
رواية عشق مهدور
الفصل الخامس5 والسادس 6
بقلم سعاد محمد سلامه
على نغمات تلك الأغنيه التى تتردد كلماتها فى آذانه تفوت مباشرةً الى وجدانه،كآنها تصف حالة قلبه.
"آه على قلب هواهُ محكم
فاض الجوى منه فظلما يكتم
ويحي أنا بحت لها بسره
أشكو لهـا قلباً بنارها مغرم
ولمحت من عينيها ناري وحرقتي
قالت على قلبي هواها محرم
كانت حياتي فلمـا بانت بنأيها
صار الردى آه علي أرحـم
كل القصايد من حلا عينيك
من دفا إيديك كتبتن وقولتن
هودي القصايد مش حكي يا روحي
هو بكي القصايد هو لكِ كلن
كل القصايد"
كان صداها يتردد عبر أثير هاتف أحد رُكاب القطار إمتزجت كلمات
ونغمات الأغنيه معًا تطرب قلبه مباشرةً، أغمض عينيه لتحتل صورة أمنيه يتمنى أن تتحقق فى التو،رأى نفسه بمكان تُحيطه أشجار عاليه تحاوط ذلك الفضاء الواسع ذو الإضاءه الخافته، نظر الى تلك الخيمة المُستطيله ذات اللون الوردي تحتل مكان جانبي صغير
مُزينه بأكاليل الزهور المُنسدله فوق تلك الاعمده التى تحاوطها تلك اللمبات الصغيرة سبب إضاءة المكان كذالك يحاوطها ستائر حريريه تهتز بنسائم الهواء الخفيفه، توجه بخطوات هادئه نحو تلك الخيمه وفتح إحدى أطراف تلك الستائر أزاحها بيديه على جنب
تبسم حين وقع بصره نحو ذالك فراش المُزين بالزهور التى ينتشر عبقها
تحولت نظرته لوله حين وقعت عيناه على تلك الجالسه على طرف الفراش تُخفض وجهها بحياء، رغم أنها تُخفيه خلف وشاح أبيض مُزين بتاج من زهور دوار الشمس البيضاء والصفراء،وترك تلك الستائر تنسدل مرة أخرى خلفه وهو يسير نحوها مع كل خطوة يزداد فى قلبه الغرام والإشتياق،لم يتوقف أمامها بل
إنحنى قليلًا وجثي على ساقيه أمامها ومد يدهُ لها،بتلقاىيه وخجل وضعت يدها بيدهُ، نهض واقفًا، وهى الأخري نهضت واقفه أمامه،
بشوق وتوق ترك يدها ورفع يديه يُزيح ذلك الوشاح الذى يُخفي وجهها عنها...
كانت صوره بديعيه لها أمام عينيه العاشقه،زهره خلابه تسُر قلبهُ قبل عينيه،هى أمامه عروسً كما يتمنى،إنحني برأسه على جبينها طابعًا قُبلة عشق...بخجل تبسمت له،جذبها من يدها وخرجا من تلك الخيمه
الى البراح، رفع يدهُ الاخري ونظر لها مُبتسمً، وهى تضع أناملها بين كف يدهُ يتمسك بها ثم ترك يدها الاخرى سُرعان ما وضعها حول خصرها وضمها لجسدهُ، يدور بها مُستمتعان بتجاوب خطواتهم معًا،
يسمعان صوت تلك الآنغام ممزوجه مع أصوت حفيف الأشجار الهادئ كآنهما توافقا على
معزوفة غرام خاصه بهم، كانت معزوفه رائعه مجهوله الهويه، هما فقط من يعرفان هويتها فهي معزوفة العشق الصافي الذى يسكن قلب كل منهما للآخر.
مع نهاية الأغنيه كانت نهاية الطريق وتوقف القطار بآخر محطه له"القاهرة"
مُرغمًا فتح عينيه كان يود البقاء بذالك الخيال طوال العُمر، يود البقاء هو وهى فقط بمكان واحد دون حواجز تفرضها هى عليه، نهض واقفًا وجذب تلك الحقيبه الصغيره وترجل من القطار
مجرد بضع خطوات على رصيف القطار تقابل مع ذاك السائق الذى إقترب منه وإنحنى يأخذ تلك الحقيبه من يدهُ قائلًا بإحترام:
نورت القاهرة يا سيادة المستشار.
ترك آصف له الحقيبه مُبتسمً بود قائلًا:
شكرًا، كويس إنك متأخرتش بس فين العربيه.
رد السائق:
لما كلمتنى عالموبايل وقولتلى إن القطر خلاص داخل عالقاهرة جيت فورًا، والعربيه راكنها جنب محطة القطر.
تبسم آصف له قائلًا:
تمام هات مفاتيح العربيه وإرجع إنت بيتك تصبح على خير.
أعطى له السائق سلسلة مفاتيح قائلًا:
وإنت من أهله يا سيادة المستشار، توصل بالسلامه.
بعد دقيقتين
وضع السائق تلك الحقيبه بالمقعد الخلفى للسيارة وأومأ لـ آصف الجالس جلف المقود برأسه وغادر
بدأ آصف بقيادة السيارة بداخل قلبه مازال يشعر بإنشراح من تلك الخيال،تنهد بشوق وأخرج علبة سجائره وأشعل إحداها زفر دُخانها الذى نظر له ببسمه وهو يتذكر ضيق سهيله وإستهجانها الدائم عليع بسبب تدخينه،وتجهمها أكثر من مره من ذالك،لكن أكمل تدخين السيجارة،وهو يتذكر ذكري أخرى لـ سهيله،ذكرى أول لقاء بينهم
[فلاشـ باك]
كان شابً يافعًا بعمُر الحاديه والعشرون،كان يدرس وقتها بالسنه قبل النهائيه بكلية "الحقوق"
كان صاحب جسد فاره يُعطيه هيبه
كان يقوم بعمل بعض التمرينات الرياضيه القاسيه بحديقة السرايا
كان يجلس سامر على طاوله قريبه منه يحسب له مدة ذالك التمرين القاسى،حتى آتت إحدى الخادمات ونظرت لـ سامر قائله:
فى بنت واقفه عند باب السرايا الداخلى بتقول إنها زميلتك فى المدرسه وإسمها"سهيله أيمن الدسوقى"
تبسم سامر لها قائلًا:
آه دى فعلًا زميلتي فى الفصل وكانت كلمتني من ساعه كده أنها عاوزه مَلزمه خاصه بالإحياء كمان كان بقالها كام يوم غايبه من المدرسه وطلبت مني أعرفها خدنا أيه فى المنهج فى الأيام اللى فاتت،دخليها الصالون وأنا جاي فورًا.
ذهبت الخادمه بينما توقف آصف عن تلك التمرينات يلهث وغمز
لـ سامر بمزح قائلًا بإيحاء:
مش بدري عالغراميات دى إنت يادوب كملت سبعتاشر سنه من كم شهر.
تبسم له سامر قائلًا:
غراميات أيه،دى زميلتى فى الفصل وبعدين غراميات ومع سهيله،دي
بالذات ملهاش غير فى الدراسه وبس،يلا هروح أستقبلها مش حلوه تنتظر كتير،دى ذكيه جدًا وهتنفعني فى الامتحانات.
غمز له آصف قائلًا:وماله يبقى حب مصلحه.
تبسم سامر له وهو يغادر قائلًا:
سهيله ولا ينفع معاها حُب من أساسه،كمل تمرينك.
توقف آصف للحظات حتى هدأت أنفاسه بعد تلك التمارين،لا يعرف لما هنالك شعور بالفضول لديه أراد رؤية تلك الفتاة،جذب منشفه صغيرة وقام بتجفيف عرق وجهه وتوجه الى داخل السرايا،كاد يمُر من أمام غرفة الصالون،لكن لفت نظرهُ تلك الواقفه تُعطيه ظهرها كانت نحيفه قليلًا ومحجبه رغم صِغر عُمرها،إزداد الفضول لديه لرؤية وجهها،دلف الى الصالون وتنحنح
إستدارت سهيله ظنًا منها أنه سامر،لكن سُرعان ما أخفضت وجهها بحياء حين تفاجئت بشاب يرتدى سروال قطني قصير يمزج بين اللون الأسود والأحمر لمنتصف فخذيه،كذالك فانله بحمالات من نفس ألوان السروال،يضع منشفه حول عُنقهُ،جسدهُ بالنسبه لها ضخم.
