
رواية سراج الثريا
الفصل الثاني والثلاثون 32 و الثالث والثلاثون 33
بقلم سعاد محمد سلامة
مثل خفافيش الظلام كان موعد لقائهم فى آخر الليل بذاك المنزل اللذان كانا يتقابلان به سابقًا، فى إحد المنازل المُتطرفة القريبه من الجبل الذي يمتلكه ذاك الأهوج حفظي،كان بمثابة وكرًا قريب لملذاتهم الدنيئة،منزل مُتهالك من يراه من الخارج يظنه مهجورًا لكن من الداخل كان فخمًا وباثاث راقي مُجهزة خصيصًا لأهوائهم
فتح حفظي الباب ودخل بترقُب يرفع سلاحه متأهبًا أن يكون فخ من ذاك الذي إتصل عليه ينتحل شخصية وصوت غيث،لكن لا أحد يعلم بهذا المنزل سوا هو وغيث حتى تلك العاهرات الاتى كان يأتون بهن لهنا كان يضعون حول أعينهم شرائط سوداء
بينما بإحد الغرف
لمعت عين غيث وهو ينظر الى ذاك الفراش الوثير،تذكر أنه آتى بـ ثريا هنا ذات ليلة
كان بإنتظاره عاهرة عارية إمتثلت لأهوائه من نظرة عين ركعت أسفل قدميه تستلذ بإيلامه وصفعاته لها، بينما إنكمشت ثريا على نفسها لا تشعر بالغثيان فقط بل الرعب فى عينيها كان مُثيرًا للغايه،ربما زاده إثاره أكثر من نيله لجسدها تلك الليلة،
زفر نفسه فى نفس اللحظة شعر بالغضب وهو يتذكر ذاك الفيديو الذي رأها مع سراج بتلك الحمِيمية راغبه عكس حين كان يقترب منها يرا النفور، حقًا كانت الصورة بعيدة والصوت به بعض اللغوشات، لكن لا يتوه عن تلك التنهيدات... قبض على ذاك العكاز الذي يستند عليه بقوة لوهله قد تتحطم قبضة يده من المعدن، لكن أخرجه من ذاك الغضب سماعه لصوت أغلاق باب المنزل، تبسم بلمعة عين، وغادر الغرفه...كما توقع لم يتفاجئ حين رأي حفظي يرفع السلاح بناحيته،ضحك غيث قائلًا بعتاب سخيف:
هو ده إستقبالك ليا،بدل ما تفرح آني لسه عايش.
مازال الذهول على وجه حفظي،الذي تعلثم سائلًا بغباء:
إنت إزاي لسه عايش...
توقف ثم أجاب نفسه:
إنت اللى عملت تمثلية موتك لهدف فى دماغك،بس ليه عملت اللعبة دي، هدفك منها إيه؟.
لم يكُن حفظي يلاحظ إتكاء غيث على عكاز الا حين سار يتجه نحو إحد المقاعد بالردهه، وتركها جواره يضجع بظهره على خلفية المقعد..لاحظ ذلك عاود يسأل:
وإيه اللى حصل لرجلك،إنت إزاي لسه عايش،أنا حاسس إنى بحلم أو في فيلم هندي..آيه حكايتك،إنت مين؟.
تهكم غيث قائلًا بإستهزاء ومراوغة:
إيه اللزق الكتير اللى على وشك ده،كل ده سببته بِت عمك...مش عيب عليك ست تعلم وعلى وشك كمان.
شعر حفظي بالغضب والضيق الشديد من طريقة حديث غيث المُستهزأة،فقام بالرد عليه وإثارة غضبه هو الآخر بسخط قائلًا:
وإنت ثريا اللى المفروض طالما لسه عايش تبقى مراتك،متجوزة من سراج العوامري...هما كده الستات تدفن جوزها وتقول مش هتجوز تاني،ومتصدق فرصه ومش بضيعها بالأخص لما يكون العريس هو سراج العوامري،مسوفتش نظرة عنيها لـ سراج وانا حاطط السلاح فى رأسها...
نظر له غيث بسُحق وصمت يكبت غيظه لثواني ثم تفوه،أنا مش متصل عليك عشان إكده،تفتكر كنت هكشف لك حقيقة إني عايش محبه فيك،وأنا عارف إنك خسيس.
ضحك حفظي قائلًا:
الحال من بعضه يا صديقي،إحكي لى إزاي لساك عايش وليه مستخبي بتخطط لأيه...
توقف حفظي للحظه ثم عاد يتفوه بيقين:
إنت اللى كنت ورا ضرب الرصاص اللى حصل فى فرح واد عمران العوامري،إكده فهمت.
نظر له غيث قائلًا:
بلاه حديتك الكتير،سبق وقولت لك من زمان بطل رط كتير فى الحديت الماسخ، اللى بيرغي كتير آخره حديت وبس، إتفرج وشوف الفيديو ده متوكد هيعجبك.
غمز حفظي له بعينيه بوقاحه قائلًا:
فيديو من النوعيه....
قاطعه غيث بغضب:
جولت بلاها الحديت الكتير وإتفرج.
صمت حفظي...ونظر نحو تلك الشاشة التي بدأت تظهر بلغوشه ثم أعتدلت الصورة
بعد ان كان مُضجعًا،إستقام بظهره وتمعن بالفيديو بعين جاحظة،مذهول مما يراه،نظر نحو غيث سائلًا:
مستحيل ده يكون حصل.
إبتسم غيث بمكر قائلًا:
حصل وجدامك الفيديو،أهو قابيل أستغل إنك كنت فى غيبوبه بسبب سراج وقتل أبوك.
-مستحيل
قالها بذهول بخفوت، إزاي وصلك للفيديو ده.
أجابه ببساطه:
أنا ليا تار مع قابيل، زيك هو دخل، حط المخده على وش أبوك خنقه وبعدها خلط المحلول الطبي اللى كان بيغذي جسم أبوك بالهوا وبان إن موته سببها طبيعي،زي ما قدامك فى الفيديو.
بغضب سأله حفظي:
إزاي وصلك الفيديو ده وإزاي إتصور أساسًا.
أجابه بهدوء:
قابيل هو اللى حاول يقتلني وكنت وراه خطوه بخطوة، والفيديو أنا سجله واحد من رجالتي عالموبايل بتاعه بدون قابيل ما ياخد باله...
قابيل قتل أبوك وبعدها جالك يتفق معاك.
شعر حفظي بالغضب قائلًا:
طول عمره واطي وخسيس، بس عاوز أعرف إنت عاوز مني إيه يا غيث،أكيد فى هدف فى دماغك.
لمعت عين غيث باسمًا يقول:
عاوزك تهدي أعصابك وتنسي فكرة قتل قابيل دلوك،عندنا الأهم منيه،ومتقلقش مش هحرمك إنك تاخد تار أبوك.
❈-❈-❈
قبل قليل
جحظت عين ثريا من قول سراج المفاجئ، توترت وشعرت بإرتباك وهي تُزيح خُصله من شعرها من فوق جبينها قائله بتعلثم:
جبت الحديت الفاضي ده منين....
قاطعها وهو يضع يده فوق تلك العلامة بفخذها قائلًا:
إنتِ قولتي وإنتِ فى حضني يا ثريا، يوم ما كنتِ متصابة بالرصاص.
إبتلعت ريقها كآنها إرتوت بعد عطش وبررت بإستهزاء:
أكيد كنت بهزي مش فى وعيي، يعني...
قاطعها بحزم:
لاء مكنتش بتهزي يا ثريا دي الحقيقة، أنا عارف باللى عملوه فيكِ عمتي ولاء وعمتي راضيه...
إرتعش جسد ثريا وهي تُغمض عينيها تعتصرهما ليس بسبب الدموع بل بسبب أنها لا تود ان تتذكر تلك الذكرى التي نزفت ومازالت تنزف ليس دمً بل روحها تنزف وهي تعلم أنها بسبب ذلك أصبحت كالارض الجوفاء التى لا تُثمر...ربما لن تشعر بمشاعر كل إمرأة حين تُصبح "أُمً" أصبح حِلم بعيد المنال وقد تُحرم لا تنوله... سؤال آخر برأسها
لما الآن تفكرين بذلك سابقًا لم يشغل ذلك عقلك، ما الذي تغير... لما تسيطر عليكِ تلك المشاعر... هل هي غِيره أم شعور بالنقص... أم شعور آخر مازالت لا تعلمه... فتحت عينيها تنظر نحو سراج تشعر بتوتر سائله:
وعرفت منين، مش معقول أنا اللى حكيت اللى حصل ده كله وأنا بهزي.
