رواية الماسة المكسورة الفصل الخمسون 50 ج2 بقلم ليله عادل

رواية الماسة المكسورة

الفصل الخمسون 50 ج2

بقلم ليله عادل


أمسك عزت إحدى الأوراق وقدّمها لها: أنا عارف إنك ما بتحبيش تسيبي سليم خالص، فجبتلك التوكيل لحد عندك. هتمضي عليه، ومجرد ما سليم يقوم بالسلامة هنقطع الورقة.


رفعت ماسة عينيها له وعادت من شرودها، وركّزت النظر في وجهه، وهي تعود بشعرها خلف أذنيها وقالت بثبات مرتبك: أنا آسفة يا عزت باشا، بس مش هاينفع، مش هقدر أمضي.


فور استماعهم لتلك الجملة، نظر لها الجميع بصدمة، خاصة فايزة، فكيف تجرأت تلك الخادمة الحثالة أن تقول لا؟! بينما ارتسمت على وجه سعدية ابتسامة كبيرة فرحة بها، فأخيرًا ابنتها أصبحت قوية وتستطيع أن تقف أمام هؤلاء الجبابرة وتقول لا.


اتسعت عينا فايزة باستهجان على رفضها وقالت بتهكم ممزوج بتحقير: هو إيه إللي لا؟! إنتي مجنونة؟! إنتي فاكرة إنك ليكي الحق تقولي آه أو لا؟! إنتي هتمضي على الأوراق من سكات. نسيتي نفسك ولا إيه؟!


رفعت ماسة عينيها نحوها، فهي تفهم جيدًا أنها تحاول استفزازها بالتقليل من شأنها، لكنها حاولت التماسك والثبات على الموقف. ردت بابتسامة مستفزة تعكس شخصيتها القوية لكن باحترام: لا يا هانم، أنا ما نسيتش نفسي، بس سليم هو إللي طلب مني كده وأنا بنفذ طلبه (اكملت متعجبة) بعدين إزاي مش من حقي أقبل أو أرفض؟


نظرت لها منى بتقليل وهي تهز رأسها بلا: آه يا ماسة، إنتي مش من حقك أي حاجة. ويلا أمضي، مش عايزين مشاكل إحنا في المستشفى، أمم.


فايزة بشدة: إنتم هتستأذنوا منها ولا إيه؟! هي هتمضي غصب عنها؟! هي تقدر تقول لأسيادها لا؟


نظرت لهم ماسة باختناق، فقد طفح الكيل من طريقتهم تلك في التقليل من شأنها المستمر في كل مرة تراهم فيها، وهذه هي فرصتها لكي تأخذ بحقها. لابد أن تستغل ذلك الموقف بذكاء وحكمة، فهي من تمسك زمام الأمور الآن، لكن لابد أن لا تخطئ، وأن تتحدث معهم بكل هدوء واحترام، لكي لا يضيع حقها، فهي من تقف على أرض صلبة الآن.


ابتسمت ماسة وقالت باستفزاز مبطن موضحة: والله أنا عارفة كويس إني ماليش حق في أي حاجة، بس صاحب الشأن هو إللي طلب مني أرفض، وأنا مش هقدر أعمل حاجة هو قال عليها لا، ومش مرة ولا اتنين، ده مأكد عليا. سامحني يا باشا والله كان نفسي أمضيلك، بس لما سليم يقوم بالسلامة إن شاء الله، ابقى اتفاهم معاه في الموضوع ده. وأي حاجة حابين إني أمضي عليها علشان خاطر تمشي الأمور، أنا مستعدة أمضي عليها بنفسي.


أرتسمت على شفتي صافيناز نصف إبتسامة ساخرة وقالت بتساؤل مستخفة وهى تلعب فى أظافر يدها:  إزاي بقى وإنتي مابتسبيش سليم خالص. 


ماسةببراءة: يعني ممكن تجبوهم هنا زي ماجبتوا التوكيل.


