رواية الماسة المكسورة
الفصل الستون 60 ج2
بقلم ليله عادل
فيلا عائلة ماسة التاسعة مساءً
الحديقة
وحين دخلت سلوى مع ميكي وجدت صالح يجلس مع سعديه على الطاوله ثم اشارت بيديها بتهكم وهي تقول.
سلوى بغضب وهي تشير نحو صالح: شفت؟ ماعندوش دم! إنت ايه اللي جابك هنا
سعدية: عيب يا سلوى!
سلوى بتهكم: ومش عيب يعني إنه ينزلني في وسط الشارع؟ في راجل محترم يعمل كده؟ وبعدين أنا عملت إيه؟ بسأله ليه مابيردش عليا!
سعدية بتبرير: هو راجل مشغول، وعمال يقول لك اسكتي، اسكتي، وانتِ مافيش...
سلوى باعتراض: هو انتي بتبرري له موقفه ولا ايه؟ بقول لك نزلني في الشارع، ولولا مكي أنا مش عارفة كنت هعمل ايه؟!
صالح محاولاً التبرير: سلوى، انتِ اللي عصبتيني!
سلوى: عصبتك، فتنزلني؟!
سعدية: خلاص بقى يا سلوى... حصل خير.
سلوى بغضب: إيه اللي حصل خير؟ لا، ماحصلش خير!
صالح بشده: أنا قلت لك عندي شغل، وهنتناقش لما نوصل البيت، وانتِ مارضتيش تفهمي إن ده مش مكان للنقاش؟ بعدين يصح الأسلوب اللي كنتِ بتكلميني بيه قدام سواق التاكسي؟
سعدية موجهة الحديث لسلوى: لا يا حبيبتي، عيب. شوفتيني قبل كده بعلي صوتي على أبوكي؟ أو حتى أختك بتعلي صوتها على سليم؟
كملت بهدوء وهي تشير بيدها: أقعدوا وحلوا الموضوع بالراحة، أنتم لسه في الأول، وماينفعش الحياة تكمل بالشكل ده.
صالح بهدوء: بعدين أنا رجعتلك لقيتك مش موجودة جيتلك على هنا على طول.
مكي بعدم تصديق: إنت متأكد إنك رجعت؟!
صالح: اه متأكد اني رجعت، إنت بقى كنت موجود ازاي ؟!
مكي بجمود: صدفة.
صالح برفعة حاجب: صدفة ماشي مع إنها غريبة.
دبي - شقة عماد وسارة الرابعة مساء
يجلس عماد على الأريكة بمفرده، واضعًا اللابتوب على قدميه، يشاهد بعض الفيديوهات لرشدي وهو يبرم صفقات مثل تجارة السلاح، ومشهد آخر وهو يقتل أحد الأشخاص بعد تحرشه بخادمته. كان عماد محتفظا بالعديد من الأدلة التي تدين رشدي و قد يستخدمها ضده.
بعد قليل، بينما كان عماد يشاهد هذه المقاطع، جلست سارة بجانبه.
سارة بفضول: عماد، إنت بتعمل إيه؟
عماد وهو يمسك بورقة ويكتب فيها بعض الملاحظات: مفيش، بشوف أنا معايا إيه.
سارة بفضول: يعني إيه معاك إيه؟
عماد: يعني بشوف أنا ماسك إيه على رشدي، وإيه اللي محتاج أمسكه عليه تاني، عشان مش كل شوية يقعد يهدد و يتوعد، ولما ييجي الوقت المناسب نضرب ضربتنا وساعتها مش هيعرف الضربة جاتله منين..
سارة بتحريض: عماد إنت لازم تمسك على الكل مش رشدي بس.
عماد: عزت صعب يتمسك عليه حاجة بس لازم أتصرف، بفكر أزق عليه واحدة.
سارة: فكرة قديمة شوف حاجة تانية، بعدين هو مش مع نانا حاجة زي دي ممكن تدمره مع فايزة.
عماد بتوضيح: معيش اثباتات لازم ادله بصوت وصورة.
سارة: طب وسليم هتعمل ايه معاه؟!
عماد بجدية: بصي سليم وعزت صعب يتمسك عليهم حاجات الباقي سهل، خليني بس أظبط وأرتب أوراقي وهشوف هاعمل ايه.
سارة بنبرة حذرة: قولي يا عماد، هو أنت ليك يد في حادثة سليم؟ بالأمانة كدة ؟
عماد متعجبا نظر لها: تفتكري أنا أقدر أعمل حادثة بالحجم ده؟ ولو قدرت، عندي القوة اللي تخليني ماتكشفش؟
سارة: أكيد لا، بس ممكن تكون بمساعدة حد.
عماد عقد حاحبيه متعجباً: زي مين يعني؟
سارة: أي حد من جماعة المافيا اللي ضد سليم.
عماد بابتسامة ساخرة: سليم والباشا أعضاء في خلية بتضم 56 زعيم مافيا من أقوى زعماء العالم، بيشتغلوا في كل حاجة، حتى في البشر، وبيتحكموا في اقتصاد دول. طول ما هم في الترابيزة دي، مستحيل حد يقرب منهم، ولو حد فكر يقرب، مصيره الذ"بح، زي ما حصل مع الصياد، الشعراوي، والتابيلو.
سارة بقلق: بس الناس دي ملهاش عهد.
عماد بعقلانية: أكيد، لكن طول ما إنتِ معاهم وماشية بالسليم وبتنفذي أوامرهم، محدش هيقرب لكِ. الباشا مش مجرد تاجر آثار وألماس، ما تنسيش إنه بيشتغل في البترول والصناعات الثقيلة، وبيتحكم في دخول مواد غذائية مهمة للشرق الأوسط، غير إنه بيسهل دخول وخروج حاجات تانية كتير عن طريق سفن الشحن بتاعته غير مناجم الذهب والالماظ اللي مشاركين فيها.
سارة بحذر: المهم، أوعى تكون إنت اللي وراها، أنا خايفة عليك، الناس دي لما بتقرر حد يدفع الثمن، بيخلوه يدفعه بأولاده. وإحنا دلوقتي بقينا تلاتة، مش اتنين.
عماد مغيرا الموضوع: طيب، ماتقلقيش.
سارة. هتنزل مصر امتي؟
عماد بابتسامة مرر أصابع يده على خدها: اسبوع، هفضل معاكي شوية وحشتيني، وبعدين هننزل سوا، أو ممكن أنزل الأول وإنتي تلحقي بيا.
سارة بغيرة: طيب، من فضلك ياحبيبي، حاول تبعد شوية عن صافيناز بطل تخرج معاها وتسافر معاها لما بشوف صوركم الغيرة بتموتني ببقى نفسي أنزل وأذ"بحكم انتم الاثنين..
عماد بمزاح: بتحسسيني إني بموت في صافيناز! كل ده مصالح يا روح قلبي لكن انتي اللي في القلب.
سارة بغيظ: أنا أصلاً مش طايقاها، بقول لك ايه، إنت لازم تمسك عليها حاجة زيهم أو تورطها في حاجة.
عماد مندهشًا: أمسك على صافيناز؟ ليه؟
سارة: عشان يوم ماتعرف إنك متجوزني، تكون ماسك حاجة تدمرها بيها لأن صافيناز مش هتسمي عليك ولا عليا، أنا عارفاها سم ممكن تورطها في خيانة مثلاً
ضحك عماد بسخرية: إنتِ مجنونة!! الناس كلها ساعتها هتقول صافي خانت عماد الزيدان!