بينما هو حين إستدارت ورأى وجهها شعر كآن سهمً أصاب قلبه،لم تكُن جميله للغايه ،لكن وجهها ملائكى برئ رغم أنه يبدوا على ملامحها بوضوح أنها مُجهده أو ربما كما قال أخيه أنها كانت مريضه،رغم أنه رأى فتيات أجمل منها لكن لم تُثيرن لديه أى شعور عكس تلك النحيفه ذات الملامح البريئه التى ظل ينظر الى ملامحها وكاد يتحدث معها،لكن دلف سامر الى الغرفه يحمل بيديه تلك المَلزمه وبعض الكُتب،نظر سامر لـ آصف بإستغراب من وجوده بالغرفه،بينما تنحنح آصف يشعر أنه يريد البقاء والتحدُث معها،لكن مُرغمً سيطر على نفسه وتجاهل ذالك الشعور وخرج من الغرفه وتركهم سويًا،ذهب الى غرفته تدلى مباشرةً الى المرحاض نزع عنه ملابسه ونزل أسفل ذلك الصنبور يشعر بهطول المياه فوق جسده،لكن شعور آخر يغزو عقله،أو بالاصح يُحركهُ قلبه يود رؤيتها مره أخرى الآن،سريعًا إنتهى من الإستحمام وخرج للغرفه يرتدى ثيابهُ ثم خرج من الغرفه وتوجه ناحية غرفة الصالون بفضول كان باب الغرفه مواربً،ظل واقفًا يتأمل سهيله التى مازالت جالسه مع سامر يتحدثان الى نهضت واقفه بعد وقت قليل واخذت من يد سامر تلك المَلزمه وتلك الكُراسات،وتوجهت نحو باب الغرفه،وكادت تخرج منها لكن توقفت لوهله حين تفاجئت بـ آصف أمامها مباشرةً بعد ان حسم أمره يود الحديث معها،رفعت بصرها تلاقت عينايهم للحظات كانت كفيله بإرسال إشارات تخترق القلبان مباشرةً،شعرت سهيله بخجل،لكن هذه المره تبسمت فهو أمامها يرتدى ملابس أخرى شبابيه تستُر جسده،تنحى آصف مُرغمًا حتى مرت سهيله وغادرت لكن ظل ينظر فى أثرها الى أن خرجت من باب السرايا...كان هذا اللقاء الاول الذى ترك بداخل الإثنين رغبة الرؤيه مره أخرى،وبالفعل تكررت اللقاءات
لكن ظل أول لقاء صامت لهما له تآثير قوى عليهما.
[عـــــودة]
تبسم وهو يتذكر ذلك اللقاء الصامت بينهم،شعر بشوق لمعرفة رد فعلها حين يضعها أمام الامر الواقع ويطلب يدها من والدها،حسم القرار لا داعى للإنتظار أكثر من هذا لن يُعطيها فرصه للتحجُج بأى حِجه بعد الآن أى حِجه لن ينتظر من أجلها،
بسبب برودة الطقس كذالك التوقيت المتأخر كان الطريق شبه خاليًا ساهم فى تسريع سرعة السيارة ليصل الى البلده فى وقت قياسي.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
بمنزل أيمن
غرفة هويدا
لم تستطيع النوم،لا تعلم سبب لذالك الشعور براحة الذهن،ان كانت من عدم وجود سهيله معها بالغرفه،أم من ذالك الكهل الذى تُفكر فيه ،نهضت من فوف الفراش شعلت ضوء الغرفه وتوجهت ناحية خزانة الملابس فتحت إحدى الضُلف الخاصه بها،وجذبت ذلك الكيس المُعلق وذهبت نحو الفراش أخرجت منه فستان أسود لامع خلعت عنها رداء النوم وقامت بإرتداء ذالك الفستان الذى كان بلا أكمام عاري من فوق الكتفين ينسدل بضيق على جسدها يصل لمنتصف فخذيها، يُبرز أنوثتها وساقيها الممشوقه بسخاء،نظرت لإنعاكسها فى المرآه بإعجاب من أنوثتها التى يُبرزها الفستان،ذلك الفستان التى إشترته من التسوق عبر الإنترنت وأخفته حتى لا تراه والداتها ولا سهيله ويسألان لما إشترت فستان هكذا،وهى لن ترتديه كانت بنصف ثمنه إشترت أكتر من طقم مناسب لها وللحجاب التى تضعه فوق رأسها دون إقتناع فقط تضعه واجهه حتى تُظهر أنها مُتدينه،أسدلت خُصلات شعرها الشبه قصير والتى تداوم على صبغه بأحدث وأغلى المُرطبات التى تقتنيها من راتبها بالبنك،لا تشعر بالمسئؤليه سوا ترفيه عن نفسها فقط،تركت أمر جهازها الى والداها اللذان يُدبرانه دون أن تعرض عليهما المساهمه حتى ولو لجزء صغير،تستمتع براتبها التى تدخره وتُنفقه على ما تشتهيه من أجود وأغلى الماركات،ذهبت نحو الدولاب مره أخرى وجذبت علبه متوسطه وضعتها فوق التسريحه وجلست على مقعد وأخرجت من تلك العلبه الأنيقه الخاصه بأدوات التجميل وبدأت تضع على وجهها تلك المساحيق بعنايه،تُبرز جمال ملامحها، صبغت شفاها بلون أحمر ناري،ونظرت لإنعكاسها،رأت نفسها أيقونة جمال،تآسفت على حالها،فهذا الجمال محكوم عليه أن يبقى مدفونًا وهى تعيش هنا بتلك القريه صغيرة كذالك تعمل بـ بنك وضيع،وآخر ذالك هو خطيبها الموظف مثلها،فكرت ماذا لو كان تبدل الوضع وكان خطيبها يُشبه ذلك الكهل "أسعد شعيب" ليس فى الملامح بل فى الثراء
كانت إستمتعت بجمالها،وأوهام يصنعها عقلها البطار عن حياة ترسمها أن تكون سيدة مجتمع يشهد الجميع بذكائها وأناقتها،لكن حين تعود للواقع تشعر ببؤس وهى مدفونه بتلك القريه النائيه،لكن لو إبتسم لها الحظ وكان شعورها صحيحً أنها اليوم لفتت نظر ذلك الكهل ربما يتغير كل هذا،وأحلام ورديه لو حصلت فقط على دعم منه وإرتقت للعمل بأحد بنوك الإستثمار...
فاقت من تلك الاوهام بسبب سماعها لصوت سُعال خارج الغرفه سريعًا أبدلت ثوبها وعادت لمنامتها مره أخرى ونظفت ملامحها من تلك المساحيق،وعاودت دس تلك الأشياء بتلك الضلفه وأغلقتها وﭢطفأت ضوء الغرفه حتى لا يراه أحد شاعل ويدخل يسألها لم تركت الضوء الليله وتتذمر من سهيله لو أضائته، توجهت نحو الفراش تمددت عليه،تشعر بأمنيات لو واحدة تحققت لإنصلح حالها...أغمضت عينيها تستسلم لأوهامها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
بالمشفى
إختل جسد سهيله وإنخفضت بجسدها أرضًا إرتزكت على رُسغيها تشعر بدوخه بسبب تلك الضربه التى تلقتها على رأسها،شعرت كذالك بغشاوة بعينيها لثوانى قبل أن تستدير لرؤية من القاتل كان إستغل ذالك وخرج من الغرفه وأغلق خلفه الباب،
لثوانى حتى إستطاعت سهيله السيطرة على وعيها مره أخرى،نظرت لـ سامر المُمدد أرضًا ينتفض جسده ودماء غزيرة تسيل من عُنقه،إقتربت منه لكن لسوء حظها كان ذالك المبضع جوار رأسه مباشرة بلا إنتباه وضعت يدها عليه بالخطأ وهى تحاول إنقاذ سامر،بعد أن أسرعت وجذبت ملآة فراش الكشف وحاوطت عُنقه بها تكتم إندفاع الدماء،ونهضت واقفه تشعر بترنُح لكن سيطرت عليها إنسانيتها وفتحت باب الغرفه وصرخت بقوة حتى يآتى أحد العاملين بالمشفى ويساعدها بنقل سامر الى غرفة العمليات لإنقاذه، آتى أحد العاملين بالفعل ودلف الى الغرفه
إنذهل حين رأى تلك الملآة ملفوفه حول عُنق سامر،وقف مُتصنمًا للحظات،حتى صرخت عليه سهيله قائله:
بسرعه هات ترولى ننقله بيه لاوضة العمليات وشوف دكتور جراحة فى المستشفى.
