رواية حصونه المهلكة الفصل الثالث عشر 13 والرابع عشر 14بقلم شيماء الجندي

 

رواية حصونه المهلكة

الفصل الثالث عشر 13 والرابع عشر 14

بقلم شيماء الجندي


 "إلا الإهانات الجسديه ، تعلق بالأذهان ولا تنسي "

جلست "أسيف" فوق فراشها الوثير و هي تدفع خصلاتها الناعمه للخلف بيديها الصغيره جاذبه إياها بغضب طفیف و هي تحاول السيطره علي دموعها التي تهطل بغزاره منذ هرولت من أمامه و التجأت إلى جدران جناحها تحتمي به من أعينه المتربصه بها أغلب اليوم إلي أن أعلن بوقاحته عن مواجهته لها بالردهة منذ قليل ، بمجرد أن نظرت إلى عينيه الثاقبتين القاسيتين تجرعت كأس الألم مره أخرى و كان جروحها لازالت داميه تنزف إلى الآن ، تذكرت جسده و هو يرتجف بعنف أثناء ضرباته المؤلمه لها و كأنها رجل شديد البنيه أمامه و ليست امرأه ضعيفه وديعه


وقفت مسرعه تتجه إلي المرحاض و منه إلى كابينه الاستحمام بعد أن تخلت عن ملابسها ، ووقفت أسفل المياه تستشعر اختلاط المياه بدموعها هربت قطرات المياه لتغطي جسدها بالكامل و كأنها تزيل أثر عنفه عنها


مكثت فتره بالداخل اندهش لها "تيم" الجالس فوق الأريكة ينتظر عودتها وها هي تعلن عن إنهائها جلسه الاستحمام بإغلاقها صوت المياه ، خرجت و هى تمسك المنشفه الصغيره بين يديها تجفف بها خصلاتها و هي تسير بشرود حتي أنها لم تلحظ تواجد شقيقها


شهقت بعنف و طالعته بأعين متسعه مصدومه حين أمسك مرفقها بلين يوقف سيرها ، تبدلت علي الفور ملامح "تيم" من الاندهاش إلي الغضب حين سارت عينيه علي وجهها الشاحب و عينيها الحمراوتين من فرط البكاء !!!!


كور وجهها الصغير بين يديه وهو يهتف بقلق واضح :


أسيف حبيبتي في حاجه حصلت ؟!


للحظه عجزت عن الرد و تفسير حالتها له لكنه "تيم" الأخ الحاني و السند الأقوي بحياتها تنهدت بهدوء ثم تركت منشفتها جانباً و دست حسدها الصغير داخل أحضانه و كأنها تختي !!!

حاوطها "تيم" بتفهم كبير فهي بفترتها الأخيرة أصبحت هكذا تبكي و حين تراه تندس بأحضانه بصمت تام ليقدر هو صمتها كعادته معها هو على يقين أنها يصعب عليها أن تروي قصتها مع ذلك المدنس أمامه كما فضلت أن تحتفظ بها لنفسها و تشاركها مع "يزيد" طبيبها


زفر أنفاسه التي ثقلت عليه و اتجه بها و هى داخل أحضانه الهادئه إلي الفراش يتمدد فوقه و هي لازالت كما هي يربت علي ظهرها و خصلاتها برفق عله يصل شعوره إليها أنه معها يشعر بوجعها الصامت ، لتشدد "أسيف" من ذراعيها حول خصره و تنتقل إلى عالمها الهادئ تناشد الراحه التي فقدتها منذ أشهر و كادت تنعم بها بفترتها الأخيرة لكن كان لموت الجده رأى آخر !!!!!


*


وقف بشرفته و هو يُطلق دخان سيجاره من أنفه و فمه معاً يتنهد بهدوء و هو يطالع شرفتها المغلقه بصمت مغمضا عينيه يحاول أن يلقي هيئتها الملطخة بالدماء خارج عقله و تفكيره ، كم هو طامع أناني !!! أيطمع أن تسامحه و تغفر له أشد الزلات و الأخطاء ، إذ كان هو لم ينس كيف لها هى أن تعفو و تغفر ، دارت بعقله تلك الكلمات الصغيره التي خرجت من شفتيها أثناء صفعاته لها ذات مره "بكرهك ، مش مسمحاك" كلمات بسيطه تركت أثرها بعقله و لياليه ليعاني الويلات بكوابيسه الليليه وكأنها أقسمت ألا تذيقه طعم الراحة أبدا ليفني جسده و لتتعفن روحه و يديه تحمل آثار ظلمه و جبروته عليها !!!!!


حبس الدموع بعينيه و هو يستقيم واقفاً و لحظات وقفتها أمامه و كلماتها البسيطه الصغيره تدق بعقله بقوه ، ابتسم علي هيئتها اللطيفه و هي تضبط زي الشجاعه على ملامحها رغم فرارها من أمامه مسرعه لكنها هكذا أفضل من صمتها طوال اليوم و نظراتها المستحقره الصامته أمام الجميع ، كيف لها أن تعذبه بصمتها عن حديثها ؟!! كيف لها أن تتمسك برداء براءتها الذي حاول عده مرات خلعه عنها وإخراج أسوأ ما فيها لكنها كما هى ، حتي بغضبها كما هي !!!

١:٤٩ م


تنهد بهدوء و هو يزفر أنفاسه بقوه ثم أطفأ سيجارته بهدوء و استقام بوقفته يتجه خارج الجناح بخطوات هادئه متجهاً إلى شقيقته التي ترفض لقاؤه دوماً بالرغم من أخطائها إلا أنه يريد أن تتحسن خاصه و هي تحمل ذاك الجنين البرئ بأحشائها ، لا يمكن أن يأتي و أمه علي تلك الشاكله ، و إلا سوف يعيد مأساته مره أخرى بجيل جديد !


طرق الباب بلطف يحاول الاعتياد عليه منذ أشهر ، ليستمع إلي صوتها الرافض مقابلته و صرختها الغاضبه كالعاده ، لكن تلك المره لن يتركها لقد بدأت باطنها بالبروز عليه أن يردعها و تتلقي علاجها اجباراً ، و هو تخصص إجبار لتذهب وتسأل تلك البريئة التي لطخها بجبروته المتوارى عن الأنظار ، هل يأتي إلى من تستحق الردع و يقف مكتوف الأيدى يضع لها مبررات واهيه لحالتها اللعينه !!


