رواية مهرة والامبراطور
الفصل الواحد والعشرون 21 والثاني والعشرون 22
بقلم مي مالك
كانت تغوص في حوض الأستحمام ، وهي مغمضة العينين تنعم بحمام دافئ ، في حين سمعت صوت الباب يفتح ، أخرجت رأيها من المياة ، وفتحت عيناها بسرعه البرق ، وجدت مازن يهبط لمستواها وعلى وجهه أمارات الغضب
نظرت له بدهشه ....ماذا فعلت فكان كل شئ بينهم جيد قبل دخولها
فجأها وهو يضغط على أسنانه بغضب قائلاً :
"حالاً وبدون نقاش ، تحكيلي إلى حصل بينك وبين طليقك ، والا هكون مغرقك في البانيو ده"
نظرت لهيئتها ليفهم ما تقصد ، ويقول بنفس الغضب :
"حالاً يا مهره ومش عايز أي حجج"
نطقت اخيراً بعدما أبتلعت الصدمه :
"معلش يا مازن أخرج وأنا هخرج وراك على طول ، ده مش مكان ينفع نخوض فيه نقاش زي ده"
نظر لها بحده ، ثم تحرك بأنفعال كالثور الهائج
نهضت هيا من حوض الأستحمام ، وأرتدت روب الأستحمام وخرجت
وقبل أن تتحدث مستفسرة ، كان مازن سبقها وهو يسألها بحزم :
"سؤال واحد يا مهرة وجاوبي عليه بحصل ولا محصلش"
انتبهت له مهره ، ليسألها ضاغطاً على كل حرف ينطقه :
"أنتي فعلاً سرقتي طليقك وخدتي منك 10 مليون جنيه"
تجمدت أطرافها وشعرت بتنميل في رأسها ....كيف عرف ....ومن أعطاه تلك المعلومه ....وبماذا تجيب من الأساس ....فهو أخر شخص تود فضح نفسها أمامه
"مازن أنت بتقول أيه و...."
قاطعها قائلاً بحزم :
"حصل ولا محصلش"
وقفت أمامه وقالت ببرود غريب :
"حصل"
شعر بالدهشه تمتلكه ، وبوادر صدمه ظهرت على ملامحة ....في أقصي أحلامه لم يتوقع أن تكون مهرة
"يعني أنتي طلعتي حراميه ونصابه فعلا زي ما هو ما قال"
زادت ضربات قلبها وهي تسأل بقلق مبهم :
"هو مين !"
أجاب بعد فتره :
"طاهر"
عادت للوراء خطوتان وهي تشعر بالخوف يمتلكها ...لكن خوفاً من مازن ....تُرى ماذا قال له ! ....هل قال أنها سرقته فقط ....أم شئ أخر ....هل فضحها بالكامل ....أم مازال متبقى له القليل من النخوة
أمسك يدها بعنف ثم هدر بغضب :
"يعني أنتي إلى طلعتي نصابه في الأخر"
قالت بصوت شبه هامس :
"أسمع ظروفي الأول"
"مفيش أي مبرر للي أنتي عملتيه ، أنتي مش محتاجه ، ولا في أذي ممكن يحصلك من وراه لدرجه تدعو للسرقه"
وألقى لها نظره قاتلة ، وألقاها على الفراش وذهب
نظرت للأرض وهي تقول بأرتعاش :
"كان ....كان سادي"
توقف عن التحرك ، ولم يتمكن حتى من الألتفات لها
أكملت هي قائلة بحرقه :
"في أقصي أحلامك عمرك ما كنت هتتوقع أني كنت عايشه مع سادي ، 6 سنين وأنا عايشه معاه ومستحمله كل حاجه ، عشان معنديش حاجه أعملها ، كنت ....كنت وحيده ومن غير حد ، مكنش عندي حد يحميني منه ويدافع عني ، عملت كل حاجه ممكن تتعمل ، أنتحرت ....هربت ....لدرجه أني حاولت في مرة أقتله من كتر فشل محاولاتي ، وكأن ربنا خد مني رحمته ، لحد ما بقيت حامل ، لا أنا ولا هو كنا عارفين أزاي ، لأننا كنا رافضين الخلفه ، هو عشان يقدر يرميني في أي وقت ، وأنا عشان مش هجيب عيل أطلعه مريض نفسي زي أمه وأبوه"
عاد لها مرة أخرى ، وجلس بجانبها والصدمه تحتله من كل جانب ، غير مصدق بما تقوله من الأساس فمن يمكنه أن يعيش هكذا ويخرج حياً !!!
