رواية خان غانم الفصل التاسع عشر 19بقلم سوما العربى


رواية خان غانم 
الفصل التاسع عشر 19
بقلم سوما العربى


كان يجلس على الأريكة يغمض عيناه بأرتياح ، شعور عظيم يتملكه الآن ، شعور جعله يتغاضى عن كل تلك الصدمات التي تلقفها خلف بعضها .

شرد قليلاً يفكر في كل ما صار بترتيب الأحداث ، و كأنها خطة ربانية مرسومة بإحكام ، دبرها الرحمن تدبير لا تعديل عليه.

لكن مازال ذلك الشعور بالألم و الحزن يتخلل إحساسه بالسعادة كلما تذكر إجهاض سلوى المتكرر و حديث حلا أنه ذنب يدفع ثمنه.

أيضاً هو للأن لم يتحدث مع حلا حول فكرتها و خلفتيها عنه و التي بسببها زرعت نفسها في بيته غير مبالية بالعواقب الجسيمة التي قد تترتب على فعلتها المتهورة تلك.

جعد ما بين حاجبيه وهو يفكر بأن الدافع لذلك بالتأكيد عظيم و ليس بهين إطلاقاً خصوصاً و أن والدتها كانت على علم و موافقة بكل ما تفعل .

سحب نفس عميق و هو يقر أنهما بحاجة لحديث طويل شفاف كي تتضح كل الأمور و لكي يفهمها أنها مخطئة كلياً .

خرجت حلا من المطبخ و هي تحمل صينية عليها القليل من أطباق الطعام لتراه و شارد يجعد مابين حاجبيه مفكراً.

سبت نفسها ألف مرة فهي و رغم كل ما بدر منه للآن تراه وسيم جداً يخطف لُبها و يسلبها أنفاسها .

تلعن تلك الكاريزما التي يتمتع بها و لم تتوقف عن النظر له بإعجاب تتمنى لو كان الزمن غير الزمن و القصة غير القصة .

و بتلك اللحظة تلاقت الأعين ينظر لها و تنظر له و الصمت هو المتفق عليه.

حديث طويل لا تشمله أي لغة او كلمات ، إنها الأعين فقط من تستطع إيصاله.

كانت مجرد دقيقة تجردت فيها المشاعر و طفح ما بها على العيون ، إلي أن أستدرك حاله و أعتدل في جلسته يقول: إيه هتفضلي واقفه عندك كده ؟ أخلصي.

زمت شفتيها بضيق فهو للتو ذكرها بوضعهما ،فنفضت كل أفكارها الحالمية جانباً و تقدمت بغضب تضع الصينيه على الطاولة الصغيرة بعنف و ضيق مما أصدر صوت حاد جعله يردد بغضب: إيه ده ؟ حطي الحاجة بأدب.

رفعت عيناها له غاضبه مصدومة تردد : أنت كمان هتعلمني الأدب ؟

فرد عليها بحدة  : أيوه طالما ماتعرفيهوش .

فتحت فمها تستعد للرد عليه بهجوم شديد لكنه أخرصها بحسم و قال: و لا كلمة زيادة و بلاش تزودي حسابك معايا هو تقيل بما فيه الكفاية.

زمت شفتيها معاً بضيق شديد.. شديد جداً كأنها تكبح جماح شفتيها عن الإنطلاق و التفوه بما تريده.. و الذي سيزيد الأمر سوءاً بكل تأكيد لذا حاولت إلتزام الصمت بصعوبة.

و مالبس أن أعوجت رقبتها تنظر له بصدمة و هي تسمعه يقول بصوت آمر : أكليني .

حلا : وااااااااات ؟؟!!!!

أرتسمت على جوانب فمه إبتسامة عابثة مستمتعة حاول مداراتها و ردد من جديد بصوت يفوح منه العنجهية و الكبر: أكليني في بوقي .

فتهورت قائلة : ليه و أنت أتشليت ؟

أطبق شفتيه معاً و لكزها بحدة طفيفة في كتفها مردداً: قولنا أييييه ؟ قولنا أييه ؟ مش قولنا لسانك ممكن تحتاجيه و حرام نقطعه ؟ هااا ... لمي لسانك يا قطقوطة عشان ماتتأذيش و يالا أكليني و أنتي ساكته .