أدار المقبض و دلف إلى الجناح و أعينه تبحث عنها ليجدها تجلس فوق الأريكة تحدق به بغضب أغمض عينيه و هو يحرك رقبته يميناً ويساراً بحركه مائله يستعيد بعض هدوءه ليحادثها بلين و يواجه فظاظتها المعتادة !!!


جلس علي طرف الكرسي يستند بمرفقيه علي ركبتيه يطالعها بنظرات صامته لحظات لتصرخ به غاضبه :


- أنت جاي تتفرج عليااااا ، اخلص وقول عا..


قاطع سيل فظاظتها حين جذبها بلحظه من ذراعها يطبق علي فمها بيده ناظراً إليها نظرات مشتعله ناريه ، لتتطلع إليه بهلع و هي تحيط باطنها بحركه دفاعيه منها ، ذكرته بها و بخوفها لكن شقيقته تستحق الخوف لقد طاحت بالجميع و هو على عهده لن يخرج من غرفتها إلا حين يردعها !!!!


تحدث من بين أسنانه و هو ينظر إلى عينيها المرتعبه منه هامساً لها :هتفضلي كده لأمتي ياندي ! محدش بقا طايق أسلوبك ، فاكره انك كده هترجعي تيم ليك !!! عمره ما هيرجعلك بالشكل ده ...


ألقي كلماته الأخيرة بنبره مؤكده غاضبه قابلتها شقيقته بنظرات استهزائیه و رفعت يدها تُزيح قبضته بغضب ليطاوعها و يفلتها بهدوء لتعود إلي مكانها و هي تقول ببرود ::


- متقلقش أنا عارفه ازاي هرجع تيم لمراته و ابنه


ثم أحاطت باطنها بابتسامه شيطانيه علي الفور ذكرته بأبيه !!! ضيق عينيه و هو يسألها بهدوء :


و هترجعيه ازاي ياندي ؟!


وقفت بهدوء و سارت مبتعدة عنه و هي تقول أثناء عبثها بأظافرها :


ازاي دي تخصني يا فهد ! لكن ممكن اقولك مين اللي معطلني لحد دلوقت يمكن تساعدني ...


أدارت جسدها و هي تبتسم برعونه و خبث ليجز على أسنانه بقوة و هو يحاول تكذيب ما تسمعه أذنيه من شقيقته الصغري و قد فهم علي الفور ماترمي إليه ليعود بجسده واضعاً ساق فوق الأخرى و هو يردف ببرود يعاكس غضبه منها المشتعل بثنايا جسده و عقله و أن يقف الآن و يصفعها عده مرات كعهده السابق علها تعود لرشدها .. :


- أسيف مش كده !!


اعتلت ثغرها ابتسامه ماكره وعادت إليه تجلس بالقرب منه أعلى الأريكة تردف بلهفه واضحه :


- أنت عاوز ترجعها ليك أنا متأكده و أنا عاوزه تيم معايا تاني و مع ابنه 

ثم ادمعت عينيها و هي تضع يديها فوق ركبته تستجدى عواطفه مکمله بترجي تتوسله :


ارجوك يا فهد أنا هموت منغير تيم أنا .. أنا كل يوم بستني يرجعلي .. حتي لما عرف أني حامل مرضيش يرجع معايا و طردني و جري عليهاااا


عقد حاجبيه بصدمه من بغض شقيقته لتصیح به بجنون حين وجدت ملامحه مندهشه لا تُنبئ عن معاونته لها :


بتبص كده ليييييه ؟!!! ايه الغريب هاااا انا عايزه جوزي انااا اللي فضلت سنين احب فيييه ... انا اللي حاولت بكل الطرق لحد ماخليت أخته تساعدني اوصله .. أنا اللى استاهل اكون معاااه مش هيااااااا !!!


وقف "فهد" يجذب ذراعيها بقوة أجبرتها علي الوقوف يصرخ بها بغضب :


- أنت بتتكلمي عنها كأنها ضرتك أنت اتجننتي يااااندي دي أخته !! فرحااااانه إنك انسانه استغلاليه وقحه استغليتي براءتها !!!!


ارتفعت ضحكاتها تحاول التملص من قبضته العنيفه لتصرخ به حين فشلت و هي تمسك تلابيب قميصه :


مين اللي بيتكلم عن الاستغلال هاااااا ، محدش فينا أحسن من التاني ياااافهد ، اطلع من الشويتين دول أنت آخر انسان تيجي تحاسبني ، اوعى تكون فاكر علاجك زى المجانين ده حل لااااا ، أنا و أنت عارفين إن أسيف عمرها ما هتسامحك و تنسالك هتفضل ايديك معلمه علي جسمها و في عقلها ، و ده أكبر عقاب ليهااا هي تستاهل ده بس اجدع مني و عارفه تشد أخوها ليها بدمعتين لكن اناااا لاااا ، احنا نسخه من أبونا يااافهد أنا وانتتتت شبه بعض ياااابرو


صرخت بكلمتها الأخيرة تستخدم لفظها الأجنبي التحببي بسخرية

ليقبض على يديها بقوه صارخاً بها بعنف و هو يلوي ذراعها :


96


لاااا احنا مش زى بعض ياااندي ، انا عارف كويس غلطت في ايه و هفضل لآخر نفس فيا مش مسامح نفسي غير لما أسيف تسامحني وعلاج المجانين بتاعى أنا فخور بيه أنا فعلا كنت مجنون لما مديت ايدى عليها مكنتش في وعيي و هفضل فخور بانى واجهت نفسي و اتعالجت ، لكن أنت ! انت كنت بتقولي علي أسيف ضعيفه ، أحب اقولك بقى إنها أقوى منك مليووون مره ، اللي شافته على أيدي يموت أقوى راجل ، لكن هي استحملت عاارفه ليه ؟! مش عشاني و لا عشانك ، عشااان أخوها ، عشان عرفت إنها لو استسلمت هأذيه .. أسيف أقوى مني و منك و دافعت عن أخوها منغير ما ا اتطلع كل القرف اللي احنا طلعناه ، كانت بتحميه منى و أنا اصلا سايبه عشان خاطرك ، أسيف تستاهل إن أخوها يحميها مننا ويضربك بالنار عشانها مش بس يطلقككك ، تعرفي أنا كنت مستغرب تيم رفض يرجعك رغم إنك حامل بس فهمت هو ليه عمل كده فعلااا ، تيم بيتمني الموت لابنه و لا إنه يجي منك أنت ياندي مش عاوز ابنه يتربى على إيد واحده كارهه كل الناس حتي أخوها ، أنا اللى مش فاهمه أنت ازاااي طلعتي كده رغم إنك اتوفرت ليك حياه كامله هنا ، أبوها و امها ربوك معاها إيه يخليك بالقرف ده مع بنتهم معقوله مصعبتش عليك للدرجه دي أنت انانيه !!!!


