رواية ميما الفصل الثالث عشر 13 والرابع عشر 14بقلم اسماء الاباصيري

رواية ميما

الفصل الثالث عشر 13 والرابع عشر 14

بقلم اسماء الاباصيري


آسر بجدية : فلتجد لنفسك مقعد آخر ...... هذا مكانى انا


ابتسامة صغيرة ارتسمت على ثغر فارس قبل ان يمتثل لطلب آسر ويتحرك سريعاً من مكانه الى احدى المقاعد الخلفية بجوار احدى الفتيات والتى تنظر له نظرات عاشقة .. فى حين جلس هو بجانبها لتناظره بتساؤل


مريم بذهول : ماذا تفعل هنا ؟


آسر ببرود : كما ترين ... قررت مشاركتكم المعسكر ... انهيت اعمالى هنا و ارغب ببعض المرح


مريم بتهكم : آسر ومرح بجملة واحدة .... اشك فى امكانية حدوث ذلك لكن لنرى ما سيحدث


آسر بغموض : فعلاً لنرى


اما فى مكان آخر بنفس الحافلة


فرح بخجل : مرحباً انا فرح .... انت فارس قريب مريم اليس كذلك؟


فارس بإبتسامة : بلى انا فارس ابن عمها مرحباً فرح اظنك صديقتها المفضلة فرح والتى اصابني الصداع من كثرة حديث مريم عنها


فرح بمزيد من الخجل : حقاً ؟ .... اسفة ان كانت ازعجتك بالحديث عنى تلك الثرثارة


فارس بمرح : ههههههههه لا بأس لا داعى للاعتذار فأنا اعشق حديثها ذاك و مواقفكما المسلية معاً ... ولقد ادركت من حديثها مدى قربكما من بعضكما البعض .. اتمنى حقاً ان تستمرا بهدة الصداقة الى الابد فأنا ارى انها احسنت الاختيار


فرح بسعادى وخجل : سنستمر ان شاء الله شكراً لك واتمنى ان تستمع معنا بالمعسكر


فارس بشرود ومكر  محدقاً بشخصان بعينيهما : سأستمتع بالتأكيد فلقد بدأت الاحداث بالاشتعال


تحركت الحافلة الى مكان المعسكر وقبل الوصول إليه بمسافة ليست بالقصيرة قرروا التوقف والترجل من الحافلة لإكمال باقى الطريق سيراً على الاقدام


سُمِع تذمر من بعض الافراد على هذه الفكرة لكن تحمست بطلتنا لها كثيراً وأسرعت بمغادرة الحافلة واتجهت مباشرة لتناول حقائبها والاستعداد للسير لكن وجدت من يوقفها بحديثه


آسر : فلتتركيها سأتولى انا امرها


مريم بغباء : ماذا ؟


آسر : الحقائب .... اتركيها سأحملها انا


مريم بتعجب : اتمزح ؟ تريد حمل حقائبي بدلا عنى؟؟


آسر : هذا ما قلته بالظبط هيا لا وقت لدينا لقد تحركوا بالفعل


ثم تقدم منها وتناول حقيبتها وحقيبته ثم استدار لينضم الى الطلاب المتجهين للمعسكر


اسرعت هى بخطواتها تلحقه ثم سبقته ووقفت امامه لتفاجئه بفعلٍ شَل من حركته وجعله مسمراً بمكانه


حسناً ..  هى وضعها كالتالى .... تقف على اطراف اصابع قدميها قريبة منه جداً لا يفصل بينهما سوى عدة انشات قليلة يستطيع ان يستشعر تنفسها السريع ورائحتها العطرة المُسكرة بالنسبة له لكن لحظة ... هل هى تضع يديها على جبينه حقاً وتنظر له بتلك العينان القلقتان والتى اصبحت تُثمله كلما نظر اليها ..." اااه منك ايتها الصغيرة ماذا تفعلين بى "... كان هذا لسان حال بطلنا آسر


