رواية ميما الفصل الاول 1 والثاني 2 بقلم اسماء الاباصيري

 

رواية ميما

الفصل الاول 1 والثاني 2

بقلم اسماء الاباصيري 

صغر سنها لم يحصنها من صعوبات الحياة 

رأت الموت بعينيها ومازالت صامدة بعزيمة طفلة لم تتعدى العشرة سنوات

فهل من منقذ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

1. هجرة


في الحياة لا فارق ما بين قوي و ضعيف ، المكتوب هو ما يلقاه الشخص مهما كانت قسوته و مرارته ، لم تُعرف الحياة بالرحمة ابداً ، فهى تقسي على صغيرها قبل كبيرها 


...........................


في إحدى الاحياء الشعبية الفقيرة المعروف عن اهلها الطيبة و الأُلفة و تحديداً احدى البيوت القديمة المتهالكة المكونة من طابقين لا اكثر نجد "سعاد" ربة منزل بسيطة لا يتعدى سنها الثلاثين عاماً تقوم بالاعمال المنزلية اليومية المعتادة ، يشغلها التفكير فيما ستعده لغداء اليوم و ماتحتاجه من مكونات ... و بعد الاستقرار على اعداد وجبة السمك المفضلة لدى زوجها جلست قليلاً بإبتسامة رضا على وجهها تسترجع حياتها و التى تتمحور حول شخصين لا اكثر فهما من بقى لها فى هذه الحياة زوجها الحبيب "احمد" و ابنتها الصغيرة "مريم" والتى ملأت البيت بهجة و سعادة بعد زواج استمر لمدة ثلاث سنوات دون انجاب ليرزقهم الله بمريم بعد ذلك و قد كانوا فقدوا الامل تماماً


و بمجرد ذكرها نراها تأتى بصخبها المعتاد ، تدلف من الباب مسرعة الى حضن والدتها بعد غياب يوم كامل فى مدرستها فهى فى سنتها الثالثة بالمرحلة الابتدائية لتستقبلها والدتها بعناق عميق


مريم بصوت طفولى : امي اشتقت لكي كثيراً لما لم تأتى لإحضاري اليوم انتي وعدتينى بذلك ...... اين ابي ؟ أما زال بالعمل ؟ .... انا جائعة ....... امي انا 


سعاد مقاطعة بإبتسامة : كفاكي ثرثرة ..اباكي مازال بالعمل اذهبي الآن الى غرفتك بدلي ثيابك و سأحضر لكي طعاماً ...هيا اسرعي


ذهبت مريم الى غرفتها سريعاً فى حين توجهت سعاد الى المطبخ لتعد بعض الفطائر فهى لم تنتهي من اعداد الغداء بعد


سعاد بصياح : مريم ... ميما .... هياااا الطعام جاهز


مريم بصراخ : آتية 


تأتى سريعاً لتناول الطعام لتستوقفها والدتها قائلة


سعاد بحذر : هل اخذتى علاجك ؟ ...بالطبع لم تفعلي هيااا اقتربي هنا لن تهربي مني 


مريم بتذمر : لا هذا مؤلم ...لا اريد


سعاد وبيدها حقنة تضع بها بعض الانسولين مقتربة من مريم


سعاد : هيا مريم لن نُكرر قصة كل يوم لا مجال للرفض اعطيني يدك هياااا


لتحقن يدها وعلى وجهها علامات الحزن والشفقة على ابنتها التى لم تتعدى السبعة سنوات ومصابة بمرض السكري منذ ولادتها .. فى حين ارتسمت معالم الالم على وجه مريم الطفولي


سعاد بإبتسامة : هيا الآن يمكنك تناول طعامك 


لتومأ الصغيرة والدموع بعينيها وتشرع بالاكل ولم تنسى بالتأكيد سرد كل تفاصيل يومها بالمدرسة كعادة كل يوم 


فى مكان آخر بإحدى شركات الاستيراد و التصدير 


احمد بصراخ: ماذا تقصد بالإستغناء عن خدماتي ؟ عشرة سنوات اعمل بالشركة والآن تخبرني بكل بساطة عدم حاجتكم لى بعد الآن