نظرت للأرض وهي تردف بحرقة :
"لما كلمت ماما عشان تواعيني ، أهبب أيه وأنا واحده حامل من مريض نفسي ، قالتلي وبكل بساطه كده أحسن عشان تربطيه كده يعرف أنه كبر وعقل ويبطل يضربك"
ضحكت بمراره وهي تكمل :
"أصل الأربعين سنه إلى حيلته مش هيعقلوه ، العيل إلى هيعقله"
ثم نظرت له قائلة بحزن :
"بس حقها هي أزاي هتفهم إلى بعيشه وهي كل إلى تعرفه أن جوزي بيضربني كل شويه مش أكتر ، عارف بقى هو عمل أيه"
ظلت تنظر له منتظره الأجابة ، أخذ نفسه بصعوبه وهو يحاول إن يتوقع ماذا سوف يفعل تلك العقليه الحقيرة ، لكنه قال بطموحه الصغير :
"طلب منك تسقطيه !!"
"طلب !! ، لا هو فضل يضربني لحد ما الطفل مات في بطني ، تخيل أقول لجوزي حامل يجبني من شعري ويفضل يضربني برجله في بطني وأنا مش عارفه أحميه ، أنا كنت بتألم أنا وأبني وكل الشغالين في البيت كانوا سامعين ومحدش قدر يتكلم ، أنا جت فترة عليا كنت بتمني أموت كل يوم عشان أرتاح"
ثم صرخت بوجع :
" يبقى بعد كل ده متجيش تحكم على أفعال واحده عاشت عيشتي ، ولا حصلها إلى حصلي ، أنا خدت فلوسه عشان أحرق قلبه ، ولو رجع بيا الزمن مش بس هاخد فلوسه ده أنا هاخد روحه ، ومش هبقى ندمانه"
ثم أنفجرت بالبكاء بعدما خرجت ما بجبعتها ، ظل ينظر لها مازن وهو يتنفس بصعوبه ، ما حدث معها ولا في الأحلام ....برغم كل ما حدث معها مازالت صامده ....وكأنها جبل لا يهزه أي شئ ....هل حقاً مرت بكل هذا !
لا يعرف ماذا يفعل بتلك الأمور ....لو كانت سارقه كان أسهل له ....أما الآن فهو لا يعرف ماذا يفعل ....هل يحتضنها ويخفف آلمها ....أم يتركها لتهدأ مع نفسه
هو نفسه مازال لم يتمكن من تقبل الحقيقة ....أنها قضت 6 سنوات مع رجل بهذه المواصفات ....أنه أشبه بالذهاب إلى جهنم بقدمها
وضع يده على ظهرها يربت عليها ، ثم رمش عدة مرات وهو يقول بحزن :
"مهرة ....أنا مش عارف المفروض أقول أيه أو أعمل أيه ، بس ....بس أنتي ربنا أداكي قوة كبيرة ...عشان تتخطي كل ده وتفضلي زي ما أنتي قويه"
مسحت دموعها بطرف الروب وهي تقول :
"بس أنا عايزة أرتاح ، أنا تعبت ، وعايزة أنام على المخده بهدوء ، نفسي أنام وأنا مش خايفه من كل حاجه ومن أي حاجه ، نفسي أطمن"
ظلت تبكي كثيراً إلى إن هدأت ، ومازن يربت على ظهرها ليس أكثر
ثم قال بنبرة عاقلة :
"جمال ليه علاقه بالموضوع"
تنهدت بتعب وهي تتذكر ما حدث وكأنه حدث بالأمس وبدأت تحكي :
"بعد ما هربت أكتر من مرة وملقتش مكان أروحه ، أكتشفت وقتها أهمية دراستي ، لقيت أن مفيش حل عشان أمشي غير أني أكمل دراستي للأخر ، وبعد ما خلصت السنة إلى فاضله لي ، ظبطت مع جمال أنه هيمضي طاهر على تنازل بأسمي في وسط ورقه وناخد الفلوس ونهرب ونتجوز"
ثم أكملت بخجل :
"بس إلى حصل أني أنا إلى خت الفلوس وهربت برة مصر أنا وماما ، الوقت إلى خدت فيه التنازل بيعت كل إلى أقدر عليه البيوت ....الفلل ... الشركات ....العربيات ، إلى أنا بيعته أكتر من كده بكتير ، ال 10 مليون دول تمن شركته إلى أنا بعتها للمنافس بتاعه ، وده إلى شله ، وأنا خدت ماما ومشينا على كذا بلد ومن دوله لدوله عشان محدش يقدر يمشي على خط سيرنا ، وأنا كنت مفهماها أنها رحلة ، بعد كده أستقرينا على لندن في الأخر ، فترة وماما مقدرتش تستحمل وطلبت تنزل مصر ، لما نزلتها طاهر قفشني وطلب فلوسه ، وأنا طلبت قصادها الطلاق ، وأطلقنا بس مدتلوش فلوسه"
