×

رواية أحفاد الجارحي الفصل التاسع عشر 19والعشرون 20 الجزء الرابع بقلم ايه محمد


رواية أحفاد الجارحي 

الفصل التاسع عشر 19

والعشرون 20 الجزء الرابع 

بقلم ايه محمد


بعنوان ……ماذا فعلت ؟! ….

سقط على المقعد على أثر لكمته القوية ، ولكن سرعان ما تحلى بالثبات والنظرات الساكنة بالغموض ،أسرع إليهم “ياسين” بعد أن لحق “بعدي” لمكتب “أحمد” للتناقش بأمراً هام خاص بالأجتماع المسائي فصعق حينما أستمع لما يحدث وخاصة من رد فعل “عدي” ، أسرع ليقف أمام وجهه قائلاٍ بصدمة تعتري ملامحه _معقول تكون صدقت كدا على “أحمد” !…


لم يغير حديث “ياسين” من حدة عيناه فكان يتطلع لأحمد بنظرات كرماق الموت المتأجج ، تبادل معه النظرات بشيء من السكون ،عيناه تدرس كل رد فعل بأهتمام لسماع ما سيقوله رداً على “ياسين” …

خرج عن رداء الصمت قائلاٍ بصوت غاضب بعدما جذبه ليقف أمام عيناه الثائرة _الشهامة الزيادة عن الحد دي هتهد كل اللي بينك وبين “أسيل” يا غبي ….

زفر “ياسين” بأرتياح لثقة “عدي” به فأتضح الآن سبب غضبه المبرح ،رفع وجهه إليه فرى “عدي” دمائه المنسدلة من فمه على أثر لكمته له ،شعر بحزنٍ عارم لما فعله فأخرج من جيب سرواله منديل ورقي ثم كتم به الجرح قائلاٍ بهدوء _يا “أحمد” أنا أكتر واحد فاهمك وعارف أنك غيرنا كلنا وبرضو عارف أد أيه أنت بتحب “أسيل” ليه تخسر اللي بينكم بسبب جريمة بشعة نسبتها لنفسك بمنتهي الرضا ! ..

ثم كبت غضبه بصعوبة ليعاود الحديث بنفس لهجة الهدوء _أنا توقعت أنك تساعدهم ….تعرف من البنت دي مين غلط معاها وتصلح الأمور لكن توافق على الكلام اللي اتقال داا اللي خالاني أفقد أعصابي …..طيب مفكرتش أن الأمور ممكن تكبر و”أسيل” تعرف بالموضوع دا تخيل أيه هيكون رد فعلها خصوصاً بعد الفحوصات اللي عملتها ! …

رفع عيناه له بنظرة مطولة بها تأييد لما يقوله فشدد على شعره الغزير بغضباً جامح على صمته فغادر على الفور ،أقترب منه “ياسين” بهدوء _ “عدي” كلامه صح يا “أحمد” أنت كدا صعبت الأمور محلتهاش …


وتركه وتوجه بالمغادرة ؛ فتوقف حينما رأى تلك الفتاة تقف خارج غرفة المكتب وعيناها أرضاً بخزي ،الدموع تنسدل كالأمواج العارمة بكثرة خفت شاطئ المياه فلم تعد ترى أين الصواب وأين الخاطئ ؟! ، رمقها “ياسين” بنظرة غاضبة ثم لحق “بعدي” للأسفل بصمتٍ قاتل …

ولجت للداخل ببكاء وعينٍ منكسرة كحال قلبها فما أن رأها “أحمد” حتى أعتدل بوقفته قائلاٍ بأستغراب لعودتها _”سارة” ! ….رجعتي ليه ؟ …

أغلقت باب المكتب ثم تقدمت منه بخطوات بطيئة للغاية حتى دانت منه ، تطلع لسكونها بأهتمام فقالت بدموع وأنكسار بدى بصوتها _مش عارفة أشكرك أزاي يا “أحمد” ..

تطلع لها قليلاٍ ثم أشار لها بالجلوس على المقعد فأنصاعت له لحاجتها بالأسترخاء ،جلست بهدوء فجذب أحد المقاعد وجلس أمامها ،طال صمتها والأرتباك سيد موقفها …

قطع “أحمد” الصمت قائلاٍ بهدوء_قدمتلك مساعدتي بدون ما أعرف حاجة عن الموضوع لسه مش حابه تتكلمي ؟ ..

رفعت عيناها إليه بتذكر ما حدث !

##

تذكرن كم كان البكاء ملذها ، ما أخفته منذ خمسة أشهر لم تعد تقو علي أخفائه ، صارت الآن بشهرها السادس وترتدي ملابس فضفاضة للغاية ، كانت تستغل زيارة والدتها المتكررة لخالتها وأقامتها معها بصفة متكررة قد تصل لشهراً متكاملاٍ ولكن باتت الأمور أكثر سوءاً حينما كبرت بطنها بطريقة ملفتة ، كانت والدتها تتعجب من طريقة ثيابها التى تبدلت للغاية فبدأ الشك يساورها وخاصة بملاحظاتها الدقيقة لبعض الأمور الخاصة بالفتيات لذا قررت مراقبة إبنتها جيداً لتستيقظ من غفلتها على أمراً كارثي ….


لتهوى على وجهها بعدد لا حصى له من الصفعات بعدما أكتشفت أمرها بالضغط عليها بالحديث ، ربطت الأم بذكائها بعد رؤيتها لأحمد يوصلها للمنزل بأنه من فعل بها ذلك لذا قررت التوجه إليه سريعاً لمواجهته …للبكاء …للتوسل …

نهضت “سارة” تستند على ما يقابلها من المقاعد حتى أسرعت لهاتفها تطلبه فأجابها على الفور ، كل ما قالته ببكاء له _أنا محتاجة مساعدتك أرجوك ما ترفضش أنا ماليش غيرك يساعدني …أرجوك يا “أحمد” …

أرد معرفة نوع المساعدة التى تتحدث عنها ولكن سرعان ما أخبره الحارس بأمر تلك المراة التى تود مقابلته فسمح لها بالصعود وأغلق مع “سارة” الهاتف فأذا به يعلم منها ما حدث فعلم الآن أي مساعدة تريدها ! ….وعده لها بأنه سيعاونها جعله ينصاع ويتقبل ما يستمع إليه !! …حتى هى صعقت حينما أستمع إلي حديث أمها برضا تام فكانت تمنحه السماح أن ثار ورفض الموضوع …فالأمر ليس بالهين ولكنها تفاجئت بما فعله ! …

##

عادت من ذكرياتها على صوته الهادئ_لو مش حابة تتكلمي بلاش …

أشارت له بالنفي ثم شرعت الحديث بصوتٍ منكسر متحطم للغاية مثير للشفقة _أنا غلطت يا “أحمد” وأنا معترفة بدا صدقني بس أنا معنديش أستعداد أفقد كل حاجة من جديد مع أنسان حقير زي دا ..

تطلع لها بعدم فهم فأزاحت دمعاتها وأسترسلت حديثها المؤلم _خدعني بحبه وطلب أننا ننتجوز عرفي لحد بس ما يخلص جيشه وهيجي يطلبني من ماما وأنا غلطت وصدقته ،أتجوزنا وبعدها بفترة أكتشفت أني حامل وطبعاً أول ما قولتله بان على حقيقته …


بقى ثابتٍ للغاية قائلاٍ بصوتٍ مشابه لحالته _وبعدين ؟ ..

أجابته بدموع _رفض بعلن جوازنا وطلب مني أغضب ربنا تاني وأنزل اللي فى بطني بس أنا رفضت وهددته أني هقول لأخويا وهفضحه …

وأنفجرت بهالة من البكاء ليسودها الكلام الخافت المملؤء بطوفان من الآنين _ضربني وتعمد أنه يسقطني … من كتر الضرب محستش بنفسي غير بالمستشفي ولا أعرف حتى مين اللي وداني ….

ثم إبتسمت بسخرية _الحاجة الوحيدة اللي فوقت عليها أنه سرق شنطتي اللي كان فيها عقد الجواز وكل شيء يخصني …أختفى وكان فاكر أني سقطت بس سبلي جرح ودرس كبير أووي …

وأنحنت برأسها أرضاً تخفى شهقات دمعاتها ، بادلها بسؤالا هام يشغل فكره _ طيب ليه مقولتليش لوالدتك الحقيقة لما أفتكرت أني أنا اللي عملت كدا ؟ ..

بقت لفترة طويلة تبكى دون أجابته فأبى أن يضغط عليها بالحديث ، تركها وتوجه للبراد الصغير الموضوع بمكتبه ،جذب أحد العصائر وقدمه لها ، ألتقطته منه بيداً مرتعشة فجلس مجدداً لتشرع بالحديث من تلقاء نفسها _لأني ببساطة محبتش أعيش نفس التجربة المعتادة لأي بنت غلطت زيي …

ضيق عيناه بعدم فهم فقال بتعجب _أزاي؟ ..

قالت ببسمة ألم والدموع تنهمر دون توقف _أي واحدة بتغلط مع شاب حتى لو كانت زيي متجوازه عرفي أول ما الأهل بيعرفوا فبيغلطوا غلطة أكبر أنهم بيفكروا أزاي يجوزها منه مبيفكروش حياتها بتبقي معاه أيه بعد كدا !! ..