حرر تلك الخُصله المُلتصقه على عُنقها قائلًا بمراوغة:
قولتلك عرفت منك.
أخفضت وجهها صامته، وضع سراج يده اسفل ذقنها ورفع وجهها تلاقت عيناهم، تحدث بتحريض:
ثريا إنتِ وغيث...
قاطعته بصدمة:
جوازي من غيث كان كامل يا سراج، حتى لو مكنش برغبتي بس أنا وغيث
توقفت تبتلع ريقها وهي تخفض وجهها كي لا تسيل تلك الدمعه وتلك الذكري التى فجعتها
وذلك اليوم يُعاد أمامها
"رصاصة فوق بقعة الدم على الفراش، وهي عارية، لولا ذلك المفرش التى تتمسك به، ونظرة عين غيث الظافرة، وهو يضحك بجلجة تهز صوتها أركان الغرفة... وهي تنكمش غير مُصدقه، زوجها
حقًا زوجها لكن هو قاتل وسادي، خائن
بل أبشع إنسان قد مر بحياتها... أيام... مجرد أيام زادت فوق عمرها أعمار... نظرة عينيها كانت مُرتعبه وهي تنظر الى بقعة الدم، هي ليست عذراء، كما أن البقعة كثيفة وتلك الرصاصه هل تلميح أم تصريح...
تصريح منه حين إقترب منها وهو عاري تمامً... وهي تعود للخلف بالدثار، جذبها بقوة ينظر الى رهبة عينيها بإستمتاع:
دي الرصاصة الأولى يا ثريا... هنبدأ حولة تانيه وهتبقي ليا وبرضاكِ أو اللى حصل ليلة إمبارح هيتكرر كنت مُميزة أوي وإنتِ بتتذللى تحت رجليا عشان...
توقف ينظر الى نظرة عينيها الرافضة تهز رأسها، يستمتع بذلك وهو يلعق شفاه بلسانه بتلذُذ سافر، وهي تهطل دموعها، تعاني وهي تتذكر بعض اللحظات وهي حقًا تقترب منه تتود له، كيف فعلت ذلك، لا داعي للتفكير
فمجرد التفكير قد يجعل عقلها يشت وقلبها يكاد ينفجر بداخلها، ضحكته الغليظة وقُربها منها جعلها تشعر أنها ترا وحشًا مُخيف يُبرز أنيابه، ويده التى تمتد نحوها مثل مخالب الثعالب...
حديثه الفظ:
الطلقة الأولى يا ثريا.... حظك حلو عندي شغل كتير النهاردة، بس راجعلك المسا.
قالك ذلك،وكاد يُقبل وجنتها لكنها تراجعت للخلف،صقك أسنانه بغضب، لكن إمتثل بالبرود، ونهض من على الفراش يخرج من الغرفه ضحكاته تتردد كصدى صوت مخيف ومفزع بليلة شتاء عاصفه"..
تركها عقلها وقلبها موهومان أنه نالها...
نظرت نحو سراج الذي تبدلت نظرة عيناه وهو يضعط على عضد يدها بقوة... تألمت ثريا من ذلك وحاولت سلت يدها من قبضة يده... لكن هو يزداد قوة فى قبضتة، نظرت له قائله:
أنت اللى كنت عاوز تعرف الحقيقه ليه دلوقتي إضايقت، سيب إيدي يا سراج، الحقيقة أوقات بتكون عكس ما بنريد.
نظر لها هو على يقين أن ما سردته كذب وهي تتمني لو كان حقًا كذب... لكنها حقيقة تجرعت قسوتها.
غفت ثريا أو هكذا ظن بينما سراج لم يغفوا ليس بسبب ما أخبرته به بل مازال منظر عُمران بلحظاته الأخيرة يسكن رأسه يشعر بأنفاسه المُضطربه...
تذكر الحديث الاخير بينهم وهما بسيارة الإسعاف
"سامحني يا سراج، عارف إني كنت قاسي عليك، بس والله أنت كنت دايمًا الأقرب لقلبي... فاكر يوم ما عرفت إن رحمه حامل فيك، كنت وجتها خدت القرار وهطلقها وأنهي عذابنا إحنا الاتنين، إتفاجئت بفرحتها أنها حبله كنت زي الشريد اللى مش عارف يعمل إيه
أطلقها وأسيبها تواجه مصيرها لوحدها، بس قلبي قالى والجنين اللى فى بطنها هيكون مصيره أيه، هيتشتت بيني وبينها، كنت عارف مستواهم المادي، سيبتها وهدمت فرحتها لو كنت فضلت قدامها كنت هضعف وأقول لها كل واحد يروح لطريقه، مشيت فضلت أفكر واتخيل لو سيبتها وخلفت وبعدها هي كمان سابت اللى خلفته وراحت إتجوزت أبني أو بنتِ مصيرهم هيبجي إيه، هيشرد أكيد، غصبت على نفسي وشيلت فكرة الطلاق من راسي، كنت عارف إنها بتتعذب من قسوتي وبتتحملها بس عشانك، خايفه عليك
لو أخدتك وطلعت من دار العوامري هتعيش إزاي، كمان خوف تاني إنى ممكن أخدك منها، صبرت وسكتت وإتحملت، حتى لما حِبلت تاني كانت خايفه تقولى عرفت بالصدفة
حتى إسماعيل كمان رت بالصدفة، القسوة بنت بينا جدار واعر، حتى عرفت إنها مريضة بالقلب بالصدفة، كل حاجه كنت بعرفها بالصدفة كآننا مش عايشين مع بعض، الحياة سحبتنا فى دوامة غرقتنا إحنا الإتنين...فوقت متأخر كان الوجت إنتهي يا سراج،بس الحقيقة عمري ما كرهت رحمه ياريت كنت كرهتها يمكن كنت إرتاحت،أنا كنت معارض جوازك من ثريا لنفس السبب،خايف تعيش اللى أنا عيشته إنها كانت لغيرك قبلك،الفكرة لوحدها بتوجع،هنصحك نصيحه يا سراج إنت بتحب ثريا،إنسي كل الماضي اللى حصل قبل ما تقابلها،عيش معاها على إنك الراجل الوحيد فى حياتها...إسمع لقلبك وبس،سامحني أنا متأكد إن رحمه طول عمرها كانت مسامحه ".
على تنهيد ثريا نظر سراج نحو ثريا التى إبتعدت تُعطيه ظهرها،تكتم نفسها حتى لا يعلم انها مستيقظة مثله،وتلك الذكري مثل الجمرة تحرق فى جوفها،ماذا لو علم أنها تشعر أن ذلك الـ غيث مازال حيًا،لو أخبرته بذلك سيتأكد من فقدانها لعقله...
كادت تشهق وتفضح أنها مستيقظة،حين إقترب منها، يظن انها نائمه لكنها تشعر كآن جزء من روحها عاد لها، بعدما أخبرته ببعض افعال ذلك القبيح غيث معها وعرت حقيقة عاشتها كانت خاضعه لجبروت بسببه فقدت الكثير،ربما آن الآوان أن تسترد ثريا نفسها
بينما ضمها لصدره يضع رأسه بعُنقها يتنفس،لن يكون مثل عمران ويعيش الندم لاحقًا.
❈-❈-❈
بشقة إسماعيل قبل قليل
دخل إسماعيل يشعر بالإنهاك النفسي يشعر كآن روحه تتألم يشعر كآنه بلا كيان...
تفاجئ بعدم وجود قسمت بالشقة، إستغرب ذلك، ظن أنها ربما مازالت بالأسفل، فكر فى النزول والبحث عنها لكن يشعر بإرهاق، جلس على إحد المقاعد بالردهه وأخرج هاتفه قام بالإتصال على هاتف قسمت، سمع الرنين الى أن إنتهي دون رد منها، عاود الرنين، لكن هنالك من فنح الخط تفوه إسماعيل بسؤال:
قسمت أنا فى شقتنا أنتِ فين لدلوقتي؟.
