
رواية حصونه المهلكة
الفصل الخامس عشر 15 والسادس عشر 16
بقلم شيماء الجندي
واقف أمام باب الجناح الخاص بها منذ أكثر من عشر دقائق كلما هم بطرق الباب تراجع ، مرت لحظات ليحزم بها أمره و يرفع يده يطرقه بتهذيب و وقف يتنفس بتمهل منتظراً إجابتها و هو ينظر بساعته متحرجاً من ذلك الوقت الباكر !
انفتح الباب و هي تفرك عينيها الناعسه و تهمس بحنق و صوت متحشرج يحمل آثار نومها :
لسه بدري ياتيم علي المقابله احفظ المواعيد بقي
لم تتلقي اجابه لتفتح عينيها جيداً و تتطلع إليه بأعين متسعه ثم إلى اتجاه عينيه علي جسدها الفاتن بتلك المنامه الورديه الغير مهندمه بالمره
صفعت الباب مسرعه بوجهه ليكتم ضحكاته بصعوبه و يطرق الباب مره أخرى برفق قائلاً بصوت رخيم متعقل بعد أن تحكم بنبرته بصعوبه حتي لا يحمل أثر ضحكته المكتومه :
انا كنت جاي اتكلم معاك في حاجه ضرورية ، تخص ندى ؟!!
قال باقي جملته بصوت خفيض بعض الشيئ فهو علي علم بمدي بغضها له و لشقيقته التي خضعت للعلاج النفسى منذ أكثر من شهر و هو يتابعها و يبيت معها أحياناً بالمشفي بعد أن رفضت العوده إلى القصر وأصرت على مكوثها هناك وحدها ...
فتحت الباب و أمارات الغضب ترتسم ببراعه علي وجهها الصغير لتعقد حاجبيها وتردف بنبره لاذعه بعد أن تمكنت من ضبط هيئة ملابسها و إخفاء جسدها جيداً :
تخص ندی ، حاجه معايا انااا و تخص أختك مفيش أي كلام بيني و بينك لا عنها و لا عن غيرها و لا انتوا الاتنين تهموني أصلا !!!!
كادت تصفع الباب مره أخرى بعد أن أفضت ما في جعبتها من كره و بغض بوجهه كعادتها معه حين تتلقي أقل كلمات منه
رفع يده و أمسك الباب و هو يقول بهدوء مانعاً إغلاقها إياه :
- أنا عارف كل ده يا أسيف بس الدكتور هو اللى طلب م.....
قطعت كلماته تصرخ به بعنف ادهشه واجفله :
- قولتلك متقولش اسمي علي لسااانك ميت مره !!!!
اشعلت فتيل غضبه و نفذ صبره من تلك الكلمات التي حفظها و طرق بقبضته أعلى الباب بعنف فشل أن يتحكم به صارخاً بها بصوت صارم :
- عااايزاااني اقولك ايييه يعني مش ده اسمك ؟!!
انتفضت من فعلته و حدقت به بأعين قلقه حين بدأ يستخدم قوته الجسمانية معها وخرجت من الجناح تقف بالردهه أمامه بحركه استعداديه للإستغاثه ، فهم على الفور مدي خوفها ليشعر بمدي خسته حين امتدت يده إليها بسوء لا يكفيه شعوره القاتل بالذنب و الندم لتأتى و تكمل عليه بأقل ايماءه منها !!!
عاد خطوه للخلف ثم قال محاولاً استحضار هدوء معها :
طيب انا جاي و عاوز مساعده منك في علاج ندى ...
ضيقت عينيها تطالعه بغضب ليكمل و هو يفرك خصلاته و قد بدأ شعور القلق ينتابه حيال رفضها :
انا عارف إنك بتكرهينا و مش طايقانا بس أنت مش زينا يااأ ... يا بنت عمى !
تعمد أن يتلاشى ذكر اسمها حتي لا يُثير حنقها و يذكرها بصله القرابه بينهم علها ترأف بشقيقته نظرت إليه لحظات بملامح جامده ثم دارت بعينيها باتجاهات مختلفه و حمحمت بتوتر طفيف و قد تغلبت براءتها على حنقها و همست :
مساعده من أي نوع يعني !!
الله الله
تحكم بابتسامته لبراءتها الجميله بصعوبه و أردف و هو يتنهد بهدوء :
36
- الدكتور عاوز يتكلم معاك شويه عشان يعرف تفاصيل عنها أكثر لأنها مش مستجيبه لأي تواصل
عضت علي شفتيها و اردفت بحزن و هی تزيح خصلاتها المبعثره بإهمال خلف أذنها :
شهر كامل و لسه ما اتكلمتش معاكم ! طيب و أنا اقدر اساعده في ايه !!! أنا اخر واحده ممكن تعرف ندی
فهم كلماتها الحزينه علي الفور وأردف باعتذار و هو يفرك خصلاته :
أنا كنت متردد جدا اجيلك و لحد دلوقت حاسس إنى مليش حق اطلب منك ده دكتور ندى قالي إنه هيسألك شويه اسئله مش أكثر و إنك آخر أمل لينا لأنك كنت قريبه منها و عارفه طفولتها عني ، انا ... انا مليش حق اطلب أى حاجه منك بس أنت آخر أمل ليا في علاج أختى هستني تحت لو هتوافقي تقدمي مساعده لينا طبعا ....
ثم ولي عنها بهدوء تاركاً إياها بصراعها الحاد مع نفسها قد عاهدت نفسها أن تطوى صفحتهم إلى الأبد ، تحاول أن تتجنبهم ، تحاول أن تبدأ من جديد حياه سويه كما عاهدت شقيقها و "يزيد" .. ااه من يزيد و اختفاؤه الغريب عليها منذ لقاء المشفي و مراسلته لها علي إحدى مواقع التواصل أنه سوف يذهب بمؤتمر للخارج و لم يحادثها منذ ذاك الحين !!! نفضت رأسها من أفكارها المشتته و هي تلعن صله القرابه و الدم فيما بينهم هي تبتعد و تنأى عنهم بكل الطرق لكنهم لم و لن يتركوها ابدااا
*صباح ايه و زفت إيه انتوا خليتوا فيها صباح في القصر الهباب على دماغكوا ده حتي أنتِ ياملاااك بتعملي زيهم !!!