عزت بهدوء مفسرا: في حاجات ماينفعش نجيبهالك هنا يا ماسة، علشان بتكون داخل الإجتماع ولازم حضور وموافقة جميع أعضاء مجلس الإدارة، فلازم تكوني موجودة فهمتي بقى ليه إحنا عايزين منك توكيل؟ وماتقلقيش لما سليم يقوم بالسلامة أنا بنفسي ها أقوله.


هزت ماسة راسها برفض ممزوج بخوف مصطنع:  

ـأنا أسفة يا عزت باشا، بس ماتحطنيش في الموقف ده مع سليم أرجوك، إنت أكيد عارف سليم لما حد يعمل حاجة عكس إللي هو طلبها ومأكد عليها بيبقى عامل إزاي!! وإن شاءالله هايقوم بالسلامة من الغيبوبة دي، وهايقعد فترة علشان يسترد وعيه وصحته زي ما كان، ومش هيبقى حمل أي حاجة ممكن تعصبه وتضايقه، ومافيش مشكلة أنا ها أبقى أجي بنفسي أحضر الاجتماع حتى أفهم وأعرف المشروع بيتكلم عن إيه؟


فور إنتهاء ماسة من حديثها أطلقت فايزة ضحكة عالية بإستغراب ممزوج بسخرية ثم رفعت أحد حاجبيها ونظرت لها بتقليل وإحتقار: 

ـ أنا بصراحة مش مصدقة، إن بقالنا أكتر من خمس دقائق بنتناقش معاكي عشان نخليكي تمضي على التوكيل!! لا وكمان بتقولي بنفسك عايزة تفهمي، ناقص تقولي لينا كمان هقرا الأول وأحدد أقبل أو أرفض..


ضحكت بسخرية أكبر وهي تضرب كفا على كف بإستهجان شديد ثم دققت النظر لها بعين تقدح شرارا قالت بحدة بتوبيخ وتحقير:

عارفة، إنتي ليكي الحق تعملي أكتر من كدة! ما لما شوية الرعاع والحثالة أمثالك،  ينضفوا ويقعدوا مع  الباشاوات على نفس الترابيزة لازم يشوفو نفسهم ويعوضو النقص والحقد إللي بياكل في قلوبهم، بس الغلط على إبني إللي جابك من المطبخ الحقير، وقعدك وسطنا، وخلاكي تشوفي نفسك علينا...

أضافت بتهديد ممزوج بمعايرة وذل: 

- أنا بس مش عايزاكي تنسي أصلك يا ماسة، إنتي هتفضلي الخدامة إللي كانت بتجري تتحامى فيا عشان أخبيها من منصور، علشان مايضربهاش بالكرباج، فاكرة والا نسيتي!!! وأوعي تكوني نسيتي لورين وإللي عملته فيكي!! لما قعدتك تحت رجليها علشان تغسليها !!ولا بواقي الأكل واللبس إللي كنتي بتاخديهم إنتي وأهلك!!! بإختصار! كنتوا بتاخدوا فضلاتهم ... 

يــــاه ده في حاجات كتير أوي لو قعدنا نتكلم فيها مش هانخلص، أكيد إنتي فاكراها كويس أصل الحاجات إللي زي دي مابتتنسيش، وأوعي تخلي مكانتك ولبسك دلوقتي ينسوكي أصلك الواطي والزريبة إللي جاية منها! وإنك ممكن في يوم تتساوي بأسيادك؟! فوقي، لازم تفهمي إن اللبس مش إللي بيغلي البني أدم، و مهما لبستي براندات وألماظات وقعدتي مع عالية القوم! هتفضلي الخدامة ماسة بنت سعدية ومجاهد الخدامين، وقريب أوي هترجعي زي ماكنتي، بس ما أوعدكيش بإنك هاترجعي لنفس المطبخ، لإن حتى المطبخ ده مش هاتطوليه. 


كانت ماسة تستمع لها بحزن وقهر يفتك بقلبها البريء حاولت التماسك وإمساك دموعها بأقوى قوة عندها، وألا تضعف وتشعرهم أن تلك الكلمات جرحتها أو أثرت بها، بينما سلوى خانتها دموعها كانت تنظر بصمت وقهر شديد، كادت أن تنطق سعدية وترد عليها وتوبخها وتأخذ بحقهم، لكن  قبضت ماسة على كفيها بأن تسكت..