سمع الرد لكن ليس من قسمت بل من والدها الذي قال بتعسف:
بنتِ عندي فى بيتِ يا دكتور مُعززة مُكرمة، لما تبقي ترد لها قيمتها اللى هدرتها عمتك تبقي ترجع، أنا بس سكتت على ما أيام العزا تخلص، لكن بنتِ مش هترجع لمكان إتهانت فيه.
تنهد إسماعيل قائلًا:
ممكن تدي الموبايل لـ قسمت.
تعجرف والد قسمت قائلًا:
قسمت بنتِ وأنا
تضايق إسماعيل منه قائلًا بعصبيه:
بقولك عاوز أكلم قسمت مراتي، أقولك إفتح الإسبيكر عشان تسمع الكلمتين اللى كنت هقولهم لها.
رغم غضب والد قسمت لكن إمتثل وقام بفتح مُكبر الصوت وسمع قول إسماعيل لـ قسمت بنبرة تهديد:
قسمت أنا إتحملت سخافات كتير من والدك، وانا معرفش إيه اللى حصل وخلاكِ سيبتي بيتِ، عالاقل كان قبل ما تمشي تعرفني وأكيد كنت هجيب لك حقك، لكن إنك تمشي بالطريقه دي هقولك كلمه واحده وراجعي نفسك واللى عاوزاه بعد كده هعمله ليكِ
طول ما والدك متحكم فى قراراتك حياتنا هتدمر، ومن رأيي إننا لسه عالبر والقرار ليك... تصبحي على خير.
لم يقول إسماعيل أكثر من ذلك وأغلق الهاتف وضعه على طاوله أمامه يزفر نفسه بغضب ساحق، كان يتمني أن بجد قسمت تنتظره ربما نظرة عينيها خففت من ذلك الآلم الذي ينتهك قلبه، لكن هي كما العادة تستجيب لرغبة والدهت كان يتغاضي سابقًا، لكن الليلة وبهذا الوقت لن يتغاضي يكفي تنازلات على قسمت الإختيار.
❈-❈-❈
بشقة آدم
دلف الى غرفة النوم
تمدد على الفراش يغمض عينيه يشعر ببؤس، لم يتسني له رؤية والده للمره الأخيرة وتوديعه الوداع الأخير،كان غافيًا بسبب إصابته... يشعر بشبه إنهيار داخلي... فتح عبنيه حين وضعت حنان يدها على كتفه تشعر ببؤس هي الاخري وشفقه عليه تسألت:
آدم هجيب لك بيجامه قوم غير هدومك.
إعتدل جالسًا وطاوعها قام بتبديل ثيابه وعاود يتمدد على الفراش، يغمض عيناه حتى انه شعر بنوم حنان على الفراش، لكن إستغرب حين سمع صوت شهقه خافته منها، فتح عينيه ونظر نحوها كانت تعطيه ظهرها، جذبها وأدار وجهها له رأي تلك الدموع، شعر بوجع بينما ضمت حنان نفسها له قائله:
عارفه من يوم ما إتقدمت لى والمصايب نازله ترف عالعيله، هتقول عليا ضعيفة،كمان نحس زي...
قاطعها وهو يضمها قويًا قائلًا بإحتياج:
حنان....
قاطعته ببكاء وهي بحضنه،كادت تتحدث،لكن هو ضمها بذراعه السليم قبل عُنقها رغم مآساة قلبه لكن تفوه بهدوء:
مش وقت ضعف يا حنان، بلاش ارجوك انا لغاية دلوقتي مستقوي بيكِ، خديني فى حضنك، ده كل اللى عاوزه دلوقتي... حاسس إنى تايه ومش مستوعب ارجوكِ... أنا عرفت اللى عملتيه فى حفظي فى المستشفى، خليكِ كده ده اللى محتاج له.
ضمته حنان قائله بحنان:
أنا بحبك يا آدم، لو بأيدي كنت بعدت كل الأذي عنك.
ضمها بقوه يضع رأسه على صدرها قائلًا:
يبقى بلاش كلام فارغ مالوش لازمه.
ضمته بعين دامعه تقول:
حاضر.
رفع آدم رأسه عن صدرها قبل وجنتها ثم عاد ينام براسه فوق صدرها، ضمته بإبتسامة حنان، وهي تشعر بانفاسه الساخنه التى تخرج من لوعة قلبه لو بيدها لإنتزعت كل ما سبب له كل هذا الضعف الذي تراه به... بينما هو يريد فقط ضمه تحتويه.
صباحً
كان هنالك بعض النساء لعائلات كبيرة من خارج البلدة جئن لتقديم واجب العزاء بعد إنتهاء الأيام الثلاث حتى يتجنبن الزحام ...
كان بصحبتهن بعض الرجال، الذي إستقبلهم قابيل رغم شعوره الغاضب...
خرجت ولاء من المندرة نادت على عدلات وسألتها:
فين فهيمه.
أجابتها:
الست فهيمه فى أوضة إيمان بتواسيها.
تهكمت ولاء بسخريه، وتفوهت:
وفين البومات التلاته .
صمتت عدلات، إستهزأت ولاء قائله:
طبعًا
كل واحد من ولاد عمران نايم فى حضن مراته... أحسن بلاش يستقبلوا الضيوف مش ناقصين شوية أوباش... غوري هاتي قهوه للضيوف.
❈-❈-❈
اصرت رحيمه على مغادرة الدار،فلقد إنتهي وقت العزاء،طلب من سراج أن يوصلها لمنزلها، بالفعل إصطحبها بالطريق كان الصمت الى أن وصلا الى منزلها فتحت الباب وقالت بأمر:
تعالى يا سراج...
دخل خلفها، جلست على أريكه بالردهه، وقامت بالإشاره على فخذها بإشاره فهمها سراج لباها سريعًا ذهب للنوم على فخذها، ربتت على خصلات شعره قائله:
إبكي يا سراج هترتاح، بلاش تكتم فى نفسك، عارفاك من وإنت صغير، فاكره لما اللى تنشل فى إيديها ولاء ضربتك، مبكتش، انا شوفت عمران يومها مسكتش لها وعطاها كفوها وقال لها إنه مراعي انها أخته كان قطع إيديها.
إستغرب سراج ذلك، لكن مازالت دمعته آبيه النزول من بين عينيه، لكن شعر ببعض الإرتياح وغفي يحاول أخذ هدنة حتى بستعد للعواصف القادمة.
❈-❈-❈
بالمركز الرياضي
رغم أن اليوم لا يوجد تمرين للأشبال فهو الأجازة الأسبوعيه، لكن لو ظلت بالدار ربما تفقد قلبها من شِدة الحزن والوجع هلى فراق والدها الجائر والمفاجئ بلحظة كيف حدث ذلك... سمعت كثيرًا عن "موت الفجأة" لم تتوقع أن يتعرض أحد قريب منها لذلك وليس أي أحد والدها
كانت إيمان تجلس على أحد المقاعد تبدوا شاردة حزينة الوجه... بعد أن
تلقت التعازي والمواساة من بعض العاملين، إضجعت بظهرها تضع رأسها على الحائط خلفها، تغمض عينيها،ذكريات وأحاديث لها مع والدها ، تمُر، ضحكات وإخفاقات
دموع سالت من عينيها بؤسًا... فتحت عينيها حين سمعت:
البقاء لله، الباقيه فى حياتك.
إعتدلت جالسه ونظرت الى تلك اليد المُمدوده لها بأحد المحارم الورقيه، رفعت رأسها نظرت لوجهه ثم أخذت المحرمه الورقيه، جففت دموعها، بينما هو جلس جوارها يشعر بغصه فى قلبه قويه برؤيتها بهذا الشكل، يعلم قسوة ما تمر به.
ردت عليه بحزن:
البقاء لله.
صمت لدقائق قبل أن تتحدث إيمان بسؤال:
إنت مين يا جسار؟.
