رواية الماسة المكسورة
الفصل الواحد والستون 61 ج1
بقلم ليله عادل
{''~ بين اختيارات القلب وثقل الواقع، تقف الأرواح حائرة، خطوات تتشابك، وأخرى تبتعد، وكل نبضة تحمل صبرًا أو ألمًا.. هل ينتصر الحب دائمًا، أم للقدر كلمته الأخيرة؟~''}♥️
[بعنوان: خدعه الهدوء]
شهقة حادة انفلتت من شفتيها، عيناها توسعتا برعب وهي ترى الدماء تتفجر من كتفه، كأنها لم تصدق مافعلته... أصابعها كانت ماتزال تقبض على المقبض، كأنها تستشعر نبضه وهو يتلاشى تحت يدها. الهواء صار ثقيلًا، والدنيا من حولها تلاشت، لم يبقَ سوى السكين المغروسة... والكارثة.
تأوه صالح بصوت مكتوم، عينيه اشتعلتا بالغضب أكثر من الألم رفع يده المرتعشة للإمساك بالمقبض، ثم سحب السكين دفعة واحدة، أسنانه تكزّ على بعضها وهو يلقي بها بعيدًا، صوت ارتطامها بالأرض كان كفيلًا بإفاقتها من صدمتها، نظرت إليه بذهول، فيما هو يضغط على الجرح بيده الأخرى، أنفاسه تتسارع بشكل مخيف، لم يتحرك على الفور، لكن سكونه لم يكن سوى الهدوء الذي يسبق العاصفة.
رفع عينيه إليها ببطء، نظرته كانت سوداء، قاتمة، أقرب للوحش الذي يستعد للانقضاض على فريسته. زمجر بصوت منخفض، لكنه حاد كسكين أخرى غرست في قلبها:
إنتِ... إنتِ عملتي إيه عايزة تقتليني يابنت كل،ب؟!
لم تستطع الإجابة، لم تستطع حتى أن تتنفس. جسدها كله تجمد، قدماها التصقتا بالأرض، كأنهما فقدتا القدرة على الحركة، لم تشعر إلا به وهو يخطو نحوها، يقترب ببطء، بتهديد.
خطا نحوها، نظراته مسعورة، جسده يترنح لكنه لم يتوقف.
فجأة اقتحم مكي المكان كالعاصفة، قبض على صالح من كتفه الجريح، فصرخ الأخير متألمًا، قبل أن تنزل عليه أولى اللكمات ... كل ذلك حدث في ثواني مرت كدهر.
مكي وهو يصيح به: بتحاول تتعرض لبنت وثقت فيك يا ق"ذر؟ يا ابن الـ..حرا.م.! يا واطي.
لم يمهله فرصة للرد، انقض عليه كالنمر الهائج، قبضته القوية انهالت على وجهه، أول لكمة أطاحت به للخلف، لكنه لم يسقط... الثانية جعلت رأسه يرتطم بالجدار، لكنه ظل واقفًا... الثالثة كانت القاضية، طرحته أرضًا تمامًا!
لكن مكي لم يكتفِ، لم يكن في نيته أن يكتفي من الأساس، انحنى فوقه وأمسك بتلابيب قميصه الملطخ بالدماء، رفعه عن الأرض بعنف قبل أن يدفعه مرة أخرى، ارتطم رأسه بالأرضية الرخامية، وتبع ذلك صوت تأوّه ضعيف.
ركله مكي في جانبه بقوة بقدمه، فصدر منه شهقة ألم، لكنه لم يتوقف، قبض على عنقه بغلٍّ، وهو يزأر فيه بغضب مكتوم:
بتستغل الفرصة يا عديم الشر"ف يا حيو"ان!
كان صالح كالدُّمية بين يديه، يتلقى الضربات دون قدرة على المقاومة. الدماء تقطر من أنفه، الجرح في كتفه يزداد سوءًا، لكنه لم يعد قادرا حتى على الصراخ،فقط أنينه الخافت كان يرتفع مع كل ضربة جديدة.
دفعه مكي بعيدًا أخيرًا، ثم سحبه على الأرض من كاحله، زحفًا حتى خرج به إلى الحديقة. لم يتوقف إلا حين شاهده الحراس يركضون نحوه، فنظر لهم وأمرهم بصرامة:
خدوا الحيَ"وان ده وارموه بره الفيلا!
حاول صالح أن يتكلم، أن يقول أي شيء، لكن نظرة مكي له كانت كافية ليشعر أن نهايته اقتربت..
بصعوبة رفع رأسه، وعيناه تنزفان تهديدًا وهو يهمس بصوت متقطع: لو فكرت تقرب من سلوى تاني... صدقني، هخليك تتمنى الموت عشان يرحمك من إللي هعمله فيك! احمد ربنا إني ما قتلتكش، يا قذ"ر!
ثم تركه بين أيدي الحراس، ليتكفلوا بإتمام المهمة. أما هو، فالتفت إلى الداخل... حيث كانت سلوى ماتزال واقفة مكانها، وجهها شاحب وعيناها ممتلئتان بالدموع.
وقف مكي عند باب المطبخ، أنفاسه تتسارع، عيناه تضيقان بغضب وهو يراها متوقفه في زاويه، تبكي بصمت، كتفاها يهتزان تحت وطأة الصدمة.
قال بحدة وهو يقترب منها: إزاي ده حصل؟! إزاي تقبلي تقابليه لوحدك، وتجيبيه هنا وأنتِ لوحدك وأهلك مش هنا؟!
رفعت رأسها نحوه بعينين غارقتين بالدموع، ارتجفت شفتاها وهي تقول بتلعثم: هو قال لي إنه تحت، ماعرفتش أتصرف إزاي...قلت عادي يعني، هنقعد في الجنينة، ماتوقعتش إنه ممكن يعمل كده... إحنا خرجنا كذا مرة مع بعض، ماحاولش حتى يمسك إيدي بالعافية!
زفر مكي بضيق، صوته يحمل نبرة استنكار حادة: هو ده مبررك؟! عشان قبل كده محاولش يتعرض لك، فتروحي تسمحي له ييجي ومافيش حد في البيت؟! إنتِ مش هتعقلي يا سلوى؟!
كانت دموعها تهبط بانهيار، لم تستطع الرد، فقط انكمشت على نفسها، كأنها تحاول الاختباء من الواقع، لكن نظراته الغاضبة كانت تحاصرها.
نظر إليها مكي للحظات، ثم مسح وجهه بكفه في محاولة لكبح ثورته، تنهد ببطء وقال بنبرة أكثر هدوءًا، لكن لا تزال حازمة: أنا آسف لو خوفتك، بس أنا كنت خايف عليكي... كان ممكن يئذيكي، لازم تفكري في تصرفاتك قبل ماتعمليها.
هزت رأسها ببطء، ثم همست بصوت ضعيف: ممكن ماتقولش لحد؟
تراجع قليلًا، وضع يديه في جيبيه، ثم أومأ برأسه قائلاً: أكيد مش هقول لحد... عشان ماحدش يعمل لك حاجة.
أخذت سلوى نفسًا مضطربًا، ثم قالت بتوتر وهي تمسح دموعها: طب... وإحنا هنقول إزاي إني سيبته؟ وكمان الضربة اللي أنا ضربتها له دي... ممكن تموته... يعني أنا ممكن أكون قتلته؟!
رفع مكي حاجبه بسخرية، ثم أشار نحو الباب حيث خرج صالح قبل قليل: قتلتيه إزاي يعني؟ ما إنتِ شايفاه خارج صاحي، ضربتك كانت سطحية، عموماً سيبي دي عليا، هو أصلاً مش هيعرف يفتح بقه... هيقول إيه يعني؟ إنه حاول يتحرش بيكي؟ إنتِ بس هتقولي لهم إنك اتخانقتي معاه في التليفون وخلاص.
مسحت وجهها بيدها المرتجفة، ثم تمتمت: ماشي.
نظر إليها مكي للحظات، قبل أن يقترب منها قليلًا، قال بصوت أكثر رقة: خلاص... اهدي، ماتعيطيش. روحي اغسلي وشك، وأنا هعمل لكِ ليمون، وبعدين نروح القصر.
رفعت عينيها إليه، للمرة الأولى منذ بداية حديثهما، شعرت بقليل من الطمأنينة، ابتلعت ريقها بصعوبة وقالت: ماشي، شكرًا يا مكي... بجد.
نظر لها بصمت، لم يقل شيئًا، فقط راقبها وهي تتحرك ببطء نحو الحمام، بينما بقي هو واقفًا، يشعر بثقل في صدره لم يعرف سببه.
💕_______________بقلمي_ليلةعادل 。◕‿◕。
حديقة القصر السابعة مساءً.
وصلت سلوى مع مكي إلى القصر. كانت ماسة في استقبالها.
أقتربت ماسة بابتسامة: سلوى حبيبتي! ثم قامت بتقبيلها.
بدت سلوى حزينة مهمومة، احتضنتها بقوة قائلة: عاملة إيه ياماسة؟
نظرت ماسة في ملامحها بتركيز، وقالت بقلق:
مالك؟ شكلك معيط ومخطوف كده ليه؟
ثم نظرت لمكي وسألته: مالها يا مكي؟
رفع مكي كتفها ومد وجه بعدم معرفة: معرفش... الشنطة أهي... عن إذنكم، أنا عندي مشوار مهم. ماسة، كلمّي سليم وعرفيه، عشان أنا بحاول أتصل بيه ومابيردش.
ماسة: سليم في صالة الجيم تحت، بيعمل شوية تمارين.
مكي: خلاص، هعدي عليه قبل ممشي، مش محتاجين أي حاجة
ماسة: شكرا.
مكي: عن إذنكم.
ألقى مكي نظرة خاطفة نحو سلوى بضيق فهو مازال غضبًا من فعلتها، وهي أيضاً بدت مرتبكة وعينيها زائغة لا تريد ان تقع عليها وهو يغادر، مما أثار انتباه ماسة، كانت ماسة تتابع تلك النظرة بتمعن، لكنها قررت التركيز على سلوى.
جلست ماسة بجانب سلوى، وأمسكت بيدها قائلة بقلق: اقعدي واحكيلي... في إيه؟ اتكلمتوا مع بعض في حاجة ولا إيه؟
نظرت سلوى لها للحظة، وفجأة انهارت بالبكاء بحرقة، صُدمت ماسة وقالت وهي تقربها منها بخضه:
مالك؟ في إيه؟!
رفعت سلوى رأسها بتردد: هقولك اللي حصل...
بدأت سلوى تروي ماحدث، وعندما انتهت، نظرت ماسة إليها بعينين مليئتين بالدهشة والغضب، ثم صاحت:
إنتِ إزاي أصلاً تدخليه الفيلا وماما وبابا مش موجودين؟! افرضي كان عمل لك حاجة! افرضي ماحدش لحقك! افرضي السكينة دي دخلت في قلبه... كنا هنعمل إيه؟! إزاي تعملي كده يا سلوى؟
حاولت سلوى أن تدافع عن نفسها قالت بتوتر:
والله العظيم هو اللي فاجأني بوجوده! وماعرفتش اعمل ايه وقلت عادي يعني هنقعد في الجنينه قدام الحراس.
