الفصل الثلاثون 30
بقلم نورا عبدالعزيز
___ بعنــــوان " أســـرار تُكشــف" ___
خرجت "قُسم" من عيادة الطبيب بعد الفحص وبجوارها "أحلام" فتاة فى أواخر العشرينات تعمل كحارسة شخصية لترافقها فى أى مكان، فتحت لها باب المصعد ورأت فتاة بالداخل تتحدث فى الهاتف بدلال مُفرط، ضغطت على زر المصعد ليغلق أبوابه فى الطابق الثامن، نزل المصعد إلى الطابق السادس وتوقف حتى دلفت سيدة أربعينية مع رجل يتحدثان ، سحبت "أحلام" "قُسم" من يدها برفق للخلف ترتطم بالمصعد من الأزدحام مما جعل "أحلام" تنظر إلى اللافتة الموجودة وقالت بتمتمة واضحة:-
_ هو مش المصعد بيكفي لأربع أشخاص بس
نظر الرجل إليها وبسرعة البرق قبل أن تتوخي الحذر كانت الفتاة التى بجوارها من البداية طعنتها فى عنقها بحقنة مُخدرة أفقتها الوعي بسرعة البرق فصرخت "قُسم" بذعر ليضع الرجل يده على فمها يمنعها من الصرخ وهى تقاومه لكن بنيته الجسمانية كانت أقوي بكثير من ضألتها لتحقنها الأخرى بمخدر حتى فقدت الوعي ثم حملها الرجل على ذراعيها وترك الهاتف وحقيبتها فى المصعد مع جسد "أحلام" ثم ترجل جميعًا من المصعد فى الطابق الثاني ومنها دخول إلى شقة وتسللوا بـ "قُسم" من الباب الخلفي للمطبخ الذي يصلهم بمرأب السيارات حيث سيارتهم المصفوفة وأنطلقوا دون أن ينتبه "سليم" وهكذا رجاله الذين يقفون أمام البناية فى أنتظار قدوم "قُسم" ....
___________________________
[[ شركة اللـــــؤلـــــــــــؤ ]]
دلفت "رزان" إلى مكتب "نورهان" تقاطع أجتماعها مع الخبراء التجميلين بذعر وهى تقول:-
_ دكتورة نورهان
ألتفت إليها بدهشة من طريقة دخول "رزان" وتجرأها على أقتحام أجتماعها لتقول بفزع وصدمة تحتل وجهها الجاد بصرامته:-
_ مدام قُسم أتخطفت
وقفت "نورهان" من مكانها بصدمة قاتلة ألجمتها وجعلت عقلها المتمرد يشل فى رأسها الجميل، لم تتوقع خبر كهذا فخرجت من الشركة مع "رزان" مذعورة وهى تقول:-
_ مين اللى عملها؟
_ عفيفي ابن داغر الصوفي وابوه نالا
قالتها "رزان" بقلق شديد من القادم وهذا الأحمق تجرأ على تحدي "غفران وليس وحده، بل تجرأ على الوقوف أمام "نورهان" المرأة التى تقتل من يقترب من أملاكها بكل برود دون أن ترجف لها عين، تابعت "رزان" وهى تفتح باب السيارة الخلف لها:-
_ وأشترى أسهم فى شركة الحديدي كنوع من التحدي بمساعدة ابوه اللى اشترى من الشريك الأجنبي
وقفت "نورهان" بذهول من الحرب القائمة على ابنها دون علمها فقالت بغضب شديد:-
_ مكتفاش بخيانة ابني والغدر بيه... أطلع على الصحراوي
أتسعت أعين "رزان" على مصراعيها بصدمة قاتلة وقشعر بدنها من الخوف وهى تقول بتمتمة تأبي كلماتها الخروج من هول الصدمة:-
_ هتروحي الصحراوي بنفسك
جذبت "نورهان" لياقة "رزان" بغضب يحرق ما بداخلها وقريبًا سيحرق الجميع فقالت بتهديد:-
_ أنا اللى يقرب من عائلتي أفعسه برجلي يا رزان ... دا مش أى حد دا غفران فلذة كبدي وفرحتي الأولى، أنا اللى يرفع عينيه فى غفران أمحيه من على وش الدنيا