سارة: لأ، متحسبهاش كده، لازم تمسك عليها حاجة قوية اوعى تنسى أنها لسه بتراقبك؟!
عماد بثقة: متقلقيش، صافي بتموت فيا، اصبري شوية وهخليها تعمل لي توكيل، وساعتها هاخد كل حاجة. أنا عارف إزاي ألعبها صح. لكن دلوقتي، اللي يهمني أعرفه، إزاي أتضرب سليم، ومن مين وازاي؟! سيبيني بقى أركز واعملي لي كوبايه قهوة بايدك الحلوة دي وضع قبله على كفها.
سارة: عيوني.
💞_____________بقلمي_ليلةعادلʘ‿ʘ
مصر
مجموعة الراوي الثانية مساءً.
مكتب عزت
المكتب كان هادئًا إلا من صوت تقليب الأوراق، عزت كان جالسًا على مكتبه، يراجع بعض الملفات بتركيز شديد، عندما دخلت نانا، توقف أمامه وعقدت ذراعيها، تنظر له بضيق واضح.
نانا: عزت، أنا محتاجة أتكلم معاك وماتقوليش مشغول.
رفع عزت عينيه ببرود وهو يضع القلم جانبًا: عايزة إيه باختصار؟
نانا بستعطاف: عايزة أشوفك، انت وحشتني، بقى لك ثلاث شهور بعيد عني، هو أنا مش مراتك؟
عزت ببرود: هو أنا مش ببعت لك الفلوس كل أول شهر، مبلغ ماتحلميش بيه؟ عايزة إيه تاني؟
نانا نظرت له متعجبه قالت باستهجان: فلوس إيه؟ أنا مش عايزة فلوس، أنا عايزاك انت. انت فين بقالك الفترة دي؟ مختفي ومش بتسأل، قلت لي عشان خاطر سليم، أهو سليم رجع وشال العكاز وبقى له فترة، وانت لسه مش موجود، ده حتى رشدي الفاشل بقى شاطر ونجح في مشروع، كلهم بقوا مركزين، انت بقى فين؟
مال عزت للخلف على كرسيه ونظر لها ببرود: قولت مشغول!
نانا بضيق: مشغول بإيه يعني؟ من إمتى كنت بتننشغل عني؟ ولا سونيا هي اللي شغلاك عني، مش كده؟
ضحك عزت بسخرية وهو يهز رأسه قبل أن يرد بنبرة مستفزة: طول ما إنت نكدية كده وواجعالي دماغي، مش هتشوفيني، كفاية فايزة عليّا… يلا، اطلعي بره.
نظرت له نانا بنظرة متحدية وهي تميل نحوه قليلًا: لو عرفت إنك بعدت عني عشان البنت اللي اسمها سونيا دي، مش هيحصل كويس.
نظر لها عزت متعجبًا، قبل أن يرفع حاجبه بسخرية: إنت بتهدديني يا نانا؟
نظرت له لوهله فهي اذا دخلت مع في جدال يسنهيها في لمح البصر حاولت تغير حدت الحديث اقتربت، وضعت يدها على كتفه بدلال وهي تضحك: لا طبعًا، أنا بحافظ على حبيبي، بغير… يعني مثلًا، ممكن أرش عليها مية نار، إيه رأيك؟
شيح عزت بوجهه، ضحك ضحكة قصيرة لكنه لم يرد فورًا، ثم نظر لها ببرود وهو يهز رأسه ببطء: اللي يعرفك إنت وفايزة، يكره صنف الستات كله.
ابتسمت نانا بخبث وهي تحاول أن تميل عليه أكثر: طب إيه، مش هتجيلي؟ هتفضل بعيد عني كده؟ ماوحشتكش؟
عاد عزت إلى الأوراق أمامه، رفع يده بإشارة خفيفة: يلا يا نانا، خليني أركز في شغلي. صحيح، اللي اسمه حمدي ده…
اضاف وهو يكتب في الأوراق وهو يقول بنبرة عادية، لكنها تحمل في طياتها الكثير: شاب هايل، وحيد أمه وباباه، ربنا يخليه لهم، بلاش نخلينا نقصف عمر يا نانا، ها؟ أصل أنا كمان بغير على ممتلكاتي.
توترت نانا فجأة ونظرت له بقلق: انت بتقول إيه؟
رفع عزت نظره لها ببطء، أشار بيده نحو الباب: يلا روحي، واستنيني، هاجي لك النهارده.
ترددت للحظة قبل أن تقول بتوتر: على فكرة، حمدي ده واحد كان معجب بيا، ونور جابته كعريس يعني، وأنا رفضته.
عزت هز رأسه ببطء، نبرته كانت أخفض، لكنها مشحونة بتحذير واضح: ما أنا عارف، ولو أنا مش عارف، كان زماني دفنتك إنت وهو أحياء. بس لو اللي حصل ده حصل تاني، أنا مش هسامحك. أنا قلت لك، يوم ماتحبي تمشي، قولي لي، وأنا مش همنعك، ما تخافيش مني. بس تخوني عزت الراوي؟ وقتها، ماتلوميش غير نفسك.
حاولت نانا أن تخفي توترها وهي تبتسم: هستناك النهارده، قلت لك، أنا بحبك.
لم يرد عزت، اكتفى بالعودة إلى عمله، بينما خرجت نانا من المكتب وهي تشعر بتوتر شديد لم تستطع السيطرة عليه.
قصر الراوي
جناح سليم وماسة السابعة صباحاً
نشاهد سليم غارقا بسبات عميق على الفراش، وبجانبه نالا، التي كانت مستيقظة وتلاعب نفسها بصوت مناغاة، كانت ماسة في المرحاض، بعد قليل، استيقظ سليم وفتح عينيه بهدوء، ليجد نالا الرضيعة تلاعب نفسها. أعطاها ظهره محاولًا ألا يهتم لأمرها، بينما كانت عينيه تتحرك بترقب، نهض ثم قال وهو ينظر إليها.
سليم نظر لها: ماسة سابتك وراحت فين؟
ثم أخرجت صوتًا كأنها تتحدث معه، تبسم لها
نهض سليم وذهب إلى المرحاض، استمع إلى صوت الدش، تنهد وعاد ليجلس بجانب نالا مرة أخرى.
أمسك بهاتفه وبدأ في إجراء بعض المكالمات المتعلقة بالعمل، بينما كانت نالا تشغل انتباهه وهي تلاعب نفسها...
انتهى من مكالماته و وضع الهاتف على الفراش ابتسم واقترب منها وقال:
أنتِ حلوة قوي، فيكِ شبه من ياسين وهو صغير.
ثم أخذ نفسًا عميقًا وأضاف بألم:
نفسي أشيلك، بس خايف. خايف أتعود عليكِ، خايف أحبك. عارفة لو كان ربنا كرمنا، كان زمان عندي بنت زيك دلوقتي، كان عندها حوالي ٨ شهور. ولو كان ربنا كرمني وأول طفل عاش، كان دلوقتي بقى عنده 6 سنين تقريبًا.
تنهد مرة أخرى، ثم طلب منها: ممكن أديكي بوسة على خدك؟
تبسم ووضع قبلته، وأكمل بحزن:
تعرفي أنا نفسي أسمع منكِ كلمة بابا، نفسي يكون ليّ ولد، بس واضح إن ربنا مش كاتب ليا ده، عشان كده ماحاولتش أقرب منك من ساعة ما اتولدتي، لأني خايف زي ما قلت لك، ممكن أكون مزودها، لأن دي ثاني مرة أخسر فيها ابن ليا من ماسة، نفسي أجمد قلبي، وأخفف الشعور ده، كمان زعلان إن ماسة هتتحرم من الشعور ده.