استيقظ من صدمته تلك على صوتها القلق


مريم بتعجب : لست مصاب بالحمى حرارتك عادية


آسر بصوت حاول جعله طبيعي : ومن قال انى كذلك؟


مريم : فلتنظر لتصرفاتك اولاً ... قررت فجأة المجيء معنا للمعسكر والآن تتصرف بلطف معى وتحمل عنى حقيبتى ..... بل والأدهى  انك فضلت الجلوس بجانبي على ان تجلس بجانب احد آخر ...... انا ..... اكثر شخص تمقته بهذه الرحلة بل ربما بحياتك كلها


آسر بهدوء : اولا قررت المجيء معكم رغبة مني فى الحصول على بعض الراحة والاستجمام وثانياً عيب فى حقى كرجل ان تسيري بجانبي حاملةً حقائبك دون ان اعرض عليك مساعدتى  ... ثالثاً والاهم ...... انا لا امقتك اطلاقاً


مريم بخبث : اذن تكرهنى ؟؟؟


آسر : بالطبع لا اكرهك


مريم : تبغضنى ؟؟؟


آسر بتأفف : ليس هذا ايضاً


مريم بخبث : لا تمقتنى ولا تكرهنى و لا تبغضنى ... اذن ...... ؟


توقفت عن حديثها فجأءة ليطالعها هو بتساؤل يحثها على اكمال كلامها


مريم : تحبني ؟!!!!


توتر من سؤالها المفاجيء ومن نبرتها التى غلب عليها المزاح ليجيب محاولاً تغيير الموضوع


آسر بإرتباك : اااااا .... هيا هيا لقد تخلفنا عنهم كثيراً لقد سبقونا بمسافة ليست بالقليلة يجب علينا اللحاق بهم سريعاً


مريم بمرح : حسناً حسناً .... سأتغاضى عن تغييرك للموضوع .... اه ولمعلوماتك ان ايضا لا اكرهك .... او هذا ما اظنه الآن


قالت جملتها الاخيرة تلك بهمس وسارت خلفه بخطوات سريعة محاولان اللحاق ببقية الافراد


فرح : لا يمكنك فعل ذلك ارجوك ارجعها لى


فارس : اااااه كفى تذمراً قلت لكِ لا بأس حقاً ليست بثقيلة كما اننا اوشكنا على الوصول


فرح بخجل : لكن كيف يمكننى تركك تحمل حقائبي عنى ... انا اسفة حقاً لذلك


فارس : كفاكِ اسفاً منذ مقابلتك صباحاً وكلما تحدثتى بجملة ما يتبعها الأسف


فرح دون وعي : آسفة لذلك


فارس بإنزعاج مصطنع : اااااااه لا فائدة منك حقاً .... لازالت تتأسف لقولها آسفة ... كفاكِ حديثاً يا فتاة فلتلتزمى الصمت قليلاً افضل لكِ ولي


اكملا سيرهما فى صمت لعدة دقائق قبل ان يمل هو سريعاً من هذا الهدوء فينظر لها يبدأ حواراً معها ليرى سيلاً من الدموع تذرفها واضعة يديها على فمها محاولة ايقاف صوت شهقاتها توقف سريعاً مكانه واستدار ليصبح مواجهاً لها فى وقفته


فارس بصدمة : اهدأي فلتهدأي رجاءاً لما البكاء ماذا حدث هل تأذيتي ؟ أأنتى بخير ؟


وفى هذه اللحظة سمحت لشهقاتها بالخروج ليزداد بكاءها شدة


فارس يتوتر : حسناً حسناً فلتجلسي هنا لتهدأي قليلا ً... رجاءاً هيا اجلسي على هذه الصخرة .... نعم هكذا .....


انحنى ليكون فى مستواها بعد جلوسها على صخرة ما وقدم لها منديلاً ورقياً لتتناوله من يده محاولة الهدوء


فارس : هاك ...... حسناً هل هدأتى قليلاً ؟


اومأت له بالموافقة


فارس : حسنا هذا جيد والان اخبريني ماذا اصابك ؟


نظرت له بصمت وبقايا الدموع بعينيها لترى فى عيناه رجاءاً وقلقاً


فرح بصوت مبحوح : لق ... لقد ازع ... ازعجتك بحديثي لذا .... ا انا ااسفة لذلك


فارس بصدمة : أتبكين بسبب هذا ؟


اومأت له لينهار هو ارضاً فور استيعابه لسبب بكاءها


فارس بغضب حقيقي : تبا لكِ يا فتاة لقد ارعبتينى .. ظننت حية قد لدغتك .... حشرة ما اصابتك بأذي ... التواء بالقدم ..... اي شيء غير هذا


