعيدة عن خالد قدر الامكان، في السيارة جلس زيدان في مقعد السائق، لتجلس انجليكا جواره، وخالد وحسام بالخلف، اشاح حسام بوجهه يرفض النظر ناحية ابيه حتي، ليتنهد خالد حزينا علي حاله، اجفل علي جملة زيدان:

- هنروح فين

ابتسم خالد ساخرا يتمتم متهكما:

- هنروح فين الملاهي مثلا، اطلع علي الفيلا.


التفت حسام ينظر لخالد حانقا عينيه حمراء كالجمر، فتح فمه يريد أن يعترض ليخرس خالد ما سيقول حين صاح ينهي اي اعتراض:

- مش عايز اسمع كلمة لاء، واطلع يلا

انتفض جسد انجليكا تقبض علي ذراع زيدان ليبتسم لها مطمئنا أدار محرك السيارة ينطلق الي وجهته، يفكر قلبه تتسارع دقاته لن يحتمل رؤيته وهو في أشد شوقه ليلمح فقط طيفها لن يراها، لن يدخل الي منزل خاله، سيوصله ويأخذ انجليكا ويذهبا الي اي فندق...


حسام كان عقله مرتكز في فكرة واحدة سوداء مخيفة ماذا أن فقد والدته، رحلت، تركته، يرغب في أن يبكي بعنف كأنه طفل صغير خائف، خالد يجلس جواره عقله سابح يفكر، في إبنه الجالس جواره من ناحية وفي زوجته معشوقة روحه من ناحية أخري، كم يرغب في أن يركض إليها، يختبئ بين أحضانها يطلب منها السماح، التفت برأسه بخفة ناحية حسام ليراه ينظر ناحية النافذة، تتساقط دموعه رغما عنه فيرفع يده سريعا يمسحها قبل أن يلاحظها أحد، اقترب بجسده من ولده جلس مجاورا له تماما، مد يده يربت علي رأسه برفق يهمس له بحنو:.


- امك هتبقي كويسة صدقيني، أنا مجهز لها كل حاجة، لما عرفت ما قولتش اسيبها تموت زي ما أنت فاكر، بالعكس، اتفقت مع مستشفي في لندن وكنت في انتظار يلاقوا قلب مناسب لحالتها، هتبقي كويسة..

التف حسام برأسه ناحية والده ينظر له كطفل صغير ضائع حرك خالد رأسه إيجابا يبتسم له لينفجر حسام في البكاء القي برأسه بين ذراعي والده يردف من بين شهقاته العنيفة:

- مش هستحمل يجري لها حاجة، أنا آسف، آسف علي كل اللي قولته، آسف.


ابتسم خالد في حنو يشدد علي عناق ذلك الباكي بين ذراعيه، يحرك يده علي خصلات شعره برفق، لتتوسع عيني انجليكا في ذهول، تنظر لخالد مدهوشة كيف تتحول شخصيته من شخص لنقيضه في لحظات، طبقة شفافة من الدموع غشت عيني زيدان، تصاحبها ابتسامة ساخرة تغزو شفتيه هو لن يزرف دمعة واحدة أن رأي والدته جثة أمام عينيه، كم يكرهها في عمره كله لم يكره أحد بقدرها، حرك رأسه نفيا يبعبد صورتها التي اقتحمت رأسه فجاءة، بلع لعابه الجاف، يدهس بعنف المكابح تحت قدميه لتسرع السيارة، بعد قليل وقفت السيارة في حديقة منزل خالد، نزل منها أولا يجذب يد حسام، نزل زيدان يقف جوار باب السيارة المفتوح حمحم يجذب انتباه خاله، التفت خالد له ليردف زيدان:.


- أنا هاخد انجليكا احجزلها اوضة في اي اوتيل واروح البيت عندي او اشوفلي اوضة أسهل

حرك خالد رأسه نفيا يردف برفض قاطع:

- أنت هتجيب الحلوة اللي معاك وتحصلني وما تقلقش ما حدش جوا اصلا، لينا خدت البنت وراحت عند جاسم.


