رواية مهرة والامبراطور
الفصل الواحد والثلاثون 31
بقلم مي مالك
بعد مرور عده أيام
دلفت إلى المدير وفي يدها ورقه أستقالتها ، أصبح ليس لها مكان هنا ، بل هناك في وزاره الخارجيه كما كانت تحلم دوماً ، قله قليله من الناس هم من يكتبون أستقالتهم بشغف ...بفرحه ، وكأنهم يكتبون أحلامهم ، وكانت ليان منهم ، من القله القليله الذين حصلوا على أحلامهم
وضعت الورقه على مكتب المدير الشاب ، الذي رفع نظره عن أوراقه لتظهر عيناه البنيه كفنجال قهوه من تحت زجاج نظارته الطبيه التي تعطيه بعض الوقار ، من يراه به لا يصدق أن عمره مجرد 36 عاماً ، فهو يبدو في أواخر العشرينات ليس أكثر ، لكن بعض الشعيرات البيضاء التي نمت في لحيته وشعره أعطته مظهر جذاب
أبتسم ما أن رأها لتظهر غمازاته التي تضيف له بعض الجمال ، أشار لها إلى المقعد لتجلس هي بهدوء ، نظر إلى الورقه التي وضعتها على المكتب ، ثم عقد حاجبيه وظهر الضيق على صفحه وجهه ، لكن برغم من ضيقه سألها مستفسراً :
"ليه كده يا أستاذه ليان ! ، هو الشغل معانا معجبكيش ولا أيه ؟"
نفت هي سريعاً قائلة :
"لالا يا أستاذ يوسف ، أنا أنبسطت في فتره شغلي مع حضرتك ، بس ....أنا جات لي فرصه شغل أحسن ، عشان كده ...."
قابل يوسف أعترافها بتهكم :
"يعني حضرتك كنتي واخده شركتنا كوبري على ما توصلي للفرصه الأحسن !"
أعترافها وضعها في مأزق ! ، هل هذه جزاء من يقول الحقيقه في تلك الأيام
ظهر الضيق على ملامحها ، تلك هي ليان لا تحب من يتهمها بأشياء لم تفعل ، والأدهي أنها لا تحب التبرير
"يا فندم أنا مش مضطره أبرر لحضرتك على شغلي ، أنا كنت بحلم دايماً بالشغل ده ، ولم جالي أكيد هسيب كل إلى في أيدي عشانه ، سواء حضرتك قبلت أو رفضت ، كنت أتمنى علاقتي بالشركه تنتهى بطريقه ألطف من كده ، بس على العموم شكراً"
ونهضت من مقعدها تنوى الخروج ، لينهض يوسف سريعاً من مقعده وهو يقول :
"أستاذه ليان ! ، أستاذه ليان ، أنا أسف على الكلام السخيف إلى أنا قولته ، أنا أكيد مقصدش طبعاً الكوبري والكلام الفارغ ده ، أنا بس أضايقك أنك هتمشي وتسبيني"
"!!!"
صلح خطئه سريعاً :
"تسبينا يعني ....تسيبي الشركه ، طبعا ...يعني هو أنتي قعدتي معانا فتره بسيطه بس أثرتي فيا جدا"
"!!!!"
عدل ما قاله بأرتباك :
"فيناا ....أثرتي فيناا كلنا ، في الشركه يعني ، ده حتي عم جمعه هيفتقدك"
نطقت أخيراً غير مستوعبه ما يقوله :
"عم جمعه الفراش !"