فصرخت بقهر و غضب : أه يا....

صمتت تصط أسنانها معاً خوفاً من توابع ما كانت ستتفوه به ، ليبتسم برضا و غرور مردداً: براڤو .. في تقدم ملحوظ.. بجد براڤو،يالا بقا زي الشاطرة أكليني .

قبضت صوابعها في قبضة واحده دليل على محاولتها المستميته في كظم الغيظ و قطعت كسرة من الخبز تغمسها في الجبن ثم تقربها من فمه .

تناولها منها بسعادة واضحة و ملامح وجهه كلها فرحة لكنه قال بصوت معاكس لما يشعر به : فين الفطار الي بفطر بيه أنا مابحبش الجبنة.

و ابتلع الطعام بتلذذ رغم ذلك يسمعها و هي تقول: ده إلي لاقيته جوا .

التقط منها مرحباً بلقمة جديده و هو مازال يردد : مش حلو .

نظرت له و هو يبتلع الطعام ثم قالت ساخرة : واضح .

باغتها و هي تدس الطعام في فمة بأن لعق أصبعها لتتسع عيناها و تنتفض بعيداً.

إلتوى جانب شفتيه يبتسم ثم مد يده قربها منه مجدداً فنفضت يده قائلة: أبعد أيدك عني .

زم شفتيه يتصنع اليأس و قال : مش هينفع ، أصل أنا ليا مزاج أقرب دلوقتي فتعالي ، مش عايزك تنسي إنك بعتيلي نفسك من شويه يا روحي .

أتسعت عيناها تخاول إدراك ما فعلت فهز رأسه يقول بأسف مفتعل: أيوة بالظبط ، للأسف يا حلا ده نتيجة اللعب معايا ، يعني أنا مش عارف بجد أزاي جاتلك الجرأة تعملي كده و تدخلي عش دبابير برجلك، كنتي فاكرة نفسك مين بجد، أصلاً كنتي فاكرة أنك هتنفدي إزاي ؟ حبيبتي إنتي أتفه من إنك تقدري تعملي كده.

وضعت يدها في صحن الطعام تغمس العيش بالجبن و تضعه في فمها متلذذة ثم قالت و هي تلك الطعام بإستفزاز : أمال أخدت التلاتة مليون و نص إزاي؟ ده انا عملتها كده بطرفة عين .

أستفزه حديثها كثيراً ، هي ببساطة تذكرة بأنه مغفل و قد نجحت في خداعه.

ضيق عيناه بغضب يتذكر ما فعلت ، و كم تهاون في عمله ، كان يٌسرق بكل سلاسة و سهولة و هنا تذكر شيئاً مهماً.... تلك الأموال التي كان جميل يخبره أنها مسروقة بتلاعب من المحاسبين القدامى ، بالتأكيد هو من كان يفعل طوال كل تلك السنوات.

أغمض عيناه و هز رأسه بصدمة و أسى ثم ردد : كل إلي وثقت فيهم خانوني و غفلوني ، جميل و كرم و عمتي ، سلوى باعتني ... حتى أنتي.

تركت كل الحديث و تشبثت بالجزء الذي يهمها تسأل بلهفة : سلوى باعتك إزاي ؟

نظر لها بجانب عينه و سأل : يهمك تعرفي أوي؟

هزت رأسها بقوة ثم سألت من جديد: أيوه ، ايه اللي حصل ؟

قرب رأسه من وجهها يسأل : يهمك تعرفي ليه ؟

أرتبكت من سؤاله و تلعثمت تحاول الإجابة و هي تتهرب من عيناه مرددة: عشان... عشان... أصلها ست رخمة و مفترية و كانت حطاني في دماغها عشان كده عايزة اعرف أخبارها.

هز رأسه و هو يزم شفتيه ثم وقف يتجه للباب يستعد كي يغادر و هو يقول : أمممم ، دي كل الحكاية يعني ، طب طالما كده يبقى مش سبب قوي عشان أقولك و بعدين أنا ماحبش أخوض في سيرة واحدة ست و بالأخص أنها كانت في يوم من الأيام على ذمتي .