ثم نظر إليها، وابتسم بحزن قائلاً بعين ترقرقت بالدموع:
إنتِ شايفة إيه؟ أنا محتاج أتمسك بالثقة، أتمسك بالأمل إن هيكون ليا طفل زيك أحبه ويحبني ويقولي يا بابا ..
اقترب منها قائلاً: تعالي، تعالي في حضني.
حمل سليم نالا وضمها إلى صدره لاول مره، وهزّ رأسه برقة. ما إن تلامس جسدها الصغير مع جسده، حتى شعر بارتجافة قوية، وكأن عاصفة اجتاحت قلبه. قال بصوت متهدج وابتسامة موجعة:
جسمي بيترعش وأنا شايلك، خايف تقعي مني.ريحتك حلوة زي المسك، حقيقي ماكنتش متصور إن الشعور هيكون حلو كده مع اني شلت كل أولاد اخواتي بس المرة دي مختلفة يمكن لأني كمان بقيت زي ماسة بتخيلك بنتي.
ثم وضع قبلة دافئة على جبينها.
ظل سليم يحمل نالا في يديه،. كان يشعر بقلبه ينبض بسرعة، بينما كانت الطفلة الرضيعة تنام في أحضانه، جسمها الصغير دافئ جدًا. كانت ملامحها الهادئة تجعله يبتسم رغم الحزن الذي كان يملأ قلبه.
بدأت بالبكاء، وصوت بكائها جعل قلبه يتألم. لكنه حاول تهدئتها، يحرك يده برفق على ظهرها، ويهمس في أذنها:
هشش، بس بس، خالص. هشش يا حبيبتي، بس إنتِ جعانة؟ طب أنا مش عارف أعمل إيه.
توجه نحو المرحاض، ثم ترك الباب قائلاً بصوت رجولي: ماسة، نالا بتعيط، خلصي.
أجابته ماسة من الداخل: حاضر، أنا هلبس أهو.
كان سليم يحاول تهدئتها بين أحضانه، لكن بدأ صوت بكاء نالا يهدأ تدريجياً. فأعادها برفق إلى مكانها على السرير، لكنه شعر بحاجة للبقاء قريبًا منها
بينما كانت نالا تبتسم له قليلاً، اقتربت منه ماسة بابتسامة مشرقة:
شلتها أخيرًا، وقربت منها. سمحت لقلبك إنه يقرب منها.
هز سليم رأسه وهو يمرر أصابع يده على وجهها:
ضعفت، أنا هحاول اقرب في الفترة دي. قبل ماهبه تخرج.
حين تذكرت ماسة بأن هبة ستخرج، شعرت أن قلبها ارتعش، لأنها ستبتعد عن نالا. دخلت في عينيها مشاعر مختلطة، وأحاسيس بسيطة جداً من القلق، فهزت رأسها بإيجاب.
ماسة: تصور إن فات شهر، عدا بسرعة أوي.
سليم: فعلاً مش هترضعيها؟
ماسة: هي مش جعانة، هي عايزة تنام. خليك جنبها.
صح إنت مش هتروح الشغل النهارده الساعه داخله٧؟
نظر سليم إلى نالا وقال: عايز أقعد معاها شوية هطلب الفطار هنا.
ماسة هزت راسها بإيجاب زي متحب.
تركتها وتوجهت الى التسريحه لتصفف شعرها المبلل بينما سليم حمل نالا بين أحضانه اخذت ماسة تبتسم وهي تشاهده من المراه إبتسامة حزن.
بعد وقت
نشاهد سليم وماسة يجلسان على الأريكة، بينما سليم ضمم نالا وهو يرضعها.
ماسة بابتسامة: حبيبي، أوعى تشرق منك.
سليم، مطمئنًا: ماتخافيش.
كان سليم مستمرًا في إرضاع نالا، بينما كانت ماسة تبتسم وتتحرك بيدها على رأسها برفق. ثم قالت:
إنتوا عايزين صورة؟ شكلكم قمر كده.
أمسكت ماسة هاتفها وبدأت بتصويرهم.
بعد الانتهاء اقتربت منه وهي تطلعه عليها: بص الصورة حلوة ازاي.
سليم، مبتسمًا: أيوه، فعلاً جميلة اوي.
ماسة مازحة: استنى، هاتصور معاكم!
اقتربت من سليم ثم قامت بتغيير وضعية الهاتف وأخذت صورة، لكنها لم تكن دقيقة.
ماسه وهي تخرج شفتيها السفلية بطفولة: بس أنا مش باينة! ضحكت.
سليم، وهو يضحك: استني، كلمي أي حد تحت يطلع يصورنا بالكاميرا، كده أحسن.
ماسة، مبتسمة: ماشي.
أثناء فتح ماسة للباب، صادفت فريدة: فريدة، ممكن تيجي تصوريني أنا وسليم ونالا.
فريدة، بابتسامة: طبعًا
دخلت فريدة، وأخذت الكاميرا.
فريدة، وهي تمسك الكاميرا: يلا مستعدين 123
ثم بدأت في تصويرهم في عدة زوايا.
ركضت ماسة عليها وأخذت منها الصور فهم كانوا يتصورون بكاميرا فورية: الله حلوين أوي بص يا كراميل
فريدة: طب معلش أنا هنزل تحت لأني جعانة الصراحة و كنت نازلة آكل.
ابتسم سليم بلطف: ميرسي يا فريدة.
فريدة، بعد أن وضعت قبلة على خد نالا، قالت: هي عاملة إيه؟
سليم، وهو يجيب بلطف: كويسة
فريدة، بابتسامة حزينة: أنا بجد آسفة يا ماسة، مش قادرة أتابع معاكي .زي ما إنتي شايفة الشغل والولاد مضغوطة جامد.
ماسة،وهي تطمئنها: ماتقوليش كده، أنا مبسوطة جدًا
فريدة، مبتسمة: طيب، بعد إذنكم، أنا هسيبكم دلوقتي.
تبسمت فريدة، ثم خرجت من الغرفة. بينما سليم وماسة بدأوا في مشاهدة الصور التي التقطتها ماسة، مستمتعين بلحظات العائلة الصغيرة التي تجمعهم.
بعد فترة، جاء وقت الحمام الدافئ لنالا. بدأوا في إعطائها حمامًا دافئًا في الحوض.
ماسة، وهي تحضر الشامبو: سليم، خد بالك امسكها كويس.
سليم، وهو يمسك نالا بحذر: ماتقلقيش خدي بالك إنتي.
ماسة، مبتسمة: أنا حمّمتها أكتر من مرة.
بدأوا في تحميم نالا بعناية، ثم قاموا بتجفيفها وتلبيسها، بعد ان ووضعوا لها البودرة والكريم
بعد الانتهاء.
ابتسمت ماسة، وهي تحمل نالا بين يديها: إيه رأيك يا عمو فيا بعد الحمام الحلو ده؟
أخذها سليم من بين يديها، وضمها بحنان وتشمم عبيرها: إيه الريحة الحلوة دي؟! بقينا قمرات، كده!.
كان الجو مليئًا بالحب والدفء، بينما استمتعوا بلحظات العناية بالصغيرة التي جمعتهم معًا.
عندما جاء موعد النوم، قرر سليم أن ينام بجانب نالا في المنتصف بينه وبين ماسة.