للحظات مازال العامل واقفًا مشدوه،حتى صرخت عليه سهيله مره أخرى،خرج مُسرع،وظلت سهيله تحاول كتم الدماء وقالت:
سامر قولى مين اللى عمل فيك كده.
همهم سامر ببعض الكلمات لم تستطيع تفسيرها قبل أن ينتفض جسدهُ ويسكُن بلا حركه.
إنصدمت سهيله من ذلك وحاولت إنعاش قلبه بالضغط بيديها لكن بلا جدوى،لقد نفذ الأمر وفاضت روحه،دموع سالت من عينيها وهى جاثيه جوار جسدهُ تشعر بآسى عليه كذالك بفشلها فى إنقاذه،نطقت الشهادتين عليه بقلب مُنفطر،بنفس الوقت آتى ذالك العامل ومعه إثنين من المُسعفين وطبيب آخر ونظروا الى سامر علموا أنه توفى، نظر لها الطبيب ثم للآخرين وتحدث بآمر ونهي:
محدش يلمس أى حاجه،ولازم نبلغ الشرطه فورًا.
بالفعل خلال دقائق كانت شرطة الجنايات تُعاين الغرفه كذالك جسد سامر
جذب أحد الأفراد ذلك المبضع ووضعه بكيس بلاستيكِ خاص،وعاينوا الغرفه بتدقيق ثم أمر المُحقق بأخذ جثة سامر الى المشرحه،ثم خرج من الغرفه،سأل الطبيب الآخر قائلًا:
فين الدكتورة اللى قولت إنها كانت مع القتيل.
رد الطبيب:
موجوده هنا فى المستشفى.
طلب المُحقق:
تمام ممكن فين اوضة المدير المناوب فى المستشفى،كمان لازم نبلغ أهل القتيل.
أشار له الطبيب على الغرفه وذهب معه بعد لحظات دلفت سهيله الى الغرفه بعد أن ذهب آخر لإحضارها الى الغرفه...تسأل المُحقق:
ياريت تحكيلى بالتفصيل أيه اللى حصل؟.
سردت سهيله ما حدث بالتفصيل،كان المُحقق يستمع لها الى أن إنتهت من سردها،فاجئها بالسؤال:
وإنتِ شوفتى مين اللى كان معاه فى أوضة الكشف؟.
ردت سهيله بنفى:
لاء،لأنه ضربني على راسى جامد ودوخت ولما فوقت كان هدفى أنقذ سامر.
لفت نظر المُحقق نُطقها لـ إسم سامر بلا ألقاب وتسأل بإستفسار:
واضح إن فى بينك وبين القتيل معرفه قويه بدليل نُطقك لإسمه بدون لقب دكتور؟.
ردت سهيله ببساطه:
إحنا كنا زملاء من ثانوي وكمان أهل بلد واحده وكنا بنذاكر مع بعض حتى لما دخلت كلية الطب هو كمان دخل لمدة سنه كلية طب خاصه وبعدها حول طب عام وفضلنا زملاء.
أومأ المحقق برأسه قائلًا:
آه تمام.طب إنتِ قولتى إنك سمعتِ أصوات قبل ما تدخلى الاوضه،يا ترا تعرفى مين اللى كان مع الدكتور أو عالاقل تقدري تخمني؟.
تعلثمت سهيله للحظه وهى تقول:
لاء مقدرتش أفسر غير صوت سامر بس.
لاحظ المُحقق تعلثُمها وفاجئها:
للآسف يا دكتورة أنا مُضطر أقبض عليكِ.
إنفزعت سهيله وتعلثمت قائله:
تقبض عليا ليه،أنا كنت بحاول أنقذهُ.
وقف المُحقق وأشار إلى أحد معاونيه،فهم إشارته وإقترب من سهيله وفتح تلك الأصفاد...
نظرت سهيله للمُحقق بفزع وقالت:
أنا قولت اللى حصل ومش أنا اللى قتلته،لو أنا اللى قتلته كنت هفضل معاه فى الاوضه واحاول أنقذهُ.
رد المُحقق بموضوعيه:
للآسف يا دكتورة،واضح جدا أنها جريمه وإنتِ المتهم الاول لحد ما الطب الشرعى يحقق فى الأدله الموجودة،ولحد الفصل فى ده مُضطر أقبض عليكِ،بس طبعًا ليكِ الحق تكلمِ حد من أهلك عشان يقوم لك محامى.
نظرت سهيله بهلع الى المُحقق ماذا يقول،هى بريئه لم تفعل شئ سوا أنها حاولت إنقاء سامر،لكن إمتثلت غصبً وفتحت هاتفها وقامت بالإتصال على هاتف والدها وإنتظرت للحظات حتى رد عليها بهدوء فى البدايه رغم رجفة قلبه بإتصالها وهى بوقت عملها بالمشفى بهذا الوقت المُتاخر من الليل،
لكن نهض من فوق الفراش مفزوع سألًا:
هتبقى فى أي قسم وأيه اللى حصل.
نظرت سهيله الى ذالك المُحقق الذى أشار لها الا تتحدث كثيرًا...وقالت إسم قسم الشرطه بإمتثال:
لما تجي للقسم هتعرف يا بابا.
أغلقت سهيله الهاتف ونظرت الى المُحقق الذى أشار لمعاونه أن يضع بيديها الاصفاد
بالفعل جذب المعاون له يديها ووضع الاصفاد حولهم وأغلقها
شعرت سهيله بفزع وإنقباض فى قلبها حين سمعت صوت إغلاق الأصفاد حول معصميها.
بينما بمنزل أيمن
كل ذره فى جسدهُ ترتعش وهو يغلق الهاتف الذى كاد يسقط منه أرضًا لو ان تمسك به قبل أن يصل للأرض،إستيقظت سحر أيضًا بسبب صوت رنين الهاتف ورأت فزع أيمن إنفزع قلبها هى الأخرى وإنتظرت غصبًا حتى أنهى المكالمه وسألت بترقُب:
فى ايه يا أيمن،سمعتك بتكلم سهيله وبتقول لها قسم أيه،أيه اللى حصلها؟.
رد أيمن وهو يخرج ملابس له من الخزانه ويرتديها بسرعه:
معرفش لما سألتها قالتلى لما تجى القسم هتعرف.
هلع قلب سحر وقالت:
هلبس واجي معاك قلبِ مش مطمن.
رد أيمن بنهي:
لاء خليكِ هنا،وأنا هبقى اتصل عليكِ،يمكن أمر سهل،حد من المرضى إتهجم عليها ولا حاجه،خليك.
بصعوبه وافقت سحر،رغم شعورها السيئ.
****
بـ سرايا شُعيب
للتو وصل آصف الى السريا
كان السكون يعم المكان
قبل أن يُفاجئ بوالده ووالداته الإثنين يخرجان من غرفتهم يبدوان بملامح مُترقبه ومُرتعبه...
