رواية الماسة المكسورة
الفصل الواحد والستون 61 ج2
بقلم ليله عادل
قطّب رشدي حاجبيه قليلًا، لكنها تابعت، مستمتعة بلحظة سيطرتها على انتباهه:
قسمها... جزء مثلاً على الطريقة الإيطالية، جزء العمارات الراقية اللي تحس فيها بالفخامة والرقة، واجهات زجاجية، تفاصيل أنيقة... وجزء للأبراج الأمريكية، ناطحات سحاب، حاجات عالية جدًا للناس اللي بتحب القوة والعظمة.
حرك رشدي كأسه ببطء، وكأنه يفكر في كلامها، بينما استرسلت نيللي، تعضّ على شفتها بخفة، عيناها تلمعان بدهاء:
وبرضه تعمل جزء مختلف... حاجات زي القصور، حاجة شبه الفيلات الملكية، واسعة براح وأرض خضرا... وتخلي في جزء تاني جو ريفي، بيوت من الخشب أوحجر تشبه الأكواخ، مباني حجرية بشكل قديم يريح النفسية. فبكده كل شخص يلاقي المكان اللي يشبهه، تخليهم كإنهم بيسافروا لاكتر من دولة جوا مدينة واحدة فيحسوا انهم في مدينة جديدة جوه العاصمة..كانكم صنعتم عاصمة جديدة
كله موجود وسميها أرض الأحلام.
ضحك رشدي بصوت خافت، ثم أخذ نفسًا آخرا من سيجارته ونفخه في وجهها ببطء، بعينين تملأهما متعة التحدي.
ألماظ... ألماظ بجد. تعالي اشتغلي معايا... تبقي مديرة أعمالي.
قهقهت نيللي وهي تميل إلى الخلف، تهز رأسها برفض خفيف، قبل أن تردّ بدلال:
لا يا عم، أنا كده حلو وعسل... مابصحاش بدري.
ضحك رشدي بخفوت ناظرًا إليها نظرة تقييم جديدة، ثم أخذ نفسًا من سيجارته ونفخه في الهواء ببطء، وكأنه يستوعب كل كلمة قالتها. نيللي لم تنتظر ردّه، بل استندت إلى ظهر الأريكة بارتياح، ورفعت حاجبها بنظرة مليئة بالثقة.
على فكرة، الألماظ ده ما كانش هيطلع غير لما أخدت سطرين... وحياتك، من غيرهم ماكانش هيطلع مني حرف.
ابتسم رشدي، ممرّرا يده على ذقنه بتفكير، ثم أمال رأسه نحوها قليلًا، قبل أن يغمغم بإعجاب واضح:
عااااش.
ضحكت نيللي بخفة، ثم رفعت كأسها ورشفته بهدوء، مستمتعة بلحظة انتصارها الصغيرة، أما رشدي، فظل يراقبها، متأكدًا الآن أن وجودها بجانبه ليس مجرد رفاهية...بل إضافة لا يستهان بها.
قصر الراوي الثامنة مساءً
جناح سليم وماسة
نشاهد ماسة وهي تضع الطعام على الطاولة، ترتدي قميص نوم منزلي يتناسب مع جسدها بشكل مثير، وتضع بعض مستحضرات التجميل التي تبرز جمالها. كما وضعت بعض الورود والشموع على الطاولة.
ثم أمسكَت هاتفها واتصلت بسليم.
ماسة: روحي، يلا، اطلع، مستنياك.
في جهة أخرى مكتب سليم
نشاهد سليم يجلس على الأريكة وطه بجانبه على المقعد يتبادلان الأحاديث في اجواء أخوية.
سليم: حاضر سلام.
طه تبسم: دي ماسة.
هز سليم رأسه بإيجاب: أممم.
طه بتأثر: بتحبك أوي، من وقت ماكنت في المستشفى كانت دايمًا ملازماك، حتى لما أرغمتها تلتزم بالقصر، قبلت ده، أعتقد هي دي الأوقات اللي بتبان فيها شخصية الزوجة المخلصة الأصيلة، وحبها الحقيقي لزوجها، صراحة من زمان وماسة إنسانة جميلة أوي أنا نفسي وبأتمنى منى تحبني زي ماماسة بتحبك.
عقد سليم بين حاجبيه متعجبًا: إنت حاسس إن منى مش بتحبك؟
تنهد طه: هي بتحبني، بس يعني أقصد كان نفسي تحبني زي ما ماسة بتحبك... العشق الجامد ده..
ثم وضع يديه على قدم سليم: إحنا عايزين نقرب من بعض يا سليم. كفاية بقى بعد.
نظر سليم ليد طه ثم نظر له قال متعجباً: طه، مالك؟
تبسم طه بتأثر عاد بظهره لظهر المقعد: يعني يا سليم، فيها حاجة لما أبقى حابب أقرب من أخويا، أنا عارف إن مافيش بينا مشاكل، بس يعني نقرب من بعض زي أي إخوات، زيك إنت وياسين.
سليم بلطف: أنا ماقصدش حاجة بالعكس، أنا بحبك يا طه، بس أقصد إنت فيك حاجة.
طه هز رأسه بنفي قال بتأثر شديد بعينين تترقرق بالدموع: مافيش، بس الحادثة اللي حصلت لك زعلت جدآ ولما شفتك بين الحياة والموت لمدة أربع شهور ونص اتوجعت اوي، وإنك لسه لحد اللحظة دي حياتك مهددة. زعلان على اللي حصل ليك ولمراتك وبنتك، وأني مش قادر أساعدك.
تبسم سليم بيأس: الظاهر إننا لازم نحس أن القريبين مننا احتمال يموتوا عشان نقرب منهم.
(ضحك) أمال رشدي وصافيناز مابيتغيروش ليه؟
طه تبسم: هما ليهم حسابات تانية. يلا روح لمراتك.
تبسم سليم لطه وهو يهز رأسه بإيجاب، ثم توقف لحظة وابتسم، توقف طه تبادلا النظرات لثواني ثم ضما بعضهما بحنان أخوي.
ابتعد سليم: أنا طالع. تصبح على خير
تحرك سليم، بدأ طه يراقب تحركات سليم بعناية وقصد واضح، وكأن كل نظرة تحمل في طياتها ألماً دفيناً، بينما كان تأنيب الضمير يعتصر قلبه بوجع لا يهدأ.
لكنه لم يستطع كبح الكلمات التي خرجت منه كصرخة مكبوتة:
أنا آسف يا سليم... والله العظيم، هفضل أقول لك آسف طول عمري. أنا عارف إنك شايفني جبان، وأنا كمان عارف إني جبان... بس دول ولادي، يا سليم! نفسي أقول لك كل حاجة، نفسي أعترف بس مش قادر. الخوف ماسك في روحي... زي الشوك.
غرفة طه ومنى
كانت منى جالسة على الفراش تقرأ في إحدى المجلات، وعندما دخل طه الغرفة،. رفعت عينيها وسألته: كنت فين؟
جلس طه على المقعد بجانبها، وتنهد تنهيدة طويلة، ثم قال: كنت قاعد مع سليم.
تنهدت منى بضجر ووضعت المجله على الطاوله: في إيه يا طه؟ ماتعقل بقى.
نظر إليها طه نظرة ضيقة، وعيناه مليئتان بالاستفهام: بتزعقي ليه؟
أجابته منى بغضب: اللي أنت بتعمله ده هيشكك سليم فينا من إمتى الحنية دي؟
توقف طه بجدية، عاقدًا حاجبيه وهو ينظر إلى عينيها: هو أنا كمان ممنوع أندم؟ ماينفعش أعتذر له؟ احساس تأنيب الضمير مموتني، كفاية إني عارف اللي حصل له سببه إيه ومن مين، وساكت.
هزت منى رأسها وقالت بجمود وقوة: إنت عارف كويس إننا ماعملناش حاجة غير الحادثة بس، وفي طرف تانى تدخل في الموضوع ولو حلفنا، سليم مش هصدقنا ولو حتى صدق مش هيسامح ... اللي بتعمله ده مش هيفتح علينا غير بركان دم وبس. أوعى تنسى رشدي.
طه بشدة: أهو، إنتي السبب في اللي بيعمله رشدي خلتيه يحط السكينة على رقبتي. لأنك من البداية وافقتي على قتل ماسة المسكينة وسليم، كل ده عشان كرسى العرش. الفلوس عمتكم خلتكم تقتلوا، وبكرة هتقتلوا بعض. أنا مش هسمح لك تتمادي أكتر من كده يا منى، أنا تعبت.
سكت طه للحظة قبل أن يضيف، وعيناه مليئة بالغضب:
تعرفي حاجة واحدة؟ لو كنت مكمل معاكِ لحد اللحظة دي، فده عشان ولادي. لكن غير كده، لا، ولحد ما أخلص من تهديد رشدي، أنا مضطر استمر، بس من اللحظة دي، اعتبري جوازنا انتهى يا منى.
صُدمت منى، وعدلت جلستها وقالت بصوت مرتجف:
إنت اتجننت يا طه؟
أجاب طه بصرامة: أنا عقلت يا منى. أخيرًا عقلت وشفتك بوضوح. وأنا اللي بقول لك لو ماوقفتيش اللي بتعمليه ده، هتشوفي طه في حياتك عمرك ماتخيلتيه ولا حتى هم تخيلوه. أنا مش هفضل سلبي وساكت أكتر من كده.
منى: طلقني.
تبسم طه بثبات: لو عايزة تطلقي، ماعنديش مشكلة. بس ترجعي كل حاجة، كل الفلوس، وكل حاجة جبتهالك وتملكيها، وكل حاجة كتبتها لك.
منى بعدم تصديق قلبت وجهها: لا والله.
طه بقوة وهو يركز النظر داخل عينيها: وهاخذ ولادي. صدقيني، لو بدأنا المعركة دي، أنتِ عارفة إني اللي هكسبها. أوعى عقلك يصورلك إنك تلوي ذراع فايزة بإنك تقولي لسليم، عشان ساعتها العربية اللي خبطت ماسة هتبقى هي مصيرك. وساعتها تأكدي هتطلعي منها مقتولة.
أكمل وهو يلتفت ويغادر الغرفة: تصبحي على خير.
تركها في حالة ذهول، لم تصدق ماسمعته. لأول مرة، طه بعد سنوات، يتخذ موقفًا حازمًا بهذا الشكل.
جناح سليم وماسة.
فتح سليم الباب ليلاحظ الجو الرومانسي البسيط في المكان. ابتسمت ماسة لاستقباله بشكل جميل وحب.
اقتربت ماسة بدلع: سالوملوم، وحشتني!
ثم ضمته بعشق، وضعت قبلة على خده، ووضع سليم قبلة على جبينها.
أمسكت بيديه وجذبته ليجلس على الطاولة.
ماسة وهي تضع الطعام في صحنه: تاخرت كده ليه؟
سليم: كنت قاعد مع طه بنتكلم شويه. مش عارف، ماله متغير اوي.
ماسة بلطف: ولا متغير ولا حاجة، طه طول عمره شخص كويس، بس هو اللي في حاله زيادة. ويمكن بعد الحادثة واللي حصلك، حس إنه هيفقدك فحب يحسن علاقته معاك سبحان الله رب ضارة نافعة.
سليم نظر حوله بإعجاب: بس إيه الجو الجميل ده؟
ماسة تبسمت: يعني حبيت نقضي وقت حلو مع بعض، إحنا مابنخرجش، محبوسين هنا. يعني نحس بشوية سعادة.
سليم بعقلانية: السعادة مالهاش علاقة بالمكان، ليها علاقة بالأشخاص.
ماسة بتأييد: أكيد، بس برده أعتقد إحنا محتاجين نخرج شوية، نغير جو ونشم هوا كدة.
نظر سليم لها بابتسامة دون أن يرد، لا يريد الدخول في نقاش معها أو خلق مشكلة. ثم بدأ في تناول الطعام.
سليم: تسلم إيدك.
ماسة: ميرسي يا حبيبي.
ماسة: بكرة ماما وبابا جايين. هيتعزموا عندنا على الغداء عشان نتكلم معاهم في موضوع مكي. أنا قولت لماما، وهي مرحبّة جدًا، أصلاً بتحب مكي. وكانت عايزة تجوزه لبنت خالتي. وبابا معتقدش إن هيبقى عنده اعتراض.
سليم: مافيش مشكلة.
ماسة: وهيباتوا معانا؟ هخليهم يباتوا معانا كم يوم.
سليم بإيجاب: تمام يا عشقي
ماسة : بس هم اللي هنا ممكن يضايقوا.
سليم: محدش هيضايق، يا ماسة وأنا قولتلك الكلام ده قبل كدة ده بيتك اعملي اللي عايزاه من غير استئذان. فاهمة
ماسة: أنا برده قلت أعرفك...
صمتت للحظات وهي تتناول الطعام قلبت في الطبق بملل وقالت: كراميلتي، هو إحنا هنفضل محبوسين كده؟ مش هنخرج؟
سليم: ماكنتي لسه خرجه امبارح.
ماسة بتعجب: خرجت فين؟! انت خلتني اعمل الإشاعة ورجعنا على طول وفضلت اتحايل عليك نقعد شويه في اي مكان اتعصبت.
سليم بضيق: ماسة، ليه عايزة نعمل مشكلة؟ ماتخلينا نقضي الوقت ده سوا وننبسط.
نظرت له ماسة بتعجب قالت بضجر: أنا مش عايزة أتكلم عشان نتخانق، أنا بس عايزة أفهمك. أنا بدأت أزهق، خلينا نخرج نشم شوية هواء بعيد عن هواء القصر. نخرج حبة صغيرين وهنرجع، او حتى نلف بعربيتك، يعني نتمشى على الكورنيش، نعمل أي حاجة. بالله عليك، إنت مازهقتش؟
سليم وضع الشوكة ونظر لها بتركيز قائلا بحدة: لا يا ماسة، مازهقتش. لأن خوفي عليك أكبر من أي حاجة تانية، قلت لك إني خايف عليك ليه؟ مش عايزة تفهمي؟!
ماسة بتأثر: والله العظيم فاهمة، بس زهقت يا سليم زهقت أوي وهطق كمان وحياتي وافق.
سلبم بغضب: هو انتي مابتزهقيش من الخناق؟
ماسة بتأثر: هو أنا بتخانق معاك؟! أنا بأتناقش وبقول لك همي، يبقى أنا كده بتخانق معاك؟
تنهد سليم بتعب زفر: لا حول ولا قوة إلا بالله، أنا زهقت من الكلام في نفس الموضوع، ريحي نفسك، مافيش خروج من باب القصر ده غير لما أوصل للي عمل، كده ونقطة وانتهى.
ماسة بحزن: ماشي يا سليم، مش هتكلم معاك في أي حاجة تانية حاضر آسفة.
هبطت دموعها غصب عنها، مسحت دموعها وتوقفت.
رفع سليم عينه لها متسائلا: إنت رايحة فين؟ مش هتكملي أكلك؟
ماسة بجمود: شبعت، هنام. ماتنساش تيجي بدري عشان هيجوا من بدري، هيقضوا معانا اليوم وبعدين نتغدا سوا ونتكلم مع بعض في الموضوع. تصبح على خير.
بدأت ماسة بالتحرك، لكن سليم توقف مسرعًا،عانقها من الخلف حيث دفن رأسه بين حنايا رقبتها بتأثر، وعيناه مليئة بالدموع. شدّ عليها بين ذراعيه، وكأنما يحاول أن يعبر عن كل ما يختلج في قلبه. تنهدت ماسة بتأثر من فعلته تلك، وشعرت بكلماتها تذوب في قلبها.
تحدث سليم بتأثر خنق نبرة صوته مفسرا: أنا بخاف عليكي يا ماسة، أنا ماليش غيرك، خايف أخسرك زي ماخسرت حور، أنا كان ممكن أخسرك في الحادثة دي...
بدات الدموع ان تملئ عينه قال بوجع قطع نياط قلبه:
أنا شفتك بتموتي قدامي، فاكر؟ فاكر صوتك وهو بيتقطع؟ فاكر الدم؟ أنا بنام كل يوم على المنظر ده، أنا مش بعرف أتخيل الدنيا وإنتِ برا القصر. كل ما تفكري تطلعي... قلبي بيشدني كإني هخسرك تاني!
أخذ انفاسة بالم استرسل برجاء:
حاولي تصبري شوية. عارف إنك تعبتي وزهقتي، وإنه غصب عنك، بس حاولي تستوعبي.. ليه مش قادرة تفهميني؟ ليه مش قادرة تفهمي وجعي وخوفي؟ إنتِ أكتر واحدة المفروض تكوني فاهمة ومقدرة اللي أنا بعمله سببه إيه؟! حتى لو هيضايقك شوية، بس المفروض تتحمليه ليه مش قادرة تقدري شعوري؟
تنهدت ماسة بوجع، مسحت دموعها التي انهالت على وجنتيها، ثم التفتت له ونظرت داخل عينيه وقالت بهدوء بنبرة مهتز: أنا مقدّرة شعورك يا سليم، مافيش حد في الدنيا دي كلها هيقدر يفهم ويقدّر شعورك أكتر مني، صدقني، أنا مستوعبة، بس إنتَ اللي خايف بزيادة، إحنا هنخرج، والحراس معانا.. زي لما روحت لهبه او خطوبه سلوى او حتى لما عملت الإشاعة.
اخرجت أنفاس ثقيله نظرت له للحظه ثم قالت بهدوء:
سليم، هو إنت مش حاسس إنك محتاج تروح للدكتور مروان تاني؟
رفع سليم حاجبه متعجبًا: أروح لدكتور مروان ليه؟ أنا معنديش حاجة.
ماسة بلطف، تحاول تتكلم معه بهدوء وتوضّح له الفكرة مسحت على اعلى صدره وقالت: بس إنتَ عندك مشكلة، عندك خوف زياده اتحول لهواجس، وأفكار غلط و..
قاطعها سليم برفض شديد ونكران: دي مش هواجس وأفكار غلط، دي حقيقة. هو إنت مش اتعرضتي لحادثة وكنتِ هتتقتلي؟ وفقدتي بنتك؟ وأنا كان ممكن ماتشوفينيش تاني.
ماسة بتأثر: آه، بس...
قاطعها سليم بنظره حادة قائلا بغضب: مفيش بس، مفيش بس يا ماسة! أنا ماعنديش حاجة، أنا كويس. أنا واحد خايف على مراته. إيه المشكلة لو قعدتي كم شهر في البيت؟ والا عشان أنا أخدتك على الخروج كل يوم وسفر كل شوية ودلعتك؟ مش قادرة تتحملي شوية؟
ماسة بهدوء، محاولة إيقاف غضبه: سليم، ده مش أسلوب للمناقشة.
سليم بغضب، رفع صوته: مش أسلوب للمناقشة؟ وإنتِ بتتهميني إني مريض نفسي؟
هزت ماسة رأسها بنفي عدة مرات وهي تقول بتأثر، والدموع تتجمع في عينيها: أنا ماقلتش إنك مريض، أنا قلت إن عندك أفكار غلط.
رفض سليم وقال بنبرة جادة: أنا ماعنديش أفكار غلط، قولتلك، أنا راجل واقعي. في واحد مهدد حياتي بالموت ومهددك إنتي كمان. أنا خرجت أكتر من مرة، ومافكرش
يقرب لي. إذن هو عايزك إنتي، فانا بحافظ على حياتك، حياتك اللي هي أغلى عندي من روحي...
أكمل بنبرة حاسم رجوليه وهو يشير بأصابعه بنظره حادة:
لو إنتي مش خايفة على نفسك، أنا بقى خايف عليكي. إنتي واحدة مستهترة، كل اللي فارق معاكي تخرجي تتفسحي وبس. المفروض واحدة زيك اتعرضت للي تعرضتي ليه ده تخاف ويجلها تروما وترفض تخرج، مش تقف تتخانق معايا عشان أخرجها.
كانت ماسة تنظر له بصمت، عينيها تتلألأ بالدموع، قلبها يعتصر من الألم. حاولت أن تقول شيئًا، لكنها اكتفت بالصمت، لا تعرف كيف ترد.
أقترب منها وقال بحسم، وهو يمسك بيدها برفق ويضغط عليها ينظر داخل عينيها بحسم: أنا مش هروح في حتة يا ماسة. أنا زمان لما روحت لمروان، كنت عارف إن عندي مشكلة، لكن المرة دي ماعنديش مشكلة أنا كويس.
ماسة بهدوء هزت رأسها بإيجاب، شفتاها ترتجفان قليلاً: ماشي يا سليم
ثم مسحت دموعها بخفة، وعيناها مليئة بالحزن.