دفعتها بقوة وصعدت إلى السيارة لتبتلع "رزان" لعابها بخوف وجعلت السائق يترجل من السيارة لتأخذ هى القيادة بيدي مُرتجفة، وصلوا إلى الطريق الصحراوي لتنعطف "رزان" عن الطريق الرئيسي ووصلت إلى منزل يكاد يبدو مُصفحًا من الخارج ثم وقفت "رزان" أمامه ليفتح الباب بعينيها وضربات قلبها ، دخلوا معًا وكان المنزل فراغًا لكن لم يكن فراغه سوى رعبًا ، ترجلوا للقبو وكان بداخله باب أخر وحين فُتح كان المكان مُختلفًا وكأنهم ذهبوا إلى أرض غير الأرض فكان المكان عبارة عن حلبة من القتال ورجال كثير يمارسون جميع أنواع القتال الموجودة فى العالم لكن حين لمحوا طيف "نورهان" توقف الجميع عما يفعلوا وأنحنوا لها أحترامًا لتذهب كي تجلس على المقعد أمامهم ترمقهم بغضبها، نظرت "نورهان" إليهم وبعد الترحيب فتحت الجهاز اللوحي على صورة "قُسم" وألقت به أمامهم قائلة:-
_ البنت دى أتخطفت من 3 ساعات من عمارة فى الكروبة، أنا عايزاها سليمة
أقترب قائد الرجال ليأخذ الصورة وقال بجدية:-
_ أمرها يهمك !!
_ حامل بحفيدي
قالتها بجدية صارمة مما جعل الجميع يرتعبوا خوفًا بعد كلمتها فهى لن تتساهل مع خاطفها أو معهم إذا فشلوا ثم أشارت إلى "رزان" التى قدمت لهم صور لـ "عفيفي" وقالت:-
_ دا اللى خاطفها، معاك ساعتين زمن
_ دكتورة منضحكش على بعض الساعتين مش هنلحق نراقب فيهم حتى خطواته، أديني لأخر اليوم لكن فى المقابل أوعدك برقبتي أنها ترجع حية من غير ما يمسها طفرة أو أذي
تنهدت "نورهان" بهدوء شديد تفكير فى حديثه بصمت أفزع الجميع فطالما كان صمتها جحيمًا وحده، أومأت إليه بنعم ثم قالت بجدية:-
_ معاك لأخر الليل بس هعوز منك حاجة تانية كمان
نظر الرجل إليها بهدوء مُنتظر ضربتها القادم فطالما جاءت إليه ستسعى للأنتقام وحرق أحدهما وسحبه للجحيم فتبسمت "نورهان" بمكر شيطانية لا يليق بوجهها الملاكي الناعم....
________________________
وصل "غفران" إلى المخبأ الذي يخفي فيه "كندا" وكانت حزينة وشاحبة، جسدها هزيل وضعيفة جدًا، كان يستشيط غيظًا من أختطاف زوجته وحبيبة قلبه الذي يحترق بداخله وأوشك على التوقف عن النبض بسبب تعرضها للخطر وكونها بين يدي هذا الرجل المُختل، نظرت "كندا" إليه بذعر من قدومه وتسائلت هل حان الوقت كي يتخلص منها، جلس أمامها بوجه حاد لتسحب يديها إلى ركبتيها المُقيدة وقالت:-
_ خلاص هتقتلني
تمتمت بصوت هادئ أرعب أوتار قلبها وجعل الدم تتجمد فى أوردتها قائلًا:-
_ تفتكري يا كندا أنا اللى يتجرأ على مراتي ويفكر أنه يخطفها وهى حامل ممكن أعمل فيه اي؟
أبتلعت لعابها بصمت قاتل ألجمها فى مكانها وجعلها كالصنم فقالت بهدوء:-
_ مش هيكفيك أنك تقطعه وترمي لكلاب حراستك
تبسم بخباثة بسمة مُنكسرة لما يشعر به قلبه الآن بأختطاف زوجته المريضة وحملها سيقتلها وحده فماذا عن حادثة الأختطاف، أشار إلى رجاله ليذهبوا نحو "كندا" التى بدأت تصرخ بذعر وهم سيقتلوا الآن فقال بحزم:-
_ أقفلي بوقك لأني مانع نفسي عن موتك بالعافية
نظرت إلى الرجلين اللذان يمسكان يديها بخوف وقالت:-
_ أرجوك يا غفران، أمحينى أو أطردني من البلد، خد كل حاجة فى حياتي وأرميني فى الشارع أنا وبنتي بس متقتلنيش، أقسم بالله ما خُنتكِ، أنا عفيفي ضحك عليا وخدرني وحملت غصب قبل جوازنا لكن يشهد ربنا عليا أنى من يوم ما بقيت مراتك وأنا مخلصة لكَ
أقترب كالثور الهائج ومسك فك وجهها يحملق بها بغضب سافر وقال بعيني يتطاير منهم الشر:-
_ أستغفلتني ونسبتي بنت مش بنتي ليا، عشر سنين بتخدعيني
_ غصب عني أنا أكتشفت أنى حامل فى أسبوع فرحنا كنت هعمل أي؟
قالتها بحزن يمزقها لأشلاء من خطأ أرتكبته فى الماضي ولم يمحي أثره حتى الآن وحان وقت العقاب على ما مضى، كز على أسنانه لتسمع صوت صريره مما جعل جسدها يقشعر ونظراته الحادة تزيد من رُعبها، أستدار لكي يغادر المكان ورجالة يسحبونها معهم....
