
رواية ميما
الفصل الثالث 3 والرابع 4
بقلم اسماء الاباصيري
يومان مرا قبل ان تقوم فرق الإنقاذ بإنتشال جثتها من المياه هى والعديد من الجثث الاخرى و القليل فقط من وجدوهم مازالو على قيد الحياة ، وصلوا بالجميع الى مشفى العاصمة ليتم التعرف على الجثث و علاج المصابين .
اثناء هذا و بالصدفة البحتة لمح طبيب ما جسم ضئيل يتنفس بصعوبة وسط الجثث المرصوصة ليتعرف عليها الاهالى فتحرك سريعاً اتجاه هذا الجسم ليجد فتاه لا تتعدى العاشرة تتنفس بصعوبة اذاً فهى على قيد حياة و كانوا قد اوشكوا على دفنها حية ارعبته هذه الفكرة و قام بنقلها فوراً لاحدى الغرف منادياً إحدى الممرضات لمعاونته ..... ثم هم بفحصها ليدرك وقتها كونها اصيبت بغيبوبة سكر
امر الممرضات بإتخاذ الاجراءات اللازمة لإسعافها و توقف هو امامها ينظر لها بدهشة ..... فتاة بهذا العمر وحيدة بعرض البحر مريضة بالسكري و لم تأخذ علاجها لمدة يومان على الاقل ومع ذلك مازالت على قيد الحياة .... معجزة ..... هذه معجزة فإن كانت حالة عادية تقيم بأريحية فى منزلها و تأخرت عن تناول علاجاها لمدة يوم فقط لأصيبت بغيبوبة و فارقت الحياة بعدها لكن هذه الفتاة اراد الله لها الحياه فهو الوحيد القادر على معجزة كهذه
مرت الاحداث بعد ذلك سريعاً كان فيها عودة الناجين الى اهاليهم واستلام اهالى اخرى جثث ذويهم فى حزن و ألم و لم يبقى غير بعض الجثث والتى لم يتم التعرف عليها لتقوم الدولة بنفسها بأجراءات لدفنهم .
لم يتبقى سوى تلك الصغيرة فهم تقيم حتى الآن بالمشفى لعدم تعرف احد الناجين عليها او حتى اى فرد من اهالى الضحايا .... لم يستطيعوا حتى معرفة اسمها او اسم عائلتها لعدم قدرتها على الحديث .... نعم اصبحت لا تقوى على الكلام فقد اضحت فتاة من ينظر لها يرى ان لا روح بها ... فتاة صامتة تحدق فى الفراغ بإستمرار لم تبكى على فراق عائلتها قط لعلها حتى الآن لم تستوعب ما حدث و حقيقة عدم قدرتها على رؤيتهم مرة اخرى
بإحدى اروقة المشفى نجد هذا الطبيب و الذي يدعى سامح يقف برفقة زميل له يحادثه بإهتمام فى امر ما
سامح : والآن بعد تلك المأساة سيخرج لنا احد المسئولين ينعى هؤلاء الضحايا و تضع بعض القنوات الفضائية شارة سوداء على شاشتهم لعدة ايام ثم يعود كل شئ كما كان لن يتغير وضعنا هذا ابداً إن استمر هذا الحال
عماد (صديقه ) : لا امل فى تغير حالنا طالما مازال فينا نفس التفكير العقيم .... الشباب يرغبون بحياة هانئة و عمل مناسب و راتب مجزي و هذا حقهم لا خلاف لكن ماذا قدم هؤلاء الشباب لينعموا بكل هذا ... عادة التكاسل فى العمل لن تتغير فينا ابداً ....... و لا ننسى بالطبع فساد رجال الدولة و بعض رجال الاعمال ممن ينهبون خيرات البلاد دون اى شعور بالمسئولية
سامح بيأس : لا سبيل لنا سوى فعل ما بوسعنا و الدعاء لتتحسن حال البلاد و شعبها .... دعك من هذا و اخبرني ماذا ستفعل المشفى بخصوص تلك الفتاة التى أُشرف على علاجها ؟
عماد : اه تلك الصغيرة حقاً اشفق عليها ... اظنها ستحول لاى مشفى نفسي او دار ايتام
