عشق لاذع الفصل السابع عشر ج1 17 بقلم سيلا وليد


 عشق لاذع 

الفصل السابع عشر ج1 17

بقلم سيلا وليد


وهكذا افترقنا .. لم يعاتبني .. ولم اعاتبه ، وكأنه ينتظر لحظة الفراق ، وكأننا قد وصلنا للصفحة الاخيرة في الراوية ، تلك الصفحة التي كثيرا ما ظننت انها ستنتهي بوفاتي او بوفاتنا معاً، ولكننا ما زلنا احياء ، كنا نصارع سوياً الكبرياء ، ولكنه غلبنا وانتصر علينا ..وباستهزاء ..

لا هو صار لي ولا انا صرت له ، غدونا مجرد ذكريات ، بعضها سيجعلني اسرق البسمة من الزمن خلسة .واكثرها سيبكيني للممات


❈-❈-❈


قبل إسبوعٍ


انسدلت أشعة الشمس ستائر نورها الدافئ على وجوه خلق رب العالمين، بإحدى المستشفيات الخاصة بعائلة الألفي ..نهض من فوق فراشه نازعًا جهاز التنفس الذي كان يوضع بأنفه..جلس على الفراش وشعوره بالدوار مسيطر على جسده، فُتح الباب وولج أوس 

-حبيبي فوقت، حمد الله على سلامتك

رفع بصره متسائلا: 

-جنى..جنى فين؟! اقترب منه أوس ثم جذب مقعدًا وجلس بمقابلته 

-جنى في العناية، بس حالتها مستقرة متخفش عليها هم بس كانوا عايزين يطمنوا على الجنين..نهض وكأنه لم يستمع إلى حديث أوس بإمعان 

-عايز اشوفها..أومأ أوس برأسه متحركًا للخارج 

وصل أمام وجد صهيب بجوار جواد ، تحرك إلى أن وصل إليهما 


نهض صهيب يسأله بتمعن 

-إنت كويس يابني ..أومأ برأسه ينظر من النافذة الزجاجية للداخل 

-جنى عاملة إيه ؟! 

اقعد جنب عمك ياجاسر، جنى كويسة، قولي حاسس بإيه، هم هيخرجوها اوضتها بعد شوية 

خطى متجهًا إليها وهو يحادث والده

-كويس يابابا، لازم اشوف مراتي ..خطى للداخل وجد عز جالسًا بجوارها يحتضن كفيها، يضع رأسه بجوارها على الوسادة وأنامله تتحرك على خصلاتها ..حقًا آلامه جلوسه بذاك الحال ..

-عز..أردف بها هامسًا، اعتدل عز مستديرا بجسده، ثم نهض متجهًا إليه

-جاسر!! فحصه بعينه ثم سأله:

-إنت كويس، تحرك ببطئ متجهًا إليها ، جلس على المقعد، ثم رفع كفيها يطبع قبلة مطولة عليهما 

-حبيبتي، افتحي عيونك ياقلبي أنا جيت ..اقترب عز يربت على كتفه

-هي كويسة متخافش، بس لازم تقعد كام يوم تحت الأجهزة والمراقبة علشان يطمنوا عليها وعلى البيبي، مبروك


-كانت نظراته عليها، ولكن ارتجف جسده من مكانه فاعتدل واقفًا مضيقًا عيناه :

-قصدك إيه بالبيبي ؟!..استمع إلى همسها باسمه، فتحرك عز للخارج بعدما استبطن عدم معرفة جاسر بحملها 


اتجه إليها ، أمال بجسده يطبع قبلة حانية على جبينها:

-جنجون حبيبي، سمعاني ..فتحت عيناها لعدة مرات فهمست بتقطع 

-حصل إيه!! جذب المقعد وجلس بالقرب منها يحتضن كفيها يقبلهما وهو ينظر لعيناها

-محصلش حاجة ، أنتِ كويسة الحمدلله..أطبقت على جفنيها، تسعل وتحاول أخذ أنفاسها بصعوبة، ملس على وجهها

-اهدي حبيبي ، خد نفس على مهلك، دلفت الطبيبة بمصاحبة صهيب وجواد بعدما علمت بإفاقتها 

-عاملة إيه مدام جنى؟! رفرفت بأهدابها بتعبًا وأجابتها: 

-الحمد لله..قالتها بوهن شديد..نهض جاسر لفحصها 

-التنفس انتظم الحمد لله ، لكن لازم متابعة ومراقبة أربعة وعشرين ساعة علشان البيبي، بما إنك لسة في أول الشهور منقدرش نعمل إيكو حاليا، فهتباتي معانا الليلة علشان نطمن على البيبي ..أومأت بعيناها ونظراتها على جاسر المتصنم بوقفته لا يعلم عن أي شيئا يتحدثون 


خرجت الطبيبة بعد إلقاء عدة نصائح، بينما جواد الذي يطالع ابنه بهدوء، إقترب صهيب من فراش إبنته 

-مبروك ياروح بابا، الف مبروك ربنا يكملك على خير ويجعله ابنا بارًا 


ارتفعت دقاته وصمتًا مقتولا بنظرات ضائعة بينهما ..اقترب من الفراش وتوقف بجوار والدها ثم انحنى يحاوطها بذراعه:

-جنى إنتِ حامل ؟! هزت رأسها ثم اردفت 

-أيوة حامل، هيجيلنا بيبي بعد ست شهور ..غرز رماديته بعيناها 

-عرفتي إمتى، اقترب جواد عندما استمع لحديث ابنه 

-حبيبتي لو عايزة أسهر معاكي أسهر ياقلبي، مامتك وغزل شوية وهتلاقيم هنا 


أشاحت بصرها بعيدًا عن اختراقات نظراته النارية

-إنتِ حامل؟!..تسائل بها جاسر الذي انتفض قلبه بقوة داخل ضلوعه 


ربت جواد على كتفه وابتسم 

-مالك يالا، ماقولنا فيه بيبي، فرحتلك ياحبيبي يتربى في عزك 


-عايز مراتي على إنفراد يابابا لو سمحت عايز ابارك لها..صمت جواد يوزع نظراته بينهما ،فسحب نفسًا

-حبيبي مراتك حلوة، وابنك كمان متخافش..استدار برأسه بعدما علم بحيل والده:

-بابا عايز مراتي ، ممكن !!


