رواية خادمة في قصر الفهد الفصل الحادي عشر 11 ج1 الجزء الثاني بقلم صفاء حسني

رواية خادمة في قصر الفهد
الفصل الحادي عشر 11 ج1 الجزء الثاني 
بقلم صفاء حسني
 
فهد كان بيرقب حياة من بعيد، لما عرف إنها دخلت كلية الطب في جامعة القاهرة.  كان دايماً بيركب العربية ويقف بعيد بعد ما يعرف كل محاضرتها ويكتفي بالنظر من بعيد من غير ما يقرب.  حياة فعلاً قدرت تتجوز تعبها، واندمجت في الدراسة عشان تكون من المتفوقين.  كان الدكتور اللي بيدرسهم دكتور شريف، وكان دايماً بياخد الطلبة والطالبات المتفوقين للتدريب في المستشفى.  منهم ملك، اللي كان مهتم بيها شريف بطريقة مختلفة عن باقي الطلاب.
 
ولما جات حياة وطلبت من دكتور شريف: "لو سمحت يا دكتور، ممكن طلب صغير من حضرتك؟"  ابتسم شريف وقال: "أكيد يا حياة، اطلبي في حاجة مستوعبتهاش في الشرح؟"  هزت رأسها ملك بالنفي وقالتله: "كويس، أنا بس كنت عايزة اشتغل في المستشفى هنا لو ممكن.  أنا عارفة إني لسه بدرس، ومش اقصد بصفتي دكتورة، مجرد مساعدة دكتور أو حتى في التمريض."
 
انصدم شريف وسألها: "طيب ليه يا بنتي؟  أنتِ عارفة درست الطب صعبة ولازم تركز فيها."  اتنهدت ملك وقالت: "حضرتك أنا مش عارفة أنت تعرف ظروفي والا لأ.  أنا كل اللي أعرفه إني فقدة الذاكرة، وصاحب المستشفى اللي كنت فيها نقلنا على ماوى وطلب الاهتمام بيا شخصياً بعد خطأ تشخيص أو ما شابه.  وأنا عايشة باللي سنتين علي وعليهم، وكمان في شخص تاني وفر لي مكان أذاكر فيه وساعدني بردو.  لكن أنا دلوقتي لازم اعتمد على نفسي، والحمد لله بفضلهم قدرت أتعيش مع الواقع.  أرجوك مش تغزلني يا دكتور إذا امكن، حاسة بشغلي كأني يرجع، وممكن أنا كنت بشتغل من وانا صغيرة، عشان كدة حاسة إني في حاجة ناقصاني."
 
ابتسم شريف وقال: "طيب أنا عندي الحل.  إيه رأيك تكوني مشرفة على قسم الأطفال؟  بيجي حالات كتيرة بيكون الطفل في حالة اكتئاب، وخصوصاً بعد حوادث السيارات، وأحياناً منهم بيكون فقد أمه أو أبوه، بيكون عايز قلب يخفف عنه، وأنتِ قدرتِ تعدى بالمراحل الصعبة."
 
ابتسمت حياة بفرحة وقالت: "مش عارفة أشكرك ازاي، شكراً جداً."
 
و فعلاً تم عملها في قسم الأطفال.  كانت بتتابع الحالة، وأيضاً بتتكلم مع الأطفال كانها أختهم أو صحبتهم، ونجحت في تغير نفسية كذا طفل بالحكايات.
 
ليلي انصدمت من اهانة بنتها وقالت: "أنا أرملة ومن حقي أعيش حياتي، ولسه صغيرة، وده ملهوش علاقة إني أمك.  فعيب أوي تصوري أمك فيديو وصور وتهديها بيها."
 
ضحكت اسماء وقالت: "بنت يا أمي المثالية وتعليمك!  اقسم بالله العظيم بعد كدة حاولت تدخلي في حياتي وتحرجني أقدم فهد وتقولي خدنى معاكي عارفني على سيدات المجتمع لخليه يشوف حماته المصونة وهي بتنزل كرامته الأرض ونايمة مع سواقها.  أنتِ كل شغلك هنا تراعي ابني، وأنا مش موجودة، مفهوم؟  والليل عندك روحي نامي براحتك، مش أخرج من هنا وأنتِ تجري تطفي نارك من هنا.  والله الا في سنك بيصلي ويطلب منه المغفرة والرحمة."
 
