
الفصل الواحد والعشرون 21
بقلم صفاء حسني
جاء أبو هدير وهو يقول:
"أنت بتنادي عليّ، لقيت اسم بنتي هيلين. يا ابني، هي كانت طالعة رحلة مع المدرسة إلى الغردقة، وبسأل الطائرة رجعت ولا لا، قلبي متوجس عليها".
رد الشخص قائلاً:
"أعلم يا ولدي، اجلس أنت، وأنا سأعرف لك كل المعلومات. أنا بتكلم عن فتاة أخرى اسمها هدير، ويوجد تشابه كبير في اسم الأب".
نظرت له هدير وهو يتحدث، وكانت تريد أن تجري عليه وتترمى في حضنه، وهي ترى قلقه وضياعه وهو يبحث عن ابنته. ثم تحدثت مع نفسها، وهي تتقدم خطوات لم يتعرف عليها، وقالت:
"طيب، أنا مكنتش بنتك، ليه مبحثتش عني؟ ليه مدورتش عليا زيها؟ ليه؟ وهل قوتها مكنتش بنتك؟".
وكانت تتذكر الألم الذي شعرت به عندما اتهمتها زوجته بأنها سرقت المال وهي في الثامنة من عمرها. وغصباً عنها، نزلت دموعها، خصوصاً عندما اجتمع الجميع، وصدقوا أنها حرامية، واقترحوا أن تذهب إلى أحد ليأخذها، والكل رفض أن يستلمها، ما عدا جدتها التي صدقتها وذهبت معها. كانت جدتها تعني لها الكثير، وكانت تعتبرها أمها. وعاشت أجمل سنين معها حتى ماتت، وعندما ماتت، عادت إلى الذل مرة أخرى. كانت تصرخ من داخلها: "لماذا يفعلون بي هكذا؟ لماذا لا يكن لي أي حب أو حنان؟". كانت حالتها صعبة جداً. دخلت الحمام وجلست على الأرض تبكي على كل شيء حدث معها، وهي تلوم أبوها: "لقد رزقت بفتاة أخرى، والآن تجري خلفها، تخاف عليها وتبحث عنها، أم أنا رميتني أنت وزوجتك؟".
شعر الشاب بغيابها، وسأل صديقته:
"هي فين صحبتك؟ أوعى تكون رافضة تسافر معنا، أوعى تكون بتشتغلني".
تنهدت الفتاة وهي خائفة فعلاً لتكون هربت أو رجعت في كلامها ويضيع عليها الفرصة، وقالت:
"أروح أشوفها، أكيد دخلت الحمام".
نظر لها ببعض من القلق ثم قال:
"طيب، يلا بسرعة عشان هنتأخر". ثم تراجع وقال:
"خليكي هنا مع والدتي، وأنا أروح أشوفها".
استغربت الممرضة وقالت:
"حضرتك هتروح فين؟ ده حمام نسائي، محدش يسمح لك تدخل عليه".
نظر لها بدون مبالاة وقال:
"أنا هتصرف، لا تتركي أمي لحظة، فاهمة؟ وإلا يكون آخر يوم لك في الدنيا ده".
هزت الممرضة رأسها وقالت:
"حاضر".
وفي نفسها، فكرت: "إيه رماني الرمى ده بس، يلعن حاجة الفلوس"، ومسكت العربة المتحركة التي تجلس فيها السيدة وهي نائمة.
عند هدير
اتجه الشاب نحو الحمامات، لم يجد مشرفة في أول الحمام، فدخل باستحياء وهو ينادي:
"في حد هنا يا جماعة، يا أستاذة هدير؟". وبعد ذلك سمع صوت أنين وبكاء، وكان مستحياً ولا يعلم لماذا يبحث عنها أو يهتم. فدخل خطوة، وجدها جالسة على الأرض تبكي. أنصدم وأقترب منها، وهو يسألها:
"أستاذة هدير، أنتِ بخير ليه بتعيطي؟".
رفعت رأسها هدير والدموع مليئة عيونها، وصوتها منبوح، وقالت:
"أنا بعتذر حضرتك، ثواني وهخرج".