صرخ بها "نائل" فور أن فتح باب جناحه بعد طرقاتها العديده الصاخبه و إصرارها على ايقاظه لتبتسم فور أن فتح الباب بسخافه و تلقي تحيه الصباح مستنده إلي إطار الباب تستمع إلي سيل كلماته الغاضبه ثم تنهدت تقول بهدوء :
- البس بسرعه رايحين المستشفي ...
اتسعت عيناه و أمسك كتفيها يصرخ بها :
- جدك مات !!
هزت رأسها بالسلب توبخه بعنف :
- ايه يابني آدم أنت لا جدو بخير و بيفطر تحت
هزها و أكمل :
- يبقي عمتك !!!! لا لا ابوياااا انا كنت حااسس من نظراته ليا امبارح بليل !!
ضربت يديه عنها و أمسكت تلابيب تيشيرته تقول بغضب:
ناااااائل اصحاااا يابا ابااا متعصبنيش بقولك جدك بيفطر تقولي أبوك و عمتك ماتوا أنت أهبل !!!
رفع إحدي حاجبيه و أردف باندهاش :
اومال مین دخل المستشفى !!
تأففت بغضب و قلبت عينيها تقول بهدوء :
رايحين لندي يا نائل اخلص بقااا البس و أنا مستنياك عند تيم ...
تركته بحيرته و اندهاشه و سارت إلى غرفه أخيها تقص عليه ما تنوي فعله و تستمع إلى رأيه فهو لا يحادثها ابدااا بأمر ندي منذ أن مات الجنين
جلست أعلى الأريكة تنتظر رده فعله علي ما ألقته على مسامعه للتو ليزفر أنفاسه بارهاق ويرفع يديه يفرك وجهه بارهاق و هو يقول :
انا مش عارف أقول إيه يا أسيف أنا منكرش إني خايف عليك جدا لكن أنا مربتكيش أنك ترفضى مساعده حتي لو شخص ما يستاهلش ، أنت بتتصرفي صح ياقلب أخوك بس خلي بالك من نفسك اتقفنا ؟!!
بللت شفتيها و هي تهمس له بتوتر :
- تیم عاوزه اسألك سؤال و مش هتزعل منى !!
اتجه إليها يجلس بجانبها محيطاً كتفيها يقبل خصلاتها برفق هامسا لها
اتجه إليها يجلس بجانبها محيطاً كتفيها يقبل خصلاتها برفق هامسا لها بلطف أخوى محبب لقلبها :
و أنا من أمتى بزعل منك يا أسيف ، أنا ازعل من الدنيا كلها إلا انت
ابتسمت له و قالت وهي تنتقي كلماتها بحذر :
- هو أنت مش هتروح لندى خالص !!! يعني مش حاسس إنك عاوزه تشوفها ؟!
عقد حاجبيه و توترت ملامحه و بدأت وتيره أنفاسه الهادئه بالاضطراب لقد أصبحت مشاعره ناحيتها مختلطه للغايه أردف بخشونه و غضب طفيف و هو يضغط على كتفيها لاشعورياً :
هو أنا مطلوب مني أحبها بعد كل اللى حصل يا أسيف و بعد ما عرفت إنها حاولت تقتلك !!
جز علي أسنانه و قال من بينها بعنف و هو ينظر داخل عينى شقيقته قائلاً :
انا لولا حالتها حقيقي كنت دفنتها علي اللى كانت ناويه تعمله
اتسعت أعينها و هر تري وجه شديد الغضب لأخيها عاجزه عن مشاركته مشاعره لأول مره و همست بدهشه :
للدرجه دي بقيت تكرهها ؟!!
وقف مبتعدا عنها بخطوات غاضبه و جسد متشنج يُعطيها ظهره قائلاً بعنف :
مين يقدر يحب اللي بياذيه يا أسيف ، تعرفي إنى كنت محتار هعمل ايه في ابني منها و كنت بتمني يموت قبل ما ييجي و يبقي نسخه منهم و اقتله بايدي !!!
شهقت بصدمه من أفكار أخيها وحدقت به بوجه مشدوه ليلتفت لها و يتجه إليها مره أخرى بخطوات واسعه و كأنه كان ينتظر تلك الكلمات ليهدر و هو يمسك كتفيها
- غصب عنيييي ... غضب عنيييي يا أسيف أنت اغلى من أي حد عندي أنا مربيكي بنفسي أنتِ بنتي عارفه يعني ايه اب يشوف بنته بتموت قصاد عينيه و بتروح منه !!!! عارفه ايه احساسي و أنت جسمك غرقان دم و بتقفلي عينيك بتودعيني بيهم !!!! عارفه أنا كنت بموت كام مره و حاسس إنى مش راجل و استغليتك ؟!! أنا أكثر واحد كنت استاهل عقاب يا أسيف أنا اللي فرطت فيك و بنيت سعادتي علي حساب حيااااتك !!!