تفاجئ هما أيضًا بمجئ آصف ونظرا له بإستغراب، دون حديث وأكملا سير
إستغرب آصف سائلًا:
فى أيه ملامحكم شكلها مرعوبه هو أنا بخوف أوى كده.
ردت شكران:
سامر... توقفت للحظه تبتلع ريقها وأكملت:
إتصلوا على باباك وطلبوا منه يروح لهم القسم بسببه.
لوهله ظن آسعد ان ربما فعل سامر أمرًا تافهًا وتشاجر مع أحد وقال بتهجم:
متخافيش أوى كده، يمكن الأمر بسيط، خليكِ الجو بره برد وهيتعب صدرك، أنا هتصل أقولك فى أيه؟.
وافقت شكران بصعوبه لكن طلبت من آصف الذهاب مع والده.
إمتثل آصف وذهب معه الى مركز الشرطه.
*****
بعد قليل بمركز الشُرطه
بغرفة التحقيقات
بإستثناء من المُحقق ترك سهيله مع والدها لدقائق معدوده لم تتعدا خمس دقائق ودلف الى الغرفه قائلًا:
أنا عملت لحضرتك إستثناء،بس بلاش تضرني،والأفضل إنك تقوم محامى للدكتورة،لأنها للآسف أول المتهمين فى الجريمه،إن مكنتش هى المتهمه الوحيده.
بمضض خرج أيمن من تلك الغرفه شبه تائه بعدما سردت له سهيله ما حدث معها بإختصار،وعلم أنها متهمه بالقتل، ولن تعود معه للمنزل ستبقى الليله بالحجز لحين إستكمال التحقيقات...
لحُسن حظ أيمن أنه خرج من باب آخر للمركز لم يتقابل مع سيارة آصف الذى دخل من باب آخر ومعه آسعد توجها الآثنين الى غرفة المُحقق مباشرةً، دلف آصف أولاً ثم خلفه آسعد الذى ترك آلامر لـ آصف وقام بتعريف والده قائلًا:
سيادة النائب"أسعد شعيب" وأنا
"آصف شعيب" مستشار أول بمحكمة جنايات أسيوط.
صافح المُحقق آصف ثم أسعد وسرد لهم ما حدث عن مقتل سامر..
إنصعق الإثنين ولم يُصدقا فى البدايه لكن ليست كذبه.
رغم ذهول عقل آصف لكن قال بوعيد:
وعرفتوا مين اللى قتله؟.
رد المحقق دون ذكر إسم:
لغاية دلوقتي الأدله اللى لقيناها فى الاوضه مع القتيل هى المشرط اللى إندبح بيه تقريبًا وده إتحول للطب الجنائى لرفع البصمات،وكمان كان فى دكتوره معاه فى الأوضه،بس للآسف أوضة الكشف مفيش كاميرات مراقبه عليها مفيش غير كاميرا فى الممر بعيد شويه ومعرفش هتجيب اللى دخل أو خرج من الاوضه فى الميعاد ده أو لاء،غير كمان أمرت بتفريغ كاميرات المراقبه اللى على أبواب وممرات المستشفى كلها،والتحقيقات مازالت مستمره.
شعر أسعد فجأة كآن ساقيه تهدلت وجلس على أحد المقاعد يشعر كآنه هُرم فجأة،بينما آصف شعر بتوهان أكثر وتسأل:
فين جثة سامر.
رد المُحقق:
الجثه فى مشرحة المستشفى،عشان تكملة بقية إجراءات التشريح.
نظر آصف لـ أسعد ثم للمحقق قائلًا:
تمام أنا عاوز أشوف الجثه.
نهض المُحقق قائلًا:
حضرتك مستشار فى الجنايات وعارف الإجراءات ممنوع قبل إنتهاء الطب الشرعى وتقديم التقرير النهائي.
تعصب أسعد يشعر بنخر فى قلبه ونهض واقفًا بإستهجان قائلًا بإستعلاء:
أيه اللى ممنوع،إنت بتقول إبني إتقتل وكمان عاوز تمنعنى أشوفه إنت متعرفش أنا مين.
حاول آصف التمسُك بالهدوء رغم الحُطام الذى يشعر به وقال:
إهدا يا بابا،الأفضل إنك ترجع للسرايا وأنا هعرف بقية اللى حصل من المحقق.
تعصب أسعد وشعر كآن جسده إختل وقبل أن يسير ترنح أسرع آصف بإسناده،وهو يكبت الحزن فى قلبه،نظر للمحقق وقال له:
دقايق وراجعلك.
أومأ له المحقق برأسه...بينما ذهب آصف مع أسعد نحو السياره،لايعلم أى منهم يحاول دعم الثانى حتى لا يسقط ارصًا فالمصاب آليم..فتح آصف السياره لـ أسعد الذى دلف بها ونظر لـ آصف قائلًا:
خلينا نروح المستشفى،أنا بعلاقاتى هخليهم يفتحوا المشرحه.
حاول آصف معه أن يعدل عن ذالك وينتظر سماح القانون الذى يدافع عنه لكن رنين هاتف أسعد الذى لا يهدأ جعله يمتثل وذهب معه الى المشفى.
بعد قليل
بغرفة المشرحه
فتح أحد العاملين لهم الغرفه خِلثه
دلف الإثنين الى الغرفه جذب العامل أحد التوابيت،كانت لجثه مُغطاة بملأه بيضاء لكن عليها أثار دماء،لوهله شعر أسعد بأمل وجذب الملآة من فوق وجه سامر،لكن ضعف قلبه أكثر،إنها جثه هامده لا روح فيها،لكن لفت إنتباة آصف ذالك الضماد الملفوف حول عُنق سامر الذى كان شبه مُدمي،شعر كآن فجأة تحجر قلبه ليس فقط قلبه بل الدمعه أيضًا تحجرت بعينيه التى أصبحت شبه داميه كآنها تنصهران، بينما أسعد لم يستطع الوقوف أكثر من ذالك، خرج يسير بترنح يستند على حوائط الغرفه، بينما آصف مازال مُتصنم أمام جثمان سامر، يتآمل ذالك الجرج العميق بعُنقه يتسأل عقله من صاحب القلب الحاجد الذى فعل ذالك وسفك عُنق إنسان،لام نفسه لما لم يسأل المُحقق عن هوية من فعل ذلك، او بالأصح من فعلت ذالك المحقق ذكر أن المتهم طبيبه،بآى حق هى طبيبه.
خرج من الغرفه بغضب ساحق تاركً الزمام لغضبه المهدور، سمع رنين هاتف أسعد الذى لا يهدأ،نظر الإثنين لبعضهما يعلمان هوية المتصل إنها "شكران"
نظر أسعد لـ آصف بإنهزام قائلًا:
هرد عليها أقول لها أيه؟.
رد آصف بتعسف وغضب:
قبل ما نرد عليها لازم أعرف مين الدكتورة اللى المحقق قال إنها المتهمه.
بعد دقائق عاد آصف الى مركز الشرطه ترجل من السياره وترك أسعد المكلوم، ودلف الى المركز مباشرة الى غرفة المُحقق وفتحها دون طرق على الباب، وسأل المحقق مباشرةً:
مين الدكتوره اللى قولت إنها المتهمه فى قتل أخويا.
فتح المحقق ملف أمامه وقرأ الأسم قائلًا:
إسم الدكتوره"سهيله أيمن الدسوقى الغتوري" وهى محجوزه هنا فى الحجز على ذمة القضيه.
مين!؟.
هكذا كان رد آصف بصدمة... كآن هولها أفقدهُ عقلهُ.
«يتبع».