سامح بإستنكار : ماذا ؟ دار ايتام ؟ لن تتحمل العيش فى هذا الوسط بحالتها تلك ..... اخبرني من المسئول عن هذه الاجراءات ؟
عماد : لما تسأل ؟
سامح بنفاذ صبر : فقط اخبرني
........... : اتمزح معى ؟ تأتى للمنزل بصحبة فتاة لا نعلم من اين اتت و تخبرنى بمكوثها معنا لفترة غير معلومة المدة
سامح بهدوء : فقط اخفضي صوتك حتى لا تسمعك الفتاة و تفزع .... استمعى الي .. سبق واخبرتك عن ظروفها و ما واجهته وحدها و تطلبين منى تركها و التخلى عنها
هدى (زوجته ) : لا اطلب منك التخلى عنها لن يفعل احد ذلك فهى غالباً سَتُحَول الى اي مشفى نفسي ان كانت بحاجة له
سامح بتهكم : و هذا المشفى سيبقيها لديه فترة ثم يقرر عدم حاجتها للبقاء لديهم و من هنا تُحَول فوراً الى اى دار ايتام وانتِ تعلمين جيدا ً مقدار المعاناة التى ستشهدها هناك بحالتها تلك .... ماذا بكِ ؟ لم اعهدك بهذه القسوة ظننتك تعشقين الاطفال ... سنهتم بها حتى نصل الى كشوف المهاجرين جميعاً وحينها سنعرف اسمها واسم عائلتها ونسلمها لهم
هدى بلوم وعتاب : عار عليك ما تتهمنى به فأنت اكثر من يعلم حبي للاطفال هم احباب الله وبرعايتى لها سيخفف هذا من حرمانى منهم ... ثم تنهدت بقلة حيلة لتردف .... حسنا فلنرعاها حتى تظهر عائلتها
ليقترب منها سامح محتضنا اياها بشدة
سامح : لم اقصد جرحك بكلامى هذا لكنى اشفق عليها لقد عانت كثيراً وهى فى هذا العمر الصغير .... حسناً ادخلى اليها ستجديها بغرفة الاطفال وسأذهب انا سريعاً لاحضر لها دواءها فهى ستحتاجه قريباً
لتومأ هى له موافقة وتتجه مباشرة للصغيرة
تدخل تلك الحجرة والتى اعدتها هى وسامح فى بداية زواجهما لتحوي اطفالهم لكن الله لم يمن عليهم بهذه النعمة حاولوا مراراً وتكراراً وذهبوا لكثير من الاطباء و كانت الاجابة نفسها لا يوجد اى مانع لحدوث الحمل لكن الله لم يرد بعد
دلفت الى الحجرة لتجد الصغيرة تجلس على طرف السرير بإستحياء وتنظر ارضاً فى هدوء .. اقتربت منها هدى وجلست ارضاً امامها لتواجهها قائلة
هدى بهدوء: مرحبا بك انا هدى هل اعجبتك الغرفة ؟
لم تلقى هدى اى استجابة منها فأردفت
هدى : انا لا اعرف اسمك لكنى احب اسم ريم ... لطالما رغبت بتسمية ابنتى بهذا الاسم.... لذا من الأن فصاعداً انتِ ريم حتى نعرف اسمك الحقيقي اتفقنا ؟
لم تتلقى اى رد منها مرة اخرى لتلتفت حولها بحثاً عن اى شئ يثير انتباهها حتى امسكت بدمية صغيرة واقتربت منها مرة اخرى
هدى بحنو : لما لا تلقين التحية على صديقتنا تلك فهى تبدو وحيدة وبحاجة لاصدقاء ؟
لم تتحرك الطفلة من مكانها ولم ترمش حتى استجابةً لحديث هدي لتقترب منها اكثر ومعها تلك الدمية حتى تضعها امام عينيها حينها فقط حصلت على استجابة منها تتلخص فى تناول الصغيرة لتلك الدمية وعلى وجهها ابتسامة ضئيلة فلقد حصلت سابقاً على نفس تلك الدمية هدية من والدها لتفوقها فى اول سنة دراسية لها .
رمشت هدى عدة مرات غير مصدقة لتلك الاستجابة فهى كانت قد يأست وفقدت الامل فى الحصول على اى رد فعل منها فهبت واقفة واخذت تقفز فى مكانها بسعادة ليقاطع جنونها هذا ضحكات زوجها وهو يراها بتلك الحالة ..