أكمل سليم بتأثر وصوته يخرج مكسورًا: أنا بحبك يا ماسة، وخايف عليكي، هما عايزين ياخدوكي مني. عايزين يحرموني منك. عشان عارفين إني بحبك، وإن إنتي كل حاجة في حياتي، وإن ماليش غيرك في الدنيا...
اضاف بنظرات شرسه حاسمة بخوف:
حاولوا مرة بس، مش هخليهم يحاولوا تاني، ولو المقابل إني أسجنك هنا زي ما قولتي هسجنك. أنا بحبك يا ماسة وبحافظ على حبيبتي.
ماسة بتأثر وعيناها تملؤها الدموع: وأنا والله العظيم بحبك يا سليم.انا آسفة متزعلش مني.
تبادلا النظرات للحظة، ثم شدّها سليم إلى صدره بقوة، وكانت يده ترتجف وهو يضمها إليه. همس في أذنها بصوت خافت، لكنه مشحون بالعاطفة: مستحيل أسمح لحد ياخدك مني.
أبعدها قليلًا، لكن يديه ظلتا تحيطان بوجهها، سند جبينه على جبنها، عيناه تغوصان في عينيها باضطراب، ثم كرر بنبرة أقوى، كأنه يعلنها يقينًا لا يقبل الشك: مستحيل حد ياخدك مني مستحيل.
ثم أخذ يضع قبلات مجنونة على رقبتها، مرورًا بشفتيها، ثم حملها إلى الفراش، وعينيه مليئة بالحب والشوق والخوف في آن واحد ووو.
((بعد وقت))
نرى سليم مستغرقًا في نومه العميق، مستلقيًا على الفراش، أما ماسة، فقد كانت بجانبه، تغطي جسدها بالغطاء، ودموعها تتساقط على خديها، وكأن قلبها ينهار ببطء.
أخذت تمرر أصابعها برفق على ظهره العاري، وكأنها تحاول أن تشعره بحبها، وبينما كانت عيونها تلمع بالدموع، همست بصوت خافت كأنها تخاف أن يسمعها أحد:
أنا والله بأعشقك ياسليم، وهصبر على كل حاجة عشان أنت عملت معايا حاجات كتير حلوة... بس أنا خايفة عليك من أفكارك دي، خايفة إنها تقتلك في يوم وتدمر حياتنا...بس أنا هحارب لحد مترجع تاني كراميل حبيبي، هصبر لأني بحبك أوي.
نظرت إليه بعينين مليئتين بالحزن، وكأنها تبحث عن جواب في وجهه الغافي، ولكن لم تجد سوى الصمت. كان قلبها يتألم، وهي تشعر بالتناقض الكبير بين حبها الشديد له، وبين خوفها من فقدان نفسها في هذا السجن الذي أصبح جزء من حياتها.
💕______________بقلمي_ليلةعادل
مجموعة الراوي
غرفة الاجتماعات - العاشرة صباحًا
يجلس جميع أفراد العائلة مع كبار الموظفين حول طاولة الاجتماعات، بينما يتحدث سليم بجدية، مستعرضًا المستجدات في المشاريع القائمة الجميع يستمع باهتمام، لكن فجأة، يرفع رشدي يده، مقاطعًا الحديث بصوت ثابت:
رشدي: أنا عايز أقول حاجة.
التفتت إليه الأنظار بترقب، فأومأ له سليم برأسه، مشيرًا له بالكلام.
نهض رشدي من مقعده بثقة، مسح كفيه على بدلته قليلًا، ثم قال: بخصوص الأرض الجديدة اللي اشترناها في التجمع... عندي فكرة لمشروع مدينة سكنية، بس مش أي مدينة، هتبقى مختلفة تمامًا.
عقدت صافيناز ذراعيها وقالت بفتور: وإيه الجديد؟ المشاريع السكنية عملنا منها كتير.
ابتسم رشدي جانبا، ثم ردّ بثقة: الجديد مش في المباني نفسها... الفكرة في أسلوب الحياة اللي هنوفره للناس. هنقسم المدينة لمناطق، كل منطقة بطابع فريد يناسب شخصية سكانها. جزء بطراز إيطالي أنيق، جزء لناطحات سحاب زجاجية لعشاق الفخامة، منطقة بيوت حجرية مستوحاة من ريف ماردين التركي، ومساحات خضراء شاسعة. مش بس كده، هنضمن كل المرافق اللي تخليها مدينة متكاملة: نوادي، مطاعم، كافيهات، مدارس إنترناشونال، مستشفيات بأعلى التجهيزات، وأماكن عبادة للجميع مولات حمامات سباحة قسم شرطة، والأهم توفير الأمن والأمان هيكون تأمين محكم بجهاز مراقبه بوابات إلكترونية أسوار عاليه حصن يعني.. مدينة أحلام بمعنى الكلمة مش هيحتاجوا يخرجوا منها
ساد الصمت للحظات، قبل أن يعلق أحد الموظفين بحماس:
أحد الموظفين: بصراحة... الفكرة قوية والمنافسة بقت أصعب، إحنا محتاجين حاجة مميزة فعلًا
أومأ سليم بتفكير: فكرة حلوة جدًا يا رشدي، لكن عندك دراسة جدوى؟
بثقة، أخرج رشدي ملفًا أنيقًا من حقيبته، ووضعه أمام سليم: طبعًا، الأرقام والتكاليف كلها هنا... المشروع مكلف جدًا، لكن العائد يستاهل لو التسويق اتنفذ صح ودي مهمتك يا صافي انتي وفريدة والهانم.
بدأ سليم يقلب في الأوراق بتركيز، ثم رفع رأسه بابتسامة خفيفة: أنا هدرسه كويس... بس الفكرة فعلاً تستحق الاهتمام.
تبادل الحاضرون النظرات، بينما قال عزت بصوت هادئ يحمل تحذيرًا: يا ريت تفضل كده على طول يا رشدي، تبهرنا بأفكارك.
ابتسم رشدي بسعادة، لكنه سرعان ما قال بحزم:
أنا عايز 25% من الأرباح لو المشروع نجح.
رمقه سليم بنظرة غامضة قبل أن يجيبه ببرود:
هنشوف بعدين.
تدخلت فايزة بابتسامة ذات مغزى:
الظاهر إنك بدأت تخطو خطواتك الأولى بجدية يا رشدي... وشكلي هغير نظرتي ليك.
ارتسمت على وجه رشدي ابتسامة واسعة، شعر للمرة الأولى أنه يضع قدمه على أول الطريق الحقيقي بسبب نيللي.
قصر الراوي
السفرة الرابعة مساءً
نرى جميع أفراد عائلة ماسة يجلسون على الطاولة، يتناولون الطعام ويتبادلون الأحاديث في جو دافئ وعائلي. كانت فايزة تراقبهم من الأعلى، وتبدو منزعجة ولكنها لم تستطع أن تفعل شيئًا.
انتقلوا إلى الصالون لتبادل الحديث.
مجاهد بموافقة: ماعنديش مشكلة يا سليم، سعدية كلمتني والراجل محترم. وكفاية إنه تابعك.
سليم بتهذب: صدقني يا عمي مش عشان مكي صديقي أو الحارس الشخصي، لكن فعلاً هو إنسان محترم جدًا. وأنا متأكد إنه هيسعد سلوى.
سعدية: بس مش عيب يعني إن البنت تتخطب بسرعة كده؟
سليم متعجباً: عيب ليه يا طنط؟ فات حوالي شهرين، مايهمكيش من كلام الناس، لو انشغلتي بكلامهم هتتعبي.
ماسة: على فكرة، مكي كان عايز يكلمك يا بابا، لكن سليم قال له يستنى شوية لما هو يفاتحك الأول.
مجاهد بلطف: مافيش إشكال، يجي يشرف هو ووالدته في أي وقت.
ماسة بابتسامة: أنا حضرتلكم الاوض هتباتوا معانا الليلة، بابا لو سمحت مش عايزه اعتراض وحياتي.
سليم بترحيب: أكيد هيباتوا احنا اتفقنا.
مجاهد بإحراج: مش عايزين نضايقكم.
سليم: اوعى تقول كده يا عمي انتم وحشتوني جداً ومبسوط انكم هتقعدوا معانا كم يوم.
وبالفعل خلال أسبوع، جلست عائلة ماسة في القصر، وكان هذا الأمر يزعج جميع أفراد العائلة، خاصة فايزة.
كانت ماسة عاقلة جدًا، حيث لم تسمح لعائلتها بالاجتماع مع تلك العائلة المتعنتظة. فكانوا يتناولون الغداء والعشاء والفطور في أوقات مختلفة عنهم. كان الأسبوع مليئًا بلحظات دافئة وجميلة، فقد قضت ماسة وقتًا مميزًا مع عائلتها، مما ساعدها على نسيان همومها والشعور بالفرح معهم بعيد عن سجنها.
ـ فيلا ياسين وهبة التانية مساءً
غرفة نوم
نشاهد هبة تحضر حقيبة سفر لياسين. بعد قليل، يخرج ياسين من الحمام.
هبة: أنا حضرتلك الشنطة... ٤بدل و٢بيجامة. محتاج حاجة تانية؟!
ياسين: لا شكرا يا حبي.
جلست هبة على الفراش.قائلة بقلق: ياسين، ماتعمل زي سليم وتبعد عن شغل التهريب. أنا خايفة عليك.
ياسين: ماتقلقيش، ده شغل عادي مش تهريب.
هبة: ماشي أنا اقصد عموماً.
تنهد ياسين خلينا نتكلم بعدين، ها هتروحي القصر؟
هبة: آه، عشان أقعد مع ماسة. أخوك ده مريض بجد.
ياسين معترضا: الصراحة أنا معاه، لو اتعرضتِ للي حصلهم، والله ماهخرجك من الفيلا، حتى الجنينه، أخاف عليكي.
هبة بتهكم: ده أنتم مرضى والله.
ياسين بابتسامة: إحنا بنحب بس.
هبة باعتراض: ده جنون، مش حب. أنا لو مكتوب لي أموت، هموت مهما عملت وخبتني، الحذر مطلوب، بس سليم مافور، وماسة كمان قبولها ده مستفز.
عمومًا خد بالك من نفسك.
ياسين: حاضر وانتي كمان خدي بالك من نفسك ومن نالا.
قصر الراوي، الثانية مساءً
نرى ماسة تجلس على الكنبة تُشاهد التلفاز، لكن ملامحها كانت تبدو بأنها تتألّم في بطنها. وبعد دقائق، انتبه سليم، الذي كان يجلس إلى جوارها، إلى اضطرابها.
سليم، ملاحظًا: مالك؟ إيه اللي حصل يا عشقي؟
ماسة، بصوت منخفض: بطني وجعاني شوية.
سليم، بقلق، اقترب منها متحسسًا إياه: إنتِ مش أول مرة تشتكي من معدتك. أنا لازم أجيب لك الدكتور.
ماسة، محاولة التخفيف: مش مستاهلة. أنا لاحظت إن لما بقيت باكل فول وطعمية يومين وارا بعض، بطني بتوجعني مش هعمل كدة تاني بقيت زيك يا معدي تبسمت بمزاح.
سليم، بحزم: متهزريش، دي حاجة مقلقة، ماكنتيش كده الأول، بقالك فترة على كدة. أنا هكلم الدكتور وهشوف لو فيه تحاليل معينة نعملها. هجيب لك البنت علشان تاخد منك العينات. وهجهز كمان الأشعات والتقارير بتاعت العملية.
ردت ماسة بتعجب، وعدم رضى: حتى الدكتور هاتجيبهولي هنا؟ والتحاليل؟ أقسم بالله، والله العظيم، لو مسجونة، كانوا خرجوني يودوني المستشفى اشم نفس. لكن هنا في الإنفرادي، ما بيخلصشي أبدًا.
نظر لها سليم بصمت ولم يرد عليها فهو لا يريد أن يدخل معها في نقاش. ثم قال: أنا هكلم الدكتور.
نظرت له ماسة وهي تهز رأسها بيأس، دون أن تقول شيئًا
وبالفعل، وبعد قليل، جاءت إحدى الممرضات وسحبت عيّنة دم من ماسة، إذ كان سليم قد طلب من الطبيب الحضور وإجراء التحاليل على وجه السرعة. وبعد وقتٍ قصير، عاد الطبيب ومعه نتائج الفحوصات.
جناح سليم وماسة
كانت ماسة مستلقية على السرير وسليم يقف بجانبها، كان الدكتور وسحر معهما في الغرفة. كان الدكتور يراجع بعض التحاليل والأشعات قبل أن يتحدث مع سليم.
الدكتور، وهو يراجع التحاليل: مافيش أي حاجة خطيرة، واضح إن الموضوع نفسي. الإشاعات والتحاليل بينت أن الطعنات كانت خارجية، لم تخترق الأعضاء. مستحيل تكون الطعنتين هم السبب في مشكلتك يا مدام ماسة. التعب إللي عندك كله نفسي، واضح إن حضرتك متوترة ومضغوطة الفترة دي، وده بيأثر على المعدة. ممكن كمان تكون نوعية الأكل تقيلة ودسمة، ومعدتك مش قادرة تتحملها.
ماسة: بس أنا واخدة على الأكل الدسم وبحبه كمان.
الدكتور: مفهوم، بس مع تقدم السن، الأعضاء بتكبر، والجسم ممكن مايكونش قادر يتحمل زي الأول..
بس عموما حضرتك سنك صغير لسة فهو بالتاكيد نفسي ..
كل إللي عليكي تعمليه الفترة دي إنك تخففي الكميات. ولما تحسي إن معدتك واجعاكي، توقفي الأكلات المحمرة أو التقيلة أول ماتحسي إن هي بتزود الألم، الأهم من كل حاجة بلاش تتوتر. وبإذن الله، هاتكوني كويسة. هكتب لك على دوا، لو حسيتِ بالتعب ده تقدري تاخديه.
سليم، مطمئنًا: يعني يا دكتور، مفيش أي حاجة خطر؟ خلينا نعمل تحليل وفحصات جديده نطمن.
الدكتور، بابتسامة مطمئنة: التحليل اللى عملنها كفايه، مفيش أي حاجة خطر، إحنا بس نخفف توتر وزعل، مفيش حاجة مستاهلة ولا ايه يا مدام ماسة صحتك أهم.
هزت ماسة راسها بإيجاب بإبتسامة رقيقة
بدأ الدكتور يتحرك للخروج من الجناح بعد أن طلب سليم من سحر أن توصله. ثم اقترب سليم من ماسة، وحاط بذراعه خلف ظهرها، وقبّل جبينها.
سليم بحب: سلامتك يا قطعة السكر.
ماسة، بابتسامة خفيفة: الله يسلمك شفت قولتلك حاجة بسيطة بطل تخاف عليا اوي كدة.
سليم، بحب، ممسكًا يدها برفق:
المهم إنى اطمنت عليكي، هخلي سحر تعمل لك شوربة خضار بالفراخ إيه رأيك ونقضي باقي اليوم مع بعض نقعد نتفرج على أفلام سوا .. اممم.
ماسة؛ مش عندك شغل.
نظر لها سليم بابتسامة وضع قبله صغيرة على شفتيها: أنتي اهم ..
داعب أنفه بانفا ووضع قبله على عينيها
مش هتاخر عليكي.
ماسة: ماشي.
ابتسم لها سليم، ثم وضع قبلة على يدها قبل أن يتحرك بعيدًا.
تنهدت ماسة ومسحت على شعرها ونهضت حتى الاريكة وشغلت التلفاز
💞________________بقلمي_ليلة عادل 。◕‿◕。
في السيارة مكي السادسة مساءً
نشاهد مكي يقود السيارة وسلوى بجانبه ويتحدثان
مكي: ماما عايزة تتعرف عليكِ قبل ماجي أتقدملّك، هي مستنية في الكافيه هنا، بس لو مش حابة، مفيش مشكلة.
سلوى بتردد: مش قصدي مش حابة، بس مكسوفة.
مكي بمزاح: ماتتكسفيش، هي حابة تشوفك علشان ماتعكش الدنيا قصاد عم مجاهد وطنط سعدية، وتقول بقي دي سلوى اللي كانت مجنناك طول السنين دي والكلام ده.
ضحكت سلوى: ده أنت شكلك عانيت اوي.
مكي: آه والله، عشان تعرفي إنك كنتي ظلماني.
ضحكت سلوى دون تحدث.
في الكافيه
نشاهد ليلى والدة مكي تجلس على إحدى الطاولات في انتظارهما وحين اقتربت سلوى توقفت لاستقبالها بابتسامة عريضة وهي تقول.
ليلى وهي تمرر عينها على سلوى بسعادة: ما شاء الله، إيه الجمال ده؟ أنا ماكنتش متوقعة أنتِ بقى سلوى؟ يا نهار أبيض! لا تستاهلي يفضل كل ده مستني.
تبسمت سلوى بخجل وأخفضت رأسها للأسفل، أضافت ليلى: لا، أنا مش عايزاكي تتكسفي، تعالي في حضني.
(قامت ليلى بمعانقتها بسعادة، ثم جلستا.)
ليلى: عاملة إيه يا سلوى؟
سلوى بخجل: الحمد لله وحضرتك.
ليلى: الحمد لله.
مكي بسعادة: شفتي بقى يا ماما، إن عندي حق.
نظرت ليلى لسلوى: عارفة أنا من زمان نفسي أتعرّف عليكِ مش بس علشان أشوف شكلك، لكن علشان أعرف مين دي اللي خطفت قلب ابني وعملت فيه كده؟!
ابتسمت سلوى بخجل بصمت أكملت ليلى بحكمة:
ماتزعليش لو طلبت أشوفك قبل مانيجي، انا بس
خفت لكلمة تفلت مني كده واعمل لك مشكلة أصلاً عارفة نفسي.
سلوى: انا مش متضايقة خالص مكي فهمني.
ليلى: طب كنتِ زعلانة من مكي ليه الفترة اللي فاتت؟
سلوى متعجبة: حضرتك شايفة إني مش من حقي أزعل؟
ليلى بحكمة: بصي يا سلوى، خديها كلمة من واحدة زي أمك، مش علشان هو ابني بس، أنا كنت معاه ودخلت الموضوع في دماغه أكتر، بصي يا حبيبتي، هو مش قصة إنه كان عايزك تقارني بينه وبين أي حد تاني. انتِ وقتها كنتِ صغيرة، فالحب بالنسبالك، راجل بيقول كلام حلو وبيهتم بيكي. مع إنه بصراحة أنا بشك إنه مكي بيقول كلام حلو من أساسه.
مكي تبسم بخجل، أكملت:
لكن نيجي للحق، هو كان عايزك تختاريه مش علشان بيهتم بيكي أو عشان جبلك ورد أو عروسة كان عايزك توافقي عليه عشان شخصيته هو، أنا عارفه مكي مالوش في الكلام الحلو مايعرفش يقوله ولا بيعرف يجيب دباديب. راجل زي ده، معاشرته مش سهلة لأنه راجل عملي، بيحب بأفعاله مش بكلامه. أنتِ دلوقتي واعية وأنتِ بتختاريه، انت يا حبيبتي عندك استعداد تعاشري وتعيشي مع واحد مش هيعرف كل شوية يقولك كلام حلو ولا يعمل لك مفاجآت زي اللي بيعملها سليم لماسة.
تبسمت سلوى أجابت بعقلانية: إنتوا ليه مقتنعين إني وقتها كنت عبيطة ومش فاهمة؟ صدقيني، وقتها كنت عارفة إن مكي مش زي سليم، ومش بيعرف يقول كلام حلو، وده كان باين عليه اوي لما جاب لي الورد جوه شنطه عشان يتكسف حد يشوفه، لكن مش هنكر إن كنت حابة أعيش قصة حب زي أختي أكتر من حبي له كشخص.
ليلى:شفتي؟ عموماً، مش عايزين نتكلم في الموضوع ده. أنا مبسوطة وإن شاء الله تبقوا خير لبعض. خدوا بالكم من بعض. احكي لي شوية عن نفسك يا سلوى..
سلوى: حاضر شوفي حضرتك عايزه تعرفي ايه وأنا أقول لك.
💞_____________بقلمي_ليلة عادل 。◕‿◕。
منزل نيللي التاسعة مساء
اندفع رشدي إلى الشقة بخطوات سريعة بعد أن فتح الباب بمفتاحه، عيونه تلمع بالحماس. دار ببصره في المكان حتى وقعت عيناه على نيللي، جالسة على الأريكة، تشاهد أحد الأفلام.