نظرت ماسة لفايزة وقالت بثبات وبثقة نفس وقوة: 

 أنا عمري مانسيت إني كنت خدامة عند منصور إبن خال حضرتك ياهانم، ولاعمري نسيت إن ماما وبابا وإخواتي كانوا خدامين عندكم، وإني كنت بجري عليكي وأناصغيرة علشان تحميني من منصور وجبروته ليضربني على حاجة عملتها وأنا ما أقصدهاش، بحكم سني، لإني كنت طفلة وقتها، أهلي اضطروا يشغلوني أنا وإخواتي علشان ناكل ونعيش بالحلال، وبدل مانلاقي أيد تطبطب علينا لأن المفروض يكون عندهم شوية إنسانية ورحمة، لإنهم متعلمين وفهمانين، إن الشغلانة دي ماتنفعش للإطفال بس سبحان الله وافقوا  لان قلوبهم متجبرة و داسو علينا، بس داسوا بالقوي كمان، بس كل ده مش مهم!!! عارفة حضرتك إيه هو المهم!؟ إن في واحد جه من وسط كل البشاوات الكبار  دول، واختارني أنا !! ساب كل الهوانم، وبنات طبقتكم و كل إللي شافهم في العالم، المتعلمين ومعاهم شهادات عالية،  واختار يتجوزني أنا بنت الخدامين بنت سعدية ومجاهد ...

واصلت وهى تتك على كل كلمة وتنظر داخل عينيها بقوة وتحدي:

اتجوزني أنا الخدامة الجاهلة، إللي مابتعرفش تقرأ، ولا تكتب،  سليم باشا إبن فايزة هانم رستم آغا وعزت الراوي، أتجوز الفلاحة إللي جاية من ورا الزريبة زي مابتقولي... 


تبسمت بإستفزاز أكبر وثقة  قالت: 

مش بس كدة !!! ده اتحدى أهله علشانها، ومهموش أي حد ومش، بس كدة !!! جاب منصور وبنته يغسلوا رجليها وخلاها تاخد حقها وتضربها بالقلم وسفرهم برة مصر وأصدر فرمان بمنع رجوعهم تاني، ومش بس كدة يا هانم !!! كتب لها نسبة في المجموعة إللي أكبر رجال الأعمال في الشرق الأوسط والعالم، يتمنوا ياخدوا نسبه 1% فيها، هو بقى كتب لها كام ؟؟ ٩٪ وبعد موت بنتي 9% بقت 14%  يعني أكبر  من نسبة اولاد حضرتك، وبقت الخدامة، الفلاحة، ليها الحق تقعد على ترابيزة الإجتماعات مع أكبر المستثمرين، وليها الصلاحية الكاملة إنها  ترفض أو تقبل أى مشروع،  أنا متفهمة جداً أسباب كرهك ليا، ونظراتك ليا، بس حاولي تتصالحي مع الواقع بقى ياهانم، علشان مش هيتغير خلاص. أنا مرات سليم الراوي، وبقيت أمر واقع.


كان يستمع لها الجميع بصدمة على ماتقول وطريقة تحدثها تلك، فهم لأول مرة يشاهدون ماسة تتحدث بتلك الطريقة التي تعكس شخصيتها القوية التي أصبحت عليها،  فتلك الفتاة الريفية الرقيقة البريئة اختفت، وأصبحت إمرأة عصرية قوية عاقلة جداً تستطيع الدفاع عن نفسها وتخرسهم جميعا،  فأثار يد سليم في التغيرات التي أصبحت عليها واضحة بشدة، فهى الأن زوجة سليم الراوي على حق، فأصبحت ماسة تشبهه لحد كبير في كل شيء. 


توقفت فايزة والغل والحقد يكادان أن يقتلاها.. نظرت لها بحدة و قسوة: إنتي بتتحديني أنا يا خدامة. 