أجابها ببساطه:
أنا جسار مدرب الأشبال.
نظرت له بشرز، غصب إبتسم، فعاودت سؤالها:
قولت إن سراج يبقى رئيسك.
أجابها وهو ينظر حوله بترقب ثم قال لها:
مش هينفع نتكلم هنا، هرد على كل أسئلتك بس مش هنا، لو ينفع نطلع بره حتى فى الإستاد بتاع الكوره اللى فى النادي.
أومأت له بموافقه بعد قليل على ذاك العُشب الأخضر الصناعي جلس الإثنين بالمنتصف تقريبًا على مقعدين من البلاستيك
رغم أن البساط الاخضر صناعي لكن اليوم شتوي دافئ بسمش شبه غائبه، بعض الغيوم تسير جوار السُحب، بعيدًا عن الاماكن المغلقه، أغمصت إيمان عينيها تتنفس بهدوء ثم فتحت عينيها رأت نظرة جسار لها الذي لم ينكر تلك النظره إيمان بجمال خاص وبهاء بثقتها بنفسها لكن كل هذا اليوم كان مطفيًا بسبب الحزن الواضح، لوهله شعرت بخجل، نظرت أمامها ثم قالت:
جاوب على سؤالي يا جسار، إنت مين؟.
اجابها بمزح:
لاول مره أعرف إنك فضوليه.
نظرت له بغضب وكادت تنهض ليس لها مزاج للمجادله والمناهدة.
مسك يدها قائلًا:
إقعدي يا إيمان.
نظرت له ثم جلست قائله:
هتجاوب على سؤالي.
أومأ بموافقه... ثم قال:
أنا جسار عبد الحميد
ظابط فى الجيش، هنا فى مهمه رسميه ومقدرش أتكلم فى تفاصيلها ولا أقدر اقولك أكتر من كده، ولولا اللى حصل مكنتش هكشف عن حقيقتي قدامك، وأرجوك بلاش نتكلم فى الموضوع ده، لأنه أسرار.
تفهمت إيمان ثم بفضول أو تسرع منها سالته:
ومراتك وإبنك عارفين إنك هنا فى مهمه سريه، وجبتهم بتفسحوا.
نظر لها بإندهاش قائلًا:
مراتي،وإبني!
فين دول.
أجابته بتوضيح:
اللى كانوا هنا فى النادي من فتره.
أومأ لها متفهمًا:
أه قصدك على اللى كانوا هنا...بس دول لا مراتى ولا إبني...دى مرات أخويا وإبنه..هو بيشتغل مهندس فى الامارات وكنا فى فترة أجازة وجت تغير جو مش أكتر.
إستغربت إيمان بتسرع قائله:
بس أنا سمعته الولد بيقولك يا بابا.
أجابها ببسمه طفيفه:
هو فعلًا بيقولى كده،يمكن لانى الاقرب له من باباه اللى مسافر.
تفهمت إيمان ثم صمتت،بينما تفوه جسار بغباء:
اللى زيي كان مستحيل يفكر فى بيت وأسرة وأطفال،لأنى معرض للإستشهاد فى أي عمليه بدخل فيها،إنتِ شوفتي على الطبيعه جزء مشابه باللى بيحصل،فى لحظه ممكن رصاصه تصيبني فى مقتل...ليه أدمر حياة إنسانه تانيه معايا.
نظرت له بغضب قائله:
كل شئ قدر، واللى مكتوب للإنسان هيشوفه وليه مش تتفائل،وسراج أهو متجوز.
أجابها:
مش حكاية تفاؤل او تشاؤم بس دى حقيقة،كمان انا قولت كان مستحيل،سراج كمان كان زيي كده،بس الوقت بيغير،زي ما أنا فكرتي إتغيرت.
نظرت له بإستفهام فأجابها قبل أن تسأل:
أنا مأمن بالقدر اللى جابني هنا وفى لحظه حاطك قدامي فى الخطر،وفـ لحظه مهتمتش بسرية المهمه اللى أنا هنا عشانها وإدخلت وظهرت حقيقتي قدامك.
نظرت له بعدم فهم وضيقت بين حاجبيها سأله:
مش فاهمه قصدك إيه.
تنهد يستنشق الهواء البارد قائلًا:
كل شئ هتفهميه فى وقته...واضح إن السما غيمت وناويه تمطر أنا بقول ندخل جوه.
أومأت له بموافقه،كادت تحمل الكرسي،لكن سبقها قائلًا:
أنا اللى جبتهم يبقى أنا اللى ادخلهم،دول عُهدة على مدير المركز.
أومأت مُبتسمه،سارت جواره كل منهم ينبض قلبه ربما جلسه هادئه صفت ما بقلبهم البائس.
❈-❈-❈
ليلًا
بأحد فنادق أسيوط الفخمه،
وقفت أمام باب إحد الغرف وقامت بارسال رساله
"أنا قدام باب الاوضة"
سُرعان ما فُتح باب الغرفه، دخلت مباشرةً، بينما الآخر نظر يمينًا ويسارًا بالممر وتأكد من خلوه من المارة
ثم دخل وأغلق الباب... نظر أمامه لتلك التى نزعت ذلك النقاب عن وجهها، تنظر له بثقه، تبدلت حين نهرها بغضب قائلًا:
إيه اللى جابك دلوقتى يا ولاء، سبق وقولتلك ممنوع تتصلي عليا غير عالرقم اللى قولتلك عليه... مش كفايه الغلطات والمصايب بتاعتك الاخيرة بلاش تستفزي غضبي.
تحولت الثقه الى قلق نظر لها بحسم قائلًا:
عرفيتي مين اللى سرق الأثار، كمان مين اللى اللى عمل الهجوم اللى حصل عالفرح انا قولت سراج يتقتل، اللى حصل فى الفترة الأخيرة يدل إن قوتك خلاص إنتهت، وبحذرك لآخر مره لو الأثار مظهرتش يبقي بتكتبي نهايتك.
❈-❈-❈
بشقة سراج
إستغرب عدم رجوع ثريا الى المنزل لهذا الوقت فلقد إقتربت من العاشرة مساءًا، بإرهاق توجه الى غرفة النوم سيتحمم وبعدها إن لم تعود ثريا سيهاتفها،
دخل الى الغرفه أشعل الضوء ودلف ببطئ لكن لفت إنتباهه ذلك المُغلف الموضوع على الفراش، بفضول ذهب نحوه وقام بفتحه
إنذهل وهو يقرأ تلك الورقه، كآن الارهاق زال عنه، وبلا تفكير أخذ الورقه والمُغلف وخرج
دقائق كان يدخل من باب تلك الغرفة بمنزل والدة ثريا، المكتب الخاص بها
بينما قبل دقائق إنتهت تلك المرأة من سرد قضيتها لـ ثريا وغادرت، لدقيقه فكرت برد فعل سراج حين يقرأ محتوي ذلك المغلف،ربما يهدأ وتنتهي لعنته بها...لكن نفضت عن رأسها حين صدح هاتفها، نظرت له بترقُب ان يكون سراج هو المُتصل لكن كان رقمًا غير مُسجل، كعادتها تغاضت الرد... لكن عاود الصدوح لكن بصوت رسالة قبل أن تفتح الهاتف وتقرأ الرساله
سمعت صوت إغلاق باب المكتب الخارجي، ثم ذلك الباب الآخر المُتصل بالمنزل،
رفعت رأسها تفاجئت بإقتحام سراج للمكتب، وقفت مذهوله من إغلاقه للبابين، قبل أن تتحدث ألقي أمامها ذلك المُغلف سائلًا:
إيه ده يا ثريا.
نظرت الى المغلف ثم الى سراج وصمتت للحظات ثم قالت بهدوء:
ده تنازل عن الأرض يا سراج.
إقترب منها بخطوات سريعه قائلًا:
ما أنا عارف إنه تنازل عن الأرض، الورقة التانيه فيها إيه؟.
أجابته:
تنازل عن جميع مسحقاتي عندك، يعني...