ماسة، وهي تنظر له باستغراب: إنت هتنيمها جنبنا؟
سليم، بابتسامة هادئة: آه، إيه المشكلة؟
ماسة، وهي تبدو متفاجئة: إنت مجنون؟ قسما بالله! أنت يا ماتقربش منها خالص! يا تقرب منها وماتسيبهاش لحظة! ماعندكش حل وسط؟
سليم، بهدوء وثقة: آه، ماعنديش حل وسط، أنا كده.
ماسة، بتردد: بس أنا خايفة تنام جنبنا وتتفعس.
تبسم سليم، وهو يطمئنها: لا، ما تخافيش. هتنام في النص بينا هناخد بالنا هو انت مش كنت هتخلي حور تنام جنبنا.
تبسمت ماسة بصمت ثم وضع سليم نالا بجانب ماسة، وكان هو على الجانب الآخر. بدأا يطبطبان عليها بابتسامة، وينظران لبعضهما في هدوء.
سليم، وهو ينظر إلى ماسة بنبرة موجوعه: خلينا نعيش الإحساس ده لفترة لو صغيرة. اقتنعت بكلامك..
ابتسمت ماسة له، وكأنهما قررا أن يعيشا هذه اللحظات مع نالا، حتى لو كانت مؤقتة. كانا يحاولان أن يخففا من ألم الفقد، يملآن الفراغ الذي تركته خسارتهما بوهج الطفلة الصغيرة، وكأنها طوق نجاة وسط بحر الحزن الذي يغرقهما في صمت. لم يتوقعا أن يتعلقا بها بهذه السرعة، بهذه القوة، كأنها قطعة منهما، كأنها ابنتهما التي لم تأتِ.
وخلال شهرين فقط، تغيّر سليم تمامًا. تحوّل الرجل الذي كان يرفض الاقتراب من نالا إلى أب غارق في تفاصيلها الصغيرة. بات يقضي معها ساعات طويلة بعد عودته من العمل، يطعمها، ويحاول أن يرضعها، بل ويغير لها حفاضاتها بنفسه. كان شغوفًا بها إلى أقصى درجة، حتى إنه جعلها تنام بجانبه هو وماسة، وكأنه يريد أن يحيطها بحبه ودفئه في كل لحظة، وكأنها أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتهما.
ومع مرور الوقت، لم يعد الأمر مجرد اهتمام أو تعويض، بل تحوّل إلى حب حقيقي. أحبها سليم وماسة كأنها ابنتهما، حتى نسيا أنها ليست كذلك. نسيا تمامًا أن هبة ستخرج قريبًا من المستشفى، وأن يومًا ما سيأتي لتُنتزع منهما نالا، كما انتُزع منهما طفلُهما من قبل. حتى نالا نفسها تعلّقت بهما بشدة، واعتبرتهما والديها. كانت تبكي كلما حملها ياسين، لكنها تهدأ بين ذراعي سليم، كأنها تختارهم، كأنها تنتمي إليهم.
لكن الحقيقة لا ترحم، واللحظة التي لم يحسبوا لها حسابًا كانت على وشك أن تطرق أبوابهم... لحظة الفقد من جديد.
قصر الراوي الرابعة مساءً
دخل سليم من باب الفيلا حاملًا عدة أكياس هدايا، وخلفه الحراس يحملون المزيد. كانت الابتسامة تعلو ثغره وكأنه يحمل مفاجأة كبيرة.
في الصالون،
تجلس فايزة تحتسي قهوتها بهدوء، لكن بمجرد أن رأت ابنها محمّلًا بالأكياس، رفعت حاجبها باستغراب.
فايزة: إيه اللي انت شايله ده؟
سليم وهو يرفع عينيه إليها بابتسامة خفيفة قال بتركي: İyi akşamlar, Faiza Hanım ..
مساء الخير فايزة هانم.
فايزة: سوري، مساء الخير يا سليم، ممكن أعرف إيه الأكياس دي؟
سليم وهو يتجه إلى الدرج: وتعرفي ليه؟ هو أنا بتدخل لما حد يدخل بحاجة؟ ليه مفيش حد في البيت ده يخلي حياته لنفسه؟
فايزة وهي تضع فنجانها على الطاولة وتنظر إليه بجديّة: سليم، إحنا مش اتفقنا نبقى قريبين من بعض؟
سليم وهو يلتفت نحوها: آه، هنبقى قريبين من بعض، بس مش لدرجة إن حضرتك تسأليني عن حاجات تخصني.
نظر حوله قبل أن يتجه نحو إحدى الخادمات التي كانت تمر بالقرب منه.
سليم: ماسة فين؟
الخادمة: في الجنينة مع نالا، يا بيه.
نظر سليم إلى فايزة وأهله، ثم سألها: ماجيتيش النهارده المجموعة ليه؟
فايزة، وهي تمسّد جبينها بتعب: مصدّعة شوية، حبيت أرتاح.
سليم، بقلق: ألف سلامة عليكِ، تحبّي أجيب لك دكتور؟
فايزة، وهي تهز رأسها برفض: لا، مش محتاجة.
اوم سليم براسة ثم تحرك وخلف الحارس إلى الحديقة، حيث جلست ماسة على الأرجوحة، تتمايل بهدوء وهي تمسك نالا الصغيرة التي كانت تستلقي على قدميها وتحرك الأرجوحة برفق.
اقترب سليم ببطء، ثم ابتسم وهو يتحدث: مساء الخير يا حلوين.
رفعت ماسة عينيها إليه بابتسامة، بينما مال نحوها ليضع قبلة خفيفة على خدها.
سليم وهو ينظر إلى نالا: بتلعبوا في المرجوحة؟
ماسة وهي تضم الصغيرة بحنان: آه، بنتمرجح شوية في الجو الحلو.
توقف خلفها اخذ يقوم بدفعهم برفق وهدوء بابتسامة مسموعه من ماسة ومن سليم وبعد دقائق
جلس سليم بجانبها ودفع الأرجوحة بخفة بقدمه: كويس إنك مقعدها في الشمس والهواء والطبيعة، الجو حلو النهارده.
ماسة: اعمل ايه فيك ما انت مانع علينا خروج فهي الخروجه بتاعتنا.
لنظر سليم إلى نالا التي كانت تتثاءب في براءة، فابتسم وقبل رأسها: عاملة إيه يا نالا؟ وحشتيني..
مد اصابع يده على وجهها وقال:
قولي لها يا قطعة السكر عمو خايف عليك اسمعي الكلام بقى.
تنهدت ماسة بملل دون تعليق لحظت الأكياس: شكلك جايب لنا هدايا حلوة. تعالي يا نالا نشوف عمو جايب لنا إيه.
رفع سليم الطفلة بحنان وضمها إلى صدره، بينما راحت ماسة تفتح الأكياس بحماس.
ماسة بتزمر: عمالة تعيط وعايزة تتشال طول اليوم، إنت السبب، عودتها كده. يبقى النهارده إنت اللي هتسهر بيها.
سليم ضاحكًا: أسهر بيها؟ ليه؟ هي مش هتنام؟
ماسة بسخرية وهي ترفع حاجبها: اها لو عملت زى امبارح انت هتقعد معاها طول الليل أنا منمتش خمس دقائق على بعض النهاردة..
نظر إليها سليم بطرف عينه دون أن يعلق اكتفي بابتسامة، ثم بدأ يخرج بعض الألعاب من الأكياس.
سليم بابتسامة وهو يمد لها لعبة تصدر أصواتًا: بصي جبت لك إيه، وجبت لماسة الصغيرة كمان.