هيستيريا ضحك دخلت بها فرح لتجيبه


فرح بضحك : حية ؟؟؟؟ حشرة ؟؟؟؟؟ .... خيالك واسع لدرجة كبيرة اظننت هذا حقاً


استمرت بالضحك ليطالعها هو بغيظ


فارس : فلتضحكى وتسخرى منى كما تشاءين هذا افضل من بكاءك .... ااااه لقد ارعبتبني حقاً


فرح وقد تمالكت نفسها : آسفة حقاً لذلك


فارس : سأسامحك فقط فى حالة توقفك عن قول آسفة


اومأت له والابتسامة مازالت على محياها


فارس : حسنا هيا انهضي لنكمل سيرنا ... اظننا ابتعدنا عنهم كثيراً


ثم نهضا لاكمال سيرهم نحو المعسكر


مريم بتذمر : كفى ... هذا يكفى ... لقد تعبت


قالت جملتها تلك وهى تجلس ارضاً يقف بجانبها آسر ينظر للمكان حولهم بقلق


آسر بإنزعاج : نسير منذ فترة ولا أثر لهم اظننا سلكنا طريقاً خاطئاً او ما شابه


مريم بخوف و ترقب : اذا ؟؟ ..... ضعنا ؟؟؟؟


يذفر فى ضيق ويجلس بجانبها


آسر بتنهيدة:  للاسف اخشى ذلك


مريم بذعر : ماذا سنفعل الآن .... قارب الليل ان يحل و لن نستطيع البحث فى الظلام


آسر بتفكير : الهاتف


اخرج هاتفه ليجده ولسوء الحظ فارغ شحنه شتم بسره فلقد تذكر انه نسى وضعه بالشاحن بالامس ظناً منه انه سيقضى يومه التالى بالفندق لكن ها هو خاب ظنه ذاك ليجد نفسه الان ضائعاً وسط غابة ببلد غريب


آسر : ماذا عن هاتفك ؟


مريم بحزن : ليس معى اعطيته لفارس ليلتقط به بعض الصور لنا ونسيته معه


آسر بغضب :  تباً لقد حوصرنا تماماً


انتفضت هى لصراخه هذا وامتلأت عيناها بالدموع ... نظر لها فى صمت وحاول تدارك الموقف واردف محاولاً الهدوء


آسر بهدوء : مريم استمعى الي ولا تذعري حسناً .... سنضطر للبقاء والمبيت بمكاننا هنا فربما سيقومون غداً بالبحث عنا عند ملاحظة غيابنا


لتنظر هى بخوف للمكان حولها


مريم بذعر : لا لا يمكننا البقاء هنا ... المكان مخيف كما اننا بغابة ماذا إن هاجمتنا احدى الحيوانات المفترسة


آسر بتهكم : وهل كان سيُسمح لنا بإنشاء معسكر هنا ان كانت للحيوانات المفترسة وجود بهذه الغابة


اقتربت منه سريعاً لتصبح ملاصقة له تماماً وتتشبث بملابسه بخوف


مريم بخوف ورجاء : آسر ارجوك تصرف .... لا اريد البقاء بهذا المكان .... المكان هنا مخيف كما انى اخشي الظلام


نظر لها بدهشة وحزن و قلق و .... سعادة


نعم  سعادة وفرح فهذه هى المرة الاولى التى تستنجد به وتطلب مساعدته بل تتشبث به و ترجو حمايته


و بدون تفكير احاطها بين ذراعيه يربت على ظهرها بخفة محاولاً بث الطمأنينة بداخلها لتدفع هى بجسدها نحوه اكثر محاولة البحث عن الامان داخل احضانه


آسر بهدوء : لا داعى للخوف .... انا معك ... لن اسمح ان يمسك أذي .... والآن استمعى الى ... اولاً نحن معنا حقائبنا وهذا تحديداً جيد جداً لذا نملك ماء و طعام وملابس ان شعرنا بالبرد او الجوع فهناك حل لذلك ... كما اننى سأحاول ايجاد بعض الحطب لإشعال النار وبذلك نتغلب على الظلام الذي تخشينه ... اتفقنا ؟


