رواية الماسة المكسورة الفصل التاسع والاربعون 49 ج2 بقلم ليله عادل

رواية الماسة المكسورة

الفصل التاسع والاربعون 49 ج2

بقلم ليله عادل


الكافتيريا - 4م

كانت سلوى تجلس في الكافتيريا تحتسي العصير. بعد دقائق، دخل مكي من الباب، وعندما رآها، ارتسمت على شفتيه ابتسامة صغيرة واقترب منها.


مكي باحترام: إزيك يا سلوى؟


رفعت سلوى عينيها واستدارت برأسها قليلًا تجاهه. سلوى: الحمد لله، إنت عامل إيه؟


مكي: تمام. ممكن أقعد؟


هزّت سلوى رأسها بالموافقة. جلس على المقعد المقابل لها.


مكي باهتمام: عاملة إيه دلوقتي؟ كويسة؟


سلوى بتعب: يعني... ارتحت شوية لما ماسة بقت كويسة ورجعت تاني تقف وتتكلم معانا. يمكن هي في عالم تاني مش ماسة أختي، بس أحسن بكتير من إنها تبقى منهارة كده وتعبانة وبنيمها بالمهدئات علشان نعرف نسيطر عليها.

بدأت عيناها تمتلئان بالدموع وقالت بنبرة حزينة:

أنا لحد اللحظة دي مش عارفة أستوعب وأصدق إن ممكن حد يعمل في حد كده! حتى لو عدوه. بس مش للدرجة دي! يقتلوا طفل صغير لسه أصلاً ما خرجش للدنيا.


مكي بعملية: بصي يا سلوى، أنا هتكلم معاكي بصراحة... شغلنا والحياة بتاعتنا تخليني أقولك اللي حصل لسليم ده رحمة.


نظرت له سلوى باستغراب، كأنها لم تفهم كلامه. أكمل مكي حديثه ردًا على نظرتها.


مكي موضحًا: مستغربة ليه؟ أيوة، رحمة. اللي عمل كده أكيد من أعداء سليم، وهو "رحمه" بأنه حاول يقتله. بس ربنا كان له حكمة إنه يخليه عايش. عارفة لو مش عايز يرحمه وعايز يعذّبه؟ كان سيبه عايش وما قربش منه. كان استنى ماسة تولد، وقتلهم هما الاثنين. وكان ممكن يغتصبها قدام عينيه علشان يعيشه متعذب. للأسف، العالم بتاعنا متوحش.

رغم إن سليم حاول يبعد ماسة عن كل ده، بس هم قدروا يوصلوا له. علشان كده اختاروا أكتر حاجة ممكن توجعه ودخلوا منها.


عدّلت سلوى من جلستها وسألت وهي تعقد حاجبيها: طب مين ممكن يكون عمل كده؟ أكيد فيه أكتر من شخص شاكّين فيه.


مكي وهو يهز رأسه تأييدًا: أكيد، بس أنا مش هينفع أقولك. خطر عليكي.


عادت سلوى برأسها للخلف بتوتر. سلوى: طب إنت كده خوفتني على ماسة وسليم أكتر. أكيد اللي عمل كده عرف إنهم لسه عايشين، وممكن يحاولوا يقتلوهم تاني!


مكي: ده أكيد. علشان كده أنا مش بخلي أي حد يقرب منهم. أي دكتور بيدخل، أنا أو عشري بندخل معاه. الحراس مالين المكان، وحتى إسماعيل جايب رجالته. ما تقلقيش، المكان متأمن.


سلوى وهي ترفع عينيها لأعلى: ربنا يقومهم بالسلامة يا رب، ونخلص من الكابوس ده.


مكي بابتسامة لطيفة: إن شاء الله.


قصر الراوي - 5 م


في الهول الكبير، جلس رشدي وعماد وصافيناز ومنى  يتحدثون. بدا التوتر واضحًا على ملامح رشدي، الذي كان يمرر عينيه عليهم بتعجب.


رشدي بحدة: أنا مش فاهم! إزاي قاعدين كده بكل البرود ده؟ كأن مفيش حاجة حصلت! بقولكم ماسة فاقت، ولا علشان أنا اللي قمت بالليلة مش خايفين؟ أنا لو وقعت، كلكم هتقعوا معايا.


نظر له عماد بملل واضح، وقلب عينيه قبل أن يرد عليه بنبرة هادئة تحمل استنكارًا.


عماد بهدوء قاتل: ما تبطل تهددنا بقى. إحنا عارفين كويس اللي هيقع فينا هيوقع الكل معاه. وبعدين ماسة فاقت... إيه المشكلة يعني؟ كان هييجي وقت وهتفوق. كل اللي قالته ده ولا حاجة. بالعكس، هي صعبتها أكتر. (يتحدث بمكر) وخلت دماغهم كلها تروح لاتجاه واحد، إن اللي عمل الحادثة هو اللي ضربهم بالنار. خليهم يدوروا بقى، وأنا متأكد إنهم مش هيوصلوا لأي حاجة. كنا إحنا وصلنا برغم إننا عارفين كل حاجة. وبعد موت صاحب الكشك وسواق النقل وسواق التاكسي، خلاص... مافيش حاجة تخاف منها. ومستحيل يشكوا فينا، لأننا كلنا كنا موجودين في مكاتبنا وقت الحادثة. وأنا هاعرف أثبت إنت كنت فين وقتها. عايز إيه تاني؟


أضافت صافيناز بنبرة متعجرفة، وهي تقلب شفتيها بخفة من طرف أنفها بتأكيد:  بالظبط يا رشدي، مافيش حاجة تخاف منها..

نظرت له باستغراب وأكملت: وبعدين رشدي بيخاف؟ ومتوتر؟ مش معقول! ده إنت بجح.


ركز رشدي نظراته الحادة في عينيها ورد بنبرة رجولية قوية.


رشدي: أنا ما بخافش ولا بيهمني. أنا بفتح صدري وبرمي نفسي في التهلكة. بس مع عزت الراوي؟ لازم أخاف! دي ملايين، يا أستاذة... ملايين. وعشان ما تروحش برة، كنت هقتل أخويا. تفتكري بقى أنا ممكن أعمل إيه عشان أحافظ على مكانتي عند الباشا؟! هي أصلًا خربانة، بس مش عايزها تخرب أكتر من كده.


عماد باختناق: ياريت بقى نقفل على الموضوع ده... الحيطان لها ودان.


منى معلقه بحدة: على فكرة رشدي بيتكلم صح وإحنا لازم كلنا نخاف ونتوتر فايزة هانم رفعت إيديها من علينا وقالت لو سليم حصل له حاجة هتقول كل حاجة للباشا، ولحد اللحظة دي سليم مافقش وفايزة مش طايقة حد فينا، ولا بتكلم حد فينا، وسكوتها وهدوءها يرعب، إحنا لازم نخاف، سليم لو فضل في الغيبوبة دي، ماما مش هتفضل ساكتة هتتكلم وقتها مش رشدي بس إللي هيدفع التمن، كلنا.


رشدي بشدة: ولسه لما سليم يفوق وبنفسه يدور على أللي عمل كدة، إحنا في مصيبة.


منى بجبروت وبرود قاتل: خلاص نتخلص من سليم وماسة ونشرب عليهم قهوة سادة.


نظر لها الجميع بإستغراب وهم يعقدون حاجبهم أكملت منى ردا على تلك النظرة بجبروت وخبث فهي تفهم طينتهم جيداً.


