رواية خادمة في قصر الفهد الفصل العاشر 10 بقلم صفاء حسني

رواية خادمة في قصر الفهد
الفصل العاشر 10
بقلم صفاء حسني 

"أنت بتقول ايه؟ والبنات ومهاب ومراد ووردة وهدير ماتوا؟ رد عليا!"
 
وضعت ملك يديها على وجهها وهي تبكي.
"ايه اللي حصل ليهم وايه السبب في الحريق؟ يوكنش حد فيهم غضب لمّ مشيت، وافتكر إن اعتماد عملت في حاجة. أكيد مهاب جنّ جنونه."
 
شعر فهد بضيق وبغضب، وقال:
"أنتِ مالك؟ ايه اللي حصل مخليك في نفسك وفي حالك؟ مموتة نفسك  من البكاء كده ليه؟ كانهم كانوا من بقية أهلك، أو حد من أقاربك مات. مش ده بيت اعتماد اللي كنت بتدعي عليها ليل نهار، والمكان اللي كنتِ نفسك تهربي منه؟ بطّل شغل الأطفال ده، وأكبر مشاعر الطفلة اللي جواك ده، في الزمن ده مينفعش. والشباب اللي أنتِ بتعيط عليهم، كنت هتكوني، لو مكنش امبارح كان النهاردة، في إيد حد فيهم بالغصب. ولو حنّيت للمكان، والّا بالفعل نمتِ مع حد فيهم، وزعلانة عليهم أوي، ونفسك ترجعي ليهم، ارجعي. واضح إنك حنيت تكون طفلة عاهرة في أماكن كتيرة متاحة. مع السلامة."
 
انصدمت ملك من كلام فهد، وقطعت حديثه.
رفعت وجهها له بطفولة وصدمة من حديثه العنيف معها، وقالت:
 
"عندك حضرتك، مع السلامة فعلاً. عشان لو زودت كلمة، بعد كده هتنزل من نظري أكتر من كده، بجد أنا مكنتش متصورة إنك بِالأنانية دي، وكمان مش واثق فيا. طيب ليه أنقذتنى؟ أو ليه جبتني هنا؟ والّا أقولك بلاش، مش عاوزة أعرف."
 
وجاءت لتقوم وتمشي.
 
مسك فهد يدها، واتكلم بغرور، وهو بيخبّي ضعفه:
"أثق فيك ازاي، أو أصدقك ازاي؟ وكل يوم أكتشف حاجة ما قولتيش لي عليها."
 
وجهته ملك، وقفت أمامه وقالت:
"أنت سألتني، وأنا ما قولتش. أنت عايز تعرف إيه؟ وهيفرق معاك ايه؟"
 
غضب فهد وقال:
"أنتِ ليه منهارة كده عليهم؟ مين الشاب اللي أنتِ هتموتِ نفسك عليه؟ مين اللي كل الدموع دي علشانه؟"
 
انصدمت ملك من تفكيره، وردّت عليه ببرود:
"يفرق معاك ايه عشان تسأل؟ مش أنا طفلة عاهرة زي ما بتقول؟ يفرق معاك ايه زعلانة ليه، أو على مين؟ أنت شايف الموضوع من وجهة نظرك، شوية زبالة وماتوا. منكرش إنك عندك حق يكون تفكيرك كده، علشان أنت جايبني من نفس المكان، من بيت دعارة، وممكن أكون بمثل عليك، صح؟"
 
ردّ فهد ببرود:
"ممكن، ليه لا؟"
 
 هزّت رأسها ملك:
"تمام براحتك، لكن كل تفكيرك غلط. بيت الدعارة ده فيه بشر، مش حيوانات. أنت شايفهم وحشين أوي زي ما أنت متخيل، لكن صدقني لو جات ليهم الفرصة يكون كويسين يكون، أحسن منك. أنا كنت عايشة معاهم، وشفت قد ايه فيهم الكويس، ولا نفسه يتغيّر، والّا مجبور. منكرش في الوحش اللي يستاهل الحرق زي عوض واعتماد، وبلبل وغيره، لكن كان في الأخوات اللي مع كل الظروف، لمّ سخّنت قعدة جانبي زي وردة، تعملي كمادات، وكانت هدير تعمل تاكلني، ومراد ومهاب كانوا بيحموني من اعتماد وكلابها، وكانوا يسهروا قدام المخزن وقت ما كانت اعتماد تحرمني من الأكل عشان يتابعوا وردة وهدير وهم بيعطوني الأكل، وأحيانًا كانوا يحرموا نفسهم من النوم علشان يحمون من باقي الشباب."
 
استفزّها أكتر وسألها:
"ليه الشابين دول بالتحديد كانوا بيحموكِ؟ واشمعنى أنتِ؟ يا ما فات عليهم بنات كتيرة."
 