ابتسم وتنفس بعمق ثم قال بحماس: عملتها! سليم وافق... الفكرة عجبتهم، إحنا على أول الطريق!
توقفت نيللي عن متابعة الفيلم، نظرت له بسعادة وقالت: أيوه بقى! هو ده المطلوب... مبروك يا روري!
قفزت من مكانها، احتضنته بقوة: ابتعدت وهي تقول كنت عارفة إنك هتعملها! بس الأهم مش إنك تبدأ... الأهم إنك تكمل، وده اللي جاي.
رشدي ضحك، قرب منها ومد يده ممسكًا بيدها، هز كتفيه بحماس: أكيد ده اللي هيحصل! تيجي نرقص ونحتفل؟
ضحكت و أمسكت يده و امسكت الريموت وضغطت على زر تغيير القناة، لتنطلق أغنية "بحب الناس الرايقة" بصوت رامي عياش وعدوية.
المكان امتلأ بالحماس، الإيقاع سيطر عليهما، ضحكا، لفّها رشدي في الهواء، اقتربت منه أكثر، عيناها تلمعان بذكاء.
همست في أذنه بنبرة خبيثة: شايف بقى؟ الأفكار بعد السطرين بتعمل إيه؟
توقف رشدي للحظة، عقد حاجبيه متعجبًا:
سطرين؟
تحركت نيللي ناحية الطاولة، أخرجت كيسًا صغيرًا ورمته في يده.
إنت محتاج السطرين دول بكرة في الاجتماع... عشان تخليهم يوافقوا لما تقعد مع سليم. وانت بتقنعه، لازم تبقى مسيطر، وواثق في كل كلمة بتقولها... زي ما هو بيعمل.
صمتت لحظة، اقتربت أكثر، ضغطت بأصابعها على صدره، ثم صعدت بها إلى جبينه. قالت: هو قوته في العضلات... في الزعيق والتبريق... لكن انت؟ قوتك هنا. في دماغك، في الأفكار اللي بتطلع منها. وأنت عايز تكسب، مش كده؟
نظر رشدي إلى الكيس بين يديه... التردد واضح على ملامحه. بلع ريقه، نظر إليها كأنه يحاول استنباط نواياها.
بإغراء هادئ قالت: مش هيحصل حاجة لو خدت شمة كل أسبوعين أو كل شهر... حاجة كده تخليك تنسى وتنبسط ودماغك تبقى رايقة. اسمع مني، جرب! ماحدش بيدمن من أول شمة... خدها، شوف بعدها إيه اللي هيحصل. عجبك؟ كمل. ماعجبكش؟ خلاص..
نظر إلى الكيس في يده، ثم إلى نيللي... عيناه تحملان ترددًا لحظيًا. مرر يده على وجهه، زفر بعمق، ثم قال بصوت منخفض، وكأنه يحاول إقناع نفسه:
ـ ماشي... نجرب.
فتح الكيس ببطء، حدق في المسحوق الأبيض للحظة قبل أن يغمس طرف إصبعه فيه. رفعه إلى أنفه، استنشق... أول شمة. تردد للحظة، ثم أخذ الثانية.
أغلق عينيه، وكأن موجة غريبة اجتاحته. لم يتحرك، كأنه ينتظر شعورًا مختلفًا يسيطر عليه. راقبته نيللي بعينين مترقبتين، ثم سألته بابتسامة خفيفة: إيه... حاسس بإيه؟
فتح رشدي عينيه ببطء، نظر حوله كأنه يحاول التأكد من أنه لا يزال في المكان نفسه، ثم تمتم بصوت متحير: مش عارف...
ثانية أخرى، وارتسمت على شفتيه ابتسامة غير واعية. نظر لنيللي، عيناه تحملان مزيجًا من الاستغراب والانبهار: دماغي... مش موجودة. بس الشعور... حلو.
توقف للحظة، وكأنه يبحث عن وصف دقيق، ثم أكمل بصوت هادئ: عامل زي أول سيجارة حش"يش... أول نفس، بس أقوى.
نيللي ابتسمت بثقة، رفعت كأسها في الهواء، عيناها تلمعان بانتصار واضح: مش قلت لك ماتقلقش؟
نظرت إليه وهو يسترخي أكثر في مقعده، شعرت بارتياح داخلي، فقد وصلت إلى ما أرادت. رشدي تجاوز الحاجز الأول... والباقي سيصبح أسهل. الآن، أصبح الطريق إلى الإدمان ممهّدًا أمامه، والمهمة التي جاءت من أجلها... تمت بنجاح.
قصر الراوي السابعة مساءً
في إحدى الغرف...
نرى إحدى الخادمات، مشغولة بتنضيف الغرفة وترتيبها بعناية، بعد قليل دخل طه المكان بنبرة متسائلة:
طه: إنتِ لسه ماخلصتيش ولا إيه؟
التفتت الخادمة إليه بسرعة، محاولة تدارك الموقف:
خلاص يا فندم، خمس دقايق بس.
نظر طه إليها بجدية: طب أنا هروح أجيب حاجات من الأوضة بتاعتي. أرجع ألاقيكي خلصتي، مفهوم؟
أومأت برأسها بتوتر: مفهوم يا فندم.
غادر طه الغرفة بخطوات واثقة، متجهًا نحو غرفته.
غرفة منى وطه...
منى جالسة على الفراش، تضع مساحيق التجميل بعناية مفرطة. ترتدي قميص نوم يكشف عن جمالها ويبرز ملامحها بسخاء. فور أن دخل طه الغرفة، قفزت نحوه بعفوية، تعانقه بشوق:
حبيبي! كده تبعد عني كل ده؟ أنا منوش حبيبتك! جالك قلب تنام بعيد عني ليلة بحالها؟
ابتعد طه عنها بهدوء، ونظراته تحمل برودًا لم تعتده منه. نظرت إليه بعتاب، محاولة استعادة أجواء الماضي:
أهون عليك يا طه؟! ده أنا منى حبيبتك ازاي قدرت تعملها؟ دي أول مرة تحصل بيننا من سنين ! أنا مابقتش قادرة أعدهم، 15 سنة يا طه، مظبوط؟
طه مد وجهه بضيق وصوته كان حاسمًا:
إحنا انتهينا يا منى. متحاوليش. كان زمان ممكن تضحكي عليا بالضحكة الحلوة دي ونظرتك دي، بس انتِ نهيتها يا منى.
حدقت منى به غير مصدقة: كل ده ليه؟ عايزة أفهم!
أجابها طه بحدة وهو يتجه نحو الخزانة: إنتِ عارفة.
بدأ في جمع بعض ملابسه ووضعها في حقيبة صغيرة. حاولت الاقتراب منه لتمنعه، لكن كلماته قطعت عليها الطريق: ما خلاص بقى يا طه، ما تكبرش الموضوع!
توقف طه قليلاً، ناظرًا إليها بعيون تحمل خيبة: الموضوع كبير لوحده يا منى.
حاولت فهم موقفه، صوته جعل قلبها يغرق:
أفهم من كده إن إحنا خلاص؟ بجد؟
أومأ برأسه دون تردد: بالظبط. إحنا خلاص.
مرر عينه عليها بحزن قائلاً: عارفة يا منى، أنتِ غبية مش ذكية زي ما أنتِ بتحاولي تقنعي نفسك. استغليتي حبي ليكي بأبشع طريقة، وأغبى استغلال كان ممكن. تستغلي حبي المجنون ليكي بطرق تانية، وساعتها كان ممكن نوصل للكرسي اللي نفسك فيه. لكن طمعك وجنونك خلاكي تغرسي إيدك في الدم، دم واحدة غلبانة، ذنبها إنها حبت واحد ما كانش ينفع إنها تحبه. وسليم غلط لما دخل واحدة زي ماسة في القصر، خلاها تبقى معانا وهو عارف إن كل اللي هنا نواياهم خبيثة. لكن كبرياءه عماه، فكر إنه مفيش حد يقدر عليه، لكن الكل قدر عليه. أنا مش لاقي حاجة أقولها لك، بس أنا بقيت بخاف منك. طمعك وجنونك ممكن يخليك تعملي أي حاجة
اكمل، وهو يهم بالخروج، قال بنبرة أخيرة:
عن إذنك.
ترك الغرفة وسط صمت ثقيل نظرت باستغراب وتعجب، ليتركها تواجه وحدتها وحقيقة نهاية لم تتوقعها.
💞_______________بقلمي_ليلةعادل
جناح سليم وماسة الحادية عشر مساءً
كانت ماسة وسليم يتوقفان فى منتصف الغرفة يبدو على ملامح وجهه الانزعاج.
ماسة تنهدت بتعب: يعني، انت مش هتخليني أروح أحضر لتاني مرة قراءة فاتحة أختي؟ طب أنا مش هعمل مشاكل زي المرة اللي فاتت وهسكت، بس خلي بالك، إنت بتيجي عليا جامد، بس خلاص أنا مش عايزة أتناقش ولا أتكلم.
سليم بحدة: يعني مش هتتكلمي؟!
ماسة بأنين: أتكلم ليه؟ يعني هتغير من قناعتك؟ بعد ما نتكلم ونتخانق هتوافق؟ مستحيل. وبعدين، خلاص يا سليم أنا مقتنعة إنك صح. كل الحكاية إني طبيعي نفسي أحضر أي حاجة تخص أختي خصوصًا إن مكي وسلوى قصتهم مختلفة.
سليم بهدوء: أنا قلت لك هعمل الخطوبة هنا. عايزة إيه تاني؟ وهجيب لك مصممة الأزياء معاها أكتر من فستان تختاري منهم حتى هجيبلكم هنا الصايغ من محلاتنا تختاروا منها الشبكة.
ماسة بضيق: وليه تخليني احرم اختي من انها تختار براحتها.
سليم: بس هي موافقه
ماسة بضجر: هى مطر توافق عشاني.
سليم ببساطة: ايه مشكله اختك لازم تحس بيكي وتتنازل بعدين أنا هعمل كل اللي نفسك فيه هنا من غير متتعبي نفسك كل العائلات الكبير بتعمل كدة.
ماسة مسحت وجهها بتعب فهي لا تعرف ماذا تقول فلا يوجد أي كلمات تسطيع أن تغير موقف سليم،هي وعدت نفسها ان تتحمل وتصبر عليه.
تنهدت بيأس، هزت رأسها بإيجاب بصمت: أنا عايزة أنام. تصبح على خير.
توجهت ماسة لتستلقِي على الفراش باستسلام تام، وهي تفتح عينيها وتفكر: إلى متى ستظل متحملة جنون سليم بينما سليم ظل ينظر لها بصمت وهو يجز على أسنانه.
فيلا عائلة ماسة الثامنة مساءً
الصالون
نري جميع أفراد العائلة يجلسون في أجواء سعيدة، يظهر مكي ووالدته ليلى، بينما ماسة وسليم غير متواجدين. الجو في الصالون هادئ ومريح. الجميع يتبادل الأحاديث في جو عائلي دافئ.
مجاهد مبتسمًا: سليم اتكلم عنك كويس، أنا معرفكش، لكن سعدية وابني عمار قالولي إنك راجل محترم.
مكي بتواضع: فعلاً، حضرتك ماحصلش أي كلام بيننا قبل كده، بس أعتقد إن الكلام اللي سليم قاله عني هو اللي خلاكم تطمئنوا.
سعديةمبتهجة: وأنت ياحبيبي، ماعندكش إخوات، ولا عم ولا عمة؟
ردت ليلى مبتسمة: مكي عنده عيلة كبيرة، عنده عمام وعمات، وأنا عندي إخوات كمان. بس حبينا نجي النهاردة لوحدنا، علشان نكون مرتاحين. وإن شاء الله لما يحصل نصيب، هيجوا.
مكي بتأكيد: أنا فضلت نيجي لوحدنا النهاردة، لأن دي حياتي في الأول والآخر. أنا اللي هبنيها لوحدي.
مجاهد موافقًا: أنت شكلك راجل محترم، وإن شاء الله هتتقي الله في بنتي.
مكي بابتسامة وصدق: إن شاء الله، مستحيل أخذل حضرتك.
في هذه اللحظة، تدخل سلوى إلى الغرفة وهي تحمل صينية عليها أكواب عصير. وجهها مشرق، وتبتسم بلطف لكل الحضور وترتدي فستان ازرق جميل.
سعدية: قدمي لطنطك الأول يا سلوى
سلوى: حاضر اتفضلي.
ليلى مبتسمة: شكرًا يا حبيبتي بس خليها ماما بقى بعد إذنك ياحاجة يعني أنا معنديش بنات هي هتبقى بنتي.
سعدية: طبعاً يا حبيبتي.
كملت سلوى حتى وصلت إلى مكي الذي كان يبتسم لها إبتسامة جميلة بلطف،،
تبادلا الابتسامة للحظة وجلست سلوى بجانب سعدية.
ليلى بلطف: بما إن الحمد الله الأمور تمام نقرأ الفاتحة ايه رأيك يا حاج ولا عايزين أعمام وأخوال مكي الأول. اللي تؤمر بيه؟!
مجاهد بلطف: انتي الخير والبركة يا حاجة، أنا بس عايزك توعدني يابنى إنك تاخد بالك من سلوى وتشيلها في عينيك.
مكي بسعادة: أوعدك يا عمي إنها هتبقى أغلى من عينيا كمان.
مجاهد : توكلنا على الله نقرأ الفاتحة.
الجميع:
بسم الله الرحمن الرحيم...
وبالفعل، بدأ الجميع في قراءة الفاتحة، بينما ملامحهم مليئة بالأمل والاطمئنان، وبعد الانتهاء زغرطت سعدية وليلى و ضمتا العروسين بحب
مكي: كدة نروح نجيب الشبكة كمان يومين ايه رأيكم؟؟ والخطوبة الجمعة.
سعدية بفرحة: إن شاء الله مستعجل إنت.
مكي بحماس: الصراحة اها
سلوى: لا استنى بس أشوف الفستان الأول وأقولك بعدين سليم قال هيجيب الصايغ في القصر عشان ماسة تختار معايا، انا بصراحة عايزه أختي تبقى معايا.
مكي: ماشي إللي يريحك.
ليلى: على خير باذن الله.
قصر الراوي الثامنة مساءً
مكتب عزت
نرى سليم جالسا على المقعد، وعزت وفايزة يجلسان على الأريكة.
فايزة متعجبة: هتعمل خطوبة سلوى هنا !!!
سليم بهدوء:أيوه، هعملها هنا لأن ماسة ممنوع تخرج من القصر.
تحدثت فايزة بأرستقراطية: طبعاً مرفوض مش هقبل إن الخطوبة دي تتعمل هنا، مكي ده شغال عندنا، حتى لو كنت بتحبه وتعتبره صديقك، بس لكل مقام مقال يا أستاذ سليم، أنا قبلت إن سعدية وزوجها وأولادهم يجوا هنا عشان يشوفوا بنتهم، ويباتوا أكتر من اسبوع، لكن أكتر من كده، آسفة.
مد سليم وجهه وهو يهز بايجاب عدة مرات قائلا بنبرة هادئة: مفيش مشكلة، ولا تزعلي نفسك يا فايزة هانم. أنا هعمل الخطوبة في فيلتي.
عزت متعجباً: فيلتك؟
هز سليم رأسه بإيجاب بهدوء: أيوه، في فيلتي ايه الغريب؟! هظبط التأمين بتاعها أكتر، وأخذ ماسة وعيلتها هناك، وأعمل الخطوبة هناك. ومش هارجع هنا تاني.
فايزة بضجر عدلت من جلستها: إنت بتهددني يعني؟! يا تتعمل الخطوبة هنا، يا إما تمشي.
ارتسمت على شفتي سليم نصف إبتسامة لم تصل الى عينيه قال بنفي:
لا طبعًا، مش ممكن أهددك، كل الحكاية إني كنت فاكرك هتقدري تفهمي خوفي على مراتي، لكنك لسه معاندة، ولسه حاطة في دماغك الأفكار القديمة. مهما السنين مرت،( تنهد بتعب) أنا تعبت من الجدال والخناق. في نفس الموضوع كفاية والله، كفاية! ارحميني شوية، أنا عندي حاجات أهم من الكلام الفارغ ده بكتير.
عزت: سليم إحنا بنتناقش مش أكتر، كل حاجة بنرفضها أو فايزة بترفضها تقول همشي.
سليم بهدوء: لا، بس أنا جيت وطلبت طلب واترفض، ده قصرك يا باشا ليك حرية الرفض والقبول، بس مراتي لازم تحضر خطوبة أختها الوحيدة، فالحل الوحيد إنها تتعمل هنا، وأنتم رافضين أصبح الحل الثاني إن أنا اخدها نروح فيلتنا وأعملها هناك بس بفهمكم إني مش هارجع تاني هنا..
تنهد عزت وأشار بيده: خلاص اهدى واعملها هنا،
تساءل: هو أنت هتفضل حابس ماسة؟! كده غلط إللي بتعمله يا سليم.
سليم ببرود: محدش يتدخل في حاجة ملوش علاقة بيها. هو أنا بأتدخل في علاقتك بفايزة هانم، دي مراتي وأنا حر ... ها عايزين حاجة تانية ولا أمشي؟
فايزة: خلاص، يا سليم. قلنا لك اعمل اللي إنت عايزه. أنا موافقة...
نظر سليم بتحذير داخل عينيها: فايزة هانم، صدقيني، لو رجعتي تعملي أي حاجة من الحركات اللي كنتِ بتعمليها زمان، أو عملتِ حاجة يوم الخطوبة أو في أي يوم، من السخافات بتاعت زمان، أنا مش هتكلم، مش ههدد، ولا هتخانق. بس هاخد مراتي وهامشي من هنا، ومش راجع تاني. ومش هتشوفي وشي تاني في حياتك، مش هقولك تاني إن في دماغي حاجات أهم بكتير من اللي أنتِ فيه ده. عن إذنكم.
خرج سليم إلى الخارج، وفايزة تنظر إلى آثاره باختناق.
نظر عزت لها متعجباً: يعني وافقتي لازمته ايه الخناق بقى.
فايزة بحزن: مافيش قدامي غير إني أوافق. أعمل إيه؟ عشان أحسن علاقتي بيه.
عزت بتوضيح: قربي من ماسة وعلاقتك هتتحسن صدقيني ،كفاية إنها محكتش له اللي عملتيه معاها لما كان في الغيبوبة حتى ضربك ليها بقلم.
نظرت له فايزة بصمت: مش هقدر يا عزت مش هقدر.
نظر عزت لها بتعب ومد وجهه بيأس.
وخلال أيام قليلة، أصبحت سلوى شبه مقيمة مع ماسة بعد عودة هبة،لكي يختارن الفستان والشبكة وكل ما سوف يحتاجوه في الحفل. فقد جلب سليم لهم مصممة أزياء مع مجموعة كبيرة من الفساتين لكي يختارن منها داخل القصر، كما جلب الصائغ ليختارن الشبكة ومصممين ديكورات الأعراس
. كان سليم يجلب كل شيء إلى القصر لكي يسعد ماسة وتشعر أنها تشارك أختها سعادتها و تفاصيل خطوبتها.
قصر الراوي الثانية مساءً
في الصالون،
نشاهد هبة وماسة تجلسان على الأريكة وأمامهما مجموعة من الفساتين المعلقة على الستاند، مع مجموعة من السيدات اللي يبدو عليهن أنهن مصممات أزياء.
هبة نظرت لماسة متسائلة: هتفضلي لامتى؟ ساكتة على اللي إنت فيه ده؟ أنا بصراحة مستغربة.
ماسة تبسمت بلطف: يا حبيبتي، ولا تستغربيني ولا حاجة. أنا اتكلمت معاه وقال لي استني شوية، وأنا مستنية.
هبة: تحبي أتكلم معاه؟ أخلي ياسين يتكلم؟
ماسة برجاء:، لا بلاش. أنا مش متضايقة ومستوعباه، قوليلى لسه مش بتعرفي تنيمي نالا.
هبة: لا خالص الحمدلله معرفش كنت مجنونة ليه.
ماسة تبسمت: انتي كنتي مستعجلة بس.
هبة بخجل: أنا آسفة يا ماسة، ماكنتش أقصد والله أجرحك.
ماسة بطيبة: يا حبيبتي، أنا مش زعلانة.. وأثناء حديثهما.
خرجت سلوى وهي ترتدي فستانا باللون الأرجواني، في منتهى الجمال.
هبة: واو، تحفة. لا خلاص، هو الفستان ده كفاية بقى.
ماسة: بجد، الفستان ده تحفة.
سلوى بحيرة: أنا محتارة خالص بجد.
ماسة: على فكرة، الفستان جميل والموف كان تحفة.