شهقت بتفاجئ و قفزت من مكانها سريعاً تهرول خلفه تتشبث به توقفه و هو يبتسم سعيد بتلك اللهفة التي شعر بها منها خصوصاً و هي تسأل : كانت على ذمتك ؟ أنتو أتطلقتوا ؟

إلتف له يرى لمعة الفرحة في عينيها فزادت سعادته و ضحك بداخله عليها و هو يقرر التلاعب بها فقال : هي طلبت الطلاق ، طبعاً بفضل سعادتك و إلي عملته و قولتيه ، فضلت تصرخ و تصوت عايزاني أطلقها .

كان ملاحظ بدقة لكل تفاصيلها و هي تستمتع له متلهفة أن يكمل مما زاده فرحة مقرراً زيادة التلاعب بها ، يرغب في إمتاع عينه و روحه بلهفتها عليه ، أن يستشعر غيرتها عليه بعدما ذابت روحه و شيبته فى حبها .

يراها تردد بأنفاس متلاحقة: يعني أتطلقتوا؟!

غانم : أيوه.

فتحت فمها من الصدمة يرى تعاقب المشاعر على ملامحها.
فدارى ضحكته يحاول إستدعاء الجدية و هو يقول : بس هردها .

لتصرخ فيه: إيه؟ 

هز كتفيه يقول : أيوه أنا كنت مضطر أعمل كده عشان تهدى ، كانت بتصوت و تصرخ ، قطعت قلبي ما قدرتش أتحمل، كنت مستعد أعمل أي حاجة بس ما شوفهاش بالحالة دي ، إنتي ماتعرفيش سلوى دي إيه عندي .

تقدم تود القبض على عنقه و لكن لم تجرؤ فقبضت يدها على بعض تسأل بغيظ و غيرة: إيه؟

إلتوى فمه بإبتسامة عابثة وقال : لما تكبري هقولك.

إلتف ينوي فتح الباب ليخرج فصرخت فيه : أستنى عندك أنا لسه ماخلصتش كلامي.

فقال ببرود:   بس أنا خلصت.

أوقفته مجدداً تسأل بغيرة واضحة و عصبية: رايح فين؟

إلتف من جديد يقول : نعم ؟ و إنتي مالك ؟ يا ريت ماتنسيش نفسك، أنا هنا إلي أسأل و أستفسر .

تقدمت لعنده و قد عمت الغيرة عيناها و تمكنت من شل عقلها فقبضت على تلابيبه تردد بمجون : رايح عندها ، مش كده .

تراقصت دقات قلبه من شدة الفرحة و هو يراها بتلك الحالة ، لكن تمالك نفسه ببراعة يحسد عليها و أبعد يديها عن ياقة معطفه مردداً: أيه ده إيه ده ؟ إيدك يا ماما و بلاش تنسي نفسك، أوعي كده من سكتي.

خرج بثبات إنفعالي رهيب لم يستطع الإستمرار عليه طويلاً خصوصاً و هو يسمعها تقز شئ ما ارتد في الباب الضخم الذي أغلقه و هي تصرخ فيه : أاه يا باااارد ..يا بااااااارد .. يا سمج

فوضع يده على عينه من خلف الباب يقف خارج البيت و هو ينفجر ضاحكاً يحاول التحكم في ضحكه و لكن لم يستطع بل أستقل سيارته و غادر بها و هو مستمر في الضحك .

توقف بسيارته أمام بيت راضي ، ترجل منها و هو يراه يجلس على أحد المقاعد الخشبيه أمام البيت يدخن بشرود فقال : سلام عليكم.

نظر له راضي بجانب عينه و قال: خلي السلام لاهل السلام يا ابن صفوان.

هز غانم رأسه يردد : عندك حق تكون شايل مني ، بس كمان أنت راجل كبير و عارف إننا كنا مخدوعين في عياط عمتي ، كمان أنت كان لازم تدافع عن نفسك و عن صورتك.

وضع راضي عيناه في الأرض ثم قال: عندك حق ، بس ... ماهو أنا ماكنتش برضا أطلعها كدابة و غشاشة كان عندي أمل ينصلح حالها ، بس خلاص انا ماعدتش باقي عليها و طلقتها النهاردة الصبح .

أغمض غانم عيناه بضيق لما حدث لكنه بنفس الوقت لا يسعه لوم راضي على ما فعل .