أيوة بتبصوا كدة ليه لازم نقتل سليم وماسة، زي ما إحنا كنا عايزين، بقولكم إيه إحنا مش هنكذب على بعض، كلنا كنا بنتمنى إن سليم يكون في العربية معاها ويموت وفرحنا أوي أن رشدي عمل كدة.


ارتسمت على شفتي صافيناز نصف إبتسامة مستخفة :وده هنعمله إزاي يا منوشة. 


أجابتها منى بنفس طريقتها المستخفة:  نجيب واحد تبعنا يعمل نفسه دكتور ويدخل ويحط له حقنة ونفس الكلام لماسة ونخلص من الأثنين لإن ماسة لو فضلت عايشة هتورث سليم.


صافيناز وهي ترفع أحد حاجبيها ترمقها من أعلى لأسفل بإبتسامة خبيثة مستخفة قالت بخنافة من طرف أنفها: هو إنتي ناسية يا منى إن مامي مابتسيبش أوضة سليم لثانية واحدة، حتى لما الدكتور بيدخله بتفضل واقفة وكمان بيبقى معاها يا عشري يا مكي هما عارفين ومتأكدين إن إللي حاول يقتل سليم هايحاول يقتله تاني، سواء هو أو ماسة فهما مقفلينها من جميع الإتجاهات فكرتك ساذجة أوي.


أكمل رشدي الحديث بجدية: ومش بس كدة، أي حاجة هتحصلهم هايتعرف إنه إحنا. وساعتها فايزة هاتحرقنا وأنا ماعنديش استعداد أتحرق.


صافيناز: وما تنسيش كمان يا منى إن ماسة فاقت ومجرد مافاقت جريت عليه وهي كمان مش هاتسيبه ماهي لسه عايشة جو روميو وجوليت مع بعض، قتل سليم دلوقتي مش في مصلحتنا..


نهضت بزهق وهى تمرر عينيها عليهم قالت بإختناق


بعدين فيه إيه يارشدي إنت وطه؟ إنتم بتفكروا إزاي؟؟ ماسة إيه إللي عاملين لها حساب هي دي يتعمل لها حساب أصلاً، وحتى لو سليم فاق مش هايعمل حاجة، إحنا لازم كل تفكيرنا يبقى متجه لإتجاه واحد إن إحنا نعرف مين إللي عمل كدة، علشان إللي عمل كدة بنسبة كبيرة عرف الإتفاق إللي تم بينا وتأكدوا لو عرفت إن حد فيكم كان بيلعب من ورانا هايندم.


توقفت منى ونظرت لها بحدة فهي على يقين إن صافيناز تقصدها بالحديث: ماتقولي كلامك بوضوح يا صافيناز من غير تجميل، لإن طبعاً رشدي ما يقدرش يعمل كدة، وطبعا جوزك برة الكلام هيتبقى غير مين فايزة !!! يستحيل تعملها أصبح مافيش غيري أنا وطه وأنا بقول لك ريحي نفسك يا صافيناز وماتشغليش وقتك بينا لا أنا ولا جوزي ملناش علاقة باللي حصل لسليم وماسة، لإن الموضوع ده بصراحة أكبر مننا ويستحيل كنت أروح أقول لبابا يساعدني في حاجة زي كدة لأنه هيرفض اوعى تنسى ان طه مكنش عارف حاجة ورافض.


نظرت لها صافيناز من أعلى لأسفل دون تحدث بنصف إبتسامة استخفاف على حديثها فهي أكبر وأعظم من أن تجيبها، لكن منى نظرت لها ذات النظرة فهما تفهمان لبعض جيداً.


عماد بعقلانية ممزوجة بحدة: والله أنا شايف بدل ما إحنا عمالين نخون بعض نحاول نروح نصلح أي حاجة مع فايزة علشان إحنا رقبتنا تحت إيديها. 


رشدي رفع عينه نحوه: أول مرة تقول حاجة صح إحنا فعلاً لازم نطلب السماح من فايزة لأنها الوحيدة إللي هاتحمينا، ( بحقد وكراهية وغل) أقولها من ورا قلبي يا رب سليم يفوق لإنه لو مافقش كلنا هنحفر قبورنا بإيدينا .


منى: ده الموت هيكون رحمة لينا من اللي هايعمله فينا الباشا.


نظرا صافيناز وعماد لهم باختناق فتوترهم هذا يشعرهم بالاختناق فهم في بأريحية غريبه كان لا شيء قد حدث.


بقلمي_ليلةعادل ⁦(⁠•⁠‿⁠•⁠)⁩❤️


إيطاليا


مزرعة ماركو، الرابعة مساءً


تظهر مشاهد لحقول زراعية شاسعة تحيط بها مبانٍ صغيرة ذات تحصين منيع من قبل رجال أشداء مسلحين. يجلس ياسين مع ماركو أمام طاولة صغيرة في الهواء الطلق، يحتسيان الشاي الإيطالي ويتحدثان بالإيطالية.


ماركو وهو يزم شفتيه: حزنت كثيرًا عندما وصلني الخبر. كنت أريد أن آتي إلى مصر لأطمئن على سليم، لكن قبل وصولي للطائرة، جاءتني رسالة بموعد وصولك.


ياسين باحترام: أشكرك على اهتمامك يا ماركو، لكن والدي يريد مساعدتك في البحث عن المسؤول عن الحادثة. لديه شكوك في إريك وتيمو.


ماركو بعملية: عندما وصلني الخبر، بدأت بالبحث فعلاً، لكن لم أصل إلى شيء. مكي تحدث معي، وأردت أن أقدم لك هدية عند وصولك، رأس إريك وتيمو إن كانا هما المسؤولين عن الحادثة. لكن للأسف، ما زالوا خارج الشبهات، ليسوا هم، ياسين.


ياسين متعجبًا: لماذا أنت متأكد إلى هذا الحد؟


ماركو بتوضيح: إريك رجل ذكي جدًا. الكرسي الذي فاز به على طاولة الاتفاق أهم بالنسبة له من أي طموح آخر. بعد كل هذه السنوات، أصبح محترفًا في إدارة اللعبة. ولم يأخذ بثأر والده. دعني أخبرك شيئًا صغيرًا، نحن هنا لا نعمل بالعواطف مثلكم في الشرق الأوسط. نحن ندير الأمور بشكل مختلف، ياسين.


ياسين يهز رأسه بإيجاب موضحاً: لكن لا تنسَ أنه الآن "كلب وفي" لرافأييل ورئيس جامعة الحلفاء مستر باولو. لا أعتقد أن قصتنا تعنيهم بعد ما ابتعد سليم عن تلك الأعمال.


ماركو بتوضيح: لا يمتلك رافاييل ولا باولو أي مصلحة في إيذاء سليم.


ياسين بذكاء وقوة: نعم، لكن ربما إريك قام بذلك بناءً على أوامر معينة أو ربما لم ينسَ دم أبيه. ولا تقل لي أنكم تديرون الأمور بشكل مختلف، أنتم تنتقمون مثلنا وتأخذون بثأركم. ربما بعد أن أثبت نفسه طوال تلك السنوات وابتعاد سليم عن الحماية أصبح إريك يرى أنه يستطيع التحرك بسهولة، وطلب الإذن وقاموا بالموافقة وسهلوا عليه كل شيء. لهذا السبب لم نصل إلى شيء.


ماركو متعجبًا ويبدو عليه القلق: إذا كان ما تقوله صحيحًا، فهذه ستكون كارثة غير مسبوقة منذ أيام جدي. لا أحد من الحلفاء ارتكب خيانة من هذا النوع. لكن دعني أبحث أكثر. تحدثت مع ريمون وفلاريو، وسيساعدوننا.