رفعت ماسة حاجبها بتهكم: يعني إيه ماكنش قصدك وفاجئك؟ ويعني إيه عادي تقعدي في الجنينة؟! إنتِ بتبرري غلطك؟ لا يا سلوى، إنتِ غلطانة، وده ماينفعش! واحنا من امتى بنعمل كده؟! وبنقعد مع شباب لوحدنا حتى لو كان خطيبك انت نسيتي ولا ايه؟! حقيقي أنا مش فاهمه إنتي ازاي تعملي كده.
سلوى وهي تبكي بحرقة: يا ماسة، حرام عليكي! أنا مش قادرة اتلم على أعصابي حتى مكي كان قاعد يزعق لي!
ماسة بنبرة حادة: عنده حق، والله! فعلاً طلع عنده حق. إنتِ لسه ماكبرتيش، ودماغك صغيرة. اللي يعمل تصرف زي ده يبقى دماغه لسه صغيرة!
نظرت سلوى إلى ماسة بحزن شديد، ثم انهارت في البكاء مرة أخرى. كانت ماسة تشعر بالضيق مما فعلته سلوى، فهي خافت أن يحدث لها شيء. حدّقت فيها للحظات بعينين غاضبتين، بعد لحظات تنهدت بعمق، ثم أعادت شعرها إلى الخلف في محاولة للتماسك. تراجعت عن غضبها وأخذت سلوى بين أحضانها، تربّت على شعرها بحنان قائلة:
طب خلاص، متعيطيش... خدي بالك من نفسك، وبطلي تهور. فكري كويس قبل ماتعملي أي حاجة! اللي عملتيه ده ماينفعش، غلط وعيب. حتى لو كان صالح راجل محترم وماستغلش الموقف، برضه غلط وماكانش ينفع ولا يصح.
سلوى: انا عارفة والله، أصلاً مش عارفة أنا قبلت ازاي.
تنهدت ماسة بنبرة جادة: طيب، فهميني. الحي،وان ده راح فين؟
سلوى بتوتر: معرفش، مكي خلاهم يرموه في الشارع بعد ماضربوه.
ماسة بتوتر: طب انت متأكدة إن السكينة دي مادخلتش يعني محصلوش حاجة.
سلوى وهي تمسح دموعها وتحاول ان تهدأ: مكي قال كدة
ماسة: طب أنا هكلم مكي وهفهم منه.
توسلت سلوى بخوف: وحياتي يا ماسة، ماتقوليش لسليم حاجة، ولا تخلي حد يعرف، أرجوكي!
ماسة بحدة:طبعًا إنتِ عبيطة! استني... أنا هكلم مكي بس.
أمسكت ماسة هاتفها بسرعة واتصلت به:
ألو... يا مكي، بقولك إيه، الحي،وان اللي اسمه صالح ده راح فين؟... تمام ... طب وموضوع السكينة ده... اها .. اها .. تمام ...متأكد،، ماشي خلاص... لا، ماتعملش حاجة ... بس أوعى حد يعرف، حتى سليم. ... وإحنا هنتصرف مع ماما وبابا ... هتعمل إيه يعني؟ طيب، ماشي. ابقى عرفني.
أغلقت ماسة الهاتف، فبادرت سلوى بسؤالها بلهفة:
قالك إيه؟
ماسة بجدية: قال إنه هيتصرف معاه وهيخليها تيجي منه هو، وفعلا الضربة كانت سطحية على الجلد الحمدلله.
أضافت ماسة بشدة وهي تشير بأصابع يدها:
وإنتِ يا سلوى، خدي بالك من نفسك. عشان لو غلطتي غلطة زي دي تاني صدقيني هتزعلي مني.
سلوى وهي تمسح دموعها: حاضر... هي نالا فين؟
زمت ماسة شفتيها بضيق قالت بحزن نبرة صوتها: مع هبة، خلاص بقى، رجعت لمامتها بعد مارجعت بالسلامة. استني شوية، ولما تبقي كويسة نطلع نقعد معاها.
نظرت سلوى إلى ماسة بحزن وهي تمسح دموعها وربّتت على قدميها بحنان: ماتزعليش يا ماسة.
ماسة بحزم وهي تحاول السيطرة على مشاعرها:
عايزاني مزعلش؟
هزت سلوى رأسها بإيجاب بصمت اكملت ماسة بتأثر:
ماتكلمنيش في الموضوع ده خالص! عشان كل مابتكلم فيه بزعل، خلاص بقى كأنه ماحصلش عشان أنسى لازم انسى هي مش بنتي.
هزت سلوى رأسها بإحباط، وهي تزم شفتيها بصمت. كانت تدرك جيدًا مدى حزن شقيقتها، والغصة التي اعتصرت قلبها بعد فراق نالا. شعرت بالعجز أمام ألم ماسة، ولم تجد الكلمات التي يمكن أن تخفف من وجعها، فاكتفت بالصمت، وشاركتها لحظات الحزن بصمت مؤلم.
في أحد الشوارع الثامنة، مساءً
نشاهد مكي وهو متوقف بجانب سيارته. يمسك مكي هاتفه بيده ويقوم بإجراء مكالمة. يبدو على ملامح وجهه الشدة.
مكي بصوت منخفض: أنا مكي.
في اتجاه آخر، في منزل صالح.
صالح جالس على المقعد، ووجهه يحمل آثار الضرب والخرابيش ورابط كتفه من أعلى. رد على الهاتف بصوت خشن.
صالح باقتضاب: إنت عايز إيه؟
مكي بأمر: انزل نتكلم مع بعض شوية، لو مانزلتش هطلع لك أنا ونحكي للعيلة الكريمة المحترمة ابنهم الهمام عمل إيه في خطيبته، إيه رأيك؟
صالح بغضب، لكن بدا عليه التردد: استنى، نازل.
يغلق صالح الهاتف ويخرج من الغرفة.
في الريسبشن،
تجلس العائلة. والده ينظر إليه بقلق.
والده بقلق: رايح فين يا صالح؟ وانت عامل كده!
صالح يخفض رأسه، يحاول التظاهر بالهدوء: نازل بس يا بابا تحت شوية، وبعدين ماتخافش عليا، قلت لها وقعت.
والده بصوت غاضب: أوعى تكون فاكر إنه داخل في دماغي حوار الوقعان ده، بس ماشي.
صالح يخرج من الشقة. والده ينظر لوالدته بتعب.
والده بقلق: صالح بيكدب، واضح إن في مشكلة كبيرة.
همست والدته: أيوه، واضح إنه مضروب كمان.
والده: وليد، شوف أخوك ماله.
نظر وليد بقلق: ماشي، أنا هنزل وراه.
في الشارع.
نرى مكي متوقفا منتظرًا صالح. عندما شاهد صالح، يقترب اعتدل مكي في وقفته نظر له بنظرة قوية، وجسده يعكس الثقة والعزم.
صالح بحدة: عايز ايه؟!
مكي بصوت هادئ لكنه حاسم بنبرة رجولية تحمل تهديد: عايز أقولك حاجتين، أول حاجة، ملكش دعوة بسلوى تاني، تمحيها من حياتك، ولو فكرت بس تقرب منها أو تعدي في شارع هي معدية منه هتندم، وتصلي شكر إني سبتك عايش بعد اللي عملته، ثاني حاجة، هتتصل بعم مجاهد وتقول له كل حاجة، نصيب؟ وتنسى سلوى، وأي حاجة تخص سلوى. عشان صدقني لو عقلك وزك أنك تكلمها، المرة الجاية...
صمت لوهلة!! قرب وجهه من وجه صالح بنظرة مرعبة. وضع يده على كتفه من أعلى بقوة.
مكي بتهديد: هلبسك كفنك حي.
تبادل النظرات، للحظات ثم وغز مكي صالح على كتفه ورحل.
توقف صالح لحظة، ينظر إلى آثار مكي بضيق وغضب. فور أن التفت، وجد وليد أمامه.
وليد: بصوت هادئ لكن مليء بالقلق: عملت إيه في سلوى؟
نظر صالح لشقيقه بنظرة مليئة بالخجل، يحاول تجنب عينيه، ويضع عينه على الأرض وكأن الكلمات لم تعد تكفي.
💞_______________بقلمي_ليلةعادل
قصر الراوي
غرفة نوم ياسين وهبة. العاشرة مساءً
نرى نالا نائمة في فراشها الصغير بجانب الفراش الكبير، بينما هبة تجلس على طرف الفراش تنظر على نالا من بعيد، يبدو عليها التردد والخوف كان ياسين متوقفا بجنبها يحاول تشجيعها.
هبة بصوت هادئ: هي أكيد واخدة عليهم أكتر مني... ماسة كانت معاها طول الوقت، يمكن خلاص مش محتاجاني.
اقترب ياسين منها ومسح على كتفها بحنان: هبة، ماتقوليش كده. ماسة كانت معاها، عشان تساعدك لما كنتي تعبانة، لكن نالا عمرها ماتنسى مامتها.
هبة بتنهد وهي تنظر على الأرض: طب لو ماعرفتنيش؟ لو بقت غريبة عني؟ أنا حتى خايفة ألمسها من وقت ما ماسة ساعدتني إني انيمها.
ياسين بنبرة مشجعة: جربي، قربيلها. صدقيني، مجرد صوتك وريحِتك هيعرفوها إنك مامتها، مجرد يومين وهتنسى ماسة وسليم.
توقفت هبة بتردد، واقتربت من فراش نالا. نظرت لها وهي نائمة بسلام، ومدت إيدها بخوف شديد تلمست خدها، تحركت نالا وفتحت عينيها، تنظر لهبة ببراءة ثم تبتسمت لها.
نظرت هبة بصدمة بعينين اغرورقت بدموع: هي بتبتسم لي يا ياسين؟
ياسين بفرحة: شفتي بقى.
هبة بصوت مكسور: بس... لو فضّلت تحب ماسة أكتر؟
ياسين بحزم: مفيش مقارنة. ماسة كانت معاها عشان تساعد بس، لكن مفيش حد هياخد مكانك في حياتها. إنتي مامتها زي ماقولتلك.. يومين وهتنسى ماسة وسليم، انا هطلب منهم الفترة دي يبعدوا عنها خالص عشان تنساهم.
هبة بقلق: مش هيزعلوا.
ياسين متعجباً: يزعلو ليه ده الصح ماتقلقيش.
نظرت هبة له لوهله بصمت ثم نظرت لنالا بإبتسامة انحنت ووضعت قبلة على جبينها.