توسعت عيني زيدان في ذهول، زوجة خاله تركت المنزل، تنهد تعبا ألن تتوقف مشاكل تلك العائلة ابدا، اشار لانجليكا أن تنزل من السيارة، بينما تحرك هو للداخل، لتهرول الأخيرة خلفه امسكت بكف يده تدخل بصحبته الي منزل خالد، جلس حسام جوار ابيه علي الأريكة وانجليكا وزيدان مقابلين لهم، صدح صوت خالد يهتف باسم احدي الخادمات:

- فتحية حضري العشا

ابتسمت انجليكا تقول بحماس طفلة صغيرة:

Yes, please I m very hungry.


صفع زيدان جبينه براحة يده أحضر طفلة صغيرة وياليته احضرها بإرادته، بينما ارتسمت ابتسامة طفيفة علي شفتي خالد اشار للطابق العلوي يحادث انجليكا:

- طالما بتفهمي عربي اطلعي الدور التاني، آخر أوضة ناحية الشمال، هتلاقي فيها هدوم...

ابتسمت انجليكا في سعادة تحرك رأسها إيجابا، تحركت من جوار زيدان تصعد لأعلي ليوجه خالد انظاره لحسام رفع حاجبه الأيسر يسأله ساخرا:.


- مين دي يا زيدان بيه، دا أنت مسافر ما بقالكش يومين اومال لو كنت كملت اسبوع كنت رجعتلنا بجوني

ضحك حسام رغما عنه بينما ارتسمت ابتسامة ساخرة علي شفتي زيدان، يقص لخالد تفاصيل لقائه بانجليكا، كتف خالد كتفيه أمام صدره يتمتم ساخرا:

- وهي اي واحدة ننقذها من الغرق، تشبك في اللي ساعدها كدة، كان زمان سباحين مصر كلهم متجوزين أجانب.


تنهد زيدان يآسا يعرف أن خالد لن يصدق وهو حقا لم يعد يهتم، رفع وجهه لخالد يبتسم في اصفرار مردفا:

- بص يا خالي عايز تصدقني أنت حر مش عايز أنت بردوا حر، اقولك اعتبرها خطيبتي

شهقت الخادمة مصدومة حين دخلت الي الغرفة وسمعت زيدات يتمتم بجملته الاخيرة، وضعت صينية الطعام من يدها تعتذر لهم عما فعلت لتهرول سريعا الي خارج الغرفة، دخلت الي المطبخ تطلب رقم لينا إبنه خالد، لحظات وسمعتها تجيب:.


- ايوة يا فتحية في ايه بابا كويس

بادرت فتحية تتمتم سريعا بصوت خفيض مرتبك:

- ايوة يا هانم كويس، بس زيدان باشا هنا

لحظات صمت من ناحية لينا، لحظات طويلة لا تعرف ما حدث لها، لتردف قائلة بقلق:

- يا هانم انتي سمعاني

حمحمت لينا تحاول إيجاد صوتها خرجت نبرتها مرتعشة تحاول إمساك زمامها دون فائدة:

- ايوة سمعاكي، وبعدين أنا مالي هنا ولا مش هنا...

قاطعتها فتحية سريعا قبل أن تكمل لتغمغم متلهفة:.


- مش دي المشكلة، معاه بنت شكلها كدة خواجية، بس ما شاء الله جميلة اوي، وأنا داخلة الأوضة بحطلهم العشا سمعته بيقول لخالد باشا اعتبرها خطيبتي، الو لينا هانم، يا هانم انتي سمعاني

صمت مؤلم من الناحية الاخري، سمعت منه صوت لينا من نبرتها المرتعشة تأكدت انها كانت تبكي، خرج صوتها متحشرجا خفيضا:

- تعرفي تصوريهالي يا فتحية

حركت فتحية رأسها إيجابا سريعا تغمغم بخفوت:.