سامح بمرح : اتيت بطفلة لترعاها طفلة اخرى ... علي ان اعيد النظر فى بقاءها هنا
هدى بإندفاع : لا تتجرأ حتى على التفكير بهذا الموضوع ...ريم ستبقى هنا وسأرعاها بنفسي .. انتهى الامر
مر شهر كامل على تلك الاحداث لم تتغير فيه حالة مريم او ريم كما تدعوها هدى بهذه الفترة ... اصبحت تتناول الطعام معهم بإنتظام بعد ان كانت ترفضه رفضاً باتاً ..... لم تمر لحظة عليها بدون دميتها المفضلة فهى ترافقها فى كل مكان .... لكن لم تتغير بخصوص شرودها او قدرتها على الحديث ، الامر الذي احزن هدى وسامح كثيراً فهى مازالت صغيرة على كل هذا
فى يوم ما واثناء جلوسها بمفردها بالغرفة تلعب بدميتها تلك نجد كلاً من سامح وهدى يشاهدون التلفاز فى صمت قاطعه سماعهما صوت جرس الباب يعلن عن قدوم ضيف ما ... تعجب كلاً منهما لهذا فهما ليسا بإنتظار حضور احد تحرك سامح سريعاً ليري الطارق فى حين اتجهت هدي لغرفة مريم تجلس معها بينما يرحل هذا الضيف
اتجه سامح لباب المنزل و هَم بفتحه ليرى امامه شاب طويل البنية بجسد رياضي ذو ملامح قاسية لكنها رجولية جذابة يرتدي بذلة رسمية خمن سامح ان عمره لا يتجاوز الخمس وعشرين عاماً
قاطع تحديقه هذا صوت هذا الطارق
............ : مرحباً .... اهذا منزل السيد سامح فهمي ؟
سامح : نعم صحيح هذا انا ... كيف بإمكانى مساعدتك ؟
ليمد هذا الطارق يده الى سامح و يردف بثبات
......... : آسر البندراي ابن عم مريم وقد جئت لأخذها للعيش معي
...............................
يتبع .......................
4. منزل العائلة
............ : آسر البندراي ابن عم مريم و قد جئت لأخذها للعيش معي
ينظر اليه سامح بدهشة فى محاولة لإستيعاب ما تفوه به ضيفه ... حسنا آسر البندارى اسم لا يخفى على اى شخص بالبلاد لكن ما قاله بعد ذلك هو ما يحيره ... ابن عم مريم .... من مريم تلك التى اتى ليأخذها معه .. وسرعان ما توصل ان مريم هو اسم ريم الحقيقي فأردف سريعاً
سامح : سيد آسر مرحباً بك تفضل بالداخل اولاً ، لايصح حديثنا هكذا .. تفضل
افسح سامح له الطريق ليدلف الى المنزل فى حين تحرك هو للداخل متأففاً
و بعد ان جلسا عاود الضيف حديثه
آسر متذمراً : ها قد دخلت أيمكنك احضارها سريعاً ؟ ليس امامي اليوم بطوله
ليعقد سامح حاجبيه و يردف
سامح بجدية : حسناً كونك السيد آسر البنداري لا يعنى انك قريب ريم .... ليطالعه آسر بإستغراب فيصحح حديثه سريعاً ... اقصد مريم ، عذراً لم ادرك اسمها الحقيقى سوى منك الآن ... هل لديك ما يثبت قرابتك تلك ؟
فيزيد هذا من دهشة آسر و يلاحظ سامح دهشته تلك فيجيب موضحاً
سامح : لم نتوصل لأي شيء يخصها او يخص عائلتها لذا لم نستطع معرفة ابسط ما يخصها كأسمها
ليومأ آسر و يكمل
آسر : حسناً انا شاكر لكم رعايتكم لها ... لقد اتخذت كافة الاجراءات لإستلامها منك و هاهى الاوراق التى تثبت كونها من عائلة البندارى
ليتناول سامح تلك الاوراق يتفحصها فيجدها سليمة تماماً و تثبت كونها ابنة عمه بالفعل
آسر بإنزعاج : و الآن ايمكنك احضارها لنغادر فلا وقت لدي لهذا الحديث
سامح بقلق : حسنا سأذهب لجعل زوجتى تجهزها للرحيل فقط اعطنى بعض الوقت
ليومأ هو على مضض و يتركه سامح ليخبر زوجته بما حدث و هو على علم بمدى صعوبة فراق الصغيرة على زوجته وعليه ايضاً لكن لم يكن هذا فقط ما يشغل باله بل هذا الآسر الذي لا يشعر براحة تجاه تسليمها له ولكن لا يملك بيده شيء يمكن فعله بهذا الخصوص