_______________________
كان "عفيفي" يجلس فى المصنع الخاص بوالده ليلًا ومعه "قُسم" التى تنتفض فزعًا وهى جالسة على المقعد الخشبي، حملق بها فى هدوء قبل أن يتحدث بكلماته السخيفة فقال بمكر:-
_ تعرفي أن حملك جه فى وقته
أبتلعت لعابها بلطف كي تخفي أثر خوفها منه بباطنها ولا يتمكن منها، تحدثت بنبرة:-
_ تعرف إنك متستحقش أنى أخاطر بجوازي وخاطر جوزي عشان خاطر بنتك وكندا
رفع حاجبه للأعلى بأستغراب شديد وسأل بحيرة:-
_ إنتِ شوفتيهم
ضحكت "قُسم" بسخرية منه ثم قالت بتهكم:-
_ طبعًا، كانت شبه بتموت فعلا نالا ظلمها الحقيقي أن واحد زيك هو أبوها
وقف من مكانه ليتقدم خطوة واحدة أمامها ولم يجرأ على تخطي الأخري حين أستوقفته بكلماتها الحاد الجريء:-
_ أوعي تفكر تقرب خطوة كمان، لتكون فاكرة أن لو لمست منى شعر ممكن غفران يقبل بمساوماتك القذرة
نظر "عفيفي" إليها وقال بحدة:-
_ واثقة في نفسك أوى؟!
تبسمت بشجاعة وقالت بتحدٍ ومكرٍ:-
_ واثقة في غفران
كز على اسنانه بأغتياظ قوى يكاد يفتك بعقله مما جعل "قُسم" تبتسم بثقة ورغم أختطافه لها لكنه ما زال يخشي ذكر أسم "غفران" الذي يُذكر أمامه، تأفف بضيق قوي حتى وصل زفيره إليها لتضع قدم على الأخر بأنتصار فقالت ببرود شديد:-
_ أتفضل أرتاح متتعبش نفسك بالوقفة، سلامتي مهمة أوى لضمان سلامة اللى ليك
جاء أحد الرجال إلى المكان مُسرعة وهمس فى أذنه قائلًا:-
_ غفران بيه وصل
هز رأسه بنعم ليُشير إليه بان يفتح له أبواب المصنع، فتح باب المصنع ودلفت سيارة "غفران" وخلفها سيارة حراسته الشخصية، فتح "عُمر" الباب الخلفي لأجل "غفران" الذي ترجل مُسرعًا يرمق فتاته المُبتسمة إليه رغم ما تتعرض له لكنها تبتسم بثقة تُطمنه عليها وتخمد نيران قلقه المُشتعلة بداخلها، تنهد "غفران" بأريحية لرؤيتها سالمة فقاطع نظراتهما الدافئة صوت "عفيفي" الذي سأل بقلق:-
_ هم فين؟
أشار "غفران" إلى "عُمر" الذي أشار إلى الرجال بدوره ففتح باب سيارة الحراسة وأخرجه "كندا" من الخلف مما أدهش "عفيفي" ونظر إلى بأشتياق وإمتنان كونها على قيد الحياة كل هذا الوقت، نظرت إلى وجهه بصدمة وهى لا تستوعب الأمر وسبب "غفران" فى إحضارها إلى "عفيفي" حتى وقع نظرها على "قُسم" المُقيدة فى المقعد لتفهم سبب سؤال "غفران" لها، أشار "عفيفي" لرجله بأن يفك "قُسم" فى نفس اللحظة التى كان بها الشرطة بالخارج ومن بين رجالة رجل شرطي يعمل لصالح "نورهان" وأرسل لها رسالة بأنه عثر على "قُسم" وشغل كاميرا هاتفه خلسًا لترى "نورهان" ما يحدث ومقايضة "غفران" "كندا" بزوجته مما جعلها تستشيط غيظًا لترسل رسالة إلى الرجل تأمر بقتل "كندا"، سأل "عفيفي" بضيق عن طفلته قائلًا:-