- حاضر يا هانم هصورهالك وهبعتلك الصورة علي الواتس، سلام قبل ما الباشا يسمعني

اغلقت فتحية مع لينا، خرجت من المطبخ لتلمح انجليكا تنزل من أعلي ترتدي احدي منامات لينا، لتشتعل عيني فتحية غضبا تتمتم مع نفسها:

- البجحة كمان لابسة هدوم الهانم

وقفت في ركن بعيد حتي لا يراها أحد أخرجت هاتفها سريعا تلتقط مقطع فيديو قصير لتلك الأجنبية الملونة الجميلة، ترسله لرقم لينا، لتعاود إلي المطبخ وكأن شيئا لم يكن.


في اسيوط، بعد ساعات من البحث عاد الحراس الثلاثة خالي الوفاض بحثوا في جميع الاماكن ولم يجدوا اي أثر لسهيلة زوجة جاسر، دخل ثلاثتهم الي المنزل ليتقدم أمام من جاسر بلع لعابه مرتبكا يغمغم متوترا:

- جاسر بيه والله احنا قلبنا البلد شرقها وغربها مالهاش أثر فص ملح وداب يا باشا

نهض جاسر من مكانه يقبض علي عنق الرجل يصيح فيه:

- ما أنا لو مشغل كلاب كانوا شمشموا ولقوها

لفظ جاسر الرجل من يده يصيح فيهم بجنون:.


- امشوا اطلعوا برة مش عايز اشوف خلقة حد فيكوا برة

خرج ثلاثتهم من المنزل، جاسر يقف يكاد يحترق، شروق تنظر له بفزع ذلك ليس طفلها ليس جاسر أبدا، وكأن شيطانا تلبسه وما يثير عجبها هدوء رشيد الغير مفهوم بالمرة، تحرك رشيد من مكانه وقف أمام ولده عقد ذراعيه يقول محتدا:

- هنعمل إيه يا جاسر، مراتك هربت وهتشيلنا كلنا العار، هنتفضح بسببها.


شهقت شروق مفزوعة مما تسمعه يخرج من بين شفتي زوجها هبت واقفة تصدم صدرها براحة يدها تصيح مذهولة:

- أنت بتقول ايه يا رشيد حرام عليك البت غلبانة واللي ابنك عمله فيها هو السبب، اتقي الله أنت عندك بنت...

ارتسمت ابتسامة ساخرة علي شفتي رشيد ليعاود الحديث مع جاسر:.


- سيبك من التخاريف اللي أمك بتقولها دي، أنا من رأيي اننا نروح لبيت عيلة المنشاوي ونقولهم علي اللي بنتهم عملته وتطلقها قدامهم هما يشيلوا فضيحتها، قولت إيه

أعجبت تلك الكلمات جاسر كثيرا حرك رأسه إيجابا يؤيد كل حرف قاله والده التفت برأسه لوالده يردف:

- عندك حق يلا بينا مش هنستني للصبح، قبل ما النهار يطلع مش هتبقي علي ذمتي

ال، دي.


حرك رشيد رأسه إيجابا في هدوء مخيف ينظر لجاسر متوعدا، التفت برأسه ناحية غيث يحادثه:

- تعالا معانا يا غيث عشان تبقي شاهد علي اللي حصل

توسعت عيني غيث في دهشة كاد أن يحرك رأسه نفيا يرفض الاشتراك في جريمة تشوية سمعة الفتاة حين غمزه رشيد بطرف عينيه خفية فحرك رأسه إيجابا سريعا يتحرك معهم، تحرك ثلاثتهم للخارج ليصدح صوت شروق الباكي:

- جاسر لو خرجت من هنا وخوضت في عرض البت بالكلام دا، لا أنت ولا اعرفك.


لم يلتفت جاسر حتي لكلام والدته بل أكمل سيره للخارج، لتتهاوي شروق علي الاريكة تبكي تضرب فخذيها بكفيها تنوح باكية:

- اخوكي اتجننت وابوكي مطاوعه وذنب الغلبانة دي في رقبتنا كلنا

في عتمة الليل الشوارع تضيئها مصابيح الإنارة، صوت نباح الكلاب تأتي من بعيد، تحرك رشيد يستند علي ذراع جاسر بينما يسير غيث بالقرب منهم، عقله شارد يفكر فيما حدث قبل ساعات

Flash back.