﷽
عشق_مهدور💔
الفصل_السادس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بـعد مرور يومان
قبل سطوع الشمس بـ سرايا شُعيب بغرفة آصف
كان يجلس على ذلك المقعد الهزاز بأحد زوايا الغرفه يتكئ برأسه على مسند الرأس، يُزفر دخان تلك السيجارة الذى لا يخترق عتمة ظلام الغرفه سوا بصيصها الناري، أغمض عينيه للحظه، سُرعان ما فتحهما بإتساع يحاول نفض تلك الصوره عن خيالهُ صورة أخيه المغدور، أجل هو مغدور، لكن هنالك سؤال لا يجد عليه جواب،
لما سهيله فعلت ذلك، وهل فعلت ذلك حقًا، أيُصدق ما قاله له المُحقق أنها أدلت بأقوالها،وأكدت أنها كانت تحاول إنقاذهُ، أم يُصدق تلك الأدله التى تضعها بمكان المتهمه ، لأول مره بحياته يشعر أنه تائه،يود أن يكون هذا كابوسً ويسطع الصباح ويفتح عينيه وينتهي،لكن فاق من تلك الأمنيه الواهيه حين شعر بلسعة عُقب السيجارة لإصبعيه،قبل أن يضعها بالمنفضه قام بإشعال سيجارة أخرى منها يُزفر دخانها،يتذكر أمنيته قبل يومين كان هنالك أمل يسعى إليه بقلبه،الآن يشتعل صراع غاضب بين قلبه الذى يرفض تصديق أن حياة أخيه الأصغر إنتهت بطريقة بشعه
وبين عقله الذى لا يُصدق أن حياة أخيه إنتهت على يد من!
حبيبة قلبه التى دائمًا كانت بالنسبه له رمزًا للملائكيه،بغض النظر عن تحفُظها معه دائمًا،كذالك تهجمها عليه أحيانًا تتهمه بالغرور والتعالي، وحتى إن كان صِدقًا، معها لم يكُن هكذا أبدًا،حتى أنها أحيانًا كانت ما تحاول لفت نظرهُ الى أنه لولا ثراء إسم "شعيب"
ربما ما كان "سامر" أصبح طبيب
المال هو من صنع له كِنية طبيب عكسها هى أصبحت طبيبه عن إستحقاق،كما أنها لم تلجأ يومً لوساطة أحدًا،حتى وساطته رفضتها وذهبت الى الفيوم قضت عامً بمكان نائي دون تذمُر منها،تُظهر أمامه أنها تستطيع التكيُف مع إمكانياتها بجداره،تفرض قوتها...
قوتها!
هل قوتها تلك هى ما تحكمت بها وسفكت دم أخيه؟.
رفض قلبه كل هذا سهيله أرق من هذا الجبروت...
ذم عقله...هى طبيبه وليس صعبًا عليها أن ترى أحدًا يُنازع دون الإهتمام به.
حرب ضاريه بين قلبه الذى يرفض تلك الأدله المبدئيه التى تُدين سهيله
وعقله كـ "قاضي" عليه الآخذ بتلك الأدله التى علم بها سابقًا من المُحقق الخاص بالقضيه
سهيله المتهم الأول،بل والوحيد..
لامه قلبه يلح عليه
لما لا تذهب إليها وتسألها مباشرةً
عقله ينهرهُ:
أول ما هتبص فى وشها هتضعف وهتصدق أنها بريئه حتى من غير ما تدافع عن نفسها قدامك،بلاش مشاعرك لـ سهيله تخليك تضعف وتضل عن طريق العقاب.
حُسم الآمر الآن بيد سهيله سُفك دم أخيك،بالغد ستخرج نتيجة تلك الادله،وستكون قاطعه لتلك الحِيرة إما تؤكد براءة سهيله أو...
أو ماذا هل تمكن الحجود من قلب سهيله لدرجة أن تذبح إنسانً،لامه قلبه وأشار عليه... عليك الإنتظار قبل أن تتسرع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
بمنزل أيمن فجرًا
أنهي صلاة الفجر ونهض يحمل سجادة الصلاه وقام بثنيها ثم وضعها على مقعد بالغرفه، دلفت سحر بنفس الوقت شعرت بآسف وقالت له:
حرمً، برضوا صليت الفجر هنا، على غير عوايدك قبل كده حتى لو الدنيا برد جدًا كنت لازم تروح تصلِ الفجر فى الجامع، وتقول هكسب ثواب بكل خطوه للجامع غير ثواب الجماعه.
تدمعت عين أيمن، وجلس على الطرف الفراش يُخفض وجهه يتنهد بآسى،جلست سحر لجوارة هى الآخرى تشعر ببؤس وضعت يدها فوق يدهُ وقالت:
عارفه إن مضايق من نظرات الناس عيونهم بتجرح، إدعى
ربنا يزيح الغُمه دى وتظهر براءة سهيله،وقتها تواجه أهل البلد بقلب جامد ببرأتها.
تنهد أيمن قائلًا:
يارب...
قبل أن يُكمل حديثه سمع الإثنين
رنين جرس باب المنزل...شعرا الأثنين برجفه فى قلبيهم،ونظرا لبعضهما تسألت سحر بفزع:
مين اللى هيجي لى لينا دلوقتي،دول لسه مطلعوش من صلاة الفجر.
نهض أيمن برعشه قائلًا:
هروح أشوف مين؟.
بالفعل ذهب محمود نحو باب المنزل يشعر بإرتجاف جسده بالكامل كذالك ترقُب،وهو يفتح باب المنزل،لكن تنهد يأخذ نفسه حين دفعته من كتفه ودلفت الى المنزل مباشرةً تقول بغضب:
إنت نايم وسايب البت مرميه فى السجن،قلبي مش مطمن عليها.
تنهد أيمن قائلًا:
ومين اللى جايله نوم يا عمتِ.
بنفس الوقت كانت سحر تخرج من الغرفه كذالك طاهر ورحيم،اللذان خرجامن غرفتهم كى يعلمان من الذى آتى بهذا الوقت الباكر،
خرجت هويدا بعد قليل من غرفتها تنفض النوم عنها نفخت أوداجها وزفرت نفسها بتذمُر..
بينما نظرت لهم"آسميه"
بإستعلام قائله:
مالكم كلكم طالعين من الأوض ورا بعض،كآنى جايه فى رد دين،ولا الوقت لسه بدري ،الفجر خلاص إدن وكمان خلصوا صلاته وطلعوا من الجامع،وبعدين أنتم نايمين ومرتاحين،مش حاسين بالغلبانه اللى مرميه فى السجن حالها أيه.
تنهدت سحر بآسى،بينما زفرت هويدا نفسها بحقد قائله:
يعنى هنعمل لها أيه هنروح نتسجن بدالها.
نظرت لها آسميه بسخط وقالت بأمنيه:
ياريت ياخدونى بدالها مش همانع.
نظرت لها هويدا بحقد،بينما وضعت آسميه يدها بداخل ملابسها وأخرجت رزمه كبيره من المال ومدت يدها بها نحو أيمن قائله:
خد دول وقوم محامى شاطر خليه يطلعها من الحبس حتى لو بكفاله وأنا هدفعها لها.
نظرت هويدا الى ذلك المبلغ الكبير،سال لُعابها ودت أن تحصل عليه لكن تعلم جدتها جيدًا من ناحيتها لا يوجد تآلف بينهم عكس تآلفها مع تلك الحمقاء التى زجت بنفسها بذلك الإتهام تعلم جيدًا أنها بريئه من ذلك الإتهام لكن بداخلها تريد أن يثبت عليها حتى يعلم الجميع الوجه الحقيقي خلف تلك المثاليه والبراءه التى تدعيها وتعثر على محبتهم.
بينما نظر أيمن للمال قائلًا:
كتر خيرك يا عمتِ إنتِ عارفه إنى قومت لها محامي،وإطلع على القضيه ولسه تقرير الطب الشرعي هيطلع بكره،قصدى النهارده،ويمكن يكون هو سبب برائتها،إدعى لها.
تنهدت آسميه قائله بتمني قائله:
ربنا عالم،قادر يفُك كربها.
آمن الجميع على دُعاء آسميه عدا هويدا التى بداخلها إرادة أخرى تتمنى أن تتحقق.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
صباحً
بـ سرايا شُعيب
كان الكرب يسود بين جُدران السرايا نساء، تنوح برياء،وآخرون يثرثرون فى مقتل ذلك الطبيب الشاب على يد زميله له وإحتجازه بمشرحة المشفى لأكثر من يومين دون دفنه...