بدأت الدموع تنسل من مقلتيه و هي سبقته بذلك لحالته الغريبه عليها الحزينه أعينه الشاردة الدامعه انكساره الذي رأته لأول مره بذلك الرجل القوي ذلك الأب الرائع و الاخ الحنون اكمل و قد بدأ صوته يخالطه بكاء خفيف :
- أنا كنت بحاول مع نفسي يا أسيف ، كنت بقول دي ندى اللي أنت حبيتها سنين و اتجوزتها ، كنت بخرج لها أعذار كل يوم و اقول عشان اتربت منغير اب و أم و حتى أخوها كان بعيد عنها ، كنت بقول حرام عاملها زي أسيف لو أسيف مكانها هترضى تفضل تعيط علي واحد بتحبه كده ! كل يوم كنت بفكر في كل ده ، كنت بقول هر بيها فتره و اردها ، و بعدها اقول هتکررها و خاف على أختك منها ، و بعدها اقول اتعلمت درسها
>ترك شقيقته و ألقى بثقله فوق الأريكة يصرخ بها و هو يدس يديه بخصلاته ضاغطاً علي رأسه بعنف :
اناااا مغفل يا ا أسيف انا كنت بمووت و انا بفتكر إنها بتتفق مع أخوها و تيجي تنام في حضني آخر الليل ، انا مش راااجل بالنسبه ليها لو كانت خافت من زعلي حتي مكنتش عملت كده ، أنا بالنسبه لندي كنت لعبه عجبتها و حبت تأخذها ليهاا لوحدها ، أنا ابني مااات بسبب انانيه امه يا أسيف مكنتش عااايزه يموت كنت بفكر في كل الحلول قولت ها اخد حضانته و أضمه ليا ، قولت هربيه أنا وأنتِ بعيد عنها ، قولت و قولتتتت بس أنا مش بنفذ و مليش قرار هي اللي قررت وقتلته و قتلت اي ذره ندم جوايا
رفع أعينه الحمراء الباكيه يقول بحزن :
- أنا مش بكرهها يا أسيف ، أنا بكره نفسي وخايف تكرهيني أنت کمان
هبطت بجسدها تجلس فوق يد الأريكة و احتضنت رأسه علي الفور تقبل خصلاته عده مرات متتالية و هي تبكي معه و لأجله تتبدل يديها الصغيره علي كتفه و رأسه و هي تهمس له :
- مقدرش اكرهك ياقلب أسيف ، حقك عليا أنا اسفه
شددت من احتضانها لرأسه ليحيط جسدها و يدفن رأسه بعنف و هو يبزيد من وتيره بكائه باحضانها البريئه مشدداً من يديه حول جسدها و هي تفعل المثل وعقلها يعمل بفكره واحده كيف تنزع ذلك الحزن من قلبه ، لقد عانى أخيها لأشهر بصمت تام لأجلها وها هو المسكين يجني ثمار صمته بانهياره داخل أحضان تلك الحانيه البريئه ظلا هكذا فتره هو يبكى بدموع مع
>الوقت أصبحت صامته و هى تربت علي جسده و تقبله تهون عليه بكلمات بريئه مثلها تماماً ، ثم أغمضت عينيها و هي تكاد تجزم داخلها أن أخيها قد بني حصونه المنيعه ناحيه إبنه العم و انتهى الأمر ، و لكنها ليست حصون عاديه ، بل حصون مهلكه !!!!!!! لى دخيل
سحب "نائل" جسده و هو يزيل دموعه بحرج بعد أن رأى انهيار صديقه الحميم و ابن العم بأحضان شقيقته ، لم يتدخل تاركاً مساحه من الخصوصيه لهم وانتظر بعيداً حتي يتمكن من استجماع نفسه مره أخرى و الذهاب لمرافقه ابنه عمه بتلك الزياره الكريهه التي أصبحت الآن أشد بغضا إليه و هو يبتسم سراً لقوه ابنه عمه التى ظنها الجميع هشه ضعيفه ها هي تثبت قوتها بأفعال ليست أقوال مثل تلك المريضه
*
جلست "ندى" فوق الفراش و دموعها خير رفيق لها منذ شهر کامل حاله من الجمود سيطرت عليها بعد تعرضها لذلك التعنيف الجسدي من تلك النسوه اللاتي تسببن بخسارتها الفادحه ، لقد فقدت روحها ، فقدت صغيرها قد بدأت تشعر به داخل احشائها منذ فتره صغيره تشبق ذاك الحادث المروع كم هو مؤلم ذاك الشعور ، من يشفي لهيب قلبها الآن !!!!!
ذاك التعويض عن أبيه قد كانت تنتظره بفارغ الصبر ثمنى نفسها بأيام قادمه معه و مع أبيه !!! و اااه من أبيه الخائن للمحبه طاعن قلبها ، قاسي القلب المتجبر ، أين وعوده بالمحبه و البقاء ، أين هو !!! لقد طال انتظارها لسراب و وهم
تنهد الطبيب المكلف بحالتها و همس لأسيف التي جاورته تراقبها من الزجاج بحزن :
ايه رأيك ! هتساعديني !!
أغمضت عينيها بهدوء و هزت رأسها بالايجاب و هي تهمس :
- مطلوب ايه مني مش فاهمه ؟!!
تحرك الطبيب وهو يشير إليهم بتهذيب للدخول مكتبه وقال بنبره هادئه :
شوفي يا مدام أسيف ، انا مش محتاج منك كتير بس عاوز اعرف إيه سر العداوة بينكم المفاجأة دي بعد ما كنتم صحاب جدا و تفاصيل معامله ندي و أمتى اتغيرت معاك و أخوك. جوزها ليه مازارهاش ابداا ، أنا عرفت ان بينهم مشاكل لكن معقول القسوه توصل للدرجه دى !!
عقدت "أسيف" حاجبيها و نظرت له بغضب ليعالج "نائل" الكلمات مسرعاً و هو يردف بنبره تحذيريه للطبيب :
- دكتور من فضلك المشاكل بينهم صعبه شويه ، تیم ابعد ما يكون عن القسوه وصدقني لو عرف إنك هتحتاجه في علاجها مش هيتأخر .