تمدد علي فراشه في غرفته يعقد ذراعيه خلف رأسه يتنهد في ملل وجوده هنا لهدف محدد، لا يرغب في استباق اي خطوات، صبا فقط طفلة صغيرة يلعب برأسها شيطان محترف، عليه أن يوقع به قبل أن يوقع هو بالصغيرة، ولكن منذ فترة ومراد لم يحادث صبا لم يخبرها بأي شئ هل يا تري مل، أم أنه الهدوء الذي يسبق العاصفة، خرج من طوفان افكاره علي صوت هاتفه يدق، برقم مراد، يعني أن هاتف صبا يدق برقم مراد، اعتدل سريعا في جلسته ينتظرها أن ترد حتي يستمع هو لما سيقول، وقد لحظات وفتحت الخط ليضع الهاتف علي أذنه يحرص علي إلا يصدر ولو صوت طفيف، وسمع ما يقولا.


- مساء الفل يا صبا قلبي ايه صحيتك

- لاء انا كنت صحية كنت حاسة أنك هتكلمني

اشتعلت أنفاسه يكور قبضته يشد عليها تلك الحمقاء ماذا تقول عاد يرهف السمع لما يقولان

- وحشتيني يا صبا وحشتيني اوي اوي اوي

- وأنت كمان يا مراد وحشتني، مش ناوي ترجع بقي غبيتك طالت.


لما لا يغلق الخط ويذهب إليها يصفعها علي وجهها ويكسر الهاتف فوق رأسها لأن جاسم علمه أن يهدئ، إن يتحكم في أعصابه، إن يضعها في الجليد في مثل تلك الحالات واكمل سماع ما يقولان

- هانت يا صبا، هكون عندك يوم (، ) الجاي علي بعد الضهر كدة

سمع صوتها السعيد للغاية وهي تقول له:

- بجد والله، أنا يومها هيكون عندي درس فئ (، ) دي بلد جنبنا هخلص الدرس واجي جري.


- لا استني استني، انتي تقوليلي عنوان الدرس بالتفصيل وأنا هستناكي، أصلك وحشتيني اوي.


والحمقاء لم تتردد اخبرته بالعنوان كاملا واغلقت معه الخط، لتنغلق المكالمة امامه، شردت عينيه في الفراغ يفكر يطرق باصابعه علي سطح شاشة هاتفه الخطوة القادمة، اقتحام هاتف مراد ليعرف فيما يدبر ولن ينتظر لحظة، أدهم ابن خاله حمزة علمه كيف يفعل ذلك في احدي لقائتهم سابقا وهو لا ينسي ابدا ما تعلمه من اي من كان، زيف رابط به جائزة شحن ماتنان جنية وبعث بالنقود حقا حتي لا يشك مراد وبعثه لرقم مراد من أحد البرامج، فقط عليه الانتظار إلي أن يبتلع مراد الطعم، وما هي الا لحظات وابتلع الأحمق الطعم وبات هاتف مراد تحت سيطرة غيث والآن فقط سيعلم فيما يفكر ويخطط ذلك الوغد.


Back

اجفل من شروده علي ابتسامة ماكرة تغزو شفتيه ذلك الأحمق يظن نفسه ذكيا سيريه مع من يتعامل، تحرك بصحبة عمه وجاسر ناحية بيت صغير قرب المسجد، وقف رشيد عنده

ابتلع جاسر لعابه مرتبكا يشعر برجفة مخيفة تصعق جسده كتيار كهرباء حاد، توجهت مقلتيه ناحية والده يسأله بنبرة مرتعشة:

- أنت وقفت هنا ليه...

ابتسم رشيد في هدوء تام ليرفع قبضة يده يدق الباب الخشب بخفة، التفت برأسه ناحية جاسر يتمتم مبتسما:.