سمير : سيد احمد لا علاقة لي بالأمر هذا قرار من الادراة بتسريح بعض العمال


أحمد : هذا قرار تعسفي لن اصمت على هذا الظلم


سمير بشفقة : نصيحة منى لا تُصعد الامر الى الادارة ... ان فعلت هذا لن تحصل حتى على مكافئة نهاية الخدمة وسيكون قرار بالفصل بدلاً من هذا


ليتهاوى على المقعد بإستسلام


احمد بضعف : هذا ظلم .... ماذا افعل ؟ لا مصدر دخل لى ولبيتى بعد تركي العمل هنا .... كيف سأنفق على ابنتى وزوجتى .... رحماك يا الله


سمير بتعاطف : ربك كريم و يعطيك من حيث لا تدري فقط توكل على الله وارضى بنصيبك ... سأحاول جاهداً ايجاد عمل لك قريباً ... فقط الآن حاول الاقتصاد فى إنفاق نقود المكافأة وسنرى ما يحدث فيما بعد


ليومأ هو ويغادر المكتب متخاذلاً الى الخزنة لأخذ مستحقاته 


يصل الى منزله يبدو عليه الحزن والانهاك والكآبة لتستقبله زوجته بوجه بشوش لكن سرعان ما تلاحظ حزنه فتتلاشى تلك الابتسامة سريعاً وتتجه اليه بقلق لتحدثه ... لكن يسبقها طيف طفولى مر سريعاً بجانبها ليهجم على جسد زوجها ويتلقاه هو فى عناق عميق بث فيه حنان واشتياق وربما حزن


مريم بسعادة : واخيرااااا اتيت .... لكنك متأخر عن ميعادك نصف ساعة كاملة ... اين ذهبت ؟؟ اعترف الان 


احمد بضحك : بل انتى من سيخبرني ... هل تبادلتى الادوار مع والدتك ام ماذا ؟ ..... الا يجب عليها هى سؤالى هذا السؤال ؟


مريم ببراءة وتلقائية : بل يجب على انا سؤالك .... انا احبك اكثر منها ... كما انك اخبرتنى ان لى حق عليك اكثر منها ..... ثم اخذت تعد على اصابعها الصغيرة ..... انا من صلبك و احمل اسمك .. هى تسمى سعاد محمد البكري وانا مريم احمد علي البنداري وانت احمد علي البنداري


ليقهقه هو و سعاد بسعادة 


احمد بفرح : تأخذين كلامي ضدى ..... حسنا لقد اقتنعت ... لديكي كل الحق فى سؤالي


ليقبلها بقوة فتبادله هى الاخرى قبل ان تتركه سريعاً متجهة الى غرفتها وتستكمل اللعب بعرائسها


احمد بضحك : انتظرى سنة اخرى و ستُعلمكِ استجوابي وكل ما ينقصك من صفات المرأة المصرية الاصيلة ...... وانا فليكن الله معي وقتها


سعاد : ابنتك تحمل كل خصالك ألا تتذكر كيف كنت فى طفولتك ؟


أحمد بحنين : بلى اتذكر 


لتصمت قليلا ثم تردف 


سعاد بجدية : والان اخبرني ما بك ؟ لا تبدو بخير


يذفر هو بقوة و يجيب


أحمد بحزن : لقد استغنوا عنى ..... تم تسريحي من العمل


سعاد بدهشة : اتقصد انهم فصلوك ؟


أحمد بسخرية : ليس تحديداً .. فقط اعطونى مكافئة عشرة الاف جنيه واستغنوا عن خدماتى 


سعاد : وماذا نفعل الان ؟ انت تعلم لن نستطيع الاعتماد على هذا المبلغ لفترة طويلة ... تكاليف المدرسة وعلاج مريم هذا غير اعباء المنزل


أحمد بتعب : اعلم كل هذا لكن لا شيء بيدي ... بدءاً من الغد سأبحث عن عمل آخر وليوفقنى الله 


سكتت قليلاً ترى حزنه و انهماكه فى التفكير لتلاحظ انها تزيد عليه احماله فقررت تهوين الامر قليلاً حتى و ان كان فقط ببعض الكلمات