وأغلقت عيناها بدموع _وأنا مش عايزة أعيش مع بني أدم حقير زي دا يا “أحمد” أذا كان هو كان بيقتل ابني بدم بارد وهو لسه مكتملش هأمن عليه أزاي يعيش معاه أو أسيبه وأخرج بأي مكان ؟! …هعيش معاه أزاي وأنا شايفاه أحقر بني أدم عرفته ؟ ..هديله ثقة أزاي وهو سبب تحطيم ثقة أهلي فيااا ؟ ..صعب أوي ..

وجففت دمعاتها قائلة برجاء _أنا مش عايزة منك غير أنك تكدب على ماما وتقولها انك هتتجوزني لحد بس اما اولد وانا والله هاخد ابني واسافر فى أي حتة …

إبتسم بسخرية _الموضوع مش بالبساطة دي يا “سارة” ..

ونهض ليقف أمام الشرفة بتفكير طال لدقائق فعمق فكراها ،وضعت العصير من يدها على الطاولة ثم أقتربت منه قائلة بأرتباك _أنا طلبت منك مساعدتك من غير تفكير فى زوجتك أنا فعلاٍ أسفة …هقول لماما على الحقيقة كلها …

وتركته وتوجهت للخروج بقلبٍ ينفطر من الندم على ما ارتكبته بحقها وبحق “أحمد” …

_أستنى ..

قالها “أحمد” بحدة بعدما رأها تخرج ،أستدارت لترى ماذا هناك ؟ ؛ فأقترب منها قائلاٍ بعد تفكير _من واجب الأخ أنه يساعد أخته وأنا وعدتك أني هساعدك …

ثم صمت قليلاٍ كأنه يتحلى بالشجاعة لما سيتفوه به _اللي بتقوليه دا مش هيمنحك حياة كريمة أنتِ وابنك وسط المجتمع دا عشان كدا أحنا هنقول أننا أتجوزنا رسمي بورق مزور قدام والدتك لأن مينفعش أتجوزك وأنتِ حامل لحد ما تولدي هيكون بعقد حقيقي هسجل الولد وبعدها هطلقك …هكون أخ ليكِ فقط دا اللي أقدر أقدمهولك …


إبتسمت من وسط دمعاتها قائلة بدموع _مش عارفة أقولك أيه ؟! ..

تطلع لها بألم لما سيفعله بمعشوقته _متقوليش يا “سارة” ردك الشكر بأن “أسيل” متعرفش حاجة عن الموضوع دا وخاصة أنها عندها م…

وصمت قليلاٍ ليتغلب على آلآمه_مشاكل تمنعها من الحمل …

حزنت للغاية لأجلها فقالت بدموع _ربنا يرضيها ياررب …أطمن مش هعرف حد خالص ….

وغادرت لمنزلها بينما جلس على مقعده بتفكير عميق بما سيترتب على قراره الأحمق ! …

***************

“ببريطانيا”..

قال الطبيب بضيق_أنصت إلي جيداً ،الحالة غير مستقرة بعد لذا أنصحك بأن تلزم المشفي لثلاث أيام ،مغادرتك الآن تعني تعرضك لخطراً كبير …

أستدار “ياسين” بوجهه إليه بثبات _أخبرتك بأني المسؤول عن حالتي …

ثم أستند على المقعد قائلاٍ بألم يمحيه بثباته الفتاك _ما عليك سوى تنفيذ ما طلبته …

أشار له الطبيب قائلاٍ بتفهم _حسناً سأطلب منهم يعدون الطائرة بفريقها الطبي للسفر للقاهرة فى الحال ..

صاح “يحيى” بضيق _هتنزل من غيري !! …أنا جاي معاك ..

زفر بغضب _هو انا أخد إبني معايا أنت لسه حالتك مستقرتش …


_رجلي على رجلك ..

قالها بأصرار ثم أستدار للطبيب بصوتٍ مائل للمزح _أعد لي مكاناً بطائرتك المجهزة فأنا بحاجة للسفر أكثر منه ..

رمقهم الطبيب البريطاني بنظرة دهشة فتمتم بخفوت _سمعت عن قوة العرب والآن رأيتها برمق عيني ! …

وخرج الطبيب لينفذ ما طلبه “ياسين الجارحي” فقال “يحيى” ببعض الغضب _هموت وأفهم دماغك ..قولت هننزل بعد 24 ساعه وقولنا ماشي فجأة قرارك يتغير كداا ! …

تطلع للنافذة الصغيرة بغموض ،فأنسدل ظل الرجل المراقب لهم برفق فأبتسم بثقة لحبكة الخطة التى رسمها للقضاء على عدوه اللدود …لا يعلم بأنه يسبقه بخطوة ، لم يبالي بحديث “يحيى” وحمل هاتفه برسالة “لرعد” حتى لا يستمع ذلك الجاسوس له ففضل كتابة رسالة نصية له …

“بعد ست ساعات هكون بمستشفي **عايزك تجيلي أنت والأولاد بدون ما حد يأخد باله ” …

وأغلق هاتفه بنظرات تنضح بالغموض وبسمة تسلية للقادم …..

********************

بالقصر …..

وبالأخص بغرفة “ملك” …

طرقت “آية” باب الغرفة فحينما علمت “ملك” بأنها بالخارج أسرعت بأزاحت دمعاتها ….

ولجت للداخل ببسمة رقيقة _منزلتيش تتغدي معانا ليه يا لوكا …


جاهدت للحديث بنبرة ثابتة _ مش جايلي نفس فأنتهزت الفرصة للدايت ..

تعالت ضحكاتها بعدم تصديق _مش عارفة أنتِ و”يارا” ماسكين على الدايت دا لييه ؟ ..

أجابتها ببسمة تجاهد لرسمها _عشان نفضل صغير كدا محتاجين اللي يشوفنا ميصدقش أننا عندنا شباب وقريب هيكون عندنا أحفاد …

إبتسمت حتى تورد وجهها قائلة بمشاكسة_حاسه بتلقيح عليا أنا والبت “شذا” عشان فاتحين على البحري فى الاكل …

تعالت ضحكاتها قائلة بسخرية _ياختي انتِ بيبان عليكِ ! …بلاش تجريح بقى ..

إبتسمت على مزحتها ثم قالت بجدية _”ملك” ..

أنتبهت لها بأهتمام فقالت بلهجة تحمل القلق _هو “يحيى” كلمك ؟ ..

حل الأرتباك عليها فقالت بتوتر _لا …ليه ؟ …

قالت بحزن _اول مرة “ياسين” يسافر وميكلمنيش ! …

شعرت بحزنها فكانت بمثل ذلك الامر منذ قليل لتفق على حقيقة مؤلمة ، استعادت الكلمات سريعاً فقالت لتقذف بقلقها بعيداً _ كنت زيك كدا وسألت “رعد” قالي انهم مشغولين جداً فى مشروع كبير بيعملوه خارج مصر وهيرجعوا قريب أن شاء الله …

اجابتها بأمل وقلبها يحاوره الخوف _ أن شاء الله …

وأكتفت ببسمة صغيرة مكنونه بتوتر وخوف لا تعلم لما يهاجمها ؟! ….


***************

بمطبخ القصر …

ولجت “دينا” للداخل لتصعق مما رأته فقالت بصوتٍ متحشرج من شدة الصدمة _أيه اللي بيحصل هنا دااا ؟! …

أستدارت “شروق” وهى تتناول قطعة من الكعك ووجهها متسخ للغاية ،بينما أخفضت “مليكة” كوب العصير الممتلأ بالفواكه ، وكذلك وضعت “داليا” الدجاج المقرمل على الطاولة بحسرة من رؤية والدتها حالتها المفترسة ، أما “نور” فأكملت قضم الحلوي بصدمة ،بينما أخفت “مروج” قالب الكعك خلف ظهرها …

كبتت “رحمة ” ضحكاتها بصعوبة بعدما هرولت للداخل على صراخ “دينا” حتى “عز” كاد فمه بأن يصل أرضاً مما رأه …

“مروج” ببسمة واسعة بعدما جففت فمها من أثر الشوكلا ملوحة بيدها بمرح _هاي Dad …

“عز” بصدمة وهو يتمتم بخفوت “لرحمة” _هو فى الحالات اللي زي دي بيتقال أيه ؟ ..

كبتت ضحكاتها قائلة بصعوبة بالحديث _مش عارفة يا عمي بس الحالة دي طبيعية صدقني ..

أستدار لها فأشارت له بتأكيد فقال بأقتناع _يمكن مأنتِ اللي مجربة ..

إبتسمت قائلة بمرح _من رأيي تخرج بره رأفة بحالة الحرج ..

رمقهم بنظرة جانبيه ثم تطلع لها قائلاٍ لسخرية وهو يتوجه بالخروج _واضح واضح ..


وغادر “عز” سريعاً أو ربما فلت من المجاعة التى رأها منذ قليل ! …

أقتربت منهم “دينا” بغضب _أيه اللي بتعملوه داااا هتبقوا شبه الأفيال …

رمقتها “داليا” بغضب _خدي بالك من ألفاظك يا مامتي ..أحنا بنأكل وجبة لينا ووجبة للبيبي ..