- بقالي كذا يوم معايا أمانة للشيخ طاهر، وناسي ادهاله خالص وبما اننا قريبين من بيته قولت أعدي اديهاله

زادت رجفة جسد جاسر حين انفتح الباب وظهر ذلك الشيخ المسن ذو اللحية البيضاء الإبتسامة الصافية البشوشة، مد رشيد يده يصافح الشيخ طاهر:

- السلام عليكم يا شيخ طاهر معلش صحيناك من النوم

ابتسم الرجل في بشاشة، يحرك رأسه نفيا افسح الطريق ليدخل الرجال:.


- لا ابدا يا دكتور رشيد، أنا كنت صاحي بصلي قيام الليل، اتفضل، اتفضلوا يا شباب خشوا

تقدم رشيد ومعه غيث بينما ظل جاسر يقف مكانه يبتلع لعابه الجاف قدميه تعدز عن التحرك خطوة واحدة للأمام يرغب فقط في الفرار بعيدا، يشعر بألم بشع في رأسه ورجفة جسده تزداد شراسة، حرك رأسه نفيا يبتسم ابتسامة مرتعشة يتمتم متوترا:

- لا لا أنا هستناكوا هنا، بسرعة بس يا بابا عشان ما نتأخرش.


لم تتغير ابتسامة رشيد الهادئة عاد ادراجه ناحية ولده يقبض علي كفه يشدد عليه قبضته يجذبه خلفه كأنه طفل صغير يقول ضاحكا:

- إيه يا جاسر أنت مكسوف ولا ايه، مش فاكر الشيخ طاهر دا هو اللي محفظك القرآن وأنت عيل صغير، خش خش تعالا هديله الأمانة وامشي علي طول.


جذب رشيد جاسر بعنف الي داخل البيت ما أن دخل أغلق الباب عليهم من الداخل، زادت حدة ارتجافه جسد جاسر بدأت يشعر وكأن مطارق ضخمة تصدمه رأسه، ذراعه الأيسر به ألم بشع أوقفه عن الحركة تماما، دمائه تفور حين ينظر لذلك الرجل وابتسامته الهادئة، رغب ملحة تدفعه لأن ينقض عليه ويبرحه ضربا، نفرت عروق وجهه يصرخ دون وعي:

- ما تخلص اديله الأمانة عشان نغور من هنا.


ابتسم رشيد بهدوء ليتوجه يقف جوار جاسر وضع يده علي كتف ابنه يتمتم مبتسما:

- أكيد يا ابني حاضر

علي حين وقبل أن يعي ما يحدث، كان رشيد يدفع جاسر بأقصي ما فيه من قوة ناحية الرجل الواقف أمامه:

- الأمانة يا شيخ طاهر

سقط جاسر علي ركبتيه من عنف دفعه والده احمرت عينيه كالدماء ينظر لذلك الرجل بشراسة مخيفة، في هدوء تام مد طاهر يده يضعها علي رأس جاسر خرج صوته هادئ واثق

حاد وقعه إذن جاسر في الوقت ذاته:.


-أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم.


«وَاتّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشّيَاطِينُ عَلَىَ مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنّ الشّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلّمُونَ النّاسَ السّحْرَ وَمَآ أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتّىَ يَقُولاَ إِنّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلّمُونَ مَا يَضُرّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الاَخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ».


صرخ جاسر بشراسة صرخات مخيفة شقت سكون الليل شعر وكأن نيران تتفجر في رأسه انتفض يود أن يتهجم علي طاهر ليصيح رشيد في غيث:

- غيث امسكه معايا

انتفض رشيد وغيث كل منهما يمسك بأحد ذراعي جاسر يمنعاه من أن يؤذي نفسه او يؤذي من يعالجه، ليعاود الشيخ طاهر قراءة القرآن من جديد آيات عدة من سور مختلفة:.


«اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاّ هُوَ الْحَيّ الْقَيّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لّهُ مَا فِي السّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ مَن ذَا الّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مّنْ عِلْمِهِ إِلاّ بِمَا شَآءَ وَسِعَ كُرْسِيّهُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيّ الْعَظِيمُ * لاَ إِكْرَاهَ فِي الدّينِ قَد تّبَيّنَ الرّشْدُ مِنَ الْغَيّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطّاغُوتِ وَيْؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * اللّهُ وَلِيّ الّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مّنَ الظّلُمَاتِ إِلَى النّورِ وَالّذِينَ كَفَرُوَاْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مّنَ النّورِ إِلَى الظّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ».


زادت صرخات جاسر شراسة وبدأت يخرج من فمه رغوة سوداء قاتمة رائحتها كاريهة بشعة لا تحتمل، حاول جاسر بشراسة أن يضرب والده وغيث لينقض علي طاهر دون فائدة كل منهم كان يتشبث به بعنف يمنعه من التحرك حركة واحدة، ليعلو صوت طاهر بالقرآن والدعاء :.


-« وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ * فَلَمّا جَآءَ السّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مّوسَىَ أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مّلْقُونَ * فَلَمّآ أَلْقُواْ قَالَ مُوسَىَ مَا جِئْتُمْ بِهِ السّحْرُ إِنّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ * وَيُحِقّ اللّهُ الْحَقّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ » صدق الله العظيم.


أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق

أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة

أعوذ بكلمات الله التامة التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ينزل من السماء، ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض، ومن شر ما يخرج منها، ومن فتن الليل والنهار، ومن شر طوارق الليل والنهار إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن.


أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه، ومن شر عباده ومن شر همزات الشياطين وأن يحضرون

اللهم إني أعوذ بوجهك الكريم، وكلماتك التامة من شر ما أنت آخذ بناصيته

اللهم أنت تكشف المأثم والمغرم ، اللهم إنه لا يهزم جندك ولا يخلف وعدك، سبحانك وبحمدك.


أعوذ بوجه الله العظيم الذي لا شيئ أعظم منه، وبكلماته التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر وبأسماء الله الحسنى ما علمت منها وما لم أعلم من شر ما خلق و ذرأ و برأ، ومن كل ذي شر لا أطيق شره، ومن شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته، إن ربي على صراط مستقيم

حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم

وبدأت صرخات جاسر تخمد وجسده يثقل عينيه زاغت، اقترب طاهر منه يضع يده علي رأسه يتمتم بصوت خفيض هادي:.


- « قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ * اللّهُ الصّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ».

• « قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ الْفَلَقِ * مِن شَرّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِن شَرّ النّفّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِن شَرّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ»

.


• « قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ النّاسِ * مَلِكِ النّاسِ * إِلَهِ النّاسِ * مِن شَرّ الْوَسْوَاسِ الْخَنّاسِ * الّذِى يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النّاسِ* * مِنَ الْجِنّةِ وَالنّاسِ »

زاغت عيني جاسر يشعر بنعاس شديد حل فوق رأسه ليتقرب طاهر من طاولة صغيرة التقط كوب ماء صغير يصب منه القليل في راحة يده يرشه برفق علي وجهه ابتسم طاهر في وجه جاسر يتمتم:

- حمد لله علي السلامة.


ارتسمت ابتسامة صغيرة شاحبة علي شفتي جاسر قبل أن يسقط رأسه نائما اسنده رشيد وغيث إلي اقرب أريكة قابلتهم، ليسطح جاسر جسده عليها، يغط في نوم عميق لم يعرفه منذ مدة طويلة، جلس رشيد علي مقعد جوار الأريكة يربت علي رأس ابنه بحنو نظر لطاهر تنهد يتمتم حزينا:.


- كنت شاكك أن حالته دي مش طبيعية دا مش إبني اللي ربيته، جاسر مهما كنا متخانقين كان اول ما يأذن يجي يقولي صلاة الجماعة هنتأخر، بقي بيهرب من الصلاة، بسمعه يعني بيرجع بليل ولما احاول اطمن عليه يقولي أنا كويس، ويزقني ويهرب، مين اللي عمل كدة يا طاهر مين اللي اذاه

نظر طاهر مشفقا لذلك الشاب النائم ليعاود النظر لرشيد يتمتم حزينا:.


