رواية الماسة المكسورة الفصل الثاني والستون 62 ج1بقلم ليله عادل

رواية الماسة المكسورة

الفصل الثاني والستون 62 ج1

بقلم ليله عادل


{~" الهدوء أحيانًا يكون بمثابة كمين، يظهر في لحظة قبل حدوث ما هو غير متوقع، كثيرًا ما يظن الإنسان أن كل شيء على ما يرام، وأنه في أمان، وأن كل شيء ساكن.. لكن، لا يدرك أن هذا السكون ما هو إلا هدوء ما قبل العاصفة، ليس كل صمت يعني راحة، ولا كل سكون يعني أمانًا. قد تكون الدنيا هادئة، ولكن في لحظة مفاجئة قد يظهر إعصار يغير كل شيء. فلا تنخدع بالهدوء، لأن المفاجآت قادمة، وعندما تعصف الرياح، لن تكون مستعدًا"~} 


          [بعنوان: بداية العاصفة]


بعد لحظات، رن الهاتف مرة أخرى. قرر الرد.


سليم: ألو، مين معايا؟


مع تبادل الشاشة بينه وبين دغمش.


دغمش بصوت هادئ ومتحفظ: عايز تعرف مين إللي عمل الحادثة؟! أنا عندي استعداد أوصلك لناس منهم. بس تديني مليون جنيه.


توقف سليم بصدمة: إنت بتقول إيه؟


دغمش بثقة: قولت إللي سمعته يا سليم بيه، أنا عارف حاجات كتير عن إللي حصل يوم الحادثة بتاعتك، يمكن أكون ما أعرفش مين البوص الكبير، بس أقدر أوصلك للناس إللي يوصّلوك ليه.


سليم بقوه: طب أنا اضمن منين إنك بتقول الحقيقة؟


دغمش بجمود: مافيش ضمانات يا بيه. تدفع المليون، وأديك أسطوانة فيها حاجات كتير.


سليم باستفسار: طب، هعرفك إزاي؟


دغمش بنبرة غليظة: أنا إللي هعرفك يا سليم بيه بكرة في حديقة الحيوانات الساعة ٤ونص بالظبط تكون الدنيا هديت والناس بدأت تمشي عند بيت الفيل ياريت ماتجيبش حد معاك ولو قلقان ممكن تجيب دراعك اليمين مكي، بس نصيحة بلاش سلاح عشان ماحدش يزعل.


أغلق دغمش الهاتف فجأة، كسر الشريحة وألقاها. ثم تحرك باتجاه أحد البيوت في الحارة.


بينما سليم ظل متوقفًا، غارقًا في حالة من الصدمة والذهول والتوتر وعدم اليقين، لا يدري هل يصدق ذلك الشاب أم يتجاهله. شعر كأنه غريق يتشبث بأي قشة للنجاة، غير قادر على اتخاذ القرار الصحيح.


ثم أمسك هاتفه وقام بعمل مكالمة.


على اتجاه آخر عند دغمش أو محروس.


يدخل دغمش بيتًا صغيرًا قديم الطراز. تفتح له فتاة تبدو عليها علامات القلق والتعب


الفتاة بلهفة: عملت إيه؟ عرفت تجيب فلوس يا محروس؟


دغمش بضيق: بكرة.


الفتاة: أمك تعبانة أوي!


دغمش بانفجار غضب: يا ستي، بقولك بكرة! بطّلي زن بقى!


دخل الغرفة، أغلق الباب بعنف، فتح دولابًا قديمًا، وأخرج أسطوانة مدمجة. نظر إليها بطمع وهمس لنفسه: بكرة، إنتِ إللي هاتنقذي حياتي وحياة أمي.

💞_________________بقلمي_ليلةعادل 


مجموعة الراوي.


مكتب سليم 


نشاهد سليم متوقفا في منتصف الغرفة يبدو عليه القلق والتوتر، يدخن سيجارة وينفث دخانها بقوة ، كانت علامات التفكير العميق بادية على وجهه. فجأة، يُفتح الباب ويدخل مكي ويغلق الباب خلفه وتحدث بحذر.


مكي بتوتر: أنا مافهمتش منك حاجة في التليفون يا سليم.


سليم بإندفاع وسعادة مشوبة بالأمل: في واحد كلمني، قال إنه عنده معلومات عن إللي عمل الحادثة.


مكي بريبة: وإنت صدقته إزاي؟ مش يمكن بيكدب؟


سليم متعجباً: وهايكذب ليه؟ كان بيتكلم بثقة غريبة، كأنه واثق إن عنده حاجة تهمني.