شعر بها فى احضانه تومأ برأسها بتردد


ابعدها بهدوء عن احضانه فور تذكره لامر هام


آسر بخوف : مريم اخبريني ... انت تحملين دواءك معك اليس كذلك ؟


مريم بقلق : بلى احمل معى ما يكفيني ليوم اما الباقى فهو بحقيبة فرح


آسر وقد انتابه قلق حاول اخفاؤه : لا بأس هذا جيد فبقاؤنا هنا لن يتعدى ليلة واحدة وسننطلق غداً بحثاً عنهم إن لم يسبقونا هم ويعثروا علينا


اومأت له فى تردد ....


كره نظرة الخوف تلك داخل عيناها اراد لو بإستطاعته محوها فوراً لكن وضعهم الحالى لا يساعده على الاطلاق


تنهد بنفاذ صبر و اعاد ضمها مرة اخرى لاحضانه فهذا اقصى ما يستطيع فعله فى حالتهم تلك


فرح بهدوء: ضعنا


فارس بدهشة  وتهكم : ضعنا ؟؟؟؟؟؟؟؟ ... حقاً ؟


فرح بتعجب : ما بك ؟


فارس بغيظ : منذ قليل كنتى تبكين بسبب مزاح والآن و نحن فى حالة جدية وخطرة اراكي تتحدثين بكل هدوء وتقولين بكل برود "ضعنا"


لتجلس هي ارضاً تفترش قطعة قماش و تشرع بفتح حقائبها فى هدوء وكأنها قد وصلت بالفعل الى المكان المنشود وباقى الافراد هم الضائعون وهى بإنتظارهم


فارس بإندهاش  : ماذا تفعلين ؟


فرح بهدوء : الذعر والتوتر لن يساعدانا بشيء لذا فلنهدء قليلاً حتى نستطيع التفكير بحل ..... كنا سنعسكر بمكان ما والآن تم تغيير وجهتنا


فارس بغيظ : بتلك البساطة ؟؟؟


فرح  بإبتسامة : بتلك البساطة


ليجلس هو بجانبها ينظر لها بغيظ وانزعاج


فارس : و كأن كونى ضائع بغابة و ببلد غريب ليس كافياً لتكون رفقتى ما هى سوى فتاة مجنونة و مخبولة


........................


يتبع .......................


14. قاسي


ظلام من كل جانب .. جسدها النحيل يفترش الارض وسط الاشجار الكثيفة ... لا يضييء المكان سوى حفنة مشتعلة من الخشب تنام قربها تنشد منها بعض الدفئ  ..  لتسمع صوتاً اخرجها من سباتها هذا .. تفتح عيناها محاربة نعاس يسيطر عليها ... تلتفت حولها تبحث عنه بلهفة فلا ترى امامها سوى الفراغ لتهتف بإسمه فى ذعر لكن لا جواب ... عاد الصوت من جديد لترتجف اوصالها وتنهض على استحياء لتستكشف مصدر هذا الصوت


مريم بخوف : آسر .. اين انت ؟؟؟؟


لتشرع فى البكاء بصوت مكتوم


مريم ببكاء : آسر أين ذهبت وتركتنى وحدي هنا ؟


زاد نشيج بكاءها


مريم بصراخ : انا خائفة آسر اين انت ؟ لا تتركنى وحيدة  لقد وعدتنى ... آآآآسر ......آآآآسر


آسر : مريم مريم استيقظى ..... هذا كابوس ... انتي بخير ... انا هنا .... بجانبك


انتشلها صوته من هذا الكابوس المخيف لتفتح عيناها سريعاً فتجد نفسها مدفونة بأحضانه .. بعيناه نظرة تراها لاول مرة ... نظرة اصابت قلبها فى مقتل .... اهتمام وقلق لم تراهم فى عيناه من قبل ... أيمكن .... أيمكن ان يهمه امرها لهذه الدرجة ؟


مريم ببكاء : آسر


زاد من احتضانها واجاب


آسر : نعم انا هنا ... انتى بخير .... مجرد كابوس لا اكثر .... اهدأي واشربي بعض الماء هيا