أنهت حديثها وهي تنظر له ، تحاول فهم تعابير وجهه ، لكنها لم تفهم شيئاً
أما هو فشعر وكأن جزء كبير منه بداخلها ...فهو فعل نفس الشئ ....أنتقم لوالده بنفس الطريقه تقريباً ....لقد أراد شخص يشبه لكن ليس لذالك الحد ....بذلك الماضي
فهي تعتبر نسخة منه بأختلاف هيئة صغيرة من الماضي ....فهي أخذت المال لتنتقم لوجعها وطفلها
وهو أخذ المال لينتقم لوالده الذي حرق حياً على يد عمه
أغمض عيناه وهو يشعر ببعض السخونه وكأنه عاد لنفس الذكرى في نفس المكان الذي حدث به الحريق
عندما كان صغيراً وتركت والدته المنزل مع ليان الرضيعه ويامن الصغير وذهبت إلى شقيقتها طالبة بهدنه ، بعدما كثرت المشاكل بينها هي وزوجها ، وبقى مازن مع والده مدحت حتى لا يتركه وحيداً
زارهم عامر للأطمئنان على أحوال شقيقه ، برغم من تفاجئه من وجود مازن بالمنزل
طلب عامر منه أن يدخل إلى غرفته للحديث مع والده في أمر خاص
أطاعه مازن بهدوء وهو لا يعلم ما هو القادم عليه ، غادر الغرفه دون أن يرى نظره عامر الخبيثه
دقائق وسمع صوت صراخ عامر ومدحت ، مدحت يطالب بحقه في ميراث والده وجده ، وعامر رافضاً للفكره متحججاً بأنه يريد بقاء الشركه ولا يهدم ما فعلوه الجد والأب ، وأنه بأخذ مدحت لنصيبه تعني بيع الشركه ، لأن الشركه ليس بها تكلفه تغطي نصيب مدحت ليشتريه أحد أخوته ، ومع تصميم مدحت زادت حده الحديث أكثر وأكثر ، وأرتفعت لتكون غضب عارم بين الشقيقان
ومازن يشعر بالرهبه مما يحدث فهذه أول مرة يتشاجر والده مع عمه
ثم هدأ كل شئ فجأة ، ليخرج مازن والقلق يمتلكه ، وجد والده يجلس على الأريكه يشعر بالحزن وهو واضعاً رأسه بين كلتا يديه ، وعمه عامر في المطبخ ، على الأغلب كان يعمل شاي
ظل ينظر له من بعيد ليجده فعل الشاي بالفعل ، لكن الغريب أنه فعل شئ بأسطوانه الغاز لا يفهمه ، وخرج بكوبان الشاي ولم يكثر لمازن
دقائق وسارع عامر بالذهاب بعدما وصلت رائحة الغاز إلى أنفه ، ولكنه بالطبع أرضى مدحت
دلف مازن إلى الشرفه وأغلق بابها جيداً ، وقد نسى أمر الأسطوانه ، وذهب والده إلى الفراش بعد تلك المحادثه التي أرهقته
دقائق وهو ينظر إلى السماء حتى دوى صوت الأنفجار من داخل المنزل ، وقع مازن على أثرها من الشرفه وهو يرى النار تقترب من نصفه الأيمن ، ثم وصل للأرض وفقد الوعى ، وكان أخر ما يراه منزله المتفحم ، وصراخات والده القادمه من هناك
افاق من ذكرياته على صوت بكائها ، وهي منكسه الرأس وتشعر بالخزي من نفسها وأفعالها
مسح دمعته العالقه ، ولمس ظهرها بحنو ، لتلقى هي نفسها بين ذراعيه وهي تردد من وقت لأخر :
"أنا وحشه أنت تستاهل واحده أحسن مني"
لف ذراعيه حولها وهو يشعر بكل ما مرت به ....هو يعلم أنها لم تتوقع تلك الدرجه من التفاهم معه ....لكنها لا تعلم أنه يشبهها بقدر كافي ليهنئها على ذلك الأنتقام الجميل ....من شخص تجرد من كل معاني الأنسانيه والرجوله
شعر بثقلها على صدره ، ليرفع وجهها له ، وجدها فاقده للوعى
__________
"أنا حذرت حضرتك قبل كده ، ومن الواضح أن محدش أهتم بالتحذير"
قالها الطبيب ببعض الحده ، ليقول مازن بضيق :