اخبر زوجته سريعاً بما حدث وتلى ذلك بكاء و اعتراض لكن لا مجال للرفض فعائلتها ظهرت وآن اوان الفراق شرعت هى وسط بكاءها هذا فى تجهيزها وتجهيز حقيبة بها ملابسها والتى ابتاعتها لها هدى خصيصاً فترة بقاءها معهم حتى اصبحت جاهزة للمغادرة
سبقهم سامح ليجلس مع الضيف حتى ينتهوا .. و اثناء جلوسهم سوياً يتناولان القهوة التى اعدها سامح له بعد ان استسلم هو لفكرة انتظاره بعض الوقت لمح سيدة تبدو فى عمر الثلاثين تدلف الى الحجرة والتى لم تكن سوى هدى فظن سريعا انها مريم ثم ابتسم بسخرية على فكرته تلك فإن كانت ابنة عمه بهذا العمر اذن فهو فى الاربعين من عمره حيث انه على علم بكونها تصغره بخمسة عشر عاماً كما انه حصل على معلومة افادت كونها فى التاسعة من عمرها... اذن اين تلك الصغيرة .. اخذ يبحث بعينيه فى المكان حتى وجد اصابع صغيرة تتمسك بعباءة تلك السيدة ويختفى باقى جسدها بالخلف . نهض من مكانه واتجه ناحية هدي لينظر لتلك القزمة كما اسماها فى عقله فور رؤيته لقصر قامتها انحنى لها قائلاً بجمود
آسر : مرحباً هل انتي مستعدة للرحيل ؟
لم ترفع رأسها عن الارض ولم تعطيه اية استجابة
آسر بحدة : لما لا تجيبين ؟ انظري لى حين احادثك
لتنتفض هى فور سماعها صراخه
فتدخل سامح سريعاً ليوضح
سامح : سيد آسر مهلاً عليها ... لقد فقدت قدرتها على الحديث منذ الحادث كما انها لا ترفع عينيها عن الارض معظم الاوقات .. لقد استغرقنا اسبوعان لجذب انتباهها والحصول على استجابة منها
ليذفر آسر فى ضيق فقد جلب لنفسه المشاكل
آسر : حسنا لا بأس هذا جيد فأنا لا احب مثيري الشغب ... ستكون هادئة معظم الوقت .. رائع
سامح بإستغراب : لا تقلق فلن تسمع صوتاً لها .... كما انها للأسف مصابة بالسكري ويجب ان يكون اكلها صحي وان تداوم على اخذ دواءها فى موعده المحدد ...
اومأ آسر وهو ينظر فى ساعته وجد ان لديه بعض الوقت فالتفت سريعاً الى سامح يعرض عليه مكافئة مالية مجزية على رعايته بمريم لكنه رفض رفضاً قاطعاً مخبراً اياه انه اعتبرها ابنة له و انها من اعطى للبيت بهجة وفرح بهذا الشهر انهى حديثه مع سامح و هم بالمغادرة
آسر : حسنا والآن هيا علينا الذهاب
اقترب منها فعادت خطوتان للخلف ومازالت متمسكة بعباءة هدى فهى ان كانت لم تستجب معهم لكنها اعتادت عليهم و ادركت طيبتهم و محبتهم لها اما الان فهى ستذهب للمجهول كما انها لم ترتح ابدا لنظرات هذا الشخص المتفحصة
نراها بعد فترة تجلس بجانبه وهو يقود سيارته تنظر الى الى دميتها الموضوعة على قدميها .. يعم المكان الصمت حتى شعرت بتوقف السيارة بمكان ما ظنت انهما وصلا للمكان المنشود ... رفعت نظرها قليلاً لترى اين هما لكنها وجدت انهم بإشارة مرور ... سرحت بفكرها قليلاً الى ما حدث منذ قليل وبكاء هدى وانهيارها عند مغادرتها وعناق سامح الذي ذكرها بعناق أباها الدافئ لتدمع عيناها لتذكر والدها الحنون ووالدتها بطيبتها المعهودة .. ظلت بأفكارها تلك حتى شعرت بتحرك السيارة مرة اخرى الى المجهول
توقفت السيارة فى مكان ما و سمعت باب السيارة يفتح فنقلت نظرها من على دميتها الى المكان حولها لترى فيلا تحيطها مساحات خضراء مبهرة قطع تأملها هذا شعورها به يفتح باب السيارة بجانبها فى اشارة منه الى ان تنزل فامتثلت لطلبه وقد اعادت نظرها للارض ... تبعته الى داخل الفيلا فى صمت حتى سمعت صوتا يتحدث بغنج يقول
آسر واخيرا عدت ....طلبت منى البقاء وانتظارك للحديث بأمر هام وها انت تعود متأخراً .. لقد فاتنى الحفل بسببك : .................