ضيقت فمها بسخط _أنتِ بالذات تخرسي خالص ..

“مليكة” بغرور _اه شدي عليهم يا خالتو يستاهلو …

رمقتها “نور” بغضب _الله يرحم الفاكهة اللي كنتي غطسانه فيها من شوية …

جذبت ثمرة من التفاح تقضمها بتلذذ _طيب أنا هولد بعد أسبوع وهلحق نفسي بريجيم قاسي دوري على نفسك لسه فى أول شهرين وبقيتي شبه الكرنبة …

“رحمة” بمرح_مبلاش نفتح سيرة الكرنب لأنه منحصر بمطبخ “الجارحي” ومرصوص جانب بعض …

تأملت “مليكة” بطنها ثم استدارت تتأمل “شروق” والفتيات لتقول ببعض السخرية _بصي دا موضوع حساس مش هقدر أفيدك فيه …

كبتت “دينا” ضحكاتها بصعوبة فقالت “شروق” بمرح _يا طنط أحنا مقدور علينا كلها كام يوم وهنولد الدور والباقي على اللي لسه مطلعش ليهم بطن دول …عندك البت “مروج” لسه داخله مع جوزها سابته وطلعت على المطبخ جري شبه اللي كانت صايمة بقالها 80 سنة …

دفشتها “مروج” بغضب _ما تحترمي نفسك يا قلقاسة مكعبرة …


“شروق” بصدمة _هى وصلت للقلقاس لا دا كدا كتير محدش يوقفني على اللي هعمله وسعي يا بت يا “نور” …

تعالت ضحكات “دينا” بعدم تصديق فأستندت على الحائط تكبت ضحكاتها بصعوبة …

_أيه الجمال دا …شكلي هكافئ البنات أنهم خالوني أشوف الضحكة الحلوة دي …

قالها “رعد” بهيام بها بعدم ولج للداخل على أصواتهم المرتفعه ، نغزت “مليكة” “داليا” بضيق_شايفة باباكي رومانسي أزاي يابت مش زيك داخلة شمال فى “جاسم” شبه اللي متجوز واحد صاحبه الراجل دا ليه الجنه .

أستدارت بوجهها لها قائلة بصوتٍ كالرعد _كلمة كمان وهخليكي تولدي وأنتِ واقفة …

تركتها وهرولت للخارج ببسمة مكبوتة ، تطلعت له بخجل من نظرات الفتيات فأقترب ليغمز لها بعيناه وهو يتأمل فستانها الفضفاض غير عابئ بمن حوله _لسه برضو حورية بالبنفسج …

قالت بأرتباك والضيق يلحق نبرتها _أيه اللي بتقوله دا البنات واقفة ! ..

همس بمكر _مهو دا المطلوب عشان يعرفوا أد أيه أنتِ أجمل منهم بمراحل..

رفعت “داليا” يدها على كتفيه بخفة _كابتن ….

أستدار “رعد” لها فقالت بضيق _يعني مش مكفيك أنك أب صغير وجنتل وأنا نفسي بعاكسك تقوم تتجرد من الأنسانية وتحطم قلوب أبت الخضوع للأستعمار ؟ ..


تعالت ضحكات الفتيات بشدة لعلمهم بما تقصد ، أستند “رعد” على الحائط بسخرية _ما يمكن الدولة اللي رزلة وعايشة دور بلية الواثق فى نفسه فصدت نفس الأستعمار أنه يحتلها !.

“مروج” بسخرية وهى تضرب يدها بمرح _الله عليك يا عمي …

“نور” ببسمة واسعة _تم قصف الجبهة …

“شروق ” بضيق _الجبهات كلها وحياتك …

ثم أقتربت منه قائلة بضيق _الا بقولك يا عمي …

أستدار ليكون مقابلا لها _قولي …

قالت بصوتٍ منخفض وعيناها تراقب الفتيات_ما تعلم “معتز” يكون زي حضرتك كدا وهدعيلك أربع دعوات هينفعوك والله ..

كبت ضحكاته قائلاٍ بهدوء بعدما رفع ساعة يديه_أنا هجتمع بيهم بعد ربع ساعة هشدلك عليه عيووني ..

إبتسمت بسعادة _تسلم يا عم الناس …

تعالت ضحكاته مشيراً لزوجته بمرح ثم غادر على الفور ، تطلعت لخطاه المتباعد قائلة ببسمة واسعة _فى رعاية الله يا عمي …

جذبتها “دينا” من تلباب فستانها قائلة بغضب _بقى بتعاكسي جوزي يا حيوانه وأنا واقفة كدا عيني عينك !! …

صرخت بمرح_صلي على النبي يام “رائد” والنبي ما أقصد كل ما بالقصد انه يحنن قلب الراجل عليا …

تعالت ضحكات “رحمة ونور” ….فصاحت بهما بغضب _بتضحكوا على أيه الحقوووني بسرعة ..


“مروج” بأنتقام _تستاهل يا طنط دي بتتغزل بأنكل “رعد” ليل نهار …ولا أيه يا بنات ..

“نور”_اااه حصل وبالأخص عيوووونه بتقول رومادي فاتح ولا غامق …

جحظت عيناها بصدمة فصاحت ببسمة رضا _طبعاً بعد الحفلة دي لو حلفتلك بأيمنات المسلمين أنه محصلش مش هتصدقي ؟ ..

رمقتها بنظرة مطولة ثم أنفجر الجميع ضاحكاً ……

************

بمكتب “أحمد” …

قالت “أسيل” بالهاتف بضيق _أنت قولتلي أنك جاي وأنا بستناك من ساعتها يا “أحمد” ..

أجابها بهدوء _كنت راجع والله يا روحي بس عمي كلمنا كلنا وقال فى أجتماع مفاجئ حتى “عدي وياسين” وباقي الشباب رجعوا المقر …..

أجابته بدلال _أوكى بس هتعوضهالي ..

إبتسم بعشق _أكيد يا روح قلبي أول ما هرجع هأخدك ونتعشا بره بالمكان اللي تحبيه …

صاحب صوتها السعادة _بموت فيك على فكرة …

قال بنفس لهجتها _وأنا بعشقك على فكرة …

أجابته بخجل _ هجهز نفسي لحد ما ترجع …سلام بقى ..

_سلام يا عمري …

ووضع الهاتف أمام عيناه ليعود للشرود مجدداً والحزن والخوف من قراره بمساندة “سارة” يلمع بعيناه ….يكاد يقتل بعدة خناجر على أن يرى حزنٍ بعيناها يكون هو سببه ! …


أشار له “معتز” بأن ينضم لهم من خلف الزجاج العملاق الفاصل بين مكتب كلا منهم والصالة الرئيسية الخاصة بأجتماعتهم ؛ فوضع هاتفه ثم نهض وتوجه للباب الفاصل بينهم ليجد الجميع يرموقونه بنظرات أشبه بالنيران وخاصة “عمر” …

جلس على المقعد المجاور “لرائد” يتأمل نظرات سكونهم بصمت قطعه قائلاٍ بضيق من نظراتهم _ اللي عنده كلمة وحابب يقولها يتفضل …

“عمر” بغضب _طبعاً عندنا كلام كتير بس حضرتك أيه اللي عندك تقوله الأول ؟ …

“أحمد” بهدوء_أنا ساعدتها مش أكتر …

رمقه “رائد” بنظرة مميتة ثم قال بغضب _نعم ! ..المساعدة أنك تتجوزها !!! …

“أحمد” _هى مش قابلة تعيش مع الحيوان اللي عمل معاها كدا ومن واجبي كأقرب صديق لأخوها وأخ ليها أني أساعدها …

“معتز” بذهول _تساعدها على حساب بيتك وجوازك يا “أحمد” !! …

“حازم” بصدمة _بجد مش مصدق أنك عايز تعمل كدا فى “أسيل” يا “أحمد” ..

صاح بغضب _عملت أيه يعني ؟! ..خلاص الوقتي فقدتوا رجولتكم ونصايحكم عن شهامة عيلة “الجارحي” ! …

تلونت عين “عدي” بالغضب الجامح فكور يديه بغضب ليضع “ياسين” يديه على يداه سريعاً ليشير إليه برجاء بأن يتمسك بالثبات فأشار له بيديه …


فقال “ياسين” بهدوء_خد بالك من كلامك كويس يا “أحمد” أنت عارف كويس أحنا على أيه ؟ ..

“رائد” بسخرية _ الشهامة من وجهة نظر “أحمد” يا جماعة أننا نهد علاقاتنا بزوجتنا بالجواز من أي واحدة غلطت والا كدا يبقى فقدنا رجولتنا …مش كدا ولا أيه يا “أحمد” ؟ …

شعر بخطئ ما تفوه به فقال بحرج _مقصدتش كدا يا “رائد” أنا بس أ…

قطعه “عدي” بهدوء_أعمل اللي يريحك يا “أحمد” أنت مش صغير …بس تأكد أن كل واحد فينا أتكلم من خوفه عليك …

اشار له “عمر” بتأكيد فوضع عيناه أرضاً بخزي من طريقته بالحديث الحاد معاهم ،ثم استدار “لجاسم” الذي ألتزم الصمت من البداية فقال بمرح_ساكت ليه يا ترفل أتش متقول رأيك بالمرة عشان تبقى كملت ..