مكي بحزم: بس ده مش معناه إنك تثق فيه بسهولة. يا سليم، ممكن يكون ده فخ، أو مجرد واحد بيلعب على أملك. 


سليم بغضب مكبوت: مش قادر أستنى، يا مكي. ده أول خيط يوصلني للحقيقة. وأنا مش هسيب أي فرصة تضيع مني.


مكي بحكمة: طيب، هفترض معاك إن الكلام صح، بس ماتبقاش متهور. مش أي أمل يظهر قدامك تسيب عقلك ليه بالشكل ده،خلينا نبقى حذرين.


سليم بحسم: عشان كده أنا عايزك معايا، هانروح سوا بكرة، ومعانا الرجالة. لو كان صادق، هعرف أتصرف. ولو كان كذاب... (يبتسم ببرود) أنا أللي ها اقدمه وجبة للأسود!


نظر مكي لسليم للحظة، يدرك أن لا مجال للجدال معه. هز رأسه بالموافقة.


قصر الراوي 


جناح سليم وماسة العاشرة مساءً 


نشاهد سليم يجلس على المقعد، وعينيه مشدودتين نحو النافذة المفتوحة، حيث يختلط الضوء بنسمات الهواء الباردة، كان مازال يرتدى ملابسه، كان يفتح أول أزرار قميصه من عند العنق، وكأن ثقل أفكاره جعل جسده يبدو أكثر استرخاءً مما هو عليه، كان يمسك بين يديه كوب من الشاي كالثلج، لم يُكمل شربه.


في ذهنه، كان محروس أو دغمش كما يلقب.. فهو محور تفكيره. كلمات محروس كانت تدور في رأسه بلا توقف، وكل كلمة كانت تحمل مفتاحًا يفتح بابًا جديدًا في لغز الحادثة التي مر بها. بدأ يشعر بأنه أخيرًا على وشك الوصول إلى حل، كأن هناك خيطًا يربط الأحداث ويكشف عن الجاني الذي ظل لغزه عالقًا في ذهنه طوال الأشهر الماضية، كان يتمنى أن تاتي الساعة الرابعة عصراً بسرعة.


خلفه، كانت ماسة متوقفة وهي ترتدي قميص نوم طويل وعليه روب وشعرها مسندلا ملامحه كانت رقيقة، تراقب في صمت. كان قلبها مليئًا بالقلق، ولكنها حاولت أن تكون هادئة.كانت عيناها لا تتركانه للحظة، وكأنها تنتظر لحظة ما لتكسر الصمت الذي بينهما ثم قطعت الصمت وقالت.


ماسة بتردد: حبيبي... أنا حاسة إن في حاجة شغلاك. من ساعة مارجعت وإنت مش على بعضك ده أنت حتى ماغيرتش هدومك، في حاجة؟؟ 


رد سليم ومازال ينظر أمامه بعد أن أخد نفسًا عميقًا.


سليم بنبرة هادئة لكن حادة: مافيش حاجة يا ماسة، مجرد شوية تفكير.


اقتربت ماسة منه وهي تضع يدها على كتفه برفق:

طب ما تقول لي يمكن أساعدك... ماتبقاش أناني تشيل كل حاجة لوحدك.


ينظر سليم لها بابتسامة خفيفة، يخفي وراءها الكثير:

إنتِ أكتر واحدة بتساعديني. بس في حاجات ماينفعش أتكلم فيها دلوقتي.


ماسة محاولة إقناعه: سليم، أنا مراتك، وإحنا عدينا بحاجات أصعب مع بعض. أي حاجة بتحصل دلوقتي مش هاتبقى أصعب من إللي فات شاركنى همك وتعبك وقلقك.


قام سليم عن المقعد، أمسك بيد ماسة وقربها منه.

قال بنبرة دافئة لكنها حاسمة: ماستي الحلوه، كل إللي عايزه منك إنك تدعي لي بكرة... لأن ممكن نسمع خبر حلو.


ماسة بدهشة: خبر إيه؟! إنت وصلت لحاجة؟!


سليم هز رأسه بابتسامة: ماتفكريش كتير. كل حاجة في وقتها هاتفهميها، المهم إنك تكوني معايا، ده كفاية عليّا.


شعرت ماسة أن وراء كلماته شيء كبير، لكنها قررت ألا تضغط عليه. هزت رأسها بإيجاب، ووضعت رأسها على كتفه.