سحبه صهيب مبتسما

-ايه ياجواد سيب حضرة الظابط يبارك لمراته ..ظلت نظراته على ابنه وهو يطالع جنى بنظرات صامتة، جذب صهيب جواد وخرج 

جلس جاسر ومازالت نظراته تحاصرها 

-"مبروك"

-الله يبارك فيك...هز رأسه يضغط على شفتيه كاد أن يدميها ، لحظات صمت مميتة ، قلبها الذي كاد أن يتوقف من هدوئه ونظراته الغريبة التي لاول مرة تراه بها

-سامعك يابنت عمي، احكي لابن عمك ازاي استغفلتيه ولعبتي عليه إنتِ كمان


-ايه ضحكت عليك دي!! نهض ونزل بجسده مقتربا منها حتى اختلطت أنفاسهما 

-عارفة ياجنى لو حاولتي تستغبني اقسم بالله لارمي عليكي يمين طلاق بلا رجعة، فاحسنلك تخليكي عاقلة وتقولي ليه قولتي انك مبتخلفيش، وعايز اعرف أنتِ حامل من إمتى 


-أنا لسة عارفة من أسبوعين ..قالتها وهي تبتعد بنظراتها عنه...هزة عنيفة أصابت جسده مما جعله يجلس على المقعد 

ينظر إليها بذهول 

-يعني كنتي حامل وجاية تقولي مبتخلفيش، طب ليه !!


استدارت تطالعه تهتف بحزن مع نزيف جرحها الغائر

-علشان اعرف انت متجوزني ليه، عايزة اعرف إنت مين، انت الشخص اللي اتربيت معاه ، ولا واحد تاني بيدور على سعادته، ولا حبيبي اللي كل مااشوفه قدامي الدنيا تضحكلي 


هب من مكانه بنظرات مشتعلة بشكل مخيف وانحنى يضغط على ذراعيها، بقوة آلامتها حتى لم يهتم بالكانولا التي نزفت دمائها 

-لسة معرفتيش أنا مين، بعد اللي عملته دا كله لسة معرفتيش، دا أنا حبيتك حب ..حب ايه دا أنا عشقتك


وضع جبينه فوق جبينها وهمس بأنفاسه الحارة تحرق وجهها 

-عشقتك بجنون، متمنش غير تكوني جوا حضني وبس، عمري مادعيت بأمنية غير انك تكوني ملكي، اتنازلت عن نفسي وشخصيتي علشان تكوني ملكي، ولسة جاية بتسألي انا مين

عايزة تعرفي ايه، إي مش حاسة إني بموت كل مااحس انك ممكن تضيعي مني، عايزة تعرفي أن مقدرش أعيش ولا لحظة وانت بعيد عني 


آسف ياجنى الحاجات دي مبتتقالش الحاجات دي بتتحس 


اعتدل منتصب عوده ثم جلس محاولا السيطرة على نفسه حتى لا ينهار بالبكاء ويضعف بحضرتها، يكفي ضعفه إلى الآن 


انسابت عبراتها بشهقات مرتفعة قائلة من بين دموعها:

-غصب عني، قولي اعمل ايه وأنا شايفة إنك بضييع ، أو يمكن محبتنيش ..توقف يرجع خصلاته للخلف بقوة حتى شعر بإقتلاعها، وحاورها بسخرية تخرج من عينيه:


-بضيع، أيوة بضيع صح ..اصلي عيل 


سعلت بقوة حتى شعرت بإنسحاب أنفاسها ، هرول إليها يساعدها بالجلوس عندما شحب وجهها، لحظات حتى سيطرت على سعالها ممسكة أحشائها بألمًا، ذهب ببصره ليديها التي تحتضن أحشائها وتسائل بنبرة متحشرجة:

-موجوعة أجبلك الدكتور، رفعت عيناها الباكية تتعمق برماديته

-متزعلش مني، أنا كنت خايفة متكنش بتحبني غصب عني والله


سحب كم من الأكسجين بداخله حتى لا يضعف أمامها ويحتويها بين ذراعيه، مبتعدا عنها بنظراته 


-مهما احكي عمري مااعرف أوصلك احساسي ايه دلوقتي، وجع على حزن على خذلان على خيانة، لدرجة مش قادر اتنفس ، اتجه بنظره إليها

-بحاول استوعب مش عارف، بحاول اديكي عذر على وجعي مش عارف، قوليلي إنتِ لو مكاني تعملي ايه، وانت حاسة انك مخذولة من أقرب حد حبتيه في حياتك 


طأطأت رأسها قائلة :

-كان من حقي اثق فيك أكتر من كدا، كان من حقي اعرف مدى تمسكك بيا 


رفعت بصرها وتحاورت بعيناها التي تلألأت بطبقة كرستالية قائلة:

-كنت مستني مني ايه بعد ماعرفت إنك خنتني وكذبت عليا، كنت مستني مني ايه وأنا شايفة الراجل الوحيد اللي بعتبره تنفسي علشان اقدر أعيش خاين وبيلعب بيا ، ومتقولش مفيش حاجة من دي

سحبت نفسا تزفره ببطئ حتى تستطع بلع غصتها:

-حبيبي في حضن واحدة، تخيل لما تشوف مشهد زي دا، حتى لو قبل  جوازنا بس المشهد موجع اوي ياجاسر،  مشهد مايعبرش غير اللي في حضنك دي حبيبتك، رتب على دا كله اللي عملته ، قولي كنت اعمل ايه ، اصدق عيوني ولا اصدق كلامك اللي كل فترة بكتشف فيك حاجات وكأنك شخص غريب عليا


