
عشق لاذع
الفصل السابع عشر ج2 17
بقلم سيلا وليد
ابتسمت متسائلة
-لسة روبي فارضة حصارها عليك..حاوط كتف أخته وتحرك للخارج
-والله لاندمها على كل دقيقة بتوحشني فيها ..ضحكت بصوتها الناعم
-بتحبك وبتموت فيك على فكرة، بس انت طلعت واطي اوي يااخ
ضمها بقوة
-من بعض ماعند جوزك ياختي، وصلوا للخارج بوصوله
بسط كفيه إليها
-هنروح ياعز، لو احتجت حاجة عرفني، عمو هيخلص المحلول وهيروح هو كمان
اومأ عز برأسه، ثم اقترب من أخته يطبع قبلة على جبينها
-ارتاحي حبيبتي ، ومتزعليش نفسك على أي حاجة ، والواد دا لو عمل حاجة وحياتك عندي لأقطع لسانه
سحبها متحركًا دون حديث،
توقفت أمامه تضغط على كفه
-تعالى نطمن على البيبي..انحبست أنفاسه بداخله ونظراته عليها وعلى رجاء عيناها التي يقع صريعا لها
رفعت نفسها تلف ذراعيها حول رقبته:
-جاسر لازم نشوف ابننا مع بعض، أمسكت كفيه تضعها حول بطنها
-حبيبي هنا ثمرة حبنا، سامحني كنت عايزة اطمن انك ..انزل كفيه وسحبها متجها إلى الطبيبة
بعد قليل تسطحت على فراش الكشف..وضعت الطبيبة السائل لتفحص تلك النقطة السوداء التي ظهرت أمامها
-الأمور ممتازة مدام جنى، ابتسمت لهما ..عندنا كيسين يعني توأم
ابتسامة لامعة ظهرت بعيناها، تضغط على كفه ، أما هو الذي ارتفعت دقاته بعنف وهو يرى بذاك الجهاز نطفته
-شهرين ونص يامدام ..المرة الجاية هيظهروا اكتر ..قالتها وهي تضع لها محرمة لتجفيف ذاك السائل..انحنى يساعدها بمسح، رفعت ذراعها تحاوط عنقه لتعتدل بجلوسها ، كان قريبا منها فهمست بجوار أذنه
-"بحبك"..همست بها تطبع قبلة على وجنتيه..لقد ذاب جليده الذي تسلح به، ونسي ما فعلته، ورغم ذاك ابتعد بعد ماانهت ولكن قلبه يرقص فرحا
وصل لسيارته وساعدها بالنهوض
جلست تضع رأسها على النافذة تنظر بالخارج، والصمت يعم السيارة ، اتجهت ببصرها إليه عندما وجدت صمته
-هتفضل كدا، مش متعودة منك على كدا
ظل ينظر أمامه دون حديث وكأنها هوا، وضعت كفيها على كتفه
-"جاسر"
انزل كفيها وهو ينظر أمامه
-أنا بسوق وتعبان، وبعدين عايزاني اقول ايه، مش المدام شاكة فيا ، لدرجة خبت عليا حملها، نزل ببصره لبطنها وأستأنف
-حتى فرحتي ماتت ومبقاش ليا نفس
هنا شعرت بقبضة قوية تعتصر صدرها فشحب وجهها واتجهت تنظر مرة أخرى من النافذة بصمت حتى وصلا إلى حي الألفي
ترجلت من السيارة سريعا، قابلها جواد حازم على باب المنزل ، ابتسامة واسعة ظهرت على وجهه
-عاملة إيه ياجنجون..ابتسمت بهدوء
-الحمد لله ياجواد انت عامل إيه، وعمتو وعمو حازم، وحشتوني اوي، وتقى
أشار على منزله
-نايمين شوية وكلهم يجيوا علشان يسلموا عليكم..دنى يتفحصها بنظراته
-مالك وشك متغير ليه كدا..
-كانت تعبانة شوية..هكذا أردف بها جاسر مقتربًا منه، احتضنه جواد
-اهلا بحضرة الظابط ، عامل ايه وحشتني
ربت جاسر على كتفه ينظر لجنى
-ادخلي ارتاحي مش كنتي بتقولي تعبانة
اومأت برأسها وتحركت بعدما ابتسمت لجواد
-هرتاح شوية ولما اقوم هشوف تقى
-أكيد ياجنجون ارتاحي، وتقى موجودة مش هطير
كان يقف كاظمًا غيظه يود لو يلطمها على وجهها حتى لا يرى تلك الشفاة وهي تبتسم وتتحدث بصوتها الذي يشبه الكروان لغيره
❈-❈-❈
رفع نظره لجواد الذي كانت عيناه تراقب تحركاتها، كور قبضته محاولا السيطرة على إنفاعله، فحمحم بصوته الخشن قائلا:
-عمو حازم جه، ولا لسة في تركيا
تحرك بعض الخطوات واجابه
-شوية وهتلاقي الكل في بيت العيلة، استدار جاسر متجها لمنزله ولكنه توقف على صوت جواد
-جاسر!! اقترب منه قائلا بإبتسامة
-مبروك يابن خالي، بالرفاء والبنين ، جنى تستاهل يارب تقدر تحافظ عليها وتعرف قيمتها ، لو يعود بيا الزمن يابن خالي كنت مستحيل اضيعها
ضغط على ذراعيه يتحدث بنظرات نارية
-جواد جنى دلوقتي مراتي ، متحاولش تقرب منها زي زمان، دي ملكي ومش هسمحلك تقرب منها وإياك تلعب معايا في عداد الغيرة، علشان وقتها مابرحمش يابن عمتي
