رواية قلبي بنارها مغرم
الفصل الخامس والعشرون 25
بقلم روز أمين
نظرت فايقة إلي يزن وأردفت قائلة بنبرة صوت مُتألمة وعيون حزينة:
_العيب طلع من عند يزن.
رفع يزن بصرهِ سريعً ورمقها بنظرة بها ذهول ثم تحدث بنبرة صوت حادة جنونية :
_إية التخاريف اللي عتجوليها دِه يا مرت عمي.
صدمة شَلت حواس الجميع وجعلتهم حتي غير قادرين علي النُطق
هُنا جاء دور شريكها بالخديعة كي يُجيد حبكة القصة ويُصدق علي حديثها الكاذب، حيث تحدث بنبرة مُنكسرة أجاد تقمُصها بإتقان:
_مرت عمك معتجولش تخاريف يا يزن، مرت عمك عتجولك اللي خبرنا بيه الحكيم ومكناش عاوزين نجولة لجل شكلك جِدام أهل السرايا يا ولدي
تنهدت فايقة بأسي رسمته علي وجهها ببراعة وتحدثت وهي تنظر إلي ليلي التي تبكي بحرقة:
_ ليلي من وجت مخبرناها إمبارح من لما عاودنا من مصر وهي يا جلب أمها، دمعتها منشفتش من علي خدها ومبطلتش بُكي
هتفت نجاة قائلة بنبرة حادة مُشككة :
_ بطلي شُغل التلات ورجات بتاعك ده يا فايقة وجومي هاتي لي التحاليل اللي أني متوكدة إنها عتكشف كِدبك.
وأني عكدب في حاچة زي دي لية يا نچاة، إية المُصلحة اللي عتعود عليا من إكدة؟
جملة نطقتها فايقة بنبرة مليئة بالثقة
أجابتها تلك المُشتعلة:
_لجل ما تخبي علي عمايلك السودا والبلاوي اللي شربتيها لبِيتك واللي أني متوكدة إن هي السبب في تاخير الحَبل عنديها،
وأكملت بإتهام:
_ وبدل ما تاچي تجولي الحجيجة وتطهري حالك، تجومي تچيبي العيب عند ولدي سيد الرچالة
إنتفض قلب ليلي وارتعب داخلها عندما نظر لها يزن مُستغربً حديث والدتهِ الغامض بالنسبة له، نهضت فايقة سريعً وتحدثت بتلبُك خشيةً إنفضاح أمرها :
_ الله يسامحك علي ظُلومتك ليا يا خيتي، علي العموم أني هطلع أچيب لك التحاليل و وديها لأي دكتور إهني، وإنتِ تعرفي أني مبجولش غير الحجيجة وربي شاهد عليا
وجة قدري بصرهِ نحو نجاة وتحدث بنبرة قوية أجاد تقمُصها بعدما نظرت له فايقة طالبة العون منه والمُساندة :
_ أني مش فاهم لزمته إية التشكيك دي يا نچاة، ما چوزك وولدك جاعدين منطجوش أهم، إشمعنا أنتِ اللي إعترضتي وعتكدبي حديتنا ؟!
كانت أشبة بهِرة شرسة علي أتمّ الإستعداد لغرس حوافرها الحادة داخل لحم أي شخص يحاول أذية صغارها، رمقتهُ بنظرات غاضبة وأجابتهُ بقوة جديدة عليها لا تعلم مصدرها :
_لأن محدش يعرف خبايا مرتك وتخطيتها العِفش جَدي يا أبو قاسم
وهُنا هتف عتمان الذي عُقدَ لسانهِ جراء صدمتة من تلك الكارثة التي حلت بحفيدة فتحدث مُستفسراً :
_ عمالة تلفي وتدوري علي إية يا نچاة ، متجولي طوالي تجصدي إية بحديتك دي ؟!
نظرت لها فايقة مُستعطفة إياها بأن تلتزم الصمت وتحفظ السر الذي لا يعلمه سوي كِلاهما وليلي
فتحدثت نجاة بقوة ضاربة نظرات فايقة التوسلية عرض الحائِط:
_ أني عجولك علي اللي بجالي سنتين كتماة في بطني وجافلة عليه خاشمي يا عمي، وإنتَ أحكم بيناتنا،
واسترسلت بقوة وهي تُشير بيدها إلي فايقة:
_السِت فايقة بجالها سنتين عتلف ببِتها عِند دچالين المركز كلاته من وجت ما أتچوزت لحد دالوك ، شربتها وصفات وخلطات يامّا وأني كُنت ساكتة ومخروسة علي أمل إن الحَبل يتم وأشوف عوض ولدي بيچري جِدام عِنيا
دبت رسمية علي صدرها وتحدثت بإستنكار إلي فايقة:
_ يا حومتي، هي حصلت الدچالين يا مّرة يا خرفانة إنتِ، وأمنتي لبِنتك كِيف تدخل عِند الناس العِفشه دي يا حزينة ؟!
إتسعت أعيُن يزن بذهول وحول بصرةِ لتلك المُنكمشة علي حالِها تنظر علية بترقب ورُعب كالجَرو المذعور
حين هتفت فايقة مُدافعة عن حالها وإبنتها من تلك الإتهامات التي من الممكن أن تُفسر بشكل خاطئ لدي الجميع :
_ أني مهملتش بِتي دجيجة واحدة لحالها مع حد يا عمة، رچلي كانت سابجة رِجلها في اي مكان بتدخلة، والناس اللي كُت بروح لهم كلياتهم مُحترمين وسمعتهم الطيبة سبجاهم
هدر بها عِثمان بنبرة صارمة وعيون مصدومة :
_سُمعة مين اللي سبجاهم يا مّرة يا خرفانة يا أم عَجل ناجص ، هما دول يعرفوا ربنا من الأساس لجل ما يكون عِنديهم أخلاج ؟!
ثم حول بصرهِ علي قدري الذي يجلس داخل المقعد يكاد من شدة خجلهِ وزعُرةِ أن يختفي داخلهُ وتحدث مُتهكمً :
_وإنتَ يا دلدول الحُرمة يا اللي محسوب عليا كَبيري وإنتِ أصغر عيل في الدوار دماغة توزن عشرة من عينتك ، كُنت تعرف باللي عم تسوية غُراب البين دي وَيّا بِتك ؟!
نطق سريعً مُخلصً حالهِ من غضب والدة الذي يُشبة الإعصار :
_الله الوكيل مَعرِف غير دالوك يا حاچ، أني زيي زيكم
رمقهُ عِتمان بنظرة إشمئزاز قائلاً بتهكم ساخر:
_ ما أنتَ لو راچل صُح ومالي عين بِت سَنية مكانتش إستغفلتك وعِملت اللي علي كيفها يا خلفة الشوم والندامة
وقف يزن سريعً وتحرك إلي موضع جلوس ليلي وأمسك كف يدها وسحبها بعُنف قائلاً وهو يصفعها بقوة علي وجهها :
_ مش هو لوحدة اللي مّرتة عَم تستغفلة ومش معتبراة راچل ودايرة علي كِيفها يا چدي
قال كلماتهِ الغاضبة بعيون تطلقُ شزراً، نزلت الصفعة علي وجنة ليلي جعلتها تتهاوي بوقفتِها، فشهقت نساء العائلة ووضعت ورد يدها علي فمها بذهول، حين جرت فايقة علي صغيرتها واحتضنتها قائلة بنبرة غاضبة وهي تنظر بشر إلي يزن:
_ جطع يدك اللي مدتها علي بِتي
جري فارس وأمسك يزن محاولاً تهدأتهُ وتحدث :
_مش إكدة يا يزن، إمسك حالك أومال
أسرع قدري ووقف بجانب زوجته وإبنته وتحدث موبخً إبنهِ:
_هو ده اللي ربنا جدرك علية بعد ما ضرب خيتك جِدام الكل يا خِلفة الندامة ؟!