_ فين نالا؟
_ فى المستشفي تحت الأجهزة لو كنت جبتها معايا ورفعت الأجهزة عنها كانت ماتت
قالها بثقة وأخبره بموقع المستشفي ليدفع "قُسم" بخفة نحو زوجها فتقدمت إلى "غفران" بنفس اللحظة التى تقدمت فيها "كندا" إلى مُنتصف الطريق وقالت بذعر:-
_ لا، أنا مش عايزة أروح معاه
نظر "غفران" إليها بخباثة وقال بضيق:-
_ روحي متخافيش
_ أنت متتأمنش يا غفران فى غدرك
قالتها بثقة وهى تعلم أن هذا الحادث ليس النهاية ولا الهزيمة، بل "غفران" يخلص فتاته أولًا قبل أن يُعلن قنبلة غضبه عليهم، تبسم إليها بغرور وقال:-
_ العيب على راجلك اللى أخترتي عليه لو معرفش يحميكي مني
أخذ زوجته وتقدم نحو السيارة بينما جمعت "كندا" شجاعتها لتهرب منه، كانت تركض نحوه بسرعة جنونية خائفة من هذا الوحش الذي أختطفها دون رحمة منه فظهرت بسمة خافتة على شفتيه لأجل رؤيته لها عائدة إلى قلبه وذراعيه لكن لطالما كان للقدر رأي أخر يمزق القلوب حين تلاشت بسمته وأنتفض فزعًا عندما رأى هذه الرصاصة تخترق جسدها توقفها عن الركض وتسمرت مكانها أرضًا بجسدٍ مُتشنجٍ والدماء خرجت من فمها بغزارة فرفعت نظرها ترمقه وهو كالصنم جُمد مكانه من هول الصدمة ولم يقتل صدمته وتشنجه سوى سقوطها أرضًا أمام جثة هامدة بعد أن قُتلت أمام عينيه كأن القدر يُعاقبه على أفعاله القذر برؤيته لحبيبته تُقتل أمامه وهو عاجزًا لا يقوى على أنقاذها
سار "غفران" بها يحيطها بذراعه ويساندها إلى سيارته بطمأنينة عليها ليرى رجال الشرطة تقتحم المكان وسمع صوت إطلاق نار فضم "قُسم" إلى صدره يخفيها عن الأنظار وألتف رجاله حوله يحموه من الغدر القادم ليُصدم عندما رأى "كندا" تسقط على الأرض غارقة فى دمائها، فزعت "قُسم" مما رأته وتشبثت بزوجها من الخوف فى حين أن "عفيفي" سحب سلاحه بوجع أحرق قلبه الآن وأوشك أن يصوب على "غفران" و"قُسم" تحت أنظار رجال الشرطة الذين يبحثون عن الفاعل الذي تجرأ على الضغط على الزناد وأشعال النار بينهما، تحدث ضابط الشرطة بغضب شديد:-
_ أرمي سلاحك وسلم نفسك
نظر إلى "كندا" التى فارقت الحياة للتو فور تلقيها للرصاصة بحزن شديد والوجع يمزقه الآن خصيصًا برؤيته لـ "غفران" مُنتصرًا بعودة حبيبته سالمة فى هذه الحرب ليصوب عليه بغضب ناري وأوشك على قتله حقًا وأطلق رصاصته ليتلقاها رجل الأمن فى اللحظة التى صوب عليه رجل الشرطة يقتله فى الحال...