هنالك أخرى حاقده،تجلس بغرفة ضرتها تدعى الآسى على حالها،بينما بالحقيقه قلبها شامت وسعيد لكن تحاول رسم الحزن برياء،بداخلها كانت تتمنى أن كان أبناء شكران الثلاث شباب معًا...
مثلت الدموع حين دلف آسعد للغرفه ونظر الى تلك النائمه على الفراش شبه غائبه عن الوعى،شعر بآسى، بينما نظرت له شهيرة ومثلت الحُزن:
لابس ورايح فين دلوقتي.
بآسى رد آسعد:
جالى إتصال من النيابه خلاص سمحت بدفن...
توقف لسانه عن النُطق للحظه يشعر بقسوة تلك الجمره فى قلبه لم يكُن يتخيل أن يعيش مثل هذا الموقف يومً، يشعر بداخله كآنه هرم فى العمر فجاةً تضاعف عُمرهُ.
بنفس اللحظه دلف كل من آصف،وآيسر يتشحان بالحُزن،وهما ينظران الى والدتهما التى منذ ان علمت بمقتل أخيهم،رقدت بالفراش مريضه شبه غائبه عن الوعى لمعظم الوقت بسبب تلك الادويه التى يٕعطيها لها الأطباء،لكن اليوم لابد أن تصحو،فاليوم هو يوم وداع "سامر" نهائيًا.
نظرت شهيرة لهم بداخلها حقد كم تود لهذان الإثنان ذلك المصير أيضًا،لكن رسمت الدموع وقالت:
كنت لسه بقول للممرضه الخاصه اللى بتهتم بالحجه شكران بلاش تديها الإبرة اللى بتنيمها طول الوقت دى،غلط على صحتها.
تنهد أسعد بآسى قائلًا:
فعلًا كفايه كده،خلاص لازم شكران تتقبل اللى حصل، وتقعد فى وسط الحريم تاخد عزا إبنها.
نظر كل من آصف وآيسر، لوالداهم، يشعران بقسوته ليس لأول مره يلاحظان ذلك،لكن صوت ذلك الهاتف جعلهم يصمتان،حين قام آسعد بالرد بنغزه يشعر أنها قاتله:
تمام ساعه بالكتير وهنوصل للمستشفى.
أغلق آسعد الهاتف ونظر لها قائلًا بوجع:
خلونا نروح ناخد جثمان سامر عشان ندفنه بعد صلاة الضهر .
نظرا له الإثنين بآسف وآسى، وكاد يذهبان خلفه لكن فى نفس اللحظة فتحت شكران عينيها وعادت للوعى وقالت بدموع ونحيب:
بلاش تاخد الإتنين معاك يا أسعد كفايه واحد راح منهم،خلى آيسر هنا وخد معاك آصف.
وافق آيسر على البقاء جوار والداته يحاول مواساتها، بينما ذهب آصف مع آسعد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد قليل
أمام مشرحة المشفى
إقترب أحد العاملين بالمشفى من آصف ونظر حوله بترقُب ثم أخرج ذلك المُغلف وأعطاه لـ آصف الذى أخذه منه وكاد يفتحه، لكن العامل وضع يدهُ على يد آصف قائلًا، برجاء:
بلاش تقراه هنا يا باشا بلاش تضرني، حضرتك قاضى وعارف تسريب معلومات زى دى فيها رفد من وظيفتي.
كاد آصف أن يتجاهل رجاء العامل ويفتح المظروف بفضول وتلهف منه،لكن خروج آسعد ومن خلفه ذاك التابوت جعله يُرجئ الآمر لفيما بعد،لكن تلك اللحظه كانت قاسيه جدًا عليه، لولا تلك النظارة الشمسيه التى تحاوط عيناه لرأى الجميع
عينياه اللتان تحولتا الى حمراء مثل عيني الذئب، ليس من السهر فقط بل من هول الموقف عليه، أمامه جثمان أخيه بتابوت موتى، والمتهم بقتله من؟!.
يتمنى أن يصفعه أحدًا على وجهه عله يفيق من هذا الكابوس.
بعد قليل بمدافن العائله
تجمع بعض أكابر البلده وأجوارها للمشاركه فى تشييع جثمان سامر، حتى كان هنالك بعض النساء وعلى رأسهن كانت شهيره وبنتي آسعد من زوجته الاولى، كانت إحداهن تساند شُكران التى أصرت على حضور الوداع الأخير لأصغر أبنائها،كان قريب منها دائمًا منذ صغره لكن بعد أن أصبح شابً يافعًا إبتعد عنها بسبب دراسته كذالك عمله بالمشفى لأوقات طويله،لكن كان الوحيد الذى كانت دائمًا تراه يوميًا عكس أخويه.
إقترب آيسر من مكان دفن سامر وساعد مع آصف بذالك،ثم وقف الإثنين جوار بعضهم،يتلقيان بعض التعازى،لكن إنحنى آصف،وهمس لـ أيسر:
ليه جبت ماما هنا المدفن،مش شايف حالتها.
رد آيسر بآسف:
حاولت معاها بس هى أصرت وصعبت عليا.
تنفس آصف بآسى وبؤس،يحاول التحمل يتمنى أن يُمر هذا الوقت الكئيب والمُضني.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالنيابه العامه
إستلم النائب تقرير الطب الشرعى وقام بفتحه وقرائته بتمعُن،لا يعرف لما شعر بآسف
أهو آسف على ذلك الطبيب المغدور الذى إنتهت حياته ببشاعه،
أم آسف على تلك الطبيبه التى قتلته،أم هل صدق ما قرأوه بأقوالها فى التحقيقات الأوليه كان صدقًا
لكن أىً كان هو ليس سوا جهة توجيه الإتهام والتحقيق فيما معه من أدله ،وبقية النتائج تتكفل بها المحكمه...وضع المُغلف أمامه وقام بإستدعاء أحد معاونيه قائلًا:
هاتلى المتهمه فى قضية قتل
"سامر شُعيب"من الحجز.
أومأ له المعاون وذهب لتنفيذ أمره.
زفر النائب وظل ينتظر الى أن دلف المعاون ومن خلفه سهيله
نظر له قائلًا:
فُك الكلابشات عن إيديها.
شعرت سهيله بإختناق من تلك الأصفاد صوت فتحها كان مثل صرير رياح قويه بليلة شتاء عاصفه تخترق الأذن تترك الرعب والهلع
إزدردت ريقها بعد أن إزالة المعاون الاصفاد عن يديها،نظر النائب للمعاون قائلًا:
تمام إستنى إنت بره لحد ما أنده لك.
خرج المعاون بينما نظر النائب بتمعُن لـ سهيله كانت هيئتها سيئه عيناها الحمراوتان كذالك ملابسها التى مازالت عليها بقايا دماء القتيل،تبدوا ملامحها مُجهده،الخبرة التى إكتسبها من عمله كـ وكيل نيابه وتعامله مع المجرمين ربما أصبح لديه فراسه بوجوه المجرمين،وتلك ليست مُجرمه
لكن هنالك الشِق الآخر لتلك الفراسه وهى أن تكون الوجوه خادعه،وهو مُلزم بحيثيات القضيه...
أشار النائب لـ سهيله على أحد المقاعد قائلًا:
إتفضلي أقعدي.
بتوتر وترقُب وقلب يرتجف جلست سهيله على المقعد،نظر لها النائب قائلًا:
فى كَم سؤال لازم أسألهم ليكِ،هتجاوبي عليا ولا ننتظر حضور المحامى الخاص بيكِ.
تنهدت سهيله
بتوتر وأجابته وهى تزدرد ريقها وحاولت إظهار ثقه وشجاعه :
أتفضل إسأل.
وجه النائب لها حديثه مباشرةً يخبرها بما آتى له فى التقرير الطب الشرعى:
تقرير الطب الشرعى بيقول إن سبب وفاة المجنى عليه هو حرج غائر فى الرقبه أو بمعنى أصح "بتر" بمشرط طبي أدى لنزيف حتى الوفاة،كمان فى المعاينه تحفظنا على مشرط طبي،وراح فحص الجنايات عشان تحديد البصمات اللى على المشرط،وتقرير البصمات....