تركتها اسماء وليلي تشعر بغيظ وحرقة دم وقالت: "بقي كدة يا بنتي؟  بطني أوكي، لكن أنا ليلي فتح الله ومش كسرتك أقدمك جوزك، مبقش أنا أو اكسرها ليه؟  أنا وهي هنخسر العز ده، لكن أنا جدتي بدر وبيحبني، وأنا اللي بريعها ولو هي اتكلت على الله، أنا أكون الوصية عليه."
 
ثم تراجعت: "مش حصلت كدة يا ليلي، أنتِ زليه الأول، ولما مفقتش أخلص منها، اتفقت مع السوق فهمي اللي خرج من السجن، وهي جابته يشتغل سواق عشان تراجع الذكريات الحلوة."
 
وقالت: "شوف يا فهمي، أنا عاوزاك تصورني مع بنتي، أنا عارفة إنك عينك عليها."
 
ابتسم فهمي وقال: "عينى على مين يا قمر؟  هو بعدك حد يملي عينى؟  أنتِ قدرتِ تشبعني سنتين السجن، ونجحتِ إنك تخرجني."
 
ابتسمت وهي في حضنه وشبه عاري وقالت: "أنا عاوزة أكسرها عشان بتهددنى إنها هتطرني، وأنا السبب في كل اللي هي فيه.  مش عندي استعداد أشحت أو أتهبدل في العمر ده.  قولت ايه؟"
 
ابتسم فهمي وهو يتخيل اللي موجودة في حضنه هي اسماء مش امها وسألها: "طيب عندك فكرة؟"
 
ضحكت وقالت: "طبعا، أنا عرفت إن بتحط لجوزها منشط جنسيّة عشان يقرب منها عشان كان كارفيها، هحط ليه نفس النوع في العصير وهي هتكون مش على بعضها، وأنت استغل الفرصة في أي مكان، لكن أهم حاجة صورها وهي معاك."
 
انصدم فهمي من تفكير ليلي، هي في أم تعمل كدة في بنتها؟  وابتسم ما بين نفسه: "أنا مش هودى نفسي في داهية، أنا أكسب بوند عند اسماء، هي الشابة اللي لو حست إني درعها اليمين مش هتستغنى، وهطلعني لفوق.  أم ليلي خلاص راحت عليها."
 
و فعلاً كانت نفذت ليلي الاتفاق وطلبت اسماء الفطور في الحديقة.  وقدمت الخادمة العصير والفطور، وقبل ما اسماء تشرب العصير اقترب فهمي واخد الكوبايه ورمها.  انصدمت اسماء وقالت: "أنت يا بهيم، إيه اللي عملته ده؟"
 
ابتسم فهمي وقال: "بهيم؟  شكراً، البهيم ده أنقذك من مصيبة امك كانت عايزة تقع فيها."  وسمعها تسجيل بصوت ليلي وكلامها.  انصدمت اسماء واقعدت على الكرسي من الصدمة وهي مزهولة، هي في أم فاجر للدرجة دي؟  عايزة تفضح بنتها وتزلها.  واضح إن ايامك معايا خلصت يا ليلي هانم، أنا هكسرك بالبطى وأنت شايفين، بتكلم مع فهمي وهو بيبعد عنك بالبطى.  و فعلاً مفيش مشوار الا وفهمي معها، وأصبح يتاجهل ليلي.
 
وفي يوم حفلة عيد الأم في حضانة بدر، اخدت اسماء بدر وراحت معه.  عشان هي أترشحت في مجلس الأباء إنها تكون المسؤلية عن الحفلة.  و فعلاً جهزت ابنها، ونتصر السواق مجش ذهبت تبحث عنه، سمعت ليلي عنده بتتكلم معه: "أنت تبعني عشانها؟  أنا اللي نظفتك وخرجتك من السجن يا وطى، والله العظيم لاقتلهم وهكون الوصية علي ابنها وست البيت كله مش جدت بدر."
 
انصدمت اسماء وقالت: "عاوزة تخلص مني؟  كان غيرك أشطر، أنا اللي هخلص عليك."  وضعت في الطعام حبوب تسمم الدم ويموتها بالبطئ، وركبت السيارة هي وابنها وهي سايقة، فجاءة حصل خلال في السيارة، ومكنتش اقدرة تتحكم في العربية وبتحاول على قد ما تقدر.  سألها بدر: "هو في ايه يا ماما؟  العربية مالها؟"
 
اتوترت اسماء وطلبت منه: "اربط الحزام كويس يا بدر بالله عليك واحم نفسك لحد ما أقدر أتصرف."  و فعلاً ربط الحزام وهي فتحت البلونة اللي كانت وضعتها في الكرسي الخلفية عشان لو حصلت أي تصدم ابنها مش يحصل ليه حاجة، و بدت تفقد السيطرة على العربية وانصدمت في عمود وانقلبت بيهم في نفس الوقت.
 