ياسين بثقة تعكس قوة شخصيته: أنا هنا الآن، أنا ورجالي، لنبحث عن من فعل هذا بأخي. ماركو، أريد منك شيئًا صغيرًا... أن تبلغ الجميع على تلك الطاولة أن ياسين الراوي لن يتهاون في دم شقيقه.


ماركو: يوم الأحد سنعقد اجتماعًا صغيرًا. سأكون حاضرًا، وسأنقل رسالتك.


ابتسم ماركو واعتدل في جلسته: هدئ من روعك يا رجل. لا أظن أن إريك يجرؤ على فعل شيء كهذا. ولو كان متورطًا، لكان اعترف دون خوف.


ياسين: سيخاف. نحن عائلة الراوي. قوتنا تجعلهم يعيدون التفكير ألف مرة. لكنك محق، هم يتصرفون في الخفاء ويختبئون كالفئران. أما نحن، فنقف مرفوعي الرأس ونقول: فعلنا ذلك.


ماركو: كم ستبقى في إيطاليا؟


ياسين: لما بعد الاجتماع.


ماركو بذكاء : تمام. لكن أريد منك ألا تجعل كل تفكيرك ينصب فقط على إريك وتيمو. دعنا نبحث خلف الجميع

_مصر 


_ المستشفى٦م 


غرفة ماسة


نشاهد ماسة وهي تجلس على الفراش، وسعدية تجلس أمامها تُطعمها الزبادي، وكان باقي العائلة يجلسون من حولها.


ماسة وهي تزم شفتيها بإشمئزاز وتشير بيديها: ماما، أنا مش قادرة أكل تاني، كفاية بقى لو سمحتي.


سعدية باعتراض واستهجان: لازم تاكلي عشان تتغذي، إنتي بقالك أربع أيام عايشة على المحاليل. مش شايفة وشك بقى؟ قد اللقمة إزاي! وتحت عينك أسود إزاي؟ وعينك مش باينة، دخلت لجوة. كلي، بعدين وهو ده أكل؟ ده أنا بكرة هاعملك فرخة بلدي من اللي مربياهم، وتاكليها كلها، وابقي قولي لا يا ماسة بقى.


تنهدت ماسة، فهي غير قادرة على التحدث والمجادلة، وإذا اعترضت فلن تنتهي: حاضر، اعمليها، وهأكلها. بس خلاص دلوقتي علشان خاطري. شوية وهأكل تاني، والله العظيم.


مجاهد: خلاص يا سعدية، سيبيها على راحتها، شوية وتبقى تاكل تاني.


سعدية: حاضر يا أبو عمار.


حاولت ماسة الوقوف، فنظرت إليها سعدية من أعلى لأسفل باستغراب: إنتي رايحة فين؟


ماسة: ها أروح لسليم، هاقعد معاه هناك. أنا بقيت كويسة، لازم أكون جنبه عشان لما يفتح عينه، أكون أول شخص يشوفه.


مجاهد بحنان: ما إنتي لسة جاية من عنده من شوية، ارتاحي يا بنتي. اللي حصلك مش قليل برضه.


ماسة برجاء: بابا، أنا بقيت كويسة والله. وطبيعي إني أبقى مع جوزي دلوقتي في محنتنا دي... مش حضرتك ربتنا على كده؟ خلاص، ماتقلقوش عليا، سيبوني براحتي.


سعدية بحنان: طب استني أخوكي يوصلك.نظرت لعمار وهي تقول: وصل أختك يا عمار.


ماسة باعتراض وهي تشير بيدها: ماما، سليم جنبنا مش بعيد، بعدين خليني على راحتي.


سعدية بتعجب دون رضا: جبتي العند ده كله منين يا بت؟ أمري لله، الدكتور قال نسيبك على راحتك. اتفضلي بس هتقدري تمشي على رجلك.


ماسة اه هقدر حاسه ان انا أحسن من الصبح. 


تنهدت ماسة وخرجت للخارج.


نظر عمار لآثارها بحزن: صعبانة عليا أوي.


سعدية: ربنا يهونها.


مجاهد: هي البت سلوى فين؟


سعدية: في الكافتيريا بتشرب لها حاجة.


مجاهد: أنا هاخد العيال ونمشي. خليكي قاعدة معاها، هي بكرة ولا بعده هتخرج.


سعدية: كنت لسة هقولك، إنت والعيال هنا من وقت الحادثة محتاجين ترتاحوا.


غرفة الرعاية المركزة 5م


خرجت ماسة إلى الممر، تتحرك وهي تنظر من حولها. كانت الحراسة مشددة، رجال أقوياء يحملون أسلحة أشبه برجال القوات الخاصة. مررت عينيها عليهم بتعجب، وكانت خطواتها غير متزنة إلى حد ما. اخذت تتحرك كالتائهة، بوجه ما زال شاحباً كالورد الأبيض الذابل..


أمام غرفة الرعاية المركزة من الخارج،  كانت تجلس فريدة


توقفت حين راتها ماسة: عامله ايه دلوقت ايه اللي جابك؟!


ماسة: جايه اطمن على سليم.بعد اذنك


تبسمت لها فريدة، ثم ابتعدت قليلاً، دخلت ماسة للدخل كان يتوقف أمام باب الغرفة من الخارج بعض الحراس وعشري.


ماسة بلطف: عشري، أنا عايزة أدخل.


عشري:  فايزة هانم جوة.


ماسة بلطف: مش مشكلة، أدخلها وقولها ماسة عايزة تدخل. كفاية عليها كده، أنا عرفت إنها ماسابتهوش خالص طول الفترة اللي فاتت. دلوقتي بقى أنا اللي هأقعد معاه ولا إيه؟


عشري هز رأسه بإيجاب: هأدخل أتكلم معاها وأسألها بعد إذنك.


تحرك عشري ودخل الغرفة، وبعد دقائق خرج ومعه فايزة.


فور خروجها، نظرت فايزة لماسة من أعلى لأسفل كأنها ستحرقها من كتر الغل والحقد، فابنها يرقد على الفراش بين الحياة والموت، وهي تقف أمام عينيها لا يوجد بها سوى بعض الخدوش والهزالان فقط. كم كانت تتمنى من داخل قلبها أن تكون هي مكان سليم... وفي نفس الوقت تعلم جيداً في داخلها مدى عشق وقرب ماسة من سليم. فماسة هي إكسير الحياة بالنسبة له، ومن الممكن قربها منه يوقظه ويعود مرة أخرى، وهذا كل ما تريده، فضغطت على نفسها من أجل تحملها لتلك الفترة حتى تنال مرادها.


فايزة بجمود: حمد لله على السلامة.


ماسة: الله يسلمك يا هانم.


فايزة بجبروت، نظرت داخل عينيها: أنا هاسيبك تدخلي، بس ده عشان أنا عارفة إنه هو قد إيه بيحبك ومتعلق بيكي.


ماسة بلطف: وبيحبك إنتي كمان.


فايزة باستهجان كأنها لا تسمعها، فهي أكبر من أن تدخل معها في أحاديث من هذا النوع: أدخلي، يمكن المعجزة تكون على إيدك ويفوق. خدي بالك كويس، فاهمة؟


هزت ماسة رأسها بإيجاب، فهي تفهم طريقتها تلك، لكنها في وضع لا تستطيع الدخول معها في مهاترات أو مشاكل من هذا القبيل، فصمتت ودخلت دون أن تتفوه بكلمة.


دخلت ماسة من الباب، وكانت في استقبالها إحدى الممرضات، قامت بإعطائها الملابس المناسبة لغرفة العناية المركزة.


على إتجاه آخر، نشاهد فايزة تقف وتتحدث مع عشري.