تنهد بتعب ثم قال: ما اقدرش ألومك ، بس على الأقل قولي هي فين؟

راضي : قولت لك ما زفت جميل ، و من الساعة دي انا ماليش دعوه بيها و لا عايز اسمع سيرتها و لا حتى اشوفك قدامي.

فرد غانم بتفهم : حقك ، سلام عليكم.

لم يرد راضي عليه السلام و هو غادر بصمت تام يخرج من الخان نهائيا يقصد الحي الذي يسكنه عادل .

في شقة متوسطة الحال .

خرج عادل من المرحاض و هو يجفف شعره بمنشفة صغيرة يردد: يا سلام يا ولاد ،الميه السخنه دي بتدوب الجسم دوب كده.

لينتفض على صوت غانم الذي يجلس بكل أريحية في منتصف بيته على أحد الأرائك يضع قدم فوق الأخرى مردداً: نعيماً يا دولا .

صدم عادل مكانه ووقف مبهوتاً يتراجع للخلف بضع خطوات وهو يردد : غانم باشا 

نظر لوالدنه التي تقف بالقرب من غانم تسأل:  انت عملت ايه يا واد

فقال بسرعه:  ما عملتش حاجه والله ياما

ابتسم له غانم وقال:  ايه دولا،رجعت ليه يا حبيبي لورا كده ،تعالى قرب ما تخافش، ما تخافش مش هعمل لك حاجه.

ثم نظره لوالدة عادل وقال'  لها ماعلش يا حاجه أستأذنك بس في كوبايه شاي عايز دولا حبيبي على جنب كده في كلمتين، ما تخافيش عليه ده حبيبي قوي

نظرت لهما والده عادل بقله ارتياح لكن حسها عادل على الذهاب وهو يقول بخوف:  روحي يا اما اعملي للباشا شاي

فذهبت على مضد ونظر عادل لغانم الذي قال له: كويس انك خليتها تروح مش حلوه يعني انها تقعد تسمعنا وتعرف ان ابنها حرامي

فهنف عادل بحده: انا مش حرامي انا كنت برجع الحق لأصحابه.

غانم : يا ولااا.. و عرفت منين بقى انه حق.. وان دول صحابه.. وبعدين انت عايز تفهمني ان انت ما ماخدتلكش عموله كده يعني

عادل : الكذب خيبه وانا مش خايب ولا خايف.. اخذت بس مبلغ بسيط قلت لك ده حق وانا برجعه لاصحابه

غانم : وعرفت منين بقى انهم صحابه؟

عادل : أنا اعرف حلا من زمان من اول ما جات المنطقه هنا وعارف حكايتها انا ودعاء ،هي حكت لنا.

شعور بالغيره استوطن قلبه وتملك من غانم وهو يرى رجل اخر يحكي له اسرار حبيبته، فسأل بغيظ شديد: أه يعني انت اللي عارف حكايتها !وايه بقى هي حكايتها؟

عادل: لا معلش دي أسرار، وطالما انت مش عارف يبقى هي ما قالتلكش وطالما ما قالتش يبقى مش عايزاك تعرف فانا مش هقدر أقول 

غانم: لا شهم قوي يا ولا وعندك مبدأ، تعجبني .... بس انا بقى يا دولا مش همشي من هنا غير لما اعرف الحكايه كلها

نظر له عادل بقوه وقال: بص يا باشا عايز تعرف الحكاية كلها هتلاقيها عند جميل...... السر كله عند جميل لكن انا لو عليا شهامة مني يعني هقول لك حاجه، طول السنين اللي فاتت دي كلها جميل كان بيسرقك وبمبالغ مش قليله وانا عندي الدليل ثواني اجيبهولك.

أختفى عادل في أحد الغرف لمدة ثواني ثم خرج ومعه دفتر به أوراق عديدة وقال له:  أتفضل يا باشا الورق ده يثبت أن جميل كان بيسرقك ، انا اخذته وأمنت بيه نفسي عشان كنت عارف أنه راجل غدار ومش سهل ومش هيسكت لنا على اللي إحنا بنعمله.

نظر غانم للأوراق التي بيد عادل ثم قال: عارف ، ومش جايلك عشان كده.