سعاد : لا تقلق سيدبرها الله بمشيئته... هو لن يتخلى عن عباده المؤمنين فلندعو الله و نقدم ما فى استطاعتنا ونترك الباقي عليه وحده القادر على حلها ...... لتكمل بإبتسامة ........ هيا انهض واستحم حتى احضر الغداء .... انتظرناك طويلاً اليوم


كادت تنهض من جانبه لكن استوقفتها يده ليضمها بين احضانه بحب ويهمس لها


احمد : أدامك الله لى ... لولاك لكنت الآن غارقاً بأحزانى و همى ... فليحفظكم الله انتى و مريم ... انتم من تحييون حياتى وتملئوها سعادة 


لتبادله هى العناق و ينهضا بعد ذلك هي لتحضير الغداء و هو للاستحمام 


تمر الايام سريعاً حتى مضى على تلك الاحداث شهران كاملان لم يستطع فيهم الحصول على عمل مناسب 


احمد بتعب : شهران ولا جديد ان استمر هذا الحال لن نجد ما يسد حاجتنا


سعاد بإحباط : لا ادري ما الحل لقد بحثت انا الاخري عن عمل لكن لا نتيجة ....مالعمل الآن ؟


احمد : لا اعلم .... لكن هناك شئ ما حدثنى عنه زميلى بالعمل 


سعاد : عمل ؟


احمد : لا بل سفر 


سعاد بدهشة : سفر ؟


احمد : نعم هجرة لايطاليا


سعاد بحذر : انت لاتقصد بالهجرة انها .........


احمد بتنهيدة : بلى هجرة ... هجرة غير شرعية 


.......................


يتبع ........................


2. مأساة !!!!!!


سعاد بصدمة : هجرة غير شرعية


احمد بيأس : اقترح علي احد اصدقائي هذا الحل منذ فترة.... لا ادري ..... فى البداية عارضت بشدة لكن انظرى لأحوالنا الآن .. مر شهران و لا جديد ، إن استمر هذا الحال لن نستطيع الصمود طويلاً .


سعاد بدهشة و لوم : ألم ترى مصير من يهاجرون بتلك الطريقة ؟ ..... إما الموت او القبض عليهم فور وصولهم للبلاد الاخري


ليتنهد هو بإحباط و يردف


أحمد :و هناك من انشأوا حياة جديدة فى مكان آخر .. اعلم صحة احتمال ما تقوليه و لهذا عارضت الامر فى باديء الامر لكن ما العمل الآن ؟


سعاد بحذر : لما لا تطلب المساعدة من عائلتك ؟ ربما يمكنهم توفير عمل لك


لتتحول ملامح اليأس تلك الى غضب و يردف بحدة


أحمد بإنفعال : عن اي عائلة تتحدثين ؟ تلك العائلة قطعت كل صلتها بي وتبرأت منى منذ زواجي بك .... انتهى الأمر .. سأرى الاجراءات المطلوبة للهجرة و احاول تدبير المبلغ اللازم لذلك


سعاد بسرعة : حسنا لا بأس ... لم اقصد إثارة غضبك ، فقط كانت فكرة خطرت لى وظننتها قد تساهم فى حل المشكلة


احمد و قد بدأ يهدأ : آسف لإنفعالى و صراخي عليك ... لكنكِ تدركين موقفى منهم منذ أن خيرونى بينك وبينهم و غضبهم علي عند اختياري لكِ انتِ لأكمل حياتى معك


سعاد بحب : نعم اذكر هذا .... وقفت امام جميع افراد عائلتك لتفوز بي .... انا ابنة الخادمة و انت ابن الباشا


ليقترب منها و يأخذها بأحضانه


أحمد بحب و خبث : بل انتى هى ابنة الباشا يا باشااا


سعاد بخجل : كفاك عبثاً و دعنا نجد حل لمشكلتنا تلك ....لتصمت فترة ثم تردف بجدية ......... ارجوك اعد النظر فى موضوع الهجرة نحن لسنا وحدنا الآن ، لا تنسى مريم فهي لن تتحمل مشقة السفر و عذابه


ليقترب منها اكثر محاولاً نيل قبلة


احمد برغبة : لا تقلقي لن انسي مريم ... لكن ارجو منكِ ان تنسي انتي الكلام الآن .