تناولت بعض الماء واستمر جسدها بالارتجاف واصبح تنفسها سريع نتيجة بكائها الشديد .. فأخذ يمرر يده صعوداً و هبوطاً على ذراعها محاولاً تهدئتها  ثم ابعدها قليلاً عنه واحاط وجهها بكفيه


آسر بهدوء : مريم مريم انظري الي ارفعى رأسك ... جيد هكذا .....  والآن استمعي الي كفى بكاءاً حاولى التنفس بهدوء هيا مريم شهيق زفير شهيق زفير  ... امتثلت لكلامه حتى انتظم تنفسها لكن لم يتوقف بكاءها واردف هو ..... انتى بخير الآن فقط كان كابوس مخيف .... انظرى الي انا معك بجانبك ولم يصيبك اي اذى ...... ها قد حل الصباح لذا لنتناول شيئاً قبل التحرك


مريم : وماذا إن اكملنا السير بطريق خاطئ ؟


آسر : نعم اخشى ذلك ايضاً لذا سنعود الى الحافلة مرة اخرى ... اعلم الطريق اليها جيداً ... والآن هيا انهضي خذي دوائك وتناولى الطعام


اومأت له بسعادة وقد ارتسمت ابتسامة واسعة على ثغرها ومن ثم نهضت لتناول الطعام


على الجهة الاخرى نجد من يستشيط غيظاً مما يراه من احداث فرفيقته العزيزة قد امضت الليل بطوله فى تناول الطعام ثم إلتقاط بعض صور السيلفى لها بهاتفها المحمول والذي كان يأمل ان يكون ذو اهمية فى وضعهم الحالى لكن ... لا توجد اشارة بمكانهم هذا .... ومن ثم اختتمت ليلتها بالنوم و بكل راحة وكأنها تنام بغرفة فى فندق عالمى


فرح بسعادة : صباح الخير


فارس بغيظ : بل صباح الفل والياسمين ...... تبدين سعيدة للغاية لما لا تخبريني سبب سعادتك تلك لأشاركك بها


فرح بدهشة وحالمية : أتمزح معي ؟ بالطبع انا سعيدة لوجودي بمثل هذا المكان الرائع .... فلتنظر حولك لهذه الطبيعة الخلابة


نهض فارس من مكانه واتجه نحوها حتى وقف امامها مباشرة


فارس : انتي تسخرين منى أليس كذلك ؟ ارجوك اخبرينى انك تمزحين لانك لو لم تكونى كذلك فسأبدء بالخوف منكِ حقاً


فرح : حقا لا افهمك


فارس بغضب وصراخ  : حقا لا تفهميني .... لا تفهمين ماذا تحديداً ؟ .... حسناً سأوضح لكي حالنا الآن لربما تدركين خطورة الوضع ...... نحن بوسط غابة ... وخمنى ماذا ايضاً .....ضااااااائعين ..... لاندري اي طريق نسلك وها انتى تتأملين جمال الطبيعة من حولك و تتقمصين دور السائحة المبهورة


اغرورقت عيناها بالدموع وبدأت ببكاء مرير تلاه انهيارها ارضاً ليزداد نشيجها شدة ..... فى حين تسمر هو بمكانه ينظر اليها بدهشة ... منذ دقائق كانت الابتسامة تغزو وجهها والان مُحيت تماماً دون أثر لتحل محلها هذه الدموع والتى لا يدري لما تزعجه رؤيتها لهذا الحد .... شتم بسره وانحنى لها محاولاً تهدئتها


فارس : حسناً انا آسف ارجوكي اهدئي قليلاً لم اقصد الصراخ لكن وضعنا هذا اتلف اعصابى وافقدنى صوابي .... آسف حقاً ... ارجوكي كفى بكاءاً


استمر بكاءها وكأنها لم تستمع الى حرف واحد من حديثه


فارس بإرتباك : ارجوكى اهدئي اخبرينى ماذا افعل حتى تكفي عن بكائك هذا


هزت رأسها يميناً ويساراً قبل ان تردف بتلعثم


فرح ببكاء : ا ا انا لا أ ب أبكى ب سبب هذا


فارس : اذا لما تبكين ؟


فرح ببكاء : نحن ضائع  ضائعين و و م مريم ليست مع معنا


فرح موضحة : علاج السكر الخاص ب بمريم فى حقيبتي ا ان لم تأخذه س ستكون بمأزق


صدم فارس من حديثها وانهار جسده على الارض حتى استلقى تماماً على العشب مردداً بشرود