فايزة: أمال فين مكي؟


عشري: في الكافتيريا بيرتاح شوية وبيتعشى.


فايزة بتنبيه: خدوا بالكم كويس، أنا هاروح وها أرجع تاني، ساعتين كده... (بتحذير) عشري، روحك مش هاتكفي لو حصل لسليم حاجة.


عشري بتأكيد: ما تقلقيش يا هانم، يستحيل اللي حصل يتكرر.


نظرت له من أعلى لأسفل وتركته، وتحركت. دخل عشري للداخل وتوقف أمام النافذة الزجاجية للحراسة.


داخل غرفة العناية المركزة


نشاهد ماسة تدخل من باب غرفة العناية المركزة. اقتربت من سليم بوجع حتى توقفت بالقرب منه.


ماسة بنبرة حزينة مكتومة وهشة، وهي تمرر عينيها على تفاصيل وجهه بشوق: "أنا جتلك يا حبيبي...


اقتربت منه، وإنحنت قليلاً، مررت أطراف أصابع يديها على وجهه بعينين تذرفان الدموع، وقشعريرة هزت كل جسدها من الوجع والقهر. أكملت:

جتلك ومش هابعد عنك تاني أبداً، مهما حاولوا يفرقونا مش هَيقدروا، لأننا روح واحدة. أنا هافضل جنبك، وهأستناك تفتح عينيك اللي بموت فيهم، وهأكون أول واحدة عينك تشوفها زي ما كنت آخر وحدة عينيك شافتها ولسانك نطق باسمها...


مسحت دموعها، ارتسمت على شفتيها ابتسامة جميلة، وأكملت:خلاص بقى، مش عايزين نكد تاني...


ابتعدت ونظرت خلفها، وجدت مقعداً جلبته وجلست عليه. أمسكت يده وأكملت:

أنا هافضل قاعدة جنبك مستنياك تفتح عينك عشان تطفي نار قلبي وروحي اللي حرقاني ببعدك عني.


ظلت ماسة تجلس بجانب سليم دون كلل أو ملل حتى ساعات الليل المتأخرة، ثم عادت إلى غرفتها.


قصر الراوي 7م


الهول


كان مازال منى وعماد وصافيناز ورشدي يجلسون في الهول. بعد دقائق، طرق الباب، فتوجهت إحدى الخادمات لفتحه. كانت فايزة قد دخلت للداخل. فور دخولها، توقف الجميع ينظرون إليها باستغراب.


عقدت صافيناز حاجبيها بتعجب: مامي، خير؟ إيه اللي جابك؟ سليم حصل له حاجة؟


نظرت لها فايزة من طرف عينيها من أعلى لأسفل بضيق، ثم توجهت بصمت إلى الدرج.


ركض إليها رشدي مسرعًا: "ماما، مش بتردي ليه؟"


توقفت فايزة واستدارت، وهي تتحدث من بين أسنانها بتهكم ممزوج بتهديد: أنا مش طايقة أسمع صوت حد فيكم، خصوصا انت، ولسانكم مايخاطبش لساني طول الفترة دي. أنا ماسكة نفسي بالعافية.


رشدي باستهجان: طب فهمينا إيه اللي حصل؟ .


رمقتها فايزة من أعلى لأسفل باستهجان ممزوج بإشمئزاز: ماتقلقش على نفسك أوي كده، لو في حاجة كان زمانك عرفت.


حركت عينيها عليهم باحتقار وصعدت الدرج حتى غرفتها. وعيونهم تتابع آثارها بصمت.


وفي اليوم التالي


جاء رجال الشرطة وأخذوا أقوال ماسة في الحادثة، لكن كل ما قالته لم يساعدهم في شيء.

وبعد انتهائها، توجهت إلى غرفة العناية وظلت تجلس مع سليم حتى آخر الليل.


قصر الراوي التاسعة مساءً 

 

مكتب عزت.


عزت يجلس على المقعد الكبير مقابل ياسين وفايزة اللذان يجلسان في المقاعد الأمامية. ياسين يبدو مرهقاً، وعيناه تحملان تعابير القلق.


عزت بحزم: يعني، ما وصلتش لحاجة يا ياسين."


ياسين بتعب: لا، مستر مارلو قابلني لوحده. عزمني على العشا، واتكلم معايا وقال لي يستحيل يشترك مع إريك، وإنه مش مبسوط خالص من الشكوك اللي في دماغي، بإنهم ممكن يكونوا باعوا سليم، و اشتركوا مع إريك، حتى لو سليم ما بقاش معانا، في الأساس الحماية من أجل عزت، مش من أجل سليم، وهما فعلاً...دوروا وما وصلوش لحاجة. وأكد لي لو إريك وتيمو طلعوا وراها هيقتلهم ماركو بردو قالي كدة بس أنا مصدقتش.


فايزة بتساؤل: يعني إيه؟ مين اللي عملها؟ مين له مصلحة؟


ياسين يرتشف قليلاً من كوب الماء الذي أمامه:

حضرتك اتكلمت مع ريمون؟ دورت ورا ولاد الصياد والشعراوي؟


عزت بابتسامة مشكوك فيها: لا مش هم. أنا قلت لك أصلاً الموضوع أصغر منهم.


تنهدت فايزة بتوتر: طب هنعمل إيه؟


ممسح عزت عينه بتعب: مش عارف يا فايزة مش عارف كأنها اتقفلت زي الدوامة. 


غرفة هبة وياسين 


نرى هبة تقف في الشرفة وتتحدث في هاتفها.


هبة: مش عارفة والله يا ريتال... بس ماسة ما بتسبش سليم، ممكن يومين كده وتروحي لها. آه، هي بقت أحسن خلاص الحمد لله.


أثناء حديثها، يدخل ياسين الذي عاد للتو من سفره ..


هبة باعتذار: طب ريتال، هكلمك بعدين. ياسين لسه واصل من السفر. أوكي، باي.


تبسمت، وتوجهت نحوه وقامت بمعانقته.


هبة بشوق : حمد لله على سلامتك يا حبيبي.


كان الضيق يبدو على ياسين : الله يسلمك.


جلس على الفراش وجلست بجانبه.


هبة متعجبة: مالك؟


ياسين: ما وصلناش لحاجة للأسف الشديد.


هبة متسائلة: هو أنت أصلاً الناس اللي سافرت لهم دول مين؟ أنا ما فهمتش حاجة.


ياسين بتوتر: رجال أعمال كبار.


نظرت له هبة باستهجان: رجال أعمال كبار ولا عصابات مافيا؟


عقد ياسين حاجبيه متعجباً : ايه اللي أنتِ بتقوليه ده؟


هبة بشدة: بقول الحقيقة. ما هو اللي بيشتغل في تهريب الذهب والألماس أكيد لازم يكون عضو في عصابات المافيا. أنتم بتشتغلوا في حاجات كبيرة زي البترول، شحن البضائع، التنقيب، عن الذهب والأحجار و المعادن. كل الأعمال دي لازم يكون داخلها عصابات مافيا، خصوصاً بعد اللي حصل لسليم. دي مش أول مرة يتعرض للقتل. أنا متأكدة إنكم بتشتغلوا في شغل غير قانوني.


تنهد ياسين بانزعاج: هبة، مش وقتك خالص،،يا هبة احنا عندنا حاجات أهم بكتير من اللي أنتِ بتتكلمي فيه ده.


هبة نظرت له بتهكم: يعني إيه "مش وقتي؟ اللي أنا بتكلم فيه ده مهم! أنت ممكن تعيش نفس اللي عاشه أخوك، وأنا كمان أعيش نفس مصير ماسة! مش خايف عليا.