- الطعنة ما بقتش تيجي غير من اقرب الناس، السواد بقي بيوصل لحد الكفر والعياذ بالله، فلانة بتكره فلانة تكفر عشان تأذيها، تدمر حياتها، عشان هي خلفت ولا اتجوزت قبلها، السواد ملا النفوس بشكل مرعب، مهما توصل درجة الكره ما يخليش اي حد يدمر حياة اللي بيكرهه، مرض كره، عجز، والعياذ بالله في ناس بتوصل لمرحلة من الجنان انها تموت نفسها بسبب حد مؤذي، ما يعرفوش إن يوم القيامة هيقفوا قدام بعض وكل مؤذي هيقف قدام اللي اذاه وياخد منه حقه تالت ومتلت...


تنهد طاهر حزينا يبدو أنه اسهب في الكلام كثيرا من بشاعة ما بات يراه في الآونة الأخيرة نظر للنائم يتمتم شاردا:

- لما جاسر يصحي هعرفه مين اللي عمل كدة، صحيح من ستره ربه ما يفضحوش عبد، بس دي جواها طاقة غل وشر كبيرة اوي تخليها تاذي تاني وتالت ورابع.


في منزل حمزة السويسي في غرفتها منذ ساعات، طويلة تجلس علي مقعد جوار تلك الشرفة المطلة علي الحديقة، تنساب دموعها في صمت قاتل، لم تعبئ بدقات الباب، الذي فُتح ودخلت بدور زوجة ابيها تحمل صينية طعام عليها بعض الشطائر وكوب حليب كبير اقتربت منها تضعه علي الطاولة امامها تردف في مرح:

- الاكل واللبن لاحلي ميوش في الدنيا...


لم تلتفت مايا لها حتي، لتتنهد بدور حزينة علي حالها جلست علي المقعد المقابل لها مدت يدها تربت علي ساقها برفق تحادثها بحنو:

- طب وبعدين هتفضلي من غير أكل، دا مش هينفعك، يا مايا انتي عارفة بابا بيحبك قد ايه واكيد هيوافق علي جوازك من أدهم، اصبري عليه بس يومين وهتلاقيه جاي يقولك أنا موافق، حمزة طيب أوي.


ابتسمت مايا ساخرة تحرك رأسها بلامبلاة، لمحت بطرف عينيها هاتف بدور التي تمسكه في يدها اعتدلت في جلستها تنظر له حمحمت تسألها مرتبكة:

- هو أنا ممكن استخدم موبايلك

ابتسمت بدور تحرك رأسها إيجابا سريعا اعطتها الهاتف تردف مبتسمة:

- أكيد طبعا يا حبيبتي خدي اهو، أنا هروح اشوف سيلا وارجعلك علي طول.


ابتسمت مايا لها باصفرار تاخذ منها الهاتف، راقبتها بعينيها الي أن خرجت من الغرفة لتفتح هاتف بدور، سريعا طلبت رقم تحفظه عن ظهر قلب وضعت الهاتف علي أذنها تنتظره إن يجيب تقطم اظافرها متوترة، لتتوسع ابتسامتها سريعا ما أن سمعت صوته:

- أدهم أنا مايا، ما فيش وقت احنا مش هنسافر، ومش عند عمو خالد، هبعتلك اللوكشين علي واتس...

سمعت يهتف سريعا:.


- من النجمة هكون عندكوا انتي ليا يا مايا وما فيش اي حاجة في الدنيا هتقدر تبعدني عنك

ابتسمت سعيدة لتغلق الخط سريعا ترسل لرقمه موقعها تحديدا، ما إن ارسلته دخلت بدور الي الغرفة تحمل سيلا الصغيرة معها، ابتسمت بدور لمايا تقول ضاحكة:

- سيلا مش راضية تنام خالص خليها معلش معاكي لحد ما اعمل لابوكي فنجان قهوة مش عارفة مش عايز ينام هو كمان ليه، دا البيت اللي ما بينامش دا.