ابتسمت ملك بسخرية وقالت:
"وانت ليه اخدني وجبتني لِبيتِك، رغم إنك ديما هناك؟ أقولك أنا ليه؟ عشان ربنا عارف إنّي مظلومة، وعشان كده بعت لي الناس اللي تصدقني إنّي ضحية، لكن مش عارفة حضرتك اتغيرت ليه من وقت ما فوقت؟ مفيش على لسانك غير تهددني إنك هترجعني، وكنّي حمل عليك، أو كانك عملت معروف في واحدة زي، ونصيحة من الطفلة العاهرة، ما تتهمش حد على حياة فرضت عليه. وعلى فكره، أنت مش أحسن منهم، كنت هناك ليه؟ اه، اوعى تقنعني شغل، عشان مفيش واحد يشتغل هناك الا يكون اسمه خناس، لِما واخدها، لكن ملهاش اسم غير ده اللي ياخد بنات ويستخدمو لغرض ما، اسمه كده. يلا روح على شغلك، وسيبني بعد أذنك. سيب الطفلة العاهرة لوحدها، واخرج، عاوزة أنام، وكمان عشان مش أشبهك، مش هشتغل عندك خادمة، وأخر يوم عندك النهاردة، هريحك مني."
 
صرخ فهد فيها، وشعر بالإهانة، ومسكها من شعرها:
"أنتِ بتقولي الكلام ده لمين؟ مين خناس يا روح أمك؟ أنا فعلاً لازم أربّيك من أول وجديد، ومفيش خروج، مفهوم؟ ده سجنك، ومن النهاردة أنتِ أسيرتي."
 
...
 
خرج فهد وأغلق الباب، وهو مضيق من نفسه ومن حديثه مع ملك، وعقله يجنّ، وما بين نفسه قال:
"هو أنا ايه اللي قولته ده؟ ومادام بالفعل شاكك فيها، ليه سمحت ليها تقعد عندي؟ هي عندها حق، قبل ما أتهمها بِالعاهرة، كان لازم تعرف إنّها عندها حق أنها اتهمتك بِخناس، وهي عندها حق، أنت بتشتري البنات، وتبعتهم، تتدرب على الاتيكيت، والكلام الحلوة، عشان توقع شخص وتاخد منه المعلومات، وبعد كده تعطيها الحرية، أو تدخلها في أي مجال فني، إذاعة أو موضة وغناء، وتكون تحت ايديكم، وتنفذ كل اللي مطلوب منها. مش ده شغلك، حتى لو فعلاً الغرض إنك تحمي بلدك."
 
ترك فهد المنزل، وهو مثل الفهد ثائرة.
 
 
 خادمة في قصر الفهد
 
الفصل العاشر
 
في مكان آخر وبالتحديد عند الشباب
استيقظوا من النوم على صوت وردة وهي تصرخ
كان الجميع يشعر بالتعب كانهم لم ينامو سنين
الجميع كان يسأل
مالك يا وردة خير
ردت وردة والدموع في عيونها: "أين الصندوق؟ لم يوجد!"
 
الجميع اعتقد انها بتهرج معهم وقالوا
بلاش تهريج يا وردة
لكن اتكلمت وردة بجد وقالت:
"أنا بتكلم بجد، أنا صحيت أشرب، سمعت صوت الباب يتقفل فشكيت، روحت ادور على الصندوق لقيته مش موجود."
 
ضحكت هدير وقالت:
"متخفيش يا قلبي، اللي سرق يسرقوا ويشبعوا بيه، وطبعًا اللي مش موجود معانا هما اللي سرقوه."
 
استغرب مراد وسألها:
"قلبك مطمن كده؟ اشمعنا، احنا كده اتسوّ حنا على الآخر."
 
وفضلت وردة تعد الموجودين، وفي الاخر اكتشفت مين اللي مختفي وقالت:
"عوض وبلبل وسهير هما المختفين."
 
اتعصب مهاب:
"ي ولد الرافضة ديل الكلب، عمره ما ينعدل."
 
هدّته هدير وقالت:
"أنت مالك مضيق ليه؟ احنا عارفين إنه وطين من زمان، من يوم ما كان يعتدي على البت نغم في اوضه المخزن، اللي كانت محبوسه فيها، والّا ساعده بلبل، وسهير. يعني كبروا منهم، أنا آخد كل الفلوس والذهب وحطيتهم في خزنة بنك."
 
شهقت وردة وقالت:
"يا بنت اللعيبة، عملتيها امتى؟ وليه ما قولتيش لينا؟"
 
سألها مهاب ومراد وقالوا:
"ازاي أصلاً؟ أنتِ فاكرة الموضوع سهل؟ وأي بنك يفتح حساب لِأي حد؟"
 
ردّت هدير وقالت:
"اقعدوا بس بهدوء، وأنا أحكي لكم اللي حصل."
 
وطلبت من وردة تجهز اكل لأنها حافظة بيت الرجل العربي وبقي البنات معهم، نحضر الفطار وبعد كده اقولكم.
 
هزت رأسها وردة وقالت:
"متقوليش حاجه الا لمّ نجهز اوكى، لكن افتكرت... لكن ممكن ما ألاقيش حاجة في الثلاجة."
 
ضحكت هدير وقالت:
"الأكياس عندك في المطبخ، أنا جيبت خزين لِشهر، ومن النهاردة البيت ده يكون بيتنا."
 