عدلت ماسة من وقفتها أمامها وقالت بهدوء تام و بتوضيح: لا طبعاً ما أقدرش ياهانم، أنا بس بفهمك الواقع إللي بقى موجود ومش قادرة تصدقيه..


أكملت لكن بأنين خنق صوتها بعين ترقرقت بالدموع:

هو ليه حضرتك ماحاولتيش تتقبليني؟ حتي لو علشان خاطر سليم ابنك !! يعني بعد ماشوفتيه سعيد ومرتاح معايا وماكنتش مجرد نزوة أو تجربة جديدة، لا حب بجد، حتى برضو بعد ماتغيرت !!  مافيش فايدة أكيد أنا ما أخترتش الحياة إللي كنت فيها، وما اخترتش أكون خدامة، ولا أمي اختارت هي كمان تكون خدامة، بس ربنا إللي كتب علينا كدة، وعمري ما اعترضت، ولا قولت ليه، على فكرة كان ممكن تكونوا مكانا،  كان ممكن حضرتك تكوني في مكان ماما، وأولاد حضرتك يكونوا مكاني أنا وإخواتي،  وإحنا نكون مكانكم،  ربنا سبحانه وتعالى هو اللي بيقسم رزقه لحكمة يعلمها، هو إللي أختار إنك تكوني هنا وأنا أكون هنا، ليه حضرتك مصممة تعايريني بحاجة مش بإيدي، على فكرة أنا عمري ما استعريت من فقري وشغل أمي بالعكس أنا فخورة على الأقل مابنشحتش وبناكل بالحلال، وبنام وضمايرنا مرتاحة، كفاية بقى لو سمحتي وحاولي تصدقي إن أي حاجة بتقوليها مش هتغير الواقع، أنا ها أفضل مرات سليم وسعدية حماته وإخواتي سلايفه، خلاص مفيش مهرب من الحقيقة دي، ياريت تحاولي على الأقل علشان خاطر إبنك إللي مرمي جوة بين الحياة والموت. 


كل هذا والجميع يستمع بصمت مطبق بدون تدخل حتى عزت.

أرتسمت على شفتي فايزة إبتسامة ساخرة فكل ما قالته ماسة لم يؤثر عليها للحظة فقلبها أسود مليء بالحقد و الغل من إنسانة بريئة كل ذنبها أنها ليست من طبقتهم العليا.... لم تشعر بتلك الكلمات الصادقة التي تخرج من أعماق قلبها قالت بإستخفاف و احتقار:

  إنتي فاكرة بقى إن الدرس إللي قولتيه ده هيأثر  فيا وأعيط بقى واخدك في حضني وأقولك خلاص لازم ننسى إللي فات ونبدأ صفحة جديدة !! الواقع  والحقيقة بتقول إن الخدامات أمثالك ليهم ناس شبههم يتجوزوهم، والباشاوات إللي زينا ليهم الناس إللي شبههم يتجوزوهم.. 


( بنبرة تهديد ) خلصي أمضي على التوكيل يا ماسة بالذوق، بدل ما أخليكي تمضي عليه غصب عنك بطرق إنتي مجرباها زمان فاهمة.


عضت ماسة على شفتيها بضيق وجزت على أسنانها من أخر كلمة تفوهت بها فهى تفهم جيدا لما تلمح.. قلبت عينيها لأعلى بإختناق.


لم تتحمل سلوى أكثر  على تلك الإهانات قالت بحدة وبضيق : هو إيه إللي حضرتك بتقوليه ده ما كفاية إهانة بقى.


نظرت لها ماسة: سلوى أسكتي من فضلك 


 وجهت نظراتها  مرة أخري لفايزة وقالت بيأس:

 أنا عارفه إني مهما حاولت وتكلمت  مافيش فايدة، ومستحيل تغيري من قناعتك، وتبطلي إهانة، بس مش ها أقدر أقولك غير الله يسامحك وده احتراما لجوزي بس..