"هي كانت كويسه ، معرفش ليه فقدت الوعي فجأة"
"عشان فقر الدم بقى عندها بنسبة عاليه يا فندم ، مبقاش في حل غير أنها لازم تروح المستشفي ويدوها فيتامينات ، عشان بالطريقه دي مظنش أن جسمها هيستحمل"
نظر مازن إلى الغرفه التي تنام بها مهره وهو يشعر بالبؤس مما قاله الطبيب
ربتت ليان على ذراعه وهي تطمئنه قائلة بضيق :
"متقلقش يا مازن ، أن شاء الله هتبقى كويسه ....دي مهرة ، بيحصلها مهما يحصل وبترجع زي الأول وأحسن"
ليقول مازن بنبرة غريبه :
"مظنش أن في حاجه هترجع زي الأول"
__________
صباح اليوم التالي
كان مازن يجلس بجانب مهرة ، وهو يمسك هاتف مهرة بين يديه
لقد دق أحدهم من شركه المنصوري ليسأل عنها ، وطلب هو لها أجازة مرضية ، وللحق كانوا في غايه الذوق وتمنوا له الشفاء العاجل
أما مهرة فلم تستقظ منذ أمس ، ظل يتذكر كل ما حدث معهم ....كل ردة فعل فعلتها بقربه ....كان حقاً كان نابع مع خوفها ....هي لا تخاف منه فقط ....هي تخاف من الرجال بأكملها
دق هاتفه معلناً أتصال من ذلك الحقير الذي يدعى طاهر
أمسك هاتفه ونظر له ثم نظر لمهرة النائمة بهدوء
ثم تحرك ناحيه الشرفه وأجاب ، وقبل أن يتتحدث قال طاهر بشماته :
"أهلا يا مازن ، طبعا على حسب توقعاتي أنك أتصدمت ، يا ترى بقى أقنعت مهرتي ترجعلي فلوسي ، ولا أنت ملكش حكم عليها"
قال مازن ببرود :
"ببساطه ملكش حاجه عندي يا طاهر ، عندك أربع حيطان حواليك أخبط دماغك فيهم ، أما فلوس ف ده لما تشوف حلمة ودنك"
ضحك طاهر بطريقه أثارت دهشه مازن ، ثم أردف بتحدي :
"هو أنت مقدرتش عليها ولا أيه ، وأنا إلى كنت بفكر ياترى كسر فيها أيه ، ياتري ساب فيها حته سليمه ، بس من الواضح أنها لسه قويه وعافيه وأنت مقدرتش عليها"
الغضب لن يفيد مع ذلك الحقير ، فقرر سريعاً أستخدام أسلوب أخر معه
ضحك هو الأخر وهو يقول :
"تقدر عليا ، أنت فاكرني زيك ولا أيه ، أنا مهرتي متقدرش تعمل فيا إلى عملته فيك ، عارف ليه ...عشان بتحبني ، أنما أنت يا عيني كان أهون عليها أنها تنتحر وتموت ولا تعيش معاك"
قال طاهر بغضب :
"وأنت فاكر دور البريئة إلى هيا بتمثله عليك ده حقيقي ، لا متضحكش على نفسك ، مهره دي أخبث من الحيه ، متفكرش أنها بتحبك عشان أول ما هتسمح لها الفرصه هتسرقك وتهرب وساعتها هتدور عليا عشان أساعدك تلاقيها ، أوعى تفتكر أنها بتحبك ، عشان زي ما قالتلك أنها بتحبك ، زي ما قالتلي وقالت لغيري ، مسألتش نفسك أيه إلى خلاني أطلقها ، وأيه إلى خلاني أسبها كل ده من غير ما أدور عليها وأخد فلوسي منها"
ظل مازن صامتاً ، ليقول طاهر بتهكم :
"عشان أخلص من نجاستها ، مهرة كانت و.... ، وبتواعد ألف واحد وواحد ، ضحكت عليك زي ما ضحكت على غيرك يا مسكين ، مهرة دي ياما ضحكت على ناس أنا أعرفها وأكتشفت ده متأخر ، كان نفسي أقتلها بأيدي بس مش هضيع نفسي مع واحده زيها ، روحت طلقتها وهي عشان تنتقم مني لما قولت هفضحها راحت سرقتني وهربت هي وخالتها الغلبانه إلى متعرفش حاجه عنها وعلى عن شرها ، من ضمن كان جمال أسأله عملت معاه أيه ، أسأله راحت معاه شقته كام مره ، مهرة كانت السبب في طلاقه بعد ما مراته قفشتهم وأنا طلقتها بعد ما عرفت الفضيحه دي ، وخد من ده كتير ......"
