
رواية وهم
الفصل الاول 1 الجزء الثاني
بقلم احمد نبيل
مستشفى للأمراض النفسية والعصبية
(غرفة داخل المستشفى)
علاء الحوفى يجلس على سريره فى الغرفه المخصصة له بالمستشفى والحزن يخيم على وجهه
يمسك علاء فى يده صورة بنته وهم ويتحدث معها
علاء (بحزن) : سامحينى يابنتى أنا اللى ضيعتك ... أنا اللى غلطت يوم ما سابتك وسافرت ... وأنا اللى غلطت يوم ما اعترفتلك بالحقيقة وأنا معرفش رد فعلك إيه بس أنا تعبت أوى ونفسى ترجعى واشوفك واخدك في حضنى ... ارجعى بقى ... ارجعى عشان خاطرى
طرقات على باب الغرفة
ينفتح الباب وتدخل منه فتاتان من ممرضات المستشفى
احدى الممرضات تحمل فى يدها صينية بها أطباق من الطعام
الممرضة (تضع صينية الطعام أمام علاء) : الغدا يا استاذ علاء
علاء (يستمر في النظر الى صورة بنته) : مش عايز أكل
الممرضة : حضرتك لازم تاكل عشان تاخد الدوا
علاء (بعصبية) : قلت مش عايز اكل اتفضلوا بره بقى
الممرضة : طب اهدى اهدى العصبية مش كويسة عشانك
الممرضة الأخرى : هو ماله يا سماح هى حالته متاخرة كده
سماح : بصى يا حنان الراجل ده بقاله سنة ونص عندنا ومن ساعة ما دخل المستشفى ملوش سيرة غير بنته اللى سبته واختفت وميعرفش اذا كانت عايشة ولا ميتة
حنان : وهى عايشة ولا ميتة
سماح : محدش يعرف عنها حاجة بس هي شكلها ربنا افتكرها هو في حد بيختفى المدة دى كلها وما يظهرش
حنان : ومفيش حد بيزوره
سماح : كان فى واحدة كل شهر تقريبا بتيجى تشوفه وعرفت انها بنته التانية بس بقالها فترة مجتش وحتى لما كانت بتيجى كانت بتقعد معاه خمس دقايق بالظبط وتمشى
علاء (بغضب) : انتوا بتكلموا عنى بتقولوا إيه ... فاكرانى مجنون وبهبل ... لأ أنا بنتى موجودة وعايشة وهترجع انتوا فاهمين
الممرضات (بارتباك) : فاهمين فاهمين
يترك علاء صورة بنته ويقف وينظر الى حنان الممرضة
علاء (يمسك يد حنان) : أنا كنت عارف انك راجعه ... انا كنت عارف انك هترجعى ليا تانى
سماح : اهدى يا أستاذ علاء وسبها دى مش بنتك
علاء (يصيح) : لأ بنتى .. دى بنتى ابتسام ومش هسبها تروح منى تانى
حنان (تحاول الابتعاد عن علاء) : سبنى ... سابنى يارجل انت
علاء (يمسك يد حنان بقوة ويتشبث بها) : مش هسيبك تروحى منى تانى أنا ابوكى يا ابتسام سامحينى
تحاول سماح تحرير حنان من يد علاء
علاء يدفع سماح بقوة بعيدا وتسقط أرضا
علاء (يصيح فيها) : اطلعى بره ... دى بنتى محدش هياخدها منى
سماح (تقف وتصيح بخوف) : أنا ... أنا هروح أقول للدكتور
تهرع سماح الى خارج الغرفة
يستمر علاء في الإمساك بحنان بقوة
تصرخ حنان وهى تحاول تحرير نفسها من علاء بكل قوتها
...................................
