
رواية لن انساك
الفصل الحادي عشر 11 ج1
بقلم ريهام ابو المجد
في الوقت دا عمران كان قاعد على الكنبة ومرجع راسه لورا، وفجأة حس بوجع في قلبه جامد وخنقة شديدة وحاول ياخد نفسه، فعم درويش قرب منه وقال: مالك يا ولدي؟!
عمران: مش عارف يا عم درويش بس حاسس بخنقة ووجع في صدري شديد فجأة كدا.
عم درويش: استهدى بالله يا ولدي وقرأ قرآن همك يزول.
عمران: حاضر يا عم درويش.
عم درويش: ربنا يريح قلبك يا ولدي ويقرب البعيد.
عمران بحزن: يا رب.
.........
عند ميرنا
فجأة فقدت الوعي ونامت بجانب سليم وملك بأحضانها، الناس أخدوا البنت وحاولوا يفوقوا فيها لكن هي مش بتفوق.
وصلت عربية الإسعاف وأخدوا سليم اللي غرقان بدمائة، وميرنا اللي فاقدة الوعي بل الحياة بأسرها.
حد أتصل من المستشفى بالبيت، ووقتها سالم كان لسه مخرجشي، فرد على الفون.
سالم: الو، ايوا أنا سالم شهاب، مين معايا؟
......
سالم بصدمة: أنت بتقول إية؟
زينب بخوف وقلب مقبوض: في إية يا سالم؟ ابني
سليم كويس؟
وكأن قلب الأم قد شعر، سالم: بيقولوا إن ميرنا وسليم
في المستشفى ولازم نروح حالًا.
اللي أتصل بيه مرضيش يعرفه اللي حصل عشان ميحصلوش حاجة فقاله كدا وهو يجي يكتشف بنفسه.
زينب بخوف: لية في إية؟ هم عيالي كويسين؟
سالم بخوف: معرفشي لازم أروح أشوف.
زينب بعياط: استناني أنا جاية معاك.
وصلوا بعد وقت ودخلوا وهم بيجروا وسألوا في الإستقبال.
سالم: في شاب وزوجته ومعاهم بنتهم وصلوا هنا من حوالي ساعة على حسب ما الشخص بلغني اسمه سليم سالم شهاب؟
الممرضة: ايوا يا فندم مظبوط.
سالم بلهفة: طب هو في غرفة رقم كام؟
الممرضة بحزن: المدام في غرفة رقم ١١ هي والبيبي، أما الزوج فأنا بعتذر وصل وهو مفارق الحياة البقاء لله.
سليم وزينب سمعوا الكلام وهم مصدومين محدش يقدر يتخيل إنه يسمع كدا عن ابنه.
زينب: أنتي بتقولي إية أكيد غلطانة، قولها الإسم تاني
حلو يا سالم شكلها مش مركزة.
الممرضة حطت وشها في الأرض بحزن ومتكلمتشي،
فزينب قالت: أنا عايزة ابني يا سالم.
سالم: أكيد مع ميرنا في الغرفة تعالي نشوفهم.
زينب: ايوا عندك حق أكيد مع ميرنا يلا.
دخلوا الغرفة اللي قالتلهم عليها، ولما دخلوا لقوا ميرنا
متعلق لها محلول ونايمة وفي ست كبيرة قاعدة وشايلة
ملك بحنية.
زينب جريت على ميرنا بلهفة وقالت: ميرنا فوقي أنتي كويسة.
الست: أنتي تعرفيها؟
زينب: ايوا دي بنتي إية اللي حصلها؟!
الست مش عارفة تقولها إية فسكتت، فزينب بصت لسالم بخوف وقالت: أنا قلبي بيوجعني يا سالم وأنا مش فاهمة حاجة.
سالم لسه هيرد دخل ظابط ومعاه كام شرطي كدا، فسالم بص لزينب وبعدين بص للظابط وقال: خير حضرتك؟!
الظابط: احنا جايين ناخد أقوال المدام في الحادث ونعرف إزاي زوجها الدكتور سليم مات.
الكلام وقع على قلوبهم للمرة التانية بوجع شديد.
سالم بصدمة: حضرتك بتقول إية ابني سليم عايش وكويس.
الظابط بتفهم: أنا متفهم موقف حضرتك بس البقاء لله ابن حضرتك توفي أثر الحادث مباشرة وقبل ما يدخل المستشفى.
زينب بصراخ: لااااااا ابني لا.
سالم دموعه نزلت وقال: فين ابني؟
ميرنا فاقت على الصوت وقامت بسرعة وقالت: سليم،
سليم فين أنا عايزة سليم.