لتصمت هى بالفعل ، تعتريها حمرة الخجل و في وسط اندماجهم هذا يسمعان صراخ


 ماذا تفعلاااااان ؟ : ..........


لينتفضا معاً اثر سماعهما لهذا الصوت فيجدا مريم و التى امتثلت امامهما تحدق بهما بخبث


مريم بغضب مصطنع : فلتذهبا الى غرفتكما لا يجب عليكم فعل هذا امام الصغار


ليقترب منها اباها و يهبط لمستواها


احمد بجدية مصطنعة : و ماذا كنا نفعل يا قصيرة انتي ؟


مريم ببراءة : تحاولان احضار اخ لى


لتحتل معالم الصدمة وجوههم و يقفا يحدقان بها فى دهشة ينظر كلاً منهما للآخر ثم يعيدان النظر لها مرة اخري فى محاولة لاستيعاب افكار ابنتهم فى هذا السن الصغير ليكمل احمد حديثه بجدية


أحمد : اخبريني الآن من اين اتيتي بهذا الكلام ؟


مريم ببراءة : منك انت


احمد بدهشة : انا ؟؟؟؟؟؟


مريم بطفولة : نعم لقد اخبرتنى بذلك عندما قمت بسؤالك عن كيفية مجيئي لهذه الدنيا حينها اخبرتنى انك قَبّلت امي فأتيت انا ، وانه لا يجب علي الحديث عن هذا الموضوع لأي مخلوق كان ، لذا ظننته سرا ًقد وشيت به إلي و لا يجب على الصغار معرفته


لتنتاب سعاد نوبة ضحك فلقد قامت ابنتها بحيلتها المعتادة و هى استخدام كلام ابيها ضده دون قصد منها .. و عند رؤية الطفلة والدتها تضحك بشدة شاركتها هى الاخرى الضحك ببلاهة لينظر أحمد لكلاهما فى غيظ و يصمت فترة قبل ان يشترك هو ايضا ًفى جنانهم اليومي المعتاد فمنذ حضور تلك الملاك الى حياتهم لم يمض يوم واحد لم يمتلأ فيه المنزل بضحكهم ومزاحهم هذا


تمر الايام و يضيق بهم الحال اكثر من ذي قبل ليتخذ هو القرار الاخير بالموافقة على قرار الهجرة و لكن يتبقى المبلغ المطلوب لذلك فهو يبلغ اضعاف ما تبقى لهم من اموال .... حاول كثيراً ايجاد حل لهذه المشكلة لكن لم يجد امامه سوى خيار واحد و هو بيع البيت ..... منزلهم هو كل ما يملكون حالياً إن قام ببيعه فسيستطيع دفع تكاليف الهجرة و ربما تفيض بعض النقود لتكون لهم عوناً فى بداية حياتهم هناك .... لكن إن باعوه فلا عودة لهم هنا مرة اخرى .... اى لا خطوة للوراء ... و ليس مسموح لهم حتى بالنظر خلفهم بعد ذلك ... مجازفة كبيرة مقدم عليها لكن لا بديل .


حاولت سعاد مرة اخرى عرض فكرة طلب المساعدة من عائلته لكن حصلت على نفس الرد السابق لتكمل حديثها بتصميم


سعاد بحنان : استمع الي .. هم عائلتك .. لن يستطيعوا رؤيتك بتلك الحالة دون مساعدة فقط حاول الحديث مع احدهم ربما عادوا الى رشدهم


احمد بقليل من الحدة : لن يعودوا ابداً الى رشدهم .. هؤلاء يعميهم طمعهم و جشعهم


سعاد : لكن هم عائلتك من دمك .