هز الطبيب رأسه بتفهم و هو يبتسم بتحرج إلى تلك الجميله الجالسه تحدق به بنظرات شبه مشتعله و كأنه أخطأ بأحد الأولياء الصالحين
همس بتكلف و هو يعتدل بمقعده قليلاً :
- تمام هسألك كام سؤال النهارده بس مجرد ما يحصل تطور ف الحاله و ده اللى انا معتقده بنسبه كبيره هضطر اطلب مساعدتك تاني
تنهدت بهدوء و هي تعدل خصلاتها تهز رأسها بالإيجاب بهدوء تا ام
*
جلس بالسيارة يتأفف كل ثانيه تمر عليه ناظراً إلى المشفى منتظراً خروجها بأي لحظه و ها هي تطل عليه هي و ابن عمهم السخيف الذي أصر على مرافقتهم و هى استقبلت ذلك بصدر رحب بل من الواضح أنه باتفاق مسبق معهاا ...
ترجل من السياره يتقدم نحوهم و هو يقول بهدوء محادثا إياها :
- خلاص كده ؟!! محصلش حاجه !!
رد عليه "نائل" باندهاش :
- و أنت مستني ايه يحصل يعالجها قصادنا يعني ، سأل كام سؤال و خد اجابه و خلاص !!
نظر إليه "فهد" شزرا و كاد يوبخه علي تدخله السخيف لكن ارتفع رنين هاتف "أسيف" لتجيب بلهفه ادهشته .. :
- يزيد !!!! أنت رجعتتت !!!!
نبرتها الحماسيه جعلته يعقد حاجبيه بغضب و قد بدأ فتيل غضبه الغير مبرر يشتعل داخله ليسمعها تردف بصوت واضح و حماس شدید :
يا اريت يا يزيد أنا ساعه بالظبط و أبقى في القصر هستناك !!
حمد ربه أنه يرتدي نظارته الشمسيه القائمه و إلا افتضح أمر نظراته الغاضبه المحتقره لذلك الشخص الذي يمثل الكوارث الكونيه لديه تواجده بأى مكان يُقلقه للغايه ، لكن لم يخفي ذلك عن "نائل" الذي طالع الأمر بابتسامه ملتويه و أردف بحماس مماثل لها فور أن انهت المكالمه :
- يزيد ده اللي جاي معقوله ! ده كان لسه امبارح بيكلمني من برا !!
ضحكت و هی تردف بأعين تشع بهجه :
اه هو أصلا لسه راجع من المطار قالى هياخد شاور و ينزل علي طول يجيلى ، يلا يلااا و اكملك في الطريق إحنا مأخرين اصلاا !!!
حدق بهم باشتعال واضح و أردف بسخط :
- هو إيه ده اللي يجى القصر ده ميعاد زياره ده و بعدين بيعزم نفسه عندنا ازاي !!
رفعت "أسيف" إحدي حاجبيها و زمت شفتيها ليغمض "نائل" عينيه يشيح بوجهه عنه مستنكراً تسرعه بالحديث ثم جز على أسنانه قبل أن تندفع "أسيف" بكلمات غاضبه نحوه و قال مسرعاً :
- يزيد مش غريب يافهد أنت بس متعرفوش أوي ده صاحبنا أنا و تيم من زمان أصلا و شبه متربي معانا و كده و جدو كمان بيحب زياراته ... يلا يلا عشان منتأخرش عليه
ضم قبضتيه بعنف و هو يحدق بها بتعجب و بنظراتها الغاضبه
ضم قبضتيه بعنف و هو يحدق بها بتعجب و بنظراتها الغاضبه المستنكره كلماته عن ذاك التافه شبيه الأطباء ثم تركها تعبر من أمامه مسرعه و هي تكمل حديثها الحماسي إلي "نائل" عن بطولات "يزيد " التي يختصها هي بالتحديد ليعرضها عليها و طوال الطريق تجلس بالأريكة الخلفيه و تثرثر عنه مع ذاك الغبى الجالس بجانبه مشاركاً إياها حماسها متابعاً اتفاقاتهم معا عن يومهم الذي اقسم داخله أنه سوف يحول لونه الوردي إلى أسود قاتم بأنظارهم جميعاً
🫂🫂🫂🫂🫂🫂
لأول مره يشعر بذاك الغضب ناحيه شخص مثالی که "یزید" ، شخص ودود متعقل يحادث الجميع بلطف يوزع ابتسامات خاصه لتلك التي تجلس بجانب شقيقها تقص عليه ما أخبرها به ذلك الطبيب النفسى المرح و تشيد بثقافته المتسعه و تجوله بالمؤتمرات العالميه ، جلسه سيئه ممله مليئه بالأحاديث الكريهه زفر أنفاسه بغضب ملحوظ لم يستطع كتمانه لفت جميع الأنظار إليه ، لكن كان تركيزه كله مع نظراتها هي تلك النظرات التي اشتعلت بغضب ناحيته أثارت غضبه أكثر ناحيتهم ليقول بهدوء حين صمتت الأحاديث الوديه :
انا بقول يزيد أكيد جعان و الأكل اتأخر .