وجهت نظراتها لعزت وقالت  بإصرار وقوة  ....

أنا أسفة يا باشا مش ها أقدر أمضي على التوكيل، زي ما قلت أبقى بلغني إمتى الإجتماع وأنا ها أحضره.


تملك الغضب من فايزة وشعرت أن ماسة تتحداها عمداً وتستفزها بكبرياءها. اتسعت عيناها بوحشية غاضبة وكان النيران المشتعلة تنطلق منهما، جزّت على أسنانها حتى استمعت لصوت صرير في رأسها 


فجأة دون إنذار صفعت ماسة على وجهها بقوة جعلت صدى الصفعه يملأ الغرفة، وهي تقول:

بقى إنتي بتوقفي قصادي أنا يا حثالة يا حشرة!..


صاحت فايزة بصوت ملي بالازدراء عينيها تقدحان شررا: 

ارتفع صوت فايزة:

أنا فايزة رستم آغا! مافيش وحده زيك تقدر تقف قصادى ولا حتى تحلم، إنتي مجرد حشرة صغيرة ادس عليها تحت رجلي فهمه.


ماسة لم تتحرك من مكانها، لكنها شعرت بلسعة الصفعة تحرق وجنتها، وحلقها جاف بينما تحاول أن تستوعب ما حدث.

بينما نظر الجميع بإتساع أعينهم بصدمة فلم يتوقع أحد إقدام فايزة على هذا الأمر ...


وضعت ماسة يديها على خدها وجزت على أسنانها وحاولت تمالك نفسها ...

توقفت سلوى مسرعة وسحبت ماسة من كتفها بعيدا. 


بينما تحرك عزت مسرعا وتوقف أمام فايزة وأمسك يديها بحدة:

 فايزة انتي اتجننتي!! إيه إللي عملتيه ده؟؟ 


فايزة بغضب عارم وهي تحاول التهجم على ماسة: 

سيبني أعرف الحقيرة دي أصلها الواطي إللي جاية منه علشان نسيت نفسها وبتحط راسها براس أسيادها.


لم تعد سعدية تمالك نفسها أكثر من ذلك لقد صمتت ولم  تتدخل منذ بداية المشاجرة..(لكن كما يقول المثل للصبر حدود)


 توقفت وقامت بالرد عليها بأسلوبها الخاص:

ـ  ما كفاية بقى يافايزة هانم،  هو إحنا سكتنالو دخل بحماره ولا ايه!! والله ياحبيبتي مش عاجبك إللي بيحصل روحي واشتكي لإبنك لما يقوم بالسلامة إن شاء الله، هانعملك إيه يعني!! قولنا بنتي ماتقدرش تخالف كلام جوزها، اللي هو أصلاً عايز كدة !! نعملك إيه؟  قالتهالك أهو بأكتر من طريقة يمكن تفهمي، والله مش عاجبك أرفعي قضية، عندك المحامين، وعندك المحاكم، مش كدة ، الغل ياختي ممكن يفطسك كدة بالراحة شوية.. سنك مايسمحش كل ده، ( بإستفزاز أكبر) بعدين إبنك ياختي اللي حب بنتي وجري وراها بالمشوار عشان يتجوزها، متتكلمي معاه هو، بنتي مالها أما عجايب والله (بتهديد )

بس خدي بالك لما سليم يفوق من رقدته ويعرف إنك ضربتي مراته بالقلم، ووقفتي وبهدلتيها كدة هي وأهلها نشوف رأيه هايبقى إيه؟ و طبعاً إنتم هاتكذبونا وهاتقولوا ماحصلش، بس ساعتها رجالته إللي واقفين هناك دول، هيتكلمه، 

 (ثم أشارت بيديها على مكي) .. والراجل الكمل إللي واقف هناك ده،  هايقوله الحقيقة علشان صاحبه، بس أنامتأكدة إن سليم هايصدق ماسة مراته حبيبته وساعتها إنتم أدري بإبنكم هيعمل إيه،وانتم جربته سليم وعارفينه كويسه، والله ممكن كمان نفتح القديم كله نقول بقى كل حاجة.