ثم حول بصرهِ إلي يزن وتحدث بنبرة خالية من الرجولة والشهامة والأصول:
_ وإنتَ يا عِرة الرچَالة، بدل ما تداري خيبتك وعَجزك چاي تستجوي علي بِتي وتضربها لجل ما تداري ضَعفك
جحظت أعين يزن وشعر بطعنة برجولتة، شعور مُميت بالعجز والخجل والنُقصان تملك منه حتي أنه لم يقوي علي رفع عيناه في أحدٍ من المتواجدين، وقعت الجملة علي قلب فارس احرقتة لأجل إبن عمه وصديقة الصدوق بل وشقيقهُ ورفيق دربة وتحدث بنبرة مُلامة:
_ إية اللي عتجولة دي يا أبوي؟!
نظرت مريم من وسط دموعها الغزيرة إلي فارس بإستحسان لما قام به من أجل شقيقها
حين جري علية زيدان الذي شعر بإبن شقيقهُ الذي يعتبرهُ ولدهُ الذي لم يحظي بإنجابه وحاوطه بذراعه وتحدث إلي قدري قائلاً بنبرة غاضبة وعيون تطلق شزراً :
_إية السِم اللي عيطلع من خاشمك ده يا بني آدم إنتَ ؟!
تحرك مُنتصر سريعً إلي قدري وأمسكهُ من تلابيب جِلبابة وهزهُ بعُنف وتحدث:
_ بدل ما تتشطر علي ولدي وتدبحه بحديتك دي، روح ربي مّرتك القادرة اللي دايرة علي كِيفها وملبساك العِمة يا عِرة الرچالة
جرت رسمية علي أنجالِها وهي تصرخ بعلو صوتها محاولة التهدأة والفصل بينهما ، وزيدان الذي وقف يتوسط شقيقاه محاولاً بشِدة فَكاك قبضة يد مُنتصر الخانقة لقدري ،،
هدر عِتمان بعلو صوتهِ ودق بعصاة الأبنوسية الأرض وأردف قائلاً بنبرة حادة :
_ بعدوا يدكم عن بعض يا واد منك لية، والله عال يا ولاد عِتمان، جة اليوم الي أشوف فية عيالي ماسكين في هدوم بعض وبيتعاركوا جِدامي
إبتعد الجميع عن بعض جراء حديث عِتمان، وأمسكت رسمية بتلابيب زيدان وهي تتهاوي وتُغمض عيناها قائلة بنبرة ضعيفة مُستنجدة:
_ إلحجني يا زيدان.
صرخ زيدان بإسمها وحملها بين ساعدية تحت صرخات وأرتياب الجميع وجري بها سريعً لداخل حُجرتِها وقام بتمديدها فوق التخت وجري عليها عتمان بهلع محاولاً إفاقتِها
بادر فارس بالإتصال علي دكتور ياسر وابلغةُ بالحضور الفوري، أما يزن الذي ما زال مُتسمراً بوقفته بعيون مُتحجرة غير واعي لما يجري من حولهِ وكأن روحهُ قد فارقت الحياة ولم يتبقي منه سوي جسدهِ البالي وفقط، تحركت تلك الباكية وقابلت وقوفهُ وتحدثت بدموعها وهي تتلمس كف يده بترقب:
_ يزن.
فاق علي حاله وجذب يده بحدة ثم رمقها بنظرات مُشتعلة مُشمئِزة وانسحب للخارج تاركً المكان بأكملة، إتجة إلي حدائق الفواكة المتواجدة بغرب النجع، وجلس بها شاردً بائسً حزينً علي حاله وما أوي إلية
داخل السّرايا، أتي ياسر وأجري الكشف علي رسمية التي إكتشف أنها مُصابة بداء السُكري ويرجع هذا بسبب تقدمها بالعمر وهذا ما ساعد بإرتفاع شديد بضغطِها، أعطاها الدواء المناسب لحالتها وتحرك للخارج مع فارس، لاحظ وقوف مريم واقفة بجانب ورد ونجاة وهي تبكي بإنهيارٍ تام لأجل ما أصاب شقيقها وانتهت بما حدث لجدتها من إنهيار تام ، إشتعلت روحهُ وصرخ قلبه مُتألمً لأجل دموعها الغالية ،
فتحدث موجةً حديثهُ إلي الجميع وهو يختصها بالنظر:
_ إطمنوا يا جماعة، الحاجة كويسة وإن شاء الله حالتها هتتحسن أكتر بعد ما أخدت الأدوية
نظرت إلية مريم بضعف ألمهُ كثيراً ثم تحدثت إلية ورد بإمتنان:
_ ربنا يطمن جلبك يا دكتور .
شكرها وأنسحب مُستأذنً للخارج تحت إستغراب فارس من تصرف ياسر ولكنه نفض من دماغهِ سريعً لاجل الوضع الراهن لأهل المنزل
أسرع الجميع إلي حُجرة رسمية وجدوها تتمدد بوسط عِثمان و زيدان المُمسك بكف يدها برعاية يتحسسيهُ بحنان ليبث الطمانينة لقلب غالية قلبة وأول من عرف الحب علي يدها، والدتهُ الحنون القاسية، نظر عِتمان علي الجميع بوجة حاد وتحدث أمراً بصرامة:
_ يلا كل واحد ياخد مرتة وعيالة وعلي فوج معايزش حد إهني واصل .
كاد زيدان ان يتحرك أوقفة صوت عِتمان الذي تحدث قائلاً :
_ خليك إنتَ چار أمّك يا زيدان
إنتفض قلب زيدان من شدة سعادتة، هو بالاساس لا يُريد ترك يد غاليتة
وأكمل وهو ينظر إلي ورد موقراً إياها ومعظمً من شأنها كعادته في الأونة الأخيرة وكأنهُ بهذا التعظيم يعتذر منها علي ما بدر بالماضي والظلم الذي وقع عليها سابقً من جميع العائلة :
_ وإنتِ يا أم الدكتورة، إدخلي المطبخ إعملي لحماتك شوربة الخُضار اللي جال عليها الدكتور
إشتعل داخل فايقة وكاد قلبها أن يصرخ من شدة الغضب والغيرة وهي تري الجميع بدأ يمقطها وينجذب لتلك الساحرة الشمطاء علي حد تفكيرها ووصفها لها ،
أجابتهُ ورد بنبرة طائعة:
_ من عيوني يا عمي.