وافقته عمته الرأي و هي تبتسم إليه بود و مكر غامزه باحدي
عينيها إليه سرا و استقامت تقول بود ملحوظ :
- عندك حق يا حبيبي فعلا الغدا أتأخر النهارده أسفين يا ايزيد
ابتسم لها "يزيد" و هو يومئ بهدوء و لطف قائلاً بصوت رخيم و نظراته تعود إلى تلك الفاتنه :
- و لا يهمكم أنا اصلا مش جعان أنا كنت جاي اقعد مع أسيف شويه لأني معرفتش اتواصل معاها الفتره اللي فاتت
ابتسمت له بهدوء كعادتها لتبتلع "سمر" رمقها و هي تحدق بقبضه ابن اخيها التي تشتد لتبرز عروقه و قد اعتدل جسده بوضع هجومی واضح فقالت بصوت واضح و هي تمد يدها برقه إلى ابنه أخيها :
أسيف حبيبتي تعالي معايا نشوفهم سوا
شعوره بالامتنان نحو عمته الآن لا يضاهيه شعور آخر لكن نظرات تلك الجميله العابسه من ترك تلك الصحبه و اتباع عمتها برقه جعله أكثر غضباً على ذاك البغيض سارق العقول لقد جعل العائله كلها بين يديه حتى العم "مراد" المعروف بصمته قد انصهر معه بالأحاديث الوديه وارتفعت ضحكاته مثلهم جميعا ، لاحظ "يزيد" نظراته الغاضبه الموجهه نحوه هو فقط ، إلى الآن لا يفهم سر كراهيته هل لأنه عاون "أسيف" بتخطي محنتها ؟! أم لأنه لا يعرفه بالأساس ولذلك يمقت تواجده ؟!! ارتفع صوت "نائل" يقول :
تعرف يابابا .. أسيف معتبره يزيد طائر الحظ بتاعها كل ما ييجي النادي و احنا بنلعب لااازم تكسبني لدرجه بقيت تكلمه مخصوص قبلها
ضحك "يزيد" بلطف و هو يرد عليه غافلين تماماً عن تواجد أحدهم يحترق بنيران الغضب و لهيب جسده يزداد يشعر بالدماء تندفع بقوه برأسه تزيد اشتعال أفكاره الجنونيه الآن :
لا يا حبيبي ده عشان أنت نصاب و أنا بكشفك لكن أسيف مش بتدخل حاجه إلا و تنجح فيها
أنت بتلك اللحظه و هي تقول بابتسامه واسعه و هدوء لطيف :
ده عشان أنت دايما مشجعنی یا ایزید
إلي هنا و كفى لن يتحمل أكثر من ذلك منهم و منها هي بالتحديد كيف لها أن تتحدث هكذا مع ذاك الغريب أمام أعينه بل أمام أعين الجميع ، لقد استطاع ذاك الحقير أن يبرمجها كما يشاء ، أين "أسيف" الصامته الخجله من أقل الكلمات أو النظرات ؟!!! استقام واقفاً بغضب و كاد ينصرف من جانبها حين رمقته بنظره اندهاش لوقفته الغاضبه و تراجعت للخلف حتي لا يمر هواء جسده من ناحيتها ما تلك المرحله من البغض التي وصلت إليها معه !!
حدق بها بنظرات لائمه لأفعالها أمام ذاك العدو لتشيح بنظراتها عنه بصمت ارتفع صوت العمه التي راقبتهم بصمت تتشدق بحزن :
- يلا يا جماعه السفره جاهزه ، اتفضل يا دكتور......
اتجهت العائله إلى الطعام بهدوء و أحاط "تيم" كتفى شقيقته ثم همس بصوت خافت تسلل إلى مسامعه :
مكنش ليها داعي العزومه دي يا أسيف
ردت عليه و هي تعض على شفتيها بخجل :
هو كان مسافر و لسه راجع و أول حاجه عملها كلمني و كان عاوز يجى يقعد ندردش شويه بس أنا و نائل اللى قولنا نعزمه علي الأكل بالمره
تظاهر بالعبث بهاتفه وهو يمر بجانهم بخطوات واسعه متجهاً إلى الطعام مبتسماً بمكر يهمس داخله .. حسنا لأول مره نتفق معا يا ابن !!!!! العم
كانت أصوات ارتطام الملاعق بالأطباق هي الطاغيه حيث توترت الأجواء قليلاً بعد أن أمسك "فهد" الكرسى الذي سحبه "يزيد" بجانبها و جلس عليه دون أن يوجه لأحد كلمه بل و بدأ أيضا بطعامه بلا مبالاه و هدوء تااام ...
تحرج الجميع من تلك الحركه و تلون وجه "یزید" بغضب طفيف من تلك الحركه المقصوده تماماً ليرتفع صوت الجد و هو يشير إلى الكرسى المقابل لفهد على الجهه الأخرى قائلاً بابتسامه ودوده :
اتفضل يادكتور جنبي واقف ليه !!
اضطربت أنفاسها على الفور حين أصبح بذلك القرب منها ابتعدت عنه بجسدها بهدوء و أصبحت شبه على طرف الكرسى بجهه أخيها ، لم يكترث لفعلتها هو بالأساس توقع ذلك ، يكفى أن ذاك الكائن لم يجاورها مره أخرى أمام أعينه هذه ليست علاقه طبيب بمريضه كما وصفها "نائل" ليرتفع صوت "فهد" الرخيم و هو ينظر تجاهه بابتسامه بارده :
- عجبني اهتمامك بالمرضى بتوعك بالدرجه دي يا دكتور يزيد تعرف إنى لسه مخلص جلسات علاج نفسى من فتره قريبه وبصراحه أول مره اشوف اهتمام كده
توترت الأجواء أكثر و أتسعت الأعين وهمس "نائل" لعمته التي تجاوره :
- شوفتى قولتلك مش هيعديها علي خير .. اتفرجي بقال
نظر إليه "يزيد" باندهاش و قد صدمه بتلك الجراءة الناقده لتصرفه العفوى تجاه "أسيف" حاول استجماع كلماته أمام تلك الابتسامه الماكره التي زينت ثغر "فهد" بهدوء و لازال ينتظر رده
ارتفعت نظرات "أسيف" المندهشه إليهم و قد اغضبها للغايه تدخله بأمر لا يخصه لكن الوعد الذي قطعته لعمتها حين اختلت بها بعيداً عنهم طالبه منها التهاود قليلاً أمام الأغراب و تمالك أعصابها مع ذاك الشرس المتعجرف جعلها توقف سيل كلماتها و تحدق بأخيها الذي يحاول استيعاب تلك الكلمات اللئيمه ، نظر الجد نحو حفيده بغضب تجاهله فهد و خرج اخيرااا صوت يده الهادئ يقول :
في الحقيقه تعاملى مع أسيف مش تعامل دكتور لمريضه صداقه العيله والعلاقه بينهم من زمان خلتنا صحاب أكثر من دكتور ومريضته
- صحااااب !!!!
أردف بها "فهد" و هو يضيق عينيه الغاضبه و كاد يردعه علي حديثه لكنه عاد بجسده بكرسيه و هو يردف ببرود معاكس تماماً لما يجيش بصدره الآن ... .