سمع مازن صوتها الهامس من وراءه ليغلق الهاتف سريعاً ، وجدها تسند يكلتا يدها على الجدار ، وهي تنظر له بوهن ، أقترب منها وحملها عائداً للفراش وهو يؤنبها على نهوضها من على الفراش
نظرت له بحزن وهي تشعر بالآلم من الداخل والخارج ، لا تعلم بأي عين تنظر لمازن ، فهو أخر شخص كانت تود فضح نفسها أمامه
ظل ينظر لها متأملاً هل يصدق طاهر ....هل يصدق أن تلك التي تخاف منه صائدة رجال !
🕺🏻💃🏻🕺🏻💃🏻🕺🏻💃🏻🕺🏻💃🏻
(الفصل الثاني وعشرين)
ظل ينظر لها متأملاً هل يصدق طاهر ....هل يصدق أن تلك التي تخاف منه صائدة رجال !
فهي تذعر بمجرد أقترابه منها ، نفض من دماغه تلك الأفكار فهي من المستحيل أن تكون بتلك الشخصيه السيئة .....لكنها أعترفت أنها حقاً أقتربت من جمال ....لكنها لم تقل إلى أي مدى أقتربت منه .....والسر يكمن في أحدهم ....واحد بس هو من معه الحقيقه ....ليس جمال فهو ببساطه يمكن أن يرشوه طاهر لقول أي شئ يريده ....ويمكن أن يكون هو أساساً الذي ألف ذلك المسلسل لينتقم من مهرة
نظرت له مهرة بحزن وهي تشعر وكأنها عاريه أمامه عندما كشفت ماضيها ، لقد أنتهى كل شئ قبل أن يبدأ ، لقد دمر لها طاهر ما تبقى من حياتها
__________
ظل يبحث في المنزل عن يامن إلى أن وجده يتحدث بالهاتف ويجلس على السطح
أشار له بأنه يريده ليغلق يامن الخط وهو مندهش من أصرار شقيقه
بعدما أغلق الخط ، جلس مازن بجانبه وحمحم يجمع الكلام
نظر له يامن فمن الواضح أن يوجد كارثه ، أفتعلها مازن
"حصل أيه !!"
سأله يامن بقلق مبهم ، ليجيب مازن بتوتر :
"يا ....يامن هو أنا لو عا ....عايز أدور على حد وأنا معرفش حاجه عنه ، أجيبه أزاي"
ضيق يامن عيناه وهو يسأله بفضول :
"مين ، وتعرف عنه أيه"
قال مازن بسرعه وبدون تفكير :
"معرفش غير أسم جوزها"
"!!!!!!"
____________
مرت عده أيام ، مازن ويامن يبحثون عن مبتغاهم ، وليان مع مهرة تساعدها على النهوض مجدداً ، وهي حائرة من ضعف مهرة التي لم تراها به من قبل ، لا تعلم ما حدث بين مهرة ومازن ، وتلك الفجوه التي حدثت بينهم ، كانت كبيره بطريقه أوجعت مهرة من صميم قلبها
بدأت ليان تفكر في حياتها وماذا تريد أن تفعل ، جلبت زياد إلى منزل خاله ليبقى بأمان معاها ، بعدما أتخذت قرار ....لا مزيد من أبتعاد طفلها عنها ....لا مزيد من المدرسه الداخليه ....وأن تحدث طليقها عن الأمر مازن سوف يقف له ....لطالما كان معارضاً لفكره المدرسه الداخليه ....لكنها لم تفهم وجهه نظره ...والآن حان الوقت لتصحيح الأخطاء القديمه
___________
طرق الباب ودخل سريعاً دون أنتظار الرد ، وجد والده يجلس في الشرفه ، أشار له بالمجئ ثم رشف من فنجال القهوه خاصته
تحرك يونس بأتجاه والده وهو يشعر بالضياع ، جلس على المقعد وظل ينظر من الشرفه قليلاً وهو صامت
قال هاشم بضجر :
"إيه يا حزين هو البيت كله مفيهوش بلكونه ، فجي تقعد في بلكونتي"
نظر له يونس بملامحه البائسه ولم يتحدث ، ترك هاشم الفنجال من يده وهو يقول بتهكم :
"في أيه يا يونس !! ، أنت بقالك فتره مش مظبوط ، أنت مش مرتاح مع خطيبتك"
قال يونس بتأفف :
"وهو من أمتى سرين ريحت حد ، من ساعت ما أتخطبنا وهي كل أسبوع تقريباً ليها موال جديد ، أنا تعبت منها ، ليان عمرها م......"