دفعه واستدار متحركا بخطوات تأكل الارض، من يراه يزعم أنه سيطيح بكل ما يقابله
وصل لغرفته وانفاسه تحرق كل مايقترب منها ، خرجت من غرفة الملابس، ترتدي تلك المنامة السوداء التي أظهرت جمالها البرئ بأنوثتها المتفجرة ..اتجهت للمرآة تمشط خصلاتها، ظل يراقبها لبعض الدقائق وهي تلهو بخصلاتها مبتعدة عن نظراته، جلس يمسح على وجهه يريد السيطرة على انفعالاته التي بدأت تحرقه، انتهت مما تفعله، ثم قامت بنزع مأزرها واتجهت للجانب الآخر من الفراش وتمددت لتغفو بسرعة بسبب حملها ..نهض متجها للمرحاض دقائق معدودة ثم خرج ملقيا نفسه بقوة بجوارها، ظنا إنها ستعاتبه، ولكن وجد صمتها، دقائق وهو يتقلب كأنه يغفو فوق جمرات من نيران، أنفاسًا ملتهبة ودقات عنيفة وهو يراها بتلك المنامة
اقترب يجذبها لأحضانه عندما فقد سيطرته، غمغمت بنومها باسمه
كيف لعاشق أن يصمد بعد ذلك، همس بجوار أذنيها
- جنى ..فتحت عيناها بين النوم واليقظة فأردفت بصوت مفعم بالنوم
-عايزة أنام قالتها وهي تغمض عيناها ، ابتسم عليها رفع أنامله يخصلاتها حتى حررها لتناسب على وجهها بعشوائية لتصبح مثالا للفتنة والجمال مما جعلها مغوية لقلبه الضعيف
دقائق وهو يرسمها بعيناه كفنان مبدع ، دفنت وجهها تتمسح به كقطة أليفة، تستنشق رائحته
-بقيت مدمنة حبيبي ، مسد على خصلاتها بحنان وتسائل
- لسة بتشكي في حبي ، هزت رأسها بالنفي ، ضغط على خصرها يجذبها إليه حتى عصرها بأحضانه وهمس بأذنيها بكلماته المعسولة العاشقة ليأخذها لرحلة لم تكتب سوى لغيرهما
بعد فترة كانت تغفو بعمق بأحضانه استيقظ على صوت هاتفه ، رفعه وأجاب :
-أيوة ..على الجانب الآخر
-أنا قدام بيتك ، اعتدل سريعا يطالع تلك الغافية ليعدل وضعيتها
-انهي بيت ؟!
-بيتك ياجاسر، إنت فين ومراتك فين
تحرك بعيدا واجابها
-رايحة بيتي ليه يافيروز، عايزة ايه
نظرت لتلك الحقيبة وتحدثت
-هدومك اللي كانت عندي جبتهالك جزاتي يعني
-مش عايزها قالها بصوت مرتفع مما جعلها تستقيظ، تبحث عنه ، استمعت لصوته
-خلاص يافيروز خليها مع البواب واي وقت هعدي واخدها
-مفيش حد هنا ياجاسر تعالى خد هدومك انا مسافرة الغردقة واجرت الشقة
تأفف بضجر ثم تحدث:
-تمام خليكي ربع ساعة واكون عندك
أغمضت عيناها مرة أخرى عندما شعرت به.. وضع هاتفه واتجه لمرحاضه دقائق معدودة وخرج ، اعتدلت تطالعه متسائلة
-رايح فين ..أغلق قميصه يلتقط مفاتيحه
-مشوار ، نهضت تجذب مأزرها
-يعني ايه مشوار، مش المفروض تقولي
استدار يرمقها بخزي
-اللي بتسأل دي اللي بتشك صح ولا ايه..اقتربت منه
-دا مش موضوع شك، موضوع عايزة اعرف انت رايح فين، كنت بتقول تعبان عايز تنام
تحرك مغادرا وهتف مبعدا بنظره:
-بقيت كويس، هوت على الفراش تنظر لأثر خروجه بقلب يتألم وشكًا يصهر عظامها
بعد عدة ساعات تجمع الجميع بالأسفل ، وهو اليوم المقرر بالتجمع العائلي لدى جواد، وصلت غنى بصحبة زوجها، وكذلك حازم وابنائه
ارتدت فستانا باللون الازرق وحجابًا باللون الابيض، كانت تتحرك بقلبا ينصهر بالحزن مما فعله، فلقد ذهب منذ ساعتين ولم يعود حتى الآن
اتجه الجميع إلى مائدة الطعام ، فتسائلت غزل عنه
-فين جوزك ياجنى.رفعت بصرها لجواد ثم اتجهت لغزل
-عنده مشواره زمانه على وصول، استمع جواد لهاتفه،فاستأذن للخارج
-حضرة الضابط مع مدام فيروز في بيته من حوالي نص ساعة
شعر كأن أحدهم طعنه بخنجر بارد، فأغلق الهاتف، محاولا السيطرة على دقاته التي بدأت بالتلاشي، خرج صهيب خلفه، توقف ورائه
-آسف ياجواد ، عارف انك زعلان مني، بس صدقني خوفي على بنتي وتشتت ابنك هو اللي خلاني اقولك كدا
كانت نظراته ضائعه ينظر للأمام يضغط على الآم قلبه، لا يريد أن يراه أحدًا بتلك الحالة ، تحرك للأمام وهو يلوح لصهيب بكفه
-هروح مشوار وراجع ..تحرك خلفه سريعا
- جواد!! توقف يعصر عيناه كما يعصر جمارة ألمه فأردف بتقطع :
-مشوار ياصهيب وراجع..توقف أمامه
-فيه ايه؟!