جذبها من عضدي يديها بقوة لتصتطدم بصدره وبسرعه كان يُقبلها بقوة كادت تزهق روحهما الإثتين، ترك سراج شِفاها، وقف يلتقطا انفاسهما، عينيهما تنظران لبعضهما... قبل أن تهدأ أنفاس سراج قام بدفعها بقوة، عادت للخلف تصتطدم بالمكتب،قائلًا:
أنا فاهم قصدك إيه بده يا ثريا؟.
أجابته بلهاث:
أنت كان غرضك الأرض من البدايه وانا برجعها لك يبقى...
قاطعها بإستهزاء مؤلم:
مفكره إن كان صعب أسترد الأرض سبق وقولتلك بجرة آلم، تعرفي أنا متأكد إن غيث ملكملش جوازه منه، هو عيشك الوهم ومش بس حرق فخدك، ده حرق عقلك وروحك، إنتِ ضعيفة يا ثريا، وأسهل شئ عندك الإنهزام والإستسلام.
ضغط بقوة على نقطة ضعفها، نظرت له بأسي وسالت دموع عينيها قائله بإستسلام:
أنا فعلًا كده يا سراج مُنهزمه وضعيفه، بس مش بأيدي، ده قدر إتفرض عليا.
تهكم ساخرًا بعصبيه قائلًا:
مفيش حاجه إسمها قدر، فى حاجه إسمها تمرُد عالواقع ، لكن إنتِ أسهل شئ عندك....
توقف عن بقية إيلامه لها ينظر لها
بـ «غضب سحيق»
🔥🔥🔥🔥
«بطريق خاوي»
تفوه سراح محاولًا إثارة إستفزازها وهو يقوم بتمزيق ذلك المغلف بما يحتويه قائلًا:
من كام شهر قطعتي قدامي الشيك والتنازل قولت شُجاعة لكن كنت غلطان يا ثريا إنتِ اللى بتسمحي لنفسك بالإنهزام... بالإنسحاب، لأنك عاوزة كده وترجعي تقولي الظروف هي اللى جبرتك، لاء الحقيقة
إنتِ جبانه يا ثريا...بتستسلمي بمزاجك، عايشه هلاوس كفيلة تدمر حياتك، متأكد غيث وهمك...
اصاب سراج إستفزازها إنتهت من التحمُل
ذهبت نحوه تقوم دفعته بقوة بصدره،قاطعته بحِده تتحدث كآنها بآلم ينزف من روحها تشعر بإنهيار:
لاه، إنت يا سراج متعرفش اللى مريت بيه فى حياتي، إنت كنت مُدلل، كل اللى بتحتاجه بتوفر لك، إبن عمران العوامري مش زي بنت الحناوي، العامل البسيط اللى كان عايشها يوم بيوم... أنا كان كل اللى بتمناه هو أعيش مطمنة وراحة بال،مفيش حاجه تتفرض عليا وأوافق غصب، أعيش مع إنسان معدوم الأخلاق... غيث حاول يغتصبني مرات، وفى الآخر أنا سلمته نفسي بإرادتى، هددني أرجع معاه وأقبل بيه زي ما هو عاوز سادي خاين شوفته بتلذذ خيانته قدام عيني، إتحملت اللى مفيش ست تتحمله، خوفت غيري يتأذي بذنبي... ياريت كنت سيبتني أموت يا سراج يمكن كنت إرتاحت.
إقترب سراج منها يشعر بآلم ينزع روحه، هل تعتقد أنه أقل منها عذابً، لا تعلم أنه حين يشعر بالإحتياج كان يذهب الى قبر والدته،التى تُشبه ثريا كثيرًا فى الظروف،الإثنين تجمعهم صفات
الضعف والإستسلام وقبول الإنهزام... حاول ضمها لكن ثريا عادت للخلف لكن لم يُبالي جذبها عنوة وكاد يضمها لكن هي شعرت بعدم قدرتها على الوقوف على قدميها جلست ارضًا راكعة تبكي،دنى سراج لمستواها وضمها قائلًا بصدق:
وأنا بحبك يا ثريا،ومستحيل أتخلى عنك غير فى حالة واحدة،إنك تنطفي وتقولى لى "بكرهك"... بصي فى عينيا وإنطقيها يا ثريا...
رفعت وجهها الغارق بالدموع ونظرت لعينيه شفتيها ترتعش وتفوهت بعناد عكس مشاعر قلبها :
سبق وقولتلك.....
لكن قبل أن تنطقها قاطعها سراج وضمها قويًا يضم شِفاها بين شفتيه يُقبلها بإحتجاج وإجتياح، قُبلة كان مذاقها مالحً
ترك شِفاها حين إحتاجا للتنفس، لحظة وعاد يُقبلها مره أخري، ثم ضعفت ضمته لها وإرتخت يدها وتركها راكعه ونهض واقفًا ينظر لها بتحدي قائلًا:
دي مش قُبلة وداع يا ثريا.
لم ينتظر وغادر يصفق خلفه باب المكتب الخارجي، الذي إرتج وإنغلق عليها، نظرت نحو ذلك الباب، لأول مره تشعر أنها ذات قيمة، تبسمت بدموع غير مهزومة.
❈-❈-❈
بذلك الفُندق
شعرت ولاء بالتوجس وإقشعرت للحظات قبل أن تقول بتبرير ترمي الفشل على غيرها :
مهمة قتل سراج كانت لـ قابيل وكان المفروض ...
قاطعها بغضب ساحق:
مهمة قابيل أو غيره فى النهايه المهمه فشلت وإنتِ المسؤوله قدامي، كمان اللى حصل فى الفرح كان غلطك...
أجابته بتسرع:
اللى حصل مش من تخطيط قابيل هو قالي إن مش هو اللى كان ورا الهجوم ده... هو بعت واحد يقتل سراج .
ضحك بإستهزاء:
كمان متعرفيش مين اللى ورا الهجوم اللى حصل، ليه شبح اللى بيطاردنا، لازم تعرفي مين الشخص ده، لو مكنش حادثة هجوم الفرح كنت قولت سراج هو اللى إستولى على الأثار وبيلاعبنا عشان يكشفنا، لكن الهجوم اللى حصل غير الفكرة.. ودلوقتي لازم نخلص من سراج، موت سراج هينيم الحكومه عن هنا ونرجع نشتغل براحتنا تاني، فى أكتر من عملية هتم الفترة الجايه وعاوز تركيز وكمان هدوء سواء من الجيش أو الشرطة.
إزدردت ريقها بتوجس ثم سألت:
قابيل من وقت رجوع سراج لهنا كان عاوز يقتله وأنا لما سألتك قولت لي:
لاء، ليه دلوق عاوزه يتقتل.
زفر نفسه بغضب ساحق قائلًا:
كان عندي أمل أنه يرجع لـ تالين وقتها كان ممكن أعرف أسيطر عليه وأو أعرف منه معلومات تفيدنا، لكن هو إختار حتة بنت حقيرة مش فى مستوي بنتِ وفضلها عليها غير إنه قهر قلبها، وبنتِ قهرتها غاليه عندي، نفذي اللى قولتلك عليه، سراج يتقتل فى أقرب وقت وكمان تعرفي مين الشبح الخفي اللى ورا المصايب الأخيرة، ودلوقتي يلا إمشي ولما أحتاجك أو أعوز أبلغك أي معلومة.
بسرعه عاودت وضعت ذاك النقاب وإلتحفت به
بينما توجه الآخر الى باب الغرفة فتحه ونظر الى الممر كان خاويًا،دلف نحوها وأماء برأسه ان تغادر سُرعان ما خرجت تسير بتسرع غير منتبه لذلك الذي كان مثل الثعلب يُباري فريسته منذ أن خرجت من دار زوجها الى أن وصلت الى هنا، حتى الى أن غادرت، نظر الى هاتفه وسُرعان ما تبسم بإنتصار:
أخيرًا عرفت مين الراس الكبيرة، "سيادة اللواء
عادل عبد الغفار" إزاي فاتت عليا دي قبل كده
ده كان هيبقي نسيب عمران العوامري،وحما سيادة الضابط سراج باشا.
ضحك بخباثه وإستهزاء يمدح ذكاؤه الذي بدأ يجني ثماره،فلقد اصبح بدرايه عن هوية من يقود ولاء بل يقوم بحمايتها .