ونظرت إلي رسمية وتحدثت إليها بنبرة حنون:
_ ألف سلامة عليكِ يا مرت عمي
أمالت لها رسمية بعرفان وذلك لعدم قدرتها علي الحديث
أشارت فايقة بيدها إلي ورد مانعة إياها من التحرك في طريقها إلي المطبخ وتحدثت إلي عِثمان بنبرة مُنكسرة حاولت بها جذب النظر إليها ورجوعها إلي مكانتها العالية كما السابق :
_ خليني أني اللي أعمل الشوربة لعمتي يا حاچ، لأن أني أدري الناس باللي عتحبة عمتي
هدر بها عتمان قائلاً بنبرة حادة وملامح وجه مكفهرة:
_ جولت لك إطلعي علي مُطرحك ومعايزش أشوف خلجتك جِدامي، معتسمعيش الكلام لية يا حُرمة ؟
هرولت إلي خارج الحُجرة وبسرعة البرق كانت في نهاية أعلي الدرج
أمسك زيدان كف والدته وتحدث بصوتٍ حنون :
_ سلامة جَلبك يا ست الكُل
نظرت إلية بحُزن وأنكسار المرض، فنزلت دمعة من عيناها وتحركت نحو أذنها جففها لها سريعً ومال علي جِبهتها وقبلها بحنان
نظر عِتمان إلي زيدان وضيق عيناه بتفكر ثم تحدث بنبرة تشكُكية:
_ زيدان، أني عاوزك تاخد ولد أخوك وتدلي بيه علي مَصر لجل ما تعيد له الكشوفات والتحاليل لأني ممصدجش ولا كِلمة من اللي جالها أخوك هو والعجربة اللي متچوزها
هزت رسمية رأسها بضعف وتحدثت:
_ عين العجل يا ولد عمي، ولد مُنتصر عفي وزين زي ابوة وچده
أومأ لهُ زيدان بطاعة وتحدث بإحترام:
_ من غير متجول يا أبوي، أني كُنت ناوي أعمل إكدة لأن كيف مجالت نچاة، فايقة جرابها واعر كيف جراب الحاوي تمام، وبيرها غويط ملوش جرار .
______________________
تحركت فايقة إلي شقة إبنتها كي توبخها بعدما رأت إنهيارها ونظرة الرعب بأعيُنها بالأسفل أمام الجميع مما جعلها مُرتابة ليشك بأمرِها الآخرون ، وجدتها متكورة علي حالها فوق التخت تبكي بشدة
وقفت تتطلع عليها بكُرة، رافضة حالة الإستسلام تلك التي تتملك منها ، كم تبغض أن تري وريثتها بكُل هذا الضعف والهوان، كم تمنت لها أن لا يُصيب قلبها بلعنة العِشق ولا يُميلُ لأحدهم بتاتاً كي لا يُضعفها غرامها وتبقي صامدة أبية ولا يستطيع أياً كان كسرها او إذلالِها تحت إسم العِشق
تحدثت بنبرة حازمة وملامح وجة صارمة:
_ فوجي لحالك وبطلي نويح يا بِت، أني مش هحاسبك علي اللي عِملتية تحت جِدام الكل، مش وجته، بعدين هنتحاسبوا ، بس عوزاكي تجمدي وتثبتي جِدام الكل لجل ما الموضوع يعدي علي خير
صاحت بصراخ هيستيري :
_كيف هيعدي يا أمّا، يزن ضاع من يدي خلاص، يزن مد يده عليا لأول مرة في حياته، وكل ده بسببك إنتِ
جحظت عيناي فايقة بشكلٍ مُخيف لناظرة وتساءلت بنبرة حادة:
_ بسببي اني يا واكلة ناسك إنتِ ؟
صُح ناكرة للچميل كِيفك كِيف بجيت ناسك، بجا هي دِي جزاتي بعد اللي عِملته لجل ما أكسركيش جِدام اللي يسوي واللي ميسواش يا حزينة ؟!
شهقت ليلي من شدة بكائها فتحدثت تلك المُتجبرة عديمة القلب والمشاعر قائلة بنبرة حادة:
_جومي يابِت إدخلي الحمام واتسبحي لجل ما تفوجي من حالتك المشندلة دي
وأكملت بنبرة قوية :
_ معيزاش أشوفك إكدة، ملايجش عليكِ الضعف يا بِت فايقة ، يلا جومي
قالت كلماتها الحادة الخالية من الإنسانية وانسحبت من المكان تاركة صغيرتها المنهارة دون أن تسحبها لأحضانها وتحاول طمأنة خوفها، أو حتي تحتوي ضعفها الذي يملأها
هكذا هي فايقة النُعماني، إنسانة عديمة الضمير معدومة الحِس والشعور حتي بمن يحمل چيناتها ، فقد سحبتها دائرة الإنتقام داخلها ونزعت من قلبها الرحمة حتي أنها أصبحت بلا شعور أمام أطفالها ، عاشت حياتها بالكامل لم تحتوي صغارها، لم تتذوق حلاوة إحتضانهم ولم تذيقهم إياها، يا لكِ من مسكينة بائسة أيتها الفايقة، فقد خسرت وتخطتكي الكثير من المشاعر الأدمية السامية وأفتقدتها بسبب إنتقامك الأعمي
______________________
دلفت فايقة مسكنها وجدت قدري يجوب المكان إيابً وذهابً ويبدوا علي ملامح وجهةِ الغضب الشديد، وبمجرد رؤيتهُ لها حتي تحرك سريعً وقابلها الوقوف وتحدث بنبرة مُلامة مُرتعبة :
_ جولت لك بلاش منية الموضوع المجندل ده يا فايقة، جولت لك الدِنيي هتولع من حوالينا مصدجتنيش، وأديها هتطربج فوج نفوخنا وهنتفضح جِدام الكِل كَليِله
نظرت له بقوة وتحدثت بنبرة واثقة:
_ إهدي يا قدري وأمسك حالك أومال، مفيش حاچة هتتكشف ولا حد عيعرف أيتوها حاچة ، التحاليل وهديهالهم يروحوا بيها وين ما بدهم
وأردفت وهي تنظر أمامها بتمعن :
_ التحاليل سليمة وعتجول إن العيب من يزن وإن بِتي صاغ سليم، ما أحنا مدفَعناش الفلوس دي كلياتها في حتة ورجة وفي الاخر نجف خايفين إكده
ورجعت بذاكرتها إلي قبل شهران من الآن عندما أخبرتها ليلي وهي في قمة سعادتها قائلة :
_ كَن اللي مستنيينه من زمان حُصل يا أمّا
تسائلت فايقة مُستفسرة:
_خير يا ليلي،ومالك فرحانة جوي إكدة ؟
أجابتها بكبرياء وهي ترفع قامتها لأعلي:
_ خير بالجوي يا أمّا،شكل إكدة زماني هيضحك لي وهترحم من كلام اللي يسوي واللي ما يسواش
ضيقت فايقة بين حاجبيها ونظرت لها بعدم إستيعاب فتحدثت ليلي مفسرة حديثها بنبرة خجلة بعض الشئ:
_ الدورة الشهرية مجاتنيش الشهر اللي فات، بس أني مختش في بالي وجولت يمكن متخربطة زي ما حُصل معاي جبل إكدة،بس الشهر دي كمان مجاتش وميعادها فات من أربع أيام
وأكملت وسعادة الدنيا بعيناها:
_ شكلي حِبلة يا أمّا
شعرت فايقة بسعادة الدنيا تسكن قلبها وبرغم أنها شبة تأكدت من حمل صغيرتها إلا أنها نوهت عليها بألا تُخبر أحداً وبالأخص يزن لحين ذهابهما إلي الطبيب والتأكد من صحة الخبر
وبالفعل بعد يومان ذهبت إلي الطبيب وأخبرته بما تشعر، وبعد ان أجري الكشف عليها أخبرها بعدم وجود حمل وطلب منها إجراء بعض الفحوصات،، وبعد أن قامت ببعض الفحوصات وذهبت بها إلية وتفحصها جيداً
نظر لها بشك قائلاً:
_ التحاليل ظاهرة لي إن فيه مشكلة، بس مش هقدر أحددها بالظبط غير بتحاليل تانية علشان الصورة تكتمل قدامي وأتأكد من شكوكي.