قاطعهم وصول سيارة جاسر ..التفت جواد لصهيب
-,عايز اتكلم مع جاسر شوية ممكن ، ظل يحدجه لفترة من الزمن، ثم اتجه للداخل
وقف جواد منتظر وصوله، وصل إلى والده
-مالك يابابا واقف كدا ليه..صفعة قوية على وجهه، ثم امسكه من تلابيبه
-إنت مش هتكست غير لما تموتني، بنت سحر كانت بتعمل ايه معاك في بيتك يالا
استمع لسقوط شيئا خلفه استدار، وجدها تقف وتساقط الكوب من يديها
اقترب منها ينظر لتلك الحقيبة
-كنت بجيب حاجاتي ، مفيش حاجة تانية، وقف جواد يطالع جنى التي شحب وجهها وأصبح يحاكي الموتى ، اقترب منها يحاوطها بذراعه
-جنى حبيبتي أنا كنت بتخانق معاه علشان..
رفعت نظرها لعمها
-طلقني منه، مبقتش عايزاه، إنت وعدتني قبل كدا، وانا دلوقتي بقولك ابنك مابقاش يلزمني طلقني منه ...قالتها واستدارت متجهة لمنزل والدها
لكزه بقوة بصدره ، روح رجع مراتك،لو مرجعتهاش تبقى لابني ولا اعرفك
بالداخل جلس الجميع يضحكون بأصوات مرتفعة سوى من صهيب الذي ينتظر جواد ، ظنا أنه ساخطا منه
دلف جواد يرسم إبتسامة على وجهه
دققت غزل النظر به ، فنهضت متجهة لجهاز الضغط
-اقعد ياجواد هتفضل لحد امتى مهمل في صحتك كدا ..رفع نظره كالتائه،يريد أن يلقي نفسه بأحضانها، لعل يجد لديها الراحة التي سلبت منه
ظلت نظراته تتابع باب الغرفة ينتظر دخول ابنه بزوجته
❈-❈-❈
عند جنى ولجت لغرفتها ، هوت على فراشها كزهرة تبعثرت وريقتها ، ولم تكن لديها مايحاوطها، لا تعلم كيف ستتخلص من ذاك الوخز الذي أصبح كالمسامير يدق بصدرها ليهشم روحها
دلف يبحث عنها بعينيه..جلس بجوارها
-جنى مفيش حاجة من اللي في دماغك
-طلقني، اردفت بها بضياع ..كلمة بسيطة نزلت على قلبه كضربة خنجر قاتلة ، نهض من مكانه
-ممكن نتكلم بعدين، الكل مستنين دلوقتي
اشعل بداخلها نيران جحيمية فصرخت به
-انت ايه يااخي، مش معقول برودك دا، بقولك طلقني يابن عمي ، متخلنيش اكرهك واستحقرك اكتر من كدا
دنى يجذبها بقوة من خصرها
-هقطعلك لسانك يابت، سمعتيني، بقولك مفيش حاجة ، اتصلت ورحت جبت حاجاتي وبس
تحولت كالمجنونة تدفعه بعنف
-بكهركم انتوا الاتنين، دمرتوني، الله ياخدك باجاسر، حطمتني، ضربت على قلبها بعنف
-عايزة احرق دا، زي ماهو بيحرقني بالقرب منك
ضربت بطنها بقوة
-مش عايزة حاجة منك، ودا مش عايزاه
حاوطها ضاغطا عليها، عندما ذعر من حالتها، دلفت غنى تبحث عنهما
-جنى، جاسر ، انتو فين..استمعت لصرخاتها بالأعلى
-بكرههههههك، صعدت للأعلى سريعا توقفت متسمرة بمكانها وهي تراها تضرب احشائها وتصرخ
-مش عايزاه، واحد حقير ، خاين
اقتربت غنى وجسدها يرتعش من الحالة التي توصلت إليها
-جنى..دفعته بقوة متجهة إلى غنى تقف خلفها كأنها تتحامى بها
-خليه يبعد عني ، انا مش عايزة اشوفه ياغنى، اخوكي خاين وكذاب
أنهت حديثها ترمقه بنظرات احتقارية يتطاير منها الشرر
دفع غنى بعيدا، واقترب يحملها متجها لسيارته وهي تصرخ وتلكمه ولكنه كان المسيطر الأقوى، فتح باب السيارة الخلفى، ووضعها به وأغلقها
هرولت غنى خلفه
-جاسر لو سمحت متعملش كدا ..استقل سيارته بوسط صرخاتها الجنونية وهي تحاول الانقضاض عليه، حتى شعرت بالوهن وامالت على المقعد تبكي بصمت
جاسر لو سمحت متعملش كدا ..استقل سيارته بوسط صرخاتها الجنونية وهي تحاول الانقضاض عليه، حتى شعرت بالوهن وامالت على المقعد تبكي بصمت
ظل يقود سيارته وهو يراقب صمتها بقلب يئن ألمًا على ماوصلوا إليه ، وصل لمنزل والدته ، ترجل يحملها متجها للداخل، وهي صامتة كأنها رضيت بواقعها
بمنزل جواد وخاصة بمكتبه ، تحول كالثور الهائج، يضرب على مكتبه بعنف، اقترب أوس وياسين
-بابا لو سمحت بلاش حد يحس بحاحة، احنا هنوصله،
هوى على مقعده يمسد على صدره
-الواد دا تجبوه من تحت الأرض، قبل ما يعمل حاجة في البنت، ياربي البت نفسيا مش متظبطة ممكن تأذي نفسها دلفت غنى بعصير ليمون
-بابا ممكن تهدى، عمامي برة قلقانين
ضرب على المكتب بقوة حتى تناثر كل مافوقه
-الواد دا ناوي يموتني..قاطعهم دلوف بيجاد وهو يحمل كاسة من الكاستر
-حمايا العزيز، فينك دي مقابلتك ليا، قالها وهو يجلس يرفع ساقيه على المقعد امامه ..وزع نظراته عليهما
-مالكم ساكتين كدا ليه، طيب نزلت رجلي أصلها وجعاني، شكلها فيها عين سمكة ..قالها بابتسامة
فركت غنى كفيها بيجاد