ولاء... قابيل... سراج... ماذا لو علم سراج أنه من عائلة متشعبة الإجرام..لا يعلم من كان الأول...لكن ولاء كان لها نظرة خبيثة إستطاعت تطويعه هو وقابيل معها...إستغلت نزة الشر والشهوات وحُب السُلطة والسطوة لديهم.
بعد مرور عِدة أيام
بالمشفى
أنهى إسماعيل ذلك الكشف الطبي وذهب الى مكتبه يقوم بتدوين أسباب وفاة ذلك الشخص
أثناء ذلك سمع صوت طرق على باب الغرفه سمح بالدخول، رفع نظره عن ذلك ونظر نحو الباب، سُرعان ما خفق قلبه لكن تمثل بالبرود قائلًا:
خير يا دكتورة أي خدمة أقدر أقدمها لك....
من نبرة صوته شعرت بالتوتر وهي تنظر له بعشق وإشتياق لكن إنحشر صوتها... تذمر إسماعيل ببرود قائلًا:
من فضلك أنا مش فاضي وقتي...
قاطعته بتسرع وحشرجة صوت:
وحشتني يا إسماعيل.
خفق قلبه،لكن أخفي مشاعره خلف تصنُع البرود قائلًا وهو ينظر لها بحنق:
بجد...واضح إنك فاضيه وجايه تتسلي،وأنا زي ما إنتِ شايفه ورايا تقارير لازم تتسلم،جثث بني آدمين لازم تنكرم وتروح لمثواها عشان أصحابها يخدوا العزا، ويتفاجئوا بعد كده إن اللى دفنوه أغلي من العايشين قريبين منه.
فهمت تصريحه الواضح، شعرت بخزي، هي حقًا غاب عقلها فى لحظة وإمتثلت لرغبة والدها ونسيت قيمة حُزنه ووجعه لفراق والده بهذه الطريقه الشنعاء، ما كان عليها الإستماع الى والدها بهذا الشآن حقًا تلك الوضيعة عمته تطاولت عليها لكن كان لابد ان لا تُعطي لحديثها أهميه بهذا الوقت العصيب...وكان عليها البقاء جوار زوجها تواسيه،لكن هي أخطأت،والدليل مجيئها إليه وتخليها عن الكبرياء،بعد أن تجاهل إتصالتها الهاتفيه ورسائلها التى كانت تُرسلها له بالايام الماضيه...تحاملت على نفسها وإقتربت من مكان جلوسه وإنحنت تمسك يدهُ تنظر ألى وجهه وكادت تتحدث،لكن إسماعيل نهض وقفًا وسحب يدهُ منها بقوة وقبل أن يتحدث سمع طرقًا على باب الغرفه،لم يهتم بوجودها دلف أحد العاملين نظر نحو إسماعيل قائلًا:
فى جثة وصلت المشرحة والنيابة عاوزة تقرير سبب الوفاة بأقصي سرعة.
نهض إسماعيل قائلًا:
تمام أنا جاي وراك.
غادر العامل، نظر إسماعيل لـ قسمت قائلًا:
نأجل كلامنا يا دكتورة زي ما أنتِ شايفه، عن إذنك... إبقى أقفلي الباب وراكِ وإنت خارجه.
غادر إسماعيل بينما فرت الدمعة من عيني قسمت آسفًا وندمً لكن لن تيأس ولن تستسلم.
❈-❈-❈
بتلك البقالة
تبسم فتحي لـ ممدوح الذي أقبل عليه يُلقي التحية، ردها عليه ثم سأله:
جاي منين دلوق.
أجابه ممدوح:
إتأخرت فى المدرسة عشان تجهيزات امتحانات نص السنه قربت.
إبتسم له فتحي قائلًا:
آه فعلًا، دي رغد بتذاكر لأخوها بقالها يومين، كويس إنه هيخلص إمتحانات قبل ما هي تمتحن.
أومأ ممدوح قائلًا:
بدل ما تعطل نفسها عن المذاكرة إبعتوا ليا وانا أذاكر له وهي تركز فى دراستها.
وضع فتحي يده على كتف ممدوح قائلًا:
كتر خيرك يا ولدي، شوف مواعيدك فاضي ميتي، وأنا لما أرجع الدار هقوله.
أومأ ممدوح موافقًا
بنفس الوقت آتت سيدة الى البقالة تُلقى السلام،رد عليها الإثنين،إبتسم لها فتحي بقبول وهي تقترب منه بعشم قائله:
ها يا حج فتحي،أم رغد جالتلى إنك هترد علي طلبي.
نظر فتحي نحو ممدوح الذي تجنبوا عنه قليلًا،ثم أجابها بهدوء:
إنتِ عارفة إن رغد فى الجامعه والفترة الجايه هتمتحن إمتحانات نص السنه وانا مش عاوز أشغل عقلها بالموضوع ده دلوق لحد ما تخلص الإمتحانات.
تهكمت السيدة قائله:
والموضوع ده هيشغل عقلها ليه،الموضوع لسه هيبجي مجرد خطوبه لحد ما تخلص السنه و...
قاطعها فتحي قائلًا:
مش هيجري حاچه لو أجلنا الموضوع كام يوم.
تذمرت السيدة قائله:
لو هى رافضه قول،بس هتلاقي أحسن من ولدي...ده بيشتغل فى قطر والحمد لله ربنا رازقه من وسع.
أجابها فتحي:
ربنا يزود رزقه،ومش هيجري حاچه لو أجلنا الموضوع، بس عشان تركز وعقلها مينشغلش، واللى فيه الخير ربنا يقدمه.
زفرت السيدة نفسها بضجر وأومأت راسها بحنق:
وماله مش هتفرق كام يوم، عن إذنك هرجع داري سايبه الصنايعيه بيركبوا النجف فى الشقه.
أومأ له وهي تغادر ثم تنهد بإرتياح، عاود يقترب من ممدوح عن قصد قائلًا:
الحمد لله الست ربنا هداها ومشيت.
لم يكُن ممدوح يُركز جيدًا وظن انها تود منه بضاعة، فسأله:
هي كانت عاوزه إيه؟.
عن قصد أجابه فتحي:
جايه طالبه يد رغد لولدها.
تحشرج صوت ممدوح سائلًا بتوجس وترقُب:
وإنت وافقت؟.
أجابه فتحي بلؤم مُترقبًا:
قولت لها تديني مدة لحد ما رغد تخلص إمتحانات نص السنه.
تحشرج صوت ممدوح بتسرع سائلًا:
يعني هتوافق.
ببسمه خاصه أجابه:
مش مهم أنا اوافق المهم صاحبة الشأن هي اللى تقرر... وأنا لسه مقولتلهاش مستني تخلص إمتحانتاها.
شعر ممدوح بغصة فى قلبه... بينما تبسم فتحي بخفاء.. وتأكد من حدسه، لكن لابد أن ينطق ممدوح... بعد قليل بمنزل ممدوح بغرفته تمدد فوق الفراش يشعر بغصة قوية فى قلبه يفكر بعقله يشعر بالخسارة والإستقلال من شآن نفسه حتى وإن كان أصبح مُدرسً بمدرسة ذو مكانة لكنه مازال ببداية الطريق، والعريس الآخر له مُميزات منها
شقه خاصه به بمنزل والده، هو ليس لديه ذلك، يعيش بمنزل مع والدته دور واحد يعيشان به معًا، المقارنه خاسرة والقلب يعيش الأسي يخشى سقوطه فى المقارنة .