ردت منى عليها بقوة: إنتي اتجننتى بتتهدينا !! إزاي تردي على أسيادك كدة.


سلوى بتهكم:  أسيادك إنتي مش أسيادنا.. هو إحنا علشان ساكتين خلاص كل واحد عايز يغلط فينا، هو بالدور ولا إيه، احنا لو ساكتين !!! فده إحترام لسليم وإننا في مستشفى، لكن إحنا كمان بنعرف نرد كويس ونوقف كل واحد  عند حده.


فايزة بجبروت: شكل الكرباج وحشكم أوي.


كاد أن تنطق منى لكن صرخ عزت بهم بغضب حتى برزت عروق رقبته ووجهه الأبيض أصبح أحمر وقال: مش عايز أسمع حس حد فيكم فاهمين!! 


منى وهى تشير بيدها بتقليل:  إنت مش شايف ببتكلموا إزاي معانا دول، وسعدية بتقول إيه.


نظرت لها ماسة بإستهجان: منى!! ما تدخليش اتكلمي عن أهلى بإحترام فهمه. 


عزت بإختناق وشدة: طه خدهم و روحهم أنا جبت أخري، لو سمعت حرف كمان مش عارف ها أعمل إيه؟


فايزة بعند: انا مش ها أمشي غير لما أعرفهم مقامهم. أنا هاوريكي ياسعدية.


عزت بغضب تحدث من بين أسنانه: لا هاتمشي غصب عنك لو ممشتيش ها أخلى مكي يمشيكي.


اتسعت عينا فايزة بسخط مما قال: وصلت بيك لكدة!! بتنصر عليا الخدامة دي وأمها.


عزت بزهق وحدة: كله منك إنتي السبب، صاح في وجهها فقد طفح كيله منها بسبب تصرفاتها الغير محسوبة التى بسببها أصبحوا على الهاوية .. صاح بقوة: كفاية كفاية، أمشي يافايزة قبل ما أعمل حاجة تخلينا نندم.


انتفضت فايزة على أثر تلك الصرخة.


طه وهو يسحبها من كتفها قال: يلا يا ماما يلا بقى.


فايزة وهي تتحرك بضجر: بكرة تندم.


كانت تقف صافيناز تشاهد الأمر بصمت دون تدخل، تفكر مع أي جهة يجب أن تقف وتكون! فكفة ماسة الآن هي الرابحة بالطبع، بعد نقل كل تلك النسبة لها وبعد موقف فايزة الذي زاد الأمر سوءًا.


تقدم عزت نحو ماسة حتى توقف أمامها، فهو لا يعرف كيف يصلح الأمر بعد كل تلك الإهانة والصفعة. ما فعلته فايزة صعب الأمر أكثر وأكثر.


عزت باعتذار: ماسة، حقك عليا... أنا آسف بالنيابة عن فايزة.


قبل أن تنطق ماسة، سبقتها سعدية وقالت.


سعدية باعتراض وقوة: مش إنت اللي ضربت بنتي يا باشا، وبنتي ليها جوز يترد عليه. هو بس يقوم من رقدته بالسلامة ويبقى قادر يسند طوله، ونشوف رأيه إيه! أصل مش كل مرة تغلطوا في البت وتعتذروا وتطبطبوا، والمفروض من بنتي تسامح. لكن بعد ما وصلت للضرب؟ لا وألف لا.


عزت بعملية: ما إنتي كمان ما سكتتيش...


سعدية باستهجان: هو أنا شوفتك اتحركت ولا اتكلمت! إنت سبتها تبهدل البت وتضربها كمان، وما عملتش حاجة... كان لازم أرد وأدافع عنها.


عزت: سعدية، أنا متفهم، بس ماكنش يصح الـ...


قاطعته ماسة بقوة تعكس شخصيتها: أمال إيه اللي يصح يا عزت باشا؟ أضرب قدام الكل وأمي تقف تتفرج عليا؟


عزت بتهذيب: أنا مقدر جدًا اللي حصل وباعتذرلك و...