تطلع له “جاسم” بنظرات حادة ثم قال بصوتٍ مشابه نظراته _كلامي مش هيعجبك لأني مش هتكلم كإبن عمك وصديقك هتكلم بصفتي أخ يا “أحمد” واللي بتعمله دا هيقضي على أختي ولو حصل أوعدك ساعتها هتكون خسرتني بجد ….

“ياسين” بنبرة هادئة ليبطف الأجواء_أنت مكبر الموضوع ليه يا “جاسم” هو مش هيتجوزها هى بس أول ما هتولد هيكتب عقد رسمي ويسجل الولد وبعد كدا هيطلقها ولا كأن حاجه حصلت …ربنا رايد ليها الستر يبقى بلاش نتكلم بالموضوع كتير …

أجابه بضيق _وأيه اللي يضمنلي أن الموضوع ميوصلش لأسيل ؟! ..


تطلع “أحمد” بنظرة رجاء لعدي بأن يغلق ذلك الموضوع لقدرته على ذلك فقال بصوتٍ يغلفه الحدة ليكون بصف رفيقه _”اسيل ” مش هتعرف طول ما السر دا مخرجش برانا أحنا ال8 ….الموضوع دا يتقفل وميتفتحش تاني ….

أشاروا له بهدوء فقال “حازم” بمرح لتغير الأجواء بين “جاسم وأحمد”_ طيب مش تتشملل وتجوز أخوك الأول يابا بدل ما قربت أبقى عصير طماطم من غير سكر ! …

“جاسم” بسخرية_هموت وأعرف مستعجل على أيه ؟ ..

أجابه بصوتٍ منخفض وعيناه تتفحص “عدي” بخوف _حاسس أني داخل على مرحلة صعبة أوي يالا بشوف الدنيا كلها ورد حمرا وأنا العندليب وبغني للبت بقيت حاسس أن نظراتي للبت شبه “حمدي الوزير” فى فيلم الاغتصاب …

تطلع “ياسين لعدي” وأحمد لرائد ، ومعتز لجاسم وعمر ومن ثم انفجروا ضاحكين فتعالت القاعة بضحكاتهم الرجولية حتى “عدي” تعال بالضحك فقال “عمر” بصعوبة بالحديث _لا كدا الموضوع بقى خطر ولازم يوصل “لياسين الجارحي”..

رمقه بنظرة ضيق _ياكش يوصل للسلطات عشان يعتقلوني وترتاحوا مني …

“جاسم” بصوتٍ متقطع من فرط ضحكاته_نرتاح أزاي وسيرة “الجارحي”

هتكون على كل لسان …


“أحمد” _ياررريت عشان الصحافة تعمل معايا أول لقاء مع أخ حمدي الوزير …

رائد _هيسحلوك معاه يا حيوان مأنت أكيد مشارك بالجريمة السودة دي ..

عمر _رجل الاعمال الشهير احمد الجارحي واخيه الاصغر بتهمة هزت الراي العام …

“ياسين” بمكر _طيب يا خفة منك له لما يجي الدور عليكم بالتحقيقات هتعملوا ايه ولو الحظ وقعكم مع الوحش أقصد “عدي الجارحي” ..

كبت معتز ضحكاته بصعوبة _وحش أيه بقى دا اول واحد هيشرفنا بالتخشيبة بتهمة التستر على حمدي الوزير وشركائه …

تعالت الضحكات بينهم فرفع “عدي” ساعته بملل ليشير لرائد_شوف عمي أتاخر ليه ؟ ..

_أنا أهو ..

قالها “رعد” بعدما ولج للداخل ليجلس على المقعد المقابل لهم ، إبتسم “معتز” بتسلية بعدما أطلق صفير أعجاب به _أيه الشياكة دي كلها ..

أستدار إليه ببسمة خبث _أركن على جنب يا “معتز” جايلي منك شكاوي كبيرة …

تمتم “جاسم” بشماتة _يا ساتر يارررب ..

أستدار إليه “رعد” ببسمة خبث _دورك جااي متقلقش …

“عدي” بهدوء_حضرتك جمعتنا ليه يا عمي ؟ ..

تطلع لهم جميعاً بثبات ثم قال بعدما تفحص ساعته _”ياسين ” حابب يشوفكم …


أجابه “عدي” بلهفة _رجع مصر ؟ ..

أكتفي بأشارة بسيطة له فاسرع “ياسين” بالحديث _الدكتور سمح لهم بالسفر ! ..

“عمر” بأستغراب _دكتور أيه ؟؟؟؟…

تطلع “رعد” “لعدي وياسين” بهدوء فقص عليهم “ياسين” ما حدث لأبيه وتبرع “ياسين الجارحي” بكليته من أجله ، ساد الوجوه الفزع والبعض الخوف والاخر الصدمة ولكن كان المشترك بينهما الفخر برابط الصداقة القوي بين “يحيى وياسين الجارحي” …

*************

بالقصر …

هبط “مازن” يبحث عن الشباب بملل من أغلاق هواتفهم ، لفت أنتباهه هبوط “عز وأدهم” متوجهون للخروج فتوجه إليهم ليسأل عنهما فعلم بما حدث مع “ياسين ويحيي” وأجتماعهم بهما بالمشفي فتوجه معهم …

**************

بالمشفى …

أسرع “عمر” إلي “ياسين” بلهفة _بابا ..

إبتسم وهو يراه بأحضانه فرفع يديه يربت على ظهره بثبات ، جابت نظراته “عدي” الذي يتطلع له بضيق وحزن على ما فعله بدون علم أحد …

فقال بثبات يغمره الحزن _حمدلله على سلامتك ..

أجابه بثبات _الله يسلمك ..

أقترب “رعد” منه ببسمة هادئة فجلس لجواره ، أما على الجانب الأخر فجلس “ياسين” جوار “يحيى” بدمعة لمعت بعيناه على اخفاء الأمر عليه فأحتضنه “يحيى” بأسف وأخبره بأنه لم يرد أدخال الحزن لقلبه …


أستدار “ياسين” بعيناه اللامعة بالمكر لأحمد _أخبار صفقة الأسمدة ..

أقترب “أحمد” منه قائلاٍ بأرتباك _كنا هنخسرها لولا تدخل عمي “عز” ..

قطع “ياسين” المجلس قائلاٍ بشيء من الثبات والغموض_مملكة “الجارحي” متعملتش من ثروة وأملاك أتعملت من تضحية “عز” وصبر “يحيى” ونقاشات “رعد” “وأدهم” ومرح “حمزة” اللي بينجح أنه يخفف عننا يوم صعب متعملتش بالفلوس زي ما كل الناس فاكرة اتعملت بحبنا لبعض والثقة اللي كل واحد فينا زرعها فى التاني ..

ثم رفع عينيه إليهم _قسوتي عليكم لأني للأسف لسه مشفتش فيكم دا ..

تطلعوا جميعاً لبعضهم البعض فأكمل وعيناه تجوب وجوههم _لسه مبقتوش أيد واحدة …

ثم أستدار بوجهه قليلاٍ “لعدي” _أنا السبب فى الكبرياء اللي عندك دا ويمكن يكون السبب الرئيسي فى عدم وحدتكم لأنك عمرك ما سمعت لحد ولا هتسمع لأنك فاكر أن دا ضعف ..

كاد “عدي” بالحديث فرفع “ياسين” يديه ليلتزم الصمت فأكمل هو بلهجة غامضة_مش عايز أسمع من حد حاجه خلاص كل اللي أتبني أتهد فى اليوم اللي أنا و”يحيي” دخلنا فيه المستشفي وهينتهي على السرير دا ..خلاص مفيش أمبراطورية الجارحي كله أنتهي أتمنى تكونوا مبسوطين …

“عمر” :_لا يا بابا أحنا لسه موجودين ونقدر نكمل


إبتسم بسخرية :_ وريني …

كاد “جاسم” بالحديث ولكن على صوت “ياسين الجارحي” بحذم _أخرجوا من هنا …

كانت بمثابة الأمر القاطع فخرجوا وبداخلهم أنين عميق ودافع قوي حتى “عدي” هدأت ثورة قلبه فتطلع “لياسين” و”رائد ” قائلا بلهجة جعلت الجميع بذهول _أيه المطلوب مني بالظبط ..

تطلعوا لبعضهم البعض بدهشة وأستغراب فأبتسم “ياسين” قائلا بغرور :_نوريهم شباب “الجارحي” يقدروا يعملوا ايه ؟ ..

إبتسم “عدي” قائلا بمكر _أوك هتنازل وأساعدكم بالشركات بس ليا قواعد وشروط …

زفر “عمر” بغضب “_مفيش فايدة نعتزل بكرامتنا أفضل

“رائد” بهدوء_أستنى بس يا “عمر” لما نسمع الأول …

“معتز” بتأفف :_أتفضل ..

جلس “عدي” على الأريكة بغرور _محدش ينسي أني سيادة المقدم “عدي الجارحي” دا أولاً ..