زينب بإنهيار: ميرنا قوليلي إن الكلام دا كدب، مش أنتم
كنتم خارجين تقضوا وقت سوا صح وهو قالي إنه هيرجع تاني ومش هيتأخر عليا.
ميرنا بصت لها بحزن ودموعها نازلة بصمت فزينب مسكتها من درعاتها وهزتها بعنف وقالت: أنطقي قوليلي إن الظابط
دا بيكدب وإن الممرضة بتكدب وإن سليم ابني حبيبي
جاي دلوقتي.
ميرنا بوجع: أنا أسفة يا ماما، أسفة.
زينب بصراخ: لا لا كله إلا سليم، دا حتة مني وابني
الوحيد، إزاي يتاخد مني كدا؟ يعني كان بيودعني الصبح وأنا مش حاسة؟
مسكت إيدها وقالت: أبوس إيدك يا ميرنا قوليلي إنكم بتضحكوا عليا متوجعوش قلبي.
ميرنا سحبت إيدها بسرعة وحضنتها جامد وقالت: كفاية
يا ماما، متوجعهوش أنتي.
زينب: لا أبعدي أنا عايزة أشوف ابني هو فين؟
سالم: أرجوك قولي ابني فين؟
الظابط: تمام هنشوف الدكتور.
الدكتور أخدهم للتلاجة وهم بيجروا رجليهم وفتحها
وشافوا سليم.
زينب جريت عليه وحضنته وقالت بإنهيار: سليم حبيبي
لا، لا مكنشي ينفع يومك يبقى قبلي، لا أنت وعدتني مش هتسيبني أنت كدبت عليا، حرام عليك توجع قلبي بالشكل دا.
سالم حضنه وقال: كسرت ضهري يا سليم يا ابني، كسرته معاك يا حبيبي.
زينب أغمى عليها وسالم حاول يشيلها معرفشي فقال: مش قادر أشيل أمك يا سليم مش قولتلك إني ضهري اتكسر.
الممرضين شالوها وأخدوها للغرفة وكشفوا عليها، وكل
العيلة عرفت وراحوا المستشفى.
وقدروا ياخدوا سليم عشان يدفنوه في المقابر بتاعة العيلة، وكان الكل حزين حزن شديد وزينب فقدت النطق وسالم بقت راسه محنية، أما ميرنا فكانت مغيبة عن الواقع هي بتتحرك زي ما هما بيحركوها حتى مش قادرة تشيل بنتها وسابتها، سلمى حزنها كبير على أخوها الوحيد اللي كان سندها.
في العزاء كان كلهم قاعدين وعمران دخل متأخر طبعًا
عشان الطريق والسفر فمقدرشي يحضر مراسم الدفن.
أول ما دخل عينه جات على حبيبته وشاف الكسرة
والحزن في عيونها، أتمنى لو يمحى كل أحزانها وإنه
كان منع حدوث كل دا من الأول لكن دا قدر ربنا ومكتوب إنه يتشاف ويتعاش.
وقفوا لحد ما العزاء خلص والكل مشي، والدادة جات تقوم ميرنا عشان تطلع أوضتها مقدرتشي تقوم وفضلت تعيط.
عمران قلبه أتقسم نصيين لما شافها كدا لو بإيده يضمها لصدره ويملس على ضهرها ويقولها بلاش وجع وعياط، بلاش توجعي قلبي عليكي يا حب عمري وصاحبة كل
ندبة في روحه وقلبه.
قرب من سالم وباس راسه وقال: أنا جنبك يا عمي،
أعتبرني ابنك.
سالم طبطب على كتفه وقال: كتر خيرك يا ابني.
مشي جنب سالم عشان يسنده، فميرنا حاولت تقوم بس فجأة لقت الدنيا بتلف بيها ومش قادرة تقف على رجليها، ولسه هتقع لقت اللي بيحاوطها من خصرها.
عمران لما شافها كدا قلبه وجعه وشالها بسرعة ووقف قدام الأوضة وخايف يدخل، وإزاي يدخل الأوضة اللي كانت بتجمع بين حبيبته والإنسانة الوحيدة اللي أتمناها وبين راجل تاني، كانت بتشاركه فيها حياتهم، صعب عليه اووي يتحمل كل دا.
عثمان: وقفت ليه يا عمران؟ دخلها بسرعة.
عمران قفل عيونه بوجع وضغط على عروقه وجاهد ودخل غصب عنه حطها على السرير بهدوء وبص عليها نظرة أخيرة قبل ما تيجي عيونه على صورة فرحهم مع بعض، حس إنه مش قادر يتنفس وإن الأوضة بتنكمش عليه اووي، خرج بكل سرعته وأول ما خرج بدأ يلتقط أنفاسه بصعوبة بالغة، وكأن الأوضة الأكسجين والهواء فيها معدوم.