أحمد : ابي و امي توفاهما الله .. هما من كنت سأفكر باللجوء اليهم فى حالتى هذه رغم قسوة ابي لكن ربما استطاع المساعدة ... اما الآن لا أحد اظنه سيفكر بقرابتنا ، كلاً منهم سيستغل حاجتي إليهم ويقللون من شأنى


سعاد : افهم وجهة نظرك تلك ، فلقد عاشرتهم و انا على علم بتفكيرهم هذا .... اذاً ماذا عن ابن اخيك .... آسر ..... على حد علمي انه من يترأس امور الشركة بعد وفاة عمر رحمه الله ؟ .. ربما كان مختلف عنهم جميعاً و يتفهم كونك عمه و انك بحاجة للمساعدة


أحمد بسخرية و تهكم : هو تربى على ايدي عمر و صافى هانم ماذا تنتظرين من شخص كهذا ؟..... استمعي لي لا سبيل لنا سوى بيع المنزل لسداد باقى المبلغ ولنترك أمر الغد للغد فلقد أُرهقت من كثرة التفكير .


لتومأ هى فى حزن وغضب خصيصاً عند ذكر صافي هانم زوجة شقيق احمد لتردف بتساؤل


سعاد بيأس : اذا متى السفر لأستعد ؟


احمد بتنهيدة وشرود : سيكون بنهاية هذا الشهر ، فور تسديدى للمبلغ سأعلم التفاصيل كاملة .


سعاد بتنهيدة : و ما وسيلة السفر البر أم البحر ؟


احمد بشرود : البحر


مرت ايام اخرى دفع فيها باقي المبلغ و قام بكل الاجراءات المطلوبة ليعلم ان السفر سيكون على متن مركب ليس بكبير و لا بصغير و بالطبع لا تتوفر فيه احتياطات الأمان و غير معلوم ايضاً إن كان هذا المركب حصل على صيانة مؤخرا ام لا ..... فور سماعه لكل هذه المعلومات تذكر فوراً الأخبار التى كان يستمع اليها كل فترة عن غرق مركب للهجرة الغير شريعة فى طريقها لإيطاليا او اليونان ... فلقد كانت احوال البلاد فى السنوات الأخيرة اولى الاسباب لدفع الشباب بهذا الطريق ..... نفض تلك الافكار سريعاً من رأسه واقنع نفسه انها حالات فردية ولا تحدث لكل رحلة


اليوم هو اليوم المنتظر .... عند وصولهم الى المكان المتفق عليه وجدوا مئات بل آلاف من الاشخاص فى انتظار المركب المطلوب ومن هنا بدء القلق يداهمهم فأي مركب تلك التى تستطيع حمل كل هؤلاء ...... و فور وصول المركب زاد قلق احمد فقد ظنها اكبر حجماً من هذا و تأكدت شكوكه بإستحالة قدرتها على احتواء كل هذا العدد ... حاول الحديث مع احد المسئولين و الذي اصر على قدرة المركب على التحمل و انه بالتأكيد لن يجازف بحياة الجميع حيث انه نبه عليهم جميعاً بحمل حقيبة صغيرة يدوية واحدة بها كل ما يحتاجون من طعام ومتطلبات اساسية لذا لا داعى للقلق .. و برغم عدم تصديق احمد لكلام هذا الشخص الا انه لا مجال امامه للاختيار فإما ركوب هذا المركب والمجازفة بحياتهم او البقاء هنا والعيش بالشوارع دون ملجأ لهم 


بعد مرور ستة ايام على تحرك هذا المركب بهم .. لم يخلو فيها باله من خطورة وضعهم هذا .. نجده بجانب زوجته و ابنته الغارقة فى النوم بأحضانها وفجأة استمعا الى احد المسئولين يخبرهم بوصول المركب الاخرى والتى سينتقلون لها جميعهم ، عند النظر اليها تجد ان حجمها لا يختلف كثيراً عن حجم المركب القابعين بها الآن ، ليكتشفوا بعد ذلك ان تلك المركب الاخرى هي من ستصل بهم الى الاراضى الايطالية 


وتبدء المعاناه من هنا ..