سألتة فايقة بتخوف تحت نظرات ليلي المُرتعبة:
_اللي هي إيه شكوكك دي يا دكتور ؟
أجابها بعملية:
_ بلاش نسبق الأحداث يا مدام وخلينا ننتظر نتيجة التحاليل الجديدة أفضل
وكتب لها نوع الفحص الذي يُريد منها إجرائة
وبالفعل ذهبتا إلي المعمل من جديد وقامت ليلي بعمل الفحص المطلوب منها وبعد يومان ذهبتا للطبيب من جديد متخفيان كعادتهما حيث قامت فايقة بإخبار رسمية بأن والدتها مريضة وعليها الذهاب إلي زيارتها والإطمإنان عليها بصُحبة ليلي
ذهبت إلي المعمل وأحضرت الفحوصات ثم إتجهت إلي الطبيب مرةً آُخري وجلستا يترقبان حديث الطبيب الذي ضل يتفخص التقرير بتمعن شديد
أخذ نفسً عميقً ثم زفرة وتحدث بملامح وجة تُسيطر عليها الشفقة:
_ للأسف يا مدام ليلي، التقارير بتأكد عدم وجود أي بويضات عندك نهائى
معناته إية الحديت دي يا دكتور؟
جملة مُستفسرة نطقت بها ليلي بعدم فِهم
أجابها الطبيب بأسي:
_ يعني حصل لك إنقطاع مُبكر للبريود وللأسف حملك أصبح مستحيل ، بالبلدي كده كأنك دخلتي في سِن اليأس بس في سِن مُبكر جداً
صاحت بهِ فايقة قائلة بحدة:
_إية التخاريف اللي عتجولها دي يا دكتور الهَم إنتِ ؟
كظم الطبيب غيظة من إسلوبها الفظ الخالي من أداب الحديث ولباقتة، لكنه راعي مشاعرها وعذر حِدة حديثها الناتج عن ما أصابها من ذهول جراء ما أستمعت
وتحدث مُفسراً بنبرة تعقُلية بعدما قام بضبط النفس :
_ دي مش تخاريف يا مدام، دي النتيجة الطبيعية بعد كُل العَك والجهل اللي عملتية في بنتك، كمية الأدوية الكتير اللي أديتها لها مع الاعشاب والخلطات الخزعبلية اللي كنتي بتشربيها لبنتك عملت لها لخبطة في الهرمونات، مع طول المدة وإستمرارك في اللي بتعملية إتحولت من لخبطة إلي خلل في الهرمونات
وأسترسل حديثه بنبرة مُلامة:
_ بنتك كان عندها مشكلة بسيطة هي اللي مأخرة الحمل وكانت ممكن تتحل بس بالهدوء والصبر، وده الكلام اللي أنا قولته لحضرتك لما جيتي لي بيها بعد جوازها بشهرين،
واكمل بأسي:
_بس حضرتك ماصبرتيش وبقيتي بتوديها كل إسبوعين تقريباً لدكتور شكل، وده طبعاً علي حسب كلامك اللي قولتهولي من يومين ،
وأكمل مُسترسلاً:
_وكل دكتور منهم يكتب لك أدوية غير التاني ،
وأكمل لائماً وهو ينظر لتلك الليلي الباكية بإنهيار:
_ وياريتك إكتفيتي بالأدوية لوحدها، ده أنتِ كُنتِ بتديها خلطات مجهولة المصدر وتغليها وتشربيها لها علي الريق.
هز رأسهُ يمينً ويساراً وتحدث بأسي :
_للأسف يا مدام، إنتِ دمرتي بنتك بأديكي وضيعتي عليها فرصة إنها تبقي أم
رمقتةُ بنظرات ساخطة وتحدثت وهي تهم بالوقوف:
_ اني اللي ضيعت بِتي يا واكل ناسك إنت، الله الوكي شكلك إكدة مفاهم تحت رچليك، عمال تخرف وتخربت بالكلام وعاوزني أصدج تخاريفك دي ؟
وأكملت بنبرة ساخرة:
_جال إية، بِتي اللي مكملتش التمانية وعشرين سنه وصلت لسن اليأس، يأس لما ياخد أچلك.
وتحدثت أمرة بنبرة صارمة لإبنتها الباكية:
_ جومي بينا يا بِت لجل ما نشوف حكيم ببفهم صُح
أخذت إبنتها ونظر الطبيب إلي طيفهما ثم تحدث بوجةٍ مُشتمئزً:
_ ست جاهلة متوحشة
مرت الأسابيع سريعً وما أن علمت من صفا عن أمر الحكيم الشهير حتي تشبثت بالفكرة وأتجهوا إلية سريعً علي أمل أن يكون تشخيص الطبيب السابق خاطئ، وطلب الطبيب منهما القيام بعمل فحوصات ليزن ومريم كي يطلع علي نتائج الحالة جيداً
وفي صباح الأمس، فاقت باكراً حيثُ غفت بمسكن قاسم بعد إنتهاء حفل الزفاف، ثم ذهبت بصحبة زوجها إلي معمل التحاليل الشهير الذي أرسلهُما إلية الطبيب وذلك لدقة تقاريرة
وقف قدري أمام السكرتير المُختص بتسليم التقارير الخاصة وأخبرهُ أنه يريد مقابلة المُختص كي يستفسر منه عن نتيجة الإختبارات بدقة، وبالفعل إتجهوا إلي مكتب المُختص الذي نظر إلي الإختبارات
وتحدث إليهما بعدما تفحصها جيداً:
_ تحاليل الاستاذ يزن بتأكد إن هو سليم 100٪% ومعندوش أي موانع للخلفة
وأكمل بتعابير وجة غير مُبشرة بالمّرة:
_للأسف تحاليل الأستاذة ليلي بتؤكد عدم قدرتها علي الحمل نهائيً ، البويضات عندها مُنعدمة،ونسبة حدوث الحمل مستحيلة بسبب دخولها في مرحلة إنقطاع الطمث المُبكر
صدمة ألجمت لسان قدري وفايقة التي فقدت الأمل الأخير لها بتلك الكلمات التي وقعت عليها كصاعقة صعقت معها جميع أمالها وكسرت قامتها، ولكنها لم تكن فايقة إن إستسلمت لقدرها وللواقع، ستحارب إلي نهاية المطاف إلي أن تحصل علي كل شئ تريدةُ
إستمعت إلي صوت قدري وهو يحثها علي الوقوف ليغادرا، نظرت إلية بنظرات حادة كالصقر وتحدثت:
_ إجعد يا قدري، عندينا عرض زين جوي للدكتور
نظر لها المختص وتحدث مُستفسراً:
_ عرض ! عرض إية ده يا أفندم اللي بتتكلمي عنه؟!