على اتجاه آخر فى الحديقة
نشاهد ماسة وسليم وسلوى يجلسون وهم يحتسون الشاي كان يبدو على ملامح وجه سلوى التوتر
واثناء ذلك اقترب مكي.
مكي: مساء الخير.
سليم: مختفي فين من الصبح.
جلس مكي: مش قولتلك كنت في مشوار.
سلوى بتلقائية ممزوجة بتوتر: عملت ايه مع الحقير ده.
مكي: خلصت الموضوع معاه انتي انسي متفكريش فيه تاني ولا كأن حاجة حصلت.
سليم متعجباً: موضوع إيه؟!
نظرا لبعضهما لوهله تنهدت ماسة قالت بتلعثم: هقولك صالح يعني قرب من سلوى بشكل مش كويس ومكي ضربه.
اتسعت عينا سليم: قرب منها ازاي؟!
ماسة وهي تعود بشعرها للخلف قالت بتوتر خفيف: قرب منها يا سليم حاول يبوسها بالعافية؟
نظر له سليم بصدمة قائلا : ايه؟! عمل ايه
نظرت له ماسة بصمت وأسف اكمل سليم بغضب وهو ينظر لمكي: إنت مكسرتس دماغه ليه عديم الشر"ف ده؟!
مكي بشراسة: طحنته والله وكنت هم"وته.
سليم بغضب: أمال كنت بتعمل معاه ايه فهمني؟!
مكي: يعني خليته يقفل الموضوع من عنده عشان ميحصلش مشكلة لسلوى؟!
سليم بغضب شديد: يعمل مشكلة؟! إيه يا مكي، انت اتجننت؟ ده هو اللي غلطان في حقنا! يحمد ربنا إننا سايبينه عايش أصلاً! ولايقدر يفتح بوقه لأن وقتها هندمه.
نظر الجميع إليه بصمت، لا يعرفون ماذا يقولون. أكمل سليم بنبرة شك: هو في حاجة أنا مش عارفها ولا إيه؟
نظرت ماسة له بصمت، مسحت وجهها، وأشاحت بعينيها بعيداً عنه. حتى مكي بدا متحفظاً ولم ينطق.
أما سلوى، فنظرت إليه بتردد واضح، ثم قالت بصوت خافت.
سلوى بارتباك: اها في حاجة... بس كنت خايفة أقولك يعني عشان ماتفهمنيش غلط...
نظر لها سليم متعجباً وهو يعقد بين حاجبيه، أجابته سلوى على تلك النظره بتلعثم: أنا هفهمك كل حاجة روت له ماحدث..
علق سليم بشدة: غلط يا سلوى ازاي تعملي كدة؟!
سلوى بدموع: سليم بالله عليك متزعقليش إنت كمان كفاية ارحموني والله عارفة اني غلطت لأني جبته وأهلي مش موجودين.
سليم مفسرا: انا بزعقلك، خوف عليكي.
سلوى بدموع: عارفة والله.
نظر سليم لمكي: عموماً لو عمل حاجة انت عارف هتعمل معاه ايه.
مكي تبسم: طبعاً هلعبه لعبتنا المفضلة، تنهد، طب أنا همشي، سلام.
تحرك مكي للخارج
ماسة: ماتيجوا ندخل جوه.
سلوى: أنا هقعد شويه هنا.
زم سليم شفتيه بحنان وهو يربت على أعلى كتفها: متفكريش في الموضوع موقف وعدى بس خدي بالك بعد كدة ماشي.
هزت سلوى رأسها بايجاب: حاضر، ربنا يخليك ليا يا سليم
توقف سليم بابتسامة: إنتي أختي يا سلوي ومش هاسمح لأي حد يئذيكي..
اقتربت ماسة منها وقامت بوضع قبلة على جبينها: حبيبتي انسي ها متزعليش.
تحرك سليم وماسة داخل القصر، بينما بقيت سلوى غارقة في التفكير فيما حدث وفي كل شيء، شعرت أنها أخطأت عندما سمحت لصالح بالمجيء دون وجود عائلتها، عادت إلى ذكرياتها مع مكي وموقفه الشهم معها، تتساءل كيف يمكنها تجاوز ماحدث. كما أنها شعرت بحزن عميق لأنها أدركت خطأها في اختيارها لصالح.
💕_______________بقلمي_ليلةعادل 。◕‿◕。
جناح سليم وماسة
نشاهد سليم يجلس على الفراش وماسة تتوقف أمامه
سليم رفع عينه تساءل متعجباً: ماكنتش عايزة تقوليلي ولا ايه؟!
ماسة بتوضيح: لا ياقلبي بس محبتش أكبر الموضوع عشان سلوى متتكسفش قصادك.
سليم بعقلانية: طب هديها، لان الموضوع تعبها بلاش تأنبيها في الكلام وتضغطي عليها، هي غلطت بس كفاية ندمها.
ماسة: حاضر.
وقعت عينا ماسة على لعبة خاصه بـنالا امسكتها وجلست بجانب سليم بحزن.
نظر سليم الى اللعبة ثم نظر لها وقال: هتتعودي.
هزّت رأسها بايجاب وهي تغرق ملامح وجهها في حزن عميق، ثم أسندت رأسها على كتفه بصمت. احتوى سليم جسدها بين ذراعيه، وكأنه يحميها داخل حدود قلبه، ثم طبع قبلة دافئة على شعرها، مليئة بالحنان والحب.
اليوم التالي،
قصر الراوي - السابعة صباحاً
نستمع لارتفاع صوت صراخ نالا يخرج من غرفة هبة وياسين، بينما كان سليم وماسة يخرجان من جناحهما في الاتجاه الآخر، يسيران في الممر الموصل إلى الدرج.
توقف ماسة: نالا بتعيط، هروح أشوفها، تعال معايا.
كادت أن تتحرك أمسكها سليم من معصمها بلطف: بلاش.
ماسة بتعجب: ليه؟!
سليم: مش اتفقنا إننا نحاول نبعد.
وأثناء توقفهما، خرجت هبة تحمل نالا بين ذراعيها، وياسين خلفها. بدا عليها التعب وهي تحاول تهدئة الصغيرة دون جدوى.
هبة بزهق: في إيه؟ اسكتي بقى.
ماسة بحنو: مالها؟
هبة بضيق: مش مبطلة زن.
اقتربت ماسة بحذر، مدّت يديها نحو نالا.
ماسة: طب هاتيها، أنا أسكتها.
لكن بسرعة، أبعدت هبة يد ماسة عنها بلطف، وقالت بتلقائية وهي تهدهد نالا: معلش يا ماسة، خليني أنا أسكتها. لازم تتعود عليّا، لازم تعرف إني أنا اللي أمها مش إنتِ. رجّعيلي بنتي.
اهتزت ماسة للحظة حين استمعت لتلك الكلمة، وغصّ قلبها بالألم. أنزلت يدها ببطء وهي تقول بنبرة مرتجفة قليلاً.
ماسة بتلعثم: أنا مقصدش.
هبة تبتسم اعتذاراً: ماتزعليش مني.
قال سليم وهو يمسح على ظهر ماسة بحنان: تزعل ليه؟ ده الصح، أنا قلت كده بردو. لازم تتعود على مامتها وياسين، لازم حدود.
ياسين بتأكيد: شفتي؟ أهو سليم فاهم أن ده الصح. عشان تبطلي خجل.
سليم بتعجب: تخجل من إيه؟!
ياسين: خجلانة تقول لكم تبعدوا شوية عن نالا الفترة دي، عشان تتعود علينا.
ماسة بابتسامة ألم: مافيش خجل، ده الصح عياطها بس وجّعلي قلبي.
هبة: أنا سألت الدكتور، قالتلي خليهم بعيد خالص، حتى مايكونوش في نفس المكان، لأنها بتسمع صوتهم وبتشم ريحتهم. عشان كده بفكر ناخدها الفيلا بكرة.
سليم بتأييد: فكرة كويسة، بس مش المفروض تدريجياً؟
ياسين: سألت الدكتورة، قالتلي لا.
ماسة تحاول التماسك: شوفوا الأصلح لنالا واعملوه. يلا، هنستناكم تحت.
تحركت ماسة بضع خطوات، ثم عادت لتقول:
نيميها على بطنها، وغنّيلها وهي على رجلك. هي متعودة تنام كده في الوقت ده.
هبة: ماشي، هجرب.
توجهت هبة إلى الغرفة، وياسين خلفها.
هزّت ماسة رأسها، بينما دمعة كادت تخونها تحركت بسرعة عائدة إلى جناحها هناك، جلست على الأرض وأطلقت العنان لبكائها.
دخل سليم خلفها، نظر إليها بحزن جلس أمامها واحتواها بين ذراعيه.
ماسة بوجع وبكاء: والله مكنتش أقصد أخدها منها، كنت عايزة بس أسكتها.
سليم محاولا تهدئتها: هبة متقصدش يا عشقي.
ماسة: عارفة، بس اتوجعت أوي يا سليم. أنا اللي جبت لنفسي وجع القلب ده. كلامك كان صح، أنا هسمع كلامك بعد كده. انت دايماً صح.
أخذ سليم يربت على ظهرها بحنان وهي بين احضانه، محاولاً تهدئتها.
سليم: اهدي ياروحي، كل ده هيعدي، صدقيني.
وضع قبلة على رأسها رفع عينه لاعلى بحزن فهو أيضا يشعر بألم مثلها لكن يحاول ان يكون متماسكا أمامها.
بعد قليل هبطا لتناولو الفطار ثم ذهب سليم الى المجموعة بينما ماسة توجهت إلى صالة الجيم وجلست سلوى في الحديقة كان يبدو عليها الحزن أقترب منها مكي.
مكي توقف امامها: عاملة إيه النهاردة؟
رفعت سلوى عينيها له بخنق: أحسن
مكي وهو ينظر من حوله: أمال فين ماسة.
سلوى: في صالة الجيم.
مكي: دي طبعاً اللي في القصر..
هزت سلوى رأسها بايجاب: طبعاً يا ريتك تكلم سليم يفك عليها شوية.
مكي: حاضر.
سلوى: مش مع سليم ليه؟!
مكي: عشري معاه وأنا أكتر بقيت مع ماسة.
المهم انتي حقيقي أحسن حاسس إنك مخنوقة.
سلوى بحزن: بحاول أكون أحسن. مانمتش من إمبارح، كل مابحاول أنام، افتكر اللي حصل.
جلس مكي بجانبها على المقعد. نظرت له سلوى وهي تشير على نفسها.