بالطبع، سأقوم بتصحيح النص وإضافة علامات الترقيم والتنوين، وتحويل السرد إلى اللغة الفصحى مع الحفاظ على الحوار باللهجة العامية. إليك النص المصحح:
خادمة في قصر الفهد
الحلقة 21
تنهد وقال:
"تمام، منتظرك أمام الحمام، ولكن برجاء لا تتأخري علينا، الطائرة".
هزت رأسها بالامتنان وقالت:
"حاضر".
بالفعل، خرج وهو محتار لماذا تبكي، ولماذا دائماً صامتة ولا تتحدث رغم أن صديقتها طوال الوقت تتحدث.
كانت هدير قد انتهت من غسل وجهها ودخلت الحمام وخرجت، وضبطت الحجاب أمام المرآة، وقالت:
"أكيد ربنا بعتلك الفرصة دي إنك تخدمي سيدة من عمر والدتك، عشان يخفف عليك عذاب يوم القيامة. أنتِ غلطتِ كتير يا هدير، لا تلومي أبوكِ أو أمك. أنتِ مستحملتش تعيشي معهم. أنتِ نسيتِ لما أبوكِ رفض تعيش لوحدك، وأنتِ اللي اخترتِ. متلوميش غير نفسك". وعدلت الحجاب وخرجت.
عند ملك، دخلت السيارة الخلفية وهي باستحياء، وقالت:
"شكراً جداً يا حضرة، صدقني هكون عند حسن ظنك".
ابتسم فهد وقال في نفسه:
"حتى وأنتِ فقط تذكرين، تستنجدين بي، وكان لسه مقابلتك النهاردة، مش من أسبوعين، ويا ترى كده أحسن؟".
وتذكر حديث الدكتور وهو يسأله:
"حضرتك التصادم كان خفيف جداً، ما يعملش ارتجاج، ليه فقدت الذاكرة؟".
ابتسم الدكتور وقال:
"هو ده اللي عايز أعرفه منك، احكيلي من يوم ما قابلتها لحد الحريق".
بدأ فهد يحكي ما حدث.
تنهد الدكتور وقال:
"ملك عايزة تهرب من الواقع ومن كل حاجة عيشتها بعد وفاة أهلها، من خلال ما عرفته من بنت عمها هبة، وإزاي تعرضت لضغط أكبر من سنها، وكمان زي ما أنت قلت، حبسها في بيت دعارة. وانتهت بأنك صدمتها أنك اتجوزت منها بدون علمها، حتى لو عقد مدني، عشان كده هي رفضت كل اللي حصل معها. وبرجاء لا تجبرها على الزواج مرة تانية".
بعد ما حدث من ضغط، أجبره على أن يقول إنها مراته، وصدمتها ورفضها الموضوع. اقتنعت وقتها، لكن عمها شكك في الموضوع وقالت: "أقدمها".
وموافقة ملك أنها تكون معك، لازم تسمع كلامها في اللي هي عاوزة تعيشه وتختاره. فاق من شروده وسألها:
"أنتِ كده مبسوطة؟ بس أنا مستغرب، أوعى تكون عايزة تبدأ القصة بتاعتك كده، ومتخيلة أن فهد يقع في حب خدمته، يبقى بتحلمي".
ضحكت ملك وقالت:
"برافو عليك، فهمتني كده. حضرتك هتاخدني على بيتك أول مرة، وفعلاً يكون لي أول مرة، وهكون خادمة، وخلال أسبوعين نجحت أن أكون حبيبتك، نتجوز. منجحتش، يبقى بلاش منها، عشان مينفعش أرتبط بشخص مش عارفة إن كنت بحبه ولا لا، وأنا كان هو كمان بيحبني".
ما كانش قادر يمسك نفسه فهد من الضحك واستسلم وقال:
"ماشي يا ست ملك، أنا موافق، وعجبتني لعبتك، ونشوف هتجيب نتيجة ولا لا".
وبدأ يسوق السيارة، وضعت ملك دماغها على الكرسي، وبعد دقائق كانت نامت مثل الطفل الصغير.
وكان بيفكر يعمل إيه مع أسماء، وإزاي يوقعها تعترف بكل حاجة لأنه دلوقتي لم يستطع أن يثق فيها.
وتذكر كلمات أمه في الحفلة.
فلاش باك
كانت أمه تقول:
"بلاش هزار أنت وهو، البت دي مش سهلة، عاوزة توقع حد فيكم وتتجوزه".