ماسة بصوت خافت: ربنا يريح بالك يا سليم ويجيب لك كل الخير. بس أوعى تتعب نفسك زيادة، إحنا محتاجينك وحياتي عندك أوعى تخاطر بنفسك. 


سليم بحنان: كل إللي بعمله ده علشان خاطر ماسة.


ماسة ابتعدت وهى تمسح على صدره بحب: طب يلا قوم غير هدومك وارتاح شوية.


سليم بحب: لا أنا مش هنام لحد بكرة، أرجوكي يا ماسة، سيبيني براحتي لو بتحبيني فعلاً سيبيني براحتي.


ماسة: حاضر.


💞_________________بقلمي _ليلةعادل 


حديقة حيوان الجيزة 4:30 مساء


مظهر عام لحديقة الحيوانات، حيث زحام الزوار، حركات الأطفال بجوار أقفاص الحيوانات، وتفاعل الناس مع الفيل.


يظهر دغمش( محروس)، يسير بين الزحام مرتديًا سويت شيرت، ويغطي معظم وجهه بالكابيتشو (الطاقية بتاعة السويت شيرت يعني) يتحرك بحذر واضح، يلتفت حوله بترقب.


وبعد قليل، يدخل سليم ومكي الحديقة. يسيران معًا بهدوء وخلفهم رجال سليم متنكرون في زي عادي وموزعون بين الزوار بالخفاء، وصلا إلى بيت الفيل، حيث وقفا وتبادلا الحديث. 


نظر مكي حوله: مافيش حد واضح حوالينا.


سليم بصوت منخفض: هو قال إنه هايعرفني لوحده.


وضع مكي يديه على خصره حيث المسدس: أنا محضر مسدسي لأي طارئ.


سليم بحزم: خليك عاقل، إحنا وسط الناس وأطفال.


أثناء ذلك كان محروس يراقب الموقف من بعيد. أخرج هاتفه وأجرى اتصالًا بـ سليم.


رد سليم على الهاتف: إنت فين؟


دغمش بجمود: حط الفلوس في صندوق الزبالة إللي جنبك.


سليم بحزم: الأسطوانة الأول!


محروس بسخرية: بصراحة ماتوقعتش إنك هتيجي لحد عندي بنفسك...(بأمر) حط الفلوس الأول.


سليم ببحة رجولية: قلت الأسطوانة الأول. 


دغمش بتوتر: أضمن منين إنك هاتديني الفلوس؟


سليم بقوة: كلمة سليم كفاية، وأنا هاديلك الأمان.


دغمش فكر للحظات ثم قال: طب بص قدامك على صندوق الزبالة على بعد 10 متر. بعد ثلاث دقايق هتحط إيدك، هتلاقي الأسطوانة، وتسيب الفلوس مكانها.


سليم بقوة ممزوجة بتهديد: ماشي، لو الأسطوانة طلعت اشتغالة لو في جحر التعبان هجيبك مش سليم إللي يتلعب بيه.


دغمش: الأسطوانة ماتهمنيش ولا إللي فيها يهمني يا باشا، أنا محتاج الفلوس وأكيد لو كسبت ثقتك يمكن أبقى من رجالتك وأغلق الخط.


مكي بحذر: خليك إنت هنا، أنا إللي هجيبها.


سليم: لا، أنا هاجي معاك.


مكي بحزم: اسمع الكلام، ممكن يكون فخ. خليك هنا!


أخذ مكي حقيبة الفلوس من يد سليم بعد ٣ دقائق أعطي إشارة للرجالة باليقظة. تحرك بإتجاه الصندوق، لكن فجأة صدرت صرخات من الزوار في الحديقة. وأخذ الناس يركضون نحو إتجاه معين في حالة من الذعر.


مكي بقلق: فيه إيه؟! إيه إللي حصل؟


سليم بغضب وتوتر: في حاجة غلط بتحصل!


بدأ سليم بالسير نحو الإتجاه الذي يركض فيه الناس، بخطوات سريعة إلى حد ما بسبب إصابته التي تُعيق حركته وتشعره بالعجز والغضب، يصل الأثنان إلى مكان الزحام ليجدا محروس مُلقى على الأرض، غارقًا في دمه، مذبوحًا بطريقة وحشية.


سليم باتساع عينيه بصدمة: قتلوه! 


بحركه تلقائية متهورة بيأس، ينحني سليم لتفتيش جسده بحثًا عن الأسطوانة أو أي دليل بجنون.


مكي سحب سليم بعيدًا: سليم، أبعد عنه، ممكن يكون لسة في خطر حوالينا.