سلوى بتوضيح بعينين تترقرق بالدموع: مكي، أنا مش وحشة والله العظيم، ولا أخلاقي وحشة، عملت كده بتلقائية أنا مش عارفة إيه اللي خلاني أرحب بالفكرة، أنا قلت هنقعد في الجنينة والحرس موجودين، هيعمل إيه يعني؟
نظر مكي بتركيز: إيه اللي بتقوليه ده؟ ولا أنا ولا سليم ولا ماسة ولا أي حد شافك بنت مش كويسة. بس أنتي تصرفتي غلط. إنتي شفتيها جنينة زي أي جنينة، بس هي كانت غلط، سلوى مش عيب اننا نغلط بس عيب لو احنا ماتعلمناش من اخطائنا، وبعدين، انسي اللي حصل. الحمد لله إنتي كويسة.
سلوى بتوتر: أنا خايفة يقول حاجة لبابا.
مكي بقوة: مش هيقول له حاجة، عشان لو فكر... مش قادر أقولك أنا ممكن أعمل فيه إيه انسي بقى المهم تتعلمي من الغلط ده.
سلوى بامتنان صادق: حقيقي أنا بشكرك على كل حاجة عملتها معايا. إنت قلت لي خدي بالك، بس أنا اللي عنّدت وافتكرتك غيرت.
مكي تنهد: أنا يمكن كنت غيران، بس قلبي ما كانش مرتاح له... صمت لوهلة ثم قال: مش كفاية بقى.
عقدت سلوى بين حاجبيها: تقصد إيه؟
مكي برجاء: كفاية اللي إنت بتعمليه. يعني خلينا نكمل المشوار إللي إحنا مابدأناهوش.
عدل مكي من جلسته، قال بتوضيح ممزوج بتأثر أضاف: والله العظيم أنا عملت كده عشان خاطرك، عشان كنت خايف عليكي، وعايزلك الأفضل.
سلوى تسالت: طب فرضًا تعرفت على حد وكان كويس وحبيته، كنت هتعمل إيه؟
مكي مد وجهه: عادي كنت برضو هحاول اوريكي إن أنا كويس و...
قاطعته سلوى متعجبة: وجيت عرضت عليا حبك، طبيعى كنت هرفضه. عشان ماشفتهوش، لكن انا شفت اللي معايا، طبيعي هختاره، أنا مش فاهمة إنت فكرت إزاي وقتها، إيه أشوف كتير وأعرف كتير؟ ماهو طبيعي لو كنت شفت حد دخل عقلي وقلبي، ماكنتش هختارك عشان لسه ماعرفكش.
مكي: بس إنتي عارفاني.
سلوى باعتراض: لا، انا ماعرفكش، افرض صالح ده كان حد كويس وحبيته واتجوزته كنت هتعمل ايه.
صمت مكي لوهلة قال بأسف: نصيب. كان هيبقى نصيب. بس برضو كنت هحاول أوريكي نفسي وأوريكي حبي. ساعتها، إنتي هتقارني بيني وبينه واللي يستحقك يبقى حلال عليكي.
ضيقت سلوى عينيها بانزعاج: إنت مقتنع باللي بتقوله ده؟
مكي بيقين: أيوه مقتنع وخلاص. يا سلوى، انسي اللي فات. خلينا نبدأ صفحة جديدة، أنا بحبك.
سلوى بعند: لما تقتنع إنك غلطان وإنك أذيتني؟ هانسى.
مكي بغضب: هو عند وخلاص.
سلوى: مش عند ده الصح.
مكي: يعني لو قلت لك خلاص، أنا مقتنع، هتوافقي؟ طب أنا مقتنع.
سلوى بتهكم: انت بتاخدني على قد دماغي ولا ايه؟!
مكي بلطف: ماقصدش ده، سلوى انا بحبك ولسه ماددلك ايدي، أنا هديكي مساحتك تفكري كويس، ولازم تحطي في دماغك إني عملت كده حب ليكي مش انانية وياريت بلاش تفكري بعند.. سلام
تحرك مكي بعد أن ألقى نظرة أخيرة متمنيا أن تعطيه فرصة أخيرة
...
نظرت سلوى لآثاره وهي تمسح على وجهها بحيرة ثم نهضت وتوجهت الى صالة الجيم الملحقة بالقصر لتجلس مع ماسه وتتبادلان الأحاديث في ذلك الموضوع.
((بعد وقت))
الصالون
كانت هبة جالسة على الأريكة، تحاول تهدئة نالا التي كانت تبكي ولم تستطع تهدئتها. كانت تجلس معها ماسة وسلوى وكان يبدو على ملامح ماسة التأثر.
هبة: أنا ماكنتش أعرف إنها هتبقى كده، زنانة أوي.
ماسة ببراءة: دي عسولة خالص انتي بس أوقفي شوية بيها، ومشي إيدك على ظهرها، هتهدى.
هبة وهي جالسة باعتراض:لا، مش هعمل كده. مش هعودها على الحاجات اللي أنتِ معوداها عليها. لازم تتعود على طبعي أنا. معلش يا ماسة، متدخليش في طريقة تعاملي مع بنتي.
شعرت ماسة بالاحراج الشديد عادت بشعرها للخلف قالت بتوضيح: انا مش بأتدخل، أنا بفهمك. كنت بسكتها إزاي.
هبة بخجل: أنا ماقصدش، بس أنا محتاجة أعودها عليا، ومعملش الحاجات اللي انتي كنتي بتعمليهالها، علشان بجد بدأت أحس إنها مش بنتي، وكأنك أنتِ اللي مامتها مش أنا.
ماسة: عندك حق، (نهضت) طب سوسكا، تعالي نطلع بره.
هبة: ماتزعليش مني، أنا ماقصدش، خليكي.
ماسة بلطف: لا، أنا هخرج مع سلوى وانتي لما تخلصي تعالي اقعدي معانا لو تحبي، افتكرت إن ياسين قال إنها لما بتسمع صوتي أو تشم ريحتي، هتعرف إن أنا موجودة. يمكن علشان كده بتعيط، وأوعدك اني هحاول على قد مأقدر مقربش منها. متقلقيش، يا هبة، أنتِ مامتها، وهتتعود عليكِ، يومين بس وربنا يخليها ليكِ.
خرجت سلوى مع ماسة، التي سمحت لدموعها أن تهبط، وضعت سلوى يديها على ظهر ماسة وقالت بعقلانية ولطف:
ماتزعلش يا ماسة أكيد هبة متقصدش غصب عنها.
عارفه أن كلامها جارح ورخم، بس قدري هي مامتها مشفتهاش لشهور، ويوم مرجعت تاخدها لاقتها مرتبطه بشخص تاني سمحيها يا حبيبتي.
ماسة بوجع نظرت لها: عارفة والله، و لو أنا مكانها هعمل كدة، أنا مش زعلانة، بس مش عارفة، حاسة إن هبه بتتهمني إني سرقت بنتها، وده مش حقيقي والله أنا بحاول أساعدها ..(تنهدت بتعب ومسحت نوعها) تعالي نتكلم في الجنينة.
توجهتا إلى الحديقة وجلستا على المقاعد.
احتست ماسة كوب من الماء لتهدئ من روعها.
سلوى نظرت لها: ها أحسن.
ماسة هزت راسها بإيجاب: اممم، قوليلي هافكرتي في كلام مكي؟
سلوى: ده لسه مكلمني النهاردة
ماسة تسألت:طب هتدي له فرصة؟
سلوى بحيرة: مش عارفة، دلوقتي كل اللي عايزاه إني أهدأ وأخلص من موضوع صالح الأول.
ماسة بعقلانية: بصي، أنتِ أصلًا ماكنتيش بتحبي صالح، ولا كان فيه حاجة جواكي تجاهه، كل اللي انتي عملتيه ده كان عند في مكي، موضوع نسيانه وتتخطي اللي حصل، وخطوبتك ليه والكلام الأهبل اللي قولتي الصبح، مش حقيقي... عايزه رأيي
هزت سلوى رأسها بايجاب أكملت:
اخلصي من الموضوع ده، وتدي فرصة لمكي، وخلاص.
سلوى:طب عادي يعني لو اتخطبت بسرعة كده.
ماسة: ايوه عادي، هو انتي بتعملي حاجه غلط والا حرام، وبعدين أنا وسليم هنكلمهم مالكيش دعوة انتي.
سلوى: طيب، هعمل كده، هي شكلها هترسي عليه.
ماسة بابتسامة محبه: والله العظيم، أنتم لايقين على بعض، وأنا بحبكم اوي مع بعض. مكي يستاهل الفرصة.
تبسمت سلوى لها بصمت.
أحد الكافيهات الهادئة الرابعة مساءً
جلستا نانا ونور في ركن بعيد عن الأنظار، حيث كان الجو يسوده الهدوء والسكينة، كلاهما كانت تحتسي عصيرها في صمت، تستمتع بلحظات من الراحة قبل أن تكسره نور بكلماتها.
نور، بتعجب،: يعني هو عرف منين موضوع حمدي؟ الباشا ممشي وراكي جواسيس ولا إيه؟
نانا، بملامح تملؤها عدم المعرفة: مش عارفة.. بس أنا لازم آخد بالي بعد كدة. هو كدة كدة حمدي ماعجبنيش.. فالموضوع مش نافع خالص.
نور، ضاحكة بسخرية: إنتِ شكلك لبستِ عزت الراوي للأبد... إلا لو هو زهق وسابك.
نانا، بنظرة جادة تعكس طمعها: وعلشان كده.. لازم آخد كل حاجة وأأمن مستقبلي. أكتر من كدة، ما أنا مش هخسر كل ده على شوية الفكة إللي أخدتها من عزت.
نور، بقلق صادق في صوتها: والله أنا خايفة عليكي... لازم تحذري.
نظرت لها نانا نظرة مليئة بالكثير من المعاني، ولكن لم تُقال منها أي كلمة.
((وخلال يومين))
بدأت ماسة تعتاد على فراق نالا، ولكن حينما كانت ترى نالا تبكي بشدة، كان قلبها ينفطر من الألم. كانت تحاول بكل حب وبراءة أن تهدئها وتخفف عنها، لكن كل محاولاتها كانت تصطدم برفض قاطع من هبة، كانت هبة تمنع ماسة من الاقتراب من نالا، وتصر على أن البنت يجب أن تتعود عليها أولًا، وهو ما كان يجرح ماسة بعمق، شعرت ماسة بظلم كبير، إذ كانت لا تستطيع إلا أن ترى نالا وهي تبكي من بعيد، في الوقت الذي كانت تشعر فيه أنها تستطيع أن تساعدها لو أُتيح لها ذلك. ومع تزايد تصرفات هبة المبالغ فيها، التي كانت تزداد قسوة مع الوقت، قررت هبة أن تترك القصر وتغادر، معتقدةً أنها بذلك ستتمكن من جعل نالا تتعود عليها بشكل أكبر.
كما ظلّت سلوى في القصر عدة أيام مع ماسة، تحاول أن تسليها وتنسيها ما حدث. كان مكي بعيدًا عن سلوى، يترك لها المساحة للتفكير، لكنه كان دائمًا يبادلها نظرات الحب.