اها يعني المريض لو عارف عيلته بتتقابل معاه بعد ما تنهي علاجك ليه ؟!! يعني مثلاً لو عرضت عليك دلوقت تساعد ندى في علاجها هتكمل معاها تواصل بعد ما تخف بما إنها من العيله برضه و مريضه !!!توترت نظرات "يزيد" لأول مره و هو
في علاجها هتكمل معاها تواصل بعد ما تخف بما إنها من العيله برضه و مریضه !!!!
توترت نظرات "يزيد" لأول مره و هو يحدق به بصدمه طفيفه لمفاجأته الآن ثم نظر نحوها ليجدها تحدق به تنتظر اجابته بهدوء لقد استطاع الماكر تسليط الضوء نحو نقطه واحده محدده بعنايه وها هو يشغل الجميع بالتفكير حيال الاجابه و يرفع الملعقه يتذوق طعامه بهدوء و نظرات متشفيه عابثه ، ازداد توتره و هو يحدق ب "تيم" بخجل حين رمقه بنظره ذات مخزي و كأنه يقول أرأيت ؟! لكنه تمالك نفسه و أردف بهدوء مضطرب :
انا اكيد معنديش أى مشكله إنى اساعد أختك لو طلبت ده يعني دي مهنتي ....
ألقي نظره سريعه نحوها ليجد عينيها عادت إلى طبقها تعبث بالملعقه به بهدوء حسنا لقد نجح الماكر بالايقاع فيما بينهم ، و تعكير صفو الأجواء و بحنكته كطبيب سوف يفقد ثقتها إن استمر الحال هكذا
أما هو ارتفعت ابتسامه عابثه تعلو ثغره و هو يرتشف من الكوب بهدوء ثم قال بصوت رخيم :
- تمام يادكتور أنا هكلم بعد الغدا الدكتور المسؤول عن حاله ندی عشان تتفاهم معاه ....
صمت بعدها ليري اماءه خفيفه منه و صمت الجميع متسللين واحداً تلو الآخر فور انتهاء الطعام و فقدان بعضهم شهيته فور تلك اللحظات الثقيله عليهم
وقف "تيم" بوجه "يزيد" بالحديقة بعد إنتهاء اليوم يحدق به بهدوء و هو ينصت إلى كلماته باهتمام تام و تجديده لعرض الزواج من شقيقته ليتنهد "تيم" قائلاً بهدوء :
- شوف يا يزيد أنا معنديش أى مانع لارتباطكم بس أنا لفت انتباهي سؤال فهد النهارده ليك .. أسيف مريضه عندك مش غريب تتولد مشاعر ناحيتها في خلال فتره علاجك ليها ؟! ده هيخليني متطمن على أختى معاك !!!
اغمض "يزيد" عينيه يستقبل اتهامه بحزن بالغ هو نفسه لا يعلم كيف ينجذب إلي مريضته لكن لبراءتها سحر طاغي يفتن القديس و يجذبه إليها بلا مقاومه أو شعور منذ الوهله الأولي أمامها و هو لا يستطيع إيقاف تفكيره ناحيتها ابداا
همس "تيم" له بعقلانية و هدوء يقطع أفكاره :
يزيد انا مقدر مجهودك مع أسيف جدا و ممتن لمساعدتك و تعبك معاها كمان لكن أنا هكلمك بالعقل أنا لو عرضت على أسيف طلبك مش هترفض ، طبيعي و أنت عارف كده لأنها لسه خارجه من علاقه فاشله تماماً و أنت بالنسبالها المنقذ اللي علمها حاجات كتير أولهم تعتمد علي نفسها بس أنت عملت كده لأن دي شغلتك و هي مش هتستوعب ده يا يزيد ، أنت منجذب لأسيف كأخت ليك مش أكثر و هى هتفهم ده مع الوقت ، أنا أسف بس مش هقدر أضر أختى تاني يا يزيد أسيف اغلي حاجه عندي و مش هقبل اعملها فار تجارب لمشاعرك و لا هسمحلك تأذيها بتعلقها بيك الزايد عن حده
تنهد الآخر بحزن و أردف بهدوء وعقلانية مماثله له :
أنا لما عرضت عليك كده قولتلك إنى معجب بيها و مش قادر
ابعد و اسیبها و ده مش طبيعى لعلاقه دكتور بمريضته ياتيم أنا مليش حكم علي قلبى مش بإيدينا صدقني أنا الشهر اللى بعدته عنها كان كل تفكيري فيها و رغم كده التزمت بوعدي ليك و مكلمتهاش و أول حاجه عملتها و كنت محتاجها أول مانزلت هي إني اشوفها أنا صارحتك بمشاعرى ناحيتها عشان تقربها مش تبعدني عنها أنا عالجت ناس كتير قبل أسيف و دى أول مره ابقي كده مش ذنبي إنى دكتور نفسي ياتيم
أغمض "تيم" عينيه بهدوء ثم قال بلطف :
ماشي يا يزيد أنا هقول عرضك لأسيف لأن ده في الأول و الآخر رأيها بس خليك عارف إنى في فتره الخطوبه بينكم أول ما احس أن أسيف مش مرتاحه أنا مش ممكن اخليها تكمل معاك ابدااا
تواري بعيداً عن أعينهم بالظلام الدامس و هو يحاول تنظيم أنفاسه بغضب شديد الخطوره و رغبته الآن بالهجوم عليه و أن يوسعه ضربا تزداد كل لحظه ، كيف له أن يتجرأ هكذا إنه يحاول بكل الوسائل امتلاكها و هى بالطبع سوف تقبل !!