فارس : رحمتك يا الله رحمتك يا الله بماذا إبتليتني ؟


مريم : لماذا ؟


انتبه آسر علي حديثها و توقف عن حزم امتعتهم قبل ان يلتفت اليها بنظرة متسائلة


مريم: لماذا هذا التغيير ؟


انهى حزم الامتعة ثم نهض واتجه نحوها ليجلس مواجها لها


آسر : اي تغيير؟


مريم : اسلوبك وتعاملك معي ... هذا غير طبيعي ...لم تكن ابداً بهذا التفهم والصبر ... لما هذا التغيير ؟


آسر : كلامك هذا يوحي وكأننى وحش لا يرحم


مريم : ألست كذلك حقاً ؟


آسر بحدة : كونى انسان يحب الالتزام والنظام فهذا لا يجعلنى وحشاً


مريم بإندفاع : الامر لا يقتصر على الالتزام او النظام .. انت متعسف ومسيطر قاسي لا ترحم ..لا تتعاطف مع احد .. فقط يُسيرك عقلك ولا تسمح لمشاعرك بدفعك لفعل اي شئ


آسر : العقل هو الاساس  ان اردتى حياة سوية لا ألم فيها او ندم .. فقط العقل هو المهم .... اما المشاعر فما هى سوى طاقة سلبية تدفع الانسان للفشل ان تحكمت بحياته وسيرتها له


مريم بدهشة  : ان كان العقل هو المهم اذا لماذا حرصت على تهدئتي نفسياً وتهدئة مشاعرى المضطربة بالامس


آسر : لولا فعلى لهذا لما استطعنا التفكير بهدوء و لأصبحتى عبئاً علي يمنعنى من التوصل لحل سليم ..... فلتتعلمي ايتها الصغيرة ... العقل هو اساس الحياة


نظرت له بدهشة لا تصدق ان هناك من يفكر بتلك الطريقة لكن منذ متى و وجدت له مثيل فهو آسر البنداري رجل لا تجد منه نسخة اخرى


مريم : اشكرك على نصيحتك تلك لكن عذراً انا لن امحى مشاعرى ابداً فإن فعلت وتركت زمام حياتى لعقلي فستكون انت وامثالك ذوي التفكير العقيم  اول اعدائي وهدف حياتى الاسمى سيكون تدميركم لكن ان حَكّمت مشاعري فسأرى كم انتم مثيري للشفقة وتحتاجون لمساعدة مختصين


صدم من جوابها هذا .... ألهذه الدرجة تمقته وتراه متحجر القلب .... لكن مهلاً لما التعجب هو بالفعل متحجر القلب قاسي لا يوجد فى قاموسه معنى للرحمة.... و هى .... هى ملاك بريء لم تعكره بعد معارك الحياة لذا فرؤيتها له بتلك الصورة لا تدعو للتعجب .... لكن ابتسم بداخله على حديثها ... فخوراً بها حقاً ... فخور بتفكيرها و ان لها وجهة نظر فى الحياة ومبدأ تعيش من اجله


خرج من شروده على صوتها والذي عادت اليه نبرة البرود التى اعتادت الحديث معه بها قبل مجيئهم لهذه الرحلة المشئومة


مريم : ألن نتحرك للعودة ؟ .... اخشي ان نتأخر فى الطريق كما انى سأكون بحاجة لدوائي بعد فترة


اومأ لها سريعاً واتجه نحو حقائبهم يحملها متجاهلاً اعتراضها على حمله لحقيبتها


فرح بخجل : مازلت تظننى مجنونة ؟


فارس بغيظ : بل ومختلة ايضاً


فرح : حقاً لم اقصد ازعاجك لكن .......