أخذ يلعب باللعبة أمام نالا، فبدأت تصدر أصواتًا طفولية خفيفة.
سليم: إيه رأيك؟ حلوة؟ بصي، جبت لك دبدوب بينور.
ماسة بسعادة: الله يا سليم، حاجات جميلة جدًا، جبت لها لبس كمان؟
سليم وهو يهز رأسه بإعجاب: أكيد، لازم تكون أميرة صغيرة.
ابتسمت ماسة وهي تلمس الملابس برفق، بينما كان سليم يراقبها بصمت، مستمتعًا بسعادتها، دون أن يقول أي شيء.
ماسة وهي تمسك الدبدوب وتنظر إلى سليم بعيون واسعة وكأنها طفلة: أنا ماجبتليش دبدوب زيها ليه؟
سليم وهو يبتسم بمكر نظر لنالا قالا: بصي يا نالا جبت لماسة اية؟! عشان عارف إنها عيلة وبتشبط في اللعب، وهتلعب بلعبك وتسرقها منك.
ماسة وهي ترفع حاجبها بمزاح: آه، طب جبت لي إيه متخلص؟
سليم وهو يمد يده في الكيس ويخرج صفارة صغيرة ويقدمها لها بابتسامة واسعة: جبت لك صفارة زي بتاعت نالا.
ماسة وهي تأخذ الصفارة وتنظر إليها بعدم تصديق: ده بجد يا سليم؟!
سليم وهو يضحك: أيوه، عشان لما تعيطي زي نالا، تعرفي تصفري وأجي أشيلك!
قلبت ماسة وجهها بتزمر وهي تضربه على ذراعه بخفة: سليم! والله ماهسيبك.
سليم وهو يضحك ويضم نالا إليه: طب تعالي جربيها، يمكن تعجبك!
ماسة وهي تهزه بغضب طفولي: لا، أنا عايزة دبدوب، هات لي دبدوب يا ظالم!
سليم وهو يضحك ويقترب منها: طيب، هجيب لك واحد، بس لو وعدتيني إنك مش هتسرقي لعب نالا!
ماسة وهي تعقد ذراعيها وتدّعي الجدية: هفكر في الموضوع.
ضحك سليم وهو ينظر إليها بحب، بينما كانت ماسة تلعب بالصفارة وكأنها تعاقبه على مماطلته، وسط ضحكاتها هي فقط، في حين أن نالا الصغيرة كانت مستلقية على بطانيتها الناعمة، تصدر أصواتًا غير مفهومة وتحرك يديها في الهواء ببراءة.
اقترب سليم منها وانحنى ينظر إليها بحنان: الصغيرة شكلها بتشتكي منك، ماسة.
ماسة وهي تجلس بجانب نالا وتحرك إحدى ألعابها بلطف أمامها: لا طبعًا، نالا بتحبني، صح يا حبيبتي؟
أصدرت نالا صوتًا عشوائيًا وهي تلوح بيدها، فضحك سليم: شايفة؟ بتقول لا!
ماسة وهي ترمقه بنظرة جانبية: هتفتري على البيبي كمان؟
سليم وهو يمد يده ويحمل نالا بحذر، ثم يهدهدها برفق: دي أميرة صغيرة، وإنتِ… ، عيلة صغيرة!
ماسة وهي تضع يدها على خصرها وتتظاهر بالغضب: بقى كده؟!
ثم اقتربت من سليم وهي تلمس خد نالا برقة: بصي يا نالا، عمو سليم بيقول كلام مش حلو، أهو مفيش بوسة ليه النهاردة!
ضحك سليم وهو يراقبها تداعب الصغيرة، ثم قال بصوت دافئ: انا عارف إني مش ههون عليكي.
فجأة، أمسك سليم بالطفلة ورفعها إلى الأعلى قليلًا، محركًا إياها برفق كما لو كانت طائرة صغيرة.
ماسة وهي تتوقف باتساع عينيها، متوترة: سليم! إيه اللي إنت بتعمله ده؟ هي عروسة؟ ممكن تقع!
سليم وهو مستمر في رفعها بخفة، يبتسم بثقة: متخافيش، أنا ماسكها كويس.
ماسة، وقد بدأ قلبها ينبض بسرعة، وضعت يديها على صدرها: والله العظيم هزعل منك بجد!
ضحك سليم وهو يضم نالا إلى صدره بحنان، ينظر إلى ماسة بنظرة مطمئنة: ماشي يا ستي، نزلتها، خلاص!
تنهدت ماسة بارتياح، ثم همست وهي تراقب الطفلة بين يديه: والله العظيم قلبي كان هيوقف مع كل رفعة بترفعها… صغيرة دي على الكلام ده!
سليم وهو يبتسم بلطف: ماشي يا ماما ماسة، مش هعمل كده تاني.
ثم جلس على الأرض، وأسند ظهره إلى جذع الشجرة، ووضع نالا في حضنه بلطف. ابتسمت ماسة وجلست بجانبه، ثم التقطت إحدى ألعاب الطفلة الصغيرة وبدأت تحركها أمامها، مما جعل نالا تصدر أصواتًا سعيدة.
وأثناء جلوسهما في الحديقة، اقترب منهما ياسين، قائلًا: مساء الخير.
رفع سليم وماسة عينيهما نحوه وردّا التحية، قبل أن ينحني ياسين ويجلس على ركبتيه، مادًا يديه ليأخذ نالا من حجر ماسة. احتضنها بحنان وهو يقول:
– حبيبتي وحشتيني.
نظرت ماسة إليه مبتسمة، بينما سألته عن هبة: هبة عاملة إيه يا ياسين؟
تنهد ياسين وهو يهز رأسه: والله زي ما هي يا ماسة، بس في تحسن بسيط.
سليم بابتسامة مشجعة: إن شاء الله هتبقى بخير وتخرج بالسلامة قريب.
ياسين وهو ينظر إليهما بامتنان: يا رب، بجد أنا بشكركم على اللي عملتوه مع نالا، عارف إني مقصر، ورامي الحمل عليكم، بس أنتم عارفين، على طول مع هبة.
سليم بشدة: مش عشان بقيت أب، يعني مش هامد إيدي عليك، احترم نفسك.
ماسة معترضة: أوعى تقول كده تاني هزعل منك! دي بنتنا زي ما هي بنتك.
ابتسم ياسين وهتف وهو يداعب الصغيرة: حبيبتي، عاملة إيه مع عمو سليم وطنط ماسة؟
هتفت ماسة مازحة: خالتو، اتلم!
ياسين وهو يضحك: وماما كمان يا ماسة.
لكن فجأة بدأت نالا بالبكاء، فحاول ياسين تهدئتها بلطف: مالك يا حبيبتي؟ مالك؟
مدّ سليم يديه وقال بثقة: هاتها هاتها.
بمجرد أن حملها ووضعها عند قلبه وربت على ظهرها، هدأت الصغيرة فورًا، واستكانت في حضنه.
رفع ياسين حاجبيه بدهشة: على فكرة، أنا معترض! أنا أبوكي يا بنتي، مش كل ما أشيلك تعملي كدة.
ضحكت ماسة وهي ترد: معلش، هي متعودة علينا.
هزّ ياسين رأسه مستسلمًا وهو ينهض: ماشي يا ست نالا، ماشي.
ثم قال وهو يستعد للذهاب: هروح أغير هدومي وراجع أقعد معاكم شوية.
رد سليم: يلا، مستنيينك.