ضيق عيناه منتظر حديثها:
-جاسر ..قالتها غنى..وضع جواد رأسه بين راحتيه فقصت غنى ماصار
-هتلاقوه فين يعني اكيد في حاجة من امالكم ، ماهو الموضوع جه بدون ترتيب، يبقى اكيد حد قريب أو بيت من عندكم
هب جواد من مكانه متجها لسيارته دون حديث آخر
عند يعقوب
جلس أمام النيل بجوارها ..الصمت يعم المكان ..قاطعته كارمن
-لسة فاكر ترجع بعد السنين دي كلها
نفث تبغه ينظر أمامه بهدوء، ثم أجابها
-لم أعلم إنكِ على قيد الحياة، علمت بالمصادفة
ابتسمت ساخرة ثم توجهت إليه
-وياترى عرفت ازاي ياباشمهندس، وانا باسم الألفي
-صديق لي رآكي صدفة وارسل لي صورة لكِ، حينها علمت بوجودك ولأجل هذا نزلت القاهرة
نهضت تنظر بساعة يديها
-لازم امشي عندي عملية بعد ساعة يادوب اجهز
امسك كفيها ونظر لبحر عيناها
-اريدك تعودين معي، لا أريد نومكي بهذا المكان ..انزلت كفيه وتحدثت :
-أنا اتعودت على كدا ، بعد إذنك ..تحركت تخطو بعض الخطوات ولكنها توقفت
-غدا سأنتظرك أمام المشفى لأنكي ستعودين معي، لولا مشغولاتك اليوم لم اتنازل عن هذا
استدارت تحدقه بنظرات حزينة فهمست بنبرة شجية
-ارجع مكان ماكنت يايعقوب، عايزة اعيش زي ماانا عايشة
قالتها وخطت سريعا وكأنها تخطو فوق بلور يشحذ أقدامها وعيناها التي تفرش الأرض
عند جاسر وجنى
جلس بجوارها ونيران تأكل احشائه
-عايزة تموتي ابننا ياجنى، لدرجة دي
انا رحت اجيب حاجتي وبس، مفيش حاجة تانية، أما ليه دخلت البيت مش انا اللي دخلتها، لقيتها مفهمة البواب أنها مهندسة ديكور وجاية شغل
كانت تضع رأسها على المقعد بعينان ضائعة وقلب فتته الوجع
-خنتني كام مرة ياجاسر، قولي ومش هزعل، دا إنت يادوب كنت معايا، لدرجة دي مش قادرة انسيك فيروز..استدارت بعيناها التي بهتت
-طلعت بتضحك عليا، انا ليه ضعيفة اوي كدا معاك، ليه بحبك الحب دا كله
نفسي اكرهك أوي يابن عمي
❈-❈-❈
آلمه سؤالها وكأنها غرست خنجرا لتتألم روحه فتوقف يشعل سيجاره وبدأ يحرقها كصدره الذي احترق كاملا
-تمام ..مبقاش فيه كلام يتقال، هعملك اللي أنتِ عايزاه، بس تولدي في الاول ، غير كدا مالكيش عندي طلب، استدار وأشار بسبباته مهددا إياها
-مش عايز جنان ، افهمي انك حامل ، ولو موتي اللي في بطنك يبقى هموتك بايدي، دلوقتي هو أهم منك
شهقت ببكاء مرتفع
-يعني اتجوزتتي علشان تخلف بس
قاطعهم دلوف جواد ...هدا المكان بالكامل من الحديث، لم يكن به سوى النظرات والأنفاس التي تحرق صدروهم جميعا..خطى إلى ابنه بهدوء مميت..نهضت جنى سريعا عندما وجدت حالة عمها، لا تعلم ماذا عليها فعله، عمها وحبيبها الخائن، وصلت اليه واحتضنته
-فهمت حبيبي ، وأنا موافقة..توقف جواد وصاعقة تصفعه بقوة على ما يراه أمامه ، رفع ذراعيه يحاوطها بقوة
رمقه جواد بنظرات خرساء لبعض الوقت ، وهو يرى ذراعه الذي يحاوطها به ثم تحدث
-بتعملوا ايه هنا، اتجه لجنى وعيناه تخترقها
احتضنت كف جاسر وابتسمت
-جاسر كان بيصالحني ياعمو، وفهمني سوء الفهم ..ظل يحدجها بثبات لبعض اللحظات ثم استدار مغادرا، توقف لدى الباب
-خدي بالك من نفسك ياعمو، ثم رمق ابنه بنظرة مطولة وهتف
-تعالى عايزك..قالها وتحرك للخارج..تنفست بهدوء تضع كفيها على بطنها تشعر بألمًا يفتك بها ..اتجهت للأريكة تجلس فوقها وعيناها كزخات المطر
-وصلتني اقتل ابني ياجاسر ، وأكذب كمان هتفضل لحد كداربنا يسامحك يابن عمي ..احتضنت ركبتيها تضع رأسها فوقها
دخل بعد قليل متجها للغرفة ثم اتجه إليها
-قومي ارتاحي جوا، انا طلبت أكل، واياكي تغلطي اكيد فاهمة كلامي
تمددت على الأريكة تحتضن أحشائها
-شكرا مش هنام غير هنا
كور قبضته بانفاسًا مرتفعة، فانحنى يحملها للداخل
-السرير دا هتتنيلي جنبي عليه، واياكي تنامي برة، طول ما انتي مراتي تنامي في المكان اللي بنام فيه
أغمضت عيناها بألمًا فهي تريد أن تريح أعصابها فلقد تألمت كثيرا اليوم
دقائق وغفت بنومها تحتضن احشائها
جثى أمامها يمسد على خصلاتها
ثم نهض متجها للخارج
انفرطت الايام سريعا حتى مر اسبوعٍ والحال بينهما ظل كما هو ..عند عز وربى ..ولج لمنزل عمه مع مُحضر
-فين ربى جواد الألفي
-أنا ربى يافندم ، خير قالتها وهي تنظر لوالدها
بسط يديه بورقة:
-الدكتورة ربى مطلوبة من قبل زوجها السيد عز صهيب الألفي ببيت الطاعة