ياسين بضجر: إنتي عايزة إيه دلوقتي؟


هبة بقوة: عايزة أفهم...أنت بتشتغل في إيه بالضبط؟ سلاح، صح؟


ياسين نظر لها بحسم: لا، ما بنشتغلش في السلاح. إحنا شغلنا في الألماس والذهب.


هبة بشك: متأكد؟


ياسين باقتضاب: متأكد.


هبة بمكر: ما بتشتغلوش في الآثار؟


مرر ياسين عينه عليها ثم قال بتأكيد: بنشتغل في الآثار، إيه المشكلة؟ (بضجر)بصي يا هبة، ريحي دماغك، اللي شغالة دي، أنا مش ناقص. إحنا ما بنشتغلش غير في الذهب والألماس والآثار. ومش هم السبب في المشاكل اللي حصلت لسليم. دول أعداء بيكرهونا عشان ياخدوا مكانا. وسليم لأنه كان عنيد وأخدها فتح صدر، زي ما بيقولوا، حصل له كل ده. بس مين بقى؟ إحنا لسه بندور.


هبة: على أساس يعني إن تجارة الآثار مش حرام؟


ياسين: تجارة الآثار مش حرام. إيه الحرام في كده؟

إحنا ناس بندفع فلوس، وبنشتري معدات، وبنقعد ندور ده زي التنقيب عن البترول والدهب وغيره. 


هبة بتعجب: هو ده بقى اللي ضحكوا عليك بيه عشان تصدق إنك مش بتعمل حاجة غلط.


ياسين بانفعال: لا، ما ضحكوش عليا. هو فعلاً مش حرام. لما تنقبي عن البترول أو الغاز أو الذهب أو الألماس، ليه ما بيكونش حرام؟ اشمعنا الآثار اللي فيها مشكلة؟ 


هبة: لأنها ملك للدولة.


ياسين: دي قوانين الدولة اللي عملتها، لكن في الحقيقة الآثار دي ملك لكل فرد في الشعب. واللي يلاقي حاجة ياخدها  احنا ولا شغالين في مخدرات ولا سلاح عشان يبقى حرام 


مسحت هبة على وجهها بملل:

عموماً، مش ده موضوعنا. الموضوع الأهم دلوقتي إنك لازم تبعد عن الشغل ده. مش خايف عليا؟ مش خايف على نفسك يحصل لك نفس اللي حصل لسليم؟


ياسين تنهد بتعب: أنا مش خايف. سليم كان عنده مشاكل مع ناس، بس للأسف ما طلعوش هما السبب.


هبة: وده معناه إن الموضوع أعمق من كده. فيه ناس تانية والموضوع بعيد عن المشاكل اللي تعرفها.


ياسين: هبة، أنا مش هقدر أبعد دلوقتي، خصوصاً في الوقت ده.


هبة بتأثر: بالعكس، لازم تبعد. لو مش عشاني، يبقى عشان الطفل اللي جاي.


نظر لها ياسين باستغراب.


ياسين: أنتِ بتقولي إيه؟


أمسكت  هبة يده ووضعتها على بطنها بابتسامة:

بقولك، لازم تبعد عن الشغل ده عشان خاطر ابننا. أنا عارفة إني حامل من قبل ماتسافر، بس ما كنتش عارفة أقولك عشان اللي حصل لسليم.


تجمد ياسين للحظة قبل أن يعانقها بابتسامة مليئة بالدموع إزاي ما تقوليش!! 


هبة: حسيت إن الوقت مش مناسب.


ياسين بفرحة: مجنونة يا هبة، والله العظيم. 

سحبها إليه وضمها..أنتِ مش عارفة قد إيه كنت مستني اللحظة دي.


هبة وهي تمسح على خده بأصابع يديها: عشان خاطري يا ياسين، ابعد عن الشغل ده انا حاسة إن هو السبب.


ياسين:والله العظيم لاأنا متأكد، عموما حاضر بس مش هينفع دلوقتي ما تقلقيش عليا. 


هبه بضيق:  يخرب بيت عنادك المهم هنقول لهم ولا ايه. 


ياسين نهض: استني شوية، أنا هقوم آخذ شاور واخليهم يحضروا العشا


توقفت هبة،، نظر لها ياسين للحظه ثم سحبها إليه وضمها : مبروك يا حبيبتي،،

 (بحزن) مش عارف أفرح مخنوق أوي والله.. 


تمسح هبة على ظهره:إن شاء الله هيقوم بالسلامة وهيبقى كويس إن شاءالله.


ياسين: أنا بعد العشاء هروح أشوف سليم،، تيجي معايا؟؟ 


هبة: إن شاء الله،، على فكرة بكرة عندنا معاد مع الدكتور اعمل حسابك أنا عملت تست بس لكن ما رحتش للدكتور.


ياسين: تمام.


(ومر شهر كامل)


وخلال تلك الفترة، لم تترك ماسة سليم للحظة واحدة. لم تذهب إلى البيت رغم تحسن حالتها بشكل ملحوظ، ورغم محاولة عائلتها وبالأخص والدتها وسلوى إقناعها بالعودة إلى البيت والذهاب لسليم في أوقات الزيارة، لكنها كانت ترفض بشدة. كانت تريد بشدة، عندما يفتح سليم عينيه، أن تكون هي أول من يراه. كانت تشعر بالقلق إذا تركته في أي لحظة، ربما يستيقظ ولا تكون بجانبه حينها.


كانت فايزة أيضًا معها. كانت تشعر بعذاب الضمير وتشعر أنها من تسببت في كل هذا عندما وافقتهم على مخططهم.


وعلى اتجاه آخر


كان رجال الشرطة وعزت ومكي وإسماعيل يحاولون الوصول لأي شيء، لكن دون جدوى. عماد أخفى كل شيء يمكنهم من الوصول للجناة.


ومازال أيضًا عماد ورشدي، يحاولون أن يصلوا لتلك العصابة، لكن كل محاولاتهم باءت بالفشل.


وتقيدت القضية ضد مجهول بعد طلب من عزت الراوي بغلق الملف.


مجموعة الراوي 10ص


مكتب عزت


نشاهد عزت يجلس خلف مكتبه، وكان يبدو على ملامح وجهه الضيق، وكان يجلس أمامه إسماعيل ورشدي وطه وعماد وياسين يتحدثون وصافيناز وفريدة.


عزت بإختناق وهو يخبط بالقلم على المكتب ويتحدث من بين أسنانه بقهر:

يعني كده اللي عملها مش هيتحاسب؟ نفد بعملته؟ عزت الراوي مش هياخد حقه وحق ابنه؟


إسماعيل بأسف: للأسف يا باشا حرقوا أي خيط ممكن يوصلنا لأي معلومة ولسه واقفين في نفس النقطة.


ياسين بإستغراب: بس غريبة إنهم بعد محاولتهم لقتل سليم وماسة، في نفس الوقت واحد منهم راح يتصل بالإسعاف وبعدين يقتلوا صاحب الكشك.


رشدي يحاول إبعاد تفكيرهم عن تلك الفكرة: ما يمكن صدفة يا جماعة. ليه متأكدين إنهم قتلوه؟ مش يمكن حريقة عادية؟ خصوصًا إنها حصلت تاني يوم.


إسماعيل بعقلانية: لا، قتلوه. ده شغل محترفين. هما قتلوه علشان هو الوحيد اللي عارف شكل الشخص اللي طلب الإسعاف. بس ليه طلب الإسعاف من الأساس؟ دي هي اللي محتاجين نفكر فيها ونوصل لإجابة. فيه رابط بين قتل صاحب الكشك واللي اتصل.