توقف النائب للحظه وجذب كوبً من المياه وإرتشف منه القليل ثم وضعه ينظر لـ سهيله بترقب حين أكمل بقية الحيثيات:
تقرير البصمات اللى على المشرط بيوضح وجود بصمات المجني عليه،وكمان بصماتك.
تحولت نظرة سهيله له من تماسك الى فزع ونفت ذالك سريعًا قائله:
مستحيل أنا كنت بحاول أساعد سامر.
نظر النائب لها قائلًا:
للآسف يا دكتورة إنت المتهمه الوحيده فى القضيه،لأن جميع كاميرات المراقبه الموجودة بالمستشفى فى الوقت ده مجابتش خروج أى حد نهائى من المستشفى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد إنتهاء عملهما بالبنك
خرج كل من هويدا وعادل معًا من باب البنك سارا الإثنان يتحدثان معًا بإقتضاب، الى أن مرا أمام ذلك الصوان الخاص بالعزاء أمام سرايا شُعيب، تنهدت هويدا بنرفزه وتذكرت أختها كم بغضتها فى هذه اللحظة هى بغبائها أضاعت منها فرصه، ليتها لم تُخبر آسعد بإسمها كاملًا ذلك اليوم بالبنك، ربما كان ساعدها بالعثور على وظيفه مُلائمه وأعلى شآنًا من عملها بهذا البنك الحقير، الذى تتقاضى فيه مرتب ضئيل، لاحظ عادل زفر هويدا، وسألها:
باين إن النيابه سمحت بدفن إبن أسعد شعيب، ها وسهيله عملوا معاها أيه؟.
تهكمت هويدا وقالت:
معرفش أنا كنت معاك فى البنك من الصبح،بس طالما النيابه سمحت بالدفن يبقى وصلت لقرار نهائى فى القضية.
تسأل عادل:
مش المفروض كنت تتصلِ على عم أيمن تسأليه عن اللى حصل،سهيله تبقى أختك.
ردت هويدا بسخط:
للآسف مش معايا رصيد على موبايلى ونسيت أجيب كارت أشحنه،وياخبر بفلوس دلوقتي لما أرجع للبيت هعرف أيه اللى حصل مع سهيله.
إستغرب عادل من برود هويدا،للحظه شعر بالرهبه منها،وشعر أن قلبها جاحد،وكاد يتحدث لكن هويدا تملصت منه قائله:
أنا هدخل للصيدله أشتري شويه مستلزمات خاصه.
كاد عادل أن يقول لها سينتظرها حتى تنتهى لكن وقع بصره على إحداهن تسير من بعيد فقال لها:
تمام براحتك،هبقى أتصل على عمِ أيمن أطمن منه على سهيله.
زمت هويدا شفتيها بإمتعاض ودلفت الى الصيدليه لم تبقى سوا قليل ثم توجهت الى المنزل...
بينما عادل توجه الى منزله ذلك المنزل الصغير ذو الطابق الواحد،ودلف مباشرةً ينادي:
ماما.
خرجت له والداته من تلك الغرفه ببسمه ودوده قائله:
حمدلله عالسلامه،تعالى سلم على
"عفاف"بنت خالك قاعده معايا فى الاوضه جوه.
دلف عادل الى الغرفه وتبسم بإنشراح يخفق قلبه حين رأى تلك"عفاف"لكن سُرعان ما غص قلبة وهو يتذكر أنه فضل فتاة أخرى عليها،بقى حُبه لها حبيس قلبه،فهو لا يستطيع البوح بحب محكوم عليه بالإفلاس
عفاف ذو تعليم متوسط تعمل
كـ بائعه بأحد محلات أدوات التجميل ليس لديها مرتب ثابت شهريًا يستطيعان به تحمل نفقات الزواج،كان إختيار العقل لتلك المتغطرسه الجاحده،التى تعمل معه بالبنك يتحمل سخافتها فقط كى يستطيع الزواج وتساعده مستقبلًا فى تدبير نفقات المنزل بينهم مناصفه،رغم أن لديه فِكر عالى برأسه كذالك بعض المهارات ،لكن تُعدم تلك الافكار والمهارات أمام الفقر.
****
بينما دلفت هويدا الى منزل والداها
لم تحتاج لسؤال عن سهيله حين رأت والداتها تجلس وتبكي بصِحبة جدتها،لم تقف ذهبت مباشرةً الى غرفتها،ألقت حقيبتها على الفراش وجلست جوارها،لا تشعر بآى شئ سوا أنها بسبب سهيله فقدت فرصه مع ذالك الكهل أسعد...تهكمت وفتحت حقيبة يدها وأخرجت ذلك الهاتف الخاص بـ سهيله والذى آتى به زميل لسهيله بالمشفى وجده بالصدفه بأحد ممرات المشفى ليلة الحادث،وللصدفه وقتها لم يكُن أحد سواها بالمنزل أخذت الهاتف ولم تُخبر أحد به
بتلقائيه منها قامت بفتح نمط الهاتف بسهوله هى رأت سهيله ترسم ذاك النمط أمامها أكثر من مره
آتت بجهات الإتصال
فوجئت برسائل آصف الغراميه الذى كان يُرسلها لها،عكس ما توقعت أن تكون سهيله هى من تحاول لفت إنتباهه،كانت المفاجأة
آصف هو المُغرم،وسهيله كانت تتخذ الدلال الحذر فى ردها عليه،شعرت بالبُغض من سهيله،لكن سُرعان ما تبسمت قائله:
طبعًا آصف المُغرم مستحيل يقبل إن حبيبته تكون هى اللى قتلت أخوه...
توقفت للحظه تُفكر بصوت:
بس مش يمكن ميصدقش ويحاول يساعدها ويطلعها براءة.
زمت نفسها وقالت:
معتقدش ده يبقى غبي...لو صدق كُهنها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مساءً
سرايا شعيب
إنفض أول يوم للعزاء
دلف آصف وآيسر الى غرفة والداتهم شعرا الإثنين بآلم حاد وهما ينظران لوالداتهما الراقده بالفراش غافيه.
نظرت لهم شهيرة وهى تمثل برياء:
صعبت عليا مش مبطله نحيب وعياط على المرحوم، قولت للمرضه تديها إبره تنيمها كم ساعه ترتاح شويه، صحيح مفيش حاجه تقدر تنسيها ولا تسليها وجع فراق سامر، بس فى الاول وجع القلب بيبقي شديد ربنا يهون عليها وعلينا،منها لله اللى كانت السبب فى وجع قلوبنا على سامر،إستفادت أيه لما قتلته بقلب جاحد كده،كان عمل لها أيه ده سامر طول عمره محترم وطيب...أنا لو أطولها كنت دبحتها زى ما دبحته..
ولا لاء انا مقدرش أشوف منظر الدم،إنما دى بدل ما تكون دكتورة وتساعد الناس،لاء بتقتل بدم بارد،أنا مشوفتهاش ولا أعرفها بس سمعت إنها كانت بتيجي هنا كتير وكانت زميلته وأكيد كان بيعطف عليها وهى بدل ما تشكره قتلته،كان عملها أيه،يمكن كانت عاوزه منه حاجه وهو رفض.
بغضب نظر آصف لـ شهيره،بينما تسأل آيسر :
هتكون كانت عاوزه منه أيه،ولما رفض قتلته.
نظرت شهيره لـ آصف الذى عيناه مُنصبه على والداته الراقده وقالت بإيحاء:
يمكن كانت بتغويه عاوزه توقعه فى شباك غرامها،وهو محترم ورفضها و....
قاطعها آصف بغِل قائلًا بغضب:
أعتقد كتر خيرك إنك كنت جنب ماما اليوم كان طويل وأكيد تعبك ،تقدري تروحى ترتاحى وأنا هفضل هنا مع ماما فى الاوضه وإن إحتاجت حاجه الممرضه موجوده.