صافحها بنظرة مطوله، وكأنها شطرت قلبه لنصفين، شعر بإنهيار حصونه التي يستميت بالدفاع عنها ، تراجع بجسده للخلف يطبق على جفنيه وهو يستمع إلى استأنفها بشرح آلامها وإخراج قيح نزيفها الداخلي 

-جاي تحاسبني علشان خبيت عليك، جاسر انت دبحتني كتير قبل كدا، الناس بتموت مرة واحدة وأنا كنت بموت كل مرة اشوفك فيها، كنت بموت وانت قصادي مش عارفة ألمسك 

كان نفسي اصرخ قدامك علشان أقولك ارحمني وبلاش تظهر قدامي علشان بموت يابن عمي، بموت وانا شايفة ضحكتك لغيري، بموت وانت ماسك ايديها ومحاوطها كأنك حصن منيع علشان محدش يقدر يخطفها منك، أو يقرب منها ،  موتني بأبشع طريقة لما كنت واقف جنبي وماسك ايدي وانت بتضحك وبتقول مراتي حامل، كأنك فزت بأعظم جايزة، وقتها بس أتمنيت اموت ومفوقش تاني ابد 


موت لما مراتك جات قدامي وتقولي متعمليش بريئة انا فاهمة نظراتك لجوزي، طلعتني رخيصة اوي وكان عندها حق، ماهي بتقول الحق ، علشان كنت كل مرة اشوفك فيها ببقى بتمنى بس ارمي نفسي في حضنك علشان تعرف أد ايه بتعذب وبتألم 

أزالت عبراتها المنسدلة على خديها 

شوفت موت اد ايه ياحضرة الظابط،

ورغم كدا ربنا ربط على قلبي وكافأني بعد سنتين عذاب ومرار، لا أنا عايشة ولا ميتة، ماهو هتعرف إزاي وانت بتلف العالم بمراتك اللي هي حبيبتك زي مااقنعت الكل، دي لو محبتهاش فعلا ..ابتسامة ساخرة لاحت على ملامحها من بين دموعها 

-لأ وجاي بتسألني جنى حبيبتي مالك، ليه بقيتي بتبعدي عني 


بأيدك دي ضميت وشي وسألتني جنى ليه بتبعدي عني ، ايدك دي وقتها كانت عبارة عن نار بتحرقني ياحضرة الظابط ، عرفت ليه وقتها عز كان بيتجنن عليك علشان بتقرب مني ،

أطبقت على جفنيها وانسابت عبراتها بغزارة وتلك الأيام تراود عقلها 

-علشان مكنتش عايزة غير اني اعيط في حضنك وبس وأقولك كفاية وجع فيا، انا مش قادرة اتنفس وانت بعيد عني 


رفعت بصرها وتعمقت بعيناه التي تطالعها بصمت :

-وبعد العذاب دا كله ربنا يكافني وتكون ملكي وتقنعني اني الهوا والمية وكل حاجة ، تطلعني سابع سما، وبعد كدا ترميني لسابع أرض وتدوس عليا وتقولي كنت بساعد، طيب مفكرتش بوجع قلبي ، مفكرتش فيا وانت بتساعدها وانت بتلبس هدومك قدامها وهي جنبك وبتقرب منك وبتلمسك ، مفكرتش أنك حق وجعي بعد دا كله، ولا انت كنت حانن لأيامك معاها ، وقبل ماتحاول تبرر ، انا شوفتها وهي واقفة جنبك وبتقفلك زراير قميصك بالبورنص ياحضرة الظابط، وانت واقف وكأن الموضوع عجبك 


بأناملها المرتعشة بسطت كفيها لتحتضن كفيه تمسد عليها 

-حطت أيدها هنا وبتقفلك زراير قميصك وانت واقف محاولتش تبعدها، وبتقولك الحمام جاهز 


انسابت عبراتها كزخات المطر مع شهقاتها ثم تركت كفيه تشير لنفسها تبكي بقوة

-وأنا اللي كنت مستنية ترجع علشان أفرحك وأقولك شوفت أجمل من كدا ربنا عوض كل حزني وكافأني بطفل من حبيبي ، لكن ليت الأماني بالتمني ياحضرة الظابط، في لحظة  انهارت كل احلامي وأصبحت كوابيس بتدبحني وبتخقني ورغم كدا بتقولي مش هتموتي ، لازم تتعذبي اكتر واكتر كأن حبك لعنة ربنا بيعاقبني عليها 


تراجعت بجسدها للخلف واغمضت عيناها:

-عايزة ارتاح ، ممكن تطلع برة ..نهض من مكانه واستدار متجهًا للخارج دون حديث كأنه ينتظر منها هذه الكلمات 


خرج من المشفى ، نهض جواد بعدما وجد تحرك ابنه كالمطارد ، فطن ما صار بينهما، اتجه ببصره لصهيب الذي وقف يتحدث بهاتفه، ثم اتجه للداخل 

وجدها تبكي بصمت 


تنهد بعمق ، ثم خطى وجلس أمامها

-عاملة إيه حبيبة عمك دلوقتي

وضعت رأسها على حافة الفراش 

-تعبانة اوي ياعمو، تعبانة لدرجة بتمنى أموت وأريح الكل مني 

أختلج صدره بالألم عليها، وبدا على وجهه الحزن، فسحب نفسًا وزفره ورسم ابتسامة على وجهه 

-يابت مالك مدلوقة كدا على الواد، ياعبيطة مش عارفة تتعاملي مع جوزك، ابتسمت عيناه عندما تذكر صغيرته فأردف لها:

-أقولك سر يفضل بينا، انا كنت اصعب من جاسر وكنت بتمرد على قلبي بس غزالتي خلتني زي الخاتم في صباعها 

قالها بضحكة ارتفعت صداها مما جعلها تنظر إليه مبتسمة 

-مش معقول حضرتك ياعمو، دا حضرتك مفيش منك 

جذب المقعد واقترب منها يمسد على خصلاتها

-وحياتك كنت اصعب من جاسر بمراحل، ورغم كدا عرفت توقعني طنطك غزل ومبقتش شايف غيرها ، ولو جابوا ستات الدنيا كلها متعوضنيش ضحكتها 