آسر بتهكم : استمحيك عذراً رولا هانم لم أتأخر متعمداً وآسف بسبب تأخيرك عن حفلك الخامس لهذا الاسبوع لكنى اراكِ مازلتي بملابس نومك حتى الآن وغير مستعدة للحفل
رولا بدهشة : ملابس نومي ؟ هذا فستان احضرته خصيصاً لحفل اليوم
آسر بحدة : ما اراه هو رداء للنوم اخجل انا اخاكي من رؤيتك به ... انسي ان تخطي خطوة واحدة خارج الفيلا بهذا الشكل
رولا بصراخ : امي انظري لحديث ابنك .. يسيء الى ذوقى ويحاول منعى من الخروج .... فلتعلم لا شأن لك بخروجي او ما ارتديه ... امي تواققنى فى رأيي هذا اليس كذلك امي ؟
آسر بحدة : يبدو انه غاب عنك كوني اخاكِ الأكبر وكونك لم تتعدي الخامسة عشر من عمرك ..... لذا لي شأن بكل ما يخصك
صافى هانم بتكبر : يكفى صراخ انتما الاثنان ... والان اخبرني ما الامر الهام الذي جمعتنا اليوم بشأنه ؟ .... ومن هذه الفتاة بجوارك ؟
آسر بتنهيدة : هذه مريم .... مريم احمد البنداري
لتنتفض صافى فزعة من مجلسها
صافي : ابنة احمد وتلك الخادمة..... ماذا تفعل فى منزلى تلك المتسولة ؟
آسر بجدية : عمى وزوجته قد توفيا وبقيت هى وحدها لذا .....
صافي مقاطعة بتشفي : احمد و سعاد ماتا .. كيف هذا ؟
آسر بتنهيدة : هجرة غير شرعية .... غرقا بالبحر
لم يلحظ احد تلك الارتجافة البسيطة التى سرت بجسد الصغيرة عند سماعها لكلام آسر
صافي بإبتسامة صغيرة : هذه النتيجة المتوقعة لتمسكه بتلك الخادمة ... اذاً مازلت لم افهم ماذا اتي بتلك الطفلة هنا فى بيتي؟
آسر مصححاً : بيت العائلة .... هذا بيت العائلة و بوفاة كبير العائلة فهو ملك لي انا .. وانا من يحدد من يبقى به ومن يرحل
صافي بحدة : ماذا تقصد ؟ اتعنى بأنها ستبقى هنا ؟
آسر ببرود : وهل لها مأوى آخر ؟ ... استمعوا الي لا وقت لى للمجادلة ستبقى هنا وسيكون هذا منزلها فأنا لن أسمح لاياً كان ان يتحدث بالسوء عن اسم العائلة وكوننا تركنا احد افرادها دون مأوي ... هى تحمل لقب البنداري لذا ستظل بمنزل العائلة .... ثم صمت قليلا وقال بصراخ ...... دادة .. دادة
لتأتى سريعاً سيدة بالخمسين من عمرها وتمتثل امامه
الدادة : اؤمر يا باشا
آسر بجدية : هذه مريم ابنة عمى احمد .. توفى والداها كما تعلمين لذا من الآن فصاعداً ستكون مسئوليتك ، كل ما يخصها ستتكفلين به .. هى لا تتحدث منذ وفاة والديها لذا حاولي ايجاد طريقة للتواصل معها كما انها مصابة بالسكري ولهذا سيأتى الطبيب لمعاينتها واخبارك بكل ما يجب عليك مراعاته بالنسبة لحالتها
اومأت له الدادة ثم التفت لوالدته واخته قائلاً
آسر : سأكررها مرة اخرى هى تحمل اسم البندارى لذا لا اريد اي مشاكل او شكوى منها .. ادرك رفضكم لوجودها بيننا لكن حاولا التعايش مع الامر الواقع
والآن علي الذهاب للعمل ... اوشك على المغادرة لكنه توقف متذكراً امراً ما .....دادة خذيها للجهة الشرقية من الفيلا وحضري لها غرفة مناسبة ........ ثم القى نظرة سريعة عليها وذفر نفساً عميقاً واكمل طريقه الى خارج المنزل .