ميرنا فضلت نايمة اليوم كله وسوزان كانت واخدة ملك معاها اللي مبطلتشي عياط وبعد فترة كبيرة نامت شبه الملائكة.
مر يومين على ميرنا وهي في سريرها مش قادرة تتحرك وفاقدة الأمل في الحياة حاسة بعذاب جواها، كانت بتتمنى تبادل سليم نفس مشاعره بس غصب عنها القلوب بيدي الله يقلبها كيفما شاء.
احنا مبنخترشي الشخص اللي بنحبه، ربنا هو اللي بيقذف الحب في قلوبنا رغم كدا كانت حاسة بتأنيب ضمير إنها مقدرتشي تحبه الحب اللي هو كان عايزه بس هي بتحبه بشكل تاني بشكل بالنسبالها هي محتاجاه.
في اليوم الثالث عمران كان قاعد في الفيلا، مكنشي قادر يمشي ويسيبها وهي بالحالة دي، كان كل يوم في منتصف الليل يخرج يقف قدام الفيلا بتاعة عمتو بيجاهد نفسه إنه ميقربشي، بس غصب عنه كان نفسه يشوفها ويطمن عليها لكن مكنشي ليها أي أثر ودا كان بيخنقه أكتر.
سليم: ميرنا.
ميرنا بفرحة: سليم أنت هنا بجد؟!
سليم ابتسم وقال: قومي يا ميرنا.
ميرنا: بس أنا مش عايزة أقوم أرجع عشاني أنا وملك.
سليم: مينفعشي يا ميرنا بس أنتي لازم تقومي عشان
ملك وعشان ماما.
ميرنا بدموع: بس أنا مش قد المسؤولية دي، أنا ضعيفة، هشة عمري ما قدرت أواجه ولا أدافع عن حقي، أنا أضعف مما تتخيل.
سليم مسك إيدها وقال: لا أنتي قوية اووي، جواكي قوة أنتي جهلاها، قومي عشان بنتنا يا ميرنا، متسبيش ملك
للمرة التانية.
فجأة ساب إيدها وبدأ يبعد وهو بيقول: ملك يا ميرنا،
ملك محتجاكي.
ميرنا قامت من النوم وهي بتنادي عليه وبتقول: سليم.
في الوقت دا عمران كان واقف برا وحس بنغزة في قلبه
مش عارف سببها، رفع عيونه لفوق ناحية أوضة ميرنا،
فضل يبص شوية وبيقول: خليني أشوفك لو سمحتي،
قلبي نفسه يطمن عليكي يا ميرنا.
كان لسه هيمشي بس لمحها، هي خرجت ووقفت في البلكونة، مش مصدق نفسه إنها واقفة قدامه بعد ٣ أيام متواصلين وهي حابسه نفسها في الأوضة.
كان شعرها بيتطاير أثر الريح، وملامحها كلها حزن وشجن، ضمت إيدها لصدرها بسبب لفحة البرد، وفجأة عيونها قابلت عيونه لما شافته أفتكرت نفس الوقفة بتاعة زمان، نفس النظرة اللي هي بقت بتكرهها، أفتكرت كل كلامه في الليلة دي بس في نفس اللحظة أفتكرت كل كلامه القاسي، وأفتكرت مشهد موت سليم قدام عيونها فدموعها نزلت وبصتله نظرة هو مفهمهاش ودخلت بسرعة وهو فضل
واقف مكانه حاسس إن نظراتها حرقته من جوا، وكملت
على الكسر اللي في قلبه.
راحت لأوضة زينب اللي كان حالها يلين الحجر، قربت
منها وحطت إيدها على إيد زينب وقالت بوجع: ماما.
زينب مبتردش ولا بتتحرك حتى، فميرنا قلبها وجعها أكتر وقالت: أنا محتجاكي أرجوك خليكي معايا.
زينب مفيش منها أي ردت فعل فميرنا ضمتها لصدرها وفضلت تطبطب عليها لحد ما زينب نامت في حضنها كإنها هي اللي بنتها اللي كانت محتاجة حضن أمها عشان تنام بسلام.
خرجت ميرنا من الفيلا عشان تروح تجيب ملك بنتها بس لقت عمران لسه واقف مكانه فاتخطته لكن هو وقف قدامها وقال بحزن: البقاء لله.
ميرنا بحزن: ونعم بالله.
وأتحركت وكانت عايزة تمشي من قدامه فهو قال: ميرنا.
ميرنا بحدة: اسمي متنطقهوش على لسانك مرة تانية
أنت فاهم.
عمران بحزن: سامحيني يا ميرنا أنا أسف.