بعد أسبوع عادت سلوى إلى منزلها عندما عادت عائلتها إلى القاهرة، وبقيت ماسة وحيدة في القصر بعد مغادرة نالا. نالا التي كانت بالنسبة لماسة بمثابة طوق النجاة الذي يساعدها على نسيان آلامها، وكانت أيضًا تهون عليها فترة الحبس التي كانت تمر بها.
بدأت ماسة تهتم بلياقتها البدنية، حيث كان يوجد في القصر صالة رياضية وتعليم الجيتار ... كانت تحاول أن تشغل نفسها بأي شيء، سواء من خلال القراءة أو مشاهدة التلفزيون أو ألعاب الكمبيوتر، إلى أن يعود سليم ليقضيا الوقت معًا.
💞_______________بقلمي_ليلةعادل
قصر الراوي
في جناح سليم وماسة السادسة مساءً
كان واضحًا على ماسة شعورها بالملل وهي تلعب لعبة "زوما" على الكمبيوتر. كان سليم جالسًا على الأريكة بالقرب منها، غارقًا في قراءة أحد الكتب. تنفست ماسة بملل، ثم توجهت وجلست إلى جانبه وهي تزفر.
ماسة: سليم، أنا زهقانة، تعالى خرجني.
نظر سليم لها: ماسة أنتِ عارفة.
ماسة بملل وضيق: عارفة إيه بس؟ عارفة إيه؟ فات كتير، أنت عارف أنا بقى لي كام شهر ماشفتش الشارع!
سليم اغلق الكتاب ونظر لها: معلش ياعشقي، أنا عارف والله ومقدر شعورك، بس أنتِ برده أكيد فاهمة اتحملي شوية.
ماسة وهي تحاول أن تقنعه: فاهمة والله العظيم، ومقدرة ومستوعبة، بس يعني، أخرج معاك انت، يعني أنت خرجني، واختار المكان، وقفله كله بالحراسة موافقه.
سليم باعتذار: اصبري يا ماسة شوية بس، أنا ماشي ورا خيط، وإن شاء الله أوصل لحاجة فات كتير.
ماسة بستعطاف: طب نروح عند ماما.
سليم: طب احنا هنروح من بيت لبيت، إيه الفرق؟
ماسة بزهق: معرفش، بس يعني أكيد بدل الملل هشوف ناس تانية غير اللي هنا.
سليم: طب تحبي أغير لك ديكورات الأوضة كنوع من التغيير؟
ماسة باستغراب محبط: تغيرلي ديكور الاوضه؟! ( تنهدت بحزن) لا، ماتغيرش حاجة، خلاص، أنا هقوم أكمل لعب ..سليم، بقولك إيه، أنا عايزك تنزلي لعب كثير على الجهاز، لأن أنا خلصت معظم الألعاب اللي هنا.
هز سليم رأسه بايجاب بينما نظرت له ماسة بملل وتنهدت بقلة حيلة وتوجهت مرة أخرى وجلست على الجهاز قامت بتشغيل أغاني أثناء اللعب و تستمع لها بينما كانت عينا سليم عليها ينظر لها بحزن من أجلها لكن شعوره بالخوف أكبر من أن يسمح لها أن تخرج خارج اسوار ذلك القصر.
💞____________بقلمي_ليلةعادل
فيلا عائلة ماسة الرابعة مساءً
الصالون
نشاهد سعدية ومجاهد وسلوى يجلسون في الهول يتبادلون الأحاديث.
سعدية متعجبة: يعني هو قال لك كده يا أبو عمار يلاا أحسن جت منه..بس أنا مش داخل دماغي يعني البت عملت ايه.
سلوى بضيق: أنا ماعملتش حاجه بس كل شوية نتخانق مع بعض بسببه هو مش مهتم و زهق من المشاكل وانا كمان.
مجاهد بتوضيح: أنا أصلاً من بعد آخر مرة قلت لك إن أنا مش عايز الواد ده، بس سبتك عشان انتي اللي كنت شبطانة. يلا الحمد لله.
سعدية: ماسة عاملة إيه؟
سلوى: كويسة، بس زعلانة عشان موضوع نالا. هبة أخدت البنت ومشيت.
سعدية بحزن: يا حبيبتي يا بنتي، غصب عنها، اتعلقت بيها يا حبيبتي، يا رب يشفيك يا سليم والبت تقدر تخلف عيل تفرح بيه، أنا بكره هروح لها، أنا جايبة لها شوية حاجات مع إنّي مابحبش أدخل القصر ده، بس يلا هنعمل إيه.
بت يا سلوى قوليلي حد، كان بيعمل لك حاجة وانتي هناك؟
سلوى: لاخالص، مع إنّي كنت بحس إن فايزة هانم متضايقة وكده، بس كنت بطنش.
مجاهد: عمرهم ما هينسوا.. ربنا بس يكفيها شرهم.
سلوى وسعدية معا: يا رب.
💕_______________بقلمي_ليلةعادل 。◕‿◕。
فيلا هبة وياسين الثامنة مساء
غرفة الأطفال
تقف هبة بجانب طاولة تغيير الحفاضات، تحمل نالا الصغيرة التي تبكي بلا توقف. يبدو التعب واضحًا على وجهها، وتحاول تهدئة الطفلة بينما تفتح الحفاضة.
هبة: والله يا بنتي إنتِ أختبار صبر يومي.
تفتح الحفاضة وفجأة تتراجع خطوة للخلف وهي تغطي أنفها.
هبة: يا ساتر يا رب! إيه ده؟ أنتِ كنتِ بتاكلي إيه بالظبط؟!
في تلك اللحظة يدخل ياسين الغرفة، ينظر إليهما مبتسمًا.
ياسين: فيه إيه يا ماما هبة؟ شايفة حرب ولا إيه؟
هبة: آه يا ياسين، حرب كيماوية رسمي. تعالى ساعدني بدل ما أنا قربت أفقد الوعي.
ياسين: أساعدك؟ في ده؟ ده أنا لو قربت هتبلغي عني في المستشفى.
هبة: أيوة تساعدني! دي بنتك، يا حضرة الأب العظيم.
يقترب ياسين بخطوات مترددة، ينظر إلى الحفاضة ثم يتراجع بسرعة وهو يضع يده على أنفه.
ياسين: لا لا لا... إنتي متأكدة إن دي بنتي؟ ده كأنها أكلت مطبخ كامل!
هبة: أيوة بنتك، وده جزء من مسؤولياتك. يلا شمر كمك وورينا.
ياسين: أنا آسف يا هبة، بس الموضوع ده فوق طاقتي. أنا ممكن أجيب لها حفاضات جديدة، أجيب لك كمامة، أجيب أي حاجة، بس ما تطلبيش مني ألمس ده.
هبة: طيب خلاص، لو مش هتساعدني، يبقى تحمل العواقب.
تأخذ الحفاضة القديمة وتقترب منه ببطء، وهو يركض للخلف بسرعة.
ياسين: لاااا! هبة، إنتي بتلعبي بالنار!
هبة: طيب روح هات لي مناديل مبللة بسرعة قبل ما الوضع يسوء أكتر.
يخرج ياسين من الغرفة وهو يضحك،بينما هبة تكمل تغيير الحفاضة لنالا بابتسامة مرهقة.
هبة: باباكي ده كوميديا متنقلة، بس ولا يهمك، إحنا الفريق الأقوى.
بعد الانتهاء حملت هبة نالا بين أحضانها توجهت إلى غرفتها هي وياسين،، كان ياسين يجلس على المقعد
هبه وهي تحمل نالا بين احضانها قالت بسعادة: انا مبسوطة اوي، أخيراً بنتي رجعتلي تعبتني بجد فضلنا اسبوعين بنحاول مع بعض بس الحمد لله.
ياسين: قولتلك هتنسى ماسة، خلينا نرجع القصر.
هبه: لا مش دلوقت خالص لازم تنسى ماسة بشكل كبير.
ياسين: براحتك.
في عيادة أمراض الذكورة الثامنة مساءً
جلس سليم على الكرسي أمام مكتب الطبيب، وملامحه مليئة بالقلق الذي لم يستطع إخفاءه. أمسك الطبيب بملف التحاليل وأخذ يراجع الأوراق بعناية، ثم رفع رأسه ليبدأ الحديث.
الطبيب: بص يا أستاذ سليم، أنا شفت تحاليلك، والنتائج واضحة. نسبة قدرتك على الإنجاب حالياً حوالي 30%.
ارتسمت على وجه سليم ملامح الصدمة، وقال بسرعة: 30%؟ يعني إيه يا دكتور؟ النسبة ضعيفة جدًا! ليه كده؟
الطبيب بتوضيح: ماتقلقش. النسبة دي مش نهاية الطريق. في أمل تتحسن مع العلاج. حضرتك في الأساس قادر على الإنجاب، لكن المشكلة كلها بسبب الرصاصة اللي أصابتك. الإصابة أثرت على تدفق الدم ووظائف بعض الأنسجة في جسمك، وده قلل شوية من الخصوبة.
حاول سليم استيعاب الكلمات، لكنه كان واضحًا أنه منهك من كل هذا. بعد لحظة صمت، قال بنبرة أقل توترًا: يعني... لسه في أمل؟
الطبيب: طبعاً في أمل كبير. أنا هكتبلك على شوية أدوية وإبر تساعد على تحسين الدورة الدموية وتعزيز الخصوبة. ومع الالتزام بيها والمداومة على المتابعة، الأمور هتتحسن إن شاء الله.
أخذ الطبيب ورقة وصفة طبية وبدأ يكتب فيها الأدوية. ثم وقال: في حاجة كمان. لازم زوجتك تعمل اشاعه وتحليل عشان نعرف أيام التبويض عندها. لما نحدد الأيام دي، هتبقى فرص الحمل أعلى، وده هيكون خطوة مهمة جدًا.
سليم: طيب يا دكتور، بعيد عن الخلفة... أنا حاسس إني مش زي زمان، العلاقة الزوجية مابقتش زي الأول.
نظر اليه الطبيب باهتمام: يعني إيه مش زي الأول؟ وضّح أكتر.
سليم: الأول كنت طبيعي جدًا، العلاقة ممكن تحصل أكتر من مرة في اليوم، دلوقتي؟ مرة أو مرتين في الأسبوع بالكاد، وبعدها بحس بإرهاق شديد، وبنام كتير.
الطبيب: ده طبيعي جدًا. زي ماقلتلك، الإصابة مأثرة على طاقتك العامة، وجسمك بيستهلك مجهود أكتر في العلاقة. التعب اللي بتحسه بعدها نتيجة مباشرة لكده.
سليم بإحباط: يعني كده خلاص؟ مش هقدر أرجع زي الأول؟
الدكتور: مش لازم تبقى زي الأول بالظبط، لكن المهم إنك قادر على إقامة العلاقة بشكل طبيعي. التركيز دلوقتي لازم يكون على جودة العلاقة مش عددها. ومع العلاج والتحسن التدريجي، هتحس بفرق.