نُقل إلى المستشفي فأمر" غفران" رجاله بأن يحضروا "نالا" إلى نفس المستشفي فأحضرها "عُمر" لتُجرى جراحتها أثناء جراحة "عفيفي" بالأكراه وبدون علم "داغر" ....
_______________________
[[ قصــــــــر الحـــديــدي ]]
تنهد "غفران" بأريحية وسأل بجدية:-
_ يعنى العملية تمت على خير
أومأ إليه "عُمر" بنعم ثم قال بسعادة تغمره:-
_ أه الدكاترة طمنونا على نالا وقالوا أن العملية مفيهاش أى مخاطر عليها ونسبة نجاحها كبيرة جدًا ما دام حصلت على التبرع المطلوب
نظر "غفران" إلى زوجته التى تجلس جواره على الفراش تستمع لصوت "عُمر" بأريحية وطمأنينة من مكبر الصوت، تبسمت بسعادة وقالت:-
_ شكرًا
تبسم "غفران" على بسمتها وهمستها الدافئة بينما تشكره على أستجابته لطلبها بإنقاذ "نالا" كونها طفلة لا تعرف شيء عما بدر من والدتها، ألقي بالهاتف جانبٍ وقال بحزم بينما يقترب أكثر منها:-
_ أقفل يا عُمر
تعجب "عٌمر" لطلبه ونبرة صوته فقال بهدوء:-
_ أيوة يعنى أسيبها فى نفس المستشفي ولا.....
توقف عن الحديث عندما سمع صوت قبلته فى الهاتف ودلال زوجته المشاكسة تقول:-
_غفران... لا يا غفران عيب ..
أغلق الهاتف سريعًا وهو يبتلع لعابه بحرج، صرخت "قُسم" به برقة مُفرطة:-
_ أتلم يا غفران
حملق بوجهها عن قرب ويده اليمنى تداعب وجنتها الناعمة بألمه وقال:-
_ طلعتلي منين يا قُسم؟
ضحكت وهو يحاصرها فى الفراش ثم قالت بدلال:-
_ من الأرض ... لا نزلتلك من فوق ...لا تفتكر طلعتلك منين ؟
رمق عينيها الخضراء بهيام وقال بنبرة خافتة جدًا:-
_ أنا هائم فى عيونك الخضراء دى، سحرينى من أول نظرة، خطفوني من أرضي وغروري من النظرة الأولى.. عملتيها أزاى يا قُسم؟، أزاى طول الوقت كنتِ استثناء عن الكل
كان يسألها لم وجهها الوحيد الذي يستطيع رؤيته بوضوح فى حين أنه لم يستطيع رؤية أحد من قبل، أجابته بعفوية وهى لا تفهم شيء عن هذا الحديث:-
_ يمكن لأنك حبتني من النظرة الأولى
هز رأسه بنعم ووضع رأسه على كتفه يغرق فى نومه الهادئ بين ذراعيها مُستسلمًا لهذا السلام والآمان الذي يشعر بهما بجوارها فتبسمت عليه وطوقته بذراعيها ويديها تمسح على رأسه بأصابعها التى تتغلغل بين خصلات شعره الناعم بكثافته الجاذبة .......