أوقفه هاشم بيده وهو يقول بسرعه :
"أيه دخل ليان دلوقتي في الموضوع !! ، هو أنت بتجيب سيره ليان قودام خطيبتك"
هز رأسه بالنفي وهو يقول :
"لا أنا مش بجيب سيره ليان ، ليان هي إلى بتجيلي في دماغي ، مجرد ما بتخانق مع سرين ، بفتكر كل حاجه معاها وكأن عمرنا ما أتخانقنا مع بعض ، بحاول أفتكر ليها أي موقف وحش ، أي حاجه وحشه ، لكن بنسي ، مش فاكرها غير الحلو وبس"
نظر له هاشم بحزن ، ثم قال له بضيق :
"عشان قلبك إلى بيفكر ، بيفكرك أنه مش مرتاح غير مع ليان ولا حاسس بهدوء غير مع ليان ، وأن أنت بغبائك ضيعت ليان"
"يعني كنت عايزني أعمل أيه ، أفضل قاعد جمبها وحاطت أيدي على خدي ، لو فضلت قاعد جمبها 10 سنين قودام مازن مش هيوافق"
"يونش المشكله مش ليان ، أنت إلى غبي وقولت تريح نفسك ، ف خرجت الأتنين بره حياتك وده غباء منك ، ليان كانت جيالك وقالتلك أنها اتخانقت مع أخوها عشانك ، كان المفروض وبكل رزانه عقل ، تفهمها وجهه نظرك ، تعرفها أنك تعبت وعايز تتجوزها ، هي كانت هتضغط على أخوها ، ليان الوحيده إلى عندها القدره أنها تخلي مازن يوافق ، بس أنت إلى مفهمتش ليان ، وأهو أنت بتاخد جزاتك دلوقتي"
قال يونس بحيره :
"يعني أيه !! ، طلعت أنا الظالم في الأخر ظلمت سرين وليان ، يعني أسيب سرين وأروح لليان"
"مظنش ، ليان بعد ما رجعت بقت حالفه لتكون أحسن من الأول ، يمكن أحسن من ليان القديمه إلى أنت حبتها"
نظر له يونس وهو يحاول أكتشاف ما هو مخبئ تحت الكلام ، ولكنه قال بعدم فهم :
"يعني أيه ! ، هي قررت تشتغل ولا أيه"
"أنا صراحه أنبهرت بتفكيرها ، ليلي لما راحت لها الأول لقيتها أتغيرت ، قالت يومين وترجع زي الأول ، بس إلى حصل أن ليان بقت مصاحبه مرات أخوها إلى مش بتحبها ، هي كان أسمها أيه !! ، أسمها مش جي على بالي"
قال يونس بدهشه :
"مهرة !!"
"أه مهرة ، ومش بس كده لما ليلي اتعصبت لما عرفت أن مهرة هي إلى مخبياها ، ليان فرقعت في وشها وقالت محدش يقول كده على مرات أخويا في غيابها ، وهي كانت بتحاول تساعدني ولله وأعلم كده لقحت على أختك ، ليلي مقالتش هي قالتلها أيه ، بس كان باين من خلقتها"
ضحك يونس وهو يفكر ليان ومهره أصدقاء !! ...مستحيل
أكمل هاشم قائلة بفرحه :
"لما أتصلت بيها من كام يوم وعرضت عليها تشتغل مترجمه في الشركه عشان تبقى جمبي ، رفضت وقالت أن يامن برضو طلب منها نفس الطلب وهي موافقتش ، لأنها عايزه تبني ليها كيان في شغلها بعيد عن شغل العيله ، وقررت هتاخد كورسات تقويه ثم هتشتغل مترجمه في دار نشر ، هي قالتلي أسمها بس مش فاكره ، وتقوي مهاراتها عشان ترجع لحلمها القديم ، وزاره الخارجيه"
أبتسم يونس فرحاً بما قررته ليان ....وأنها أخيراً عرفت ماذا تريد ....بالتأكيد هي أيضاً سعيده بقراراها
ثم كشر وجهه عندما تذكر أن كل ذاك سوف تحققه وحيده ، دون الحاجه إليه ، بل أنقلب الأمر وأصبح هو من يحتاج لها
"هو أنا جايلك تحللي مشاكلي مع سرين ، تحسرني على ليان"
أبتسم هاشم وهو يقول بذكاء :
"أنت كل ده ولسه مفهمتش ، ليان لغت قلبها وشغلت عقلها ، فكرت أن بقلبها ده أزاي ترجع لحلمها القديم ، فهمت أن القلب مش للحب والكره والحزن وبس ، وأنت كمان المفروض تفكر بقلبك بس صح ، بطل تفكر في أنك هتعجز ومش هتتجوز ، عشان نصيبك هيجيلك ، من غير ما تدور عليه ، لو مش مرتاح مع سرين سبها ، بس متفكرش في ليان طول ما أنت مش مقرر هتعمل أيه ، رتب نفسك ، شوف لو رجعت لليان هتعمل أيه ، ولو فضلت مع سرين هتعمل أيه"