قاطعته ماسة بجمود: المرة دي مش هقبل أي اعتذار. المرة اللي فاتت كنت صغيرة، لكن المرة دي آسفة. كدة كدة قبولي أو رفضي مش هيغير أي حاجة! الهانم هتفضل زي ما هي، هتفضل شايفاني من شباك المطبخ. ولإن طبعًا أنا متأكدة إن الاعتذار ده بس خوف من سليم... (تبسمت بخبث) فما تقلقش مش هقوله. علشان مش عايزة سليم يقف قصاد والدته بسببي...


ارتسمت على شفتيها ابتسامة وجع خنقت نبرات صوتها وواصلت: يعني أخيرًا في حاجة عملتها فايزة هانم كويسة، تخليني أحسن علاقتي بيها، اللي متدمرة من زمان. كنت عايزة أحكيله إنها كانت جنبه كل يوم، وبتبات هنا، لدرجة إني صورتها علشان يصدق. وكل ده عشان خاطر سليم وبس، عشان أفرحه، لأنه نفسه يحس إنه عنده أم بتحبه وتهتم بيه.


تنهد عزت وهز رأسه بنعم، فهو لا يعرف ماذا يقول لها. هو في موقف لا يُحسد عليه لكنه لا يريد أن يخسرها. قال بلطف:: تمام يا ماسة، اللي يريحك. بس أعتقد علاقتنا سوا مش هتتغير.


ارتسمت على شفتي ماسة نصف ابتسامة، فهي تفهمه جيدًا. هو لا يريد خسارتها لمصلحته: أكيد يا باشا، وزي ما قلت لحضرتك بلغني بميعاد الاجتماع، وأنا هاحضره بنفسي.


عزت بعملية: ماشي يا ماسة، الميعاد بكرة الساعة 9. هابعتلك عربية تاخدك.


هزت ماسة رأسها بإيجاب.


عزت: هدخل أشوف ياسين، اتأخر ليه؟ عن إذنكم.

(مرر عينه عليهم وقال بأسف): آسف مرة تانية ليكم. يلا يا صافي.


توجه نحو باب الرعاية ودلف إلى الداخل.


اقتربت صافيناز منهم، فهي أيضًا لا تريد أن تخسر ماسة. لابد أن تهبط من ذلك البرج العالي لتحقيق أهدافها، لتنجو عندما تأتي العاصفة. فالمصلحة فوق كل شيء.


توقفت أمامهم وهي تنظر لهم وتحدثت بمكر: ماسة، مش عايزاكي تزعلي من مامي. هي عصبية، وفي الفترة الأخيرة عصبيتها زادت بسبب زعلها على سليم. عارفة إنه ماكنش يصح اللي حصل مهما كان. بس هي برضو في مقام والدتك، فما تزعليش، أوكيه؟ وإللي سعدية عملته هنعتبره لحظة اندفاع زايد بسبب اللي حصل، وبكدة خالصين، اممم؟


تركتهم وتوجهت خلف والدها داخل غرفة الرعاية.


كانوا يستمعون لها وهم يفهمون جيدًا نواياها الدنيئة.


جزت ماسة على أسنانها ومسحت وجهها مرورًا برقبتها باختناق وضيق.


سلوى، وهي تربت على كتفها: معلش يا حبيبتي، العالم دي متكبرة وشايفة نفسها. بس أحسن إن أمك لمتهم.


سعدية بضيق: حسبي الله ونعم الوكيل فيهم. بس يقوم سليم بالسلامة ويشوف له صرفة معاهم.


وجهت نظراتها لماسة وعدلت جسدها في زاويتها وقالت بتنبيه: بت يا ماسة، أوعي تأمني للبنت صافيناز دي. ده لؤم الدنيا كله فيها، خبيثة وسموية.


سلوى بتأكيد وكراهية: عندك حق يا أمي. هي من إمتى بتحبنا ولا بتعاملنا كويس؟ دي طول عمرها بتكلمنا من مناخيرها. ده أنا كنت باكرهها. هي ولورين فولة واتقسمت نصين. بس في حاجة في حركتها دي مش مطمنة.