سلوى بتردد: ممكن أجرب الأحمر؟
نظرت هبة وماسة إلى بعضهما البعض وضحكتا.
هبة: إحنا مش هنخلص كدة.
سلوى: معلش
ضحكت ماسة: يلا يا ستي.
💞__________________بقلمي_ليلةعادل
بعد كام يوم
قصر الراوي - الحديقة الثامنة مساءً.
نرى حديقة القصر مزينة بأنوار خافتة تضيء الأشجار والورود بشكل بسيط لكنه جميل للغاية. الكوشة الصغيرة المكونة من الورود كانت تقف وسط الحديقة، تحيط بها الزهور الناعمة.
كان أفراد العائلة يتنقلون بين الطاولات، يتبادلون التهاني والابتسامات، فيما الشموع الصغيرة التي زينت الموائد تعكس ضوءها الدافئ. الموسيقى الناعمة تعزف لحنًا متناغمًا مع دقات القلوب، وأصوات الضحكات تملأ الأجواء.
بينما كانت سلوى تتوقف أمام مكي، يُحرك النسيم فستانها الوردي الطويل. رفعت عينيها إلى مكي، الذي كان يقف أمامها ببدلته الأنيقة، يتأملها بنظرات الحب. ابتسامته ارتسمت ببطء على شفتيه.
فـأخيرًا، تحقق الحلم الكبير بين سلوى و مكي نحو حياة جديدة.
مكي بحب: تعرّفي، أنا مش مصدق إننا أخيرًا بقينا مع بعض، راسك العنيدة دي صعبة!
سلوى تبتسم بخفة: أمال إنت كنت فاكر إنني هفتح لك حضني وأقولك يلا يا مكي؟
مكي يضحك: لا يا ستي، طبعًا! لفيفيني حولين نفسي هههه
إنتِ عارفة ان من مواصفات شريك حياتي تكون عنيدة، بس مكنتش متصورك عنادية للدرجة دي؟ انتِ تفوّقتِي.
سلوى تضحك بتواضع: طبعاً لازم أكون أعلى شوية من أحلامك؟
ضحكا مع بعضهما
مكي ابتسم بصدق: أوعدك يا سلوى إنني هعمل كل حاجة عشان أشوفك دايمًا مبسوطة وأعوض كل السنين اللي زعلتك فيها
سلوى بابتسامة دافئة: وأنا واثقة فيك.
على الناحية الأخرى:
في وسط الحديقة، حيث كان الجميع يرقصون على أنغام الأغاني الشعبية، تجمعت بعض من صديقات ماسة حولها. كان الحفل في ذروته، والجميع مستمتعا باللحظة.
خالة ماسة: إيه يا بت، مش ناوية تيجي البلد؟ من ساعة الحادثة ماشفناكيش!
ماسة بابتسامة هادئة: معلش يا خالتي، إن شاء الله هاجي.
خالتها: انتي وحشتينا تعالي أقعدي كام يوم.
ماسة: إن شاء الله.
خالها فين جوزك نسلم عليه.
ماسة حاضر
التفتت تبحث عنه وقعت عينيها عليه وهو متوقف مع ياسين وفريدة وإبراهيم، أشارت له بيدها ان يأتي هز راسه لها وتوجهه نحوها.
سليم: افندم aşkım
ماسة وهي تشير بيدها: عايزين يسلمه عليك.
تبسم سليم توجهه نحوهم قال بتهذب: مساء الخير منورين.
جميع: بنورك يا بيه
خالها: عامل ايه يا سليم بيه انا فتحي خالها.
سليم: الحمد لله عارف، اعرفكم كلهم انتم عاملين ايه.
عمتها: الحمدلله يا بيه.
بعد لحظات ثم تقدمت هبة بأيدٍ مفتوحة وأمسكت يد ماسة، وسحبتها بلطف لتتوجه بها إلى مجموعة من صديقاتها..وتوقفت معهم.
ريتال بلطف: إيه يا ميسو؟ مش ناوية تظهري؟
ماسة: ما أنتم عارفين اللي فيها.
داليدا: وهتفضلي كده كتير؟
ماسة: إن شاء الله لا.
كارمن: بصراحة، أنا مع سليم وضده في نفس الوقت. اللي حصل لك صراحة يرعب، خصوصًا إنكم لحد دلوقتي ماوصلتوش لمسبب الحادثة. وفي نفس الوقت، حاسة إنه مكبر الموضوع.
ايناس: عندك حق يا كارمن. بصي يا ماسة، اتحملي شوية، وإحنا هنبقى نيجى نقعد معاكي. بس من رأيي، لازم سليم يعرض نفسه على أخصائي.
ماسة محاولة تغيير الحديث: إن شاء الله. تعالوا بقى نرقص.
توقفت ماسة في ساحة الرقص، تصفق بحماس وسعادة وهي ترى أختها سلوى ترقص مع مكي، بينما امتلأ الجو بالبهجة والفرح. كانت تشعر بسعادة خالصة لأجل أختها، تراقبها بابتسامة ممتنة لهذه اللحظة التي لطالما تمنتها لها.
وحين همّت بالرقص بعد أن سحبها أحد أقاربها، التفتت برأسها تبحث عن إذن من سليم. لكنه نظر إليها برفض، وهز رأسه نافيًا. لم يكن مجرد رفض، بل غيرة واضحة ونظرة تملك، وكأنه يعلن بصمت أنها له وحده. لم يتفوه بكلمة، لكن عينيه قالت كل شيء.
شعرت ماسة بالضيق للحظة، إحساس خفيف بعدم الرضا تسلل إلى قلبها، لكنها لم تسمح له بأن يفسد سعادتها بهذه الليلة. تجاهلت الأمر سريعًا، وواصلت التصفيق والاحتفال بحماس، تغمرها الفرحة لأجل أختها.
وسط هذه الأجواء المبهجة، جلس مكي وسلوى مرة أخرى، وتقدمت ليلى والدة مكي، حاملةً الشبكة على أنغام أغنية "يا دبلة الخطوبة، عقبالنا كلنا". لم يخفِ مكي سعادته وهو يضع خاتم الخطوبة في يد سلوى، لحظة انتظرها لسنوات طويلة. كانت سلوى متألقة، عيناها تلمعان بالسعادة، بينما الجميع يحيط بهما بالفرح والتصفيق.
بطبيعة الحال، لم تحضر عائلة سليم الخطوبة، باستثناء ياسين وهبة وفريدة وإبراهيم، لكن ذلك لم يُحدث فارقًا، ولم يهتم أحد بغيابهم. الليلة كانت ملكًا للفرح وحده.
بعد انتهاء الحفل، انصرف الجميع، بينما ظل قلب ماسة مزدحمًا بالكثير من الأحاسيس المتداخلة بين الفرح لأجل سلوى، والتساؤلات التي لم تجد لها إجابة بعد.
في أحد الشوارع الرابعة مساءً
نري سيارة مكي متوقفة أمام عربة سجق وكبدة، وكانت سلوى جالسة على الكبوت مبتسمة وتنظر في اتجاه آخر. نرى مكي يقترب من العربة، وبعد قليل يعود وهو يحمل صينية بها أطباق مليئة بالسندوتشات.
مكي بحب: ألف هنا.
سلوى وهي تتناول السندوتش: قولي بقى، جبت كم واحدة هنا قبلي؟
مكي بتأكيد: إنتِ الوحيدة.
سلوى بشك: إنت عايز تقولي إنك عمرك ما كلمت بنت؟
مكي بتوضيح: لا، كلمت بنات، هكدب لو قلت ماكلمتش ...قبل ماعرفك، أكيد كنت عارف بنات كتير، بس مش حب.
قاطعته سلوى: وبعد معرفتي؟!
مكي بنبرة صادقة: بردو أكيد كلمت بنات، كنت بحاول أنسى، لكن لقيتني مش قادر، كنتي ملكاني بشكل كامل. قلت خلاص، أركز في حياتي وشغلي، وأستناك. حرام عليا أعلق حد بيا.
سلوى بفضول: وأيه بقى اللي بيميزني عن كل البنات دي؟
مكي بنظرات عاشقة: إنتِ كلك مميزة على بعضك.
سلوى: مميزة إزاي وفي إيه بالظبط؟
مكي: في كل حاجة، يا سلوى. طريقتك، شكلك. شخصيتك جنونك مش عارف أفهمك. بس صدقيني، إنتِ مميزة.
سلوى بإبتسامة: طب، وإيه إحساسك في أول يوم خطوبة لنا؟
مكي نظر للدبلة بين أصابعها وأمسك يديها: أكيد سعيد جداً، لأني طلعت قد الوعد اللي وعدته لنفسي زمان. إني كنت مستني لحد ما تنضجي عشان أوريكي أنا بحبك قد ايه؟!. إيه رأيك نكتب الكتاب قريب؟
سلوى برفض: مافيش الكلام ده، يا بابا. مش قبل ماخلص أولى جامعة.
مكي: ده إشمعنا يعني؟
سلوى مدت كتفها لأعلى: مش حابة أخش الجامعة وأنا مدام سلوى حابه أدخل وأنا سوسكا.
نظرت داخل عينه قالت بتمرد:
وكمان عشان أكون عرفتك كويس وعرف طباعك، هينفع أكمل معاك حياتي ولا لأ؟ يا بتاع النضج.
مش هو ده اللي إنت كنت عايزه؟ يا بتاع النضج
مكي تبسم: امم هو ده اللي أنا عايزه، خلاص، ماشي
سلوى: بقولك ايه، ما تاخدش على حوار الخروج ده. إحنا عندنا ممنوع، بس ماما سمحت النهاردة وخلاص. ممكن نتقابل عند ماسة؟
مكي: ولا حتى نتقابل عند ماسة، أنا هاجي لك البيت. مش هينفع أخون ثقة والدك ليا؟ هستأذنه، ولو رفض خلاص، نتقابل عندكم.
سلوى: ماشي.
مكي: يلا كلي السندوتشات.
سلوى: هتوديني فين؟
مكي: شوفي أي مكان حابة تروحيه، وأنا هوديك.
بس أوعي تكوني ليكي في الفرهده زي أختك والخروجات بالنسبة ليكي ملاهي؟!
ضحكت سلوى: انا بحبها بس خليها يوم من أوله، مش عارفة ممكن نروح فين. نروح الحسين او الهرم.
مكي: تمام.
قصر الراوي
جناح سليم وماسة، الواحدة صباحاً
نشاهد ماسة مستلقية على صدر سليم، ومغطيان نصفهما، ووجهاهما محمران من آثار لحظات عشقهما..مررت ماسة أصابع يديها على صدر سليم، ثم وضعت قبلة على رقبته وقالت بنبرة لطيفة:
ماسة بدلال: سليم مش هنخرج بقى مع بعض؟ ماوحشكش نخرج سوا ونقضي وقت مع بعض؟
سليم بشوق: وحشني جدًا، ونفسي...
ماسة بشغف: طب يلا خلينا نخرج.
سليم بضجر خفيف: مش هينفع يا ماسة، وكفاية بقى تتكلمي في الموضوع ده، مابتزهقيش.
ماسة بتأثر: مابزهقش... بس في حاجة تانية بتزهقني أكتر، قعدتي هنا ما بين أربع حيطان.
نظر سليم لها بتمعن، ونبرة صوته فيها استنكار: هو انتِ ليه محسساني إني مش عايش نفس اللي انتِ عايشاه؟
ماسة بابتسامة حزينة ونظرة عميقة: لا يا سليم، انت مش عايش اللي أنا عايشاه.
سليم: يعني إيه؟
ماسة رفعت جسدها قليلاً نظرت له: أنت بتخرج وبتروح شغلك وأوقات بتسافر، لكن أنا على طول هنا. مابروحش حتة، حتى سلوى بطلت تيجي لي كتير بقت مشغولة في حياتها ودروسها ومع مكي، بابا حتى بطل يجيبها هنا كتير عشان مش عايزها تقعد مع مكي كتير.
نظرت ماسة له محاولة كتم مشاعرها: هو أنا مش صعبانة عليك؟
سليم بلطف: والله صعبانة عليا... ومتعصب عشانك. بس خوفي عليكِ أكبر بكتير من إني أوافق على إللي عايزاه.
ماسة بحزم وعيون ممتلئة بالدموع: سليم، إنت مش حاسس إن الموضوع بدأ يدخل في مرض؟ أو إنك بقى عندك مشكلة كبيرة.
سليم بنبرة عصبية ولكن هادئة: أنا مش مريض، ولا عندي مشكلة كبيرة. أنا كويس جدًا. أنا واحد خايف على مراته اللي اتعرضت للطعن. ومستحيل أخاطر بيكي تاني.
أمعن النظر بها وقال: وبعدين؟ بعدين إحنا هنتخانق مع بعض واحنا كده؟ ده وقته؟
ماسة: لا،بس هو أنا كمان ماينفعش أتناقش معاك؟
سليم: ماشي يا ماسة بس خليكي عارفه مافيش حاجة هتخليني أرجع عن قراري.
نظرت له ماسة بصمت لا تعرف ماذا تقول؟!
(خلال فترة)
خلال فترة قصيرة، أصبحت علاقة سلوى ومكي قوية جدًا، وكان الحب والسعادة يملآن حياتهما. كان مكي يحاول تعويضها عن السنوات التي ابتعدا فيها عن بعضهما، لكنه لم يكن يستطيع الخروج معها بسبب رفض مجاهد لذلك، كان يذهب لرؤيتها في البيت أو يلتقيها عند ماسة. عندما تتيح لهما الفرصه يأخذها يأخذها لماتش بوكس او فيلم اكشن..
كانا يتحدثان في الهاتف طوال الليل، وكانت السعادة تملأ قلبيهما.
أما ماسة وسليم، فبقي الحال كما هو. ظلت ماسة ممنوعة من الخروج، تحاول الصبر والتحمل كانت تتجنب الاقتراب من نالا، خوفًا من أن تتعلق بها مرة أخرى.. أما علاقتها بسليم، فبقيت كما هي، تحاول استيعابه.
أما رشدي ونيللي، فقد اقترب رشدي منها كثيرًا، وكانت تقدم له مساعدة كبيرة، تزوّده بأفكار قوية، وتعطيه الثقة والدعم المعنوي، وتعظيم الذات الذي يحبه، وكان هذا من أهم الأسباب التي جعلته يقترب منها. ورغم ذلك، لم يكن مستسلمًا لها تمامًا، خاصة في مسألة إدمانه المخدرات أو أن يأخذ جرعة أخرى، إذ ظل حريصًا وذكيًا، مما جعل مهمتها معه صعبة.
أما طه ومنى، فقد بقي طه ملازمًا غرفته، غير مكترث بمنى، التي لم تحاول كثيرًا استرجاعه، فلم يخطر ببالها أن ذلك سيحدث يوماً
💞_________________بقلمي_ليلةعادل(•‿•)
قصر الراوي
جناح سليم وماسة السابعة مساء
نرى سليم يقف في غرفة الدرسنج روم يرتدي ملابسه، يستعد للخروج. ماسة تقترب منه وهي ترتدي برنصًا أبيض وفوطة على رأسها، يبدو أنها انتهت لتوها من الاستحمام.
ماسة بابتسامة: خارج؟
سليم: أيوه، عندي اجتماع.
ماسة: هتتأخر؟
سليم: لا.
ماسة تقترب أكثر، تحيط عنقه بذراعيها برقة، محاولة كسر الجدية.
ماسة بحنين: إيه رأيك نخرج نقضي اليوم على اليخت بعد ما ترجع؟
سليم يرفع حاجبه: اليخت؟
ارتسمت على شفتيها ابتسامة واسعة: أو أي مكان... المهم نخرج سوا (بستعطاف) سليم، أنا بقالى سبع شهور من يوم ما جينا القصر مشفتش الشارع. تعبت، مش قادرة.
سليم يبتعد قليلًا، يأخذ نفسًا عميقًا، عينيه مليئة بالقلق والخوف: عارف إن ليكي حق، بس لازم تفهمي... أنا خايف عليكي. أنا بحميكي.
ماسة تحدق فيه بغضب مكتوم: بتحميني من مين يا سليم؟
سليم: من أي حد ممكن ياخدك مني.
ماسة: محدش هيقدر ياخدني منك، يا سليم.
سليم بصوت هادئ مليء بالحزن: في.. اللي عمل الحادثة.
ماسة برجاء: طب نص ساعة... بجد مخنوقة.
سليم بحسم: قولتلك مش هينفع يا ماسة، خلاص بقى.
تبتعد ماسة قليلًا وهي تراقبه بحزن، ثم ترد بنبرة مليئة بالوجع والشدة: أنت لازم ترجع وتروح لمروان بجد وتقتنع انك عندك مشكلة.
التفتت سليم لها بجسده ونظر إليها بنظرة مشوشة بين الحزن والغضب.
عارفة مين محتاج يروح لدكتور؟ انتي. مش أنا، لأنك مش حاسة بالخطر اللي إحنا فيه.
ماسة تغرق في دموعها بصمت ووجع.
سليم بتهديد: انا همشي واوعي تفتحي معايا الموضوع ده تاني اوعي عشان ما تندميش.
ماسة اتسعت عينيها بصدمه: هو انت بتهددني انت اتجننت.
سليم بضجر: لا زهقت.
ماسة بستهجان: هو انت ليه محسسني انا كل يوم بكلمك في نفس الموضوع ده كل كم شهر لما بكلمك ولا انت مش عايز اتكلم خالص مش من حقي حتى اتكلم بقول لك تعبت تعبت.
سليم: انا ماشي ولبسى عشان متبرديش.
مسحت ماسة وجهها ورقبتها بتعب اخذت تبكي بحرقه.
💞_________________بقلمي_ليلةعادل(•‿•)
إحدى المناطق الشعبية
في مقهى بلدي الثانية مساءً
نشاهد شاب يجلس على إحدى الطاولات داخل أحد المقاهي، المزدحمة بأصوات الزبائن وصوت صدامات أكواب الشاي
كان يبدو عليه القلق والتوتر، يدخن سيجارة ويشرب قهوته ببطء. فجأة، تتوقف سيارة فخمة عند مدخل الحارة. يثير المشهد انتباه الجميع. ينزل منها رجل ضخم بملامح حادة، يبدو من هيئته أنه زعيم عصابة. يتحرك بثقة نحو محروس ويجلس قبالته.
الرجل بجمود: خير يا دغمش؟
دغمش بتردد: محتاج فلوس.
الرجل ساخرًا: فلوس إيه تاني؟ أنت خدت اللي إنت عايزه كله.
دغمش: أنا عملت اللي قلتلي عليه، يا صابر. طلعت الطلعة، وموتنا الراجل ومراته.
صابر بتهكم: بس، طلعوا منها أحياء. احمد ربنا إن الباشا سابك عايش على اللي عملته ده.
دغمش بشدة: أنا مالي؟ أنا عملت اللي اتقال لي، بعدين أنا كنت في الحوار ده سواق، هم اللي ربنا كتب لهم عمر جديد. دلوقتي، أمي عندها عملية كبيرة ومحتاجة فلوس.
صابر بحدة: مافيش فلوس تاني. ولو فتحت بقك أو ظهرت، هيترحموا عليك، اتأكد لو شفتني تاني، اعرف إني جاي أقتلك تمام يا محروس؟!.
دغمش ابتسم بغضب وعض على أسنانه:
كدة تمام.
صابر بصوت هادئ ومخيف: خليك عارف إني هعديها المرة دي عشان أمك. بس دي آخر مرة.
يغادر صابر، بينما يجلس دغمش ( محروس) للحظة، يغلي بداخله من الغضب، ثم وقف وتحرك باتجاه محل موبايلات في أحد الشوارع المجاورة.
داخل محل موبايلات صغير.
نشاهد دغمش وهو يتحدث مع البائع.
دغمش: عايز خط تليفون. بكام؟
البائع: ب ١٠ جنيه.
دغمش: ماشي.
يخرج إلى الشارع بخطوات ثابتة، يقف بجانب عمود إنارة قديم، يفتح هاتفًا قديمًا ويضغط على رقم محفوظ مسبقًا. المكالمة تبدأ.
على الجانب الآخر
يجلس سليم خلف مكتبه، غارقًا بين الأوراق،،هاتفه يرن،،نظر إلى الرقم الغريب بتردد،، تركه ليصمت.
لكن الرنين يعود بإلحاح.توقف عن العمل، مد يده ببطء وقرر الرد.
سليم: الوو....