اتسعت أعينها مع كلمات أخيها الغاضبه الغير مباليه و صراخه العنيف ومشاعره المختلطه التي قرأتها بأعينه اللاهبه و صرخت به غاضبه متألمه من قبضته و مقلتيها تذرف دموع لا تعرف سببها :


- مصعبتشششش علياااا لااااا و لا هتصعب يااافهد ، هي أبوها و أمها كانوا معاها ربونى شفقه منهم علياااا صحيح ماتوا بعدها و مكملوش لكن حتي جدتى كانت على طول شايفاها ضعيفه و تستحق نصايح و محبه عنى !!!! كلهممم حبوهاااا و كلهممم فضلوها علياااا من ساعه السواق ما حاول يعتدي عليها هي رغم إنى كنت على طول معاهاااا طيب تعرف انااا كنت موجوده ساااعتهااا و شوفته و هو بيسحبهااا الاوضه دى وسكتتتت عاارف ليه كنت فاكرااه هيموتهاااا و يخلصني منهاااااااااا !!


صدمته كبري الآن شقيقته ألعن من أبيه لم يخفى عليه ادعائها الكاذب أنه لا يزورها و لا يهتم بها لقد أبلغته عمته لكن حقدها الدفين تربى معها منذ صغرها على ابنه العم لقد حقدت علي أغرب شيئ عند ابنه عمها شيئ فطرى لم تتصنعه ابدااا " براءتها " لقد حقدت علي براءه ابنه عمها وتركتها بالمآزق بمحض إرادتها !!!!!!!


خرجت الكلمات التلقائيه من فمه بآليه تامه و همس لها بذهول وهو مشدوه :


انا هتصل بالدكتور الصبح يحجزلك أوضه في المصحه النفسيه بتاعته و هتروحي معايا عشان ألحق اعالجك قبل ماتموتي إبنك بأيديك مفيش غيره باقي يتأذي منك !!!!!!


غيمه من التشتت غطت عينيها و هي تريد الفتك بتلك الفتاه التي جذبت أخيهااا هي أيضاً لهااا لقد سيطرت على الجميع لقد تحول الجميع عبيد الأسيف تلك !!!!!! و تحولت هي إلى مجنونه يزج بها بالمصحه النفسيه !!!!!


تركها شقيقها بحرص حتي لا يتأذي جنينها و هو يردف بصرامة و قوة مشيراً بإصبعه بتحذير :


فكري في كلامي لحد الصبح لأنى هنفذ اللي عاوزه المره دي ياندي ، مقدرش اسيبك تضيعي نفسك أكثر من كده !! خرج صافقا الباب بعنف خلفه لتتحول عينيها إلى اللون القاتم و تجلس أعلي الأريكة بهدوء تهمس :


مسبتوش ليااا حلول تااني !!!


أمسكت هاتفها تعبث به لحظات ثم رفعته إلي أذنها تقول ببرود :


- هدير ! عاوزه العنوان اللي قولتيلي عليه .. لا هروح بنفسي لازم أأكد علي اللى عاوزاه بنفسي !!!


*


95


صباح جديد على قصر آل" "البراري صباح يحمل بطياته العديد من المفاجآت وكانت أولهم حين دلف فهد إلى جناح شقيقته بعد وصله طرقات لم تجبيها بالطبع ... تجول بالجناح بخطوات واسعه سریعه و لم يعثر عليها !!


اتسعت أعينه .. لا زالت الساعه الثامنه صباحاً !!! أين ذهبت و هي لا تستيقظ من الأساس بذلك التوقيت الباكر !!!


أسرع إلي الأسفل و هو يسأل جميع الخدم عنها و لكن لم يرها أحد !!


قابلته عمته أثناء سيره نحو الحديقه يعبث بهاتفه و همست له بهدوء و هي توقفه من ذراعه :


رايح فين يا حبيبي بدري كده ؟!!


ربت على يدها بلطف و هو يقول بإيجاز يريد متابعه طريقه :


مش رايح مكان يا عمتي ، بدور علي ندي بس !!


عقدت حاجبيها تقول بإندهاش :


ندي !!! هو مش أنت طلبت منها حاجه ضروري و خرجت تجيبهالك !!


اتسعت أعينه بصدمه يشير لنفسه باستنكار هامسا لها :


انا طلبت من ندي حاجه ، لحظه لحظه هي ندي خرجت !!!


أغمض عينيه بغضب يحاول تفسير فعله شقيقته الغريبه ليفتحها بصدمه وهو يُسرع إلى الأعلى مره أخرى وقد ظنها هربت و عمته

خلفه تصيح باستنكار تريد فهم ما يحدث للابناء .... بدأ آل القصر بالتجمع علي صوت "فهد" الغاضب الصارخ بالحراسة بهاتفه ، و هو يتابع محاوله الإتصال بشقيقته التي فرت و أغلقت هاتفها تاركه ثيابها كما هي !!!!!


وقفت "أسيف" تفرك عينيها تزيل أثر النعاس تحاول استيعاب ما يحدث و دلف "نائل" يهتف بضيق و نبره متحشرجه بحادث ابنه عمه :


- في ايه علي الصبح هو القصر ده ما بيهمدش ابدااا ، ربنا ياخدكم !!


اتسعت أعين "أسيف" من حديثه المتذمر و لكزته تهتف بهدوء و قد بدأت تفيق :


- بس خلينا نفهم ايه اللي حصل !!


همس لها و هو يميل علي أذنها و أعينه تتفقد الوضع من حوله :


- هيكون إيه يعني كارثه ده بصراحه !! زي كل ، أنا يوم ، مبقتش اندهش من القصر


صمتا حين آتاهم صوت "فهد" الصارخ الغاضب بالهاتف :


مش فااااهم قافله الزفتتت ده لييييه !!