تراجع بجسده للخلف يعقد ذراعيه فوق صدره يطالعها بهدوء

-رغم كنت رافض جواز جاسر من فيروز بس سبته علشان يتعلم من قرارته، لكن عمري ماشكيت أنه بيحبك بجد، معرفتش دا غير بعد جوازه، مكنش ينفع اظلم فيروز يابنتي، مهما كان فيها لكن دي بنت واللي مرضوش على بناتي مرضوش على غيرهم 


دقق النظر بعينها واستأنف 

-ولا كنت هوافق على جوازكم طول ماهو متجوزها، انت تعرفي أنه جالي قبل مايطلق فيروز واعترفلي أنه بيحبك، بس أنا هددته أنه يقرب منك، علشان وقتها عرفت انك بتحبيه للأسف 


-للأسف ياعمو ..!! قالتها مذهولة، ابتسم وأومأ رأسه 

-أيوة ياجنى للأسف، لما ابني يكون متجوز ومراته حامل وجايلي يقولي عايز اتجوز بنت عمي اللي هي لسة بنوتة جميلة وكانت قدامه والكل فهمه أنها الأنسب لكن راح دور برة ياجنى، كان وقتها لازم احافظ على كرامتك علشان ميقولش انك خرابة بيوت وانك اتجوزتي واحد متجوز، اصلك مش معيوبة ياحبيبة عمك 


انت غالية اوي ياجنى، وبعتبرك زي غنى وربى، اوعي تفكري ممكن اجي عليكي علشان ابني، انتوا الاتنين زي بعض عندي 


رفع سبباته وتحدث :

-لكن اللي بيغلط منكم بواجه ياجنى، قولتلك قبل كدا ، انت غلطي لما خبيتي حملك على جوزك، وكمان فهمتيه انك مابتخلفيش 


بتر حديثهم دلوف غزل ونهى 

-جنى..قالتها نهى وهي تهرول إليها بقلبًا متلهف ..احتضنت وجهها 

-عاملة ايه ياقلب ماما، اتجهت لجواد 

-مين اللي خطفها وعايزين من بنتي ايه 

نهض من مكانه ، ينظر لغزل ثم تحدث بمغذى:

-دا خطأ ، مكنتش هي المقصودة..بسط كفيه لغزل 

-تعالي يازيزو عايزك ياقلبي ..تحركت بجواره متجهة للخارج، قابلهم صهيب متسائلًا

-فين جاسر..؟!

-خرج زمانه راجع ، قالها وهو يتجه بغزل لحديقة المشفى..جلس يمسح على وجهه بغضب:

-ابنك راح فين مكلمكيش ..تألم قلبها تهز رأسها بحزن 

-ايه اللي حصل..قص لها ماصار 

-يعني جنى هي اللي حرقت البيت، نهضت تضع كفيها على وجهها 

-ياربي عليك ياجاسر، البنت كان ممكن تموت ياجواد، وابنك المتخلف ازاي يروح لفيروز البيت 

❈-❈-❈


كور قبضته بغضب يجز على أسنانه 

-معرفش ومش عايز اعرف المشكلة اكبر من ان جاسر راح لفيروز ولا غيره المشكلة البنت فقدت الثقة بابنك ودي مصيبة لوحدها، دا خبت حملها خايفة يكون متجوزها زي مافهمتها فيروز 


توسعت عيناها بذهول:

-بس جاسر مستحيل يعمل كدا ياجواد، ايه هتنسى ابنك ولا ايه ، امسك كفيها وأجلسها بجواره

-عارف ابني ومتأكد منه ، وعارف أنه بيعشق البنت كمان، بس برضو عاذر جنى ياغزل رغم اني غلطتها ، أنتِ تعرفي مين اللي خطفها ام فيروز الحقيرة علشان تضغط عليه يهرب ابن السحلوك اللي هي ماشية معاه دلوقتي


-ياربي ايه البلاوي دي كلها، اومال لما سألتك قولتلي الحريق فعلا بسبب ماس 


ابتعد بنظره عنها وأجابها

-كان لازم محسسش حد بكدا، بس طبعا صهيب عارف كل حاجة، وعمل زي ماعملت وخبى على نهى، اروح اقولك انا 

-اه ياجواد تقولي وتعرفني بدل ماانا قاعدة مع ولادي ومش حاسة بوجعهم 


ربت على كتفها ، ثم حاوطها بكتفه 

-محبتش اوجع قلبك يازيزو وانا عارف ومتأكد جاسر بالنسبالك ايه 


رفعت عيناها وتحدثت بنبرة حزينة 

-جواد أنا جاسر واجع قلبي، صعبان عليا اوي ياحبيبي

جذبها واضعا رأسه فوق رأسها

-وأنا ياغزل، الواد مقطع قلبي بس مش  عارف اساعده ازاي، رغم غلطت جنى بس هي معذورة


❈-❈-❈، 

خرجت من أحضان

-جواد افتكر جاسر من صغره وهو غير اخواته ، متنساش خطف غنى أثر فيه اد ايه، انا مش مستعدة اشوف ابني مكسور وحزين، أنا هتكلم مع جنى لازم تقربله وتنسى كل حاجة، لازم تتأكد منه وتعرف أنها أغلى حاجة عنده 

-والله ياغزل ، طيب مادا قولته بس ابنك بيقول حاجة وبيعمل حاجة تانية 


أشار لهاتفها قائلاً:

-اتصلي بيه خليه يرجع مينفعش يسبها كدا، البنت نفسيا مش مظبوطة خايف ترجع لحالتها وابنك مش قادر يستوعب دا 

ربتت على كفيه

-جواد الأيام دي بتضغط على اعصابك كتير، لو سمحت بلاش ضغط كدا علشان متتعبش، احتضنت كفيه وأردفت بنبرة متألمة:

-جواد لو حصلك حاجة غزالتك هتموت، يرضيك تموت غزالتك ..جذب رأسها يحتضنها :