وضع يده على عيناه وهو يقول :
"أنا مبقتس فاهم حاجه خالص"
"يوووه ، بص يعني من الأخر لو فضلت مع سرين لازم تاخد قرار أنك تنسي ليان خالص بحلوها ومرها وتركز مع شريكه عمرك سرين ، أنما لو شوفت أنك مش قادر تعيش من غير ليان يبقى تسيب سرين عشان متظلمهاش ، وتحلف طلاق تلاته ما أنت سايبها غير لما تبقى مراتك ، حتي لو فضلت عازب جمبها العمر كله ، الحب عايز تضحيه ، وأنت مش عايز تضحي ، محدش بيموت من المحاوله ، حاول وحاول لحد ما تمسك أيدها وأنتم جوا بيتكم مش مصدق أنها بقت مراتك ! ، فهمت ولا أنا بكلم حيطه"
هز يونس رأسه دليلاً على سمعه ، وبدأ يفكر في حديث والده بشكل جدي
___________
دلف يامن إلى الشركه بسرعه ، ذاهباً إلى غرفه المدير
فتح الباب دون أستأذن ، كان مازن يجلس يعبث بالأوراق ومعتز يقف وفي يده مجموعه ملفات
نظر له مازن متأملاً ، ثم طلب من معتز أن يخرج ويغلق الباب وراءه
وما أن فعل ذلك ، قال يامن بفرحه :
"لقيتهالك يامعلم"
نهض مازن من على مكتبه بفرحه غير مصدق ثم أردف :
"ولله يا يامن كنت عارف أنك مستحيل تخيب ظني"
جلس يامن على المقعد مستريحاً وهو يقول بتعب :
"ده أنا تعبت من كتر اللف عليها ، بيت أهلها في السيده زينب ، وهي قاعده عندهم ، وفتحت مكتبه أبوها وبتشتغل فيها"
أرتدي الجاكت الجلدي الخاص به وقال بسرعه :
"قولي العنوان بالتفصيل ، أنا هروح لها حالا"
"متنساش أسمها نهال السيد محمد"
___________
دلف إلى المكتبه الصغيره ، وتفحص المكان بهدوء ، وقفت أمامه إمرأه في منتصف العشرينات تقريباً ، ترتدي زي هادئ يليق بعملها
أبتسم لها بهدوء ثم أردف بتوتر :
"حضرتك أستاذه نهال"
أستعجبت نهال من أمره ، كيف يعرف أسمها
نظرت له نهال بأندهاش ، ثم نطقت بقلق :
"هو حضرتك مين !!"
تنهد مازن بهدوء ثم أخرج هاتفه وقال :
"حضرتك تعرفي حد أسمه جمال بكري"
زفرت نهال وهي تقول بغضب :
"الله يجحمه مطرح ما راح ، طليقي ، قطع وقطعت سيرته ، روح يا باشا لو ليك حاجه عنده روح خدها أنا لا أعرف له طريق ولا بيت"
اوقفها بيده وهو يقول بهدوء :
"أنا مش عايز منه حاجه ، أنا بس هسأل حضرتك كام سؤال وهمشي على طول ، الموضوع فعلا مهم بالنسبه لي ومش زي ما أنتي فاكره"
صمتت نهال ، ليقول هو بقلق :
"هو انتم أطلقتم ليه"
رفعت نهال حاجبها وهي تستغفر ربها ، ثم قالت :
"يا باشا دي أسرار بيوت ، وأنا بنت أصول وخارجه من بيت مربيني أن أسرار البيوت متخرجش بره بيوتها"
حاول مازن كتم ضحكته وهو يقول :
"بس حضرتك فضحتيه فعلا في مكان سكنكم القديم ، وأغلب الناس تعرف أن حضرتك قفشتيه بيخونك فصوتي ولميتي الناس"
نظرت له بقلق ، فهو ليس مجرد سؤال هام ، من الواضح أن يوجد شئ أخر هي لا تفهمه ، وهذا جعلها تقلق
وضح ذلك في نبره صوتها وهي تقول :
"هو في أيه يا بيه ، مكان سكني القديم وسألت الجيران وعرفت سبب الطلاق ، هو أيه الموضوع"
"الموضوع في البنت إلى كانت مع جمال ، شوفتيها"
"أيوة"
"فاكره شكلها"
"أومال دي هيا إلى خربتلي عيشتي هيا وإلى ما يتسما جمال"
قلب مازن في هاتفه قليلاً وأخرج صوره لمهره كان ألتقطها لها منذ فتره ، ومد يده بالهاتف لنهال وهو يسألها بترقب :