زفر “معتز” بضيق :_وثانياً ؟

رسمت الجدية على وجهه فقال بلهجة رسمية :_محدش من الأدارة يعرف أني هشتغل معاكم

“ياسين” بسخرية _هو أحنا هنتاجر فى المخدرات يا عدي!! …

صاح بغضب _اللي عندي قولته محدش يعرف وخلاص وخاصة الحيوان اللي أسمه “مازن” دا لأنه لو عرف أعتبر القسم كله عرف…


أنفتح الباب على مصرعيه ليدلف “مازن” ببسمة واسعة :_حبيبي يابو نسب دانا واقف بره من ساعة تقريباً وقولت للممرضة اللي كانت داخلة بالأدوية لعمي “يحيي” أستني مدام الباب مقفول يبقي أسرار حربية بين عيلة الجارحي وقولت يا واد اقف امن على اسرارهم بدل ما حد يسمع كلمة كدا ولا كدا ثم أني على علم من أول يوم نزلت فيه الشركات

تطلع “عمر” “لياسين” ومن ثم “لجاسم” و”رائد” لتتنقل النظرات بخوف “لعدي” ليركضوا جميعاً فى محاولات مستميتة لأنقاذ هذا الأحمق الذي وقع فى براثين الوحش الثائر !! …


يتبع…🌺


رواية أسياد العشق (أحفاد الجارحي 4) الحلقة العشرون

……تحدي العمالقة ! ….

باتت محاولات الجميع بشل حركة “عدي” بالفشل ، كلماته الحمقاء هى التى قدمته للوحش الثائر دون شفقة! ، لكمه بغضبٍ عصف بفكيه فأحتضن وجهه حتى لا يفقد ملامحه الوسيمة من وجهة نظره ، حاول “ياسين ورائد” التحكم بيديه ولكن محاولات إيقافه شبيهة بالمحال …


الشباب بأكملهم فى محاولات عسيرة لأيقافه الا “حازم” فجلس على المقعد ببسمة واسعة _يستهل أكتر من كدا…

“أحمد” بغضب _أخرس يا حيوان ..

أجابه بسخرية_خليك فى مهمة الانقاذ بتاعتك …

أنصاع لحديثه وأن كان ساخراً ولكن هناك حياة بين يدي الوحش بحاجه للأنقاذ !…

جاهد كثيراً للحديث فقال وهو يلتقط أنفاسه بصعوبة_ خلاص يا جدع الله ما يبقاش قلبك أسود كدا من كلمتين .

ثم أسترسل حديثه مسرعاً_دانا لو عدوك اللدود مش هتعمل معايا كداا …

“جاسم” بسخرية _قلبت قطة الوقتي ! ..

رمقه “معتز” بغضب _أتنيل أنت كمان لما نخلصه من تحت أيده أبقى حفل برحتك .

أقترب “عمر” من “عدي” قائلاٍ بحرص _خلاص يا “عدي” بعد اللي شافه دا مش هيكررها تاني …

كبت “ياسين” ضحكاته قائلاٍ بصعوبة _معلش بقى هو أتربى خلاص ..

ثم قال بمرح _مش كدا ولا أيه يا “مازن” ؟ ..

“مازن” بغضب _أنت هتشحت عليا يا حيوان منك له ! ..

“عمر” بغضبٍ جامح _أنت ليك عين تتكلم يا حيوان ..

“رائد ” بعصبية _ تصدق أنك بني أدم حقير بقي بعد المجهود العظيم دا عشان يسيبك وفى الأخر بتغلط فينا ! …


“جاسم” بشماتة _صدقتوني أنه واطي ..

أستدار “عمر” “لعدي” _ خلص علي الكلب دا وريحنا …

“مازن” بوعيد _كدا طب ورحمة أبويا لفضحك أنت وأخوك على السوشيل ميدا وكل قنوات الTv ..

ترقب الجميع رد فعل “عدي” وخاصة بعد أن ألتزم الصمت والهدوء فتفاجئ الجميع ببسمته الماكرة وتحرر يديه من على قميصه بهدوء ،أعتدل “مازن” بوقفته بغرور ظناً من أن “عدي” تركه خوفاً منه ! ..ولكن سرعان ما تصنم محله حينما جلس “عدي” على الأريكة واضعاً قدماً فوق الأخرى بتعالي وغرور كسره بصوته الشبيه بطلقات السلاح الناري _لو فاكر أن كلامك دا هيهددنا تبقى أحمق من ما كنت أتخيل ….فلنفترض أنك عملتها الناس هتقول سيادة المقدم والدكتور “عمر الجارحي” عندهم الخبرة والكفاءة اللي تهيأهم أنهم يكونوا مكان “ياسين الجارحي” بالمقر المسؤول عن أمبراطورية الجارحي لكن أنت بقى هيتقال عليك أيه بعد ما تكون مكان عمي حسن اللي بيجبلنا المشروبات لحد مكتبنا ؟…

إبتسم الجميع بشماتة بينما تخشب “مازن” محله فشعر ببرودة تكتسح جسده فتجعله كالبراد ! …

صاح بغضبٍ لا مثيل له _نعمممم ! ..

أجابه “عدي” ببسمة ثقة _زي ما سمعت كدا من بكرا هتنزل الشغل معانا ومهمتك زي ما سمعتها …

أقترب منه “أحمد” بضحكة مكبوتة بحرافية _مهمة عظيمة أوي “مازن” ..


أستدار إليه بنظرات كاللهيب فوضع يديه على كتفيه كأنه يهنئه على هذا العمل العظيم بينما قال “معتز” ببسمة واسعة _الشغلانه دي بالذات لايقة عليك أوي يابو نسب …

“جاسم ” بشماتة_ جداً يا “معتز” كفايا أنه هيتحمل أطعام 8شباب غلابة بمشروباتهم وحلوياتهم …

“ياسين” ببسمة مكبوتة _مبروك عليك يا ويزو ..

نهض “عدي” متوجهاً للخروج _ياريت تلحق ترتب أمورك مع عم “حسن” وتأخد منه المفاتيح

أجابه بصوتٍ مشتعل بفتيل الغضب _دانت أتجننت بقى أنت وولاد عمك ومحتاج اللي ي…

دفشه بلطف على الحائط ليقف أمامه ببسمة ماكرة _كمل كلامك وأوعدك أني أحققلك أمنيتك وأرميك فى مستشفي المجانين اللي فاضل من عمرك وأنت أكتر واحد عارف أني أعملها …

أشار إليه بتأكيد فقال بصوتٍ يكاد يكون مسموع من الرعب _من الفجر هتلاقيني عندك ولو عايزني أخد أجازة من شغلي تحت أمرك..

أشار له ببسمة ثقة _كدا أحبك .

وغادر “عدي” لسيارته بينما أستدار “مازن” للشباب بصدمة من أمره فكيف أنصاع له بتلك السهولة؟ …لما قال ذلك ؟!! …

تعالت الضحكات فيما بينهما فأقترب منه أحمد ببسمة واسعة _بتحصل ..

رمقه بنظرة ضيق ثم أنهال عليهم باللكمات …

****************


أزداد الليل بغيامته السوداء ،تغمد الهدوء القصر بأكمله بينما فشل بأحتضان صفحات قلبها ! ، تأملت القمر المشع بضوءه المنير بحزن يتدفق من عيناها كأنها تشكو له قسوة قلب معشوقها ، ينجح بصنع حاجز خاص له حتى هي يصنع لها حاجز! …

يا الله كم تألمت حينما روادها هذا الفكر المزعج ولكن عليها أن تتقبل هذا الأمر حتى بعد مرور سنوات لامست بهما أعنان السماء وأستشعرت بملمس النجوم ولكن كانت بحاجه لكشف جانب الغموض لديه …

تنهدت “آية” بحنين لصوته ، نظراته المطولة التى تقتلها أرتباكاً ،ثباته الذي يجعله مميز للغاية …

حملت هاتفها تتفحصه للمرة التي لا تتذكر عددها لتضعه جواره بيأس وحزن من نسيانه لها هكذا ظنت! ….

************

عاد الشباب من الخارج بمنتصف الليل فصف كلا منهما سيارته بالخارج ليأتي الحرس ويتوالى المهمة ، ولجوا للداخل فهبط “حازم” قائلاٍ بنعس _هي الساعة كام معاك يا “جاسم” …

رفع عيناه على يديه بصعوبة _2..

لوى فمه بتهكم _مقابلة بعد نص الليل عشان محدش ياخد باله تقولش هنقابل رئيس القوات المسلحة ..

“عمر” بغضب وهو يلحق بالصعود خلفهم _أنت تحترم نفسك وأنت بتتكلم عن أبويا أحسنلك بدل ما أطلع برقبتك ..

“رائد” بملل_”عمر” أجلوا خناقاتكم لبكرا أحنا راجعين مش شايفين أدمنا …


أستدار “ياسين” إليهم بضيق _وفروا طاقتكم هتحتاجوها بكرا …

تطلع كلا منهم للأخر ثم ساد الصمت وشرد الفكر بما سيحدث غداً …

سلكوا القاعة الرئيسة للقصر قبل أن يتوجهوا للدرج الداخلي فتوقف كلا منهما على صوتٍ غاضب يأتي من الخلف ..