-غزالتي دي روحي يازوزو مقدرش اشوف عيونها الحلوة دي حزينة، رفع ذقنها يغوص برماديتها التي تجذبه كأنها رحيق الزهور للنحل

-تعرفي أنا اكتر واحد حاسس بوجع جاسر ، الولد صعبان عليا أوي، بيكتم في نفسه وانا اللي مضيقني اني محستش بدا غير متأخر اوي، ورغم فهمت مشاعره بس كنت بضغط عليه، صدقيني خايف من انفجاره اصلي عيشت الاحاسيس دي ، فاكرة طبعًا، صعب أوي على الراجل يكتم مشاعره، وهو حاسس انها محرمة عليه


فوق دا كله إن جاسر متهور مش بيوزن أفعاله في الأول ، طالع لمامته


شهقة قوية خرجت من جوفها تشير على نفسها:

-الكلام دا ليا ياجواد..ارتفعت ضحكاته وهو يجذبها إليه

-لأ ياقلبي أقصد بيه ابنك الأهبل اللي راح اتجوز على البنت، وياريته يعتذر ويضحك عليها بكلمتين، دا رايح يعمل سبع الليل 


وضعت كفيها على فمها تمنع ضحكاتها:

-تعرف بيفكرني بيك، وبرودك زمان، البت جنى ليها الجنة بجد 


لاحت ابتسامة على وجهه قائلاً:

-ياريته يعيش سعادة أبوه ياغزولة، وقتها هينسى كل الألم اللي مر بيه 


لمست وجنتيه تتمتع بالنظر لعيناه:

-بجد ياجواد، يعني انت لاقيت السعادة معايا، قدرت انسيك وجع ايامك ..دنى يهمس أمام شفتيها

-احنا في مكان عام يازيزو اعقلي ، ولما نروح هعرفك ازاي عيشت السعادة وبتمنى من ربنا ولادي يعشوها 

رفعت كفيه تقبله ثم رفعت رماديته تحاوره بطبقة كرستالية لامعة خطت بعيناها

-إنت اغلى من روحي ياحبيب عمري 

وضع رأسها بصدره يضمها بقوة إليه يود لو يدسها داخل ضلوعه قائلا بنبرة متحشرجة بمشاعره التي طوت عليه

-إنت كل حاجة حلوة حصلت لجواد في حياته، انت النعمة الكبيرة اللي ربنا انعم عليا بيها، ومفيش شكر يوفيها 


رفع ذقنها من أحضانه يلمس وجنتيها

-جاية بتسألي اسعدتيني ولا لا، دا مجرد ساعة عنك بأعوام ياغزالتي 


اعتدل بجلوسه ينظر حوله قائلا:

-بقولك تعالي نطلع لصهيب قبل ما الشيطان يوزني على الهيبة، قهقهت بصوتها الرقيق حتى وضع أنامله على ثغرها

-بقولك شيطان ياغزالة، وانت بتضحكي ياحبي لاحظي السهم أوشك على الخروج..نهض يسحب كفيها قائلا

-اتصلي بابنك الحلوف شوفيه فين 


عند جاسر بالسيارة، ظل يدور بالسيارة دون هدى وكلمات تحرق اعضائه بالكامل ، توقف أمام النيل ، ثم أغلق محرك السيارة متراجعا بجسده للخلف يطبق على جفنيه 

-بعد اللي عملته دا كله ولسة مش حاسة بحبي، لدرجة دي حبك ضعيف ومش واثقة فيا..كلماتها تطعنه بقوة، كور قبضته بغضب حتى شعر بتمزق أوردته 

ظل يطالع النيل بآلام قلبه حتى شعر بعدم قدرته على التنفس، استمع لرنين هاتفه 

-أيوة ياماما..على الجانب الآخر وهي تتحرك بجوار زوجها 

-حبيبي فينك، ازاي تمشي وتسيب مراتك هنا

مسح على خصلاته ينظر للخارج 

-أنا تعبان ياماما ومش قادر، ياريت لو ينفع تباتي معها وتخلي بالك منها، والصبح هرجع اخدها 

-أكيد بتهزر ياجاسر مش كدا..أطبق على جفنيه هامسًا بصوتًا ضعيف كاد أن يصل لوالدته 

-ياريت ياماما ، ياريت كنت بهزر، تعبان بجد وعايز ارتاح بعد اذنك 


توقفت تنظر لجواد الذي استبطن مايدور بعقل ولده 

ربت على كتفها وسحبها متحركًا للداخل وجدها تغفو بثبات عميق ، وصهيب يقف ينظر بالخارج والوجوم يظهر بملامحه، بينما نهى تقرأ بمصحفها ..حمحم ثم اتجه يقف بجوار صهيب 

-واقف كدا ليه ..ظل كما هو ينظر للخارج مردفًا:

-فين جاسر، خرج إمتى مشفتوش 

اتجه بنظره لنهى التي أغلقت مصحفها تنتظر إجابة جواد ثم اتجه لأخيه وأجابه:

-جاسر تعبان انا قولتله روح ارتاح وأنا وغزل هناخد بالنا منها 

ابتسامة متهكمة ظهرت على ملامحه 

-ليه ابوها وامها ماتوا، استدار بجسده كليا يغرز عيناه بعين جواد 

-لو ابنك شايف بنتي بقت تقيلة عليه ياجواد فأنا بحله من الارتباط دا، أشار على جنى ثم اتجه ببصره لجواد 

-بنتي لكام مرة هتموت بسبب ابنك ياجواد قولي، هو انا عندي كام بنت، لكزه بصدره وتحدثت بغضب:

-ابنك مش اغلى من بنتي ياجواد، انا فكرته راجل وهيحميها، متخلنيش اوصل لقسم ماخليه يقرب منها، كفاية وجع قلب لحد كدا، انا اتحملته كتير، بس البنت يوم عن يوم بتموت بسبب ابنك ياجواد، واظن انت فاهم كلامي


ربت جواد على كتفه متحدثًا

-معلش حقك عليا، مشكلة جاسر مع فيروز هو اللي وصلهم لكدا، انا بوعدك الدنيا هتتظبط بينهم ، بس متنكرش أن الواد بيحب البنت 