يا ترى مين اللي كلم سليم وايه اللي هيحصل يا ريت ما حدش ينسى يضغط لايك عشان تساعده الروايه تنشهر وتنجح لو يهمكم والف كومنت
باقى الحلقة 61👇
قطّب رشدي حاجبيه قليلًا، لكنها تابعت، مستمتعة بلحظة سيطرتها على انتباهه:
قسمها... جزء مثلاً على الطريقة الإيطالية، جزء العمارات الراقية اللي تحس فيها بالفخامة والرقة، واجهات زجاجية، تفاصيل أنيقة... وجزء للأبراج الأمريكية، ناطحات سحاب، حاجات عالية جدًا للناس اللي بتحب القوة والعظمة.
حرك رشدي كأسه ببطء، وكأنه يفكر في كلامها، بينما استرسلت نيللي، تعضّ على شفتها بخفة، عيناها تلمعان بدهاء:
وبرضه تعمل جزء مختلف... حاجات زي القصور، حاجة شبه الفيلات الملكية، واسعة براح وأرض خضرا... وتخلي في جزء تاني جو ريفي، بيوت من الخشب أوحجر تشبه الأكواخ، مباني حجرية بشكل قديم يريح النفسية. فبكده كل شخص يلاقي المكان اللي يشبهه، تخليهم كإنهم بيسافروا لاكتر من دولة جوا مدينة واحدة فيحسوا انهم في مدينة جديدة جوه العاصمة..كانكم صنعتم عاصمة جديدة
كله موجود وسميها أرض الأحلام.
ضحك رشدي بصوت خافت، ثم أخذ نفسًا آخرا من سيجارته ونفخه في وجهها ببطء، بعينين تملأهما متعة التحدي.
ألماظ... ألماظ بجد. تعالي اشتغلي معايا... تبقي مديرة أعمالي.
قهقهت نيللي وهي تميل إلى الخلف، تهز رأسها برفض خفيف، قبل أن تردّ بدلال:
لا يا عم، أنا كده حلو وعسل... مابصحاش بدري.
ضحك رشدي بخفوت ناظرًا إليها نظرة تقييم جديدة، ثم أخذ نفسًا من سيجارته ونفخه في الهواء ببطء، وكأنه يستوعب كل كلمة قالتها. نيللي لم تنتظر ردّه، بل استندت إلى ظهر الأريكة بارتياح، ورفعت حاجبها بنظرة مليئة بالثقة.
على فكرة، الألماظ ده ما كانش هيطلع غير لما أخدت سطرين... وحياتك، من غيرهم ماكانش هيطلع مني حرف.
ابتسم رشدي، ممرّرا يده على ذقنه بتفكير، ثم أمال رأسه نحوها قليلًا، قبل أن يغمغم بإعجاب واضح:
عااااش.
ضحكت نيللي بخفة، ثم رفعت كأسها ورشفته بهدوء، مستمتعة بلحظة انتصارها الصغيرة، أما رشدي، فظل يراقبها، متأكدًا الآن أن وجودها بجانبه ليس مجرد رفاهية...بل إضافة لا يستهان بها.
قصر الراوي الثامنة مساءً
جناح سليم وماسة
نشاهد ماسة وهي تضع الطعام على الطاولة، ترتدي قميص نوم منزلي يتناسب مع جسدها بشكل مثير، وتضع بعض مستحضرات التجميل التي تبرز جمالها. كما وضعت بعض الورود والشموع على الطاولة.
ثم أمسكَت هاتفها واتصلت بسليم.
ماسة: روحي، يلا، اطلع، مستنياك.
في جهة أخرى مكتب سليم
نشاهد سليم يجلس على الأريكة وطه بجانبه على المقعد يتبادلان الأحاديث في اجواء أخوية.
سليم: حاضر سلام.
طه تبسم: دي ماسة.
هز سليم رأسه بإيجاب: أممم.
طه بتأثر: بتحبك أوي، من وقت ماكنت في المستشفى كانت دايمًا ملازماك، حتى لما أرغمتها تلتزم بالقصر، قبلت ده، أعتقد هي دي الأوقات اللي بتبان فيها شخصية الزوجة المخلصة الأصيلة، وحبها الحقيقي لزوجها، صراحة من زمان وماسة إنسانة جميلة أوي أنا نفسي وبأتمنى منى تحبني زي ماماسة بتحبك.
عقد سليم بين حاجبيه متعجبًا: إنت حاسس إن منى مش بتحبك؟
تنهد طه: هي بتحبني، بس يعني أقصد كان نفسي تحبني زي ما ماسة بتحبك... العشق الجامد ده..
ثم وضع يديه على قدم سليم: إحنا عايزين نقرب من بعض يا سليم. كفاية بقى بعد.
نظر سليم ليد طه ثم نظر له قال متعجباً: طه، مالك؟
تبسم طه بتأثر عاد بظهره لظهر المقعد: يعني يا سليم، فيها حاجة لما أبقى حابب أقرب من أخويا، أنا عارف إن مافيش بينا مشاكل، بس يعني نقرب من بعض زي أي إخوات، زيك إنت وياسين.
سليم بلطف: أنا ماقصدش حاجة بالعكس، أنا بحبك يا طه، بس أقصد إنت فيك حاجة.
طه هز رأسه بنفي قال بتأثر شديد بعينين تترقرق بالدموع: مافيش، بس الحادثة اللي حصلت لك زعلت جدآ ولما شفتك بين الحياة والموت لمدة أربع شهور ونص اتوجعت اوي، وإنك لسه لحد اللحظة دي حياتك مهددة. زعلان على اللي حصل ليك ولمراتك وبنتك، وأني مش قادر أساعدك.
تبسم سليم بيأس: الظاهر إننا لازم نحس أن القريبين مننا احتمال يموتوا عشان نقرب منهم.
(ضحك) أمال رشدي وصافيناز مابيتغيروش ليه؟
طه تبسم: هما ليهم حسابات تانية. يلا روح لمراتك.
تبسم سليم لطه وهو يهز رأسه بإيجاب، ثم توقف لحظة وابتسم، توقف طه تبادلا النظرات لثواني ثم ضما بعضهما بحنان أخوي.
ابتعد سليم: أنا طالع. تصبح على خير
تحرك سليم، بدأ طه يراقب تحركات سليم بعناية وقصد واضح، وكأن كل نظرة تحمل في طياتها ألماً دفيناً، بينما كان تأنيب الضمير يعتصر قلبه بوجع لا يهدأ.
لكنه لم يستطع كبح الكلمات التي خرجت منه كصرخة مكبوتة:
أنا آسف يا سليم... والله العظيم، هفضل أقول لك آسف طول عمري. أنا عارف إنك شايفني جبان، وأنا كمان عارف إني جبان... بس دول ولادي، يا سليم! نفسي أقول لك كل حاجة، نفسي أعترف بس مش قادر. الخوف ماسك في روحي... زي الشوك.
غرفة طه ومنى
كانت منى جالسة على الفراش تقرأ في إحدى المجلات، وعندما دخل طه الغرفة،. رفعت عينيها وسألته: كنت فين؟
جلس طه على المقعد بجانبها، وتنهد تنهيدة طويلة، ثم قال: كنت قاعد مع سليم.
تنهدت منى بضجر ووضعت المجله على الطاوله: في إيه يا طه؟ ماتعقل بقى.
نظر إليها طه نظرة ضيقة، وعيناه مليئتان بالاستفهام: بتزعقي ليه؟
أجابته منى بغضب: اللي أنت بتعمله ده هيشكك سليم فينا من إمتى الحنية دي؟
توقف طه بجدية، عاقدًا حاجبيه وهو ينظر إلى عينيها: هو أنا كمان ممنوع أندم؟ ماينفعش أعتذر له؟ احساس تأنيب الضمير مموتني، كفاية إني عارف اللي حصل له سببه إيه ومن مين، وساكت.
هزت منى رأسها وقالت بجمود وقوة: إنت عارف كويس إننا ماعملناش حاجة غير الحادثة بس، وفي طرف تانى تدخل في الموضوع ولو حلفنا، سليم مش هصدقنا ولو حتى صدق مش هيسامح ... اللي بتعمله ده مش هيفتح علينا غير بركان دم وبس. أوعى تنسى رشدي.
طه بشدة: أهو، إنتي السبب في اللي بيعمله رشدي خلتيه يحط السكينة على رقبتي. لأنك من البداية وافقتي على قتل ماسة المسكينة وسليم، كل ده عشان كرسى العرش. الفلوس عمتكم خلتكم تقتلوا، وبكرة هتقتلوا بعض. أنا مش هسمح لك تتمادي أكتر من كده يا منى، أنا تعبت.
سكت طه للحظة قبل أن يضيف، وعيناه مليئة بالغضب:
تعرفي حاجة واحدة؟ لو كنت مكمل معاكِ لحد اللحظة دي، فده عشان ولادي. لكن غير كده، لا، ولحد ما أخلص من تهديد رشدي، أنا مضطر استمر، بس من اللحظة دي، اعتبري جوازنا انتهى يا منى.
صُدمت منى، وعدلت جلستها وقالت بصوت مرتجف:
إنت اتجننت يا طه؟
أجاب طه بصرامة: أنا عقلت يا منى. أخيرًا عقلت وشفتك بوضوح. وأنا اللي بقول لك لو ماوقفتيش اللي بتعمليه ده، هتشوفي طه في حياتك عمرك ماتخيلتيه ولا حتى هم تخيلوه. أنا مش هفضل سلبي وساكت أكتر من كده.
منى: طلقني.
تبسم طه بثبات: لو عايزة تطلقي، ماعنديش مشكلة. بس ترجعي كل حاجة، كل الفلوس، وكل حاجة جبتهالك وتملكيها، وكل حاجة كتبتها لك.
منى بعدم تصديق قلبت وجهها: لا والله.
طه بقوة وهو يركز النظر داخل عينيها: وهاخذ ولادي. صدقيني، لو بدأنا المعركة دي، أنتِ عارفة إني اللي هكسبها. أوعى عقلك يصورلك إنك تلوي ذراع فايزة بإنك تقولي لسليم، عشان ساعتها العربية اللي خبطت ماسة هتبقى هي مصيرك. وساعتها تأكدي هتطلعي منها مقتولة.
أكمل وهو يلتفت ويغادر الغرفة: تصبحي على خير.
تركها في حالة ذهول، لم تصدق ماسمعته. لأول مرة، طه بعد سنوات، يتخذ موقفًا حازمًا بهذا الشكل.
جناح سليم وماسة.
فتح سليم الباب ليلاحظ الجو الرومانسي البسيط في المكان. ابتسمت ماسة لاستقباله بشكل جميل وحب.
اقتربت ماسة بدلع: سالوملوم، وحشتني!
ثم ضمته بعشق، وضعت قبلة على خده، ووضع سليم قبلة على جبينها.
أمسكت بيديه وجذبته ليجلس على الطاولة.
ماسة وهي تضع الطعام في صحنه: تاخرت كده ليه؟
سليم: كنت قاعد مع طه بنتكلم شويه. مش عارف، ماله متغير اوي.
ماسة بلطف: ولا متغير ولا حاجة، طه طول عمره شخص كويس، بس هو اللي في حاله زيادة. ويمكن بعد الحادثة واللي حصلك، حس إنه هيفقدك فحب يحسن علاقته معاك سبحان الله رب ضارة نافعة.
سليم نظر حوله بإعجاب: بس إيه الجو الجميل ده؟
ماسة تبسمت: يعني حبيت نقضي وقت حلو مع بعض، إحنا مابنخرجش، محبوسين هنا. يعني نحس بشوية سعادة.
سليم بعقلانية: السعادة مالهاش علاقة بالمكان، ليها علاقة بالأشخاص.
ماسة بتأييد: أكيد، بس برده أعتقد إحنا محتاجين نخرج شوية، نغير جو ونشم هوا كدة.
نظر سليم لها بابتسامة دون أن يرد، لا يريد الدخول في نقاش معها أو خلق مشكلة. ثم بدأ في تناول الطعام.
سليم: تسلم إيدك.
ماسة: ميرسي يا حبيبي.
ماسة: بكرة ماما وبابا جايين. هيتعزموا عندنا على الغداء عشان نتكلم معاهم في موضوع مكي. أنا قولت لماما، وهي مرحبّة جدًا، أصلاً بتحب مكي. وكانت عايزة تجوزه لبنت خالتي. وبابا معتقدش إن هيبقى عنده اعتراض.
سليم: مافيش مشكلة.
ماسة: وهيباتوا معانا؟ هخليهم يباتوا معانا كم يوم.
سليم بإيجاب: تمام يا عشقي
ماسة : بس هم اللي هنا ممكن يضايقوا.
سليم: محدش هيضايق، يا ماسة وأنا قولتلك الكلام ده قبل كدة ده بيتك اعملي اللي عايزاه من غير استئذان. فاهمة
ماسة: أنا برده قلت أعرفك...
صمتت للحظات وهي تتناول الطعام قلبت في الطبق بملل وقالت: كراميلتي، هو إحنا هنفضل محبوسين كده؟ مش هنخرج؟
سليم: ماكنتي لسه خرجه امبارح.
ماسة بتعجب: خرجت فين؟! انت خلتني اعمل الإشاعة ورجعنا على طول وفضلت اتحايل عليك نقعد شويه في اي مكان اتعصبت.
سليم بضيق: ماسة، ليه عايزة نعمل مشكلة؟ ماتخلينا نقضي الوقت ده سوا وننبسط.
نظرت له ماسة بتعجب قالت بضجر: أنا مش عايزة أتكلم عشان نتخانق، أنا بس عايزة أفهمك. أنا بدأت أزهق، خلينا نخرج نشم شوية هواء بعيد عن هواء القصر. نخرج حبة صغيرين وهنرجع، او حتى نلف بعربيتك، يعني نتمشى على الكورنيش، نعمل أي حاجة. بالله عليك، إنت مازهقتش؟
سليم وضع الشوكة ونظر لها بتركيز قائلا بحدة: لا يا ماسة، مازهقتش. لأن خوفي عليك أكبر من أي حاجة تانية، قلت لك إني خايف عليك ليه؟ مش عايزة تفهمي؟!
ماسة بتأثر: والله العظيم فاهمة، بس زهقت يا سليم زهقت أوي وهطق كمان وحياتي وافق.
سلبم بغضب: هو انتي مابتزهقيش من الخناق؟
ماسة بتأثر: هو أنا بتخانق معاك؟! أنا بأتناقش وبقول لك همي، يبقى أنا كده بتخانق معاك؟
تنهد سليم بتعب زفر: لا حول ولا قوة إلا بالله، أنا زهقت من الكلام في نفس الموضوع، ريحي نفسك، مافيش خروج من باب القصر ده غير لما أوصل للي عمل، كده ونقطة وانتهى.
ماسة بحزن: ماشي يا سليم، مش هتكلم معاك في أي حاجة تانية حاضر آسفة.
هبطت دموعها غصب عنها، مسحت دموعها وتوقفت.
رفع سليم عينه لها متسائلا: إنت رايحة فين؟ مش هتكملي أكلك؟
ماسة بجمود: شبعت، هنام. ماتنساش تيجي بدري عشان هيجوا من بدري، هيقضوا معانا اليوم وبعدين نتغدا سوا ونتكلم مع بعض في الموضوع. تصبح على خير.
بدأت ماسة بالتحرك، لكن سليم توقف مسرعًا،عانقها من الخلف حيث دفن رأسه بين حنايا رقبتها بتأثر، وعيناه مليئة بالدموع. شدّ عليها بين ذراعيه، وكأنما يحاول أن يعبر عن كل ما يختلج في قلبه. تنهدت ماسة بتأثر من فعلته تلك، وشعرت بكلماتها تذوب في قلبها.
تحدث سليم بتأثر خنق نبرة صوته مفسرا: أنا بخاف عليكي يا ماسة، أنا ماليش غيرك، خايف أخسرك زي ماخسرت حور، أنا كان ممكن أخسرك في الحادثة دي...
بدات الدموع ان تملئ عينه قال بوجع قطع نياط قلبه:
أنا شفتك بتموتي قدامي، فاكر؟ فاكر صوتك وهو بيتقطع؟ فاكر الدم؟ أنا بنام كل يوم على المنظر ده، أنا مش بعرف أتخيل الدنيا وإنتِ برا القصر. كل ما تفكري تطلعي... قلبي بيشدني كإني هخسرك تاني!
أخذ انفاسة بالم استرسل برجاء:
حاولي تصبري شوية. عارف إنك تعبتي وزهقتي، وإنه غصب عنك، بس حاولي تستوعبي.. ليه مش قادرة تفهميني؟ ليه مش قادرة تفهمي وجعي وخوفي؟ إنتِ أكتر واحدة المفروض تكوني فاهمة ومقدرة اللي أنا بعمله سببه إيه؟! حتى لو هيضايقك شوية، بس المفروض تتحمليه ليه مش قادرة تقدري شعوري؟
تنهدت ماسة بوجع، مسحت دموعها التي انهالت على وجنتيها، ثم التفتت له ونظرت داخل عينيه وقالت بهدوء بنبرة مهتز: أنا مقدّرة شعورك يا سليم، مافيش حد في الدنيا دي كلها هيقدر يفهم ويقدّر شعورك أكتر مني، صدقني، أنا مستوعبة، بس إنتَ اللي خايف بزيادة، إحنا هنخرج، والحراس معانا.. زي لما روحت لهبه او خطوبه سلوى او حتى لما عملت الإشاعة.
اخرجت أنفاس ثقيله نظرت له للحظه ثم قالت بهدوء:
سليم، هو إنت مش حاسس إنك محتاج تروح للدكتور مروان تاني؟
رفع سليم حاجبه متعجبًا: أروح لدكتور مروان ليه؟ أنا معنديش حاجة.
ماسة بلطف، تحاول تتكلم معه بهدوء وتوضّح له الفكرة مسحت على اعلى صدره وقالت: بس إنتَ عندك مشكلة، عندك خوف زياده اتحول لهواجس، وأفكار غلط و..
قاطعها سليم برفض شديد ونكران: دي مش هواجس وأفكار غلط، دي حقيقة. هو إنت مش اتعرضتي لحادثة وكنتِ هتتقتلي؟ وفقدتي بنتك؟ وأنا كان ممكن ماتشوفينيش تاني.
ماسة بتأثر: آه، بس...
قاطعها سليم بنظره حادة قائلا بغضب: مفيش بس، مفيش بس يا ماسة! أنا ماعنديش حاجة، أنا كويس. أنا واحد خايف على مراته. إيه المشكلة لو قعدتي كم شهر في البيت؟ والا عشان أنا أخدتك على الخروج كل يوم وسفر كل شوية ودلعتك؟ مش قادرة تتحملي شوية؟
ماسة بهدوء، محاولة إيقاف غضبه: سليم، ده مش أسلوب للمناقشة.
سليم بغضب، رفع صوته: مش أسلوب للمناقشة؟ وإنتِ بتتهميني إني مريض نفسي؟
هزت ماسة رأسها بنفي عدة مرات وهي تقول بتأثر، والدموع تتجمع في عينيها: أنا ماقلتش إنك مريض، أنا قلت إن عندك أفكار غلط.
رفض سليم وقال بنبرة جادة: أنا ماعنديش أفكار غلط، قولتلك، أنا راجل واقعي. في واحد مهدد حياتي بالموت ومهددك إنتي كمان. أنا خرجت أكتر من مرة، ومافكرش
يقرب لي. إذن هو عايزك إنتي، فانا بحافظ على حياتك، حياتك اللي هي أغلى عندي من روحي...
أكمل بنبرة حاسم رجوليه وهو يشير بأصابعه بنظره حادة:
لو إنتي مش خايفة على نفسك، أنا بقى خايف عليكي. إنتي واحدة مستهترة، كل اللي فارق معاكي تخرجي تتفسحي وبس. المفروض واحدة زيك اتعرضت للي تعرضتي ليه ده تخاف ويجلها تروما وترفض تخرج، مش تقف تتخانق معايا عشان أخرجها.
كانت ماسة تنظر له بصمت، عينيها تتلألأ بالدموع، قلبها يعتصر من الألم. حاولت أن تقول شيئًا، لكنها اكتفت بالصمت، لا تعرف كيف ترد.
أقترب منها وقال بحسم، وهو يمسك بيدها برفق ويضغط عليها ينظر داخل عينيها بحسم: أنا مش هروح في حتة يا ماسة. أنا زمان لما روحت لمروان، كنت عارف إن عندي مشكلة، لكن المرة دي ماعنديش مشكلة أنا كويس.
ماسة بهدوء هزت رأسها بإيجاب، شفتاها ترتجفان قليلاً: ماشي يا سليم
ثم مسحت دموعها بخفة، وعيناها مليئة بالحزن.