عادل: امال جاي ليه ؟ هو مش انت أمرت رجالتك يسيبوني جاي ورايا ليه بقا ؟ ويومها اخدت حلا وروحت بيها فين ؟ 

وقف غانم ثم قال من بين أسنانه: مالكش دعوة بيها ، خليك في نفسك.

فهتف عادل بشئ من الحدة : إزاي يعني ، البت من ساعتها مختفية و أمها هتتجنن خصوصاً لما عرفت إني رجعت و هي لأ.

اقترب غانم بوجهه من عادل يردد بتملك شديد : حلا و مواضيعها تخصني أنا ، ماتدخلش في حاجه تخصها تاني ، خليك في إلي أنا جايلك عشانه و إلي بسببه خليت الرجاله تسيبك.

صمت عادل ينتظر منه أن يكمل فأكمل بالفعل : الفلوس اللي سرقتها هتحولها على الحساب إلي هسيب لك رقمه دلوقتي.

فسارع عادل يردد : دي فلوس حلا و أنا....

قاطعه غانم يقول : الحساب ده بأسم حلا أنا إلي فتحتهولها ، روح النهاردة و نفذ ،ما أنا مش هسيب لك تلاته مليون و نص يعني.

إلتف كي يغادر لكن عاد يقول : هات الورق إلي يدين جميل.

ناوله عادل الورق و هو يقول : طب و حلا ؟

فصرخ فيه غانم بغيرة: و انت هتخاف على مراتي أكتر مني ، نفذ إلي قولته و بس.

أتسعت عينا عادل و هو لا يمكنه الإستيعاب و هل ما سمعه صحيح؟!

جلس غانم في سيارته أسفل بيت حلا يستعد لمواجهة سميحة متأكد أنها سيدة ذات لسان سليط و عقل محدود الذكاء كأبنتها بالضبط و لكنه شر لابد منه كما يذكر نفسه كل دقيقة.

لكن قبلما يترجل من السيارة ورده إتصال من صلاح فجاوب على الفور يسأل مباشرة : لاقيته ؟

فرد صلاح بسخرية: لاقيته ؟! هههه .. ده مشارك في مزاد الشركة الإجنبية و بنفسه ، إبن البجحة بيلعب على المكشوف.

سحب غانم نفس عميق ثم قال: صلاح أنا عايزك تفرمه ، سامع.

فقال صلاح: الله ، طب ما تفرمه إنت هو أنت ناقص أيد ولا رجل .

أبتسم غانم و قال: لأ بس أصل أنا عريس جديد .

ظهرت الصدمة على نبرة صوت صلاح و سأل: ده بجد ؟

غانم : أيوون ، و بصراحة أكتر أنا مش هضيع وقت مع الراجل ده كفاية عمري إلي فات كله ، بس ليا عندك شرط يا صلاح ، أنا عايزه حي ، سامع ...حي وتلسمهولي قريب .

صلاح: و مش عايز دي ڤي دي ؟ هو حد قالك إني خلفتك و نسيتك ، أنا مالي بمشاكلك ، مش عامل حاجه.

فقال غانم بتأكد تام : هتعمل ، أنت كل مره تعمل الشبورة دي و في الاخر بتعمل.

فرد صلاح بنرفزة من تلك الحقيقة: عشان إبن بلد أصيل.

قهقه غانم و أغلق الهاتف في وجهه ثم ترجل من سيارته.

___________________

في المساء توقف بسيارته أمام بيت أحلامه حيث توجد بداخله حبيبته الغبية.

ترجل من السيارة و حاول تجميد ملامحه ليدلف إليها و لكن ما أن فتح الباب حتى تفاجأ بها تجلس على الأريكة مقابل الباب و هي تردد : أهلاً ، إيه إلي جابك ؟

نظر لها يحاول الإستيعاب و ردد: نعم ؟ ده بيتي ؟

وقفت من مكانها تقول: و أنا بعمل ايه في بيتك عايزه اعرف.

تقدم يفكك رابطة عنقه و ألقاها جانباً بتعب ثم قال: وطي صوتك و أنتي بتتكلمي ، ما تنسيش نفسك ، أنتي ماضيه ورق يخليني اتحكم فيكي عمرك كله ، و أسكتي شويه مش عايز وش و قلبة دماغ.