سليم بغضب وقهر نظر له: قتلوه يا مكي! علشان موصلش للحقيقة.


سحبه مكي من يده: أهدى، إحنا كدة عرفنا إن في حاجة، وحاجة كبيرة كمان. 


سليم بضجر: في خاين يا مكي في خاين إنت لازم تعرفلي مين ده توصلنا مع أهل الواد ده هيوصلنا لمعلومات كثيرة. 


مكي وهو يريت على كتفه: ماتقلقش.


بدأ رجال الشرطة الخاصة بالحديقة يحاصرون المكان، لكن أثناء ذلك يظهر أحد الأشخاص من الزوار. يبدو عليه هدوء غريب وسط الفوضى، وقف مبتسمًا بخبث، وضع يديه في جيبه وكأنه يتابع الأحداث باستمتاع.


بعد دقائق تحرك وأخرج هاتفًا صغيرًا من جيبه وأنحني قليلًا خلف شجرة، ثم تحدث بهدوء.


الرجل بصوت خافت: تمام يا باشا، محروس خلص، مفيش حاجة هاتوصل لسليم. الأسطوانة في أمان.


سمع صوت حاد من الهاتف: أطمن أن سليم مشي، وخلّيك بعيد عن أي شك. هتلاقي تعليمات جديدة قريب.


أغلق الرجل الهاتف بسرعة، ووضعه في جيبه وأخرج تلك الأسطوانة، لعب بها بين يديه، ثم اندمج مع الحشد وكأنه أحد الزوار العاديين.


💞_______________بقلمي_ليلةعادل⁦。⁠◕⁠‿⁠◕⁠。⁩ 


في قصر الراوي


الصالون العاشرة مساءً 


نشاهد جميع أفراد عائلة الراوي يجلسون مع بعضهم، يتحدثون في الأمر بحضور مكي وإسماعيل.


فايزة بتهكم: ازاي يا سليم ماقولتلناش؟! إزاي تتصرف لوحدك كدة!


عزت: مظبوط، يا سليم. كنت تقول لي، ونشوف مع بعض حل.


سليم بكبرياء: كنت هاتعملوا إيه؟ كنتم هاتعملوا حاجة أكتر من إللي عملتها!؟ وبعدين خلاص، رجعنا للصفر من تاني.


عماد: أنا شايف العكس. دلوقتي عرفت إن في خائن. من رأيي تدور على رجالتك.


صافيناز بتأييد: ده حقيقي، مين إللي هايعرف يعني غيرهم؟


سليم وهو يضع وجهه بين يديه بتعب: مش عايز أتكلم في الموضوع ده، لو سمحتوا.


ماسة بهدوء وذكاء: حبيبي، ماتضيقش. ده معناه إن في حد ممكن يخون من رجالة الشخص ده لإن إللي كلمك كان محتاج فلوس، ربما حد تاني يحتاج فلوس وهيتصل بيك.


طه بتأييد: صح ماسة بتتكلم صح.


فريدة: إيه رأيك يا سليم، تعمل إعلان في المجلات إنك هتدي مليون دولار للي عنده معلومة عن الحادثة؟


ياسين: فكرة حلوة جدًا! ممكن كمان تخلي رجالتك وكل العصابات إللي حوالينا يعرفوا إن سليم الراوي مستعد يدي فلوس بلا نهاية لأي حد يوصله معلومة.


إبراهيم تدخل: بالظبط. الفلوس هاتزغلل عيونهم، ممكن حد يخون مش لازم الكبار، حد من الصبيان . وأكيد ده صبي من إللي كانوا موجودين يوم الحادثة يا سليم واحتاج لفلوس علشان كدة كلمك.


نهض سليم بصمت، هو لا يجد كلمات كي يقولها، فكان لديه أمل كبير ليصل لمسبب الحادثة لكن ضاع الأمل مرة أخرى، توجه نحو السلم وصعد حتى غرفته.


ماسة وهي تنظر لأثارة بحزن: أنا هطلع له، مكي حاول تدور تاني، دور ورا كل الناس إللي شغالين معاكم. أكيد في حد فيهم خاين.


مكي بتهدئة: ماتقلقيش.


جناح سليم وماسة 


نرى إضاءة خافتة،أجواء هادئة إلا من صوت المقعد الهزاز الذي يجلس عليه سليم أمام النافذة، يدخن سيجاره بصمت، وجهه متعب وعيناه مثقلتان بالحزن


دخلت ماسة الغرفة بهدوء، أشعلت الضوء بخطوات مترددة. اقتربت منه وجلست على الأرض أمامه، رفعت يدها ومسحت على قدمه بحنان. صوتها خرج بنبرة تجمع بين العتاب والقلق.