أكمل سليم بتأثر وصوته يخرج مكسورًا: أنا بحبك يا ماسة، وخايف عليكي، هما عايزين ياخدوكي مني. عايزين يحرموني منك. عشان عارفين إني بحبك، وإن إنتي كل حاجة في حياتي، وإن ماليش غيرك في الدنيا...
اضاف بنظرات شرسه حاسمة بخوف:
حاولوا مرة بس، مش هخليهم يحاولوا تاني، ولو المقابل إني أسجنك هنا زي ما قولتي هسجنك. أنا بحبك يا ماسة وبحافظ على حبيبتي.
ماسة بتأثر وعيناها تملؤها الدموع: وأنا والله العظيم بحبك يا سليم.انا آسفة متزعلش مني.
تبادلا النظرات للحظة، ثم شدّها سليم إلى صدره بقوة، وكانت يده ترتجف وهو يضمها إليه. همس في أذنها بصوت خافت، لكنه مشحون بالعاطفة: مستحيل أسمح لحد ياخدك مني.
أبعدها قليلًا، لكن يديه ظلتا تحيطان بوجهها، سند جبينه على جبنها، عيناه تغوصان في عينيها باضطراب، ثم كرر بنبرة أقوى، كأنه يعلنها يقينًا لا يقبل الشك: مستحيل حد ياخدك مني مستحيل.
ثم أخذ يضع قبلات مجنونة على رقبتها، مرورًا بشفتيها، ثم حملها إلى الفراش، وعينيه مليئة بالحب والشوق والخوف في آن واحد ووو.
((بعد وقت))
نرى سليم مستغرقًا في نومه العميق، مستلقيًا على الفراش، أما ماسة، فقد كانت بجانبه، تغطي جسدها بالغطاء، ودموعها تتساقط على خديها، وكأن قلبها ينهار ببطء.
أخذت تمرر أصابعها برفق على ظهره العاري، وكأنها تحاول أن تشعره بحبها، وبينما كانت عيونها تلمع بالدموع، همست بصوت خافت كأنها تخاف أن يسمعها أحد:
أنا والله بأعشقك ياسليم، وهصبر على كل حاجة عشان أنت عملت معايا حاجات كتير حلوة... بس أنا خايفة عليك من أفكارك دي، خايفة إنها تقتلك في يوم وتدمر حياتنا...بس أنا هحارب لحد مترجع تاني كراميل حبيبي، هصبر لأني بحبك أوي.
نظرت إليه بعينين مليئتين بالحزن، وكأنها تبحث عن جواب في وجهه الغافي، ولكن لم تجد سوى الصمت. كان قلبها يتألم، وهي تشعر بالتناقض الكبير بين حبها الشديد له، وبين خوفها من فقدان نفسها في هذا السجن الذي أصبح جزء من حياتها.
💕______________بقلمي_ليلةعادل
مجموعة الراوي
غرفة الاجتماعات - العاشرة صباحًا
يجلس جميع أفراد العائلة مع كبار الموظفين حول طاولة الاجتماعات، بينما يتحدث سليم بجدية، مستعرضًا المستجدات في المشاريع القائمة الجميع يستمع باهتمام، لكن فجأة، يرفع رشدي يده، مقاطعًا الحديث بصوت ثابت:
رشدي: أنا عايز أقول حاجة.
التفتت إليه الأنظار بترقب، فأومأ له سليم برأسه، مشيرًا له بالكلام.
نهض رشدي من مقعده بثقة، مسح كفيه على بدلته قليلًا، ثم قال: بخصوص الأرض الجديدة اللي اشترناها في التجمع... عندي فكرة لمشروع مدينة سكنية، بس مش أي مدينة، هتبقى مختلفة تمامًا.
عقدت صافيناز ذراعيها وقالت بفتور: وإيه الجديد؟ المشاريع السكنية عملنا منها كتير.
ابتسم رشدي جانبا، ثم ردّ بثقة: الجديد مش في المباني نفسها... الفكرة في أسلوب الحياة اللي هنوفره للناس. هنقسم المدينة لمناطق، كل منطقة بطابع فريد يناسب شخصية سكانها. جزء بطراز إيطالي أنيق، جزء لناطحات سحاب زجاجية لعشاق الفخامة، منطقة بيوت حجرية مستوحاة من ريف ماردين التركي، ومساحات خضراء شاسعة. مش بس كده، هنضمن كل المرافق اللي تخليها مدينة متكاملة: نوادي، مطاعم، كافيهات، مدارس إنترناشونال، مستشفيات بأعلى التجهيزات، وأماكن عبادة للجميع مولات حمامات سباحة قسم شرطة، والأهم توفير الأمن والأمان هيكون تأمين محكم بجهاز مراقبه بوابات إلكترونية أسوار عاليه حصن يعني.. مدينة أحلام بمعنى الكلمة مش هيحتاجوا يخرجوا منها
ساد الصمت للحظات، قبل أن يعلق أحد الموظفين بحماس:
أحد الموظفين: بصراحة... الفكرة قوية والمنافسة بقت أصعب، إحنا محتاجين حاجة مميزة فعلًا
أومأ سليم بتفكير: فكرة حلوة جدًا يا رشدي، لكن عندك دراسة جدوى؟
بثقة، أخرج رشدي ملفًا أنيقًا من حقيبته، ووضعه أمام سليم: طبعًا، الأرقام والتكاليف كلها هنا... المشروع مكلف جدًا، لكن العائد يستاهل لو التسويق اتنفذ صح ودي مهمتك يا صافي انتي وفريدة والهانم.
بدأ سليم يقلب في الأوراق بتركيز، ثم رفع رأسه بابتسامة خفيفة: أنا هدرسه كويس... بس الفكرة فعلاً تستحق الاهتمام.
تبادل الحاضرون النظرات، بينما قال عزت بصوت هادئ يحمل تحذيرًا: يا ريت تفضل كده على طول يا رشدي، تبهرنا بأفكارك.
ابتسم رشدي بسعادة، لكنه سرعان ما قال بحزم:
أنا عايز 25% من الأرباح لو المشروع نجح.
رمقه سليم بنظرة غامضة قبل أن يجيبه ببرود:
هنشوف بعدين.
تدخلت فايزة بابتسامة ذات مغزى:
الظاهر إنك بدأت تخطو خطواتك الأولى بجدية يا رشدي... وشكلي هغير نظرتي ليك.
ارتسمت على وجه رشدي ابتسامة واسعة، شعر للمرة الأولى أنه يضع قدمه على أول الطريق الحقيقي بسبب نيللي.
قصر الراوي
السفرة الرابعة مساءً
نرى جميع أفراد عائلة ماسة يجلسون على الطاولة، يتناولون الطعام ويتبادلون الأحاديث في جو دافئ وعائلي. كانت فايزة تراقبهم من الأعلى، وتبدو منزعجة ولكنها لم تستطع أن تفعل شيئًا.
انتقلوا إلى الصالون لتبادل الحديث.
مجاهد بموافقة: ماعنديش مشكلة يا سليم، سعدية كلمتني والراجل محترم. وكفاية إنه تابعك.
سليم بتهذب: صدقني يا عمي مش عشان مكي صديقي أو الحارس الشخصي، لكن فعلاً هو إنسان محترم جدًا. وأنا متأكد إنه هيسعد سلوى.
سعدية: بس مش عيب يعني إن البنت تتخطب بسرعة كده؟
سليم متعجباً: عيب ليه يا طنط؟ فات حوالي شهرين، مايهمكيش من كلام الناس، لو انشغلتي بكلامهم هتتعبي.
ماسة: على فكرة، مكي كان عايز يكلمك يا بابا، لكن سليم قال له يستنى شوية لما هو يفاتحك الأول.
مجاهد بلطف: مافيش إشكال، يجي يشرف هو ووالدته في أي وقت.
ماسة بابتسامة: أنا حضرتلكم الاوض هتباتوا معانا الليلة، بابا لو سمحت مش عايزه اعتراض وحياتي.
سليم بترحيب: أكيد هيباتوا احنا اتفقنا.
مجاهد بإحراج: مش عايزين نضايقكم.
سليم: اوعى تقول كده يا عمي انتم وحشتوني جداً ومبسوط انكم هتقعدوا معانا كم يوم.
وبالفعل خلال أسبوع، جلست عائلة ماسة في القصر، وكان هذا الأمر يزعج جميع أفراد العائلة، خاصة فايزة.
كانت ماسة عاقلة جدًا، حيث لم تسمح لعائلتها بالاجتماع مع تلك العائلة المتعنتظة. فكانوا يتناولون الغداء والعشاء والفطور في أوقات مختلفة عنهم. كان الأسبوع مليئًا بلحظات دافئة وجميلة، فقد قضت ماسة وقتًا مميزًا مع عائلتها، مما ساعدها على نسيان همومها والشعور بالفرح معهم بعيد عن سجنها.
ـ فيلا ياسين وهبة التانية مساءً
غرفة نوم
نشاهد هبة تحضر حقيبة سفر لياسين. بعد قليل، يخرج ياسين من الحمام.
هبة: أنا حضرتلك الشنطة... ٤بدل و٢بيجامة. محتاج حاجة تانية؟!
ياسين: لا شكرا يا حبي.
جلست هبة على الفراش.قائلة بقلق: ياسين، ماتعمل زي سليم وتبعد عن شغل التهريب. أنا خايفة عليك.
ياسين: ماتقلقيش، ده شغل عادي مش تهريب.
هبة: ماشي أنا اقصد عموماً.
تنهد ياسين خلينا نتكلم بعدين، ها هتروحي القصر؟
هبة: آه، عشان أقعد مع ماسة. أخوك ده مريض بجد.
ياسين معترضا: الصراحة أنا معاه، لو اتعرضتِ للي حصلهم، والله ماهخرجك من الفيلا، حتى الجنينه، أخاف عليكي.
هبة بتهكم: ده أنتم مرضى والله.
ياسين بابتسامة: إحنا بنحب بس.
هبة باعتراض: ده جنون، مش حب. أنا لو مكتوب لي أموت، هموت مهما عملت وخبتني، الحذر مطلوب، بس سليم مافور، وماسة كمان قبولها ده مستفز.
عمومًا خد بالك من نفسك.
ياسين: حاضر وانتي كمان خدي بالك من نفسك ومن نالا.
قصر الراوي، الثانية مساءً
نرى ماسة تجلس على الكنبة تُشاهد التلفاز، لكن ملامحها كانت تبدو بأنها تتألّم في بطنها. وبعد دقائق، انتبه سليم، الذي كان يجلس إلى جوارها، إلى اضطرابها.
سليم، ملاحظًا: مالك؟ إيه اللي حصل يا عشقي؟
ماسة، بصوت منخفض: بطني وجعاني شوية.
سليم، بقلق، اقترب منها متحسسًا إياه: إنتِ مش أول مرة تشتكي من معدتك. أنا لازم أجيب لك الدكتور.
ماسة، محاولة التخفيف: مش مستاهلة. أنا لاحظت إن لما بقيت باكل فول وطعمية يومين وارا بعض، بطني بتوجعني مش هعمل كدة تاني بقيت زيك يا معدي تبسمت بمزاح.
سليم، بحزم: متهزريش، دي حاجة مقلقة، ماكنتيش كده الأول، بقالك فترة على كدة. أنا هكلم الدكتور وهشوف لو فيه تحاليل معينة نعملها. هجيب لك البنت علشان تاخد منك العينات. وهجهز كمان الأشعات والتقارير بتاعت العملية.
ردت ماسة بتعجب، وعدم رضى: حتى الدكتور هاتجيبهولي هنا؟ والتحاليل؟ أقسم بالله، والله العظيم، لو مسجونة، كانوا خرجوني يودوني المستشفى اشم نفس. لكن هنا في الإنفرادي، ما بيخلصشي أبدًا.
نظر لها سليم بصمت ولم يرد عليها فهو لا يريد أن يدخل معها في نقاش. ثم قال: أنا هكلم الدكتور.
نظرت له ماسة وهي تهز رأسها بيأس، دون أن تقول شيئًا
وبالفعل، وبعد قليل، جاءت إحدى الممرضات وسحبت عيّنة دم من ماسة، إذ كان سليم قد طلب من الطبيب الحضور وإجراء التحاليل على وجه السرعة. وبعد وقتٍ قصير، عاد الطبيب ومعه نتائج الفحوصات.
جناح سليم وماسة
كانت ماسة مستلقية على السرير وسليم يقف بجانبها، كان الدكتور وسحر معهما في الغرفة. كان الدكتور يراجع بعض التحاليل والأشعات قبل أن يتحدث مع سليم.
الدكتور، وهو يراجع التحاليل: مافيش أي حاجة خطيرة، واضح إن الموضوع نفسي. الإشاعات والتحاليل بينت أن الطعنات كانت خارجية، لم تخترق الأعضاء. مستحيل تكون الطعنتين هم السبب في مشكلتك يا مدام ماسة. التعب إللي عندك كله نفسي، واضح إن حضرتك متوترة ومضغوطة الفترة دي، وده بيأثر على المعدة. ممكن كمان تكون نوعية الأكل تقيلة ودسمة، ومعدتك مش قادرة تتحملها.
ماسة: بس أنا واخدة على الأكل الدسم وبحبه كمان.
الدكتور: مفهوم، بس مع تقدم السن، الأعضاء بتكبر، والجسم ممكن مايكونش قادر يتحمل زي الأول..
بس عموما حضرتك سنك صغير لسة فهو بالتاكيد نفسي ..
كل إللي عليكي تعمليه الفترة دي إنك تخففي الكميات. ولما تحسي إن معدتك واجعاكي، توقفي الأكلات المحمرة أو التقيلة أول ماتحسي إن هي بتزود الألم، الأهم من كل حاجة بلاش تتوتر. وبإذن الله، هاتكوني كويسة. هكتب لك على دوا، لو حسيتِ بالتعب ده تقدري تاخديه.
سليم، مطمئنًا: يعني يا دكتور، مفيش أي حاجة خطر؟ خلينا نعمل تحليل وفحصات جديده نطمن.
الدكتور، بابتسامة مطمئنة: التحليل اللى عملنها كفايه، مفيش أي حاجة خطر، إحنا بس نخفف توتر وزعل، مفيش حاجة مستاهلة ولا ايه يا مدام ماسة صحتك أهم.
هزت ماسة راسها بإيجاب بإبتسامة رقيقة
بدأ الدكتور يتحرك للخروج من الجناح بعد أن طلب سليم من سحر أن توصله. ثم اقترب سليم من ماسة، وحاط بذراعه خلف ظهرها، وقبّل جبينها.
سليم بحب: سلامتك يا قطعة السكر.
ماسة، بابتسامة خفيفة: الله يسلمك شفت قولتلك حاجة بسيطة بطل تخاف عليا اوي كدة.
سليم، بحب، ممسكًا يدها برفق:
المهم إنى اطمنت عليكي، هخلي سحر تعمل لك شوربة خضار بالفراخ إيه رأيك ونقضي باقي اليوم مع بعض نقعد نتفرج على أفلام سوا .. اممم.
ماسة؛ مش عندك شغل.
نظر لها سليم بابتسامة وضع قبله صغيرة على شفتيها: أنتي اهم ..
داعب أنفه بانفا ووضع قبله على عينيها
مش هتاخر عليكي.
ماسة: ماشي.
ابتسم لها سليم، ثم وضع قبلة على يدها قبل أن يتحرك بعيدًا.
تنهدت ماسة ومسحت على شعرها ونهضت حتى الاريكة وشغلت التلفاز
💞________________بقلمي_ليلة عادل 。◕‿◕。
في السيارة مكي السادسة مساءً
نشاهد مكي يقود السيارة وسلوى بجانبه ويتحدثان
مكي: ماما عايزة تتعرف عليكِ قبل ماجي أتقدملّك، هي مستنية في الكافيه هنا، بس لو مش حابة، مفيش مشكلة.
سلوى بتردد: مش قصدي مش حابة، بس مكسوفة.
مكي بمزاح: ماتتكسفيش، هي حابة تشوفك علشان ماتعكش الدنيا قصاد عم مجاهد وطنط سعدية، وتقول بقي دي سلوى اللي كانت مجنناك طول السنين دي والكلام ده.
ضحكت سلوى: ده أنت شكلك عانيت اوي.
مكي: آه والله، عشان تعرفي إنك كنتي ظلماني.
ضحكت سلوى دون تحدث.
في الكافيه
نشاهد ليلى والدة مكي تجلس على إحدى الطاولات في انتظارهما وحين اقتربت سلوى توقفت لاستقبالها بابتسامة عريضة وهي تقول.
ليلى وهي تمرر عينها على سلوى بسعادة: ما شاء الله، إيه الجمال ده؟ أنا ماكنتش متوقعة أنتِ بقى سلوى؟ يا نهار أبيض! لا تستاهلي يفضل كل ده مستني.
تبسمت سلوى بخجل وأخفضت رأسها للأسفل، أضافت ليلى: لا، أنا مش عايزاكي تتكسفي، تعالي في حضني.
(قامت ليلى بمعانقتها بسعادة، ثم جلستا.)
ليلى: عاملة إيه يا سلوى؟
سلوى بخجل: الحمد لله وحضرتك.
ليلى: الحمد لله.
مكي بسعادة: شفتي بقى يا ماما، إن عندي حق.
نظرت ليلى لسلوى: عارفة أنا من زمان نفسي أتعرّف عليكِ مش بس علشان أشوف شكلك، لكن علشان أعرف مين دي اللي خطفت قلب ابني وعملت فيه كده؟!
ابتسمت سلوى بخجل بصمت أكملت ليلى بحكمة:
ماتزعليش لو طلبت أشوفك قبل مانيجي، انا بس
خفت لكلمة تفلت مني كده واعمل لك مشكلة أصلاً عارفة نفسي.
سلوى: انا مش متضايقة خالص مكي فهمني.
ليلى: طب كنتِ زعلانة من مكي ليه الفترة اللي فاتت؟
سلوى متعجبة: حضرتك شايفة إني مش من حقي أزعل؟
ليلى بحكمة: بصي يا سلوى، خديها كلمة من واحدة زي أمك، مش علشان هو ابني بس، أنا كنت معاه ودخلت الموضوع في دماغه أكتر، بصي يا حبيبتي، هو مش قصة إنه كان عايزك تقارني بينه وبين أي حد تاني. انتِ وقتها كنتِ صغيرة، فالحب بالنسبالك، راجل بيقول كلام حلو وبيهتم بيكي. مع إنه بصراحة أنا بشك إنه مكي بيقول كلام حلو من أساسه.
مكي تبسم بخجل، أكملت:
لكن نيجي للحق، هو كان عايزك تختاريه مش علشان بيهتم بيكي أو عشان جبلك ورد أو عروسة كان عايزك توافقي عليه عشان شخصيته هو، أنا عارفه مكي مالوش في الكلام الحلو مايعرفش يقوله ولا بيعرف يجيب دباديب. راجل زي ده، معاشرته مش سهلة لأنه راجل عملي، بيحب بأفعاله مش بكلامه. أنتِ دلوقتي واعية وأنتِ بتختاريه، انت يا حبيبتي عندك استعداد تعاشري وتعيشي مع واحد مش هيعرف كل شوية يقولك كلام حلو ولا يعمل لك مفاجآت زي اللي بيعملها سليم لماسة.
تبسمت سلوى أجابت بعقلانية: إنتوا ليه مقتنعين إني وقتها كنت عبيطة ومش فاهمة؟ صدقيني، وقتها كنت عارفة إن مكي مش زي سليم، ومش بيعرف يقول كلام حلو، وده كان باين عليه اوي لما جاب لي الورد جوه شنطه عشان يتكسف حد يشوفه، لكن مش هنكر إن كنت حابة أعيش قصة حب زي أختي أكتر من حبي له كشخص.
ليلى:شفتي؟ عموماً، مش عايزين نتكلم في الموضوع ده. أنا مبسوطة وإن شاء الله تبقوا خير لبعض. خدوا بالكم من بعض. احكي لي شوية عن نفسك يا سلوى..
سلوى: حاضر شوفي حضرتك عايزه تعرفي ايه وأنا أقول لك.
💞_____________بقلمي_ليلة عادل 。◕‿◕。
منزل نيللي التاسعة مساء
اندفع رشدي إلى الشقة بخطوات سريعة بعد أن فتح الباب بمفتاحه، عيونه تلمع بالحماس. دار ببصره في المكان حتى وقعت عيناه على نيللي، جالسة على الأريكة، تشاهد أحد الأفلام.
ابتسم وتنفس بعمق ثم قال بحماس: عملتها! سليم وافق... الفكرة عجبتهم، إحنا على أول الطريق!