نظر لها يحثها على اكمال حديثها


فرح : ممم فقط انا ذو شخصية مزاجية ... بلحظة ترانى اضحك وسعيدة و بعد دقائق اتحول لشخصية درامية للغاية ... لم اقصد حدوث هذا لكن هذا حالى عندما اتوتر


فارس بتعجب: ولما التوتر ؟


مريم بخجل : ممم حسناً .... انت وانا بالغابة وحدنا ألا تظن انه وضع يدعو للتوتر والارتباك


فارس بدهشة : لحظة لحظة .... اتقولين انك تخجلين مني ؟ ............ احمرت وجنتاها واومأت بهدء ليردف هو بضحك ومرح ....... اتمزحين معى يا فتاة لقد رأيتك بأكثر الاوضاع التى لا ترغب الفتاة اظهارها لأي شاب ... طريقة تناولك للطعام و تلك الوضعيات الغريبة لاخذ السيلفي بل لقد استغرقتى فى النوم امامي ...... ورأيت لعابك يسيل


مريم : ماذا ؟؟؟؟؟؟ انا لا يسيل لعابي اثناء النوم .... لست طفلة


فارس بمرح : اهذا ما أثار انتباهك من حديثي ..... على كل ٍ لا داعى لخجلك هذا فلقد اصبحتى عارية امامي .... و ااااه قبل ان تفهمى عارية بمفهوم خاطئ فأنا اعنى المعنى المعنوي لها ......  والان  هيا لنكمل طريقنا .. علينا العودة للحافلة سريعا فغالباً سيعود آسر بمريم هناك عند ملاحظة غيابنا مع الدواء

 


اومأت له فى خجل واكملوا طريقهم الى الحافلة وهناك وجدوا كلاً من مريم وآسر  وباقى الطلاب الذين لاحظوا غيابهم فآثروا العودة للحافلة وقد كان القرار الصحيح فى وضعهم هذا


تغاضوا جميعاً عن فكرة المعسكر واكملوا باقي الاسبوع المخصص للرحلة فى زيارة بعض الاماكن المشهورة بالعاصمة قبل ان يعودوا مرة اخرى الى ارض الوطن وتنتهى الرحلة بأحداثها المختلفة والممتعة والمخيفة فى بعض الاحداث ايضا و قد قرر الجميع حفظها بذاكرتهم للابد


.......... : افكر بإرتداء الحجاب .... ما رأيك؟؟؟


فرح بسعادة : اتمزحين بالطبع اوافقك بتلك الخطوة بل وارغب ايضاً مشاركتك بها ..... لكن اخبرينى لما قررتي ارتدائه فجأة هكذا وبدون سابق انذار وانتى من كنتى تاتين لى كل صباح تشكين من اصرار آسر على ارتدائك له !!!


مريم بإرتباك : فقط رأيت انه حان الوقت لإرتداؤه


فرح بخبث : هل اخبرتي آسر بهذا ؟


مريم بإندفاع : لا فأنا اريدها مفاجأة ...اريد ان افاجئه بإرتداؤه


فرح بتعجب : ولما هذا كله ؟ ... ثم نظرت لها بخبث  واردفت .....انتى يا فتاة اخبريني فوراً ماذا حدث معكما بالغابة ... كلما سألتك تتهربين من الاجابة


مريم : ماعلاقة سؤالك هذا بموضوع ارتدائي للحجاب ... انتى فقط كلما بدأت الحديث معك فى شيء ما تحولين الامر فوراً لهذا الموضوع


فرح : لشعورى بأن هناك امر ما تخفينه عنى


مريم : لا يوجد شيء من الاساس لإخفاؤه لقد اخبرتك بما حدث ... اشعلنا النار ونمنا بقربها ثم استيقظنا صباحاً تناولنا الطعام وغادرنا المكان


فرح بخبث : فقط هذا ؟


مريم : نعم فقط هذا


فرح : سنرى


مريم : وماذا عنك؟ ماذا حدث مع فارس؟


فرح بسرحان وتنهيدة  : فاااارس


مريم بضحك : منذ متى اصبح فااااارس


قالت الجملة الاخيرة مقلدة صوت صديقتها


فرح بإرتباك : كفى حديثاً وهيا لنذهب لشراء ماسنحتاجه من ملابس مناسبة للحجاب


مريم : ممم حسناً لن تهربي مني لكن لنذهب الان ونتحدث فيما بعد


هيا بنا


 الفصل الخامس عشر والسادس عشر من هنا 

 لقراءة جميع فصول الرواية من هنا

تعليقات