_______________________
ضحكت "نورهان" بشدة على جراءة هذا الرجل الذي توقع أنه يستطيع أن يقف أمامها، قدمت عشرات الحقائب المليئة بالمال لرجالها فى الصحراوي على قتل "كندا" و"عفيفى" ثم خرجت من المكان مُبتسمة وقالت:-
_ رزان
نظرت "رزان" إليها بهدوء مُنتظرة الحديث فقالت "نورهان" بجدية صارمة:-
_ بكرة الصبح تبعتي لداغر تحذريه أن الأسهم اللى أبنه أشتراها فى شركة غفران ترجع وألا هيندم
أومأت "رزان" إليها بنعم فتبسمت "نورهان" بلطف وقالت:-
_ ما عاش ولا كان اللى يمس شعرة من ولادي
تبسمت "رزان" برسمية وقالت:-
_ متقلقيش حضرتك
صعدت إلى سيارتها كى تعود إلى شركتها وفور دخولها إلى المكتب وجدت السكرتيرة تخبرها بقدوم "يحيي" رئيس المباحث وظل ينتظرها والآن ترجل إلى الكافيتريا الخاصة بالشركة لطلب القهوة وسيعود، تنهدت بهدوء وقالت بحزم:-
_ لما يجي دخليه على طول يا رزان لما نشوف أخرتها معاه وكأنه مبيخافش ولا عنده اللى يخاف عليه
_ لا
قالها "يحيي" الذي يقف وراءها وقد أستمع لحديثها، أستدارت إليه لتراه يقف بفوضويته ويحمل فى يده كوب القهوة الورقي، نظرت إليه بأشمئزاز من هيئته وقالت:-
_ دخليه يا رزان
ولجت إلى مكتبه بغرور فدخل خلفها بينما يقول إلى "رزان" :-
_ أنا بسمع وبمشي لوحدي، مش فاهم أى دخليه دى
ولج إلى المكتب ليرى تجلس على مقعدها بكبرياء وبرود شديد، تحدث بأنبهار:-
_ وووواااو مكتب مُدهش
_معتقدش أنك تعبت نفسك وجت لحد هنا عشان تديني رأيك فى المكتب، خير لأن معنديش وقت
قالتها "نورهان" بنبرة ساخطة فجلس على المقعد المقابل إلى مكتبها وسأل:-
_ حضرتك تبقي حماة أنس مش كدة
_ حماة!!
قالتها بأشمئزاز وأزدراء من طريقته وقالت بوجه عابس:-
_ ناقص تقول خالة... أه وبعدين
ضحك عليها وأرتشف رشفة من قهوته صادرٍ صوتٍ من فمه يزعجها أكثر فتأففت بضيق شديد وقالت:-
_ يا ريت يا حضرة الضابط تنجز لأني معنديش وقت
_ معرفتيش أن أنس حالته الصحية صعبة وأتعرض على مستشفي أمراض نفسية بسبب وفأة مراته
قالها بخباثة شديد لتبتسم "نورهان" ببرود ثم سألت بجدية:-
_ تفتكر كوني حماته زى ما حضرتك ما قُلت وأكتشفت أنه أتجوز على بنتي وكسر قلبها وبسبب أنه كان سايبها فى البيت لوحدها أجهضت وملاقتش اللى ينجدها هى وابنها هيفرق معايا حالته هو أو مراته
_ لا، بس مش ممكن يفرق معاكِ تنتقمي لكسرة قلب بنتكِ
قالها بمكر لتقترب "نورهان" من مكتبها وتتكئ عليه بذراعيها حاقدة بوجه "يحيي" بثبات أنفعالي قائلة:-
_ أنتقم أي أكتر من سجنه وخسارته لابنه وموت مراته... تفتكر باقي له حاجة أنتقم منه فيها يا حضرة الضابط... دا واحد القدر عاقبه على خيانته يوم ما مات ابن بنتي فى بطنها من قبل ما يتولد وبموت مراته اللى خان بنتي معاها وكمل عليه لما خد عمره منه.. مبقالهوش حاجة أخدها منه
تبسم "يحيي" بهدوء ثم نظر إلى "نورهان" وهو يقترب من المكتب وقال:-
_ مش جايز دا أنتقامك
قهقهت ضاحكة بسخرية على كلماته وكأنه ينتظر منها أن تخبره أنها القاتلة أو المجرمة مثلًا، رن هاتفه وكان "عاصي" الذي قال بذعر:-
_ أنس انتحر
اتسعت عيني "يحيي" على مصراعيها بصدمة ألجمته بينما ظهر الخباثة على وجه "نورهان" التى تبسمت كالشيطان كأنها تخبره الآن أن هذا هو أنتقامها الحقيقي وعادت بظهرها للخلف تسترخى ثم قالت بجدية:-
_ روح يا حضرة الضابط.. روح شوف لأن من الواضح أن عندك شغل كثير وكمان أنا مش فاضية لكَ
خرج من المكتب مصدومًا وبداخله شيء من اليقين أن هذا من فعل "نورهان" التى تبسمت من تعابير وجهه وقالت مُتمتمة:-
_ كأن لازم يحسبها ألف مرة قبل ما يكون خصمي .....