أجابته بثبات إنفعالي:
_ تاخد كام وتبدلي التحاليل دي
جحظت أعين قدري في حين وقف المختص وتحدث إليها بنبرة حادة:
_ إنتِ بتقولي إية يا سِت إنتِ، إتفضلي أخرجي برة بدل ما أطلب لك الشرطة وألبسك قضية رشوة
تحدث قدري إليها بنبرة حادة:
_ جومي يا أم قاسم وبكفيانا فضايح لحد إكدة
لم تلتفت إلي حديث زوجها ولم تُعيرةُ إية إهتمام، ثم وضعت ساق فوق الآخري ونظرت إلي المُختص وتحدثت بنبرة واثقة قوية:
_ 100 ألف چنية وتغير لي التجاليل وتخلي عيب الخلفة من يزن
إبتلع الرجل لعابة ونظر لها بتشكيك ثم نفض رأسهُ من الفكرة وكاد أن يتحدث قاطعتهُ هي بتحدي:
_ 150 ألف وتعملي تجرير ميخرش الماية وجبل ما أخده من يدك هتنزل وياي في أي بنك أسحبهم لك حالاً ، وده آخر كلام عِندي يا إما أروح لأي واحد غيرك يعملي كل اللي أني عيزاه بربع التمن دي
سال لُعاب الرجل فتساءلت هي بنبرة حادة:
_ جولت إية يا دكتور؟!
تحدث قدري مُحذراً إياها :
_ بلاش يا فايقة، اللحكاية اللي عتفكري فيها دي لو إنكشفَت عتخفلج علي دماغنا ويمكن تكون فيها نهايتنا
سبقها المُختص بالرد بعدما أغراهُ المال :
_ أنا هكتب لك تقرير واظبطهولك بحيث مفيش مخلوق يقدر يشك فيه
وأكمل لإقناعة:
_ وأظن محدش هيشُك في مصداقية معمل عريق وكبير زي المعمل ده
وبالفعل زور لهم المختص التقرير وتوجهوا بعدها مباشرةً إلي المطار كي يستقلا الطائرة المتوجهه إلي سوهاچ
عودة للحاضر
سألها قدري بنبرة قلقة:
_ العمل إية دالوك يا فايقة لو الموضوع إتكشف،
أجابته بنبرة باردة واثقة :
_بسيطة يا قدري، عنجول الموظف خربط وهو بيحط نتيچة التحاليل عِند يزن، والموظف بجا بتاعنا خلاص، عنكلمة وهيصدج علي كلامنا جِدامهم ويچيب لهم التجرير الحجيجي وخلِصنا
تنهد بحيرة وتوجس من أمر تلك المُتجبرة التي لا تترك شئ للظروف ودائماً تخطط لكل شئ بطريقة رائعة
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
بالأسفل، طلب عِتمان من زيدان و ورد المبيت معهُ داخل السرايا تحسبً لأي جديد يحدث في حالة رسمية ووافق زيدان بترحاب هو وزوجتة
أما يزن فكان اليوم هو أسوء يوم مر بهِ مُنذُ أن نشأ وترعرع وكبر، تأخر الوقت كثيراً وهو مازال بحديقة الفاكهه، هاتفته نجاة ومنتصر ومريم كثيراً لكن دون جدوي وذلك لغلقهِ هاتفة للهروب مبتعداً عن الجميع ،
شعر بالتعب والنعاس فساقتة رجلية إلي المَشفي، حاول فتح غرفة الكشف الخاصة بصفا أو ياسر وذلك لوجود سَرير كشف بهما، لكن لسوء حظة كانتا مغلقتان، تحرك لغرفة أمل وفتحها وتحرك سريعً إلي السرير الخاص بالكشف وتمدد بجسدهِ المرهق علية، لم يُكمل دقائق حتي غفي بثباتٍ تام من شدة إرهاقة
ليلة كالحة صعبة قضاها الجميع ما بين مُنكسر وحزين وأخر مُرتعب من فكرة إنكشاف أمرة،، ما عدا ثُنائي العشق الذي غرد طائر الحُب فوق عِشهما السعيد فجعلهما وكأن روحيهما طائرة سابحة في جنة الغرام
كان يجذب جسدها إلية لاصقً إياه بجسده بحميمية ، واضعة هي رأسها فوق ذراعةِ الممدود لها بحنان ، ينظر كلاهُما داخل عيون الأخر بهيام
تحدث مُداعبً إياها وهو يتلاعب بخُصلات شعرها الحريري بين أصابع يده :
_شفتي كُنتي حارمة حالك من إية بالمخدة اللي كُنتي حاشراها بيناتنا
وأكمل:
_بذمتك متعة نومك چوة حُضني دي مپتخلكيش تفكري إنك تولعي في مخدة الشُوم دي أول ما نرچعوا ؟
ضحكت عالياً وتحدثت إلية:
_ ما أني سيبالك إنتَ المُهمة العظيمة دي،
وأكملت بنعومة سلبت بها عقلة:
_ مش إنتَ وعدتني وإنتَ في القاهرة إنك أول ما ترچع سوهاچ عتولع فيها ؟
جذبها أكثر إلية وتحدث غامزاً بعيناه:
_ ملحجتش، كان عِندي مهمة أسمي وأعظم وأهم ، بس أوعدك إن أول ما نروح هتكون دي أول مهمة أجوم بيها
ثم مال علي شفتاها وقبلها بحنان وأكملا حديثهما ومداعباتهما التي تُقرب روحيهما أكثر وأكثر، ثم غفا بأحضان بعضيهما بقلوب سعيدة مطمأنة
ضل فارس جالسً طيلة الليل بجانب مريم المنهارة لأجل شقيقها، يربت علي كتفتها بحنان، لا يدري أيداوي جراحها أم جراحة، فحقاً الألم مُشترك بينهما والوضع منتهي السوء للجميع
_______________
في الصباح، أتت أمل باكراً كي تستعد لتجهيز حُجرة الكشف الخاصة بها وتجعلها لائقة لإستقبال المرضي، فتحت باب غُرفتها وإذ بها تري يزن مُمدد علي السرير الخاص بالكشف يغط في نومٍ عميق ، إتسعت عيناها من هيأته وتملك الغضب منها فتحركت إلية وتحدثت بنبرة حادة:
_ إنتَ يا محترم
فُزع يزن من حدة صوتها وجلس سريعً يتلفت وهو مزعوراً، يستكشف المكان من حولهِ حتي إستقرت عيناه علي تلك الغاضبة التي تحدثت من جديد وهي تضع يداها داخل خصرِها:
_ ممكن حضرتك تفسرلي إية اللي أنا شيفاه قدامي ده ؟
وأكملت بتهكم:
_ مستشفي محترمة دي ولا لوكاندة يا باشمهندس
وضع كف يده فوق وجهة وفركهُ بتعب ولا مبالاة وكأنهُ لا يستمع لصريخها من الأساس، وهذا ما آثار جنونها وزاد من حِدتها حيثُ هتفت قائلة بشدة:
_هو حضرتك مش سامعني، ولا أنا هوا واقف قدامك ؟
وقف منتصب الظهر يهندم من ثيابه وتحدث مُتهربً من عيناها:
_ أني آسف يا دكتورة، أني كُنت إهني وتعبت فجأة وملجيتش غير أوضة الكشف بتاعتك هي اللي مفتوحة،
وأكمل مُعتذراً:
_ أني أسف واوعدك مهتتكررش تاني