-بيحبها بس بيوجعها ياجواد ، اعمل ايه بالحب اللي بيوجع بنتي 


استدار ينظر لأبنته بألم 

-انت مصدق دي تكون جنى ياجواد، دي اللي كنا بنقول عليها فراشة العيلة، انا تعبان بسببها بس مش قادر اتكلم، مش عايز ادخل بينهم وقتها انت هتزعل، انا كنت بغلط عز بس شوف نتايج جاسر عملت ايه في البت


تنهد جواد بألمًا ثم استدار متجها للخارج :

-غزل انا هرجع على البيت، وأنتِ خليكي معاهم 

-مفيش داعي ياجواد ، خلي مراتك ترجع معاك، احنا هنا 

حدقه بنظرة مطولة ثم اومأ برأسه:

-زي ماتحب ياصهيب، بسط كفيه لزوجته :

-ياله ياغزل ابوها وأمها معاها هم مش محتاجينا ..نهضت غزل تهز رأسها رافضة أسلوب صهيب ثم اتجهت لزوجها مغادرة دون حديث 


نهضت نهى واتجهت إليه 

-صهيب ..استدار إليها وهو يشعر بغصة تمنع تنفسه من كلمات جواد التي اخترقت روحه، فابتلع ريقه بصعوبه متسائلاً :

-لو عايزة ترجعي معاهم ارجعي 

دققت النظر إليه ثم جلفته بسؤالها 

-جاسر رجع فيروز تاني، يعني بنتك بقت زوجة تانية 

استدار ينظر للخارج 

-هتفرق يانهى..جذبته من ذراعه 

-طبعا هتفرق ياابو عز، هتفرق اوي كمان ..علشان كدا عز راح اتجوز على ربى مش كدا 


دلك صدره عندما شعر بارتفاع نبضه ، متجها إلى المقعد

-نهى ممكن نأجل الكلام في الموضوع دا دولقتي ، انا مش قادر اتكلم 

جلست أمامه على ركبتيها 

-حبيبي حاسس بإيه ..فتح اول زر من قميصه 

-حاسس باختناق يانهى، افتحي الشبابيك مش قادر اتنفس ..هرولت تستدعي أحد من الأطباء عندما شحب وجهه وزاغت عيناه

وصلت الممرضة تقوم بعمل الاسعافات الاولية قائلة:

- نبضه ضعيف..استدعت الطبيب ، الذي قام بالكشف عليه ،وتم نقله لغرفة خاصة لمتابعة حالته، رفع نظره لنهى متحدثًا بصوتًا ضعيف:

-روحي لجنى يانهى، متخلهاش تحس بحاحة..جلست بجواره تحتضن كفيه ثم لثمت جبينه

-صهيب ..رفع كفيه بضعف 

-أنا كويس حبيبتي ، إياكي تعرفي حد، بس يمكن نسيت دوا القلب النهاردة، انسابت عبراتها، فانحنت تضع رأسها على كفيها تبكي بصمت ..

-نهى ..همس بها جنى.. قالها ثم غفى بسبب العقاقير المخدرة ، ظلت بجواره وعبراتها تنسدل على وجنتيها تحرقها ، كيف لها تتحمل غيابه وهو كل حياتها، لم يتبقى لها سواه بعد وفاة والديها

❈-❈-❈


بعد فترة استيقظت جنى، تبحث بعينها عنه ، ولكنه لم يعد إلى آلان 


أطبقت على جفنيها بملامح مرتجفة وعينين تهتز من ثقل العبرات ، تهمس باسمه..جذبت هاتفها الذي يوضع على الكومودو، وقامت بمهاتفته ، مرة اثنين، ثلاثة ولم يجب عليها..تساقط الهاتف من كفيها، تبكي بنشيج على مايصير بها..دقائق وولج عز مذهولا من حالتها

-جنى..أردف بها بلهفة، خطى إليها سريعا جاثيا أمامها يزيل عبراتها

-مالك ياحبيبة أخوكي ، موجوعة..شهقت ببكاء :


اتصلي بجاسر ياعز، أنا زعلته اوي، ومشي زعلان مني ومش راضي يرد عليا 


ضمها لأحضانه يربت على ظهرها 

-جاسر ميقدرش يبعد عنك حبيبة اخوكي، فيه حد يقدر يزعل من روحه 


خرجت من أحضانه وتعالت شهقاتها 

-زعلته اوي ياعز، اوي، احتضن وجهها متسائلاً:

-احكي لي ياجنى، ليه زعلتيه، عملتي ايه ..قصت له ماصار بينهما 

رفع نظره إليها وتعلقت عيناه بعينها إثر سماعه لكلماتها التي احزنته، جذب رأسها يضمها لصدره يمسد على خصلاتها

-غلطانة ياجنى، وغلطك كبير حبيبتي ، بس جاسر هيسامحك متخافيش ، ميقدرش على بعدك ، شوية وهتلاقيه داخل دلوقتي 


كان مازال بسيارته ينظر للهاتف الذي صدح صوته لعدة مرات ولكن كأنه مغيب لايستطيع أن يستمع لشيئا، لقد اخذلته واوصلته لحالة غريبة أرهقت كاهله بالتفكير، يعشقها لا محالة ولكن كيف يتغاضى عما فعلته، جعلته أضحوكة ..بتر تفكيره مع نفسه ، رنين هاتفه مرة أخرى ولكن هذه المرة باسم عز..انتفض قلبه خوفًا عليها، قام بالرد عليه 

-أيوة

أيوة ياعز ..تحرك عز بعدما غفت بأحضانه كالطفلة ، اعدل من وضعية نومها، وهو يهمس لجاسر

-إنت فين وسايب مراتك تعبانة ..نظر لخارج النافذة وأجابه 

-ايه اللي حصل، وبتتصل ليه، بابا وماما عندك..نهض من مكانه يجز على فكيه 

-عشر دقايق وتكون هنا ، مفيش حد مع مراتك، عمك تعبان واتحجز جنب بنته يارب تكون مبسوط ياحضرة الزفت ، قالها واغلق الهاتف حتى لا يدخل بجدالا معه 