أخذ سليم نفسًا عميقًا، وكأن الكلمات هدّأت من قلقه قليلًا. وقف ببطء وقال: طيب، يا دكتور... أنا هعمل اللي تقول عليه.
الدكتور: ممتاز. ماتنساش تتابع معايا، وخلي زوجتك تعمل الاشاعه اللي طلبتها. ومع العلاج. الأمور هتتحسن إن شاء الله.
هز سليم راسه بابتسامة صغيرة محبطه وخرج من العيادة، ممسكًا بورقة الوصفة في يده، وعقله مليء بالتفكير. رغم القلق الذي يملأه، كان يحمل في داخله بصيص أمل صغير يدفعه للاستمرار في المحاولة.
قصر الراوي
جناح سليم وماسة العاشرة مساءً
نشاهد ماسة تجلس على الأريكة ممسكة بالجيتار، تعزف عليه لحنًا لطيفًا بخفة بعد لحظات، يدخل سليم إلى الجناح ويقترب منها. يضع كيس البلاستيكي على الطاولة أمامها ثم يجلس بجانبها.
رفعت ماسة عينيها بابتسامة واسعة: كراميل! تعال شوف، بص كده، تعلمت إيه!
تعزف حركة لطيفة بأصابعها، فيخرج لحن رقيق:
لسه هتعلم أكتر وأكتر.
سليم؛يبتسم بفتور، تبدو عليه علامات القلق:
طول عمرك شاطرة، بتتعلمي بسرعة.
لاحظت ماسة كيس الأدوية والتقطتها بفضول
فتحته ونظرت بداخله لتجد أدوية وحقن:
إيه ده يا سليم؟ مالك يا روحي تعبان؟!
تنهّد سليم بعمق ونظر إليها:
كنت عند الدكتور عشان أتكلم معاه عن مسألة الخلفة. قال لي إن فيه نسبة 30% ممكن يحصل حمل، وطلب مني إنك تعملي شوية تحاليل واشاعه، وكتب لي الأدوية والحقن.
نظرت ماسة له باستغراب ثم بابتسامة خفيفة:
طيب يا سليم، إن شاء الله خير.
مال سليم للأمام ووضع يديه على ركبتيه بإحباط:
بس 30% يا ماسة...ده قليل اوي.
وضعت ماسة الجيتار جانبًا وأمسكت يده بحنان:
حبيبي، لسه بدري. وبصراحة، أنا مش بفكر أجيب بيبي دلوقتي. كفاية اللي حصل قبل كده دول مرتين... آخر مرة اتوجعت أوي، والوجع ده لسه جوايا مش قادرة انسى اني اتحرمت من حور.
نظر سليم لها بحزن وحب، وصوت منخفض:
أنا مش بقول إننا هنخلف بُكرة. دول 30%، عارفة يعني إيه 30%؟ يعني قدامنا وقت طويل، يمكن سنتين والا أكتر.
ربتت ماسة على قدمه بحنان وحاولت تهدئته:
طب إهدى، حاضر. أنا هعمل اللي انت عايزه، وهنمشي على كلام الدكتور. بس أوعدني إنك مش هتحمل همّ حاجة ربنا اللي كاتبها لنا قول يارب وبس.
سليم هز رأسه وابتسم بخفة، رغم القلق البادي في عينيه:
ماشي...بس إنتِ دايمًا اللي بتقويني، عارفة؟
ابتسمت ماسة ردت بحب: وأنتَ اللي بتخليني أواجه كل حاجة. إحنا مع بعض في أي حاجة، فاهم ياقلبي؟
سليم بحب: فاهم يا قلب سليم وضع قبلة على خدها وأكمل: الحمد لله إنك جنبي يا ماسة.
ماسة بدلال طفولي: بس مادام كدة هخرج صح عشان الاشاعه.
سليم: مضطر.
ماسة: مالك بتقولها كدة ليه هنعملها امتى.
سليم: يومين.
ماسة بسخرية: طبعا هتحول المركز لسكن عسكري.
سليم: امممم لازم.
تبسمت له، عادت ماسة للعزف على الجيتار بينما سليم يراقبها بهدوء، كأنه يجد في لحنها عزاءً.
💕_______________بقلمي_ليلةعادل 。◕‿◕。
أمام أحد مراكز اللغات، الساعة الرابعة مساءً.
نرى مكي يقف بجوار سيارته منتظرًا سلوى، وفي يده حقيبة هدايا تحتوي على باقة من الورد.
ابتسمت سلوى عند رؤيته: هو أنت ماوراكش شغل ولا إيه؟
مكي ابتسم: سليم في المجموعة، وعشري معاه، وهرجع تاني بس لما أخلص معاكي.
سلوى: بتعرف مواعيدي إزاي؟
مكي بغرور: متسأليش السؤال ده.
سلوى بابتسامة: طب وعم أشرف راح فين؟
مكي: روحته؟ تعالي، عايز أتكلم معاكي شوية؟ استني، خدي الأول.
قدم لها الحقيبة، أمسكتها سلوى ونظرت بداخلها، ثم ضحكت: هو أنت هتفضل طول عمرك تجيب لي وردة وتحطها جوه الشنطة؟
مكي بعقلانية: ماهي دي بقى من ضمن الحاجات اللي كنت عايزك تعرفيها عني. مش هينفع نتكلم هنا. تعالي.
في هذه اللحظة، ظهرت إحدى صديقات سلوى:
الصديقة: إيه يا سوسكا، مش هنخرج؟
نظرت سلوى لمكي: معلش، خليها مرة تانية، بُكرة.
أمسكت الصديقة يد سلوى واقتربت منها هامسة:
مين المز ده؟ إنتِ لحقتي؟!
سلوى بابتسامة: اسكتي بقى. بكرة نتقابل ونخرج. أنا زهقانة جدًا. تيجي نوصلك؟
صديقتها: لا يا ستي،بلاش نبقى عزول. (بغمزة)
لا لا، ذوقك حلو باي.
ضحكت سلوى بعد أن فتح لها مكي باب السيارة، وصعدت صعد مكي وجلس محل القيادة وبدأ في القيادة.
مكي: تحبي تروحي فين؟
سلوى: البيت.
مكي: لا، هنقعد شوية نتكلم، فات شهر كامل، أظن فكرتِ ووافقتِي؟
تبسمت سلوى: فكرت، ماشي. بس ماوفقتش.
مكي: هتوافقي!
سلوى: ده أمر ؟!
مكي تبسم: تؤ، محبة.. ها هنقعد في كافيه هنا، ولا أقولك؟ هوديكي مكان أنا بحبه.
ينظر ردها عدل وجهتة وتوجه إلى أحد المقاهي البلدي في الحسين.
♥️_______________بقلمي_ليلةعادل
المقهى الخامسة مساءً
نشاهد مكي وسلوى يجلسان على إحدى الطاولات يتبادلان الأحاديث.
نظرت سلوى حولها: ما المكان ظريف أهو. يعني فيه أجانب وناس كتير حسستني إنك هتاخدني غرزه.
ضحك مكي:ما أنا موديكي قهوة نظيفة عشان إنتِ بنت، بس قصدي إن دي الأجواء اللي بحبها الشعبية بس ماعنديش مانع أجرب الحاجات اللي بتحبيها.... ها فكرتِ؟
أتى الجرسون ووضع المشروبات، ثم رحل. أمسكت سلوى، كوب السحلب وبدأت في احتسائه.
شعر مكي أنها مترددة قال: إيه مشكلتك؟
سلوى بحزن: مشكلتي؟ قلتلك زمان لما سبتني، كنت زعلانة فترة كبيرة. حسيت إن ماليش قيمة عندك، وإني مش مهمة. فضلت أسأل نفسي ليه؟ قرب وليه بعد؟! سألت نفسي للدرجة دي أنا وحشة ومستحقش يكون في حياتي، اتوجعت. كل اللي كنت عايزاه إنك تيجي تقولي.
مكي: خفت أقولك تتمسكي بيا أكتر.
اعتدل في جلسته يحاول توضيح مايريد:
صدقيني أنا متوقعتش انك هتزعلي كدة، حقك عليا يا ست البنات، بعدين إنتِ أخدتِ حقك مني، إنتي ماتعرفيش لما اتخطبتي كنت حاسس بإيه، واتوجعت قد إيه؟! كل اللي عايزك تعرفيه إني عملت كده عشانك، حتى لو كان غلط من وجهة نظرك.
تنهدت سلوى: على فكرة أنا لو كنت هرجع فهرجع بس عشان تمسكك بيا بالشكل ده مش أكتر.
مكي بترقب: إنتِ قولتي إيه؟
تبسمت سلوى: قلت خلاص. أنا موافقة. هنقول إيه في البيت؟ هتتقدم لي إزاي؟
مكي تبسم بسعادة: عادي يعني. حبيتك، وتقدمتلك.
نظرت سلوى داخل عينه برجاء: توعدني إنك هتحبي اوي ومش هتسبنى أبداً، وهتحافظ عليا ومش هتوجعني تاني، ولو حصل حاجة تيجي تتتكلم معايا، مش هتاخد بعضك وتبعد.
أمسك يديها التي تعهد ألا يمسها إلا عندما يصبح مابينهما حقيقة أمام الجميع، وكأنها أغلى ما لديه، وبدت عيناه مليئة بالحب والصدق قائلا: طبعاً أوعدك ..
زاد من نظراته العاشقة قائلا بوعد:
أنا وعدت نفسي إنك هتكوني أول وأهم حاجة في حياتي، وإني هفضل طول العمر أستحق ثقتك وحبك، وكل وعد قطعته لنفسي أصبح له معنى تاني دلوقتي، إنتي مش مجرد شخص في حياتي، إنتي الأمل والتحدي، وكل لحظة هاعيشها علشان أكون قد ثقتك، إنتي أعظم إنتصار كسبته في حياتي يا سلوى، وكل لحظة معاكي هي أثمن من أي حاجة في الدنيا.
كانت عيون سلوى تتسع بدهشة حين سمعت تلك الكلمات التي خرجت من قلب مكي لأول مرة بهذه الطريقة، مكي، الرجل الذي لا يعتاد على التعبير بالكلمات الجميلة ولا يظهر مشاعره بسهولة، نطق بها بنبرة لم تعهدها منه من قبل، كانت مشبعة بالحب والإحساس. مكي الذي لم يكن يعرف كيف يمسك وردة في يده، والذي كان يخجل منها ويضعها داخل حقيبته، فكانت بالنسبة لها لحظة صادمة بكل معنى الكلمة.
سلوى بصدمة: واو! أنا مش مصدقة! الكلام ده طالع منك أنت؟
مكي تبسم: آه، طالع مني عشان جاي من قلبي... بس يعني مش كل حاجة لازم تكون بالكلام. الأفعال بردو أجمل.
سلوى تبسمت: عموماً... شكراً.