حمحم بأرتباك وهو يوسع ربطه عنقه ، ثم أردف ببعض الشجاعه :
"يعني ....يعني هو مش بالظبط ، هو ...هو"
أقتربت منه ليان ، وقد خمنت ما يريد أن يقوله ، أبتسمت بدلال وهي تحاول أن تبث له بعض الأطمئنان ، لعل ذلك يخف من التوتر الذي يغلف المكتب
رفع نظارته الطبيه للمره الخمسون بعد المئة ، وهو يحمحم بتوتر ثم قال بنبرة لطيفه :
"هو ....أاااا....أنا صراحه شكلي معجب بيكي"
رمشت بعيناها عده مرات ، ثم أشارات لنفسها بفرحه :
"أنا ! ، امتى ! ، ده أنا بشتغل في الشركه مكملتش سنه"
ليرد سريعاً بعفويه :
"هم كانوا كام شهر بس فعلا خطفتي قلبي"
ظلت منصدمه عده دقائق إلى أن أخرجها يوسف من صدمتها قائلاً :
"مش هقدر أقبل أستقالتك وأبعدك عني ، أنا مصدقت لقيتك"
برغم من تلك اللحظه السعيده ، لكن عادت ملامحها تتبدل للضيق مره اخرى
وقبل أن تلفظ أي شئ يخرب تلك اللحظه السعيده ، قال يوسف سريعاً بمزاح :
"أنا بهزر أكيد ، بس عندي شرط عشان أقبل أستقالتك ، تقبلي عزومتي على العشا أنهارده"
أبتسمت ولم تتمكن من أخفاء سعادتها ، لقد أعترف لها الان أحدهم أنه يحبها ، هي لم تكن سيئه كما كانت تعتقد ، لقد أعجب بها أحدهم أخيراً
هزت رأسها له بالموافقه ، ثم أنسحبت للخارج وهي تمشي بخطى أشبه بالرقص ، والعمال مندهشون من طريقتها ، لكن لم يبدي أحدهم أي أعتراض ، هبطت سريعاً تخرج من الشركه ، وهي تشعر بفرحه عارمه فهي أخيراً خرجت من طوق يونس الذي يربط عنقها وكأن هو فقط من يحبها ، لكن ها هي الان ستذهب مساء اليوم في موعد ، لكن في ذلك الوقت يجب أن تسأل نفسها بجديه ، هل هي حقاً تحررت من علاقتها بيونس !
__________
كانت تجلس على الأريكه شارده في الاشئ ، إلى أن جاءت بدور وجلست بجانبها ، نظرت لها مهره وأبتسمت بهدوء ، ثم عادت إلى شرودها ، هزتها بدور ببعض العنف وهي تحدثها :
"وبعدين !"
نظرت لها مهره بدهشه :
"أيه يا ماما"
قالت بدور بتذمر :
"وبعدين معاكي ، هتفضلي لأمتى على حالك ده ، قاعده مش بتعملي حاجه ، حتى شغلك إلى قولتلك أرجعيله ، روحتي قدمتي لي أستقالتك رسمي ، هو في أيه"
أمسكت مهره رأسها بتعب وهي تقول :
"والنبي يا ماما مش كل ما تتكلمي معايا ، تفتحي الموضوع ده"
صرخت بها بدور قائلة بتعب :
"وهو أيه الموضوع ، دي حياتك يا مهره ، هتفضلي لأمتى موقفه حياتك على مفيش"
صرخت بها مهره وهي تكاد تشد شعرها من فرط الجنون :
"لما ألاااقي حل ، لما الاقي حل لحياتي وقتها هبقى أتحرك"
"حل لأيه ، ما خلاص كل حاجه خلصت ، وكله كان هيبقى كويس ، لكن أنتي خربتي كل حاجه ، قطعتي علاقتك بمازن ، وعلاقتك ببنته إلي أساس الجواز كان ليها ، شغلك حتى شغلك سبتيه ، بقيتي قاعده مش بتعملي حاجه"
ثم صرخت بها :
"انتي مبقاش ليكي أي لازمه يا مهره ، حتي شغلك رمتيه ، ومازن كمان رمتيه ومعاه قلبك ، أنتي وانا متأكدين أنك بتحبي مازن ، بس دماغك الناشفه هي إلى هتضيعه من أيدك"
هبطت دموعها بتعب وهي تقول :