جحظت عيناها ترمقه بنظرات نارية، تريد أن تحرقه كاملا..اقتربت منه والشرر يتطاير من عيناها ..جذبها بقوة إليه
-غلط هبوسك قدام الكل وممكن الموضوع يطور وتبقى فضحيتنا على لسان الجميع ، لمي نفسك وتعالي معايا بالذوق
جلس جواد على المقعد واضعًا خديه على راحتيه
-جذبت الورقة وقامت بتمزيقها، وألقتها على عز
-وريني اخرك..اقترب المحضر مع أحد من الضباط
-هاتوها يابني ..توقف عز أمامهم
-خلاص يافندم، انا هحل الموضوع خلال ساعات لو متحلش اوعدك هخليك تاخدها واسف للازعاج
رفعت حاجبها ساخرة
-شوف ازاي..نهض جواد من مكانه
-اعمل فيكم ايه قولولي انتوا الاتنين، أشارت لوالدها
-سبني عليه يابابا لو سمحت ، عز دا عايز يتربى ماهو عمي معرفش يربيه
اشار الى جواد مقهقها :
-ولا ابوكي ياروحي عرف يربيني وكويس إنك عارفة إني قليل ادب ومش متربي..سحبها بقوة حتى ارتطدمت بصدره،همس بجانب أذنها حتى لمست شفتيه اذنيها، فشعرت بقشعريرة تضرب جسدها
-مش همشي من غيرك، ومستعد اقلب مجرم هنا، وحياة ابويا وابوكي، مهما تعملي مش هتحرك، ولا أقولك الجيش بيقول اتصرف ، قالها وهو يحملها ويضمها بقوة محاولا السيطرة عليه، ورغم صرخاتها ولكماتها ، الا أنه سيطر عليها متجها لمنزله، قابله صهيب ينظر إليه بذهول
-بتعمل ايه ياله ..تحرك وهو يحادث والده
-مراتي وحشتني عندكم مانع، لو عندك مانع تعالى صالحها معايا
قامت بعضه بكتفه حتى يتركها، انزلها يصرخ
-يابنت العضاضة ياجعانة..تحركت مهرولة للخارج
-لو طلعتي من الباب دا يبقى هديتي كل اللي بينا، اقسم بالله ياربى لو خرجتي من الباب دا لتكون ورقة طلاقك عندك، انا تعبت خلاص ، مبقتش مستحمل، مابقتش عيشة دي، بقالك اكتر من تلات شهور وانا بتحايل عليكي
❈-❈-❈-❈-❈
أطبقت على جفنيها وتحركت للخارج توقف صهيب أمامها قبل أن تخرج كليا
-علشان خاطر عمك يابنتي ، مالكيش دعوة بيه، انتِ هنا علشان عمك، عمك مايستهلش ياروبي
انسابت عبراتها تهز رأسها
-آسفة ياعمو، بس ابنك دبحني، وانا مش قادرة اسامحه، سامحنى ارجوك
تحرك إلى أن وصل إليها ..احتضن وجهها واقترب يطبع قبلة مطولة على جبينها تعني لها بآلاف الندم والآسف
-آسف ياروبي، اطلبي اللي عايزاه بس كفاية فراق ووجع، وضع كفيه على أحشائها
-عايز احس بابني وهو بيكبر جواكي،. عايز ارتاح وانتِ في حضني، بلاش توجعي قلبي اكتر من كدا
استدارت متحركة، ولكنه جذبها بقوة ولم يعطيها فرصة لينقض على شفها يقبلها بقوة أمام والده الذي تحرك للخارج، لعله يستطع السيطرة عليها، حاولت دفعه الا أنه تحول لوحش ضاري يريد أن يبتلعها
دفعته بقوة صارخة عندما سحب انفاسها، تحركت للخارج تبكي بشهقات مرتفعة
-بكرهك ياعز بكرهك..جلس صهيب بقلبًا ممتلئ بالوجع بعدما خرجت تبكي بتلك الطريقة
بمنزل كريم وهو اليوم المقرر لعقد القران والزفاف ..انتهت من زينتها، تنظر بفرحة لفستان زفافها
-حلو ياماما ..ابتسمت والدتها
-جميل ياروح ماما، مرت الساعات تلو الأخرى ولم يصل أحد من أفراد العريس ..دلف إليها أخيها
-اتصلي بخالد مبيردش والماذون جه
ارتعش جسدها من الخوف عليه ..قامت بمهاتفته مرة بعد مرة ولكن دون رد
خرج متجها لمنزله ، قاطعه رنين هاتفه
-أيوة ياياسين..ابتسم ياسين الذي يقود سيارته متجها للمنزل
-آسف ياكريم ..مش هقدر اجي، لازم أسافر الفيوم بكرة مع العيلة
توقف يمسح على وجهه بغضب
-شكل مفيش فرح، الحيوان شكله بيعمل لعبة حقيرة علشان يذل ابويا، انا خايف على ابويا ليموت بحسرته على بنته قالها بدموع تنذرف بعيناها
توقف على جانب الطريق
-تفتكر بيرسم لحاجة..اجابه بصوت مختنق:
-هو اصلا عمل كدا علشان يكسرنا، ياما اتحيلت عليكي ياعاليا، بس غبية ماشية ورا قلبها واهو ضحك عليها ومنعرفش بيحضر ايه
استدار بسيارته قائلا :
-ابعتلي اللوكيشن ، انا جايلك ..بعد فترة وصل ياسين لمكانه ..كان يصف بسيارته على الطريق..ترجل من السيارة
-إنت رايح فين كدا ..هز كتفه بضياع
-الناس كلها مستنين العريس ياياسين، عارف هيقولوا ايه على البنت ..ابويا ولا امي ممكن يموتوا فيها
ربت ياسين على كتفه ثم استقل سيارته ..انا وراك
-تعالى نشوفه فين..وصلوا بعد قليل لمنزل خالد ..جحزت عيناه وهو يراه يتراقص بجوار أخرى
اقترب منه وتسائل وقلبه كالمدفع
-بتعمل ايه يا خالد..؟!