❈-❈-❈
بـ دار ولاء كانت تستشيط غيظًا
وهي تجلس مع إيناس تنظر لها بعقلها تنعتها بالبلهاء بسبب غيرتها المفضوحة وعقدة النقص التى أصبحت تُسيطر عليها، وضعت الخادمة صنية القهوة ثم غادرت بنفس الوقت جاء قابيل... جلس معهن فى البداية شعر بشمت فى ولاء فهي تقريبًا خلال بضع أيام فقدت جزء كبير من مكانتها وسط العائله، وربما فقدتها كلها هي من كانت ذات الشآن،وذات القيمة العالية،العقل الراجح ، لها مشورة بكل شئ يخص العائله، لكن بعد أن تولى سراج هو شؤون العائله لا يُعطيها قيمة مثلما كان يفعل عمران،كلمته واحدة دون رجوع لأحد،كذالك ما حدث بليلة مقتل عمران والعائلة فقدت الكثير من الأشخاص،عمران كان ضعيف عكس سراج كلمته نافذة بوقت قصير أيام معدودة إستجمع العائله قبل أن تتشتت،رغم شعوره بالغِيرة والحقد... من مكانة سراج الذي كان هو الأحق بها،لكن يخفف من ذلك أن سراج عكس عمران لا يعطي مكانه لتلك الصفيقة المُتعالية الوضيعة،
جلس بالمقابل لها يتذكر قبل أيام ليلة مقتل عمران
حين أخذته وخرجت الى أحد الاماكن المُظلمة بالحديقة وصفعته على وجهه وحدثته بإستهجان:
قولت لك تجتل سراج، إيه الغباء اللى إنت عملته ده.
وضع يده على مكان الصفعة ينظر لها مثل الذئب الغاضب بصعوبة سيطر علي غضبه وهو يقبض على يديه كي لا ينهش وجهها فى الحال، وتفوة بغضب:
مش أنا اللي خططت للهجوم ده.
نظرتها كانت غير مُصدقة، بغضب تفوهت:
ولما مش إنت يبقى مين؟.
اجابها ببساطه زادت من غضبها:
معرفش مين، ممكن يكون الشبح اللى سرق الاثار من المخزن،أنا كنت مأجر مجرم يقتل سراج،لكن الهجوم مش من تخطيطي.
فزعت قائله بسؤال:
ومين الشبح الخفي ده وإيه مصلحته فى الهجوم اللى حصل...إنت لازمن تعرف مين الشبح ده.
أومأ لها براسه غاضبًا من تلك الصفعه يحلف ذات يوم سيردها صفعات...كان هدفه مثل غيره يود معرفة من هو الشخص الذي يساندها ويعطيها معلومات تُدير بها هؤلاء الرجال الاشقياء،وأصبح هو الآخر يعلم هوية ذلك الشخص،بعدما راقبها تلك الليله وذهب خلفها كظلها...لمعت عينيه بدهاء وهو يتخيل بعدما يتخلص من سراج سيأخذ ليس فقط مكانته وسط العائله ويفوز بـ "الثريا" من ثم سيفضي لها ويرد صفعاتها بأن يأخذ مكانتها هي الأخري لو وصل به الامر بقتلها لن يتردد، وكذلك سيتخلص من بلهاء حياته "إيناس" يضعها مشفى عقلي يُطيح بالباقى من عقلها...
فى ذلك الأثناء صدح هاتف إيناس نظرت له ثم نظرت حولها بترقب ثم نهضت قائله:
ده الجواهرجي كنت موصياه على طقم دهب
هطلع ارد عليه من الجنينه الجو فيه هوا جامد والشبكه إهنه بتقطع.
بالفعل وقع بصر قابيل على شاشة هاتف إيناس وقرأ هوية المتصل...خرجت إيناس وتركتهم معًا،تبادل الإثنين النظرات فيما بينهم،نظرات حارقه،مليئه بالبُغض لكليهما...
بينما إيناس خرجت الى الحديقة قامت بالرد وتبسمت حين أخبرها الجواهري قائلًا:
كل اللى أمرتي بيه أنا عملته هستني تشرفيني وتاخديه.
ردت ببرود ونبرة تعالي:
تمام بكره آخر النهار هاجي أشوفه،بس لو طلع مش نفس اللى على ذوقي مش...
قاطعها بتأكيد:
لاء متأكد هيعجبك أوي.
-تمام.
بنفس الوقت رأت حنان وهي تسير نحو الخارج، لاحظت بطنها المُنتفخة قليلًا.. التى بدأ يظهر عليها علامات الحمل شعرت بغضب من ذلك وهي تضع يديها فوق بطنها تشعر بخواء، كآن أنوثتها إنتهت، ثار عقلها، لكن سُرعان ما ضحكت وهي تتذكر ثريا التى علمت بوجود خِلاف بينها وبين سراج وأنها تركت المنزل وسط توقع بطلاقهما قريبًا، هذه المرة ستخرج من العائلة خالية الوفاض.
أمام والد حفظي
رغم عدم رغبة حنان لكن والدتها أصرت عليها من باب المودة والذوق زيارة زوجة عمها المريضة،إمتثلت غصبًا رغم معرفتها بطباع زوجة عمها التى داىمًا تقوم بتشيجع حفظي حتى وهي على علم انه مُخطئ لا تنصحه ابدًا بل تتغاضي،حتى عن قسوته مع أخواته البنات الاتي شبه قاطعن والدتهن بسبب فظاظته معهن لا تُبالي بذلك هو الاهم عندها، حتى أخيه الآخر لا تهتم به وهو الآخر كآن إستهواه ذلك وبعد عن هنا إختار ان يعيش بعيدًا
إمتثلت لقول والدتها
"زيارة المريض صدقة"
ذهبن فتحت لهن الخادمة باب المنزل وإستقبلتهن ودخلن الى غرفة الضيوف...
تعمدت والدة حفظي تركهن لوقت،شعرت حنان بالضيق والضجر وكادت تنهض وهي تقول بغضب:
شايفه يا ماما أهز سمعت كلامك وجينا نزور مرات عمي وهي سيبانا هنه ومش معبرنا، قومي يلا نمشي وبعد كده...
قاطعتها زوجة عمها التى دلفت ببطئ تشعر بكُره ناحية حنان وتتفوه بنزق:
بعد إكده إيه يا جباحتك بدل ما تحسي بالخزي من اللى عملتيه.
نظرت حنان لها بغضب قائله:
عملت إيه يا مرات عمي.
نظرت بلوم لـ حنان وهي تشعر بحقد حين وقع بصرها على بطنها المُنتفخة قليلًا، وقالت بإستهجان:
عمك مات بسببك بعد ما إتحسر وهو شايف حفظي فى غيبوبه،وياريت إكده بس... لاء كمان شلفطتي وش ابن عمك،عشان خاطر حبيب القلب اللى...
قاطعتها حنان بغضب:
فعلا آدم حبيب قلبي وهدافع عنه،وحفظي ولدك ده إنتِ السبب فى فشله وأنه من غير أخلاق ويبطل يطارد ست متجوزة، تعرفي حتى لو مكنتش بحب آدم عمري ما كنت هقبل اتجوز من حفظي كان عندي الموت أرحم من انى أتجوز،إنسان معدوم الاخلاق..
توقفت حنان عن بقية إستهجانها بعدما سمعت صوت تصفيق،نظرت نحوه وهو يُظهر انيابه يصقها بغيظ قائلًا:
برافو يا بِت عمي،قويتي وبقي...
قاطعته بحده وغضب:
طول عمري قويه،سكوتي عن تحرشك بيا قبل كده مكنش خوف منك قد ما كان خوف على مشاعر عمي وإنى أجيب خلاف بينه وبين أبوي،فوق لنفسك يا حفظي قبل فوات الآوان
وبحذرك لو قربت من آدم او إتصاب بخدش مش هفكر المره دي اشوه وشك هقتلك بدم بارد وإنسي إننا ولاد عم.
قالت هذا ولم تنتظر ذهبت نحو باب الغرفه كي تغادر لكن حفظي لوهله كاد يقطع طريقها،نظرت له بغضب وقامت بإلتقاط إحد التحف الكيريستاليه ودفعتها نحوه مما سبب له هلع وعاد للخلف،فإنزاح من أمامها عدت من جواره دون مبالاة،بينما أندهشت والدة حفظي من قول وفعل حنان،
حنان تلك التى كانت خاضعة حين كانت بكنف والدها تبدلت بأخري شرسة،لكن زاد الغِل فى قلب حفظي،يتوعد بهزيمتها عن قريب وستدفع ثمن ذلك مضاعف.