_________________________
[[ قصـــــــــــر الحــديـــدي ]]
ترجل "غفران" من الأعلى بوجه غاضب صارخًا بها:-
_ هتنزليه يا قُسم
صرخت ببكاء وعينيها تتلألأ بهما الدموع الغزيرة قائلة:-
_لا يا غفران، أنا مش هقتل أبني بأيدي
_ أفهمي الحمل فيه خطر على حياتك وأنا مش هجازف بيكِ عشان خاطر طفل
قالها بغضب يحتله الخوف عليها وقلبه لا يقوى على العيش بدونها فجهشت باكية بأنهيار والعناد يتملكها، هتفت بتحدٍ أكثر:-
_ ماليش دعوة أنا مش هنزله، خليه وأنا هخلى بالي من صحتي ومنه لأن حرام تقتله
_ دا مش حرام، دا بأمر الدكاترة
قالها بصراخ أكثر ليخرج الخدم على صوته بينما "قُسم" كانت اكثر عنادًا مع صراخه المتزايد فقالت بخنق:-
_ بردو لا، ولو فكرت تعملي العملية غصب أقسم بالله ما هتشوف وشي بعدها أنت فاهم
_ يا قُسم أنا ....
أبتلع كلماته حين شعر بألم فى رأسه شديد وصفارة تلازم أذنيه ليرفع يده يضعها على جبينه من الألم فأقتربت منه بقلق وسألت بتلعثم:-
_ غفران أنت كويس؟
_ أبعدي عني
قالها بتلعثم وتكاد كلماته تخرج من فمه فشعر بدوران يُصيب عقله حتى سقط أرضًا فاقدًا للوعي فصرخت "قُسم" بذعر عليه وركضت الخادمة للخارج تحضر رجاله، حملت رأسه بين ذراعيه وهى تجلس أرضًا جواره:-
_ غفران، غفران رد عليا...
لم يستجيب إليها فأخذه "عُمر" ورجاله إلى المستشفي وحُجر فى غرفة العناية المركزة، نظر "عُمر" إلى الأشعة الموجودة مع الطبيب ويستمع جيدًا إليه بينما يقول:-
_ الورم دا لازم يتشال لأنه هيأثر على الجهاز البصرية
أتسعت عيني "قُسم" على مصراعيها وهى تستمع لحديثه والورم الموجود برأس زوجها فقالت بتلعثم:-
_ الورم دا ظهر فجأة، غفران مشتكاش من أى حاجة
نظر الطبيب إلى وجهها هى و"عُمر" الذي يقف صامتًا بهدوء فى حالة من الصدمة وقال:-
_ لا، مستحيل يكون ظهر فجأة، منطقة التلفيف المغزلي متضررًا بشكل جامد جدًا
_ يعنى أى أنا مش فاهمة حاجة
قالتها بعيني باكية وصدمة تحتلها مما تسمعه فقال الطبيب بحزم:-
_ منطقة التلفيف المغزلى دى مسئولة عن التعرف على الوجوه وكونها مُتضررًا بالشكل دا عند غفران بيه يعنى أنه عنده عمي وجوه ومستحيل يكون قادر على التعرف على وجوه الأشخاص الموجودين قصاده
أتسعت عيني "قُسم" على مصراعيها من هول الصدمة التى حلت بها وهى لا تستوعب ما تسمعه عنه وكيف يكون مُصاب بهذا المرض العجيب، زاد الصدمة صوت "نورهان" التى تلعثمت فى الحديث قائلة:-
_ أنت بتقول أي؟
ألتف "عُمر" إليها بصدمة أكبر من قدومها وكيف سيواجه "غفران" الآن بعد كشف سره الوحيد، انهارت "قُسم" من البكاء وجلست "نورهان" تستمع إلى تشخيص الطبيب إلى مرض أبنها فنظرت إلى "عٌمر" بغضب سافر من إخفاء مرض أبنها عليها، كان "عُمر" مرعوبًا من معرفتها بسر "غفران" فربما يتخطي عن معرفة "قُسم" لكن "نورهان" التى تسببت له بهذا المرض فبالنسبة إلى "غفران" يعرف العالم أجمع عن مرضه لكن "نورهان" والدته لا، كيف ستحمل عواقب ما حدث عندما يستعد "غفران" وعيه ...............