فريدة: يمكن إللي اتصل شخص عادي مجرد شهاد.


عزت: اللي عمل كده شخص معروف لينا. ممكن يكون عمل كده تهور منه لما أعاد حساباته أو رجع للي مشغله وعرف إنه غلط فتخلصوا من الدليل الوحيد.


كان يشعر رشدي بالتوتر وهو يستمع لحديثهم، لكن حاول إخفاءه ببراعة وأخذ الحديث في مكان آخر. فهو الشخص الذي يبحثون عنه، وإذا اكتشف أمره سيذهب للجحيم.


رشدي بعملية: وبعد ما نفكر فيها، مش هنوصل لحاجة. القضية اتقفلت وفات شهر وإحنا زي ما إحنا في نفس الخطوة، وبنضيع وقت. أنا من رأيي نركز دلوقتي في شغلنا لإن فيه أكتر من مناقصة راحت مننا. ولما سليم يفوق نبقى نشوف.


صافيناز بتأييد: رشدي بيتكلم صح يا باشا. إحنا مش هافضل قاعدين نفكر ومش بنوصل لحاجة، وسايبين المجموعة تغرق. من رأيي نخلي إسماعيل ومكي يدوروا براحتهم ونركز في شغلنا.


عماد بعقلانية: صفقة الألماظ اللي ضاعت مننا أثرت علينا، لإننا كنا محتاجين لها علشان خط الإنتاج الجديد. ومش بس كده، دي خلت المنافسين يشمتوا فينا، وشايفين إننا من غير سليم ولا حاجة. وأتمنى يا باشا ما تأكدش لحد المعلومة دي، لإن ممكن يكونوا حاولوا يقتلوا سليم لإنه الشخص الوحيد اللي مسبب لهم مشاكل وتوتر في السوق، وتخلصوا منه عشان الساحة تفضى لهم. وبكده يكونوا اتخلصوا من الورقة الرابحة في عائلة الراوي.


عزت بتأكيد: لا، هما عارفين كويس إن إحنا كلنا مكناش مركزين في أي حاجة غير في سليم. وبعدين المعلومة صح جدًا. سليم أكثر شخص بيقدر يوقف المجموعة دي على رجليها. لإني خلاص مابقَتش قادر، تعبت أكتر من ٤٠ سنة وأنا موقفها وبأتحدى عمالقة السوق كله غير عصابات المافيا علشان شغلنا التاني. عمومًا، الصفقة دي مش مهمة. إنت بس اعرف لي عايز كمية قد إيه من الألماظ والذهب عشان تمشي الدنيا، وأنا هاجيبه.


هز عماد رأسه بإيجاب.


رشدي: طب والأرض بتاعة العلمين اللي كل حاجة تخصها مع سليم هتعمل فيها إيه يا باشا؟


عزت بعملية: أنا هبعت لمكي يروح يجيبها وكمان يجيب دفتر الشيكات علشان يمشي الدنيا الفترة دي. كل حاجة هتمشي زي ما سليم كان موجود بالضبط. أنا هأمسك الشغل ده مكانه لحد ما يقوم بالسلامة.


رشدي بطمع: طب ما توزعوا علينا.


عزت بشدة: أنا قولت كل حاجة هتفضل زي ما هي. زي ما سليم كان موجود. أنا متأكد إن سليم هيقوم وهيرجع كمان أحسن من ما كان. وهيسحق كل اللي قدامه. أنا حافظ سليم كويس، الضربة دي هتغير فيه كتير.


عماد: مش مهم يا باشا. أعمل اللي إنت شايفه صح. أهم حاجة نحاول على قد ما نقدر ناخد بالنا من المجموعة.


❤️______💞بقلمي_ليلةعادل💞______❤️ 


_ المستشفى


_ غرفةالعناية المركزة ١٢م


_ نشاهد ماسة تجلس على المقعد بجانب سليم، وهي تمسك يديه وتنظر له بعينيها بشوق قاتل، تنتظر روحها أن تعود إلى جسدها لكي يشفى أنين قلبها. وبعد دقائق، دخل الطبيب ومعه الممرضات وعشري. توقفت ماسة لاستقبالهم باحترام.


الطبيب: صباح الخير يا مدام ماسة.


ماسة وهي تهز رأسها بإيجاب وهزلان خفيف: الحمد لله.


الطبيب: شكلك مرهق أوي.


ماسة بنفي: لا، أنا الحمد لله كويسة.


الطبيب: لسة مصرة ماتروحيش؟


ماسة بحب وبابتسامة رقيقة: لا، مش عايزة لما يفتح عينه في أي لحظة ما يلاقينيش جنبه.


ارتسمت على شفتي الطبيب ابتسامة صغيرة، فقد تفهم جيدًا مدى عشقها له، ثم قال بعملية: عمومًا على راحتك، إنتي مش مسببة لنا أي مشكلة، أنا بس بطلب منك كدة لإن وجودك مالوش أي فايدة ليه. ممكن تستكفي بوقت الزيارة، لكن طبعًا براحتك. ممكن بقى تستنينا برة لحد مانغير على الجرح.


ماسة: حاضر. بتساؤل دكتور، هو مافيش حاجة ممكن نعملها يعني؟ فات شهر، مفيش 1% تحسن.


الطبيب وهو يعقد حاجبيه: إيه، فقدتي الأمل؟


ماسة وهي تهز رأسها بنفي: يستحيل، بس لو في حاجة ممكن نعملها ليه لا؟ يعني كل يوم وكل لحظة الطب بيتقدم.


الطبيب بعملية: لو في أي حاجة ممكن تتعمل صدقيني ماكناش هنتأخر. هو محتاج منك إنك تدعي له وبس.


هزت ماسة رأسها بحزن وتنهدت بتعب: تمام، أنا برة.


توجهت ماسة للخارج بعد أن خلعت الملابس الخاصة بالعناية المركزة، وتوجهت إلى المرحاض. وقفت أمام مرآة حوض الغسيل، وهي تنظر إلى وجهها بتركيز، كأنها تائهة في وسط المحيط لا تعرف أين الاتجاه الصحيح لبر الأمان. فكل الاتجاهات تؤدي إلى العدم. هي تقف مكتوفة اليدين، لا تعرف أين هو السبيل للخلاص، لكي تنقذ حبيبها، الذي اختفى رحيقه بعد الحادثة. مسحت دموعها، وأخذت تغسل وجهها، وتمرر يديها على رأسها بشعرها للخلف. ثم أخذت بعض المناديل وقامت بتجفيف وجهها. أخذت تنظر بتركيز في المرآة، يبدو أنها تفكر في شيء، حيث ارتسمت على وجهها ابتسامة واسعة، فيبدو أنها توصلت إلى فكرة ما! خرجت إلى الخارج، وتوقفت أمام الباب الخارجي للعناية في انتظار خروج الطبيب. وفور خروجه، عدلت من وقفتها وتقدمت نحوه.


ماسة باحترام: لو سمحت، ممكن كلمة؟


توقف الطبيب باحترام: طبعاً، اتفضلي.


ماسة بحماس: في فكرة مش عارفة هي ممكن تنفع ولا لأ، بس أنا عايزة أعملها.


هز الطبيب رأسه بنعم وهو يركز النظر للاستماع إليها. أكملت ماسة حديثها: عايزة أجيب شوية حاجات مؤثرات، يعني عشان أعيشه في جو إنه لسة معانا. يعني أسمعه الموسيقى اللي هو بيحبها، أحط البرفان اللي هو بيميزه، أقرأ له الكتب اللي هو بيفضلها. ممكن تعمل حاجة وتساعده إنه يفوق بسرعة. أنا شوفتها في فيلم أجنبي قبل كده، البطل كان في غيبوبة، والبطلة عملت كده معاه وبعد شوية فاق، وده جاب نتيجة.