وضع ياسين قبلة على رأس نالا وذهب ..، بعد لحظات، عاد ياسين وانضم إليهما، ليقضوا وقتًا جميلًا معًا، بين ضحكات نالا وبراءتها، وأجواء الجنينة الهادئة التي زادت من لحظتهم الدافئة.
قضوا وقتًا جميلًا معًا، بين ضحكات نالا وبراءتها، وأجواء الجنينة الهادئة التي زادت من لحظتهم الدافئة.
💞_____________بقلمي_ليلةعادلʘ‿ʘ
(بعد شهر آخر)
عادت هبة من المستشفى بعد غياب ثلاثة أشهر، ليبدأ فصل جديد في حياتهم... وفصل جديد من الألم في حياة سليم وماسة.
قصر الراوي - الواحده مساءً
الصالون
دخلت هبة من باب القصر، يسندها ياسين، وملامحها تحمل إرهاق الشهور الماضية. ورغم أنها استعادت بعض قوتها، إلا أن حالتها لم تكن كما ينبغي. كان الجميع في استقبالها، ومن بينهم سليم وماسة، التي كانت تحمل نالا بين يديها.
لكن في قلب ماسة، كان هناك شيء آخر، شيء أشد وطأة من أي شيء شعرت به من قبل، قلبها... كان متجمداً، يصرخ بصمت، ينهار دون صوت.
كانت تحاول أن تبدو قوية، أن تُبقي ملامحها ثابتة، لكن الحزن كان يخنقها... فاليوم هو اليوم الذي ستعود فيه نالا إلى والدتها، الطفلة التي أصبحت جزءًا من روحها وروح سليم، التي كانت نورًا في عتمتهما، والتي منحت قلبيهما فرصة للحياة وسط الحزن. والآن، ستأخذها هبة، كما لو أنها تنتزع قلبهما معها.
سليم كان بجوارها، يده القوية تمسك يدها بقوة، كأنها الحبل الأخير الذي يمنعهما من السقوط في هاوية الحزن. كان يعلم أنها تحتاجه الآن، تحتاجه أكثر من أي وقت مضى، وهو أيضًا كان يحتاجها، يحتاج أن يتمسك بها حتى لا ينهار هو الآخر.
ابتسامة ثابتة كانت على وجهيهما، ابتسامة باردة، مجبرة، مصطنعة... لكن خلفها؟ كان هناك شيء آخر، شيء لا يمكن لأحد أن يراه... قلبان يبكيان بلا صوت.
بدأت كلمات الترحيب تتردد في أرجاء القصر:
فريدة: حمد الله على سلامتك، يا حبيبتي.
عزت: حمد الله على سلامتك، هبة.
لكن هبة لم تكن تسمع شيئًا. لم تكن ترى أحدًا. كان تركيزها كله منصبًا على ماسة، التي تتوقف هناك تحمل نالا بين يديها.
تسمرت عيناها على الطفلة، تأملتها كأنها تحاول استيعاب أنها ستعود إليها أخيرًا، وكأن الزمن توقف عند هذه اللحظة، لحظة استعادة ابنتها التي لم ترها منذ ولادتها.
اقتربت هبة، نظرتها متعلقة بنالا، وكأنها تخشى أن يكون هذا مجرد حلم قد يتلاشى في أي لحظة. ثم همست بصوت مرتجف:
هبة: نالا...
أومأت ماسة برأسها، لكن الألم كان يخنقها. هذه اللحظة التي كانت تؤجل التفكير فيها، اللحظة التي كانت تتظاهر بأنها لن تأتي، ها هي الآن أمامها، أقسى مما تخيلت.
أما سليم، فكان متوقفًا بجوارها، صامتًا. لم يكن الرجل الذي يعرف كيف يظهر ضعفه، لكنه الآن كان يشعر بأن جزءًا منه يُنتزع، تمامًا كما يحدث مع ماسة. لم يكن يتوقع أن هذا الفراق سيكون بهذا الألم. لطالما أخبر ماسة أن لا تتعلق بنالا، لطالما حذرها من لحظة الوداع، لكنه الآن... هو من وقع في الحفرة ذاتها، غارقًا في مشاعره دون أن يتمكن من الفرار منها.
تقدمت هبة بخطوات مسرعة، كأنها تخشى أن تُؤخذ نالا منها قبل أن تصل إليها. مدّت يديها لتأخذها، لكن ماسة لم تستطع أن تطلقها بسهولة. كانت يداها ترتجفان وهي تمد الطفلة لهبة، وكأنها تسلمها قطعة من روحها، وليس مجرد طفلة.
هبة: حبيبتي... بنتي... وحشتيني، وحشتيني جدًا.
احتضنت نالا بكل حب، بكل اشتياق، وكأنها تعيد وصل ما انقطع، وكأنها تحاول أن تزرع داخلها كل ما فاتها من أمومة لم تستطع أن تعيشها معها منذ البداية.
وفي تلك اللحظة، التقت عينا ماسة بعيني سليم. ووجدت نفسها تمسك يده بقوة أكبر، وهو شدد أصابعه حول أصابعها. كانوا يتشبثون ببعضهم البعضا، ليس لأنهم بخير، ولكن لأنهم لو تركوا بعضهم، سينهارون، سيسقطون، ولن ينهضوا مرة أخرى.
كان يعرف أن ماسة تمر بلحظة قاسية، وأن قلبها يصرخ ويبكي هو الاخر يشعر بذلك الالم ..
ف ألم الذي يعتصر قلبهما لا يُوصف، لكنه لم يكن يعلم أن وجعه سيكون بهذا العمق.
كان السؤال يضغط على قلبهما: كيف سيكملون حياتهم من دون نالا، حتى وإن كانوا لا يزالون يعيشون في نفس القصر، في نفس المكان؟ لكن الفارق بين الوضع السابق والوضع الحالي أصبح واضحًا. لا شيء سيكون كما كان من قبل. ستظل نالا معهم، لكن هناك شيء مفقود، شيء لا يمكن تعويضه. هي الآن ابنة هبة، ولها حقوق ومكانة لا يمكن تغييرها. لن تعود الأمور إلى ما كانت عليه، مهما حاولوا التكيف مع الواقع الجديد. هم الآن مضطرون للعيش مع هذا الوضع، ومتابعة حياتهم رغم كل ما تغير.
وما لم يدركاه بعد، أن هذا لم يكن سوى بداية الألم
بعد الانتهاء من الترحيب جلس الجميع في الصالون مع هبة التي تحمل ابنتها، بينما يجلس بجانبها ياسين واضعًا ذراعه حول ظهرها.. سليم وماسة كانا يجلسان بجانب بعضهما، يحاولان إخفاء حزنهما.
فريدة: ياسين كان هيتجنن عليكِ، ما كانش بياكل ولا بيشرب إلا بالعافية.
نظرت هبة لياسين بابتسامة وأمسكت يده، وقالت: ربنا يخليك ليا يا حبيبي، الحمد لله انا رجعتلك خلاص.
أمسك ياسين يديها قام بتقبيلها وهو ينظر في عينيها بحب قائلا: والله العظيم انت نورتي حياتي مرة ثانية
فايزة: بس انتِ كده خلاص بقيتي كويسة؟ أنا حاسة إنك لسه تعبانة؟
هبة: يعني شوية.
ماسة بقلق: يعني الدكتور قال إنك ممكن تشيلي بنتك عادي؟ وتختلطي بيها
هبة: أه طبعًا يا ماسة، افتكري أنا ممكن أكون حاسة إني لسه تعبانه أو ممكن أأذيها وأشيلها؟
ماسة: الحمد لله إنك رجعتي بالسلامة يا حبيبتي، وحشتيني جدًا.