كادت شهيره أن تتحدث،لكن قاطعها أيسر الآخر بحسم:
كتر خيرك،إحنا موجودين.
شعرت شهيره بالبُغض لهما وغادرت لكن بداخلها تشعر بشماته.
بينما جلس آصف على أحد مقاعد الغرفه،جلس آيسر جواره وضع يده على فخذه قائلًا بضنين:
لغاية دلوقتي مش قادر أصدق إن سامر مات وخلاص إندفن ومش هشوفه تانى.
أغمض آصف عينيه يتمنى أن تدمع عينيه المُتحجره عساه يشعر بهدنه نفسيه،لكن تحولت عيناه الى وهج دموي،قائلًا:
روح إنت كمان إرتاح،أنا محتاج أفضل لوحدي.
إعترض آيسر،يشعر بقلب آصف المُمزق،وقال:
لسه التحقيقات شغاله يا آصف،ويمكن سهيله بريئه بلاش تتسرع....
نهض آصف واقفً يقول بحِده:
مش عاوز أتكلم فى الموضوع ده،إرحمني وسيبنى لوحدي.
شفق آيسر على حال آصف ونهض وإقترب منه وضع يدهُ على كتفه قائلًا بمواساه:
هسيبك مع ماما وهروح أشوف بابا فين، بس
بلاش تتسرع الحُكم يا سيادة المستشار.
نظر آصف له بإستهزاء مؤلم وهو يتذكر سهيلة كثيرًا ما كانت تنعته بـ "سيادة المستشار".
غادر آيسر وظل آصف مع والداته بالغرفه سمع تنهيداتها المؤلمه وهمسها بإسم"سامر"
تذكر ذلك المُغلف الذى أعطاه له العامل،زفر بضيق وهو يتذكر أنه تركه بالسيارة بسبب تلقى العزاء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بين حيطان بارده
كانت سهيلة تشعر ليس فقط ببروده السجن بل تشعر بالإختناق،
للـ الليله الثالثه تقضى الليل بين تلك القُضبان، مع بعض المجرمات
تحاول التجنُب منهن حتى لا تأذيها إحداهن، فكرت بـ آصف ودموع تسيل من عينيها، هل سيصدق أنها قتلت سامر، والجواب يعطيه عقلها:
أكيد مصدق بقالى تلات ليالى هنا فى السجن مش معقول معرفش ومجاش من أسيوط.
حاول القلب أن يرسم أمنيه أخرى:
أو يمكن مش مصدق أكيد الحجه شكران تعبت وهو قاعد جنبها.
تاهت بين عقلها الذى لا يريد الإنصياع فى أمانى
وقلبها الذى يعلم بمدى عشق آصف لها، لكن هنالك حدس بقلبها يخبرها بآن هذان الشعوران مُخطئان،لتنتهى ليله أخرى عاشتها بظلام يخنقها خلف تلك القُضبان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قبل الظهر
بمقر النيابه
دلفت سهيله الى تلك الغرفه
شعرت بغصه حين رأت والداها الذى كان يجلس مع ذلك المحامى الخاص بها، نهض من أجل أن يستقبلها ويضمها الى صدره قبل حتى أن يفتح العسكري لها تلك الأصفاد،ضمته هى الأخرى وسالت دموع عينيها وقالت بصدق:
والله ما قتلته يا بابا.
رفع أيمن يديه يُجفف دموعها قائلًا:
مصدقك يا سهيله،حاولى تجمدى.
تنهدت سهيله بإستهزاء من نفسها ليس من قول أيمن الذى يحاول أن يزرع الامل وقوة واهيه بداخلها
هى أصبحت أضعف بكثير تتماسك غصبًا.
بينما فتح العسكرى الأصفاد من يديها وخرج من الغرفه،جذبها أيمن من يدها لتجلس
تحدث المحامى:
الوقت قدمنا قليل
خلونا ندخل فى المهم مباشرةً، طبعًا إنتِ عرفتِ بمستجدات القضيه وإن خلاص كده إنتِ المتهمه الوحيده فى القضيه دى، والقضيه إتحولت لقتل عمد.
نظرت له بذهول سأله:
قصدك أيه؟.
رد المحامى بتوضيح:
أنا أطلعت على حيثيات القضيه تقرير الطب الشرعي بيقول إن البصمات اللى على المشرط، بصماتك إنتِ والقتيل فقط، ومش معقول القتيل هو اللى هيكون دبح نفسه.
إستغربت فى البدايه من نبرة المحامى الذى شبه يؤكد إتهامها هو الآخر، لكن فجأه تذكرت أنها رأت المبضع كان جوار رأس سامر، ربما وضعت يدها عليه بالخطأ دون إنتباه وقالت بتبرير:
أظن أى عقل يميز لو أنا اللى كنت فعلًا دبحته بالمشرط، كان أبسط شئ سيبتهُ ينازع ويموت وخرجت من الاوضه قبل ما حد يشوفنى، مش كنت حاولت أنقذه وصرخت كمان عشان أي حد من المستشفى يساعدنى.
بآسف نظر لها المحامى قائلًا:
ياريتك كنت عملتِ كده فعلًا، لآن للآسف الأدله بدِينك، ومفيش قدامك غير حل واحد بس وده كمان مش مضمون إنك تاخدى براءه بس ممكن يخفف الحكم ونبعد عن سكة الإعدام.
إنصعقت وتلآلات الدمعه بعينيها قائله بآسى وآسف:
إعدام!
أنا كنت بحاول أنقذه.
رد المحامي بتوضيح:
للآسف يا دكتوره النيابه لها حيثيات تقرير الطب الشرعى مش بياخدوا بالنوايا الطيبه، إنت متهمه بقتل عمد، ومفيش قدامنا غير إننا نحول القضية، ونقول إن اللى حصل كان دفاع عن النفس، أو بالأصح دفاع عن الشرف.
شرف!
قالتها وهى تنظر له بذهول حين أكمل:
كمان الخبطه اللى فى دماغك ممكن تساعدنا، ونقول إنك حاولتِ تقاومِ بس بعد الخبطه دى محستيش بنفسك... كمان أنا إطلعت على أقولك فى التحقيقات وكويس إنك نفيتي الإتهام، ده أفضل عشان لما تغيري أقوالك ميبقاش فى تضاد.
شعرت سهيله بتوهان ونظرت لوالداها، الذى تلآلآت الدموع بعينيه، وأخفض وجهه بآسف كآنه موافق على قول المحامى،للحظه تحكم ضميرها وكادت ترفض ذالك لكن جائها
آمر آخر ربما يكون هو طوق النجاة لها نظرت لوالداها برجاء وقالت :
بابا أنا عاوزه أقابل"آصف شعيب".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بـ سرايا شُعيب
إختلس آصف بعض الوقت وترك صوان العزاء
وذهب الى مكان صف سيارته، وفتحها وجذب ذلك المُغلف، وقام بفتحه وقراءة محتواه
شعر بإنصهار خلايا جسدهُ
التقرير يُدين سهيله بوضوح
ثار عقله عليه يشعر كآن عقله أصبح كتله معدنيه تنصهر تُشعل رأسه،
أخيه قُتل، ومن قتله؟!
سهيله:!
عشق روحه.. يشعر بآلم يتقاسم قلبه يشعر كآنها غدرت به وذبحته هو ،لا ربما لو كانت ذبحته هو كان أهون عليه، ما كان شعر بكل هذا الضنين والبُغض
البُغض، أجل البُغض منها
كل ما يريده الآن سؤالها
لما فعلت ذالك... أو هل فعلت ذالك؟ لابد من مواجهتها والآن
حسم عقله الآمر ودلف الى السياره وقام بتشغيلها، لا يفكر فى شئ سوا مواجهة سهيله الآن بتلك الأدله،ويسألها لما ذبحت عشقه لها هكذا بنصل حاد بتر أمانيه..
تغيب قلبه وترك الزمام لعقله يسوقه نحو هاويه قد تسحقه هو قبلها.