تركها و أتجه ناحية المرحاض ليغتسل فذهبت خلفه تردد بعصبية : أه صحيح ، أكيد مش عنده دماغ ما أنت تلاقيك راجع من عند الست هانم.

إنشرح قلبه و هو يستمتع بغيرتها الواضحة ثم قال: أيوه و راجع جعان ، أعملي لي عشا .

فرددت بغل شديد و قهر : يا بجح .

زم شفتيه يكبت ضحكته و قال : هحاول أتغاضى عن طولة لسانك ، بصراحة راجع من بره مزاجي رايق و مش ناوي أعكره .

دلف للمرحاض و أغلق الباب يضحك و هو يسمعها تصرخ بغيظ : أيوه صحيح راجع رايق من عند الهانم .

فهتف من الداخل: بالظبط ، حضريلي العشا بقا بسرعة أصل أنا نفسي مفتوحة أوي.. بسرعة.

ذهبت للمطبخ و هي تدب الأرض بغيظ و هو حاول الإستحمام سريعا و خرج لها.

كانت تقف في المبطخ موليه الداخل إليه ظهرها متجهه ناحية الموقد تجهز الطعام و هي تسبه و تلعنه : نفسه مفتوحة ، أكيد كان عندها.

صمتت و تخشب جسدها و هي تشعر به يلف خصرها بذراعيه القوية يحتضن ظهرها له و يدفن رأسه في تجويف عنقها و سأل : مش عايزاني أروح لها ليه ؟

صمتت مرتبكة بداخلها تلذذ غير عادي فسأل يستجدي الجواب: بتغيري عليا يا حلا ؟

فقالت بشئ من القوة و هي تحاول إبعاده عنها أو الأبتعاد هي: أبعد عني.

لكنه شدد من قربها و ضمها لأحضانه أكثر و هو يردد بأنفاس سخينة: فاكرة أول مره أتقابلنا فيها ، فاكره لما كنت حضنك زي دلوقتي بالظبط .

حلا بغيرة واضحة: كنت فاكرني مراتك.

أبتسم و قال : تحبي تبقي مراتي ؟

حلا : لأ 
غانم : كفاية عند يا حلا ، ماتعبتيش ؟ أنا تعبت .

حلا : خليني أمشي من هنا ، عمري إلي فات باظ عايز تضيع عليا عمري إلي جاي كمان.

لفها له يقول : لأ ، عايز عمر واحد يجمعنا .

فالتفت تردد بعناد: و إلي فات يتنسي أزاي ؟

فقال غانم بحده : قولت لك ماليش علاقة ببنت عمك .. ما يمكن كانت تعرف حد تاني غيري

حلا : لأ أنت ، أتعرفت عليك من على صفحتك إلي على فيسبوك و أنت كنت....

جعد غانم ما بين حاجبيه و هو يستمع لها و قال: أستني أستني ... أنتي قولتي صفحة على فيسبوك ؟

ردت حلا بقوه: أيوه ، و أوعى تكون فاكرني صدقتك لما قولت إنك مش عندك صفحة عليه... قالوا للحرامي أحلف.

وضع غانم يده على رأسه و آلان فقط بدأ يفهم و يفك اللغز مردداً: الصفحة ، كرم ... يا نهار أبيض... يا نهار أبيض.

دار حول نفسه كالمجنون و هو يردد: أيوه أنا أفتكرت اليوم ده كويس .

أتسعت عيناه و هو يربط الخيوط ببعض رويداً رويداً: أيوه ، البنت اللي كرم كان عارفها .

هز رأسه بندم يردد : أنا فاكر فعلاً أنهم طلبوا مني أتدخل و أنا جبتها و هددتها و بعد كده ماعرفش إيه إلي حصل و لا القصه خلصت على إيه.

نظرت له حلا بجهل و بدأت تسأل : أنت بتقول ايه ، أنا مش فاهمه منك حاجة.

رفع رأسه لأعلى يهز رأسه بجنون و هو يردد: معقول ذنب زي ده هو السبب في كل إلي أنا فيه ؟!

حلا : ما تفهمني أنت بتقول ايه.

جذبها غانم لأحضانه عنوة و بدأ يسرد عليها تفاصيل ذلك اليوم و هي تستمع له بصدمة و عدم إستيعاب.....

★★★★★

         


تعليقات