(مطعم الحوفى)
سلمى تجلس على المكتب الموجود داخل المطعم وحاتم يجلس أمامها
سلمى (بعصبية) : هو انت كل يوم تقولى الكلمتين دول إيه معندكش غيرهم
حاتم (بهدوء) : وياريتك بتعملى بيهم ... أنا مش عارف ايه اللى جرالك اتغيرتى كده ليه
سلمى (بنفس العصبية) : أنا لا اتغيرت ولا حاجة أنا زى ما انا بس اديك شايف شغل المطعم عامل ازاى بعد ما الحمد لله خليته اشهر مطعم في المنطقة
حاتم : وده يمنع انك تسألى على باباكى
سلمى (بارتباك) : ما أن بسأل عليه طبعا
حاتم : تقدرى تقوللى آخر مرة روحتيله امتى بعد ما دخلتيه المستشفى عشان تخلصى من ذنبه
سلمى (بغضب) : ايه اخلص من ذنبه ده انت شايفانى ايه بالظبط
حاتم : مش هو ده اللى حصل ولا في تعبير تانى
سلمى : يعنى كنت عايزنى اعمل ايه ... سنة ونص أهو ومفيش في دماغه غير الست وهم أو ابتسام ومش قادر ينساها واديك شفت المشاكل اللى عملها الفترة اللى فاتت وهو مصر يكمل تدوير عليها من غير فايدة
حاتم : كان المفروض تصبرى عليه وتستحمليه وتكملى معاه تدوير عليها
سلمى (بحدة) : واكمل ليه ما حضرتك قايم بالواجب
حاتم (بارتباك) : تقصدى ايه بالظبط
سلمى (بنفس الحدة) : حاتم أنا مش عبيطة ولا هبلة وعارفه انك لحد دلوقتى بتدور عليها من ورايا لانك مش قادر تنساها
حاتم (بنفس الارتباك) : سلمى انتى ... انتى بتقولى ايه
سلمى : ومال وشك أحمر كده ليه ... إيه مش دى الحقيقة برده ... انت اجوزتنى ليه يا حاتم وانت لسه بتحبها واوعى تنكر انت لسه امبارح كنت بتحلم بيها وبتخرف باسمها وانت نايم تفتكر لما الاقى جوزى بيحب واحدة تانية وناسينى خالص هيبقى احساسى ايه
حاتم لا يعلق
سلمى : اسمع يا حاتم انا مش هقولك طلقنى والكلام ده ... لأ أنا هتعامل معاك عملى ... احنا اجوزنا خلاص بس اوعى تانى تحسسنى بالتقصير ناحية أى حد حتى لو الحد ده كان ابويا انت فاهم
حاتم ينظر لها ولا يعلق
هاتف سلمى يصدر رنين
سلمى (تنظر الى شاشة الهاتف وترد) : الو ... ايه ... طيب طيب انا جاية حالا
حاتم : في ايه
سلمى (تقف وتلتقط حقيبة يدها) : حماك يا أستاذ
حاتم : ماله
سلمى : عامل مصيبة في المستشفى
ينظر لها حاتم ولا يعلق
تسرع سلمى الى خارج المطعم
يتبعها حاتم
...............................
مستشفى الأمراض النفسية والعصبية
(حديقة المستشفى)
علاء يقف فى حديقة المستشفى ويمسك فى يده أداة حادة ويوجهها الى عنق حنان الممرضة
يتجمع دكاترة المستشفى والممرضين وأفراد الأمن حولهم
علاء (يصيح) : محدش يقرب ... دى بنتى ومحدش هياخدها منى تانى
دكتور : وبعدين ياجماعة هنسيبه كده
دكتورة : يا استاذ علاء ممكن تسبها دى مش بنتك
علاء : لأ بنتى وهاخدها وامشى دلوقتى من هنا
حنان : الحقونى عايز يموتنى
تصل سلمى وحاتم المستشفى ويسرعان نحوهم
سلمى : بابا من فضلك سبها
علاء : اختك اهيه يا سلمى ... اختك رجعت وانا مش هسبها تانى تروح منى
حاتم : طب سبها يا عمى واحنا هنخليها تيجى معاك
علاء (يصيح) : مش هسبها انا مصدقت انها رجعت
يتسلل أحد أفراد أمن المستشفى من خلف علاء دون أن يراه
ينجح فرد الأمن فى اسقاط الاداة الحادة من يد علاء
تهرب حنان بسرعة وتبتعد عن علاء
يحاصر افراد الامن علاء ويمسكان به
دكتور : خدوه بسرعة على جلسة الكهربا
علاء (يصيح) : لأ ... بنتى مش هسبها تانى ... بنتى لأ
يأخذ افراد الامن علاء الى غرفة الكهرباء بالمستشفى
تنظر سلمى الى علاء بامتعاض ولا تعلق
يتابع حاتم الموقف بحزن شديد
.....................................