اتجه إليه عمه يردف بهدوء :


- اهدي يابني وفهمنا إيه خلاها تعمل كده أنت كلمتها بليل ؟!


صمت "فهد" و هو يجذب خصلاته بعنف جازاً علي أسنانه بغضب و هو يتذكر محادثته لها التي من الواضح انها أنت بأثر عكسى !!!!!!!


*ترجلت "ندي" من سيارتها و هي تعبث بهاتفها و فتحته أخيراً تبتسم ببرود و هي تطلب رقم صديقتها التي اجابتها علي الفور لتضحك ندي هامسه لها :


متبقيش جبانه كده أنا وصلت اصلا قوليلي بقي البيت رقم كام عشان نسيت و المكان هنا مقرف الأرقام مش باينه حتي !!!


استمعت ندي" لردها و هي تدور بعينيها باحتقار علي تلك البيوت الصغيره حيث بدا معظمها علي وشك السقوط و تلك العربات التي ارتصت بعشوائية مبالغ بها بكل ضاحيه ، نظرات الاشمئزاز دفعت تلك النسوه التي وقفن بركن بعيد نسبياً تتفقدن بأعينهن تلك الفاتنه ذات الملابس الراقيه و الفاضحه نسبه إليهن تدور بجسدها بخيلاء واحتقار واضح و خطوات حذره بحارتهن لتقول إحداهن بفضول ولمعه طامعه داخل عينيها :


ايوووه .. البت دي شكلها نضيفه اوووي و مش وش حواري ما تجيوا نشوف عاوزه ايه يمكن نساعدها و نطلع بقرشين حلوين !!


رفعت إحداهن حاجبيها تهتف بسخط :


نساعد مين ، أنت مش شايفه ياختي بصااتها دي أنا لو روحتلها مطلع شعرها في ايديا ولاد ال xxxx اللي معاهم قرشین و مش شايفينا منهم !!!!


ابتسمت الثالثه تردف بهدوء :


بقولكم اييه احنا نروح يمكن نطلع بقرشين فعلاا ، مطلعناش احنا مخسرنااش !!!!


وافقتها الأخرتين الرأي و اتجهن إلي "ندي" التي طالعت يد المرأة باشمئزاز حين امتدت إلى كتفها تقول لها بجمود :


- أومري يا ابله عاوزه ايه واحنا ندلك !!!

نظرت لها "ندى" باحتقار ودفعت يدها عنها بعنف تردف بغضب :


اوعي ايدك دي ، و أنت مالك كان حد طلب مساعدتك ، خدي بعضك أنت و البتاعتين دول و ابعدوا عن وشي !!


اتسعت أعين السيدات الشعبيات من حديثها العنيف و كلماتها الفظه و صرخت احداهن بها و هي تطلق عدد لا مهول من الشتائم القذره لتتسع أعين "ندي" من تلك النعوت و تصرخ بها بغضب :


- أنت ازاي تقوليلي كده يا جربوعه أنت ، أنت عارفه بتكلمي ميييين !!!!


استفزتهن برعونتها لتبدأ السيده التي كانت تدفع صديقتها و تحجز بينهن بالغضب عليها والتفتت لها تصيح بها :


- تصدقي إنك بت قليله ربااايه ، امشي غوري من المكان دي بدل ما ندفنوكي هناااا ومتطلعش عليكي شمسس !!


استمعت "ندى" إلي صراخ صديقتها التي لازالت على الهاتف تقول :


ندي لمي الموضوع و ارجعي بسرعه ارجوك !!


صرخت "ندي" بغضب :


- الم إيه و أنا هخاف من شويه الجرابيع دول أنا مش همشب قبل ما اخد اللي أنا عاوزااه !!!


صرخت "ندى" بعنف حين امتدت أيدي إحدى النسوه لها تجذب خصلاتها بعنف ضاري والأخرى تكيل لها الصفعات المهينه و الضربات الغاضبه والثالثه هبطت علي جسدها الصغير بثقلها تدفعها أرضاً و هي تكيل لها الشباب اللاذع و الإهانات المفرطه و صرخات "ندي" المستغيثه تدوى بالاجواء بين الأهالى التي تابعت ما يحدث بصمت مخز كعادتهم لم تهرع واحده لاغاثتها لتتساقط الدموع من عينيها و لم يأتي أمامها سوي صوره "أسيف" و هي تستغيث بها بضعف لتردها بجحود و مع دمعاتها السائله شعرت بسيل دافئ بين ساقيها لتدرك أنها فقدت جنينها و فقدت معه وعيها مستسلمه لأول مره بحياتها ، إلى تلك الأيدى التي استباحت جسدها و اهانتها أشد اهانه


" إلا الإهانات الجسديه ، تعلق بالأذهان ولا تنسى" و كان الجزاء من جنس العمل يااااساده


 🫂🫂🫂🫂🫂

اجتماع آل البراري" بعد تلك الليله المشؤمه كان مستحيلا لكن اختفاء الحفيده المفاجئ جعله أمراً ضرورياً ، وقفت "أسيف" بجانب "نائل" يتطلعان إلى باقي الأفراد أثناء محاولاتهم الفاشله بالوصول لأحد من أصدقاء الابنه الشارده عن قصرهم المنيف


عقدت "أسيف" ذراعيها أسفل صدرها و هي تراقبهم بتوتر طفيف حيث بدأ "تيم" أيضا بالغضب حين استمع إلى كلمات "فهد" المقتضبه وعرضه على شقيقته بنقلها إلى مشفي الأمراض العقلية ، حيث صاح بنفاذ صبر مع نفاذ محاولاتهم ... :


- ما هو مفيش حد في الدنيا يقول لأخته هرميك في مستشفي ابداا طبيعي تطفش منككك أنت إنسان لا تحتمل


اغمض "فهد" عينيه بقوه وفتحها عده مرات يحاول كبح جماح غضبه و هو يدس بديه في خصلاته قائلاً بصوت رزين :


انا عارف قولت ايه كويس أنت مكنتش معانا و متقدرش تحكم علي حالتها و بعدين مين قال إنى كنت هرميها هاا !!!!


كاد "تيم" أن يجيبه لكن ارتفاع صوت هاتف "أسيف" اجفلهم جميعاً حيث نظرت إلى الشاشه لحظات دون اجابه ليتصاعد صوت "سمر" بلهفه متسائلاً :


رقم غريب ؟!! ردي يا أسيف !!!!