ارتسمت على شفتي الطبيب ضحكة مكتومة على حديثها الغريب والمضحك بالنسبة له، لكنه حاول الحفاظ على تهذبه. فهو متفهم جداً لمدى لهفتها لفعل أي شيء من أجل أن يفيق من غيبوبته، فهي كالغريق الذي يتعلق بقشة من الممكن أن تنجيه من الغرق.


أجابها الطبيب باحترام: لا طبعاً، ماينفعش يا ماسة هانم، كل الكلام ده مش حقيقي. هو مش هيسمعنا، هو في عالم تاني. مهما عيشتيه في أجواء بيحبها كأنه معانا، تشغلي موسيقى، وتتكلمي معاه، وتملئي المكان كله بالريحة اللي بيميزها، مش هاحس خالص.


ماسة بتأثر: بس أنا شوفتها في الفيلم وجابت نتيجة والله.


الطبيب بلطف: مصدقك والله، بس مش كل حاجة بتحصل في الأفلام بتكون حقيقية. هما بيتخيلوا، ومش بيرجعوا للحقائق العلمية، مجرد خيال و دراما،  مريض الغيبوبة أشبه بالميت، والميتين ما بيحسوش. الحاجات دي ممكن تنفع لو مريض نفسي، وبرضه مش مع كل الأمراض بتنفع. كان نفسي تكون إجابتي حاجة تانية، بس صدقيني مالهاش لازمة خالص اللي إنتي عايزة تعمليه.


شعرت ماسة بالإحباط واليأس، فآخر أمل لها ضاع. ذمت شفتيها باختناق، وهي تمسح على رقبتها بضيق، وعادت بشعرها للخلف تفكر ماذا تفعل. هل تقوم بفعلها أم تنتظر بصمت لعل سفينتها المبحرة تصل إلى مرسى؟ لكنها تشعر بداخلها أن تلك الأشياء التي تود فعلها ستفعل شيئاً. أخذت تضرب الأفكار برأسها للحظات، ثم نظرت له مرة أخرى بحماس وتأييد وقالت ببراءة:


ماسة: طب لو أنا عملت كده، هل ده ممكن يئذيه؟ عشان يعني الغرفة معقمة وكده.


الطبيب: لا، لو جبتي كتاب وقرأتيه أو شغلت موسيقى، مش هيحصل أي حاجة. ممكن بس ما ينفعش ترشي برفان.


ماسة: طب لو أنا حطيته عليه عادي؟


الطبيب: مافيش مشكلة، بس طبعاً مع التزامنا باللبس الخاص لغرفة العناية.


ماسة هزت رأسها بنعم: طبعاً، مفهوم.


الطبيب: شكلك ناوية تعملي اللي إنتي فكرتي فيه.


ماسة بابتسامة وشغف: حتى لو مش هايسمعني، حتى لو كل اللي أنا بعمله مالوش أي لازمة، وها يطير في الهوا، بس أنا جوايا إحساس بيقول لي أعمل كده. أنا عايزة أعمل كده يا دكتور، ومادام مش هيضره في حاجة، خلاص، وده المهم إنه ما يضروش، ولا إيه؟


تبسم الطبيب بلطف: مظبوط. ولو فيه حاجة هتزوديها، ابقي قولي لي عشان أقولك ينفع ولا لأ.


ماسة بتأكيد: شكراً.


الطبيب: عن إذنك.


تحرك الطبيب بعيداً، وارتسمت على شفتي ماسة ابتسامة واسعة وهي تقول بصوت وحماس: إنت هاتسمعني وهاتحس بيا، لو مش النهاردة هاتكون بكرة. لازم أبذل أي مجهود عشان ترجع لي تاني بسرعة.


اقتربت منها سلوى، وهي تنظر إليها باستغراب.


سلوى وهي تعقد حاجبيها باستغراب: واقفة كده ليه وسايبة سليم؟


ماسة: الدكتور كان بيغير على جرح سليم والمحاليل....

سحبتها من معصمها وهي تقول: بقولك إيه، تعالي نشرب حاجة وناكل. عايزاكي في خدمة.


سلوى: طيب.


الكافيتيريا


نشاهد سلوى وماسة تجلسان على الطاولة، يتناولان السندوتشات والشاي ويتحدثان.


سلوى بتأييد: هي فكرة حلوة، بس مادام الدكتور قالك ملهاش لازمة، لازمتها إيه؟


ماسة: حابة أعمل كده.


سلوى بعقلانية: شكلك ناوية تفضلي مقيمة معاه. بقيتي عنيدة. يا ماسوسة، هما أصلاً مش بيدخلوكي غير كم ساعة بس، وباقي الوقت بتفضلي قاعدة برة بتشوفيه من الإزاز. لازمتها إيه؟ ده تعب عليكي. وبعدين أمه مشيت، وبقت بتيجي وقت الزيارة هي وأخواته وأبوه. أعملي زيهم كده.


ماسة: مالييش علاقة بيهم، بعدين قولتلك عايزة لما يفوق يلاقيني جنبه مايبقاش لوحده. غير إني بكل الأنانية اللي في الدنيا عايزة أكون أول شخص يفتح عينه عليا زي ما كنت آخر شخص.


ضمت سلوى فمها بعدم رضا ويأس. فماسة لن تستمع لحديث أحد مهما حاولوا، برغم حالة الضعف والهزال التي أصبحت عليها.


سلوى: طيب، شوفي عايزة إيه وأجيبهولك.


ماسة: ها أكتبلك كل حاجة بمكانها معاك ورقة وقلم.


هزت سلوى رأسها: آه.


وضعت الساندوتش على الطاولة وأخرجت من حقيبتها نوت بوك وقلم وأعطتهم لماسة، وبدأت ماسة بكتابة ما تريد.


ماسة وهي تعطي الورقة لسلوى: أوعي تنسي حاجة.


نظرت سلوى إلى الورقة بابتسامة، وهي ترفع أحد حاجبيها باستغراب: كمان مكياج؟


ماسة بتوضيح: أممم، وشي بقى باهت أوي وتحت عيني أسود. لازم أحط حاجة عشان لما يصحى يشوفني زي آخر مرة. وأوعي تنسي الفستان اللي بوردة. وهاتيهم بكرة، ها.


سلوى: حاضر. فيه حد هناك؟


ماسة: الخدامين بس. هتروحي فيلتنا مش القصر.


سلوى: فاهمة. أخلص الأكل وأروح.


وبالفعل، توجهت سلوى إلى الفيلا، وظلت ماسة تجلس مع سليم في انتظار عودتها. وبعد وقت، جاء عزت الراوي لزيارة سليم كعادته، وبعد مجيئه ببضع دقائق، جاءت نانا خلفه. كانت ماسة قد تركت عزت بمفرده مع سليم وجلست في الاستراحة في انتظار خروجه. (نلاحظ المكان مازال مليء بالحرس.)


أقتربت نانا من ماسة وهي تخلع النظارة الشمسية: هالو ماسة.


رفعت ماسة رأسها تجاه الصوت، وعقدت حاجبيها باستغراب حين رأتها. توقفت باحترام: أهلا أستاذة نسمة.


نانا: حمد لله على سلامتك. لما جيت الزيارة المرة اللي فاتت، ما شفتكيش.