ضحكت مايا ضحكة صغيرة علي مضض تجاريها، اخذت منها الفتاة لتخرج بدور من الغرفة لتحتضن مايا سيلا تلتف بها في الغرفة تتمتم سعيدة:

- هيجي بكرة يا سيلا، مش هنسافر

ضحكت الصغيرة وهي حقا لا تفهم ما يحدث لتشاركها مايا في الضحك تنتظر بحماس خيوط شمس غد.


في فيلا خالد السويسي صعد كل لاحدي الغرف لينام، ولم يقدر هو علي أن يدخل غرفته وهي ليست، التقط احدي وسادات الأريكة اتجه الي غرفة مكتبه يتمدد بجسده علي الأريكة الكبيرة في الغرفة ينظر للحديقة خارجا حزين كلمة قليلة، التقط هاتفه يحاول الاتصال بها مرارا وتكرارا دون فائدة لا رد، ظنها قد نامت، اغمض عينيه هو الآخر يحلم بطيفها حين سمع صوت رسالة تصل لهاتفه التقطه سريعا يفتحها متلفها ليجدها هي بعثت له.


« أنت فاكر أنك لما تبعتلي محمد أنا كدة هغير رأيي وارجعلك، أنسي خلاص كل اللي كان بينا انتهي، طلقني بكرامتك احسنلك، أنا لسه عاملة حساب العشرة »

ارتسمت ابتسامة باهتة علي شفتيه ليخط جملة قصيرة يبعثها لها كتب فيها

« معاكي فكة العشرة ولا افكهالك »

ضحك وهو يتخيل ردة فعلها، ليغمض عينيه يحاول أن يريح عقله قبل أن يبدا صباحا جولة اخري من النزاعات.


مع بداية خيوط الشمس الاولي الليل اختفي منذ قليل فقط، كان أدهم يخرج من منزله، جنون ما يفعله، ما العشق سوي جنون، إذا هو أعقل من يملك عقلا، في سيارة اجري أخذ طريقه الي منزل حمزة، في الاغلب سيرفضه كالعادة ولكنه لن يتوقف عن المحاولة، وصلت السيارة الي وجهتها لينزل منها خالي الوفاض لا محال مفتوحة الآن ليشتري اي شئ من الأساس، توجه إلي باب المنزل، لا حرس، حمزة لم يضع حرسا بعد كيف يفعل ذلك، دق علي الباب بسرعة متلهفا، دقائق طويلة قبل أن يسمع صوت حمزة يصيح من الداخل غاضبا:.


- ايوة طيب من الزفت اللي جاي بدري كدة...

فتح حمزة الباب بعنف ليجد أدهم يقف أمامه يبتسم في براءة طفل صغير، امتعضت قسمات وجه حمزة يردف حانقا:

- نعم خير، مأنسنا ليه بطلتك البهية الصبح كدة وفين الحارس الزفت اللي علي البوابة، إنت يا صبري الزفت.


تحرك حمزة ناحية غرفة الحارس بينما يقف ادهم يضحك في خفوت، لمحت عينيه ما جعلت ابتسامته تتلاشي وعينيه تتسع فزعا، هناك مؤشر يتحرك مع حركة حمزة يننتظره أن يقف أحدهم يريد أن يقتل أبيه، ركض بعنف ناحية حمزة يلحق به ما أن وقف أمام غرفة الحارس وجد أدهم يعانقه بعنف صرخ حمزة فيه غاضبا:

- اوعي يا حيوان أبعد عني.


توسعت عيني أدهم فجاءة بألم يقبض بيديه علي ملابس بعنف، قطب حمزة جبينه قلقا تحول لفزع حين وجد الدماء تخرج من بين شفتي أدهم، ابتسم يتمتم بجملة صغيرة متقطعة:

- سامحني يا بابا..


            الفصل الثمانون من هنا 

لقراءة جميع حلقات الرواية الجزء الرابع من هنا

تعليقات