توقف خالد عن الرقص وهو يشير للجميع بالصمت ثم اقترب من كريم
-اهلا بابن العم، خير يابن العم
ضيق عيناه ينظر للجمع وتلك العروس التي تقف بجواره
-انت مجتش الفرح ليه؟!
قهقه خالد يضرب كفيه ببعضهما
-سلامة النظر يابن عمي، ماعروستي جنبي اهي، ثم دنى يرمقه بشماته
لو قصدك على اختك، مايشرفنيش اتجوز واحدة سلمتلي نفسها قبل الفرح
صفق بيديه وضحكاته كالرعد الذي أصاب كريم بالصم كأن هناك أحد طوقه بسياج من حديد ..اقترب والشرر يتطاير من عينيه، توقف ياسين يبعده
-كريم ماتتهورش..ابتعد خالد خائف بتصنع
-كان حقك يابن عمي تقتلني لو مثلا خطفت اختك واغتصبتها، بس كله بكفيها ..اسمعوا يااهل البلد وخصوصا الشباب يرضيكم تامنوا عرضكم على واحدة سلمت نفسها قال ايه بتحبني ومستعدة تعمل اي حاجة علشان تسعدني
نيران جحيمية أشعلت جسده بالكامل، فاقترب بعدما دفع الجميع وتحول لوحش كاسر وقام بضربه باقسى قوة لديه، لم يستطع أحد أبعاده فالنار أحرقت كل من اقترب منه، تجمع الناس وبدأ الجميع بلكمه فجذبه ياسين مبتعدا به عن الحشد..تحرك كالذي فقد الحياة :
-مستحيل عاليا تعمل كدا مستحيل، نظر لصديقه بضياع
-دي بريئة اوي ياياسين ، هوى على الأرض يصرخ بأقوى مالديه يريد أن صراخه يخترق السموات السبع
تألم ياسين على حالة صديقه، استمع لرنين هاتفه لعدة مرات، أشار للهاتف
-ابويا هيتفضح في البلد كلها، ليه يااختي تحطيني تحت رحمة كلب زي دا ..نهض متجها لسيارته فلقد تحولت عيناه للهيب من نيران جهنم ..توقف ياسين
-خالد ناوي على ايه ..استقل السيارة وتحرك بسرعة جنونية متجها للبيت، تحرك خلفه ياسين مسرعا حتى وصل لمنزله وترجل سريعا إلى المطبخ يمسك سكينا بيديه متجها لأخته..توقف أمامه
-متتجننش ياخالد، مش معقول تبقى جاهل دينك، عايز تقتل، هات السكينة ياخالد..دفعه بعيدا عنه
-لازم اغسل عاري بدل مانتفضح في البلد سيطر ياسين عليه ملقيا السكين من يديه،
اتجننت يايلا، توقف يمسح على وجهه بغضب
-اتجننت ياكريم ، عايز تموت اختك..أنفاس مرتفعة لكل منهما، وصل والده
-رحت لخالد يابني، بتصل بعمك مابيردش والناس كلت وشي
رفع نظره لوالده وانسابت عبراته قائلا
-بابا..ولكن بتر حديثه ياسين
-أنا يشرفني اتجوز بنت حضرتك ياعمو..تطلع لياسين يدقق النظر به
-مين دا يابني،. ليه عايز يتجوز اختك اللي فرحها النهاردة
سحبه كريم متجها للداخل بجوار ياسين ...
بمنزل جاسر بعد عودته بعدما أعاد ترميمه.. ذات مساءًا
بالأعلى بغرفته ، خرج من غرفة ملابسه توقف أمام المرآة يصفف شعره
اعتدلت فوق الفراش ثم تحدثت مردفة:
-ممكن أعرف رايح فين والنهاردة اجازتك
-مش شغلك، أنتِ مالكيش حق عليا في أي حاجة ، اللي يربطنا دلوقتي صلة القرابة إلا هي انك بنت عمي ، غير الولد اللي في بطنك
نهضت من فوق الفراش وخطت بإرهاق ظهر بملامح وجهها
-جاسر ..لازم نتكلم لو سمحت، هتفضل تعاملني كدا لحد إمتى، احنا اتفقنا انك هتطلقني، انا مش قادرة اتحمل الوجع دا ..دنت منه تنظر لعيناه
-جاسر بقيت اكره نفسي، وأكره حبي ليك، متعملنيش كأني جارية
❈-❈-❈
جمع اشيائه ، ثم وضع سلاحه بخصره واجاب دون النظر إليها
-أنا كمان مابقتش فارق ياجنى ولا حبك بقى يهزني ...اومأت برأسها تحافظ على كرامتها ..فجذبت تلك الحقيبة التي توضع بركنا بالغرفة، تصرخ على العاملة
-انزلي دي تحت في الحزينة..راقبها بعيناه
-ناوية على ايه يامجنونة
انسابت عبراتها
-المجنونة دي عايزة تهرب منك خلاص مابقتش اتحمل ، بس لازم تعمل حاجة
هبطت للأسفل تمسك تلك القداحة بيديها ..أشارت للعاملة
-ادلقي البنزين..ظلت تطالعها بصمت ، ثم اومأت لها وقامت بسكب زجاجة البنزين..قامت بإشعال القداحة وألقتها على تلك الثياب
كان يقف خلفها يطالعها بصمت مريب، استدارت فتوقت أمامه
-دلوقتي حجتك حرقتها ، كنت اتمنى انك تحرقهم مش توقف تتحجج بيهم