_كنتوا فين لحد الوقت المتاخر داا ! ..

قالتها “يارا” بغضب ولجوارها كانت تجلس “دينا” بقلق و”ملك” بأنتظار يحمل اللهفة للأطمئنان على معشوقها ! ..

أقترب منها “معتز” بأستغراب _خير يا ماما أيه اللي مصحيكي لحد دلوقتي ؟ ..

“يارا” بغضب_هنام أزاي وأنت وأبوك مرجعتوش البيت لحد دلوقتي ..

رفع يديه يحتضن مقدمة أنفه كمحاولة لكبت غضب ليتحل بالهدوء مجدداً_ هو أحنا لسه صغيرين يا ماما ..مفيش داعى لقلق حضرتك …

رمقته بنظرة مطولة ثم قالت بضيق _عندك حق مفيش داعي أقلق عليكم …

وأستدارت بصمت فأقتربت منها “دينا” سريعاً لترمقه بنظرة غاضبة قائلة بعصبية _فعلا مفيش داعى نقلق حتى لو بنموت من جوا عليهم مدام كبروا وأتجوزوا يبقى خلاص منقلقش ..

أشار إليه “مازن” بأنتهاء أمره ؛فأقترب منها ببسمة لطيفة _مقصدش طبعاً أنا كنت أقصد أقول أننا أستلمنا مشاريع كبيرة جداً فالفترة الجاية متوقع التأخير …


“ياسين” بتأكيد _عمي سلمنا كم مشروع وأحنا بنحاول نكون على قدر من الثقة ..

ربتت “دينا” على كتفيه ببسمة هادئة _ربنا معاكم أنتوا قدها …

لف “رائد” يديه حول كتفيها ببسمة واسعة _شايفين الأمهات العسل ..

لوى “عمر” فمه بسخط_طول عمرك بكاش …

وجذبها برفق _خالتي بتتكلم عننا أنا وباقي الشباب مزكرتش أسمك يا خفيف…

تعالت ضحكاتها قائلة بمرح_أنا أتبريت من الواد دا من سنين ..

“مازن” بشماتة _كبسة …

أستدار إليه بتحذير_أخرس عشان مزعلكش ..

_دانا اللي هزعلك لو كلمته بالأسلوب دا تاني ..

قالها “رعد” بحدة يكبتها المرح فلوى فمه مردداً بضيق _مش عارف الناس دي كانت لقياني أدام باب مسجد ولا أيه بالظبط ..

صعد “عدي” للأعلى بلهفة اللقاء بها بعد يوماً شاق، هبطت “تالين” مجدداً للأطمئنان عليهم فأرتاح قلبها حينما وجدتهم فقالت بأستغراب _”أحمد” فيين ؟ …

قال “حازم” بمرح “لرائد” على سؤال “تالين” عن شقيقه أولاٍ _مش أنت لوحدك اللي بتحس بكدا ..أعتقد أننا كنا فى قفص واحد ولفة واحدة …

دفشه بغضب _ياعم روح …

أشار “ياسين” بوجهه بعدم الفائدة من مشاكستهم المعتادة فأستدار “لتالين” قائلاٍ بهدوء_ “أحمد” سابنا من ساعتين تقريباً ممكن خرج مع “أسيل” …


أطمئن بالها فجلست جوار “ملك” بقلق من هدوئها الغير معهود فحاولت أن تعلم ماذا هناك ؟ ..ولكن محاولاتها باتت بالفشل …

**************

بالمشفى ….

هرول الأطباء للغرفة الخاصة “بيحيى وياسين الجارحي” بوجوه لا تنذر بالخير …

صاح بفزع حينما وجدهم يلتفون حول فراش “ياسين” بتفحص_فى أيه ؟! ..

أجابه الطبيب بغضب بادي على وجهه_ حاولت أفهم “ياسين” بيه أن السفر فى الحالة دي هيكون خطر عليه بالأخص بس رفض يسمعني ودي النتيجة.. ..

أنقبض قلبه فقال بصوتٍ مجاهد بالخروج ويديه تتشبس بالحائط فى محاولات بائسة بالنهوض _”ياسين” ماله؟؟؟؟ ..

أسرع إليه الطبيب وأحد الممرضات فعاونه على التمدد ولكنه لم ينصاع له ،شعر بأن الغرفة تلتف من حوله بفعل المجهود الذي بذله للنهوض فسقط مغشي عليه على الفراش ،أما “ياسين” فتم نقله بغرفة منفردة …

**************

مياه تتدفق بتناغم بين أنشودة الأهواج وتحت ضوء القمر الخافت ، لونها مشبع للعينان وصوته الضئيل يطرب الآذان ،أشتاق الكثيرون بالغرب لرؤية مياهه الأنيقة فنهر النيل نبع الحياة وتاج للجمال ؛فحالها كحال الكثيرون ،تعشقه حد الجنون رؤية أوراقه تتقلب أمام عيناها كريعان من أزهار تنمو بخفة ! …


لم يرمش لها جفن وهى تتطلع له أما “أحمد” فكانت نظراته متعلقة بها هي! ..

قالت وعيناها على النهر _أيه رايك بالجو دا بقى ؟ ..

_أجمل حاجة أتخلقت ، ضوء النهار بيكون ليل جانب نورها ،نظراتها بتسحب ضوء القمر وبيكون الأهتمام ليها ..

قالها بهيام بملامح وجهها ،تعجبت للغاية من أجابته الغامضة على سؤالها فأستدارت قائلة بتعجب _هي مين ؟ ..أنت بتتكلم عن أيه ؟! ..

رفع يديه ببطء فمررها على وجهها ببسمة صغيرة _هو في غيرك جانبي ؟! ..

تطلعت جوارها لتشرد بعيناه ،نفس تلك النظرات التى يغمرها العشق …بل تفوقها فوق العشق عشقٍ …بقوا هكذا لدقائق ….تأملات عيناهم توحى لمن حولهم بأنهم عشاق أو متزوجين حديثاً لن يفقه أحداً علاقتهم الخفية بطرب العشق والخلود ..

رفع يديها ليقبلها بحنان ورقة بثت كم يطوف حبها بأغلال قلبه قائلاٍ بغموض_بتثقي فيا ؟ ..

إبتسمت قائلة دون تردد _أنت عارف ردي …

بقي صامتٍ لدقائق يتأملها بنظرة مطولة قطعها بصوته الغامض _دا عهد كبير أوي يا “أسيل” مش مجرد كلمة …

ثم حرر يديها ونهض من جوارها ،أقترب من السور الفاصل بينهما وبين المياه فدس يديه بجيب سرواله ووقف يتأمل المياه بصمتٍ قاتل حتى نهضت خلفه بقلق _فى أيه يا “أحمد” ؟! …وليه بتقول الكلام دا ؟ …


أستدار ليكون مقابلها قائلاٍ ببسمة ألم ومجهول_مش هيكون فى “أحمد” لو حسيت فى يوم أنك معنديكيش ثقة فيا يا “أسيل” ….

ثم زفر ببطء كأنه يخرج شيئاً مكبوت بداخله _صدقيني لو عملتي أيه هترجعي هتلاقيني فاتحلك دراعاتي الا أنك تعملي أي تصرف يوضح سوء ثقتك فيا ..

إبتسمت دون مبالة بحديثه الجادي _أنت مخرجني هنا عشان تقلب عليا دراما !!…شكلي هزعل ومش هفك تاني ..

ثم رفعت يدها بخبث _غير لما تجبلي درة وحمص الشام تاني ..

تعالت ضحكاته الرجولية قائلاٍ بصعوبة بالحديث _أنتِ مشكلة …

ثم رفع يديه يتأمل ساعة يديه بنظرة صدمة _يا خبر الوقت اتاخر جداً ..يلا نرجع القصر ..

لوت فمها بسخط _مش قبل ما تجبلي درة ..

إبتسم بتفكير _أمري لله …

وتركها وتوجه للرجل الذي يقف على مسافة قريبة منه بفرن صغير وبعض أكواز الذرة الطازج …

****************

بالمشفى ….

نقل “ياسين الجارحي” لغرفة منعزلة لم يكن بالحسبان ولكنه سهل المهام بالقضاء عليه لا يعلم بأنه خطط المكيدة وترك الرئاسة لياسين الجارحي!!! ..

تسلل للغرفة بحذر شديد ليجد “ياسين” متمدد على الفراش بأجهزة كثيرة تفترش ووجهه وصدره ،أقترب منه ببسمة نصر فأخيراً سيتحقق أمل “جون” بالقضاء عليه …


أقترب منه ثم أخرج أبرة صغيرة من جيب سرواله وعيناه تتفحص باب الغرفة بخوف ،قربها من يديه ومن ثم شرع بوضع سنها من يديه ولكنه شهق فزعاً حينما شُلت حركته وأنغرس السن بداخل رقبته لتظهر من خلفه عينٍ يملأها الغضب والثبات بأنٍ واحد ،تلمع بقوة وكبرياء مازال يتحلى به رغم تقدمه بالعمر ….