(غرفة مدير المستشفى)
سلمى وحاتم يجلسان أمام مدير المستشفى
سلمى (بعصبية) : يعنى ايه يا دكتور
الدكتور : يا مدام الاستاذ علاء رافض يستجيب لأى علاج وكل كام يوم يعمل مشكلة في المستشفى زى اللى حصلت النهاردة ويتوهم ان اى ممرضة موجودة هنا إنها بنته ويحاول يخطفها ويمشى من المستشفى
حاتم : يعنى يا دكتور دى مش أول مرة
الدكتور : لأ طبعا بقول لحضرتك كل كام يوم بيتكرر الموقف اللى حصل النهارده
حاتم : بس حضراتكوا مبلغتوناش قبل كده
الدكتور : ازاى يا فندم احنا اتصلنا بالاستاذة سلمى كتير وهى مردتش ولو تصادف وردت علينا بتبلغنا انها عندها شغل ومش فاضية وكل مرة بنلحقه والموقف يعدى
سلمى : يعنى حضرتك عايزنى اسيب شغلى كل يوم عشان التهريج اللى بيحصل ده
الدكتور : حضرتك شايفه اللى بيحصل ده تهريج
سلمى : دكتور انت عايز تقول ايه بالظبط
الدكتور : عايز اقول ان الاستاذ علاء علاجه الوحيد ان بنته اللى بيدور عليها ترجع غير كده هيفضل فى الحالة اللى هو فيها دى وهتدهور اكتر
سلمى : ولما حضرتك لمؤخذة يعنى بتقول ان مفيش علاج أومال الفلوس اللى بدفعها كل شهر دى ايه بالظبط زكا ولا تبرع ولا تسميها ايه
الدكتور (بارتباك) : احنا بنعمل اللى بنقدر عليه يامدام ولو حضرتك شايفه اننا مقصرين تقدرى تنقليه مستشفى تانية
سلمى : لأ مش هنقله وياريت تحلل القرشين اللى بتاخدهم وتعالجه ياما هتشوف سلمى الحوفى هتعمل إيه يا دكتور
حاتم (يقاطها) : سلمى خلاص من فضلك
حاتم (يلتفت للدكتور) : خلاص يا دكتور احنا هنحاول نشوف حل بس من فضلك تخلوا بالكوا منه
الدكتور : تحت أمرك يا استاذ
تنظر سلمى بغضب لحاتم ثم تلتقط حقيبة يدها بعصبية وتندفع الى خارج الغرفة
...............................................