هزت رأسها بالسلب و هي تقول بهدوء :


- لا يا عمتو دي واحده صاحبتي من زمان هرد عليها بعدين !!


اتسعت أعينها حين وجدته علي بعد انشات صغيره منها يسألها بنبره قلقه :


- صاحبتك دي تعرف ندى برضه ؟!!

أقترب "تيم" بدوره و الباقي يتبعه ينظرون إليها بتلهف و هي تحاول إزاحة مقلتيها عنه بشتى الطرق ثم ارتدت خطوه إلي الخلف برفض واضح لاقترابه الوشيك منها و همست بصوت مسموع و قد بدأ الهاتف يصدر صوته مره اخري :


- اه احنا نعرفها من النادى اصلا !!


اتسعت عينيه يردف بصرامة :


و مستنيه ايه ردي عليها جایز تعرف حاجه دی تانی مره تتصل !!


رفعت إحدى حاجبيها ثم حدقت به بنظرات غاضبه و صاحت به :


- متكلمنيش كده ، أنا هرد فعلا عشان اساعد مش اكثر ولا أقل رغم إنكم ماتستاهلوش مساعدات


لم تتزحزح عينيه القاتمه عن عينيها الغاضبه المتحديه له و التي امتلأت أيضاً بنظرات اعتاد عليها منذ أمس الكراهية والبغضاء، و الاحتقار لقد أصبحت عينيها لاهبه تموج بمشاعر النفور تجاهه بعد أن كانت تتسم بالبراءه ، ابتسم بسخرية و هو يعلم دوره جيداً بتغيرها إنه هو قاتل تلك البراءه لما العجب الآن فتح عينيه مره اخري علي صوتها المتعجب تقول باندهاش :


- هدير أنا مش فاهمه حاجه بطلى عياط صوتك مش واضح !!


اتسعت اعين الجميع بقلق و بدأت لغه الأشاره بين الأخت و شقيقها يطالبها أن تفتح المكبر إن كان الأمر يخصهم ، و قد كااان !!!!


*


لا تعلم العائله كيف وصلت إلي تلك المشفى الصغيره بذلك المكان الشعبي لكن ما علمه ساكنى الحي أنه بالتأكيد حدث عظيم ليزورهم أشراف الإسكندرية ذوي الطبقات المرموقة بيوم واحد

أما داخل تلك المشفى نجحت عائله البراري" بجذب الأنظار ولفت الإنتباه من تلك الطبقه ، ألا و قد علا القلق والتوتر أوجه


الحاضرين خاصه "فهد" و "تیم" جاورت العمه ابن اخيها تربت علي كتفه وقامت "أسيف" بنفس الدور مع شقيقها تحاول تهدئته بينما العم و ابنه يقفان بالقرب يراقبان الأجواء بصمت تام


تصاعد صوت فهد الغاضب و هو يمسك بأحد الممرضين من ذراعه أثناء عبوره مسرعاً من أمامه و صاح بعنف أجفل الجميع :


ايه الحكاايه حد يفهمني بتعملوا ايه في أختى جواااا كل ده ؟؟!!!


صاح الشاب به بغضب هو الآخر يقول بنبره مسترجله خشنه :


بقولك إيه أنا مش فاضيلك شغل الهمج ده ما بياكلش معانا بنشوفه كل يوم ...


لم يعلم المسكين مدي سوء ذلك الهمجي و لكنه على الأغلب فهم قليلاً حين طاحت قبضه "فهد" بأنفه و كادت تتسبب بكسره و هو يصرخ بغضب :


مین دااا اللى همج ياااا xxxxx ، ده انا هطلع xxx و اقفلك الخرابه دي النهارده ؟!!!!!


أسرع "نائل" إلى الفتي يسنده و يحاول إقصائه عن أنظار "فهد" أما "تيم" لأول مره يساند ابن عمه دفعه للخلف يحاول السيطرة علي حركاته الغاضبه و هو يهدر بعنف :


- مينفعش كده ياااافهد اللي بتعمله ده مش هيخرجها من جوااا ...


ثم مال علي أذنه يهمس


هي تحت ايديهم ومنعرفش حالتها اهدى !!!!


لم تهدأ أنفاس ذلك الفهد أو نظراته القاسيه إلا حين قبض على نظراتها المشمئزه منه ثم اشاحتها بوحمها عنه لا يعلم متى هدأت نظراتها المشمئزه منه ثم اشاحتها بوجهها عنه لا يعلم متي هدأت أنفاسه بل و توتر أيضا وكأنها أمه وهو طفلها الذي فعل الخطأ لتستنكر فعلته اندهش "نائل" من ثورته التي خمدت علي الفور و لمح اتجاه نظراته إلى ابنه العم التي تنظر إلى الجهه الاخري و تتبدل بوقفتها علي ساقيها بغضب واضح .... ليترك الفتي بعد أن صرفه وأرضاه ببعض المال و بضعه كلمات ، و اتجه إليها يجاورها و يهمس لها .. بعبث :


تصدقي شكلي هحتاجك بعد كده لما اعصب صاحبنا


اعتدلت تنظر له باندهاش ليشير بعينيه إلي "فهد" الذي يسير بالردهة الصغيره بغضب واضح ، لم تستطع أسيف" فهم كلماته إذ خرج أخيرا الطبيب و أسرع الجميع إليه ليقول بنبره عملیه فاتره و هو يتأمل هيئتهم ذات الثراء الفاحش بتعجب لتواجدهم بذاك المكان .. :


- احنا سيطرنا علي النزيف بصعوبه و نصيحه منى تنقلوها من هنا الرعاية الصحية هنا مش عاليه لدرجه و غرف العنايه كلها مشغوله


قاطعه "تيم " بنفاذ صبر :


احنا فعلا طلبنا إسعاف مستشفى خاص ينقلها من هنا ، تقدر تطمنى علي الجنين ؟!!!