تأفف عز من حالتهم جميعا، نظر من النافذة يراقب المارة، ثم اتجه ببصره لأخته الذي انسابت عبراتها بنومها، كأنها تحلم بشيئا سيئًا، دقائق وولج إلى الغرفة 

-عمو ماله؟!..أشار عليها ثم سحبه من ذراعه 

-شوف مراتك نايمة وبتعيط، مالكش دعوة بعمك، رفع بصره يهز رأسه

-ياخسارة يابن عمي، احنا الاتنين عايزين إعادة تأهيل ، قالها عز وخرج 


تحرك إليها بخطوات بطيئة كأنه يخطو فوق نيران متأججة من حالتها ، أيعقل تبكي من غيابه، وصل يجلس بجوارها ثم تمدد رافعا رأسها لتتوسد ذراعيه 


دنى يطبع قبلة على جبينها

-بحبك بطريقة بقت توجعني أوي يابنت عمي، حبك بقى زي المرض الخبيث اللي بينخر في عضمي 


وضع رأسه على الوسادة، ظل يحرك أنامله على وجنتيها حتى غفى بسلام، وهي بأحضانه


❈-❈-❈


بعد قليل ولج عز للأطمئنان ، نظر إليهما بسعادة، ابتسم عندما وجدها تضع كفيها المغروز بالأبر على وجنتيه، وهو كذلك ، اقترب بهدوء وقام بنزع حذائه ..هامسا بأذنه 

-لسة زي ماانت يابغل ، نايم بالجذمة 


قالها وتحرك للخارج ، وابتسامة تنير وجهه، تحرك لحديقة المشفى وقام بٱشعال سيجاره ، رافعا هاتفه

-عايز ايه ، انا مقولتش امسح رقمي 

نفث سيجاره ، وصدره يغلي من حديثها المؤذي لقلبه 

-وحشتيني أوي ياروبي، عز ماوحشكيش..ابتسمت بسخرية رغم تذبذب دقاتها فأردفت بقوة

-مين عز دا، لو قصدك الإنسان اللي حبيته فدا مات من زمان لو تعرفه اقرائله الفاتحة 

-يارب ياربى اموت واريحك واريح نفسي..ارتفعت دقات قلبها حتى كادت بالتوقف ، فنهضت من مكانها تخرج للشرفة عندما شعرت بالأختناق من حديثه..جذبت مقعد وجلست عليه 

-عز لازم نقعد مع بعض


ارجع خصلاته للخلف :

-ارجعي لعز ياحبيبة عز مبقاش وقت للكلام، روبي مش عايز ارجعك بالغصب حبيبي ، والله وحشتي عز اوي لدرجة عايز اجي اخطفك ومفيش حد يعرف مكانا 


ابتسمت على كلامه رغم وجع قلبها منه الذي جعلها غير قادرة على التنفس 

-لأ ياعز لازم نقعد ونشوف هنعمل ايه

صاح بها بصوت صاخب حتى نظر إليه بعض المارة 

-اسمعيني بكرة الاقيكي في حضني مش هقول في البيت في حضني ياروبي علشان مطينش عشيتنا بعد كدا وترجعي تقولي عملت وهببت 


أغلقت الهاتف وظلت تسبه

-هاتلي اخرك يابن صهيب 


ازداد تنفسها وهي تضرب بقبضتها على سور الشرفة

-آه ..نفسي اخنقك يابن صهيب، اصبر عليا 


بمكانا لأول مرة نذهب إليه ، نرى تلك الجميلة تغفو بسبات ، دلفت والدتها 

-عاليا، قومي يابنتي ناسية فرحك بعد اسبوع،، قومي علشان تجهزي زمان الارتسيت اللي بتقولوا عليها دي جاية في الطريق تظبطلك المواعيد، وكمان فستان الفرح عايز يتظبط، قومي ياله ياقلب ماما 


فتحت الجميلة عيناها التي تشبه الزمرد، صباح الورد ياماما 

ربتت والدتها على ظهرها بحنو أموي 

-لسة ناقصك حاجة ياحبيبتي ، راجعتي على حاجتك وشوفتيها 

وضعت رأسها على كتف والدتها 

-حبيبتي ياست الكل، كله تمام ، وبعدين خالد قالي جابلي حاجات كتيرة مرضاش يجبها هنا، قال علشان تفضل برونقها

طبعت قبلة على رأسها ثم نهضت قائلة

-أنا مشغولة ياعاليا، مش فاضية حبيبتي ، شوفي وراكي إيه..استمعت لطرقات على باب غرفتها 

-تعالى ياكريم..ولج كريم بإبتسامته الجميلة 

-صح النوم ياعروستنا ..ابتسمت وطاطأت رأسها للأسفل بخجل 

-شكرا ياكيمو..خطى إلى أن وصل إليها، وجلس بجوارها ، خرجت والدتهما فردوس 

-متنسيش نفسك مع كريم ياعاليا، علشان متتأخريش


حمحم كريم ثم اتجه إلى أخته:

-بقولك ياعاليا، أنتِ لسة عايزة خالد، مش مرتاح للجوازة دي حبيبتي

-إنت بتقول إيه ياكريم، فرحي بعد اسبوع، وبعدين خالد كويس ولو معترض بسبب اللي حصل هو اعتذر وبيحبني ياكريم ..وانا كمان بحبه، قالتها بهمس خجل 


هز رأسه غير مقتنع بكلماتها، نهض من مكانه وتحدث محذرا بما يشعر به 

-المهم خلي بالك منه، اكيد فاهمة كلامي ..ابتسمت وهي تهز رأسها

-متخافش إنت اللي واخد فكرة وحشة يا كريم، خالد شخص كويس جدا 


مط شفتيه واجابها: 