همس قائلاٍ بسخرية بلهجته الغربية حتى يفهمها هذا الأحمق _مرض الأسد لا يعني بأنه فقد قوته!…

وتركه ليهوى أرضاً صريعاً فرمقه “ياسين” بنظرة مميتة ، ولج الطبيب مسرعاً بحوزة رجال من أمن المشفى للداخل فقال بصدمة بأعجاب _كنت فاكر انك هتحتاج مساعدة ..

إبتسم وهو يتمدد على فراشه بعينان تتوهجان غموض _مساعدتك جاية بترتيب خبر منطقي لموته وموتي …

أشار له الطبيب ببسمة ترحاب فأشار للأمن الخاص بالمشفى بحمل الجثمان المزفوف لموته وخرجوا على الفور للشروع بخطة “ياسين” …

*****************

سطعت شمس يوماً جديد بنوراً مميز للغاية كأنها ستمنح شيئاً ذهبياً لشخصاً طاف به الألم فجعله ينزف آنين حتى صُرح له بالسرور! …

نهض “عدي” فأرتدى ثيابه مسرعاً والحماس بتحدى أبيه يناوره ،طبع قبلة صغيرة على جبينها ثم داثرها جيداً وخرج بخطوات هادئة حتى لا تستيقظ بعد عناء ليلاٍ قضته مع الرضعين ….


فتوجه للمقر سريعاً ليجد الجميع مجتمعون بمكتب “عز” ….

***********

بمنزل “سارة” …

وجدت رسالة نصية على هاتفها فسلبت ما تبقى بروحها لترفع يدها ترطم وجهها بصدمة ودموع فلم تجد سوى اللجوء له فأسرعت لخزانتها وجذبت حجابها لتسرع بالتوجه للمقر لرؤيته ! …

**************

ترددت كثيراً بالذهاب إليه ولكن قلبها عدواً لدود إليها لذا دعسته بقوة لأجله! …

وقفت أمام غرفته تستجمع شجاعتها لرؤيته على فراش المرض ففتحت الباب بعد وقتٍ تعدى الخماسة عشر دقائق ….تخشبت قدماها ….تبلدت الأحاسيس لديها ما بين البكاء والصراخ ،وجدته ينازع على الفراش ،تملكها الغضب الشديد حينما تذكرت حديث ولدها الكاذب عن تحسن حالته لا تعلم بأن حالته ساءت لخوفه الشديد على رفيق عمره ! ..

أقتربت منه بدموع غزت وجهها فقالت بصوتٍ شاحب _”يحيى” .

فتح عيناه بلهفة حينما أستمع صوتها ليجدها أمام عيناه ،إبتسم قائلاٍ بعدم تصديق _”ملك” ! ..

ثم رفع يديه بأشارة تعلمها جيداً فكبتت دمعاتها وأقتربت منه فلامس وجهها يديه ، قال وعيناه تتعمق نظراتها فتحتضن بعضهما البعض _كنت واثق أني مش ههون عليكِ..


بكت بصوتٍ مسموع فأحتضنته بقوة كأنها تخبره بأنه أهم ما تملك بعالمها ، أحتضنها ببسمته العذباء فقالت من وسط دمعاتها _خبيت عليا ليه ؟ ..

_لأن دموعك دي أصعب من الموت …

قالها وهو يزيح دموعها ببسمة صغيرة فأبتسمت رغماً عنها ، أستقامت بجلستها وهى تجفف دموعها فوزعت نظراتها بالغرفة بأستغراب _”ياسين” فين ؟!..

كأنها ذكرته بمجمع آلمه فأستند برأسه على الوسادة مشيراً لها _نادي الدكتور يا “ملك” ..

قالت بفزع _أنت كويس ؟؟؟..

أشار لها بهدوء _متقلقيش عليا أنا كويس بس أعملي اللي بقولك عليه ..

أنصاعت له على الفور وأسرعت بالطبيب الذي لحق بها بأهتمام ليرى ماذا هناك أو لينفذ باقي خطة “ياسين” ..

****************

بمكتب “عز” …

ضيق “عمر” عيناه بأستغراب _أد كدا بيكره بابا ! …

أجابه “عز” بتأكيد _كلمة كره قليلة يا “عمر” , “جون” دا “ياسين” بالنسبة أكبر عقبة بحياته لأنه المنافس الوحيد له ودا اللي بيخليه بيفكر يخلص منه بأي طريقة …

ثم صمت قليلاٍ ليكمل مجدداً_ حتى لو بحادث مدبر زي ما عمل قبل كدا كتير ..

ترددت الكلمة على مسمع “عدي” فجعلت عيناه كالجمرات المشتعلة ليقطعهم “حازم” بذهول _وأزاي “ياسين الجارحي” يسيبه عايش أساسا ؟؟


إبتسم ” عز” قائلاٍ بغموض _محدش فاهم ولا عارف هو ناويله على أيه ؟ ..

“ياسين” _البني أدم دا بيعمل المستحيل أنه يربح مناقصة داخلها شركاتنا ..

“أحمد” ببسمة سخرية _بس عمي “ياسين” قافل عليه كل الطرق..

_للأسف يا “أحمد” من غير “ياسين الجارحي” بقى أدامه أكتر من طريقة ..

قالها “عز” بملامح غامضة ليسترسل حديثه بنظرات موجهة لعدي _ولازم “عدي” يوقفه عند حده زي ما كان “ياسين” بيعمل …

ثم ابتسم بمكر _مش أنت بقيت مكانه ! ..

خرج “عدي” عن صمته قائلاٍ بثبات_عايز كل المعلومات عن الراجل دا …

“رائد” ببسمة ثقة _أعتبره حصل يا وحش …

لمعت عيناه بالمكر فهمس “عمر” بخفوت_ ربنا يتولاه .

إبتسم “جاسم ومعتز” بتأكيد ،قطع حديثهم صوت طرق كبير على سطح المكتب فأستدروا جميعاً ليجدوا “مازن” يقف أمامهم بملابس متسخة للغاية بالقهوة والعصائر وأكمام مكشوفة حتى السروال يكشف فدميه ويتعمد بالطرق بالصنية التى يحمل عليها المشروبات عن تعمد قائلاٍ بغضب مكبوت _المشاريب .

كبت الشباب ضحكاتهم بينما صعق “عز” فقال بصدمة لمعتز _ مش دا جوز أختك ؟! ..


أشار له ببسمة واسعة _هو بغبوته ..

قال ومازالت عيناه متعلقة بمازن_وأيه اللي حصل له ؟ ..

أجابه الأخر بصوتٍ منخفض _أتحدى “عدي” ودي النتيجة ..

كبت ضحكاته بصعوبة فحمل حقيبته قائلاٍ بثبات التمسه بصعوبة _كدا مهمتي خلصت ..

وغادر “عز” على الفور ، أقترب “حازم” منه فحمل أحد الأكواب ليرتشفها بتلذذ أنقطع سريعاً فبصق ما تناوله وأخذ يسعل بقوة قائلاٍ بصعوبة بالحديث _أييييييه داااااا ؟؟؟؟..

كور يديه أمام صدره بثبات_زي مأنت شايف عصير …

أجابه بفزع_متأكد ؟ ..لا أنت أكيد أتلغبطت وجبت دوا الحصبة مستحيل يكون دا عصير من ثمار الفاكهة الطبيعية …

جذبه “مازن” من تلباب قميصه بغضب _لا من الطماطم يا خفيف …

ولكمه بقوة أطاحت بفكيه فصرخ بألم _هزعلك والله …أتقي شري أحسنلك ..

رمقه “مازن” بنظرة مطولة ثم صفعه فألتزم الصمت…

كبت “عدي” ضحكاته فرفع قهوته بأعجاب _ميرسي على القهوه يا ميزو ..

وغمز له بعيناه وغادر لمكتبه ، كبت غضبه بصعوبة فأستند على ذراع عمر بتفكير _ودا أعلم عليه أزاي دا ؟ ..

“عمر” بخبث_ ما ينفعش ..


أستدار إليه بستغراب_ ليه ؟ ..

أجابه ببسمة واسعة ويديه تشير على الكاميرا الموضوعه بزاوية الغرفة _لأنه هيسبقك يا خفيف …

ضيق عيناه بغضب فقال “جاسم” بمرح _يعني لو عملتها هينزل الفيديو الجميل بتاع سيادتك وأنت داخل بالمشروبات علينا كدا على الأنستجرام ..

ثم أقترب منه بجدية _الا صحيح يا “مازن” أيه اللي وصلك للحالة دي ؟ ..

وكان يتحدث وعيناه على ثيابه المتسخة ليدفشه بغضب _مأنتوا اللي حاطين الحاجة فى أخر رف هعملكم أيه يعني ؟!! ..

تعالت ضحكات “رائد” بعدم تصديق فشاركه “أحمد” الضحك بينما جذب “ياسين” قهوته قائلاٍ وهو متوجه لمكتبه _لا تعليق …

“معتز” ببسمة مرح_القهوة لذيذة لكن العصير معرفش عملته أزاي أو المكونات دي موجودة فى أي مجرة بس عمتا أبليت حسناً ..