توقفت نيللي عن متابعة الفيلم، نظرت له بسعادة وقالت: أيوه بقى! هو ده المطلوب... مبروك يا روري!
قفزت من مكانها، احتضنته بقوة: ابتعدت وهي تقول كنت عارفة إنك هتعملها! بس الأهم مش إنك تبدأ... الأهم إنك تكمل، وده اللي جاي.
رشدي ضحك، قرب منها ومد يده ممسكًا بيدها، هز كتفيه بحماس: أكيد ده اللي هيحصل! تيجي نرقص ونحتفل؟
ضحكت و أمسكت يده و امسكت الريموت وضغطت على زر تغيير القناة، لتنطلق أغنية "بحب الناس الرايقة" بصوت رامي عياش وعدوية.
المكان امتلأ بالحماس، الإيقاع سيطر عليهما، ضحكا، لفّها رشدي في الهواء، اقتربت منه أكثر، عيناها تلمعان بذكاء.
همست في أذنه بنبرة خبيثة: شايف بقى؟ الأفكار بعد السطرين بتعمل إيه؟
توقف رشدي للحظة، عقد حاجبيه متعجبًا:
سطرين؟
تحركت نيللي ناحية الطاولة، أخرجت كيسًا صغيرًا ورمته في يده.
إنت محتاج السطرين دول بكرة في الاجتماع... عشان تخليهم يوافقوا لما تقعد مع سليم. وانت بتقنعه، لازم تبقى مسيطر، وواثق في كل كلمة بتقولها... زي ما هو بيعمل.
صمتت لحظة، اقتربت أكثر، ضغطت بأصابعها على صدره، ثم صعدت بها إلى جبينه. قالت: هو قوته في العضلات... في الزعيق والتبريق... لكن انت؟ قوتك هنا. في دماغك، في الأفكار اللي بتطلع منها. وأنت عايز تكسب، مش كده؟
نظر رشدي إلى الكيس بين يديه... التردد واضح على ملامحه. بلع ريقه، نظر إليها كأنه يحاول استنباط نواياها.
بإغراء هادئ قالت: مش هيحصل حاجة لو خدت شمة كل أسبوعين أو كل شهر... حاجة كده تخليك تنسى وتنبسط ودماغك تبقى رايقة. اسمع مني، جرب! ماحدش بيدمن من أول شمة... خدها، شوف بعدها إيه اللي هيحصل. عجبك؟ كمل. ماعجبكش؟ خلاص..
نظر إلى الكيس في يده، ثم إلى نيللي... عيناه تحملان ترددًا لحظيًا. مرر يده على وجهه، زفر بعمق، ثم قال بصوت منخفض، وكأنه يحاول إقناع نفسه:
ـ ماشي... نجرب.
فتح الكيس ببطء، حدق في المسحوق الأبيض للحظة قبل أن يغمس طرف إصبعه فيه. رفعه إلى أنفه، استنشق... أول شمة. تردد للحظة، ثم أخذ الثانية.
أغلق عينيه، وكأن موجة غريبة اجتاحته. لم يتحرك، كأنه ينتظر شعورًا مختلفًا يسيطر عليه. راقبته نيللي بعينين مترقبتين، ثم سألته بابتسامة خفيفة: إيه... حاسس بإيه؟
فتح رشدي عينيه ببطء، نظر حوله كأنه يحاول التأكد من أنه لا يزال في المكان نفسه، ثم تمتم بصوت متحير: مش عارف...
ثانية أخرى، وارتسمت على شفتيه ابتسامة غير واعية. نظر لنيللي، عيناه تحملان مزيجًا من الاستغراب والانبهار: دماغي... مش موجودة. بس الشعور... حلو.
توقف للحظة، وكأنه يبحث عن وصف دقيق، ثم أكمل بصوت هادئ: عامل زي أول سيجارة حش"يش... أول نفس، بس أقوى.
نيللي ابتسمت بثقة، رفعت كأسها في الهواء، عيناها تلمعان بانتصار واضح: مش قلت لك ماتقلقش؟
نظرت إليه وهو يسترخي أكثر في مقعده، شعرت بارتياح داخلي، فقد وصلت إلى ما أرادت. رشدي تجاوز الحاجز الأول... والباقي سيصبح أسهل. الآن، أصبح الطريق إلى الإدمان ممهّدًا أمامه، والمهمة التي جاءت من أجلها... تمت بنجاح.
قصر الراوي السابعة مساءً
في إحدى الغرف...
نرى إحدى الخادمات، مشغولة بتنضيف الغرفة وترتيبها بعناية، بعد قليل دخل طه المكان بنبرة متسائلة:
طه: إنتِ لسه ماخلصتيش ولا إيه؟
التفتت الخادمة إليه بسرعة، محاولة تدارك الموقف:
خلاص يا فندم، خمس دقايق بس.
نظر طه إليها بجدية: طب أنا هروح أجيب حاجات من الأوضة بتاعتي. أرجع ألاقيكي خلصتي، مفهوم؟
أومأت برأسها بتوتر: مفهوم يا فندم.
غادر طه الغرفة بخطوات واثقة، متجهًا نحو غرفته.
غرفة منى وطه...
منى جالسة على الفراش، تضع مساحيق التجميل بعناية مفرطة. ترتدي قميص نوم يكشف عن جمالها ويبرز ملامحها بسخاء. فور أن دخل طه الغرفة، قفزت نحوه بعفوية، تعانقه بشوق:
حبيبي! كده تبعد عني كل ده؟ أنا منوش حبيبتك! جالك قلب تنام بعيد عني ليلة بحالها؟
ابتعد طه عنها بهدوء، ونظراته تحمل برودًا لم تعتده منه. نظرت إليه بعتاب، محاولة استعادة أجواء الماضي:
أهون عليك يا طه؟! ده أنا منى حبيبتك ازاي قدرت تعملها؟ دي أول مرة تحصل بيننا من سنين ! أنا مابقتش قادرة أعدهم، 15 سنة يا طه، مظبوط؟
طه مد وجهه بضيق وصوته كان حاسمًا:
إحنا انتهينا يا منى. متحاوليش. كان زمان ممكن تضحكي عليا بالضحكة الحلوة دي ونظرتك دي، بس انتِ نهيتها يا منى.
حدقت منى به غير مصدقة: كل ده ليه؟ عايزة أفهم!
أجابها طه بحدة وهو يتجه نحو الخزانة: إنتِ عارفة.
بدأ في جمع بعض ملابسه ووضعها في حقيبة صغيرة. حاولت الاقتراب منه لتمنعه، لكن كلماته قطعت عليها الطريق: ما خلاص بقى يا طه، ما تكبرش الموضوع!
توقف طه قليلاً، ناظرًا إليها بعيون تحمل خيبة: الموضوع كبير لوحده يا منى.
حاولت فهم موقفه، صوته جعل قلبها يغرق:
أفهم من كده إن إحنا خلاص؟ بجد؟
أومأ برأسه دون تردد: بالظبط. إحنا خلاص.
مرر عينه عليها بحزن قائلاً: عارفة يا منى، أنتِ غبية مش ذكية زي ما أنتِ بتحاولي تقنعي نفسك. استغليتي حبي ليكي بأبشع طريقة، وأغبى استغلال كان ممكن. تستغلي حبي المجنون ليكي بطرق تانية، وساعتها كان ممكن نوصل للكرسي اللي نفسك فيه. لكن طمعك وجنونك خلاكي تغرسي إيدك في الدم، دم واحدة غلبانة، ذنبها إنها حبت واحد ما كانش ينفع إنها تحبه. وسليم غلط لما دخل واحدة زي ماسة في القصر، خلاها تبقى معانا وهو عارف إن كل اللي هنا نواياهم خبيثة. لكن كبرياءه عماه، فكر إنه مفيش حد يقدر عليه، لكن الكل قدر عليه. أنا مش لاقي حاجة أقولها لك، بس أنا بقيت بخاف منك. طمعك وجنونك ممكن يخليك تعملي أي حاجة
اكمل، وهو يهم بالخروج، قال بنبرة أخيرة:
عن إذنك.
ترك الغرفة وسط صمت ثقيل نظرت باستغراب وتعجب، ليتركها تواجه وحدتها وحقيقة نهاية لم تتوقعها.
💞_______________بقلمي_ليلةعادل
جناح سليم وماسة الحادية عشر مساءً
كانت ماسة وسليم يتوقفان فى منتصف الغرفة يبدو على ملامح وجهه الانزعاج.
ماسة تنهدت بتعب: يعني، انت مش هتخليني أروح أحضر لتاني مرة قراءة فاتحة أختي؟ طب أنا مش هعمل مشاكل زي المرة اللي فاتت وهسكت، بس خلي بالك، إنت بتيجي عليا جامد، بس خلاص أنا مش عايزة أتناقش ولا أتكلم.
سليم بحدة: يعني مش هتتكلمي؟!
ماسة بأنين: أتكلم ليه؟ يعني هتغير من قناعتك؟ بعد ما نتكلم ونتخانق هتوافق؟ مستحيل. وبعدين، خلاص يا سليم أنا مقتنعة إنك صح. كل الحكاية إني طبيعي نفسي أحضر أي حاجة تخص أختي خصوصًا إن مكي وسلوى قصتهم مختلفة.
سليم بهدوء: أنا قلت لك هعمل الخطوبة هنا. عايزة إيه تاني؟ وهجيب لك مصممة الأزياء معاها أكتر من فستان تختاري منهم حتى هجيبلكم هنا الصايغ من محلاتنا تختاروا منها الشبكة.
ماسة بضيق: وليه تخليني احرم اختي من انها تختار براحتها.
سليم: بس هي موافقه
ماسة بضجر: هى مطر توافق عشاني.
سليم ببساطة: ايه مشكله اختك لازم تحس بيكي وتتنازل بعدين أنا هعمل كل اللي نفسك فيه هنا من غير متتعبي نفسك كل العائلات الكبير بتعمل كدة.
ماسة مسحت وجهها بتعب فهي لا تعرف ماذا تقول فلا يوجد أي كلمات تسطيع أن تغير موقف سليم،هي وعدت نفسها ان تتحمل وتصبر عليه.
تنهدت بيأس، هزت رأسها بإيجاب بصمت: أنا عايزة أنام. تصبح على خير.
توجهت ماسة لتستلقِي على الفراش باستسلام تام، وهي تفتح عينيها وتفكر: إلى متى ستظل متحملة جنون سليم بينما سليم ظل ينظر لها بصمت وهو يجز على أسنانه.
فيلا عائلة ماسة الثامنة مساءً
الصالون
نري جميع أفراد العائلة يجلسون في أجواء سعيدة، يظهر مكي ووالدته ليلى، بينما ماسة وسليم غير متواجدين. الجو في الصالون هادئ ومريح. الجميع يتبادل الأحاديث في جو عائلي دافئ.
مجاهد مبتسمًا: سليم اتكلم عنك كويس، أنا معرفكش، لكن سعدية وابني عمار قالولي إنك راجل محترم.
مكي بتواضع: فعلاً، حضرتك ماحصلش أي كلام بيننا قبل كده، بس أعتقد إن الكلام اللي سليم قاله عني هو اللي خلاكم تطمئنوا.
سعديةمبتهجة: وأنت ياحبيبي، ماعندكش إخوات، ولا عم ولا عمة؟
ردت ليلى مبتسمة: مكي عنده عيلة كبيرة، عنده عمام وعمات، وأنا عندي إخوات كمان. بس حبينا نجي النهاردة لوحدنا، علشان نكون مرتاحين. وإن شاء الله لما يحصل نصيب، هيجوا.
مكي بتأكيد: أنا فضلت نيجي لوحدنا النهاردة، لأن دي حياتي في الأول والآخر. أنا اللي هبنيها لوحدي.
مجاهد موافقًا: أنت شكلك راجل محترم، وإن شاء الله هتتقي الله في بنتي.
مكي بابتسامة وصدق: إن شاء الله، مستحيل أخذل حضرتك.
في هذه اللحظة، تدخل سلوى إلى الغرفة وهي تحمل صينية عليها أكواب عصير. وجهها مشرق، وتبتسم بلطف لكل الحضور وترتدي فستان ازرق جميل.
سعدية: قدمي لطنطك الأول يا سلوى
سلوى: حاضر اتفضلي.
ليلى مبتسمة: شكرًا يا حبيبتي بس خليها ماما بقى بعد إذنك ياحاجة يعني أنا معنديش بنات هي هتبقى بنتي.
سعدية: طبعاً يا حبيبتي.
كملت سلوى حتى وصلت إلى مكي الذي كان يبتسم لها إبتسامة جميلة بلطف،،
تبادلا الابتسامة للحظة وجلست سلوى بجانب سعدية.
ليلى بلطف: بما إن الحمد الله الأمور تمام نقرأ الفاتحة ايه رأيك يا حاج ولا عايزين أعمام وأخوال مكي الأول. اللي تؤمر بيه؟!
مجاهد بلطف: انتي الخير والبركة يا حاجة، أنا بس عايزك توعدني يابنى إنك تاخد بالك من سلوى وتشيلها في عينيك.
مكي بسعادة: أوعدك يا عمي إنها هتبقى أغلى من عينيا كمان.
مجاهد : توكلنا على الله نقرأ الفاتحة.
الجميع:
بسم الله الرحمن الرحيم...
وبالفعل، بدأ الجميع في قراءة الفاتحة، بينما ملامحهم مليئة بالأمل والاطمئنان، وبعد الانتهاء زغرطت سعدية وليلى و ضمتا العروسين بحب
مكي: كدة نروح نجيب الشبكة كمان يومين ايه رأيكم؟؟ والخطوبة الجمعة.
سعدية بفرحة: إن شاء الله مستعجل إنت.
مكي بحماس: الصراحة اها
سلوى: لا استنى بس أشوف الفستان الأول وأقولك بعدين سليم قال هيجيب الصايغ في القصر عشان ماسة تختار معايا، انا بصراحة عايزه أختي تبقى معايا.
مكي: ماشي إللي يريحك.
ليلى: على خير باذن الله.
قصر الراوي الثامنة مساءً
مكتب عزت
نرى سليم جالسا على المقعد، وعزت وفايزة يجلسان على الأريكة.
فايزة متعجبة: هتعمل خطوبة سلوى هنا !!!
سليم بهدوء:أيوه، هعملها هنا لأن ماسة ممنوع تخرج من القصر.
تحدثت فايزة بأرستقراطية: طبعاً مرفوض مش هقبل إن الخطوبة دي تتعمل هنا، مكي ده شغال عندنا، حتى لو كنت بتحبه وتعتبره صديقك، بس لكل مقام مقال يا أستاذ سليم، أنا قبلت إن سعدية وزوجها وأولادهم يجوا هنا عشان يشوفوا بنتهم، ويباتوا أكتر من اسبوع، لكن أكتر من كده، آسفة.
مد سليم وجهه وهو يهز بايجاب عدة مرات قائلا بنبرة هادئة: مفيش مشكلة، ولا تزعلي نفسك يا فايزة هانم. أنا هعمل الخطوبة في فيلتي.
عزت متعجباً: فيلتك؟
هز سليم رأسه بإيجاب بهدوء: أيوه، في فيلتي ايه الغريب؟! هظبط التأمين بتاعها أكتر، وأخذ ماسة وعيلتها هناك، وأعمل الخطوبة هناك. ومش هارجع هنا تاني.
فايزة بضجر عدلت من جلستها: إنت بتهددني يعني؟! يا تتعمل الخطوبة هنا، يا إما تمشي.
ارتسمت على شفتي سليم نصف إبتسامة لم تصل الى عينيه قال بنفي:
لا طبعًا، مش ممكن أهددك، كل الحكاية إني كنت فاكرك هتقدري تفهمي خوفي على مراتي، لكنك لسه معاندة، ولسه حاطة في دماغك الأفكار القديمة. مهما السنين مرت،( تنهد بتعب) أنا تعبت من الجدال والخناق. في نفس الموضوع كفاية والله، كفاية! ارحميني شوية، أنا عندي حاجات أهم من الكلام الفارغ ده بكتير.
عزت: سليم إحنا بنتناقش مش أكتر، كل حاجة بنرفضها أو فايزة بترفضها تقول همشي.
سليم بهدوء: لا، بس أنا جيت وطلبت طلب واترفض، ده قصرك يا باشا ليك حرية الرفض والقبول، بس مراتي لازم تحضر خطوبة أختها الوحيدة، فالحل الوحيد إنها تتعمل هنا، وأنتم رافضين أصبح الحل الثاني إن أنا اخدها نروح فيلتنا وأعملها هناك بس بفهمكم إني مش هارجع تاني هنا..
تنهد عزت وأشار بيده: خلاص اهدى واعملها هنا،
تساءل: هو أنت هتفضل حابس ماسة؟! كده غلط إللي بتعمله يا سليم.
سليم ببرود: محدش يتدخل في حاجة ملوش علاقة بيها. هو أنا بأتدخل في علاقتك بفايزة هانم، دي مراتي وأنا حر ... ها عايزين حاجة تانية ولا أمشي؟
فايزة: خلاص، يا سليم. قلنا لك اعمل اللي إنت عايزه. أنا موافقة...
نظر سليم بتحذير داخل عينيها: فايزة هانم، صدقيني، لو رجعتي تعملي أي حاجة من الحركات اللي كنتِ بتعمليها زمان، أو عملتِ حاجة يوم الخطوبة أو في أي يوم، من السخافات بتاعت زمان، أنا مش هتكلم، مش ههدد، ولا هتخانق. بس هاخد مراتي وهامشي من هنا، ومش راجع تاني. ومش هتشوفي وشي تاني في حياتك، مش هقولك تاني إن في دماغي حاجات أهم بكتير من اللي أنتِ فيه ده. عن إذنكم.
خرج سليم إلى الخارج، وفايزة تنظر إلى آثاره باختناق.
نظر عزت لها متعجباً: يعني وافقتي لازمته ايه الخناق بقى.
فايزة بحزن: مافيش قدامي غير إني أوافق. أعمل إيه؟ عشان أحسن علاقتي بيه.
عزت بتوضيح: قربي من ماسة وعلاقتك هتتحسن صدقيني ،كفاية إنها محكتش له اللي عملتيه معاها لما كان في الغيبوبة حتى ضربك ليها بقلم.
نظرت له فايزة بصمت: مش هقدر يا عزت مش هقدر.
نظر عزت لها بتعب ومد وجهه بيأس.
وخلال أيام قليلة، أصبحت سلوى شبه مقيمة مع ماسة بعد عودة هبة،لكي يختارن الفستان والشبكة وكل ما سوف يحتاجوه في الحفل. فقد جلب سليم لهم مصممة أزياء مع مجموعة كبيرة من الفساتين لكي يختارن منها داخل القصر، كما جلب الصائغ ليختارن الشبكة ومصممين ديكورات الأعراس
. كان سليم يجلب كل شيء إلى القصر لكي يسعد ماسة وتشعر أنها تشارك أختها سعادتها و تفاصيل خطوبتها.
قصر الراوي الثانية مساءً
في الصالون،
نشاهد هبة وماسة تجلسان على الأريكة وأمامهما مجموعة من الفساتين المعلقة على الستاند، مع مجموعة من السيدات اللي يبدو عليهن أنهن مصممات أزياء.
هبة نظرت لماسة متسائلة: هتفضلي لامتى؟ ساكتة على اللي إنت فيه ده؟ أنا بصراحة مستغربة.
ماسة تبسمت بلطف: يا حبيبتي، ولا تستغربيني ولا حاجة. أنا اتكلمت معاه وقال لي استني شوية، وأنا مستنية.
هبة: تحبي أتكلم معاه؟ أخلي ياسين يتكلم؟
ماسة برجاء:، لا بلاش. أنا مش متضايقة ومستوعباه، قوليلى لسه مش بتعرفي تنيمي نالا.
هبة: لا خالص الحمدلله معرفش كنت مجنونة ليه.
ماسة تبسمت: انتي كنتي مستعجلة بس.
هبة بخجل: أنا آسفة يا ماسة، ماكنتش أقصد والله أجرحك.
ماسة بطيبة: يا حبيبتي، أنا مش زعلانة.. وأثناء حديثهما.
خرجت سلوى وهي ترتدي فستانا باللون الأرجواني، في منتهى الجمال.
هبة: واو، تحفة. لا خلاص، هو الفستان ده كفاية بقى.
ماسة: بجد، الفستان ده تحفة.
سلوى بحيرة: أنا محتارة خالص بجد.
ماسة: على فكرة، الفستان جميل والموف كان تحفة.