نهضت ماسة وجلست بجانب هبة: بجد وحشتيني، حقك عليا لو ماكنتش باجي أزورك، بس انتِ عارفة الظروف.
نظرت هبة لسليم وقالت بابتسامة: إيه ده بجد يا سليم؟ انت لسه...؟
قاطعها سليم تبسم: الحمد لله على سلامتك يا هبة.
بدأت نالا تبكي، حاولت هبة تهدئتها لكنها لم تسكت.
هبة: مالك يا حبيبتي؟ مش عايزة تسكتي ليه؟
ماسة بمزاح: هي بتحب تتشال، للأسف بنتك مدلعة هاتيها كدة.
حاولت ماسة تهدئة نالا، وبمجرد أن حملتها سكتت.
ماسة همست بحنان وهي تهدهد الصغيرة: نالا حبيبتي، ما تخافيش، ماما هنا.
نالا كانت تمسك بثيابها بقوة، كأنها ترفض أن تتركها. في تلك اللحظة، شعرت ماسة بوجع في قلبها… كانت نالا تشعر بها كما تشعر هي بها، فكيف ستعتاد على غيابها؟
هبة مازحة: شوفي بنتك
فريدة: طبيعي، عشان هي شامة ريحة ماسة هتلاقيها فاكره ان ماسة مامتها.
ياسين: على فكرة، كانت معايا كده، أشيلها أنا تفضل تزن، يشيلها سليم تسكت. واضح إنها بتحب سليم أكتر.
سليم كان يراقب المشهد بصمت، عينيه تفضحان مشاعره. لطالما رأى كيف تحولت ماسة إلى أم حقيقية لنالا، كيف صارت تهدئها، تفهمها، وتمنحها الأمان. كان يدرك أن هذا الفراق لن يكون سهلًا… لا عليها، ولا عليه.
صافيناز: طبيعي، عشان ماسة وسليم هما اللي كانو بياخدو بالهم منها. أنا ولادي الاثنين ما يعرفونيش، بيسكتوا مع الناني بتاعتهم.
أعادت ماسة الطفلة لهبة وقالت بابتسامة: سكتت أهو، خدي يا هبة.
ياسين: حبيبتي مش تطلعي الأوضة ترتاحي؟
هبة بامتنا: خلاص، ماشي نتقابل على العشا وميرسي جداً على الاستقبال الجميل ده.
عزت: أكيد كلنا هنتقابل على العشاء. هنجهز عشاء يليق باستقبالك يا هبة، الحمد لله على سلامتك.
نهضت هبة مع ياسين وصعدا إلى الأعلى وهي تحمل ابنتها، بينما كانت عيون ماسة تتابعها. مسح سليم على ظهر ماسة وقال بهدوء: تعال نطلع اوضتنا هزت رأسها بإيجاب وبدأا بالتحرك.
فجأة، لاحظت صافيناز أن سليم يسير بشكل طبيعي على قدمه.
صافيناز تسألت: إيه ده يا سليم؟ ما شاء الله! الزكة اللي كانت في رجلك راحت؟ رجلك رجعت زي زمان.
سليم: الحمد لله.
رشدي بسماجة: وبكدة نقدر نقول إن سليم رجع! أهلاً بيك أيها الأمير المنتظر لعائلة الراوي.
نظر له سليم بطرف عينه بابتسامة باردة وتوجه هو وماسة الى الدرج.
جناح سليم وماسة
دخلت ماسة وسليم إلى جناحهما، كانت ماسة تبدو عليها علامات الحزن. توقفت في منتصف الغرفة واستدارت إليه، قائلة بنبرة متألمة، وعيناها تنساب منها الدموع:
قلبي موجوع أوي يا سليم. ما كنتش متوقعة إنه هيوجعني كده. يا ريتني سمعت كلامك. مش هنكر إني استمتعت وفرحت جدًا بالفترة اللي قضتها معايا، وأنها خرجتني من الوجع الكبير إللي كان ساكن جوايا، واللي كنت بحاول أخبيه وأهرب منه، بس، بس مع وجودها كل حاجة اختلفت، لدرجة إني نسيت كل حاجة وحشة حصلت لنا في الفترة اللي فاتت، بس أول ما خدتها مني، حسيت إن في حاجة جوايا راحت معاها.
أقترب منها سليم وربّت على كتفها بحنان، ثم قال بصوت هادئ، محاولًا تهدئتها: هي مش بعيدة عننا، وهبة أكيد مش هتمنعها عنك، خصوصًا في الفترة الأولى دي، لأنها متعودة عليك و...
قاطعته ماسة وهي تهز رأسها بالرفض عدة مرات، الدموع تتساقط على وجنتيها، وصوتها متقطع ومهتز: لا يا سليم، وحياتي عندك ساعدني أبعد، ساعدني أنسى، أنت ماتعرفش أنا حاسة بإيه جوايا دلوقت، إحساس مالوش وصف، عايزة أتعوّد إن هي تبقى زيها زي أولاد إخواتك، عادي يعني، أشوفهم بالصدفة وما يبقاش فيه تعامل ..
مدت يدها وأمسكت يده برجاء، نظراتها تتشبث به كأنها تبحث عن طوق نجاة: ساعدني، إحنا لازم نساعد بعض عشان ننسى.
هزّ سليم رأسه إيجابًا، وأخذ نفسًا عميقًا قبل أن يقول بصوت منخفض لكنه ثابت: حاضر يا ماسة. صدقيني اللي إنتِ حاسّة بيه أنا كمان حاسس بيه، بس بحاول ما أظهرش، بحاول أكون قوي.
نظرت له ماسة بضعف، عيناها تائهة تبحث عن الأمان الذي اعتادت عليه. ثم ألقت نفسها بين أحضانه، تشبثت به كأنها تخشى أن تفلت من بين يديها آخر خيط من الطمأنينة. ربت سليم على ظهرها بحنان، أغمض عينيه للحظات، وكأن صمت اللحظة هو الوحيد القادر على استيعاب وجعهما المشترك.
فيلا عائلة ماسة الواحدة مساءً
نرى سلوى تجلس على الفراش، ويبدو عليها أنها استيقظت للتو. رن هاتفها، وكان المتصل صالح.
صالح بابتسامة خفيفة على وجهه: عاملة إيه؟ فينك؟
بدت سلوى متعبة وفركت عينيها: أنا هنا، لسه صاحية، هلبس وأروح عند ماسة شوية. هبات معاها يومين، البيت كله مسافر، وماسة زهقانة، فقررت أقعد معاها يومين.
صالح بابتسامة واثقة: طيب
سلوى تتثاءب: تمام.طب بقولك إيه، أنا هاخد شاور كده، وأكلمك قبل ما أمشي.
صالح: تمام.
أغلقت سلوى هاتفها و وضعته على الفراش تنهدت ثم نهضت وتوجهت إلى الحمام. بعد قليل، خرجت وقد أخذت حمامها، وبدأت في تجهيز بعض الملابس والمتعلقات التي ستحتاجها عند ماسة. فجأة، رن هاتفها مرة أخرى. كان صالح.
التقطت سلوى الهاتف بسرعة: ألو.
صالح بصوت مليء بالمرح: أنا تحت، انزلي افتحيلي.