مكي رفع حاجبه باعتراض: شكراً؟! هو أنا عملت أكله ولا ساعدتك عشان تقوليلي شكراً؟
سلوى وهي تضحك بمرح: امال أقولك ايه بشكرك على كلامك الحلو.
مكي باعتراض: ممكن تقولي اي حاجة غير شكرا هو أنا جايب لك كيلو جوافة!
سلوى: خلاص؟ ربنا يخليك ليا تسلملي.
قلب مكي وجهه بضيق قال وبمزاح: هي وصلت لتسلملي؟! اشربي يا سلوى السحلب واسكتي، اشربي! اشربي ..
أشاح بوجهه في اتجاه آخر وهو يقول: قال شكراً؟ وربنا يخليك، وبتتريقي عليّا عشان جايب الورد في شنطة وفي الآخر بتقول لي تسلملي.
ضحكت سلوى على مكي وطريقته.
💞___________________بقلمي_ليلةعادل
في احد الشقق المجهول السابعة مساءً
نرى سارة وولدتها وعماد معهم أبنائهما يجلسون ويتبادلون الأحاديث يبدو انها عادت من دبي للتوه
عماد بمحبه: حمد لله على سلامتك يا حبيبتي.
سارة بابتسامة: الله يسلمك يا حبيبي.
عماد بتنبيه: حبيبتي، لازم تختفي عن الأنظار عشان صافيناز.
سارة بحده: ماتقلقش، مش كل شويه تفكرني. وبعدين إيه المشكلة لما اتقابل مع صافيناز بره؟!
او اقول لها إني رجعت؟ اللي يهمني في الموضوع الأولاد وبس، غير كده مافيش كلام.
عماد تنهد: طب أنا همشي وهجيلك بالليل.
سارة: لازم تيجي عشان نشوف هنعمل إيه.
خرج عماد بعد ان وضع قبلة على جبينها،
وفي هذه اللحظة، اقتربت والدتها وقالت بصوت هادئ: فات سنين، وبقى عندك طفلين، إمتى هتاخدي حقك؟
سارة ابتسمت وقالت: قريب، قريب قوي كمان.
قصر الراوي
جناح سليم وماسة العاشرة مسًاء
نشاهد ماسة تجلس على الفراش مرتدية بيجامة، تضحك ضحكة مجلجله وهي تضع الهاتف على أذنها.
على اتجاه آخر في الحمام...
كان سليم يقف أسفل الدش، يأخذ حماما ساخن..بعد لحظات خرج سليم مرتديًا برنص الحمام، وتوجه نحو التسريحة، كان وجهه عابث وعليه علامات الغضب.
سليم بصوت حاد: لسه بتكلمي سلوى؟
لكن ماسة لم تنتبه لحديث سليم، جز على أسنانه، اقترب منها حتى توقف أمامها: ماسة أنا بكلمك
نظرت له ماسة وضعت يدها على الهاتف وقالت بابتسامة هادئة: أيوه يا حبيبي، بتقول إيه؟ معلش، أصل سلوى أخيرًا وافقت تدي مكي فرصة فرحانة اوي.
سليم بضيق: طيب، فين هدومي؟
توقفت ماسة أمامه ابتسامة هادئة: سوري يا سليم، هقوم أطلعها لك حالًا.
سليم بنبرة شديدة: يعني إيه لسه هتقومي؟ إنتي لسه هتطلعي هدومي وأنا المفروض أفضل واقف كده؟
ماسة بابتسامة هادئة: معلش، الكلام خدني معاها. لحظة هطلعهم.. ليه كل الغضب ده!؟
امتلأت عينا سليم بالغضب: طبعًا، ما انتي مابقيتش مهتمة بيا.
ماسة بندهاش: أنا يا سليم مش مهتمة بيك؟
سليم بحدة: أيوه، طلبت منك تطلعي لي اللبس لحد مخلص، بقالك ساعة بترغي في التليفون وسايباني. وقبلها أصلاً كنتي سايباني كأني مش معاكي طول الوقت.
ماسة: طب يا سلوى هكلمك بعدين ..لا مافيش حاجة سلام.
وضعت الهاتف جانبًا بهدوء واقتربت من سليم بابتسامة تحاول تهدئته وهي تمسك يده.
ماسة بدلال: مالك يا كراميل؟
سليم غاضبًا: مفيش يا ماسة، بس من حقي إن مراتي تقعد معايا لما أرجع من الشغل، وتديني كل اهتمامها وتركيزها، أنا بسيبك وقت كبير تعملي فيه اللي انتِي عايزاه، لكن لما أكون هنا، المفروض تبقي معايا أنا وبس.
تنهدت ماسة بهدوء حاولت أن تستوعبه: وأنا معاك إنت وبس، (وضعت قبله على خده) ماتزعلش، أنا آسفة. هطلع لك اللبس حالًا.
تتحرك ماسة نحو الخزانة بخطوات هادئة، ووجهها يظهر عليه بعض الحزن والتعب من طريقته، لكنها تحاول البقاء مبتسمة وتخفف من ضيقها. أخذت ملابسه والتفتت نحوه بابتسامة مشرقة.
ماسة: طلعت لك اللبس، يلا خلص بسرعة عشان نقعد ونتكلم شوية.
سليم: وهنكلم عن إيه؟
ماسة بتفسير: لازم نتكلم مع بابا وماما على مكي أصل أخيرا الأستاذة سلوى أدت فرصة لمكي وخارجين مع بعض النهارده.
سليم بنبرة حادة: بس أنا قلتلك، مفيش خروج من هنا، يا ماسة.
ماسة بمهاودة: وأنا ماقلتش إني هخرج. أنا عارفة اني ممنوع عليا الخروج.
قاطعها سليم بضيق: مالك بتقولي ممنوعة من الخروج كده، كأنك محبوسة في زنزانة؟
ماسة باستيعاب: لا ياحبيبي، أنا أقصد إني عارفة إنه مش هينفع أخرج، عشان أنت خايف عليا، فانا هقول لبابا وماما ييجوا هنا. نعزمهم على الغدا، ونتكلم براحتنا. ونعمل الخطوبة هنا كمان ايه رأيك.
سليم بتوضيح: على فكرة يا ماسة أنا مش حبسك أنا خايف عليكي وبحافظ على حياتك، أنا كمان مابخرجش وعلى طول معاكي.
تبسمت ماسة وهي تمسح على كتفه: عارفة يا حبيبي، أنا ماعنديش مشكلة ومش متضايقة وبقيت أعرف أشغل وقتي.
هدأ سليم قليلا لكنه مازال غاضبًا: طيب، أنا هدخل ألبس. خليهم يحضروا لنا قهوة عشان نتكلم براحتنا.
على مزاج غمزة له.
ماسة: حاضر.
ابتسمت ماسة ابتسامة هادئة وهي تحاول تخفيف التوتر بينهما واستيعاب سليم بأكبر قدرة عندها، بينما سليم مازالت تتملكه حالة غضب ولكن يحاول التماسك.
💞_______________بقلمي_ليلةعادل。◕‿◕。
قصر الراوي
جناح سليم وماسة الثانية عشر ظهراً
نشاهد ماسة جالسة على الأريكة مع سعدية، وتتبادلان الحديث. كان يبدو على ملامح ماسة الحزن.
ماسة بلطف: والله يا ماما، أنا مش متضايقة، وفاهمة وصابرة. أنا نفسي بس إنه يهدى ويبطل الأفكار دي، ويرجع زي زمان. أنا بحاول أتعوّد، أو خلاص، أنا شبه اتعودت، عرفت ازاي أشغل وقتي ..اه بحس بملل أوقات، بس صابرة لحد ما ربنا يهديه،. المشكلة إنه بقى عصبي، عايزني أفضل قاعدة جنبه وماروحش في حتة بقى اصعب من وقت ما فاق من الغيبوبة.
رشفت سعدية قليلا من الشاي ووضعته على الطاولة، قالت بحكمه وبحنان الأم: بصي يا ماسة يا حبيبتي، سليم اداكي كتير، وعمل لك حاجات حلوة كتير، وسفرك بلاد أشكال وألوان، حتى هنا، الراجل مش مقصر معاكي كان كل يومين يخرجك، جه الوقت إنك تردّي كل الحلو ده، الست الأصيلة يا بنتي، هي اللي تتحمل جوزها في وقت تعبه وضعفه وغضبه لأنها شافت منه كل الحلو، وأنه مش طبعه يبقى كدة، هو بقى دلوقتي ضعيف، ومحتاج ليكي أكتر من أي وقت، مش كنتي بتقولي نفسي أرد لسليم أي حاجة من اللي عملها معايا ومعاكم؟!
هزت رأسها بنعم،أكملت سعدية:
اهو ده الوقت اللي تقدرّي فيه تدي له زي ما أدّالك زمان، وتردي له لو جزء صغير من اللي ادهولك، مش كل حاجة يا حبيبتي، بتتاخد بالفلوس، في الأهم الكلمة الحلوة، صبرك، وإنك تتحمليه، وتطبطبي عليه وتهوني عليه، وإنك تحسسيه إن إللي حصله ده ولا حاجة، وإنه لسه في عينك سيد الرجاله .. هو مكسور يا قلب أمه، الرصاصة إللي بظهره وأنه موصلش للعصابة مخليه متجنن، لازم بقى إنتي تمتصي غضبه وعصبيته دي وتداديه زي الطفل الصغير، عارفة تعملي ايه؟! خليه يزعق ويصرخ وقولي حاضر اللي عايزه هعمله يا حبيبي عيوني ليك، هيحبك وهتلاقيه بيعتذرلك، عارفة كمان حسسيه إن مفيش مشكلة يعني لما ماخرجكيش، ما أنت ياما خرجتني،، إنت صح لازم أقعد هنا تحت عينيك،. خدي بالك يا حبيبتي هو مش واعي على اللي بيعمله وخوفه عليكي مسيطر عليه،والله عنده حق الصراحة..
اقتربت منها أكثر ووضعت يدها على كتفها بدعم:
بعدين مستحيل يا حبيبتي يفضل كده طول العمر منعك من الخروج يعني اعقليها، هياخد له كام شهر كدة وخلاص يعني لما يجي وقت دخولك الجامعة هيودكي يمكن يزنقها عليكي إنك متخرجيش بعد الكلية بس لما قلبه يطمن هيسيبك، كمان أنا عايزاك تبقي عادي، أوعي تحسّسيه إنك متضايقة. حتى لو جواكي متضايقة، حطي ده حلقة في ودانك..يا ماسة يابنتي سليم من وقت متجوزك وهو كويس معاكي ومخليكي عايشة أميرة مش عشان مخنوق شوية نزهق منه والله تبقي قليلة الأصل.