ماسة: أممم، كنت بأتغدى. إنتي جاية تشوفي سليم؟


نانا وهي تهز رأسها بنعم: أممم.


ماسة: عزت باشا جوه، ممنوع أكتر من شخص يدخل الغرفة، بس ممكن تقفي على الشباك وتشوفيه.


نانا بابتسامة: أوكيه، عن إذنك. حمد لله على سلامتك مرة تانية.


هزت ماسة رأسها بلطف، وجلست. دخلت نانا للداخل.


غرفة العناية المركزة


دخلت نانا من الباب الخارجي وكان عشري متوقفًا ومعه حارس والممرضة. فور دخول نانا، اقترب منها عشري.


نانا: إزيك يا عشري، أنا جاية أطمن على سليم بيه.


عشري بجدية: عزت باشا عنده، ماينفعش أكتر من شخص يدخل.


رفعت نانا عينيها نحو الزجاج المطل على الغرفة الداخلية للعناية المركزة التي يظهر فيها سليم على الفراش وقالت:


نانا: مش مهم. ها أستناه لما يخلص، عارفه بس.


طرق عشري على الزجاج، نظر عزت برأسه، أشارت له نانا بيديها بابتسامة. نظر عزت بتعجب شديد، نهض وتوجه إلى الخارج.


نانا: عزت باشا، أتمنى تكون فيه أخبار جديدة.


عزت بعملية: "شري، اطلع برة دلوقتي وخد الممرضة معاك.


عشري: بس يا باشا.


عزت بشدة: في إيه يا عشري؟ بقولك أطلع دلوقتي!


عشري: أمرك.


وبالفعل، خرج عشري ومعه الممرضة.


وقف عزت بضيق، وهو يجز على أسنانه بينما يخلع الملابس الخاصة بالعناية المركزة.


نانا بدلع: وحشتني يا عزت أوي.


على إتجاه آخر في الخارج


نشاهد سعدية وهي تحمل بين يديها حقيبة سوداء، وتقترب من ماسة.


سعدية وهي تمرر عينيها على ماسة باستغراب: بنت، يا ماسة، قاعدة كده ليه برة؟


رفعت ماسة رأسها نحوها بابتسامة: ماما، تعالي. عزت باشا جوه، ماينفعش حد يكون معاه غير واحد بس. فاستنيت هنا.


جلست سعدية جنبها: وما قعدتيش ليه في المكان اللي بتشوفيه من الإزاز ده؟


ماسة: عادي، حبيت أسيبه بحريته. هو مش بقاله كثير، يعني تقريبًا ربع ساعة. واللي اسمها نانا لسه داخلة له.


سعدية وهي تضع يدها أسفل ذقنها: مين نانا دي؟


ماسة بتوضيح: السكرتيرة الخاصة بتاعت عزت باشا.


سعدية: قولتيلي، بس والله ما صدقتش. وإنتي بتكلميني في التليفون وبتقوليلي هاتي أكل وإنتي جاية، قولت البنت سخنت ولا إيه؟ أخيرًا هتاكل.


ماسة بتوضيح: أنا بصراحة حسيت إن اللي بعمله في نفسي ده غلط، وإنه لازم آكل. لإن وشي بقى بهتان خالص، ودائمًا حاسة إني مدروخة ومش قادرة أمشي. وسليم لما يفوق، هيكون محتاج مراعاة.


سعدية بتهكم: لازم تحسي إن جسمك وجعك. ما إنتي خاسه ١٠ كيلو في شهر. طبيعي تحسي بكل اللي إنتي حاسة بيه ده. ما إنتي مش خاسه بصحة، بس نقول إيه؟ مفيش سمعان كلام.


ماسة بضجر: خلاص بقى يا ماما المهم جبتي لي اكل حلو معاكي.


سعدية: جبت لك حمام ورز معمر وطاجن بطاطس باللحمه مكنوش عايزين يدخلوني على الباب لقيت واحد من الحراس موجودين قلت له انا حماة سليم خلي الناس تدخلني راح مدخلني على طول 


وهي تنظر من حولها ..  أمال فين سلوى؟ أنا بعتهالك من بدري.


ماسة: بعتها الفيلا تجيبلي شوية حاجات. بقولك إيه؟ تعالي ننزل الكافيتيريا تحت ناكل، أنا جعت.


سعدية: طب ما تستني. أقول لعزت بيه، دي ساعة غدا وأكيد جاي من شغله بتاعه جعان.


ماسة: ماشي. هتلاقي عشري واقف على الباب، قولي له وهو يكلمه.


على إتجاه آخر


داخل غرفة العناية المركزة من الخارج


كان يقف عزت ويتحدث مع نانا.


عزت بشدة وهو يركز النظر في وجه نانا: إنتِ إزاي تيجي هنا؟


نانا بتعجب وهي تعقد حاجبيها: إيه المشكلة؟ مش أول مرة آجي أشوفه، دي المرة التانية أو التالتة تقريبًا.


عزت: وما قلتليش ليه؟


نانا بضيق ممزوج باستعطاف: هو أنا بَأشوفك إنت لسة راجع المجموعة النهاردة، ماعرفتش أتكلم معاك كلمتين على بعض لإن طول اليوم ولادك كانوا معاك. بعدين يا عزت أنا بَأحاول أتصل بيك كتير ما بتردش عليا، محتاجة أطمن عليك، مش بتقول إني الحضن الوحيد إللي بتحس فيه بالراحة!! أنا بصراحة جاية عشانك، سمعتك وإنت بتكلم فايزة وبتقولها إنك رايح لسليم، وتبقى تجيلك على المستشفى، فقلت آجي أشوفك ولو حد شافنا، عادي، جاية أزور سليم في ميعاد الزيارة.


اقتربت منه حتى توقفت أمامه مباشرة وهي تنظر داخل عينيه وتضع يديها على كتفه وتمسح بكفها عليه بحب. أكملت: أنا عارفة إنك تعبان ومخنوق، عايزة أكون جنبك في أكتر وقت إنت محتاجني فيه. غلطت أنا!!


عزت بتعب: أنا فعلاً تعبان أوي إللي حصل لسليم كسرني، حاسس إن إللي عمل كدة واقف وعمال يطلعلي لسانه ويقوللي أنا جنبك، قصاد عينك، بس مش هاتعرف توصلي. شايف ابني مرمي على السرير شبه ميت، وأنا واقف بأتفرج عليه. المرة دي الضربة فعلاً في مقتل، عرفوا يكسروني بسليم.


نانا بتفخيم: لا عاش ولا كان إللي يكسر عزت الراوي... إنت الباشا الكبير أوي إنت فوق والباقي تحت. وسليم هيرجع بس أنت لازم تكون قوي يا باشا، أوعى تخليهم يوصلوا للي عايزينه.


عزت بضعف: أنا تعبان قوي يا نانا، وللأسف رشدي  وصافيناز ما صدقوا إللي حصل عشان يحاولوا ياخدوا مكانه.


نظرت له نانا بحزن وهي تمسح بكفيها على وجهه ثم ضمته بشدة.


وهنا نشاهد سعدية تقف عند الباب، تشاهد ما يحدث بصدمة واتساع عينيها. نظرت لها نانا وهي تضع رأسها على كتف عزت و...


              الفصل الخمسون ج1 من هنا 

     لقراءة جميع فصول الرواية من هنا

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رواية مسك الليل كامله جميع الحلقات من الأول حتى الاخير بقلم هايدى الصعيدى

رواية غفران العاصى كامله جميع الحلقات من الأول حتى الاخير بقلم لولا

رواية مسك الليل الفصل الثاني عشر 12بقلم هايدى الصعيدى