ففكرة الانتقال من مركب الى مركب آخر فى عرض البحر تبدو مرعبة، وخصوصا برؤية المركبين غير ثابتان بسبب امواج البحر الغير هادئة ، تتغير المسافة بينهما كل فترة فتارة يبتعدان قليلاً عن بعضهما البعض وتارة اخرى يقتربان . المشهد مرعب و الإقدام على التحرك وخوض تلك التجربة اكثر رعباً لكن ما العمل لا مفر من ذلك


مر هذا الامر بصعوبة بالغة حتى انتقل الجميع من ذلك المركب ليعود مرة اخرى الى الاراضي المصرية و تبدأ رحلة المركب الاخر ليصل الى الاراضى الايطالية فى رحلة ربما تستمر لايام اخري قليلة


مر نهار اول يوم حتى جاء الليل واشتدت الرياح وزادت حركة المركب بسبب اضطراب امواج البحر و هنا علم احمد ما سيلي ذلك من احداث


ساد الهرج والمرج فى ارجاء المركب ودب الرعب فى انفس الجميع فكلما مر الوقت زاد الامر سوءاً حتى استيقظت الصغيرة مريم فزعة على اصوات الجميع من حولها يرددوا الشهادتين بخوف وبكاء


اثار هذا الصوت الفزع و الخوف فى نفس الصغيرة لتنظر الى والديها فى رهبة


مريم ببكاء : ابي امي ماذا يحدث لما يصرخ الجميع ؟


احمد بخوف محتضناً اياها هى و سعاد بشدة


أحمد : لالا شيء يا صغيرتي فقط تمسكي بي و بأمك جيدا ً لا تتركينا مهما حدث اتسمعين مهما حدث و الآن ارتدي هذا


واعطى كلا من سعاد وابنته سترة الانقاذ المعروفة ربما لن تساعدهم كثيرا الآن لكن ليس بيده شيء آخر


سعاد بهستيريا وبكاء : انتهى الامر الآن انتهى كل شيء رحمتك يا الله انقذ ابنتى و احفظها ... فأنت بيدك كل شئ خذ روحي واحفظها انت من بيديه الملك وعلى كل شئ قدير .


"ليصرخ بها أحمد ببكاء : كفى بكاءاً هيا رددو ورائي " اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله


رددوا كلاهما وراءه واشتد هو فى عناقهم يبكي بخوف و ندم فهو السبب فى ما سيحدث لهم لولا عناده لكانا فى امان الآن لكنه عاد وحمد ربه و علم انه قضاء الله وهم له مسلمون


زاد الاضطراب وبدأت حركة المركب تزداد وتترنح بجنون وسط صراخ الجميع ومنهم من كان بالفعل قد وقع فى المياه ويصارع الموت


استمر الامر على تلك الحالة لفترة ليست بالقليلة حتى اتت موجة عالية اسقطت جميع من بقى على المركب لتنقلب بهم جميعا فى الماء لكن مازال احمد باكيا محتضنا زوجته بشدة والتى بدورها تحتضن ابنتهما وكل ثانية تهتف بإسمها لتطمئنها مريم انها على مازالت على قيد الحياة بصراخها و بكاءها الذي لا ينقطع


ولكن الى هنا وكانت هذه اخر لحظات تنعم فيها صغيرتنا بدفئ حضن والديها فموجة اخرى اتت لتفرقهم عن بعضهم فى اقل من ثانية ترمي بهم بعيداً عنها وتستمر هى فى بكاءها هذا فى فزع حتى اقترب منها احد الاشخاص ليضعها على كتفه حتى لا تسحبها امواج البحر بعيداً... ولكن لم يستمر هذا طويلاً فسرعان ما اتت موجة ابعدت هذا الشخص ايضاً عنها وتتركها وحيدة مرة اخرى تصارع الموت


فهل من منقذ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟


           الفصل الثالث والرابع من هنا 

 لقراءة جميع فصول الرواية من هنا

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رواية مسك الليل كامله جميع الحلقات من الأول حتى الاخير بقلم هايدى الصعيدى

رواية غفران العاصى كامله جميع الحلقات من الأول حتى الاخير بقلم لولا

رواية مسك الليل الفصل الثاني عشر 12بقلم هايدى الصعيدى