عقد الطبيب حاجبيه و هو يحدثه باندهاش مستنكراً :


یا استاذ جنين إيه الجنين اکید اتوفی و مكناش قادرين نوقف نزيف الأم لأنها كانت في شهرها الرابع وكان خطر جامد علي حياتها و لسه محتاجه رعاية خاصه خصوصاً بسبب باقي الكسور و الكدمات اللى في جسمها


راقبت "أسيف" ملامح أخيها الشاحبه بحزن بالغ حتى و إن كان جنين لم يره لكنه ابنه ، رفعت يديها و أحاطت ذراعه تجذبه

تتشبث به و هی تربت علي ظهره ودموعها بدأت بالتجمع داخل مقلتيها إنه شعور سيئ للغايه رغم ما فعلته ابنه العم معها لكنها كانت تحمل طفل أخيها باحشائها وفقدته بأبشع الطرق الغير آدميه و يبقى سؤال واحد كيف وصلت إلى تلك الحاله فلم تعطهم تلك المشفي الصغيره سوي معلومات ضئيله و أن ابناء الحي نقلوا تلك الفتاه إلى هنا فقط !!!!


جلس "تيم" بصمت أعلي الكرسي الصغير و جاورته "أسيف" تلف ذراعيها حول كتفيه ويدها ترتفع لتسير برفق علي خصلاته ، قد أصابه الجمود لا يعلم الخطأ من الصواب الآن لا يعلم سوي أن طفله قد وافته المنية قبل أن يتمكن من رؤيته


أكمل "فهد" الحديث المقتضب مع الطبيب ثم انصرف الأخر يباشر أعماله وسلط فهد نظراته عليها يتابع برماديتيه حركاتها الهادئه اللطيفه ويديها التي تتبدل على خصلات شقيقها و خدها الذي تسنده فوق رأسه أحياناً وتعتدل أحياناً أخرى تدس شفتيها الجميله بين خصلاته لقد نجحت بتشتيت جميع أفكاره و كأنها ألقت بلعنه عليه و على شقيقته ليبتسم داخله بسخرية هامسا :


دعواتك استجابت يا أسيف !!


ليستمع إلي همس عمته الباكيه و هي تربت على كتفه :


- دي مش دعوات أسيف يافهد اللي عملته في البنت اترد في أختك يابني هي كده ربنا قسمها كده و احنا اللى بننسي ده دان تدان يابني !!!!


خرقت كلمات عمته أذنيه و تردد صداها داخل ثنايا عقله و هو يغمض عينيه ويفتحها يراقبها هى فقط و هو عاجز عن التفكير بالقادم ثم اتجه إلى حيث ترقد شقيقته يتفقد تلك الأسره بعيناه حتي وصل إليها جسد هامد فوق فراش صغير وقف يطل عليها بجسده الضخم نسبياً يحدق بتلك الكدمات التي انتشرت علي أنحاء متفرقه من جسدها و الخدوش أعلي رقبتها و ماظهر من كتفيها لم يتخيل ان يري شقيقته الصغيره بتلك الهيئه ابداا !!هبطت دمعات خائنه من عينيه ثم هبط بشفتيه يقبل عينيها المغلقه بهدوء و هو يربت علي خصلاتها برفق لحظات و كان الرجال المسعفين خلفه بجانب ابن عمه ليتم نقلها إلي مشفي آخر


*


وقف "يزيد" خارج الغرفه بالمشفي الخاص ينتظر عوده "أسيف" التي لازمت شقيقها لإحضار مشروبات ساخنه للجميع فقد كان حادث غريب و اهتم به العم و الجد بالتواصل مع الجهات المختصه و كان الأمر مجهول لعدم معرفه سبب تواجد الابنه هناك و أنها لم تفيق من تأثير المخدر لتجيب على أسئلتهم !!!


نادت "أسيف" بصوت واضح علي "يزيد" و قد اعتلي ثغرها ابتسامه صغيره ليعتدل الآخر بوقفته و يبادلها الابتسامات اندهش الجد و العم و العمه من علاقتهم وهم على يقين أن "أسيف" يصعب عليها تذكره !!


وقفت "أسيف" علي مقربه منه بزاويه بعيده نسبياً تقص عليه أحداث مختصره و قد وقف كلاً من "تيم" و "نائل" يتناقشا سوياً ، و غاب عنهم "فهد" بقسم الماليه !!!


تنهدت أسيف" و هي تزيح خصلاتها و تردف بحزن :


أنا بجد زعلت عليها يا يزيد و حاسه ان مفيش أي تغيير كده ، المفروض مازعلش بعد اللى عملته أنا ايوه مش موضحه ده بس حقیقى مش مستحمله منظرها و تیم کمان ابنه مات قبل ما يشوفه و مش عارفه أهون عليه أنا لسه محتاجه علاج صح !!!


ابتسم "يزيد" إليها بعد أن تأمل حديثها اللطيف البرئ و أردف بهدوء و صوت أجش :


ده اللى اتفقنا عليه يا أسيف !!! احنا مش قولنا خلاص مرحله العلاج خلصت و بعدين أنت مكنتيش مريضه أنت كنت محتاجه العلاج خلصت و بعدين أنت مكنتيش مريضه أنت كنت محتاجه هدوء و سلام نفسی و اتوفر لك فتره محدده عشان تقدري تمارسی حياتك عادي ، اما فكره زعلك على ندي دي لو محصلتش أنا اللى هقلق و اقول إنك اتغيرتى للأسوأ ، أسيف أنت قويه و كل الحكايه إنك كنت بتظهرى زعلك وتعاطفك دايما معاها و مشاعرك مكشوفه ، لكن بعد علاجك زى ما بتقولي بقيتى عارفه أمتى تظهري مشاعرك و أمتى تخفيها و تداریها و ده الصح أنا كده مطمن عليك ، قوليلى بقي ناويه تعملي ايه مع تيم أظن هو اللى محتاجك دلوقت !!


ابتسمت ممتنه لكلماته التي هدأت من روعها و كأنها بلسم يلطف الجروح ثم نظرت ناحيه أخيها الواقف بعيد نسبياً يتحدث إلي ابن عمها بهدوء و اعتدلت تواجه "يزيد" المراقب لها بصمت هامسه :


- مش عارفه بجد يا يزيد لكن أكيد هيبقى کل ترکیزی معاه تیم بالنسبالي كل حاجه و مقدرش اشوفه زعلان أنت عارف لكن المشكله إنه بيداري زعله منى أنا كمان !!


حدق بها بشرود و صمت و هو يبتسم لها ثم عقد ذراعيه أمام صدره وقال بهدوء :


اقولك سر !