"هو كده كده ضايع ، من امتى في حاجه في حياتي بتكمل ، أنا بحبه وهو بيحبني ، بس مننفعش لبعض"
أردفت بدور بتهكم :
"ده مين إلى قالك كده ، ولا دي نظريه عقلك لسه مألفها عشان تاخديها مبرر عشان مترجعلوش ، بصي يا مهره ، محدش بيمسك السكينه ويغرزها في قلبه بنفسه ألا أذا كان عبيط ، وأنا مش هفضل ساكته لحد ما الأقيكي عامله حاجه في نفسك ، يا تحاولي تظبطي حياتك إلى شايفاها من منظورك بايظه ، يا أما تبطلي دلع وترجعي لشغلك ولمازن ، أنما متفضليش كده ، أنا لو مموتش من اعصابي إلى باظت بسببك ، هموت من الحسره عليكي ، وأنا مش عايزه أشوف كده"
"أسافر يعني ! وأسيب لك البلد يمكن ترتاحي مني"
لفظت بدور بملل :
"على الأقل هتسافري تشتغلي وتعملي لك لازمه ، بدل ما أنتي قاعده بتضيعي عمرك يا في النوم ، يا سرحانه ، يا بتعيطي ، أنا غُلبت معاكي ، ولو متعدلتيش أنا هتصل بمازن"
هدرت مهره بصوت عالٍ :
"أيه هتخوفيني بيه ، عايزه تجبيه يعمل أيه ، ياخدني بالعافيه ، ده مش مازن وهو مش هياخدني غير بمزاجي"
نظرت لها بدور ثم قالت بنبره غريبه :
"هخليه يخدني أنا ، أنا إلى همشي يا مهره وأسيب لك البيت خالص ، وقت ما تعرفي يعني أيه حياه وتعرفي قيمه عمرك إلى بتضيعيه ، وقتها أرجع ، انما أنا مش هفضل جمبك أموت بحسرتي وأنا شايفاكي ب إلى بتعمليه في نفسك ده بتموتي نفسك بالبطئ"
صرخت بوجع وهي تجلس بركبتيها على الأرض :
"هو أنتم ليه محدش فاهمني ، أنا مبقتش عايزه حاجه ، أنا مش عايزه حد ، أنا مش بوجع نفسي بنفسي ، أفهموني بقى ، أنا تعبانه ، أنا محتاجه حد جمبي ، أنا مشاعري هلكتني ، أنا مش قادره أعيش"
جلست بدور بجانبها وهي تقول ببكاء :
"الشخص التعبان بيكون عايز أهله وأحبابه حواليه عشان يطمنوه ، ويديهم أمل في الحياه ، مش بيبعدهم عنهم يا مهره"
أمسكت قلبها بتعب وهي تقول بوجع :
"مش قادره ، مش قادره أتعامل مع حد ، مش قادره أفكر في حاجه ، قلبي وجعني لدرجه أني عايزه أخلص من كل علاقاتي ، كل حاجه تربطني بالعالم الخارجي ، أنا مش عايزه حد ، أنا اختارتك أنتي دوناً عن كل الناس يا أمي عشان أبقى معاكي ، مش عايزه أشوف غيرك ، مش عايزه غيرك ، عايزه أموت هنا جمبك"
عانقتها بدور وهي تبكي بحزن :
"لا يا حببتي مفيش موت ولا حاجه ، أنتي هتبقى كويسه أن شاء الله ، أنتي بس محتاجه ترتاحي وكله هيبقى تمام"
وبدور في بالها تنوى الأتصال بمازن
__________
صعدت ليان درجات السلم وهي تغني بأستمتاع ، وأخيراً عادت إلى منزلها الحبيب ، لكنها وجدت يونس يجلس بجانب باب منزلها ، رفعت أحدى حاجبيها وهي تقترب منه متسأله :
"أيه إلى مقعدك على السلم بالشكل ده"
أبتسم يونس بسعاده :
"مستنيكي"
أشارات إلى باب منزلها وهي تقول بدهشه :
"هي كراسي البيت خلصت ف رايح تستناني قودام الباب"
"أعمل أيه بقى شريكتك إلى أسمها مي دي مرضتش تدخلني بتقولي أنا قاعده لوحدي متقدرش تدخل ، حاولت معاها قفلت الباب ، وبتقولي الحاجات دي مفيهاش نقاش"
... 🕺🏻دمتم ساالمين💃🏻...