(شارع)
سلمى تقود سيارتها بسرعة وعصبية شديدة وبجوارها حاتم
حاتم : براحة شوية ... مالك بتجرى كده ليه
سلمى (بعصبية) : ممكن أفهم ايه اللى انت عملته ده
حاتم : عملت ايه انا لحقتك قبل ما تغلطى اكتر من كده
سلمى (بنفس العصبية) : اغلط فى ايه دول شوية أغبية عايزين يلهفوا فلوس وبس انما مفيش تصرف فالحين بس يتصلوا بيا ويجبونى على مله وشى
حاتم : هو ده اللى فارق معاكى انك جيتى تلحقى باباكى مش كفاية انهم كانوا بيتصلوا بيكى قبل كده وانت كنت مش بتردى عليهم
تضغط سلمى على دواسة الفرامل بقوة وتتوقف بالسيارة مرة واحدة
سلمى (تلتفت لحاتم) : اسمع بقى الكلمتين دول عشان مش هقولهم تانى ... ده ابويا أنا وانا اللى اعرف مصلحته فين ومفيش حد تانى له دخل فى الموضوع ده وانت بالذات يا حاتم ملكش دعوة بيه خالص
حاتم : يعنى ايه عايزاه يفضل قاعد كده فى المستشفى اللى باقى من عمره
سلمى : هو أنا اللى دخلته بمزاجى مش هو اللى عايش فى الوهم ومش عايز ينسى وبعدين انا أتزفت وقلتلك كذا مرة انه بيتعالج مطلوب منى ايه تانى
حاتم : مطلوب انك تقفى جمبه وتحاولى تخرجيه من اللى هو فيه بأى شكل
سلمى : وحياتى وشغلى اللى كبرته أنا معنديش استعداد أهد كل اللى بنيته الفترة اللى فاتت ... أنا طلعت فوق وكبرت بمجهودى ومش هخلى السيد الوالد وتخيلاته ان الست وهم دى عايشه ولا راجعه تهد كل اللى بعمله وعشان ما نهريش كتير انا هقولك اللى مكنتش عايز اقوله قبل كده لو حسيت فى يوم انك عقبه فى طريقى مش هسمى عليك يا حاتم
حاتم : هى وصلت للدرجة دى يا سلمى ... بتهددينى
سلمى : أنا قولت اللى عندى وانت حر
تنطلق سلمى بالسيارة مرة أخرى بسرعة كبيرة
ينظر لها حاتم بغضب ولا يعلق
...................................................
(حديقة المستشفى)
علاء يجلس على احدى المقاعد والوجوم يخيم على وجهه
تظهر حنان الممرضة فى الحديقة
تقترب من علاء بحذر
حنان : أنا أسفة يا استاذ ... أنا مكنتش عارفه ان كل ده هيحصل وانهم هيدوك جلسة كهربا
علاء ينظر لها بحزن ولا يعلق
حنان : بس انت كمان غلطت ومكنش ينفع اللى عملته ده ... طب انا مستعدة ادور على بنتك دى واساعدك بس قولى هى سبيتك ومشيت ليه
علاء لا يعلق ودموعه تتساقط على وجهه
حنان : انت بتعيط ... طب انا مش عارفه أعمل إيه ... طب قولى اساعدك ازاى
تظهر سماح في الحديقة وتلمح حنان وهى تقف أمام علاء
سماح (تسرع نحوها) : هو انت محرمتيش ورايحه لحد عنده كمان
حنان : اعمل ايه بس هو صعبان عليا وحاسه بالذنب ناحيته ويظهر جلسة الكهربا اللى خدها كانت جامدة عليه أوى
سماح : ميصعبش عليك غالى يا ختى غورى من قدامه بقى بدل ما يعمل فيكى زى المرة اللى فاتت والمرة دى ممكن يخنقك ومحدش هيلحقك
حنان : طب هو هيفضل قاعد كده
سماح : هى دى الحالة اللى بجيله كل فترة وخصوصا بعد اللى حصل هو شوية وهيقوم لوحده وهيرجع اودته ويلا بقى روحى شوفى اللى وراكى أنا مش عارفه ايه اللى جابك تشتغلى هنا ... اللى يشتغل هنا يركن قلبه وعقله بره على باب المستشفى
تنظر حنان الى علاء بحزن ثم تنصرف مع سماح
علاء يخرج صورة وهم وينظر اليها ودموعه تتساقط على وجهه
علاء : ارجعى بقى ... انت وحشتينى أوى ... انا أسف مش هبعد عنك وازعلك تانى
يستمر علاء في النظر الى صورة وهم ودموعه تتساقط عليها
صوت من خلفه : بابا
ينتفض جسد علاء بقوة ويلتفت الى صاحبة الصوت
تسقط صورة وهم من يد علاء ويهب واقفا من مكانه
علاء (يصرخ) : ابتسام ...
تظهر وهم أمامه ودموعها تتساقط على وجهها
يندفع علاء نحوها ويحضتنها
وهم : حقك عليا أنا أسفة ....