كانت ليلي قاعد بتاكل الاكل بفرحة عارمة ومنتظرة تسمع خبر موت بنتها وهي تبقي الكل في الكل.  لكن بعد ما انتهت من الاكل تعبت واغمى عليها.  جات سيارة الاسعاف نقلت اسماء والطفل من السيارة وبلغوا فهد.  سمع فهد الخبر انصدم، طلب منهم يجيوا على المستشفى، و فعلاً وصلت العربية وتم نقل اسماء وبدر على غرفة العمليات.  كان فهد واقف متركب الدكتور يخرج ويطمنه، وكان على اعصابه.  كانت ملك بتهتم بالاطفال وترعيهم زي عادتها، وسمعت إن في طفل جيه مع أمه في حادثة سيارة.  اتاثرت ملك كل ما تسمع عن حادثة عربية، وكانها عاشت الأحداث قبل كدة، وعرفت إن الدكتور شريف طلبها، اتجهت هناك، وفي نفس الوقت تم نقل الطفل ل قسم الأطفال جراحة العظام.
 
خرج شريف اتجه فهد نحوه وقال: "طمني عليهم، هما بخير بالله عليك."  اتنهد شريف وقال: "شد حليك، الدوم لله وحده."
 
لم يستطيع فهد أن يتحمل وشعر إنه مش قادر يقف على رجله وكان يقع من طوله.  اقتربت طبيبة من فهد أمسكت بيه وقالت: "خالي بالك يا استاذ، كنت هتقع."  نظر لها فهد وهي نظرت له، مكنش مصدق نفسه إنها هنا جات في لحظة هو فعلاً ضعيف، لكن بردو شعر بالذنب إنه مشاعره اتجهت ليها وهو دلوقتي خسر ابنه ومراته.  ثم تدخل الدكتور وقال: "شكرا جداً يا دكتورة حياة إنك جيت، كنت ببلغ الباشا فهد عن حالة زوجته وابنه، وحضرتك هتكون المشرفة عن حالة ابنه بدر عزالدين."
 
عندما سمع فهد أن ابنه بخير روحه رجعت له وتنفس وقال: "حضرتك هو ابني بخير؟  حضرتك قلت إنك مقدرتش تنقذهما..."
 
اعتذر الدكتور شريف وقال: "اسف يا باشا، أنا مكملتش كلامي، زوجتك هي اللي مقدرنيش نعمل معها حاجة لأنها أخدت..."
 
انصدم كله، ام الطفل الحمدلله بخير، والدكتورة حياة تخصص مساعدة لي وهتابع الحالة بإذن الله معايا وهتكون مع ابنك كل لحظة وتطمنك.  اسيبكم انا،  و ابتسم ل حياة وقال: "يا دكتورة حياة، كل التقارير الخاصة ب عز هتلاقي مع الممرضة."  هزت رأسها حياة ب امتنان إنه لقبها دكتورة وهي لسه في تاني طب، لكن مش نسي ليه معروفه وقالت: "حاضر يا دكتور شريف."  ونظرت إلى فهد وهي تشعر بحزنه، ومكنتش عارفة تقول ايه في الظروف دي.  "البقاء لله في زوجتك، والعمر كله ليك.  أنا عارفة إنك حاسس بالضياع، والحزن، ولكن باذن الله خير.  اطمن على ابنك، وبعد ذلك زي ما قلت لي لازم نتخطى أحزانى عشان الناس اللي بنحبهم فاكر؟"
 
اتنهد فهد وهو ينظر لها، وتلقائياً اترم في حضنها اللي هو اشتاق ليها من أول مرة حضنته.  لم نجحت هو هرب منه عشان ميكنش خاين، لكن دلوقتي هو محتاج ليه جداً.  انصدمت ملك، لكن هي تعتبره صديق، وهو وقف معها في لحظات ضعفها.  ضمته في حضنها وقالت: "طلع اللي جواك يا عز، لكن متخليش الحزن يكسرك، أنت كنت دايماً تقول كدة، أنا بفضلك وصلت لهنا."
 
بعد ما شعر بالأمان في حضنها وشعر فعلاً إنه محتاجها جانبه قام واقعد وقال: "أنا حاسس بالذنب يا حياة، هي طلبت مني أجي معها حفلة عيد الأم، لكن أنا رفضت، قولت مشغول.  لو كنت روحت معهم..."
 