شعرت بحالة البؤس والألم اللذان يخرجان من صوتة وعلمت حينها أنهُ يواجة مشكلة عميقة وانهُ ليس بخير، علي الفور تراجعت وتحدثت بنبرة هادئة:
_ إنتَ كويس؟
أومأ لها بإستسلام دون النظر بعيناها وتحرك مُتجةً إلي الخارج بجسدٍ هزيل يتهاوي وروحٍ تائهة، نظرت أمل علية مُشفقة علي حالتة التي ولأول مرة تراه عليها
إنتبهت حين وجدت مريم تُسرع إلي شقيقها وتحدثت بنبرة مُتلهفة:
_ إنتَ فين وسايبنا هنموت من الجلج عليك يا يزن ؟
إنتَ كويس يا أخوي ؟
هز لها رأسهُ وتحدث بصوتٍ هزيل ضعيف:
_أني بخير
أردفت قائلة بنبرة حزينة:
_ أبوك وأمك عيموتوا عليك مناموش طول الليل، يلا يا حبيبي روح خد دوش وغير هدومك دي ونام، وإن شاء الله خير
تحرك وأكمل طريقةِ بجسدٍ هزيل مُنهزم نزلت دموع مريم فتحركت أمل التي كانت تستمع حديثهما الدائر أمام باب غرفتها، وقفت أمام مريم وتحدثت:
_ أستاذة مريم، إنت كويسة ؟
هزت مريم رأسها نافية فسحبتها أمل من يدها وتحركت بها للداخل وأجلستها قائلة بنبرة مساندة:
_ إرتاحي وأنا هطلب لك عصير ليمون يهدي أعصابك
دلف ياسر سريعً بعدما شاهد خروج يزن بتلك الحالة المُزرية وسأل مريم بإهتمام ولهفة بعدما رأي دموعها :
_ فية إية يا أستاذة مريم، هو الباشمهندس مالة ؟
وقفت وتحدثت وهي تُجفف دموعها بكف يدها الرقيق:
_ خير يا دكتور، مفيش حاچة
وتحدثت مُنسحبة بهدوء وذلك لحرصها الدائم علي التواجد مع ياسر بمكان يجمعهما سوياً :
_ بعد إذنكم .
تحركت للخارج ونظر ياسر إلي أمل وسألها مُستفسراً :
_ هي إية الحكاية يا دكتورة ؟
أجابته بنبرة مُتأثرة :
_ تقريباً كدة الباشمهندس ببمر بأزمة نفسية بسببٍ ما، تعابير وشة بتقول إنه إتعرض لصدمة شديدة هزت كيانة بقوة، وغالباً الصدمة دي خاصة بالعيلة، لأن الأستاذة مريم هي كمان عندها نفس الأعراض لكن علي أخف وبشكل مُبسط
قطب جبينهُ وتساءل بطريقة دُعابية:
_ إنتِ متأكدة إنك تخصص نسا وتوليد؟
إبتسمت له بهدوء فأكمل هو:
_ حضرتك بتتكلمي بمهنية متخصص نفسي
تنهدت وتحدثت بنبرة مُحملة بالألم:
_ هموم الناس وقلوبهم المكسورة مش محتاجين دكتور علشان يقدر يشوفهم جوة عيونهم اللي بتصرخ من الألم ، هما محتاجين حد بيحس مش أكتر
نظر لها بتمعن وتأكد من أن بداخل قلبها ندوبٍ عميقة ناتجة عن جرح لم يُشفي بعد
فتحدث هو مُتعمداً كي يُخرجها من حالتِها:
_ دكتور صفا كلمتك إنهاردة؟
حركت رأسها نافية وأردفت:
_ إنهاردة لا، لكن كلمتني إمبارح كانت بتطمن علي سير العمل
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
داخل كافية بوسط مدينة سوهاج
تجلس ماجدة بصحبة صديقتها أحلام تتناولان الطعام بشهية عالية
تحدثت أحلام ناصحة لصديقتِها :
_أنا لو منك ما أسيبش الفرصة اللي جت لي علي طبق من دهب دي تضيع من إيدي أبداً
نظرت لها وتسائلت بتهكم:
_ وكُنتي هتعملي إية بقا يا أذكي أخواتك لو كُنتي مكاني ؟
أجابتها أحلام بنبرة جشعة:
_كُنت هطلب منه يجيب لي ذهب ويحط لي في البنك مبلغ كده محترم، وأهدده لو ما أنفذش هروح لأبوة وأقول له علي جواز حفيدة التاني علي بنت إبنة، واللي حصل بموافقة وحضور قدري بذات نفسة
ضحكت ماجدة ضحكتها الشهيرة الرقيعة مما جعل أبصار الرجال المتواجدون داخل المكان تتجة إليها فتحدثت غير مبالية بنظراتهم :
_ ده أنا أبقي أكبر مُغفلة لو عملت كده، إنت علشان ماتعرفيش قدري وشرة سهل عليكي تقولي كلامك ده،
وأكملت وهي تنظر لها بعيون متسعة:
_ يا بنتي اللي زي قدري ده مستعد يعمل أي حاجة علشان يحافظ علي اللي هو فية، حتي لو هتوصل إنه يخلص مني
وأكملت وهي تسترخي للخلف فوق مقعدها:
_ وبعدين أنا من مصلحتي إني أفضل الحُضن الحنين لقدري، أهو بيصرف عليا ومعيشني في هنا وعز ماكنتش أحلم بيه،
وأكملت وهي تنظر أمامها في تفكر:
_ وبعدين مين اللي قال لك إني ما فكرتش إني أستغل موضوع جواز إبنة علي بنت أخوة ده
وأبتسمت لصديقتها وأشارت إلي مقدمة رأسِها وتحدثت بتفاخر:
_ بس بالعقل يا أحلام، الموضوع محتاج تخطيط صح علشان ما يبانش إني بهددة وبحطة قدام الأمر الواقع
ضحكت صديقتها بخفة وسألتها متلهفة:
_أنا بردوا قولت أكيد ماجدة مش هتسيب فرصة زي دي تعدي من تحت إديها من غير ما تستفاد منها، قولي لي بقا علي خطتك الجُهنمية ؟
ضحكت ماجدة بشدة وأجابتها بمراوغة :
_ لما يبقا ييجي وقتها هقول لك أكيد
ضحكت إثنتيهما بخلاعة واكملا طعامهما مع حديثهما الذي لا ينتهي تحت نظرات الرجال علي تصرفاتهم وضحكاتهم الخليعة
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
مر أربعة أيام علي هذا اليوم المَرير المُوجع للجميع
وصل فارس إلي المشفي كي يصطحب مريم معهُ عائداً بها إلي منزلهما، حيثُ كان يمُر من جانب المشفي وقرر أن يمر عليها ويصطحبها لأجل أن لا تتأخر علي إبنته الغالية، دلف إلي رواق المشفي وجد دكتور ياسر يقف بجانب موظف الإستعلامات مُمسكً بيدة دفتر يتفحصةُ بإهتمام.
تحرك فارس إلية وتحدث بوجهٍ بشوش :
_ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نظر إلية ياسر ورد بإحترام ووجهٍ مُبتسم :
_ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، أهلاً وسهلاً فارس باشا، وأنا أقول المستشفى نورت لية، أتاري حضرتك مشرفنا
إبتسم فارس لكلمات ذلك الرجل المُجامل وتحدث بمِثلِها :
_ المُستشفى منورة بوچودك يا دَكتور.