❈-❈-❈
بـ دار عُمران العوامري
بغرفة إيمان
كانت تنكب على إحد الكُتب الخاصه بالدراسة شعرت بإرهاق وملل من ذلك،لأكثر من يوم تستمر على مُطالعة الكُتب فقط حتى شبه لا تخرج من غرفتها...أزاحت الكتاب جانبًا تزفر نفسها بقوة، عاود شعور الحزن لقلبها وهي تتذكر كلمات عمران الأخيرة وقسوة الفراق التى تشعر بها وتحاول إخفائها من أجل والدتها كي لا تزيد من حُزنها... دوامة حزن ودموع تسيل... شراء الكتب الأكثر مبيعًا على الإنترنت
أخرجها من ذلك صوت هاتفها
جذبت محرمه ورقيه وجففت دموعها ونظرت الى شاشة الهاتف، خفق قلبها حين قرات إسم جسار.. جلت صوتها من إختناق البكاء، وقامت بالرد بعد السلام بينهم تفوه بسؤال:
بقالك كم يوم مش بتجي لمركز الشباب لعله خير.
اجابته:
عندي إمتحانات خلاص الفترة الجايه ولازم اركز دي آخر سنه ليا وعاوزه أتخرج بتقدير عالي زي السنين اللى فاتت زي ما وعدت أبوي.
شعر بإختناق صوتها بالدموع حين جائت سيرة والدها، شعر بغصة، وحاول تشجيعها والتخفيف عنها قائلًا:
إن شاء الله هتتخرجي بتقدير عالي، بس عاوز أعرف بعد ما تتخرجي ناويه تشتغلي معيدة فى الجامعه.
فكرت قليلًا لاول مره يطرق على راسها ذلك لم تخطط لشئ بعد ان تتخرج، سوا أنها ستتفرغ لممارسة رياضة الكارتيه مع أشبال مركز الشباب... أجابته:
مش عارفه انا مخططتش إنى أكون معيدة فى الجامعه،
توقفت للحظه ثم قالت:
ممكن أقدم فى اكاديمية الشرطة النسائيه وأخد منحه وبعدها هبقي ظابطة شرطة.
ضحك بمرح قائلًا:
هتبقي زميله يعني،أهو الشرطة والجيش فى خدمة الشعب.
تبسمت وزال غمها، دار بينهم حديث مُتشعب خفف عنها، ومشاعر جديدة وبداية تنجرف لها المشاعر فى طريق الإتفاق بعد الخناق،
❈-❈-❈
ليلًا
بالمكتب الخاص بـ ثريا كانت تجلس وكالعادة الباب الخارجي مفتوح، إبتسمت حين دخل عليها إحد الزبائن، جلست معه تستفهم عن قضيته الى أن إنتهت الجلسة وغادر وظلت هي بالمكتب تعكف على دراسة تلك القضية غير منتبه لبعض الوقت، لكن رفعت رأسها حين سمعت صوت شئ قُذف بالمكتب من الخارج، نظرت نحوه، رأت مُغلف صغير، أثار فضولها بسبب الصوت الحاد الذي أصدره ذلك المغلف، كذالك شعرت بخضه، نهضت من خلف المكتب وذهبت نحو ذلك المغلف إنحنت تلتقطه، رجف قلبها حين تحسست المغلف، وإرتعشت يدها وهي تقوم بفتحه للتأكد من محتواه، كما توقعت الصوت الحاد كان بسبب تلك الرصاصة التى كانت بالمغلف، بيد مرتعشه جذبت تلك الورقه المُرفقة... فتحتها سُرعان ما فقدت الشعور بيديها ووقعت منها الورقه والمُغلف أرضًا تشعر بإنعدام للحظات قبل أن يصدح هاتفها وتعود للوعي تنظر نحو هاتفها الموضوع فوق المكتب، بأرجل مُرتعشه سارت نحو المكتب جذبت الهاتف تنظر لشاشته،زاد الرعب فى قلبها،ذلك الرقم الذي يُرسل لها منه رسائل قذرة بها بعض الألفاظ الدنيئه والوقحه كذالك بعض التهديد،إرتجف جسدها هلعًا،بصعوبه سارت نحو باب المكتب الجارجي وقامت بإغلاقه ولم تستطيع الوقوف إنهارت جالسه خلفه تضع يدها على صدرها تحاول تهدئة انفاسها المتلاحقه،لسوء الحظ وبسبب دخول الهواء الى المكتب سابقًا إنجرفت تلك الورقه التى كانت بالمغلف وأصبحت امام يدها الاخري،لمع الضوء عليها يبرز تلك الكلمه المكتوبه بالدم
"سراج"
سالت دمعة عينيها المغشيه التى نظرت نحو المُغلف الذي مازال بداخله الرصاصة...زاد الهلع وإنتفض جسدها حين صدح رنين الهاتف مره أخري،لكن لم تستطيع النهوض من مكانها وظلت جاثيه أرضًا يخفق قلبها وتتسارع دموع عينيها.... أصبحت على يقين "غيث" مازال حيًا، وأصبح قريب للغاية، لكن لم تخاف على نفسها، خافت على سراج فالتهديد له...
لكن إزداد الهلع بقلبها حين شعرت بمحاولة لفتح باب المكتب التى تجلس خلفه.
❈-❈-❈
قبل لحظات بمكان قريب من منزل والدة ثريا
صعد ذلك الشخص الى تلك السيارة التى كانت تنتظر، ازاح عن وجهه تلك التلثيمه يلهث،يلتقط نفسه ثم نظر بظفر الى ذلك الجالس قائلًا:
تم يا باشا رميت الظرف فى قلب المكتب... ومحدش شافني.
تبسم له بعين ثعلب تلمع يمد يده بمغلف آخر قائلًا:
عفارم عليك، خُد ده اتعابك، ودلوقتي إنزل من العربيه ولما أحتاجك هتصل عليك.
لمعت عين ذلك الشخص وأخذ المغلف فتحه ونظر بداخله ثم سرعان ما لمعت عينيه بطمع قائلًا بترغيب:
وأنا تحت أمرك يا باشا أي وقت إتصل عليا.
أومأ له فغادر السيارة، بينما لمعت أنياب ذلك الجالس بالسيارة وحسم أمره يتقدم بالسيارة خطوات نحو هدفه الذي أصابه بالذعر.
❈-❈-❈
بـ دار العوامري، بغرفة نوم سراج القديمة
مرت أيام إمتثل لرغبة ثريا يُعطيها وقتًا كي تتغلب على ذلك الشعور بالضعف والإنهزام عليها هي إستراد ثقتها ومحاربة ضعفها ومواجهة هزائمها كي تنتصر...
لكن الشوق يتغلب علي قلبه، ينظر الى الوسادى جواره، كم شاركته من ليالى بهذه الغرفة، هنا كان أول قُبلة،أول لقاء حميمي تم بينهما، وما تبعه من مشاعر كانت غير معلومة، إشتياق لقُبلات ومشاعر حميمية كان يظنها مجرد مشاعر ورغبات يستطيع كبتها ، إكتشف
مذاقها المُختلط، وإستطعمها بقبول بل بإشتياق، الليله بل الليالي الماضيه، فراشه خاوي جواره، حتى الشقه لم يستسيغ البقاء بها...
أشواق وتوق وحنين
تجعله يغمض عيناه كآنه عاد مثل الصبيان يقع بالغرام لاول مره، فتح عيناه ينظر الى تلك الوسادة الخاليه جواره لا هي موجودة ولا ملامحها مرسومه مثلما كان يسمع، لكن ذكري خلف أخري معها هنا تمر، إبتسامات تئن بالقلب
بين وداعه منها وعِصيان
أين هي الليله ليتها موجوده تُشعل قلبه بالعِصيان المحبب له...
فاق من ذلك على صوت رنين هاتفه
نظر نحوه وجذبه نظر الشاشه، سُرعان ما إعتدل فى الفراش وقام بالرد لينهي الإتصال قائلًا:
جاي حالًا مسافة السكة
نهض من فوق الفراش سريعًا بدل ثيابه بأخري وخرج من الدار، صعد الى سيارته لكن فتح أحد الادراج تاكد من وجود سلاح بالسيارة قبل
أن يقود السيارة يستشعر أنه لا يسير
«بطريق خاوي»
🔥دمتم ساالمين 🔥...
الفصل الرابع والثلاثون والخامس والثلاثون من هنا