انصدم الجميع وسألوها:
"ازاي بقى؟ ممكن نفهم؟"
 
....
 
في مكان آخر في غرفة مغلقة ملي بالظلام
يجلس شاب على كرسي، مربوط يده من الخلف، ويصرخ:
"أنا ما عملتش حاجة، ايه ليه مسجون هنا؟ حد يرد عليا."
 
دخل شخص في الظلام، وجلس على كرسي وظهره له، وقال:
"هسألك كذا سؤال، تجاوب عليهم هتخرج، مش هتجواب أتهمك إنك قتلت المدعوة اعتماد حمدان."
 
انصدم فهمي:
"هي ماتت امتى؟"
 
وبعد كده تراجع:
"أقصد، مين اعتماد ده؟ وليه اقتلها؟ وأنا معرفهاش."
 
ضحك الشخص وقال:
"هتبدا كذب من أولها، هتخسر. يلا أول سؤال: اسمك بالكامل، مسكنك، وعلاقتك بِاعتماد، وايضا بِملك مؤمن."
 
شهق فهمي وسأله:
"هي ملك كمان ماتت في الحريق؟"
 
ونزلت دموع من عيونه: "أنا ما كنتش أقصد كل ده، أحكيلك كل اللي حصل."
 
جلس أمامه، ونظر له وقال:
"جواب على الاسئلة، وبعد كده احنا نقرر."
 
هزّ رأسه فهمي:
"أنا اسمي فهمي محمود رضوان."
 
 
 
عندي عشرين عام، يتيم، كنت متربي في ملجأ لحد ما بقى عمري عشر سنوات، لحد ما في يتبنون ناس طيبين من بلد ملك، وكنت معها في نفس المدرسة، كنت أكبر منها بسنتين تقريباً.
ملك كانت البنت السكرية في المدرسة، البنت الجدعة، صحبت واجب، وكمان لسانها طويل، وعلى قد طيبتها براءتها، لكن عندها ذكاء لا يوصف وكانت شاطرة، كنت باخد معها دروس واحنا صغيرين لحد الاعدادي، عشان فرق العمر قبل ما الناس دي تتبننى مكنتش دخلت أي مدرسة، ودخلت كبيرة.
لحد ما بنت الرافضي، مرات عمها، ما غيرتني وأنا عيل عندي ستة عشر عام. في يوم كان الدرس عند ملك في بيتها.
 
قطع حديثه وقال:
"المعلومات اللي عندي بتقول ملك، امها وأبوها ماتوا، أنت شريك في قتلهم."
 
اتنهد فهمي وقال:
"هو اه ماتوا يا باشا، أنا جايلك في الكلام اهوه، اهلها ماتوا بعد نتيجة الاعدادية، ام الموضوع ده حصل وأنا في ثالث اعدادي، كنت طالع على الدرس، وقفتني مرات عم ملك وطلبت مني..."
 
فلاش باك:
 
"والنبي يا كابتن، ممكن بس تساعدني في تغيير الانبوبة، محدش موجود، ايدي مش متحكمة تربطها."
 
نظرت له وأنا أقول:
"أنا عندي درس يا طنط، المستر فوق، و أتاخر عليه."
 
ردت ليلي وقالت:
"يا ابني مش هتتاخر خمس دقائق، واطلع."
 
هزّ رأسه فهمي ودخل.
وهي قفلت الباب وشاورت على المطبخ وقالت:
"عندك اهو، اروح اجيب ليك المفتاح الصليبة."
 
ورجعت.
 
دخل فهمي بالفعل، فكّ الخرطوم، وبدأ يضبط الأنبوب.
دخلت عليه ليلي بقميص نوم شفاف وضيق على جسمها لونه اسود.
شافها فهمي وفتح بوقه.
اقتربت منه ليلى وأعطته المفتاح: "اهو."
 
بدأ يفتح فهمي، وهو نظرته عليها وهي تتحرك جانبه، لحد ما أغرته وضعف فهمي، ونسي الأنبوب، وبدأ يقبلها وسحبته على غرفة النوم.
 
وبعد كده دخل جوزها عليا، أنا افتكرت اخر يوم في عمري، لكن انصدمت أنها وقفت قدامه بكل جبروت:
"أنا هتجوز الولد ده، يكون محلل، ومش هطلق منه الا لمّ تقنع اخوك يكتبلك المحل باسمك، والّا كل يوم يجى عندي، وهتشوفه بعيونك وانت مش قادرة تتكلم."
 
باك:
 
"أنا انصدمت من اللي حصل، وهي اتفقت أنها هدينى فلوس مقابل ورقة الجواز، وبالفعل اخدتنى عند مؤذن بر البلد،  مع الأيام انجرفت ليها يا باشا، عرفت ومن وقتها بينا مع بعض، ونتقابل فى بيتها، أو في عشة أجرتها."
 
سأله الشخص: "ايه علاقة ليلي بِموت أهل ملك؟ وامتى بدأت علاقتك بِاعتماد؟"...



تعليقات
×

للمزيد من الروايات زوروا قناتنا على تليجرام من هنا

زيارة القناة