*
اجفل حين شعر بید تربت على كتفه ليتلتف إليها بفزع و هو يحاول تبين الشخص و لم تكن سوي عمته التي جذبت يده و هي تعود بهدوء إلى غرفه المكتب من الباب المطل على الحديقه ، اردفت فور أن أغلقت الباب و هي تلتفت إليه تحدق بجلسته فوق طرف المكتب بأريحية وكأنه لم يستمع لشيئ منذ قليل
سمعت بنفسك ؟!! إيه البرود اللى أنت فيه ده هتقف تتفرج عليه و هو بيتجوزها قبل حتي ما تسامحك ؟!!
>رفز انفاسه الحارقه بهدوء و قال و هو يهز كتفيه موليا ظهره لها بصوت اجش :
مش يمكن هي ترفض .. و بعدين أنا مالي دي حاجه تخصها ميهمنيش غير إنها تنسى اللى حصل و ده واضح أنه مش هيحصل
رفعت "سمر" إحدي حاجبيها و هي تعقد ذراعيها أسفل صدرها قائله بابتسامه ماكره :
ترفض !!!! أنت مكنتش معانا قبل الغدا و لا ايه ؟!! و بعدين ترفض ليه اصلا جميله و صغيره و هو دكتور و من عيله و نعرفهم كمان و فيه بينهم انجذاب ترفض ليه بقي ؟!!!
كلماتها كانت تعتبر صوت عقله الذي يفكر الآن بنفس الأشياء نيران تحرق أحشائه بقلق لقد صدقت العمه ، إنها جميله بل فاتنه لطالما شبهها بالساحره سارقه القلوب ، لما تتمسك بعزلتها و هناك من يمد يديه الاثنتين لينتشلها من ظلام وحدتها بل و يحارب أيضاً و الآخر يديه الملطخه بدمائها ثري سوف تتمسك بيد من ؟!!! بالطبع ذاك الطبيب الخبيث اللعين الطامع تشنجت عضلات جسده بعنف شديد و اشتدت قبضتيه و مال برأسه يطرقع عضلات عنقه حيث برزت عروقه من فرط غضبه ، تقدمت "سمر" تربت على جسده بلطف حازم و هی تقول :
شوف يافهد أنا لو مكنتش شيفاك اتغيرت مكنتش قولتلك الكلام ده أنت محتاج إنها تسامحك أنا عارفه بس إزاي تفتكر لو يزيد ارتبط بيها هيسيبلك مساحه تتنفس جنبها حتى ؟!! أنا مقدرش اقولك اكثر من كده و فى النهايه الاختيار ليك بس خد بالك أسيف كرهت غضبك و مش من مصلحتك يظهر تاني
>هيقلل فرصك مش هيزودها يابني !!!
تركته وخرجت وكأنها لم تشن حرباً بحديثها حرب مليئه بالنيران اللاهبه الهائجه التي سوف تحرق الأخضر واليابس معها أتريد عمته التعقل كيف ؟!!! وقد بدأت مطرقه القلق تدق جميع حواسه و دماؤه الهادئه تتحرك بثوره داخل عروقه الآن !!!! حاول ضبط انفاسه التي بدأت بالتسارع وكأنها تهرب من جسده كما تهرب الفرص معها من بين يديه ، كيف يصل إلي غفرانها وهي تخشب تواجده بنفس الغرفه هو يشعر ، كما شعر بتوترها ورعبها اليوم الذي اضحت تخفيه ببراعه عن ذي قبل بتلك النظرات المحتقره المتحديه
أيتها الفاتنه البريئه ألا تعلمين أن حصونك تلك أصبحت مهلكه ؟!!! أصبح نيل غفرانك مطمعی و مسامحتك ملاذي ، أنا ذاك الفهد المرعب الذى انقضضت يوماً على قلاعك و هشمتها .. احرقتها بنيران غضبي و حقدى ، ها أنا ذا اتطلع إلي نظرات المغفره من عينيك الجميله البريئه ، أناشد تلك الروح الطاهره التي درستها بطغيانى يوماً ما ، أتوسل إليها و أرجوها ، أخوض حرباً لم اتخيل بخوضها يوماً نحوك ، كيف لي بالانتصار و أنا مهشم الفؤاد ؟!!! كيف لي أن احرق تلك الحصون دون أن أؤذيك مره أخرى ؟!!!!!!
دس يديه بخصلاته و هو يحاول التفكير بهدوء عله يصل إلي أحد حلول تلك المعضله !!! يصول ويجول بالغرفه الواسعة بقلق إلي أن استمع إلى تلك الطرقات الهادئه أعلي الباب يصحبها صوتها الرزين اللطيف بالسؤال عن تواجد أحد بالداخل ؟!!! تقطعت أنفاسه و عقد لسانه ليرى الباب ينفتح و تدلف إليه بهدوء توقفت على الفور حين لمحته بالمكان و احتلت قسمات وجهها تلك النظرات الغاضبه و التفت و كادت تغادر لكنه أستغل قصر المسافه بينهم و أردف مسرعاً و هو يقف بوجهها يتنفس الصعداء أنها أغلقت الباب خلفها قبل أن تلحظ وجوده :
أسيف لحظه واحده
حدقت به بغضب كادت أن تصرخ بجملتها الشهيره و هي تحاول الابتعاد والخروج لاعنه نفسها لغلقها الباب ، لكنه كان أسرع منها و قال بتوتر :
- آسف نسيت إنك مش حابه الاسم مني ، اناا .. كنت عاوز اشكرك علي وقفتك معانا النهارده
ذاك الشعور المرعب حياله و انقباض قلبها و انكماش روحها داخلها حين تراه لن ينته أبدا مهما حيت .. أغمضت عينيها الخائفه تحاول استجماع شتات أمرها وقوتها و قالت بصوت قوي بعض الشيئ وكأنها تحادث نفسها أيضاً معه و هي تعتصر يديها الصغيره بقوه لمهابتها له إلى الآن :