سلوى مندهشة، عيناها تتسعان: إيه ده بجد؟
صالح مبتهج، يبتسم ابتسامة عريضة: أه، بجد. مش قلتي نفسك أعمل لك مفاجأة رومانسية؟ اديني جيت لك، قلت أقعد معاكي شوية قبل ما أروح الصيدلية.
ابتسمت سلوى بخجل: طيب، أنا نازلة.
قصر الراوي
في مكتب سليم
كان سليم يجلس مع مكي يتبادلان الحديث عن العمل.
اقتربت ماسة من سليم وهي تقول: كراميل ممكن تطلب لي البيتزا والفراخ اللي أنت طلبتها لي قبل كده وعجبتني أنا وسوسكا عشان قالت لي خلاص هتلبس وتيجي.
سليم: حاضر.
اتسعت عينا مكي قليلاً: هي سلوى جاية؟
ماسة بابتسامة هادئة: أه، سلوى جاية، وهتبات معانا يومين عشان ماما مسافرة.
فكر مكي للحظة: طب ما أروح أنا أجيبها.
ضحك سليم: روح جيبها، يا رومانسي.
ماسة بتعبير جاد: على فكرة، هي مش مرتاحة خالص مع صالح، يعني حاول تستغل الظرف.
مكي بحذر: على فكرة، أنا قلت لها الولد ده مش كويس، حاسس إنه في حاجة مش كويسة.
ماسة بتعبير حازم: بص إنت ممكن يكون حكمك مش حقيقي عشان إنت بتحبها واحنا بندي له فرصة،
مكي: جايز، عموما أنا همشي.
خرج مكي وجلست ماسة مكانه نظرت لسليم: على فكرة أنا عندي احساس بيقول لي أن موضوع صالح وسلوى ده هيتفشكل وخلال شهرين كده هنعمل خطوبة حلوة بين مكي وسلوى.
سليم: اأنا كمان حاسس بكده بس مش لدرجة شهرين يعني بس بعد فترة قريبة.
ماسة: طب يلا أطلب.
فيلا عائلة ماسة الثانية مساءً.
في الحديقة
سلوى تجلس مع صالح في الحديقة ويتبادلان الأحاديث.
صالح بابتسامة غامضة: ايه رأيك في المفاجأة الحلوة؟
فكرت سلوى ثم ابتسمت: أه، طبعاً، مفاجأة حلوة جداً.
صالح بلهجة مازحة: ماتيجي ندخل نقعد جوه؟
سلوى بابتسامة ساخرة وعينان تحدقان فيه: ندخل نقعد جوه؟ أنت عبيط؟ لا طبعاً، أنا أصلاً مش عارفة عملته ده غلط ولا صح؟! أمي أكيد هتعمل معايا عشان سبتك تقعد معايا هنا وهما مش موجودين.
ضحك صالح بشكل غير مريح:؟ الحراس حوالينا. لو فكرت أحط إيدي عليكي، هيموتوني
ضحكت سلوى: هو مبدأ إنك تيجي هنا وهم مش موجودين غلط بس مش متأكدة يعني مش عارفه.
صالح بتعبير جاد: انت مش غلط ولا حاجة، لأننا قاعدين في الجنينة أهو كاننا في جنينه عليا يعني، بقولك ايه مش هتعملي حاجة نشربها؟ هم فين الخادمين؟!
سلوى بابتسامة: أصل، إحنا بندي الخدامين إجازه لما بنسافر، هقوم أعمل لك حاجة.
وأثناء حديثهما، دخل مكي.
مكي بوجه جاد: مساء الخير، سلوى.
سلوى مستغربة: مساء النور، في حاجة؟
مكي بنظرة جادة: قالوا لي إنك هتروحي عند ماسة، جيت آخدك عشان عم أشرف إجازة.
سلوى بابتسامة:صح، بس معلش هقعد شوية مع صالح وبعدين نمشي.
نظر لها مكي بنظرة تعني إيه اللي جايبه هنا؟ لكنها لم تظهر أي اهتمام، ثم قالت
سلوى: تشرب إيه يا صالح؟
صالح بابتسامة مغرية: أي حاجة من إيدك حلوة زيك.
نظر مكي بغضب وغيرة، ثم تحرك مبتعدًا.
ثم دخلت سلوى الى المطبخ بعد قليل أخذ صالح ينظر من حوله كان يتأكد اذا كان يوجد أحد منتبه له من الحراس ثم نهض وتوجه نحو مبنى الفيلا خلفها..
داخل الفيلا
دخلت صالح إلى المطبخ حيث كانت سلوى تُعد عصيرًا.
سلوى مندهشة ووجهها ممتقع قليلاً: إيه اللي دخلك هنا؟
صالح بابتسامة ماكرة: قولت اجاي أساعدك.
سلوى بغضب وتعابير وجهها صارمة: لا، مش هينفع. اطلع بره دلوقتي.
صالح ينظر لها بنظرات شهوانية لحد ما: ليه؟ خايفة مني؟
سلوى بحزم: أنا مش خايفة، بس اطلع بره!
ابتسم صالح وهو يقترب منها: إيه المشكلة؟ لما نقعد مع بعض شوية لوحدنا.
نظرت سلوى إليه بعينين غاضبتين، وتراجعت للخلف: قولت مش هينفع، اطلع بره. بجد ماضيقنيش.
صالح بابتسامة ساخرة: أنا حبيبك وخطيبك، اللي هبقى جوزك. إيه المشكلة لما آخد بوسة؟ أو نقعد هنا لوحدنا.
مدَّ يديه بنظرات مليئة بالرغبة المريضة، حاول سحبها نحوه، لكنها دفعته بقوة وهي تنظر له باشمئزاز وغضب.
صاحت سلوى به بغضب: انت فعلاً واحد حقير! وأنا فعلاً غلطانة إني وثقت فيك. إنت إنسان قذر!
ثم قامت بخلع الدبلة ورمتها في وجهه: اطلع بره! أقسم بالله لو ناديت على الحرس، مش عارفة ممكن يعملوا فيك إيه!.
ظل صالح واقفًا، غير مبالٍ، وهو يبتسم بابتسامة باردة: أنا مش فاهم ليه كل اللي بتعمليه ده؟إحنا مخطوبين والحاجات دي بتحصل بين المخطوبين، عادي.
حاول صالح الاقتراب منها مرة أخرى رغمًا عنها، لكن في تلك اللحظة أمسكت سلوى بسكينة وبدأت تلوح بها أمامه، متوعدة إياه بتهديد واضح:
لو قربت مني هقتلك.
صالح، بدون أدنى اكتراث، ابتسم بخبث وقال:
أول ما أعرف إنك شرسة كده يا سلوى، أنا بموت في الشراسة
اقترب منها أكثر، والسكين مصوبة نحوه، لكنه لم يتوقف. نظراته كانت مليئة بالتحدي واللامبالاة، وكأنه يستمتع بالغضب الذي يشتعل في عينيها. أنفاسها احتدت، ويداها ارتجفت للحظة، لكنها تماسكت… قبضت على السكين بقوة، وبغرائز مشتعلة، دفعها الغضب لتغرسها فيه!
شهقة حادة انفلتت من شفتيها، وعيناها توسعتا برعب، كأنها لم تصدق ما فعلته… أصابعها تقبض على المقبض، تشعر بنبضه يتلاشى تحت يدها. الهواء صار ثقيلًا، والدنيا من حولها تلاشت، لم يبقَ سوى السكين المغروسة… والكارثة
تفتكروا ايه اللي حصل صالح مات؟! مستنى توقعات
ياريت محدش ينسي يتضغط لايك عشان تساعده الرواية تنشره