تنهدت ملك بخوف وقالت: "بعد الشر عليك، اوعى تقول كده، أنا متعودة عليك إنك قوي، وهتكون قوي عشان بدر، صح؟  شوف اجرات دفن زوجتك، وابنك يكون تحت إشرافي ليل ونهار لحد ما يكون بخير."
 
هز رأسه فهد ب امتنان وذهب معها واتجه نحو الغرفة.  كان الطفل نايم على السرير مثل الملاك شعره اصفر وبشرته بيضاء تشعر نسخة مصغرة من فهد.  دخلت الدكتورة وابتسمت وقالت: "اخبار البطل إيه؟"  ردت الممرضة: "بخير يا دكتورة، التقرير اهوه."  نظرت حياة الي التقرير ثم بدأت توضح الموضوع: "محتاج اردة يا ابو بدر عشان يوجد كسر في الرجل اليمنى، وتم تغير مفصل في الرجل اليسرى، ام بقي الجسد بخير."
 
انصدم فهد واتجه نحو ابنه اللي فتح عيونه وعندما رآه بكى وقال: "العربية يا بابا، ماما..."  كان من البكاء لا يستطيع أن يتكلم كلمتين، ضمه الاب بكل حب، ومكنش عارف يوسيه ازاي.  شعرت ملك بالحيرة اللي هو فيه، اقتربت منهم وابتسمت: "اسم البطل إيه؟"
 
نظر لها الطفل وشعر براحة غريبة وسألها: "أنتِ مين؟"
 
ابتسمت ملك عندم سالها الطفل وقالت: "مش هتصدق لو قلت ليك إني مش عارفة أنا مين."  استغرب الطفل وسألها: "ازاي مش عارفة انتِ مين؟  في حد ما يعرفش هو مين؟"  ضحكت ملك ونظرت ل فهد وقالت: "عندك حق والله، لكن أنا ذيك كدة حصلت معايا حادثة من ٥ سنين وصحيت مش فاكرة أنا مين والا أسمى إيه، في ناس اهتمت بي"  وهي تنظر ل فهد ب امتنان ثم اكملت: "وقالوا إنهم يعرفون وانى في شخص اتبننى مدية..."
 
ركز الطفل في حديث ملك لحتى ما أعطت العلاج دون أن يشعر بطعمه.  كان فهد ممنون ليه إنها بتحكى ليه و تلهى الطفل عن موت أمه والم جسمه وأعجب ب اللي عملته.  سألها الطفل وقال: "يعني إيه؟"
 
اقتربت منه وهي بتعطى العلاج التاني وقالت: "يعني بيصرف عليا لحد ما اكمل تعليمي، كان مسؤولاً عني في كل حاجة، أكل وشرب ومسكن وملابس، وكان موصي مديرة أعماله تهتم بي."
 
سألها بلهفة وقال: "يعني انتِ معندكيش أم أو اب أو اخوات؟"  شعرت ملك بحزنه وقالت: "اه، حتى أسمى أصبح لي اسمين، ولما سألتهم ليه يبقي لي اسمين قالوا عشان في خطر عليا ولازم أكون في أمان."
 
كان فهد واقف وهو بيسمع وجعها، لكن كان مستغرب ليه بتحكي ل ابنه كدة، لمجرد تخفف عليه والا هي طبعها كدة بتتكلم كتير.  سألها بدر: "عندك اسمين زي أنا عندى اسمين؟"  ابتسمت ملك وقالت: "أنت عندك اسمين؟"  هز رأسه الطفل وقال: "اه، بابا كان عايز يسميني عز على اسم جدي، لكن ماما كانت عايزة تسميني بدر الدين، فبقي اسمي بدر عز الدين."
 
نظرت له والي فهد وهي مستغربة وسألته: "يعني أنت اسمك مركب، وعز مش اسم بابا؟"  شعر فهد بالاحراج إنه مقالش لحد دلوقتى اسمه ليها، ومش عارف ليه عمل كدة.  اندهشت ملك لكن مش وقته تساله وهما بالهم كتير مش بيتقابلوا عشان يقولها فابتسمت ل بدر:  "الاسمين أحلى من بعض يا استاذ بدر، أنا ذيك، لما سألتهم كان أسمي إيه، قالوا كان أسمي ملك، لكن غيروا أسمي ب اسم حياة."  ابتسم الطفل وقال: "بصري زي بعض، طيب أنتِ عجبك إنه واحد فيهم؟...



تعليقات