فتحت عينيها الجميله علي مصرعيها تحدق به بحماس لطیف و ابتسامه جميله شغوفه لأسلوبه اللطيف و هزت رأسها بالإيجاب على الفور ليضحك برزانته المعتاده و يقول بلطف و هو يحمحم :


انا مبسوط انك مفقدتيش براءتك يا أسيف كنت خايف تتغيري ، بس خليك كده جميله علي طول !


توترت ملامحها و عضت على شفتيها بخجل طفیف و اشتعلت وجنتيها و هي تنكس رأسها بهدوء و "يزيد" يتابع توترها اللطيف المحبب إليه بهدوء و شغف تام ، وصل الفهد لتوه و التقطت عينيه ذلك المشهد فور أن اقترب منهما و رأى هيئتها الخجله التي يعرفها

ذلك المشهد فور أن اقترب منهما و رأى هيئتها الخجلة التي يعرفها جيدااا و ذلك الرجل الغير متبين ملامحه يقف قبالتها يحدق بها و عينيه تكاد تأكلها !!!


توترت أنفاسه و جز علي أسنانه بغضب لا يعلم ماهيته لكن ما يعلمه جيداً أن "أسيف تغيرت كثيراً منذ أمس و هو مذهول من تحولها الغريب لكنها الآن تعلن عن الأسباب و شقيقها يقف بعيداً تاركاً إياها تفعل ما يحلو لها !!!


طارت محاولاته اللطيفه ادراج الرياح و فى خطوتين كان أمامها يجاور ذاك الغريب عليه نسبياً ينظر لها بغضب و نظرات لائمه !!


رفعت رأسها حين لمحته و كادت تنصرف عنه بعيداً باشمئزاز هي و ضيفها لكن لفت انتباهها أعينه الحمراء من شده البكاء لقد رأت تلك الهيئة مراراً حين كان يواجه كابوساً ما لكن لما ينظر إليها بلوم و عتاب ؟!!


ضيقت عينيها مندهشه من نظراته الغريبه وكأنها هي من أخطأت بحقه ، عرفه يزيد على الفور و ابتسم بتهذيب يمد يده إليه بدعوه تصافح و هو يقول بنبره مواسيه :


- ألف سلامه علي ندى ربنا يشفيها !!


رفع "فهد" إحدى حاجبيه و هو ينظر إليه باستنكار لأسلوبه التحببي و كأنه أحد أفراد العائلة ، لتنظر "أسيف" إليه ثم إلي يد "يزيد" الممتده بالهواء وتعض على شفتيها ، تتلفت برأسها تبحث عن نجدتها وها هي قد أنت بصوره ابن عمها اللطيف يحدق بهم و أردف بابتسامه مزيفه لابن عمه :


- يزيد صاحبي من زمان و عيلته و عيلتنا صحاب جداا من زمان يا فهد و كمان يبقي دكتور أسيف !!


عقد "فهد" حاجبيه بغضب و أخيراً مد يده و هو يصافحه ضاغطاً بغضب علي أصابعه و قال بهدوء زائف :

دكتور أسيف ازاي يعنى !!


اس اس


أخيراً خرج صوتها الحانق الغاضب تقول و قد شعرت بسخافه تواجده بينهما :


- إيه هو اللي ازاي مشوفتش قبل كده أخصائي نفسي ؟!


93


اغضبته نبرتها الحانقه عليه أمام الأعين الغريبه و الفضوليه و حدق بها بغضب لتبادله بتحدي سافر لم يعتاده منها شعر كأنها تستمد قوتها من ذلك الغريب الأخرق ، لا يعلم لما تصاعدت النيران بصدره بغضب و شعر كأنه يري بأم عينيه عائق مسامحتها له و غفرانها ، ليغمض عينيه قاطعاً تواصلها البصري و تنهد قائلاً بلطف :


لا شوفت يا أسيف


خرجت كلماتها تلقائياً بلا شعور تقول بغضب :


- قولتلك متقولش اسمي تااااني انت ايه اصلا اللى موقفك هنا ؟!!!


اتسعت أعين "نائل" وتطلع "فهد" إليها بغضب لإهانتها له ما تلك الطريقه التي تحادثه أمام ذلك الرجل الذي أدار وجهه بعيداً بحرج و تظاهر بالعبث بهاتفه ، عجز "فهد" عن الرد و ظل يحدق بها بصدمه شعرت بتوتر طفيف حين لكزها "نائل" بخفه لكن ماذا تفعل رؤيته تشعرها بالنفور والغضب والكراهيه مشاعر سيئه مختلطه لا تريد أن تراه ابداااا !!!


وصلت مشاعرها إليه ليهز رأسه بالإيجاب ضاما شفتيه بغضب و هو يشد على قبضتبه بقوه و قد برزت عروق رقبته من شده غضبه ثم سحب جسده بغضب بعيداً عنهم و هو يحدق بذلك الرجل بعداء غریب و کراهيه ليرافقه "نائل" و هو يقول لتلطيف الأجواء وقد شعر بالحرج لابن عمه الذي لأول مره يصمت هكذا :


الدكتور كان لسه بيقول أن ندي معاها شويه و تفوق ، تعالى شوف تيم بقى هو اللي فهم منه كل حاجه

ثم ربت علي كتفها يبتسم إلى "يزيد" بهدوء و هو يقول :


بعد إذنكم


93


هز "يزيد" رأسه بهدوء و هو ينظر إلى "أسيف" التي تبدلت حالتها للحزن والغضب هامساً لها يلفت انتباهها مره أخرى :


عرفتوا ندي كانت بتعمل ايه في المكان ده ؟!!


انتبهت له بعد أن كانت تحدق بأثرهم بصمت و قالت بهدوء :


- لا هدير حلفت أنها متعرفش حاجه غير إنها كانت واخده عنوان واحده هناك و رايحه تقابلها و مش راضيه بس أنا حاسه هدير تعرف أكثر من كده لأنها رفضت تقولى العنوان و قالت معرفش بس لما كانت بتعيط قالت إن ندى صرخت و هي متصله بيها تقولها العنوان


هز رأسه بتفهم و هو يبتسم لها بهدوء و يقول :


دلوقت تفوق والتحقيقات تظهر كل ده ، أنت زي ما اتفقنا ركزي مع تيم و أنا هبقي على تواصل معاك على طول


هزت رأسها و عادت الابتسامه إليها من جديد بشكل تدريجي


علي الجانب الآخر


وقف "فهد" و عينيه تراقبهم بغضب نارى يكاد ينقض عليهم و يفترسهم و إحدى قبضتيه تطرق الحائط بوتيره غاضبه فلم يعد لديه قوه التحكم بنظراته الواضحة ناحيتهم و التي لاحظها الجميع ...