سعدية: أكيد في مصلحة من ورا حركتها دي. بت يا ماسة، خدي بالك منها. دي زي أبوها بتعرف تكدب بعينها.


ماسة: ما تقلقيش، أنا بقيت عارفة كل واحد فيهم كويس، وفهمت إنها بتبتزنا وتقصد إن اللي عملته أمها قصاد اللي عملتيه.


اقترب مكي الذي كان يشاهد الأمر وهو منزعج، لكنه لم يستطع التدخل، فهو في الأول والآخر مجرد حارس عندهم.


مكي باحترام: ماسة هانم، إنتي كويسة؟


هزت ماسة رأسها بنبرة مخنوقة: آه يا مكي، أنا الحمد لله كويسة.


رفعت سلوى عينيها نحوه وقالت بتهكم: هو إنت ما اتدخلتش ليه؟ واللي واقفين وراك دول ما اتدخلوش ليه؟ هو مش إنتوا رجالة سليم؟ شفتوا مراته وأهلها بيتهانوا، سكتوا إزاي؟


سعدية بتفهم: يا حبيبتي، هما هايعملوا إيه؟ دول في الأول وفي الآخر شغالين عندهم.


مكي بتوضيح: صدقيني يا سلوى هانم، لو كان ينفع أتدخل أكيد كنت اتدخلت. أنا آسف يا ماسة هانم.


هزت ماسة رأسها بتفهم: أنا فاهمة يا مكي، وعارفة حدود شغلك كويس. وعارفة كمان إنه لو كان الموضوع تطور، كنت أكيد هتتدخل.


مكي: ده حقيقي. أنا بس حبيت أفهمك وأعتذرلك لعدم تدخلنا. عن إذنك.

(تحرك مكي وتوقف بمسافة معقولة).


سعدية بتعجب: بت يا ماسة، هو إنتي فعلًا هتسكتلها على اللي عملته فيكي ومش هتقولي لجوزك زي ما قلتي لعزت؟


نظرت لها ماسة وجلست بتعب. رفعت عينيها وقالت بتأكيد وهي تهز رأسها بنعم بانكسار: لا، مش هقول... مش هينفع.


نظرت لها سلوى بضيق واعتراض: كفاية طيبة بقى يا ماسة! الناس دي ما ينفعش معاهم طيبة. شوفي عملوا فيكي إيه! ولولا عزت باشا، الله أعلم كانت فايزة عملت معاكي إيه.


تنهدت ماسة بتوضيح: افهموني، أنا لو قلت لسليم هتحصل مصيبة. مش هينفع. أنا عارفة سليم كويس ممكن يعمل إيه. أصلًا علاقته بيها مش قوية. وزي ما قلت لعزت باشا، أنا نفسي علاقته بأهله تتحسن.


جلست سلوى بجانبها: يعني خلاص، كأن الموضوع كده ما حصلش؟ هتتنازلي عن حقك؟


هزت ماسة رأسها نفيًا: مش بالظبط.


رفعت عينيها ونظرت لمكي، ثم قامت بالنداء عليه: مكي.


اقترب مكي وتوقف أمامها باحترام: أفندم؟


ماسة: ممكن تديني رقم المحامي مازن؟


ضيق مكي عينيه بتعجب: في حاجة؟


هزت ماسة رأسها بإيجاب: اممم، هات الرقم وهتعرف.


نظرت لها سعدية باستغراب وهي تعقد حاجبيها: ناوية تعملي إيه يا بنت بطني؟


رفعت ماسة عينيها لهم بانتقام: هاخد حقي، بس بالطريقة اللي تنفع معاهم، وهتخليني أخد حقي بزيادة... وبزيادة أوي كمان.


سلوى: أيوة، يعني هتعملي إيه؟


ابتسمت ماسة بمكر: هقولك...


    الفصل الواحد والخمسون ج1 من هنا 

   لقراءة جميع فصول الرواية من هنا

تعليقات