أردف ياسر متسائلاً:
_ ياتري جاي للباشمهندس يزن ؟
وقبل أن يُجيبهُ دلف من مدخل المَشفي رجُل يصرخ من شدة الألم الناتج عن كسر مُضاعف لساقة، إلتفت ياسر سريعً إلي منبع الصوت، وأستدار من جديد وبسط يدهْ بالملف واعطاهُ إلي موظف الإستعلامات وتحدث إليه:
_ دخل ده للأنسة مريم وخليها تراجعه كويس علشان محتاجة إنهاردة .
وتحرك سريعً إلي المريض، إنفرج فاه فارس وتحدث بصوتٍ ضعيف بالكاد مسموع لدية:
_ أنسة؟ يا سنة سوخة يا ولاد، بجا مرتي أني عيتجال عليها أنسة بعد سنتين ونص چواز؟
وأكمل بتوعد وهو ينظر لأثر ياسر:
_ مَمليش عينه أني إياك ولد المركوب دي !
ودلف علي عُجالة لتلك الجالسة بالمقعد المتواجد خلف مكتبها، تحرك إلي مكتبها ومال عليه بجذعهِ وتحدث إليها بنبرة حادة:
_الدكتور اللي إسميه ياسر بيجول للموظف دخل الملف للأنسة مريم، هي الهانم مجيلاش إهني إنها متچوزة إياك ؟!
ولا أني ممليش عنيكي يا بِت مُنتصر ؟
كانت مُنكبة تنظر علي الملف الذي وصلها للتو مع الموظف، رفعت وجهها ونظرت بإستغراب علي ذلك الذي يبدو من صوتهِ الغضب الهائل وتسائلت مستفسرة:
_ فارس، إية اللي چابك إهني ؟
إعتدل بوقفته ونظر لها وتحدث بنبرة صارمة:
_ چاي أخدك لچل منروحوا مع بعض، وبعدين مچاوبتيش علي سؤالي ليه؟
عجولك ياسر عيجول للموظف الأنسة مريم، ممليش عينه أني إياك واكل ناسة دي ؟
تنهدت بأسي ووضعت كفيها فوق المكتب وشبكتهما ثم تحدثت بلامبالاة إستشاط غضبة :
_ وهو هيعرف منين إنك چوزي، ولا أني متچوزة من الأساس ؟
نظر لكفيها وأتسعت عيناه حين لم يجد بهما خاتم زواجهما، إستشاط داخلهُ وتسائل بنبرة غاضبة:
_ فين دبلة چوازك يا أستاذة، أتاري الراچل عم يناديكي بأنسه، عندية حج طبعاً وإنتِ عملالي فيها ولا السندريلا سُعاد حسني في صغيرة علي الحُب .
نظرت له بعيون مُنكسرة وتحدثت بنبرة حزينة مُتألمة:
_ دبلتي وجعت في بلاعة الحمام من أكتر من شهر، وچوزي ما أخدش باله ولا حتي لاحظ الموضوع إلا دالوك.
شعر بحُزنِها وتألم لأجلها ولم يدري لما شعر بالغيرة الشديدة وتحدث بنبرة حادة لم يستطع تمالك حاله:
_وإنتِ لية ما جولتليش يا مريم لجل ما أچيب لك دِبلة غيرها ؟
نظرت داخل عيناه بإنكسار وإحباط، تحطمت روحه من نظرتها وشعر كم هو صغير بأعين حالهِ فتحدث وهو يبتلع لعابة بحزن:
_ طب يلا بينا عشان أخدك علي المركز جَبل ما نروحوا وأچيب لك دبلة بدل اللي وجعت
تحركت معهُ بعدما إنتهت من مراجعة الملف وإعطائةُ للموظف كي يوصلهُ إلي ياسر، وأستقلت السيارة بجانبه وذهب بها إلي المركز ودلفا إلي محل المصوغات الذهبية، وأنتقي لها خاتمً بنفسهِ وألبسها إياه برقة أستغربتها مريم وأستغربت حالهُ ككُل حين تحدث:
_ الخاتم هياكل من إديكي حِتة، أول مرة ألاحظ إن إديكي ناعمة جوي إكدة
إبتسمت مريم بمرارة وتحدثت بنبرة ساخرة :
_ تطور هايل يا فارس بيه
وأكملت بنبرة إستسلام:
_يلا بينا عشان نروح لچميلة
شعر أنهُ مُقصر بحق زوجته وأنها تستحق أفضل من تلك معاملة، فأمسك كف يدها ليحثها علي الوقوف،ثم تحدث إلي بائع المجوهرات قائلاً :
_ عاوز سلسلة رجيجة عليها حرف ال F، وزيها بس علي أصغر لطفلة صغيرة وعليها نفس الحرف.
أماء لهُ الجواهرجي بطاعة وتحرك لإحضار طلبهِ
حين تفاجأت مريم بتغيرة وشعرت بالسعادة قليلاً من إهتمامهِ وتحدثت بنبرة ساخرة :
_ إكدة الموضوع إتحول ل تهور ومبجاش تطور
ضحك عالياً وتحدث إليها بغمزة وقحة:
_ هو إنتِ لساتك شوفتي تهور
مالت نظرها للأسفل بحزن فتحدث هو سريعً :
_ لساتني هاخدك عِند بتاع الكباب والكُفتة وأشتريلك عشان عارف إنك عتحبية، وكمان هعدي علي محل الحلواني الكبير اللي إهني في المركز وعچيب لك منية البسبوسة بالمكسرات اللي عتحبوها إنتِ وچميلة،
وأكمل بتساؤل مُحب مُهتم:
_ ها، عاوزة أيتوها حاچة تانية يا ست البنات ؟
إتسعت عيناها بذهول وأستغراب مما تراهُ عيناها وتستمعهُ آُذناها من ذلك الذي عاشت معهُ وعرفت علي يده المعني الحقيقي للإهمال وكسر الخاطر والنفس مُنذُ زواجهما وإلي الأن
سعد داخلها بعدما أمسك القلادة وألبسها إياها وتحدث بنبرة سعيدة:
_ مبروك عليكي يا مريم
وأصطحبها مُمسكً كف يدها وتحرك بها داخل الأسواق ليبتاع لها كل ما تشتهي نفسها أو تُشار علية عيناها، مما أسعدها لا لأجل ما أبتاعتة، ولكن لشعورها بالإهتمام والإحتواء التي ولأول مرة تعيشهُ مع زوجها
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
داخل مدينة شرم الشيخ
إنتهت من إرتداء ملابسها بالكامل وهيأت حالها إستعداداً للخروج، وقفت مُنتظرة خروج مُتيم روحِها من المِرحاض كي يصطحبها إلي مطعم خارج الأوتيل ليتناولا عشائهما سوياً، تحركت إلي شرفة الجناح وباتت تُمشط بعيناها معالم المكان وهي تنظر إلي وجوة المّارة بتمعُن ، وبلحظة إنتبهت وخُيل لها مرور أحد الوجوة المألوفة لِدي بصرِها، عادت ببصرِها سريعً إلي حيثُ رأت شبح هذا الوجة وباتت تتفحص الوجوة بتمعن مُتلهفة رؤيته ، لكنها وللأسف لم تعثر علي شئ لشدة زحام الشارع المُكتظ بالمّارة ،إختفي الشخص وكأنهُ سرابً وتبخر بين الزحام