انا معملتش كده عشانك و لا عشانها أنا عملت كده عشان ضميري و ربايتي ، معرفش اسيب حد محتاجني للأسف !! و مش عاوزه منك شكر و لا عاوزه كلام اصلاااا
كادت أن تنصرف مسرعه قبل حتي أن تأخد ما أتت إليه لتبتعد عنه الآن فقط ، لا تريد سوي الهروب من أمام عينيه القاسيه الخبيثه ، استقبل كلماتها و هو يحاول السيطره علي أعصابه و إيقاف ارتعاشه وجهه من كثره جزه على أسنانه حتى لا يثير خوفها أكثر من ذلك أردف بهدوء و هو يبلل شفتيه فاركاً ذقنه بحده طفيفه و هو يمنعها بجسده من الخروج :
انا عارف ده و عارف إنك مش شبهنا أنت عمي رباك علي أخلاق عالية احنا منعرفهاش و من بعده كان تيم ...لا تعلم من أين خرج ذلك الشعور الذي انتابها نحو نبرته الهادئه بأنه حزين لفارق التربيه بينهم شعرت ببعض الخجل حين اشعرته أنها تعايره بربايتهم ، لكنها محت لمحه الخجل و هي تردف داخلها هاك الصواب ، عليها أن تريه كم الخسه و الدناءه التي رأتها علي يديه المعذبه القاسيه ، إن كان أبيه اللعين غير كاذب ما كان حدث لها ذلك ، نفضت رأسها بعنف خائفه أن تخوض بتفكيرها نحوه أكثر بمعركه لا داعى لها و اردفت بعصبية و نبره جافه :
اوعي خليني امشي
خرجت أنفاسه بهدوء و دمعت عيناه و هو يرى تقلبات نظراتها و همس لها دون شعور :
- أسف
هرب من أمامها على الفور بعد تلك الكلمه بخطوات واسعه تاركاً إياها بمفردها تحدق باثره بأعين باكيه ، أسرعت تغلق باب المكتب لتسمح بجسدها و روحها بالانهيار بعد تلك اللحظات الثقيله على كليهما وقد أضحت لا تعلم السبيل للنجاه من بين براثن اعتذاراته سواء الصامته أو التي يلقيها علي مسامعها بنبره متألمه واضحه
*
طوال ليلته لم يغفل ظل ساهرا يبحث عن معلومات حول ذاك اليزيد اللعين يجمع أكبر قدر ممكن من صفحاته الشخصيه و مقالاته المختلفه عن علم النفس و الأمراض النفسيه و بالصباح الباكر كان يستقبل مكالمته معه لمعاونته بحاله شقيقته كما اتفقا أمس اندهش في بادئ الأمر لكنه اعتدل مبتسما بمكر و هو يرحب بمعاونته متفقاً معه على ميعاد مقابلتهم يقص عليه
تفاصيل حالتها
مكثت "أسيف" بغرفتها و هي تشعر بصداع يكاد يفتك برأسها من الواضح أن ليلتها لم تكن أفضل منه ، فتحت عينيها تحدق بصمت بسقف الغرفه بشرود و هي ترفع صوتها تسمح لأخيها بالدخول ارتفع رنين هاتفها بنفس توقيت دخول "تيم" الغرفه ليتفقدها ، نظر إليها و هو يعقد حاجبيه قائلاً باندهاش :
- أنت معندكيش شغل و لا ايه في المرسم !!
تنهدت بهدوء و هي تطلق أنفاسها بارهاق قائله :
لا أنا مش قادره انزل النهارده
جاورها أعلى الفراش و هو يلقى سترته على طرف الفراش متفقداً رأسها يربت عليها بلطف و هو يقول بقلق :
- مالك يا حبيبتي أنت بخير ؟!!!
ابتسمت بهدوء و همست بلطف و هما يستمعا إلى رنين هاتفها الذي لم تجب عليه يرتفع مره أخرى
- متخافش شويه صداع ... شوف مين ياتيم
أمسك الهاتف و هو يردف عاقداً حاجبيه بضيق طفيف :
!!! يزيد
اندهش حين لاقى الصمت منها و لم تتناول الهاتف مسرعه كعادتها بل هزت رأسها بصمت ليتسأل بفضول :ايه ده مش هتردی !!
تنهدت تهز رأسها بالسلب قائله :
مش قادره أتكلم مصدعه ياتيم
ترك الهاتف و هو يميل عليها بجسده مقبلاً خصلاتها و قد انتابه القلق لحالتها تلك هامسا لها :
- مالك يا حبيبتي تحبى اقعد معاك النهارده ؟!!
أمسكت يده تربت عليها بلطف و هي تقول بهدوء :
- لا يا حبيبي روح شغلك أنا هقوم افطر دلوقت واخد مسکن و اريح النهارده
تنهد و هو ينظر إليها بقلق غير مقتنعاً بما قالت ليحمحم و هو ينقل أفكاره ناحيه عرض "يزيد" الذي أتى لأجله لكن حالتها لا تشير باستجابه حاليا ، لاحظت حيرته حين طال الصمت بينهم و اردفت بتساؤل مندهش ... :
- مالك ياتيم انت عاوز تقول حاجه ؟!!
أغمض عينيه و هو يصارحها علي الفور حتي لا يتراجع مره أخرى قائلاً بصوت قوي :
- اه عاوز .. ، ايه رأيك في يزيد ؟!!!
همست باندهاش تضيق عينيها ناظره إليه بتعجب :
رأيي فيه ازاي يعنى ؟!! يزيد دكتور ممتاز ...
>رأيي فيه ازاي يعنى ؟!! يزيد دكتور ممتاز ...
زفر أنفاسه قائلاً بهدوء و هو يراقب تغير ملامحها بدقه :
- يزيد طلب إيدك منى يا أسيف
أتسعت عينيها و اعتدلت تحدق به بصدمه واضحه و فرغت فاهها و كأنه ألقى على مسامعها خبر إحدى الكوارث الكونيه للتو.......
🫂دمتم ساالمين 🫂...
الفصل السابع عشر والثامن عشر من هنا
لقراءة جميع فصول الرواية من هنا