دنت منه تغرز عيناها بمقلتيه
-دلوقتي هنرتاح اكتر لما تطلقني، ودلوقتي ارمي عليا يمين الطلاق
تحرك للداخل يجمع أشيائه قائلا
-لحد ماكل واحد يروح لحاله، مش دا اللي كنتِ عايزاه، اولدي وبعد كدا هقولك هنعمل ايه
انكمشت ملامحها بإعتراض تجلى بنبرتها
-بقولك ايه انا خلفي بقى ضيق واتحملتك كتير، هتسوق فيها
وضع سبباته على شفتيها ورمقها بنظرة نارية
-صوتك مايعلاش، متنسيش انك هنا الست وانا الراجل يابنت الناس المحترمة ، استدار متجها
متجها للباب فاستمع إلى نبرتها المغلفة بالحزن قائلة:
-لو خرجت كدا هترجع مش هتلاقيني
ارتدى نظارته الشمسية وابتسم بسخرية، ثم استدار وأجابها متهكمًا
-مبقتش تفرق يا...صمت يطالعها بصمت ثم أردف بشبه إبتسامة
-بنت عمي ..وأه متعمليش حسابي في الأكل دا لو ناوية ترجعي في كلامك وتقعدي، أما بقى لو ناوية تروحي عند ابوكي اللي هو عمي برضو متعمليش حسابي في أي حاجة ..قالها وتحرك من أمامها وهو يطلق صفيرًا وكأنه لم يقل شيئا
توقفت للحظات وكأن حديثه اخترق روحها بحقول من نيران حتى هوت على المقعد تدفع عيناها الدمع بالدمع هامسة لنفسها
-أنا تقول عليا كدا ياجاسر ..طب وحياة قلبي اللي كسرته لأدوس عليه يابن عمي، بعد فترة من التفكير
اتجهت إلى خزانتها وجمعت أشيائها بعدما تحدثت مع غنى
-لو مسعدتنيش اقسم بالله لأمشي ومتعرفوش مكاني، ساعدوني واعرفوا مكاني احسن مااخرج من هنا متعرفوش
تنهدت غنى تنظر لبيجاد الذي يعمل على جهازه، فرفع نظره إليها
-لسة مصرة تطلع برة البلد
اومأت له ثم أجابت جنى
-انتِ عارفة نتيجة اللي هتعمليه ياجنى..صاحت بقهر مؤلم
-غنى أنا بقيت اكره اخوكي، متخلنيش اكرهه اكتر من كدا
مسحت غنى على وجهها
-مش عارفة هشوف بيجاد وارد عليكي
سحب نفسا وزفره
-إنت عارفة ممكن باباكي يعمل ايه ..نهضت تجلس بجواره
-حبيبي البنت صعبانة عليا ، والصراحة جاسر لازم يفوق من افعاله، انا لو مكانها كنت موته والله
امسك هاتفه وقام بمهاتفة شخص ما
-أيوة طالب منك خدمة ولازم مساعدتك ياكبير
على الجانب الآخر
-أمر ولو بأيدي مش هتأخر
واحدة قريبتي لازم أخرجها برة البلد من غير ماجوزها يعرف
هب راكان فزعا
-أكيد بتهزر مش كدا..تحرك بيجاد من مكانه
-ودي فيها هزار،. واحدة عايزة تربيه ياسيدي ويعرف أن الله حق
مط شفتيه ثم نظر للبعيد
-أنا هساعدك تخرجها بس ماليش دعوة بالاسباب يعني المسؤلية عندك
-شكرا ياراكان ..ساعتين وهكون في المطار ، تكون ظبط الموضوع
-خلاص اوصل وانا هكلمهم واساعدك
وصلت جنى بصحبة بيجاد إلى المطار منه إلى الأراضي التركية
بعد عدة ساعات وصلت لأحدى المدن الشاطئية بدولة تركيا .
دلف بجوارها لأحد المنازل ..توقف بمنتصفه
-البيت دا لريان المنشاوي متخافيش محدش يقدر يقرب منه، عندك حراسة عليه، وكمان فيه ست مصرية هتجيلك بعد شوية..اتمنى ياجنى تكوني بتعملي الصح ..جاسر مش هيسكت وممكن يقاطعني العمر
-شكرا يابيجاد ..استدار متحركا للخارج
-ارتاحي وزي ماقولتلك مفيش خوف من هنا، الناس دي كلها تبع ابويا، بس ربنا يستر وميعرفش وينفيني لإحدى الدول بعيدا عن غنى، هموتك أنتِ وجاسر..قالها مبتسما حتى يخرجها من حالتها
عند جاسر باليوم التالي لمنزله ..يجلس بالحديقة منتظر هجومها كعادتها ..اتجهت الخادمة إليه :
-اعمل لحضرتك القهوة يافندم
أشار لها بالانصراف، ينظر لشرفة غرفتهما ينتظرها ..ولكن قطع نظراتها العاملة
-مدام جنى مشيت امبارح وسابت لحضرتك الظرف دا
ابتسم ساخر على أفعالها الطفولية ظنا إنها ذهبت لمنزل والدها
فتح الظرف ومازالت ابتسامته الساخرة على وجهه ولكن جحظت عيناه وهو يقرأ سطورها
-"أيام ندية بصحراء خاوية ملهمي "
متحاولش تدور عليا، ولا كأني دخلت حياتك، عايز تتجوز ، اتجوز وابني حياتك وكأني مت ورحت لرب العالمين، انا برة مصر يعني حبيت ابعد عنك بآلاف المسافات شوفت وصلتني لأيه .