ميرنا بصتله بكسرة وقالت: أعتقد إنك شايف حالتنا
وشايف إني فقدت زوجي وأبو بنتي فمش محتاج إني
أقولك تبعد عني وعن عيلتي.
مشيت خطوتين فأفتكرت كلام سليم فرجعت وقالت: أنا معرفشي حصل إية بينك وبين سليم لكن هو قالي وهو.....
وفجأة عيطت فهو قرب منها وقال بخوف: خلاص خلاص أهدى متعيطيش.
رفع إيده عشان يمسح دموعها لكن قبل ما يقرب منها هي بعدت وقالت بحدة: سليم قالي أطلب منك إنك تسامحه.
عمران بإستغراب: لية؟!
ميرنا: أنا نفسي معرفشي لكن لو هو يفرق معاك أرجوك سامحه عشان يرتاح، سامحه عشان خاطر ماما زينب أرجوك، مستعدة أعملك أي حاجة بس سامحه عشان يرتاح.
عمران بلهفة: أهدي يا ميرنا أنا مسامحه رغم إني معرفشي ليه قال كدا لكن أنا مسامحه دا ابن عمتي وكان في يوم
من الأيام صديقي.
ميرنا مسحت دموعها وقالت: شكرًا بجد شكرًا.
عمران: متشكرنيش يا ميرنا أنا.....
ميرنا: مش عايزة اسمع حاجة بعد إذنك.
ومشيت من قدامه ودخلت فيلا والدها وأخدت بنتها وخرجت ورجعت تاني وضمت بنتها لصدرها بشوق كبير، وملك كأن الضحكة رجعت ليها تاني وهي بين إيدين مامتها.
بعد مرور شهرين كان عمران رجع فيهم سيناء تاني، وميرنا كانت بتحاول تخلي زينب تتكلم، وبقت مسؤولة أكتر وبتخلي بالها من كل اللي موجودين حواليها.
ــــــــــــــــــــ
ميرنا دخلت أوضة زينب وقالت: ماما.
زينب مردتشي فهي قربت وقالت: ماما أرجوك أنا محتجاكي اووي تكوني جنبي وتدعميني، أنا مش عايزة أحس إني وحيدة كدا، عشاني قومي، طب عشان سليم.
زينب حركت عيونها ليها فميرنا حست بالأمل وقالت: ماما أنا عارفة إن الموضوع صعب اووي، أنا كمان موجوعة على فراقه بس أنتي أم أكيد الوجع عندك الضعف لكن أنا محتجاكي تمسكي إيدي ونسند بعض عشان خاطر ملك،
دي كانت وصية سليم الأخيرة.
اتنهدت وقالت: ماما شوفي سليم في ملك وخليها تعوضك عن غيابه، دي ملك حتة منه وحفيدتك، أرجوكِ ملك محتجانا احنا الإتنين جنبها، أنا مش هقدر لوحدي ومحتاجاكي معايا
باست إيدها وقالت: أنا كمان زي ملك محتاجة أمي، أنا محتجاكي يا ماما أنتي عارفة إني ملييش غيرك وإنك أنتي أمي الحقيقية، أنا نفسي تحضنيني وتاخديني في حضنك يمكن أرتاح شوية، محتاجة أبكي على صدرك وأنام في حضنك، بقالي شهرين بحاول معاكي وبحاول أتماسك لكن أنا محتجاكي وإلا هنهار في نص الطريق، أرجوكِ متسبنيش أنتي كمان زي ما سليم سابني.
ميرنا قامت من قدامها بعد ما فقدت الأمل إنها تتكلم ووقفت ولسه هتمشي لقت إيد مسكت إيدها جامد وسمعت صوتها وهي بتقول: ميرنا أنا جنبك يا حبيبتي.
ميرنا بصتلها بصدمة ودموعها نزلت وقالت: ماما حبيبتي أخيرًا أتكلمتي.
فزينب فردتلها درعاتها وقالت بدموع: تعالي في حضني
يا ميرنا، تعالي يا بنتي.
ميرنا حضنتها جامد وهم الإتنين فضلوا يعيطوا وكأنهم بيخرجوا كل اللي كتموه وقتها من الصدمة.
من يومها وزينب رجعت تاني وبدأت تهتم بملك أكتر
وتعلقها بيها بيزيد أكتر وشافت فيها فعلًا سليم ابنها اللي فقدته وميرنا وقفت على رجلها وبدأت تكمل اللي وقفته زمان ونزلت شغل في شركة والدها وسالم، وأهتمت بزينب وملك أكتر وحياتهم بقت شبه مستقرة...
لقراءة جميع فصول الرواية من هنا