"هي دي"
دققت نهال في الصوره ، ثم قالت :
"لا يا باشا مش هيا ، دي باين عليها بنت ناس ومتربيه ، التانيه كانت أستغفر الله العظيم حتى بعد الفضيحه إلى عملتهالها بقت واقفه في وشي تردحلي وتقولي جوزك قارش ملحتك ومش طايقك يا دلعدي سبيه لغيرك وحاجه كده أستغفر الله ربنا ما يوريك"
أخذ منها الهاتف وأخرج من جيبه بضع ورقات نقديه وأعطاهم إياها وهو يشكرها بفرحه ، لم تكن مهره ، طاهر يكذب في كل ما قاله ....زوجته من المستحيل أن تفعل ذلك
___________
دلف إلى المنزل وفي يده مجموعه من الأكياس البلاستيكية
ذهب إلى غرفة مهرة بعدما صممت أن تمكث بها بعدمت حدث بينهم ، وهو لم يعترض
طرق على الباب وفتح ليجد ليان تجلس بجانب مهرة وتمسك بيدها روايه ما وتقرأها بصوت عال ، ومهره تستمع لها
أبتسم مازن لهم ، تحركت ليان لتحتضنه ، بينما مهره لم تقوى على الحرك ...بالتأكيد قادم من أجل شقيقته ....فهي أصبحت مثلها مثل أي جماد هنا ....لا يحق لها المعامله الطيبه
طلب مازن من ليان أن تتركهم وحدهم قليلاً ، فأخذت الروايه وتحركت للخارج تاركه لهم المساحه الكافيه ، ليتصافوا سوياً
جلس بجانبها ووضع الأكياس على قدمها قائلة بهدوء :
"دول عشانك"
نظرت لما في الأكياس من الخارج ، ثم نظرت بعيداً وهي تقول في نفسها أليس من المفترض أن يكون هو الساخط عليها وعلى ماضيها
نظرت له بحزن ليفهم ما بها ، نظر إلى يده وهو يلعب في خاتم زواجه ، ثم نظر لها قائلاً بضيق :
"أنا عارف أنك واخده على خاطرك مني ، عشان سيبتك تمشي من الأوضه ومتكلمتش ، بس أنا كنت مخنوق ودماغي هتفرقع من التفكير ، أعذريني يا مهره عمري ما كنتش أتوقع أن ماضيكي يطلع بالبشاعه دي ، أنا كنت زعلان منك وعليكي ، بفكر في كل حاجه مرت بينا وبفتكر كل مره كنت بعمل معاكي فيها حاجه وبتيجي سيره الماضي وتزعلي ، أو تعلقي تعليق غريب ، مفهمتش تعليقاتك غير لما حكيتيلي الماضي"
تنهد وهو يكمل بحزن :
"متخيله لو كان طاهر متكلمش أو مكنش ظهر ، كنتي هتتكلمي معايا ، هتقوليلي على إلى حصلك ، كنا هنفضل على الحال ده بخوفك الغريب إلى مفهمتوش غير دلوقتي"
أخفضت رأسها للأسفل وهي تقول بنبره مختنقه :
"أنت عندك حق ، أنت لبست في واحده ماضيها أسود من السواد نفسه ، صعب تقبل بيها"
أقترب منها ووضع رأسها على صدره قائلاً بحب :
"أنا قابلك أنتي وماضيكي يا مهره ، ومعلش مش هضيعك من أيدي عشان حاجه حصلت وخلصت خلاص ، أينعم أنا لسه مصدوم ومتقبلتش الموضوع أوي مش هكدب عليكي ، بس أنا هديت كفايه عشان أقرر أن مينفعش تسبيني ، مهما كان إلى حصل في الماضي فهو خلص ، المهم حاليا أن الماضي ميأثرش على المستقبل ، وأن النقطه السوده إلى ظهرت من الماضي لازم تختفي عشان متأثرش على إلى جي"
تنهدت مهره وهي تشعر بالغرابه ....لقد قبل بها ....بقد أمتص الصدمه بسرعه وسهوله غريبه ....لقد رفض بعدها ....لقد قال لها نصاً أنه لا يريدها أن تضيع من يده .....أي حلم هذا ....هل يعقل أن تنتهي الكوابيس ....ونبدأ بالأحلام الجميله .....هل أخيراً تم منحها السعاده برغم كل ما حدث ....أي معجزة هذا .....هل هذا كل ما سوف يظهر من الماضي ....أو سوف يفضحها طاهر فضيحه كامله عوضاً عن أمواله التي سرقت......
🕺🏻دمتم ساالمين💃🏻....