ضحك فارس وفهد واقتربوا من أمهم وقالوا:
"أنتِ غيرانة يا بيضة، ومن مين؟ من أسماء بنت عم إبراهيم؟".
كمل فارس وقال:
"أنا عارف إن قلبك حساس وبتحسي بالخطر قبل وقوعه، لكن مش لدرجة تشكي في بنت عم إبراهيم".
تنهدت سهير وهي مش مرتاحة، وقالت:
"مش عاوزة أشوف وشها، أقدمي لحد ما الحفلة تخلص، وبعد الحفلة لي تصرف تاني".
بالفعل، طوعيها وطلبوا من أسماء ترتاح في المطبخ.
استمعت أسماء بغيظ الحديث، وهي شخصية عدوانية جداً، فكانت تجلس في المطبخ وترقب الجميع.
جاء ضيف مهم، الكل التفت نحوه، رجل يتراوح عمره في الخمسين. عندما دخل، اتجهت نحوه سهير بابتسامة عريضة وترحيب شديد:
"بجد مش عارفة أشكرك إزاي أنك لبيت دعوتي لك".
ابتسم الرجل وقال:
"ابن صديقي هو ابني، ووقت ترقيته يسعدني ويفتخر أن أكون معه".
رحب به فهد وحضنه بشدة لأنه فعلاً كان يتذكر أباه فيه، واستمروا في الحديث، وكانت تبتسم سهير وسعيدة، وكان لا أحد موجود غيره.
تحدثت سيدة من الجالسين وهي تتهكم:
"مالها سهير فرحانة أوي كده لم شافته؟".
ابتسمت سماح وقالت:
"هو أنتِ متعرفيش الباشا منصور البيومي، يا بنتي ده شغال في جهاز أمن الدولة وصديق مقرب ليهم، وأظن له الفضل إنه ينتقل ابنها للجهاز".
ابتسمت السيدة وقالت:
"لكن شكلها وهي بتتكلم معه كأنها شي آخر وليس صديق فقط".
نظرت لهم سماح ثم قالت:
"تقصدين بتحبه؟ لا طبعاً، هو صديق عائلة فقط، وزوجها لسه ميت من شهور، كيف تحبه؟ وأيضاً عندها فتاة أخرى، وهي دائماً مسافرة للخارج لمباشرة عملها، عشان سمعت أن أصلها إيطالية".
لم تقتنع السيدة وقالت:
"هو أنا قلت حاجة، مجرد استنتاج. استغربت، وكمان أنتِ بتقولين أصولها إيطالية، يعني أجنبية، وهناك عندهم مفيش قيود. ومعليش، هي أمتى جابت البنت دي وليه مش بنشوفها، وبنت مين؟".
قلبت وجهها سماح وقالت:
"أنتِ زوديها أوي يا جيهان، عيب تقول كده على سهير. بجد عيب عليكِ، إزاي صحبتها وتتكلمي من وراها، وكمان على شرفها؟".
في نفس الوقت، اقتربت سهير وسمعت حديثهم وكيف دفعت سماح عليها، فاقتربت بابتسامة وقالت:
"بعد إذنك، ورينا جمال خطوتك يا جيهان، مش عاوزة أتصرف تصرف ميعجبكيش".
قامت جيهان وهي تشعر بالحرج وقالت:
"أنتِ بتطرديني من بيتك، صدقيني هتندمي".
ضحكت سهير بسخرية وقالت:
"أنا فعلاً ندمت إني اعتبرت واحدة زيك صديقتي، وإني دخلتك بيتي. يلا، من غير محد يتفرج عليك، وإلا قسمنا عظمنا أنشرلك كل غسيلك. ومتقوليش إني أجنبية ومعرفش أخد حقي زيكم، لا يا ماما، فوقي. وأيكي تتهميني بشرفي، أنا اللي كنت بدري عليك وبنصحك، لكن ده جزائي. مع السلامة يا ماما، وأنتِ عارفة مكان الباب، ال بيت مين فين، وإلا لحظة ابني والرجل المحترم لو عرف حاجة يمحيك من على وش الدنيا. مع السلامة".
خرجت جيهان وهي تريد أن تنتقم منها، واتصلت بشخص.
أم فهد كانت في الحديقة، وفجأة......