وتركه وغادر هو الأخر ، فتوعد لهم “مازن” جميعاً فقال بهمس _هتشوفوا هعمل فيكم أيه ؟ …أن مكنتوش عبرة مبقاش مازن …

وغادر والمكر يلمع بعيناه أما “عمر” فجذب هاتفه ليطمئن على معشوقته بعدما أخبرته بالأمس بأنها ستذهب للمقابر لزيارة والدتها بعد مرور أشهر كثيرة ….

****************

أنهت قراءة الفاتحة بعينان تغوص بالذكريات تعلم بأنه غير محبب المجيئ ولكن تشعر بالراحة بالجلوس أمام قبرها ….


أغلقت مصحفها الصغير ثم توجهت للسيارة فصعدت بالخلف ليبتسم لها السائق ذو التاسعة والثلاثون عاماً _على فين يا هانم ؟ ..

أشارت له ببسمة صغيرة _على القصر يا عم “صالح” ..

أشار لها بهدوء ثم تحرك بها عائداً للقصر فهو السائق الخاص بها ، صدح هاتفها برنين خاص محبب لمسمعها فعلمت دون أن تجيبه بأنه عاشقها ، رفعت هاتفها ببسمة رقيقة _راجعة القصر أهو .

“عمر” _أمممم يعني مفيش داعي أطمن عليكِ ؟ ..

“نور” _تقدر تعملها ؟

=مقدرش بتوحشيني لحد رجوعي فيمكن صوتك هو اللي بيديني أمل أكمل يومي ..

كبتت بسمة خجلها قائلة بعملية لكونها بالسيارة _هكلمك أول ما هوصل بأذن الله أنا على الطريق ال##….

=خلي بالك من نفسك …

_حاضر …

كاد “عمر” بأغلاق الهاتف ولكنه أستمع لصرخة خافتة تخرج منها فقال بفزع _فى أيه يا “نور” ؟ .

لم تجيبه وقالت للسائق بخوف من رؤيته يتجنب الاصطدام بالسيارات _فى أيه يا عم “صالح” ؟..

أجابها بفزع وخوف يتغلغل بصوته _العربية مفهاش فرامل …

نزلت كلماته على مسماعها ومسمع “عمر” كالرعد فأحتضنت جنينها برعب بينما جذب “عمر” مفاتيح السيارة وهرول مسرعاً أمام أبناء أعمامه و”عدي” فصعقوا من مظهره ليلحقوا به سريعاً للأسفل ..


قالت بدموع وجسدها يرتجف خشية الاصطدام فتفقد جنينها _”عمر”

صاح بلهفة _ما تخافيش يا حبيبتي أنا فى الطريق ليكِ ..

قالت ببكاء_أنا خاااايفة …

أسرع بسيارته كالبرق يجتاز كل الطرق قائلاٍ بصوتٍ يرتجف ولكنه يتماسك بالقوة _مش هيحصل حاجة يا عمري أدي التلفون لعم صالح …

أستمعت لما يقول فألقي “عمر” على مسمعه بعض الارشادات ليبقى ثابتٍ لبعض الوقت حتى يصل إليهم ، أما خلفه فلحق به “أحمد وعدي وياسين” بفزع حينما أستمعوا لمكالمته وهو يهرول من أمام أعيناهم فلحقوا به بسيارتهم الخاصة فحتى هاتفه مشغول ….

******************

بالمشفى …

قال للطبيب بخوف يجاريه _طمني على “ياسين” …وأيه اللي حصله دا …

صمت الطبيب لفترة طويلة مما أثار رعب “ملك ويحيى” فأزداردا ريقه بصعوبة _”ياسين” جراله حاجة ؟

فضل الصمت لفترة أطول فصاح بغضب _أنت ساكت ليييه ما تجاوبني! ..

_شد حيلك …

قال كلمته وغادر ….كلمته التى وقعت على مسمعه كالموت المتمكن من ضحاياه ،تبلد محله والصدمة تكتسح ملامح وجهه ، كأنه أنقبض ببرودة المياة ثم ألقي بنيران مشتعلة فبات الأمر بين الغفوة ليسقط أرضاً مغلق للعينان ويطوف صراخ “ملك” الغرفة بأكملها بأسمه وبأسم “ياسين” …


*************

سقط الهاتف حينما اصطدمت السيارة بشجرة عملاقة أسقطت نصفها على حافة أغصانها ،أنتفض السائق فلفظ أنفاسه الأخيرة على مقبض السيارة …

رفعت “نور” رأسها المسنود على المقعد أمامها بألم فقد أصابت بكدمة بجبينها ،وضعت يدها على مقدمة رأسها بألم ففتحت عيناه بتأوهات خافتة ، تطلعت على يسارها فوجد أرتفاع شاق فصرخت بفزع _عمي صالح …

حركته ببطء فوجدته يميل على رأسه ضريع ، كبتت شهقاتها بأحتضان معصم يدها بفزع وبكائها بلا توقف ، فُتح ثقبٍ صغير بخزان السيارة على أثر سقوطها فتبقى ثواني معدودة على الأنفجار ، فتحت باب السيارة كمحاولة بائسة بالقفز على الجسر قبل سقوط السيارة ولكن من المحال ذلك ….

كان يقف أمام المياه بحزن يغدو كبئر بلا أعماق حينما أستمع لصوت أرتطام فرفع عيناه لأعلى الجسر ليجد سيارة على حافته تكاد تنقلب من الأعلى ، لمح بداخلها حركة خافتة فأسرع للأعلى ليرى ما يمكن فعله …

تسلق على أطراف الشجرة قائلاٍ بصوتٍ مرتفع _ فى حد فى العربية ؟ ..

ألم رأسها بدأ بالأزدياد …بكائها يزداد وشعور الموت على المشرف …أستمعت لصوت شاباً يعرض المساعدة فقالت بأستماتة _ساعدني أرجوووك ..

علم بأن هناك فتاة بالداخل فعرض ذاته للخطر بأن ضم ساقيه على أحد أطراف الأغصان فقال بصوتٍ مرتفع _أبعدي عن الأزاز …


أنصاعت له فأنتقلت بحرص للأمام ليحطم الزجاج الأسود الخلفي للسيارة بيديه لتصبح الرؤيا واضحة أمامه ردد بصدمة أكتسحت ملامحه وبصوتٍ لم تسمعه هي _”نور” !!! ..

خرج صوتها ببكاء _ساعدني أرجوك أنا خايفة أخسره ..

قالت كلماتها وهى تحتضن جنينها ،لوهلة توقف عقل “آسلام” عن التفكير ، لمح الماضي أمام عيناه وما فعله بها …لمح صداقته التى أضاعها لحماقته ،أهتزت السيارة فصرخت “نور” بفزع أفاقه فناولها يديه قائلاٍ _حاولي تمسكي أيدي ..

أقتربت بكل ما تملك من قوة حتى تمسكت بذراعيه ،سحبها بلطف للخارج فأرتطم يديه بالزجاج ، كبت ألمه فتوقفت تتطلع ليديه التى ينغرس بها الزجاج فقال بعدم مبالة بذراعيه _كملي …

قالت بتوتر _بس .

جذبها دون الأهتمام لذراعيه حتى اخرجها خارج السيارة لتسقط فور خروجها من اعلي التل ثم انفجرت بالنيران …

*****

أقترب “عمر” من المكان فهبط من سيارته مسرعاً حينما استمع للانفجار فصرخ بعدم تصديق _نوررر ..

هبط “عدي” فأقترب من الجسر ليتأمل ماذا حدث؟ …

اما “ياسين واحمد” فظلوا جوار “عمر” الذي كاد قلبه بالتوقف …

أستدار عدي بثقة _متقلقش يا “عمر” “نور” خرجت من العربية ..


أقترب “عدي” من الجانب الاخر مشيراً الي عمر فتطلع لما يشير اليه ليجد نور تقف مع شخص على بعد منه ، اسرع اليها بلهفة وقلبٍ يرقص فرحاً لرؤيتها على قيد الحياة ….

تطلعت للسيارة بصدمة من كونه كان مصيرها …حمدت الله كثيراً ثم بحثت عن هذا الشاب الملاك الذي انقذ حياتها فربما فقد بصرها منذ ذاك الوقت لكانت اخطأت بمنحه هذا اللقب …

اسرعت خلفه ببسمة بسيطة _أستنا …

توقف دون أن يستدير إليها فيشعر بالخجل مما فعله من قبل ، قالت بأمتنان _مش عارفة أشكرك أزاي ؟ ..

أجابها بهدوء _مفيش داعى للشكر…

_”نور”..

قالها عمر بعدما اقترب منها فأسرعت إليه بدموع ،أحتضنها بقوة ونفس عميق كأنه عاد لتو للحياة ،أخرجها لترى عيناه فقال بلهفة _أنتِ كويسة ..

أشارت له بنعم ثم أشارت على من يقف على مسافة منهما يوليهم ظهره _هو انقذني ..

جفف دمعاتها ثم أقترب منه ببسمة أمتنان فكاد الحديث ولكن سرعان ما بترت الكلمات حينما أستدار ليرى وجهه....



الفصل الواحد والعشرون والثاني والعشرون من هنا 

    لقراءة جميع فصول الرواية من هنا

للمزيد من الروايات زوروا قناتنا على تليجرام من هنا

زيارة القناة
تعليقات