"كاذب..مخادع ..حبيب جنى"
هنا انسحبت أنفاسه وكأنه فقد الحياة دقائق مرت عليه كالدهر، يقبض على الورقة بعنف حتى تمزقت بكفيه
تحرك إلى الأعلى كالمجنون، يبحث عن جواز سفرها ولكن أصابته صاعقة شقت قلبه لنصفين..بدأ يحطم كل ماتطوله يداه حتى جرحت ونزفت بالكامل
تحرك إلى منزل والده ، دفع باب مكتبه وولج إليه كالأسد المفترس
-حضرتك اللي ساعدتها، صح ماهو مستحيل تسافر برة البلد من غير علم جوزها الا اذا حد له كلمة يساعدها
نهض جواد من مكانه ينظر بذهول لحالة ابنه المشعثة
-هي مين دي يابني ..دفع المقعد بقدمه وصرخ بصوته بالكامل حتى أفزع من في المنزل
-ايه ياحضرة اللوا بلاش شغل المباحث دي عليا ، مراتي فين، مراتي برة البلد ومفيش غيرك يقدر يطلعها برة البلد
ابتلع غصته المتورمة محاولا الثبات أمام ابنه حتى لايصفعه مرة أخرى:
-إنت اتجننت ياجاسر، جاي تعلي صوتك على ابوك وتتهمه بهروب مراتك
آآهة طويلة صرخ بها كالقنابل المتفجرة تعبر عن مدى وجعه بتلك الحالة ..بدأ يحطم كل شيئا يقابله ، وصلت ربى على صرخاته وتحطيم مكتب والده الذي توقف مذهولا من حالة ابنه، هوى على الأرضية واانسابت عبراته كنيران تحرق وجنتيه
-ليه بيحصل معايا كدا، من صغري والفرح محسوب بالدقايق لو فرحت دقيقة بحزن بعدها سنين، ليه ..رفع نظره لوالده
-ليه ربنا مابيحبنيش يابابا، انا عملت ايه، جلس جواد بجواره يضمه لأحضانه عندما عجز بمواسية ابنه
-اهدى حبيبي انت راجل عيب تعمل كدا
خرج من أحضان والده
-مراتي بتكرهني اوي البنت الوحيدة اللي حبتها بتكرهني لدرجة كانت هتموت ابني يابابا، لسة عايز بعد دا كله اهدى، مراتي هربت بابني، لا مش ولد واحد دول اتنين، جنى حامل في توأم يابابا.. اخدتهم وهربت علشان بتكرهني..قالها عندما انهارت حصونه بالكامل
جلست بالخارج تبكي على حالة أخيها ..فتحركت سريعا متجهة لمنزل عمها ..وجدته جالسا امام المسبح يرجع برأسه على الجدار ينظر بشرود ..اقتربت منه تحتضن وجهه
-عز..نظر لعيناها الباكية بصمت فأردفت
-أنا مستعدة ارجعلك ياعز، ومش هتكلم وهرضى بأي حاجة بس قولي مكان جنى فين جاسر ميستهلش كدا، والله ما يستاهل دا ..بكت بنشيج مرتفع ..اعتدل يطالعها بنظرات مستفهمة
-ليه جنى مش مع جاسر..لكمته بصدره
وبكت تحاوط عنقه
-متضحكش عليا ياعز، وحياتي عندك قولي مكانها فين ووعد هعيش معاك من غير ما افتح بوقي
أبعدها عنه ثم نهض من مكانه
-يعني ايه؟!..ليه اختي فين ؟!
قالها وتحرك متجها لمنزل عمه
تجمع الجميع بعد علمهم بما صار لجنى
امسكه صهيب من تلابيبه
-قولت انك مش اد الامانه ياحيوان، عملت ايه في بنتي حتى خليتها تهرب
كان ضائعا ينظر لعمه بتشتت مردفا
-كانت عايزة تطلق وأنا رفضت بس دا كل الموضوع
أطبق جواد على جفنيه ، اقتربت غزل من صهيب وصاحت به
-كفاية بقى فيه ايه، مالكم مش شايفين حالة الولد، ليه هو اللي دايما بيغلط ياصهيب، بنتك هربت وهي حامل، فاهم معنى الكلمة.. تحرك جاسر بتخبط للخارج متجها لسيارته، هرولت خلفه
-حبيبي رايح فين ..هز رأسه
-مش عارف ، لازم الاقي مراتي ياماما ، هسأل في المطارات، هشوف حد من صحابي، بدل سيادة اللوا مش عايز يساعدني ..استمعوا لصرخة ربى باسم والدها بالداخل، هنا توقف الزمن ودقات قلبها بالأرتفاع تهمس بخفوت بعدما هرول جاسر للداخل
-لأ جواد اكيد محصلوش حاجة..
بعد شهرين
استمعت لطرقات باب منزلها، فتحت عيناها بوهن، تنظر للباب الذي أحست أنه بعيدا بمسافة لاتقو على الحركة إليه ..أغمضت عيناها مرة أخرى، بين اليقظة والأغماء، استمعت مرة أخرى بقوة أعلى، اعتدلت وساقيها كالهلام، جذبت وشاحها ووضعته متحركة بوهن عندما ضعُف جسدها بالكامل
استندت على الجدار حتى وصلت للباب بصعوبة، وفتحته ودقات قلبها تنبض بعنف ارجعتها لتعبها، فُتح الباب ترفع نظرها للذي يقف أمامها وكأنه حلم لحظات تخلو من أي شيئا سوى من النظرات والأنفاس التي انحبست بالصدور ناهيك عن ضربات القلب التي آلامت ضلوعهما
-اهلا مدام جنى..ارتجفت شفتيها كحال جسدها بالكامل فهمست اسمه بين اليقظة والإغماء، حتى شعرت بدوران الأرض وتلك الغامة سيطرت بالكامل ، أحس بها فاقترب ليتلقفها بين ذراعيه وهي تهمس اسمه