إهتز جسدها وأنتفض رُعبً حين وجدت من يُكبل خصرِها ويحتضنها من الخلف، قطب جبينةُ وسألها مُستغربً حالتِها ونظرتها المُذبهلة وجسدها المُنتفض بين يداه :
_ إية يا حبيبي، مالك؟
تنفست الصعداء حين إستمعت لنبرة صوت حبيبها وأستكانت وتراخي جسدِها بين يداه بعدما شعرت بالأمان في حضرتة ثم تحدثت:
_ سلامتك يا حبيبي، بس كَني شوفت حد أعرفة معدي بين الناس
ضيق بين عيناه وتحدث إليها مُتساءلاً :
_حد تعرفية زي مين يعني ؟
أجابته بعقلٍ مُشتت :
_معرفاش يا قاسم، هو كان معدي في وسط الزحمة ومعرفتش أميز هو مين ولا أني شفته فين جبل إكدة بالظبط
لم يُعطي لحديثها إهتمام زائد وتحدث بلا مبالاة وهو يُقبل وجنتها بحُب :
_تلاجيكي بس بيتهئ لك يا حبيبتي،
وابتعد قليلاً وامسك يدها وهو يحثها علي التحرك قائلاً :
_ يلا بينا ننزل عشان أني چوعت جوي
إبتسمت له ولامست ذقنهِ وتحسستها بيدها بحنان لمّس قلبه وطمأن داخلة وتحدثت هي :
_ يلا يا حبيبي
بعد قليل كانت تجلس بالمقعد المُقابل له،مبتسمة الوجة تنظر إلية وسعادة الدنيا تجمعت وسكنت قلبها ومقلتيها التي تغمرهُ بنظراتٍ تنطقُ عِشقً وحنان، أما هو فكان واضعً يدهُ فوق يدها الممدودة فوق الطاولة ممسكً بها بإحتواء مما جعلها تُحلق في سماء العِشق جراء سعادتها الهائلة، جاء النادل إليهما ليستفسر عن ما يُريداه
فسألها قاسم بلكنة قاهرية:
_ تحبي تاكلي إية يا دكتورة ؟
نظرت له وتحدثت خجلاً:
_ هاكل من اللي هتاكل منية
إنتفض قلبهُ من شدة سعادته بطاعة إمرأتة التي تعشق رجُلها لدرجة الإنصياع التام والتشبه به، تحمحم وحاول التماسك ثم نظر إلي النادل وتحدث إلية:
_هات لنا بيكاتا بالشامبنيون مع رز أبيض وسلطة خضرا
سألهُ النادل بإحترام وهو يُسجل ما يُملي علية :
_تحبوا تشربوا حاجة مع الأكل يا أفندم ؟
نظر لها قاسم فأجابته عيناها بترك الخيار له فتحدث:
_ هات لنا فيروز انانس بس يكون ساقع ومِشبر
إبتسمت له لتيقنها أنه إختير هذا المشروب خصيصاً لتيقنهُ أنها تُحبذ شرابهُ عن غيرة من المشروبات
رحل النادل وتحدث قاسم إليها مُتساءلاً:
_ عاوزة حاچة تاني يا حبيبي؟
حركت رأسها نافية وتحدثت بعيون مُغرمة :
_ عايزاك دائماً چنبي ومحاوطني بحبك وبحنيتك يا حبيبي
إبتسم لها بحنين وتحدث:
_ هتصدجيني لو جولت لك إني معارفش هرچع القاهرة كيف وأني فايت جلبي وروحي في سوهاچ، تعرفي يا صفا
ترقبت إلي حديثه بكل حواسِها فأكمل هو:
_مبجيتش بحس بالراحة والسلام والسكينة غير وإنتٌ نايمة چوة حُضني
ونظر داخل عيناها وأردف بنبرة حنون:
_ غيرتيني جوي يا صفا، حولتيني من ألة للشغل لا بحس ولا باستمتع بأي حاچة، لإنسان بحس وبفرح وبخاف، بخاف وبترعب من فكرة بُعادك عن حُضني وحرماني من أماني وسلامي النفسي اللي ملجتهوش غير چوة روحك يا صافية
وأكمل وهو ينظر داخل أعين تلك التي تستمع إلية بكل ذرة بجسدها:
_ تِعرفي إن ليكي نصيب كبير من إسمك
إبتسمت وتساءلت مُستفسرة:
_ كِيف يعني؟
أجابها بنبرة مستكينة:
_ روحك صافية شفافة، بتشد أي حد يجرب منيها وتطهرة وتصفي روحة من التشتت والضياع والحِجد ، طهرتيني من ذنوبي الكَتير يا صفا
أردفت بنبرة هادئة وعيون تشعً حنانً:
_إنتَ أخر واحد ممكن يعمل ذنوب أو يإذي غيرة يا قاسم، ذنوبك كُلها في حَج حالك، دايماً بتاچي علي حالك وتإذيها لجل ما تراضي اللي حواليك
إبتسم بفمِ مقوس ساخراً من حالة وتحدث بنبرة مُتألمة وعيون نادمة:
_ إنتِ اللي بتجولي إكدة يا صفا، ده أنتِ أكتر واحدة أني أذيتها بكلامي الأعمي وبغبائي وبأنانيتي ، ده أني وجفت جدامك وجولت لك معايزكيش، ومش أني الراچل اللي غيري يختار له المّرة اللي هتنام چوة حُضنة،
وأكمل بنبرة صارخة من شدة ألمِها:
_ أني دبحتك بغبائي وتمردي الأعمي يا جلبي
أشارت بيدها كي تحثهُ علي الصمت وأردفت قائلة بنبرة بها رأفةً علي كليهما:
_ إنسي يا حبيبي، إنسي كُل اللي عدي كيف ما أني نسيته ودفنتة في وسط دفاتري الجديمة وردمت علية بعشقك اللي زهر جواتي وملي حياتي حُب وسعادة وفرحة، نستني كل ألامي ودموعي اللي عدت.
شعر بطعنة بقلبهِ وكأن أحدهم قام بكل جبروت بطعنةِ بخِنجرٍ حاد وبشق صدرةِ وإنشطارهِ لنصفين وتركهُ نازفً مُتألمً عاچزاً حتي عن الصراخ والتعبير عن إغتيالة،
إنتفض داخلهُ وزاد إرتعابه من فكرة عِلمها بما جري وكيف سيكون مردود هذا الخبر المشؤوم علي وقعها لو لا قدر الله علمت
أخرجهُ من حالة تألم ضميرة الصارخ الذي يؤنبهُ طيلة الوقت حضور النادل الذي أحضر الطعام وبدأ برصةِ فوق الطاولة بشكل منسق وطريقة حرفية وتحدث إليهما بكل إحترام :
_ سهرة سعيده يا حضرات
بعد رحيل النادل تنفس قاسم عالياً ونظر لها بعدما إستعاد توازنة وتحدث بإبتسامة مزيفة تحامل علي إخراجِها جراء همه الذي أصابة:
_ يلا كلي يا حبيبتي
إبتسمت له وبدأتا بتناول طعامهما تحت سعادتها التي تخطت عنان السماء وهي تحيا معهُ كُل أول مرة !!