-اتمنى ياعاليا، أتمنى يكون كلام بس، 


❈-❈-❈


بالأسكندرية 


صعدت إليه بعد دقائق ، وجدته يخرج من المرحاض يلتف بمنشفة متجهًا الى غرفة الملابس ..توقفت أمامه 

-ممكن اعرف ايه اللي حصل لدا كله، 


أبعدها بهدوء بعيدًا وخطى للداخل 

انسابت عبراتها قائلة

-"آسفة"I'm sorry


توقف بخطواته، يطبق على جفنيه من نبرتها الحزينة، استدار إليها ثم اقترب منها، رفع أنامله يزيل عبراتها التي نزلت فوق صدره نيران تلهمه، احتضن رأسها

-انا مقولتش ممنوع الدموع دي طول ماانا عايش..حاوطت خصره تبكي بشهقات 

-أول مرة تكلمني بالطريقة دي، وزعلت وسبتني زعلانة لوحدي

عصرها بأحضانه

-آسف حبيبي ، مااهو إنتِ اللي نرفزيني ياغنى ، كان لازم ابعد علشان محبتش ازعلك


رفعت رأسها ونظرت لعيناه:

-مخصماك يابيجاد، ومش هكلمك تاني خالص..ارتفعت ضحكاته غامزا لها

-كدا لازم اصالحك ياغنايا، ضيقت عيناها وفجأة وجدت نفسها بالهواء 


قهقهت بضحكاتها تهز ساقيها، وكأنها ليست تلك التي تبكي 

-نزلني يابيجاد انا زعلانة ومش هتنازل، غمز بعينيه ينظر للمنشفة 

-غنايا اتلمي الفوطة هتوقع وانا مش مسؤل، وضعت رأسها بأحضانه تلكمه 

-نزلني يامنحرف، والله انت منحرف يابيجاد ..


بالمشفى تململت بمنامها فتحت عيناها بعدما شعرت بأنفاسه الحارة تلفح وجهها، ابتسم قلبها قبل عيناها، فاقتربت تضع رأسها بحنايا عنقه تستنشق رائحته كالمدمن ، رفعت كفيها تلمس وجنتيه، تتمنى لا ترى غيره بهذا العالم، عشقها وحبيبها ، أغمضت عيناها مستمتعة بدفى أنفاسه، دنت تطبع قبلة بالقرب من خاصته ..شعر بها ولكنه ظل كما هو ، خللت أناملها بخصلاته 

-نفسي ابنك يكون شبهك أوي، رغم دقاته العنيفة بجنبات صدره، ود لو حطم عظامها يذيقها من ترانيم عشقه حتى تصمت عن شكها به 


رفعت كفيها لزر قميصه عندما انتابها شعور لأول تريد دفن أنفاسها بصدره و أقترابه لتشبع روحها ، وضعت رأسها تتمسح بصدره مستمتعة برائحته، هنا فقد السيطرة على نفسه من أفعالها التي لأول مرة تخترق خجلها ..فتح عيناه فتقابلت النظرات منها المشتاق ومنها المعاتب..

اعتدل يرجع خصلاته ثم أغلق زر قميصه وأردف يبتعد بعيناه عنها:

-لو حاسة إنك بقيتي كويسة اجهزي علشان نروح..احتضنت كفيه 

-"جاسر"..همست بصوتها المجهد..استدار ينظر إليها بهدوء رغم حربه الداخليه 

-جنى أنا تعبان حقيقي وعايز انام، لو سمحتي ممكن نلغي أي كلام حاليا، هروح اشوف الدكتور 


اعتدلت بعد خروجه، تنظر لأثر خروجه بحزن، تنهدت متألمة تهمس لنفسها 

-دا زعلان اوي، هعمله ايه إن شاءالله


ولج بجوار الطبيبة التي ابتسمت لها 

-عاملة إيه دلوقتي ، لسة في كحة 

-يعني يادكتور، وضعت كفيها على أحشائها 

-طمنيني على البيبي ..نظرت بمؤشرتها الحيوية ثم تحدثت:

-هتروحي لطبيب النسا تشوف البيبي ، وتطمنك أكتر، وضعت الكشف بجانب فراشها 

-تمام أوي كدا، ممكن تخرجي النهاردة لو عايزة، أما لو عايزة..قاطعها جاسر

-لأ هنطلع النهاردة يادكتور..

دلف عز يوزع نظراته بينهم

-فيه حاجة!!

أجابه جاسر: لا بنطمن علشان نمشي، خليك مع اختك هشوف عمو وراجع 


امسك ذراعيه هاتفًا: 

-عمك كويس ..انزل جاسر كفيه وتحرك للخارج 

جلس على المقعد يراقب أخته وهي ترتدي حجابها 

-جاسر لسة زعلان ولا إيه

هزت رأسها بالنفي

-لأ ياحبيبي هو بس مرهق وعايز ينام 

اومأ متفهما ثم نصب عوده وخطى إلى أن وصل إليها:

-جنى لو لسة زعلان راضيه حبيبتي ، الراجل مننا بيضعف وينسى كل حاجة مجرد يسمع كلمة حلوة من مراته 

❈-❈-❈


ابتسمت متسائلة:

-لسة روبي فارضة حصارها عليك..حاوط كتف أخته وتحرك للخارج 

-والله لاندمها على كل دقيقة بتوحشني فيها ..ضحكت بصوتها الناعم 

-بتحبك وبتموت فيك على فكرة، بس انت طلعت واطي اوي يااخ 

ضمها بقوة 

-من بعض ماعند جوزك ياختي، وصلوا للخارج بوصوله 

بسط كفيه إليها

-هنروح ياعز، لو احتجت حاجة عرفني، عمو هيخلص المحلول وهيروح هو كمان 

اومأ عز برأسه، ثم اقترب من أخته يطبع قبلة على جبينها 

-ارتاحي حبيبتي ، ومتزعليش نفسك على أي حاجة ، والواد دا لو عمل حاجة وحياتك عندي لأقطع لسانه 

سحبها متحركًا دون حديث،

      الفصل السابع عشر ج2 من هنا 

تعليقات