نظر "تیم" حيث يحدق "فهد" بغضب ليعقد حاجبيه من تجاوز الحد اللازم لفتره الأحاديث بين شقيقته و طبيبها الذي أتي بشكل مفاجئ فور أن علم بتواجدهم هنا ، استقام" "تیم" بوقفته و اتجه ناحيتهم بهدوء و أردف فور أن وصل إليهم :


أسيف عمتو عاوزاك يا حبيبتي !!


93ال


ابتسمت له بهدوء و انصرفت إلي عمتها ليتابعها "تيم" ثم يردف فور انصرافها و هو يحدق ب "يزيد" بنظرات غاضبه :


شوف يا يزيد أنت صاحبي و مفيش زعل بينا و أنا وعدتك إنى مش هتدخل في علاجك لأسيف لكن أظن فترة العلاج خلصت و أسيف مطلقه و معنديش استعداد اسمع أى كلمه تسيئ ليها و أنت مش هيرضيك ده اظن ، أنا و أنت عارفين مدي براءه أسيف و إنها بدأت تستوعب الناس حوالينا بالعافيه و أكيد مش هتفهم منى اللى انت فهمته دلوقت مش كده ؟!!!


نكس "يزيد" رأسه بهدوء ثم ضغط علي شفتيه يفكر لحظات قبل أن يقول بنبره هادئه :


كده ياتيم و عندك حق أنا فعلا خلصت علاجي مع أسيف و كنت محتاج اتكلم معاك فى ده بس حصل موضوع وفاه جدتكم و حادثه ندى و ملحقتش أنا عارف أنه مش مكانه و لا وقته بس أنا مش حابب تشوفني بصوره مش تمام و مش ممكن أقبل أي كلام علي أسيف ، أنا عاوز اطلب ايد أسيف منك أنا مشدود ليها بشكل مش طبيعي و لدرجه غريبه


اتسعت أعين "تيم" و كاد يجيبه لكن رفع "يزيد" يديه أمامه يقول مسرعاً :


اناا عارف انه مش وقته بس حبيت أوضح نيتي و إنها خير مش قصدي حاجه و على العموم أنا همشى دلوقت و هجدد طلبى في وقت مناسب للكل ، بعد اذنك و شد حيلك


ربت علي كتفيه بقوه طفيفه ثم ولى متجهاً إلى طريقه دون اضافه كلمه أخرى

حدق "تيم" في أثره بذهول و هو لا يقوى على الحديث لقد تعددت صدماته اليوم ، هل يطلب طبيب شقيقته يدها !!!!


اتجهت أنظاره إلى "أسيف" المقبله عليه بابتسامه هادئه تعقد حاجبيها بلطف قائله بتساؤل :


هو يزيد مشى ؟!!


هز رأسه بالايجاب و هو يحيط كتفيها عائداً بها إلى مجلس العائله بصمت تام و وجه مشدوه أدهش أسيف" و أقلق ذاك المتابع بصمت منذ بدايه حديثه مع يزيد لا يعلم لما ينتابه شعور القلق الآن تحديداً !!!!!


*


مرت السااعات بصعوبه علي الجميع و أخيراً أفاقت "ندي" و هي لا تفعل شيئ سوى البكاء بأحضان أخيها رافضه الحديث مع الجميع إلا حين دلفت "أسيف" اتجهت أنظارها إليها و حدقت بها بصمت دام لدقائق أقلق الجميع ثم خرجت من أحضان أخيها تحاول الخروج من الفراش والجميع يترقب حركتها اتجه "تيم" إلى شقيقته يحيط كتفيها و هو يحدق بتلك الطائشة التي تحاول أن تتسند و تصل إليهم و أخيراً وصلت إلي ابنه عمها و فجأة أمسكت طرف ستره "أسيف" تصرخ بها :


ربنا جابلك حقككككك ابني مااات يااااا أسيف ، كنت رااااايحه عشان اخلص منككككك بس ابني رااااح فيهاااا ، انا مستاااااهلش ده يااااأسيف أنا حبيت اخوووكي و كنت هجيب بيبي منه بس ملحقتتتتتتتش !!


اتجه "فهد" مسرعاً ناحيتها يرفع جسدها المتشنج عن الأرضيه و هو يحيط خصرها يبعدها عن "أسيف" المذهوله هل كانت تحاول قتلها !!!! كانت هناك لتتخلص منها !!!!


اتسعت أعين الجميع مع ذلك الاعتراف و ظلت صرخات "ندى"

تتعالى و هي تنتفض و جسدها يتشنج لتردف أثناء مقاومه اخيها بجنون :


رجعولي ابنييييي ، انااااا عاوزه ابنييييي حرااااام ياخد حقها من طفلللللل حراااام ، اختككككك قتلتتتت ابنك يااااتيم ، سااااامحيني يا أسييييف و رجعيه ارجووووك !!!


اندفع الفريق الطبي إلي الغرفه و بعد عده محاولات بالسيطره عليها نجح الطبيب أخيراً بحقنها بالمخدر لتهدأ تدريجياً بأحضان أخيها و هي تستقبل تلك السحابه السوداء برحابه صدر متمنيه أن تكون آخر لحظاتها بالحياه علها تريح الجميع !!!!!!


جميعنا نفعل الأخطاء لكن هناك فرق بين من يفعلها برضا تام و من يفعلها دون درايه أو شعور ، فالأول فقد جميع فرصه بالنجاه أما الآخر فباب التوبه لم يُغلق بعد ، ظنت "ندى" أنها سوف تفلت من الحكمة الإلهية و عداله السماء و كانت صفعه القدر لها أقوي رادع ، فطره خلقنا الله عليها تخطئ ونُصيب و لكن العفو دوماً لمن يخطئ ثم يتوب ، حتى توبتنا تحتاج إلى قوه لم تملكها تلك الضعيفه


 الفصل الخامس عشر والسادس عشر من هنا

   لقراءة جميع فصول الرواية من هنا 

 

تعليقات
×

للمزيد من الروايات زوروا قناتنا على تليجرام من هنا

زيارة القناة