سلوى بتردد: ممكن أجرب الأحمر؟
نظرت هبة وماسة إلى بعضهما البعض وضحكتا.
هبة: إحنا مش هنخلص كدة.
سلوى: معلش
ضحكت ماسة: يلا يا ستي.
💞__________________بقلمي_ليلةعادل
بعد كام يوم
قصر الراوي - الحديقة الثامنة مساءً.
نرى حديقة القصر مزينة بأنوار خافتة تضيء الأشجار والورود بشكل بسيط لكنه جميل للغاية. الكوشة الصغيرة المكونة من الورود كانت تقف وسط الحديقة، تحيط بها الزهور الناعمة.
كان أفراد العائلة يتنقلون بين الطاولات، يتبادلون التهاني والابتسامات، فيما الشموع الصغيرة التي زينت الموائد تعكس ضوءها الدافئ. الموسيقى الناعمة تعزف لحنًا متناغمًا مع دقات القلوب، وأصوات الضحكات تملأ الأجواء.
بينما كانت سلوى تتوقف أمام مكي، يُحرك النسيم فستانها الوردي الطويل. رفعت عينيها إلى مكي، الذي كان يقف أمامها ببدلته الأنيقة، يتأملها بنظرات الحب. ابتسامته ارتسمت ببطء على شفتيه.
فـأخيرًا، تحقق الحلم الكبير بين سلوى و مكي نحو حياة جديدة.
مكي بحب: تعرّفي، أنا مش مصدق إننا أخيرًا بقينا مع بعض، راسك العنيدة دي صعبة!
سلوى تبتسم بخفة: أمال إنت كنت فاكر إنني هفتح لك حضني وأقولك يلا يا مكي؟
مكي يضحك: لا يا ستي، طبعًا! لفيفيني حولين نفسي هههه
إنتِ عارفة ان من مواصفات شريك حياتي تكون عنيدة، بس مكنتش متصورك عنادية للدرجة دي؟ انتِ تفوّقتِي.
سلوى تضحك بتواضع: طبعاً لازم أكون أعلى شوية من أحلامك؟
ضحكا مع بعضهما
مكي ابتسم بصدق: أوعدك يا سلوى إنني هعمل كل حاجة عشان أشوفك دايمًا مبسوطة وأعوض كل السنين اللي زعلتك فيها
سلوى بابتسامة دافئة: وأنا واثقة فيك.
على الناحية الأخرى:
في وسط الحديقة، حيث كان الجميع يرقصون على أنغام الأغاني الشعبية، تجمعت بعض من صديقات ماسة حولها. كان الحفل في ذروته، والجميع مستمتعا باللحظة.
خالة ماسة: إيه يا بت، مش ناوية تيجي البلد؟ من ساعة الحادثة ماشفناكيش!
ماسة بابتسامة هادئة: معلش يا خالتي، إن شاء الله هاجي.
خالتها: انتي وحشتينا تعالي أقعدي كام يوم.
ماسة: إن شاء الله.
خالها فين جوزك نسلم عليه.
ماسة حاضر
التفتت تبحث عنه وقعت عينيها عليه وهو متوقف مع ياسين وفريدة وإبراهيم، أشارت له بيدها ان يأتي هز راسه لها وتوجهه نحوها.
سليم: افندم aşkım
ماسة وهي تشير بيدها: عايزين يسلمه عليك.
تبسم سليم توجهه نحوهم قال بتهذب: مساء الخير منورين.
جميع: بنورك يا بيه
خالها: عامل ايه يا سليم بيه انا فتحي خالها.
سليم: الحمد لله عارف، اعرفكم كلهم انتم عاملين ايه.
عمتها: الحمدلله يا بيه.
بعد لحظات ثم تقدمت هبة بأيدٍ مفتوحة وأمسكت يد ماسة، وسحبتها بلطف لتتوجه بها إلى مجموعة من صديقاتها..وتوقفت معهم.
ريتال بلطف: إيه يا ميسو؟ مش ناوية تظهري؟
ماسة: ما أنتم عارفين اللي فيها.
داليدا: وهتفضلي كده كتير؟
ماسة: إن شاء الله لا.
كارمن: بصراحة، أنا مع سليم وضده في نفس الوقت. اللي حصل لك صراحة يرعب، خصوصًا إنكم لحد دلوقتي ماوصلتوش لمسبب الحادثة. وفي نفس الوقت، حاسة إنه مكبر الموضوع.
ايناس: عندك حق يا كارمن. بصي يا ماسة، اتحملي شوية، وإحنا هنبقى نيجى نقعد معاكي. بس من رأيي، لازم سليم يعرض نفسه على أخصائي.
ماسة محاولة تغيير الحديث: إن شاء الله. تعالوا بقى نرقص.
توقفت ماسة في ساحة الرقص، تصفق بحماس وسعادة وهي ترى أختها سلوى ترقص مع مكي، بينما امتلأ الجو بالبهجة والفرح. كانت تشعر بسعادة خالصة لأجل أختها، تراقبها بابتسامة ممتنة لهذه اللحظة التي لطالما تمنتها لها.
وحين همّت بالرقص بعد أن سحبها أحد أقاربها، التفتت برأسها تبحث عن إذن من سليم. لكنه نظر إليها برفض، وهز رأسه نافيًا. لم يكن مجرد رفض، بل غيرة واضحة ونظرة تملك، وكأنه يعلن بصمت أنها له وحده. لم يتفوه بكلمة، لكن عينيه قالت كل شيء.
شعرت ماسة بالضيق للحظة، إحساس خفيف بعدم الرضا تسلل إلى قلبها، لكنها لم تسمح له بأن يفسد سعادتها بهذه الليلة. تجاهلت الأمر سريعًا، وواصلت التصفيق والاحتفال بحماس، تغمرها الفرحة لأجل أختها.
وسط هذه الأجواء المبهجة، جلس مكي وسلوى مرة أخرى، وتقدمت ليلى والدة مكي، حاملةً الشبكة على أنغام أغنية "يا دبلة الخطوبة، عقبالنا كلنا". لم يخفِ مكي سعادته وهو يضع خاتم الخطوبة في يد سلوى، لحظة انتظرها لسنوات طويلة. كانت سلوى متألقة، عيناها تلمعان بالسعادة، بينما الجميع يحيط بهما بالفرح والتصفيق.
بطبيعة الحال، لم تحضر عائلة سليم الخطوبة، باستثناء ياسين وهبة وفريدة وإبراهيم، لكن ذلك لم يُحدث فارقًا، ولم يهتم أحد بغيابهم. الليلة كانت ملكًا للفرح وحده.
بعد انتهاء الحفل، انصرف الجميع، بينما ظل قلب ماسة مزدحمًا بالكثير من الأحاسيس المتداخلة بين الفرح لأجل سلوى، والتساؤلات التي لم تجد لها إجابة بعد.
في أحد الشوارع الرابعة مساءً
نري سيارة مكي متوقفة أمام عربة سجق وكبدة، وكانت سلوى جالسة على الكبوت مبتسمة وتنظر في اتجاه آخر. نرى مكي يقترب من العربة، وبعد قليل يعود وهو يحمل صينية بها أطباق مليئة بالسندوتشات.
مكي بحب: ألف هنا.
سلوى وهي تتناول السندوتش: قولي بقى، جبت كم واحدة هنا قبلي؟
مكي بتأكيد: إنتِ الوحيدة.
سلوى بشك: إنت عايز تقولي إنك عمرك ما كلمت بنت؟
مكي بتوضيح: لا، كلمت بنات، هكدب لو قلت ماكلمتش ...قبل ماعرفك، أكيد كنت عارف بنات كتير، بس مش حب.
قاطعته سلوى: وبعد معرفتي؟!
مكي بنبرة صادقة: بردو أكيد كلمت بنات، كنت بحاول أنسى، لكن لقيتني مش قادر، كنتي ملكاني بشكل كامل. قلت خلاص، أركز في حياتي وشغلي، وأستناك. حرام عليا أعلق حد بيا.
سلوى بفضول: وأيه بقى اللي بيميزني عن كل البنات دي؟
مكي بنظرات عاشقة: إنتِ كلك مميزة على بعضك.
سلوى: مميزة إزاي وفي إيه بالظبط؟
مكي: في كل حاجة، يا سلوى. طريقتك، شكلك. شخصيتك جنونك مش عارف أفهمك. بس صدقيني، إنتِ مميزة.
سلوى بإبتسامة: طب، وإيه إحساسك في أول يوم خطوبة لنا؟
مكي نظر للدبلة بين أصابعها وأمسك يديها: أكيد سعيد جداً، لأني طلعت قد الوعد اللي وعدته لنفسي زمان. إني كنت مستني لحد ما تنضجي عشان أوريكي أنا بحبك قد ايه؟!. إيه رأيك نكتب الكتاب قريب؟
سلوى برفض: مافيش الكلام ده، يا بابا. مش قبل ماخلص أولى جامعة.
مكي: ده إشمعنا يعني؟
سلوى مدت كتفها لأعلى: مش حابة أخش الجامعة وأنا مدام سلوى حابه أدخل وأنا سوسكا.
نظرت داخل عينه قالت بتمرد:
وكمان عشان أكون عرفتك كويس وعرف طباعك، هينفع أكمل معاك حياتي ولا لأ؟ يا بتاع النضج.
مش هو ده اللي إنت كنت عايزه؟ يا بتاع النضج
مكي تبسم: امم هو ده اللي أنا عايزه، خلاص، ماشي
سلوى: بقولك ايه، ما تاخدش على حوار الخروج ده. إحنا عندنا ممنوع، بس ماما سمحت النهاردة وخلاص. ممكن نتقابل عند ماسة؟
مكي: ولا حتى نتقابل عند ماسة، أنا هاجي لك البيت. مش هينفع أخون ثقة والدك ليا؟ هستأذنه، ولو رفض خلاص، نتقابل عندكم.
سلوى: ماشي.
مكي: يلا كلي السندوتشات.
سلوى: هتوديني فين؟
مكي: شوفي أي مكان حابة تروحيه، وأنا هوديك.
بس أوعي تكوني ليكي في الفرهده زي أختك والخروجات بالنسبة ليكي ملاهي؟!
ضحكت سلوى: انا بحبها بس خليها يوم من أوله، مش عارفة ممكن نروح فين. نروح الحسين او الهرم.
مكي: تمام.
قصر الراوي
جناح سليم وماسة، الواحدة صباحاً
نشاهد ماسة مستلقية على صدر سليم، ومغطيان نصفهما، ووجهاهما محمران من آثار لحظات عشقهما..مررت ماسة أصابع يديها على صدر سليم، ثم وضعت قبلة على رقبته وقالت بنبرة لطيفة:
ماسة بدلال: سليم مش هنخرج بقى مع بعض؟ ماوحشكش نخرج سوا ونقضي وقت مع بعض؟
سليم بشوق: وحشني جدًا، ونفسي...
ماسة بشغف: طب يلا خلينا نخرج.
سليم بضجر خفيف: مش هينفع يا ماسة، وكفاية بقى تتكلمي في الموضوع ده، مابتزهقيش.
ماسة بتأثر: مابزهقش... بس في حاجة تانية بتزهقني أكتر، قعدتي هنا ما بين أربع حيطان.
نظر سليم لها بتمعن، ونبرة صوته فيها استنكار: هو انتِ ليه محسساني إني مش عايش نفس اللي انتِ عايشاه؟
ماسة بابتسامة حزينة ونظرة عميقة: لا يا سليم، انت مش عايش اللي أنا عايشاه.
سليم: يعني إيه؟
ماسة رفعت جسدها قليلاً نظرت له: أنت بتخرج وبتروح شغلك وأوقات بتسافر، لكن أنا على طول هنا. مابروحش حتة، حتى سلوى بطلت تيجي لي كتير بقت مشغولة في حياتها ودروسها ومع مكي، بابا حتى بطل يجيبها هنا كتير عشان مش عايزها تقعد مع مكي كتير.
نظرت ماسة له محاولة كتم مشاعرها: هو أنا مش صعبانة عليك؟
سليم بلطف: والله صعبانة عليا... ومتعصب عشانك. بس خوفي عليكِ أكبر بكتير من إني أوافق على إللي عايزاه.
ماسة بحزم وعيون ممتلئة بالدموع: سليم، إنت مش حاسس إن الموضوع بدأ يدخل في مرض؟ أو إنك بقى عندك مشكلة كبيرة.
سليم بنبرة عصبية ولكن هادئة: أنا مش مريض، ولا عندي مشكلة كبيرة. أنا كويس جدًا. أنا واحد خايف على مراته اللي اتعرضت للطعن. ومستحيل أخاطر بيكي تاني.
أمعن النظر بها وقال: وبعدين؟ بعدين إحنا هنتخانق مع بعض واحنا كده؟ ده وقته؟
ماسة: لا،بس هو أنا كمان ماينفعش أتناقش معاك؟
سليم: ماشي يا ماسة بس خليكي عارفه مافيش حاجة هتخليني أرجع عن قراري.
نظرت له ماسة بصمت لا تعرف ماذا تقول؟!
(خلال فترة)
خلال فترة قصيرة، أصبحت علاقة سلوى ومكي قوية جدًا، وكان الحب والسعادة يملآن حياتهما. كان مكي يحاول تعويضها عن السنوات التي ابتعدا فيها عن بعضهما، لكنه لم يكن يستطيع الخروج معها بسبب رفض مجاهد لذلك، كان يذهب لرؤيتها في البيت أو يلتقيها عند ماسة. عندما تتيح لهما الفرصه يأخذها يأخذها لماتش بوكس او فيلم اكشن..
كانا يتحدثان في الهاتف طوال الليل، وكانت السعادة تملأ قلبيهما.
أما ماسة وسليم، فبقي الحال كما هو. ظلت ماسة ممنوعة من الخروج، تحاول الصبر والتحمل كانت تتجنب الاقتراب من نالا، خوفًا من أن تتعلق بها مرة أخرى.. أما علاقتها بسليم، فبقيت كما هي، تحاول استيعابه.
أما رشدي ونيللي، فقد اقترب رشدي منها كثيرًا، وكانت تقدم له مساعدة كبيرة، تزوّده بأفكار قوية، وتعطيه الثقة والدعم المعنوي، وتعظيم الذات الذي يحبه، وكان هذا من أهم الأسباب التي جعلته يقترب منها. ورغم ذلك، لم يكن مستسلمًا لها تمامًا، خاصة في مسألة إدمانه المخدرات أو أن يأخذ جرعة أخرى، إذ ظل حريصًا وذكيًا، مما جعل مهمتها معه صعبة.
أما طه ومنى، فقد بقي طه ملازمًا غرفته، غير مكترث بمنى، التي لم تحاول كثيرًا استرجاعه، فلم يخطر ببالها أن ذلك سيحدث يوماً
💞_________________بقلمي_ليلةعادل(•‿•)
قصر الراوي
جناح سليم وماسة السابعة مساء
نرى سليم يقف في غرفة الدرسنج روم يرتدي ملابسه، يستعد للخروج. ماسة تقترب منه وهي ترتدي برنصًا أبيض وفوطة على رأسها، يبدو أنها انتهت لتوها من الاستحمام.
ماسة بابتسامة: خارج؟
سليم: أيوه، عندي اجتماع.
ماسة: هتتأخر؟
سليم: لا.
ماسة تقترب أكثر، تحيط عنقه بذراعيها برقة، محاولة كسر الجدية.
ماسة بحنين: إيه رأيك نخرج نقضي اليوم على اليخت بعد ما ترجع؟
سليم يرفع حاجبه: اليخت؟
ارتسمت على شفتيها ابتسامة واسعة: أو أي مكان... المهم نخرج سوا (بستعطاف) سليم، أنا بقالى سبع شهور من يوم ما جينا القصر مشفتش الشارع. تعبت، مش قادرة.
سليم يبتعد قليلًا، يأخذ نفسًا عميقًا، عينيه مليئة بالقلق والخوف: عارف إن ليكي حق، بس لازم تفهمي... أنا خايف عليكي. أنا بحميكي.
ماسة تحدق فيه بغضب مكتوم: بتحميني من مين يا سليم؟
سليم: من أي حد ممكن ياخدك مني.
ماسة: محدش هيقدر ياخدني منك، يا سليم.
سليم بصوت هادئ مليء بالحزن: في.. اللي عمل الحادثة.
ماسة برجاء: طب نص ساعة... بجد مخنوقة.
سليم بحسم: قولتلك مش هينفع يا ماسة، خلاص بقى.
تبتعد ماسة قليلًا وهي تراقبه بحزن، ثم ترد بنبرة مليئة بالوجع والشدة: أنت لازم ترجع وتروح لمروان بجد وتقتنع انك عندك مشكلة.
التفتت سليم لها بجسده ونظر إليها بنظرة مشوشة بين الحزن والغضب.
عارفة مين محتاج يروح لدكتور؟ انتي. مش أنا، لأنك مش حاسة بالخطر اللي إحنا فيه.
ماسة تغرق في دموعها بصمت ووجع.
سليم بتهديد: انا همشي واوعي تفتحي معايا الموضوع ده تاني اوعي عشان ما تندميش.
ماسة اتسعت عينيها بصدمه: هو انت بتهددني انت اتجننت.
سليم بضجر: لا زهقت.
ماسة بستهجان: هو انت ليه محسسني انا كل يوم بكلمك في نفس الموضوع ده كل كم شهر لما بكلمك ولا انت مش عايز اتكلم خالص مش من حقي حتى اتكلم بقول لك تعبت تعبت.
سليم: انا ماشي ولبسى عشان متبرديش.
مسحت ماسة وجهها ورقبتها بتعب اخذت تبكي بحرقه.
💞_________________بقلمي_ليلةعادل(•‿•)
إحدى المناطق الشعبية
في مقهى بلدي الثانية مساءً
نشاهد شاب يجلس على إحدى الطاولات داخل أحد المقاهي، المزدحمة بأصوات الزبائن وصوت صدامات أكواب الشاي
كان يبدو عليه القلق والتوتر، يدخن سيجارة ويشرب قهوته ببطء. فجأة، تتوقف سيارة فخمة عند مدخل الحارة. يثير المشهد انتباه الجميع. ينزل منها رجل ضخم بملامح حادة، يبدو من هيئته أنه زعيم عصابة. يتحرك بثقة نحو محروس ويجلس قبالته.
الرجل بجمود: خير يا دغمش؟
دغمش بتردد: محتاج فلوس.
الرجل ساخرًا: فلوس إيه تاني؟ أنت خدت اللي إنت عايزه كله.
دغمش: أنا عملت اللي قلتلي عليه، يا صابر. طلعت الطلعة، وموتنا الراجل ومراته.
صابر بتهكم: بس، طلعوا منها أحياء. احمد ربنا إن الباشا سابك عايش على اللي عملته ده.
دغمش بشدة: أنا مالي؟ أنا عملت اللي اتقال لي، بعدين أنا كنت في الحوار ده سواق، هم اللي ربنا كتب لهم عمر جديد. دلوقتي، أمي عندها عملية كبيرة ومحتاجة فلوس.
صابر بحدة: مافيش فلوس تاني. ولو فتحت بقك أو ظهرت، هيترحموا عليك، اتأكد لو شفتني تاني، اعرف إني جاي أقتلك تمام يا محروس؟!.
دغمش ابتسم بغضب وعض على أسنانه:
كدة تمام.
صابر بصوت هادئ ومخيف: خليك عارف إني هعديها المرة دي عشان أمك. بس دي آخر مرة.
يغادر صابر، بينما يجلس دغمش ( محروس) للحظة، يغلي بداخله من الغضب، ثم وقف وتحرك باتجاه محل موبايلات في أحد الشوارع المجاورة.
داخل محل موبايلات صغير.
نشاهد دغمش وهو يتحدث مع البائع.
دغمش: عايز خط تليفون. بكام؟
البائع: ب ١٠ جنيه.
دغمش: ماشي.
يخرج إلى الشارع بخطوات ثابتة، يقف بجانب عمود إنارة قديم، يفتح هاتفًا قديمًا ويضغط على رقم محفوظ مسبقًا. المكالمة تبدأ.
على الجانب الآخر
يجلس سليم خلف مكتبه، غارقًا بين الأوراق،،هاتفه يرن،،نظر إلى الرقم الغريب بتردد،، تركه ليصمت.
لكن الرنين يعود بإلحاح.توقف عن العمل، مد يده ببطء وقرر الرد.
سليم: الوو....
يا ترى مين اللي كلم سليم وايه اللي هيحصل..
الفصل الثاني والستون ج1 من هنا
لقراءة جميع فصول الرواية من هنا