ماسة بلطف: والله يا ماما، عارفة، متوصّينِيش، أنا بعمل كده فعلاً، هو أنتي أصلاً عرفتي حاجة إلا قريب من وقت خطوبة سلوى لما رفضت أحضر التجهيزات، مكنتش بحب أشتكي، بستعيبها إني أشتكي منه، والله بجد من قلبي متحملة وراضية، بس الصراحة بيجي وقت ببقى زهقانة وهطق، فبشغل نفسي بأي حاجة، أنا بس نفسي سليم يرجع زي زمان.
سعدية بعقلانية وهي تربت على كتفها: اصبري عليه شوية يا حبيبتي وبردو كل فترة كدة اتكلمي معاه إنك مخنوقة ونفسك تشمي حبة هوا، وإن شاء الله يوافق ربنا يهديه معلش ياضنايا اتحملي.
ماسة برجاء: بالله عليكي يا ماما تعاليلي على طول، بزهق، مفيش حد أتكلم معاه. هبة مشيت وهما على طول بره،ا أقعدي معايا لحد ما سليم يجي؟ ولا باتي؟
سعدية بحنان: عينيا يا حبيبتي، مش هغيب. أنا بس مش عايزة اللي تحت دول يزعلوكي.
ماسة مد شفتيها بلا مبالاة: طنشي.
سعدية بدعاء: ربنا يهديلك الأحوال يا بنتي.
تبسمت ماسة وعدلت جلستها: أمي، إيه رأيك في مكي؟
سعدية: حارس سليم؟ عسل ما شاء الله عليه، راجل. كنت هموت وأجوزه هنادي.
تساءلت ماسة: طب إيه رأيك لو لسلوى؟
سعدية متعجبة: سلوى؟
ماسة: أممم...
سعدية: والله الراجل كويس وكسيب، بس شغله ده مخوفني... هو قال حاجة؟
ماسة: أها وهو الصراحة عينه على سلوى من زمان بس كان مستنيها تكبر كان ناوي يتقدم بس اتخطبت،
كنا ناويين نعزمك انتي وبابا عشان نتكلم في الموضوع ده، بس أنا برضو قولت أعرفك.
سعدية: أنا معنديش مانع. هلمح لمجاهد.
ماسة: بس اعملوا حسابكم كل حاجة هتتعمل هنا. هيتقدم بس عندكم لو حصل نصيب، والباقي هنا. سليم حالف عليا ما أخرج.
سعدية: عادي يا حبيبتي، بيت أختها وأخوها بس العقارب دول هيوافقوا؟
ماسة: أممم... غصب عنهم وأنا برده هتكلم مع سليم ربنا يهديه.
سعدية: هتروحي بكره تعملي الإشاعة.
ماسة: ان شاء الله هبقى اطمنك.
💞____________بقلمي_ليلةعادل ◉‿◉
في أحد المراكز الطبية، الثانية مساءً
كان المركز أقرب إلى ثكنة عسكرية. رجال سليم منتشرون عند المداخل والمخارج، وكل من ينظر إليهم يدرك على الفور أن لا أحد يقترب من "ماسة".
وصلت السيارة بعد دقائق، وهبطت منها ماسة بصحبة سليم، بعدما فتح لهما "عشري" الباب. دخلا المبنى معًا، سارت بجانبه بخطى باردة. لا دهشة في عينيها، فقط ذلك الملل المعتاد الذي يظهر حين يبالغ في الحماية.
دخلت إلى غرفة الكشف، جلست على الفراش، وكانت الطبيبة بانتظارها بابتسامة رسمية. بدأت في فحصها سريعًا، ثم انتقلوا إلى المكتب المجاور حيث جلست ماسة وسليم.
قالت الطبيبة بهدوء: انتِ جاهزة للحمل يا مدام ماسة، ما فيش أي مشكلة عندك خالص. التحاليل والأشعة ما شاء الله ممتازة.
مدّت يدها بورقة وقدّمتها لها.
وده الجدول بتاعك، الأيام اللي عليها علامة حمرا هي الأفضل لعلاقة زوجية، عشان نسب الحمل فيها بتكون عالية جدًا.
ثم التفتت إلى سليم: بالنسبة لتحليلك يا أستاذ سليم، أنا مش هقدر أضيف حاجة على تقرير الدكتور بتاعك. النسبة فعلاً 30%، بس دي مش نسبة قليلة خالص. إن شاء الله مع العلاج حالتك هتتحسن. أهم حاجة النفس الطويل، ومش عايزين نزهق.
سألها سليم بهدوء: يعني هي مش محتاجة أي علاج يساعد مع النسبة دي؟ ممكن؟
ردت الطبيبة بابتسامة: خالص، ممكن بس أكتب لها نوع معين من الإبر بتتاخد وقت التبويض، لما تكونوا ناويين على العلاقة، قبلها بكام ساعة.
أومأ برأسه، بينما انشغلت الطبيبة بإعداد الأوراق. وما إن انتهت، غادرا الغرفة معًا، واتجها إلى الأسفل.
عند السيارة، فتح لها "مكي" الباب، لكنها لم تصعد مباشرة. التفتت إليه وقالت: بقولك إيه... ما تيجي نخرج، تعال نروح أي حتة.
توقف سليم لحظة، أشار بيده لـ"مكي" كي يبتعد قليلًا هو والحراس، ثم اقترب منها وأمسك بيديها.
سليم برجاء: ماسة، أرجوكي، مش عايزين مشاكل. إحنا متفقين من قبل ما ننزل. نعمل الأشعة ونرجع على طول.
ماسة: انا مش بعمل مشاكل، بس مادام احنا بره وخلاص... خلينا نروح أي حتة.
سليم شد على إيدها: مش هينفع. من فضلك اركبي. مش عايزين كلام كتير ولا نعمل مشكلة. أنا كمان مشغول، وعندي اجتماع. هوصلك وهاكمل طريقي.
نظرت إليه باختناق، سكتت، ثم ركبت السيارة بصمت.
دخل خلفها وجلس، وتحرك الموكب في هدوء ثقيل.
منزل نيللي السادسة مساءً
كان الدخان يملأ المكان كضباب ثقيل، من الشيشة، بينما نيللي تتمايل برشاقة وأنوثة طاغية على إحدى الأغاني الشعبية. كانت تلف على خصرها رباط، وعينيها مسلطة على رشدي وهو يسحب نفسا عميقا ثم ينفث الدخان وكأنه الجمهور الوحيد الذي يهمها..
رشدي كان جالسًا في ركنه المعتاد، كأس الخمر يتأرجح بين أصابعه، يراقبها بصمت. عيناه ثقيلتان، لا ينطق بكلمة، لكن نظراته وحدها كانت كفيلة بإعلان استمتاعه بالعرض..
بعد وقت ابتسمت نيللي بمكر، تحررت من الرباط وألقته عليه بمداعبة، قبل أن تخطو نحوه بخفة وتجلس إلى جواره. مالت برأسها وهمست بصوت ناعم:
اية هتفضل كده؟ تظهر وتختفي، عامل لي فيها الشبح؟
نفث رشدي الدخان ببطء، قبل أن يجيب ببرود:
إنتِ فاكراني فاضي زيّك؟
ضحكت نيللي برقة، ومررت أناملها بخفة على كفه:
عارفة إنك مش فاضي، وعارفة كمان إن وراك حاجات كبيرة اوي.
رفع رشدي حاجبه بقوه: أيوه، كبيرة اوي اوي، وأنا لازم أبقى كبير أوي.
ضحكت نيللي مرة أخرى، لكن هذه المرة بدت نبرتها وكأنها تزن كلماته، تقرأ ما بين السطور. عبثت بأطراف أصابعها على صدره وهي تقول:
طب إيه هو المشروع جديد؟احكيلي.
شرد رشدي للحظة، ثم أمال الكأس في يده وقال:
، أرض وهنبني عليها كومباوند، احنا بدأنا نشتغل في المقاولات من كام سنة، بانيين أكتر من مدينة كاملة ومنتجع، بس فكرة أننا نشتغل في المقاولات كانت لسليم. أنا عايز لما أقدّم مشروعي، أقدّمه بفكر جديد...تبهر الباشا وتكون أقوى من سليم.
أمالت نيللي رأسها ببطء وكأنها تفكر، عيناها تلمعان بدهاء، قبل أن تقول بنبرة ناعمة لكنها واثقة:
فكرة جديدة اممم يبقى الطريقة نفسها تبقى جديدة... مش بس في المباني أو المكان، لا... الفكرة كلها لازم تتقدم بشكل محدش يقدر يقلّده، ولا حتى سليم.
رفع رشدي حاجبه، وكأن كلمتها الأخيرة قد لامست شيئًا في داخله. التفت إليها قليلًا، وعيناه تضيقان باهتمام. ابتسمت نيللي وهي تلعب بأناملها على حافة الكأس بين أصابعه، ثم تابعت بنبرة خافتة:
سليم عوّد الناس على مشاريع ضخمة، مباني فخمة، مساحات واسعة... بس إنت ممكن تقدّم حاجة مختلفة، حاجة محدش فكر فيها.
أخذ رشدي نفسًا عميقًا من سيجارته، صوته جاء هادئًا لكنه يحمل فضولًا خفيًا: زي إيه؟
اقتربت نيللي منه أكثر، حتى كادت كلماتها تلامس أذنه: الناس بتحب الفخامة، آه... بس اللي بيشغلهم أكتر دلوقتي الأمان. الدنيا بقت فوضى، الكل عايز يعيش في مكان يحس فيه إنه في حصن، مش مجرد كومباوند عادي، لا... مدينة مقفولة، متصممة كأنها قلعة حديثة، بأسوار عالية، بوابات إلكترونية، نظام حماية مش شغل هواة... الحكاية مش مجرد شقق وفيلات، الحكاية إنك تحقق لهم راحة البال والأمان.
سكتت للحظة، رافعة كأسه إليه، كأنها تدعوه للتفكير. نظر رشدي إليها طويلًا، ثم ضحك بخفوت، هز رأسه مستمتعًا:
دماغ، والله دماغ... ودماغ شغّالة.
ابتسمت نيللي وهي تميل عليه أكثر، همست بنعومة:
دايمًا...
شرب رشدي رشفة طويلة، ثم نظر إليها بنظرة مختلفة هذه المرة، نظرة لم تكن مجرد إعجاب بجمالها، بل بانحرافها الذكي، بالطريقة التي عرفت كيف تثير اهتمامه، ليس بجسدها فقط، بل بعقلها أيضًا، بينما نيللي لم تفقد ابتسامتها الواثقة. شعرت أنها أمسكت بخيط فضوله، فمالت عليه أكثر، تنقر بأظافرها بلطف على كأسه كأنها تدقّ على فكرة جديدة أضافت:
بص... مش بس فكرة الأمان، لازم كمان تبقى فكرة الحياة اللي تناسب كل شخص. الناس مش شبه بعض، كل واحد عنده ذوقه، بيحب شكل معين، جو معين، ليه تجبره يعيش في حاجة مش شبهه.