ماسة بعتاب: ليه ماقلتليش؟ ليه خبيت عليا؟ هو أنا مش قلت لك تخلي بالك من نفسك؟ إزاي تخاطر كده؟ أمال إللي شغالين معاك بيعملوا إيه؟ ولازمتهم إيه؟


نظر إليها سليم بصمت للحظات، زفر بعمق، ثم وضع السيجار جانباً. 


سليم بنبرة ضعيفه: علشان إللي عملتيه دلوقتي ماحبيتش أقول لك، مش عايز أسمع الكلمتين دول، مش عايز أخوفك عليا.


ماسة بإعتراض: إزاي يعني أفرض حصلك حاجة.


سليم تنهد وقال بتفسير: لو كانوا عايزين يقتلوني يا ماسة، كانوا قتلوني، أنا رايح جاي كل يوم قصادهم،  قلت لك القوانين بتاعتهم قاسية، هما عايزين يسيبوني عايش محتار عامل زي المجانين أنام مفتح عين ومغمض عين، التوتر والخوف، يبقوا ملازمني هما كدة بيتلذذوا في عذابي، هما عايزين يحرقوا قلبي ويجيبوني بيكي، بس أنا مخبيكي عنهم وهأفضل مخبيكي عنهم، شفتي يا ماسة بقى إن ليا حق مخرجكيش.


ماسة مسحت على قدمه بتفهم: طيب أنا مش عايزاك تزعل. المهم دلوقتي إننا عرفنا إن في خاين. دي خطوة ايجابية.


هز سليم رأسه بنفي قال بعقلانية: مافيش خاين عندي، محدش كان عارف حاجة غير العشري ومكي. وأنا واثق فيهم، حتى إسماعيل ماكانش يعرف التفاصيل، قلت له بس إني محتاجه معايا في مشوار مهم، وهناك عرف. باقي الرجالة ماعرفوش إحنا رايحين فين ولا ليه! إلا قبلها وإحنا بالطريق وبرده مايعرفوش التفاصيل. 


حاولت ماسة تهدئته، وضعت أناملها اسفل ذقنها: يعني تفتكر إنهم كانوا مراقبين الولد ده؟


سليم بتأكيد وذكاء: أيوة أكيد كانوا بيراقبوه، أنا مش عبيط علشان أدي حد التفاصيل كلها، حتى لو رجالتي، لكن دلوقتي بقيت متأكد إن إللي عمل الحادثة دي إيده مش سخية على رجّالته... وإن هما محتاجين فلوس، وإللي اسمه محروس ده اتصل بيا وطلب فلوس، ده معناه إن إللي وراه مادفعش لما طلب فلوس..ودي نقطة في صالحنا. لو عرضنا فلوس أكتر، أكيد حد منهم هايضعف وينطق.


ماسة: طب اعمل كدة فكرة فريدة حلوة وانت اهو بنفسك قولت محتاجين فلوس.


سليم بتوضيح: مش هينفع دلوقتي،  هما دلوقتي هايبقوا خايفين يكون مصرهم  زي إللي حصل مع الشاب ده ..( تنهدت بتعت وقهر) وماقداميش غير إني أصبر.


ابتسمت ماسة بخفة محاولة رفع معنوياته. اقتربت أكثر، ووضعت قبلة على خده: إنت صح يا حبيبي، خلاص روق. إحنا إن شاءالله هنمسك الخيط قريب. ونوصلهم ماتشيلش هم.


جلست على قدمه برفق، تضم رأسه إلى صدرها بحنان، وكأنها تحاول احتواء حزنه: إحنا مع بعض، وهانتخطى كل ده.


💞_______________بقلمي_ليلةعادل ⁦◉⁠‿⁠◉⁩

غرفة صافيناز وعماد 


نرى فايزة تتوقف أمام صافيناز وعماد ورشدي، ويبدو على وجوههم ملامح الانزعاج والتوتر.


فايزة بشك وهي تشير بيدها: إنتم إللي ورا الحكاية دي؟


صافيناز متعجبة: ورا إيه؟


فايزة باتهام: إنتم السبب في قتل الشاب ده!


رشدي متعجباً: في إيه يا ماما؟ إنتي ليه محسسانا إن إحنا مجرمين!


فايزة بتهكم: إنتم فعلاً مجرمين إللي يفكر زي الأفكار إللي عملتوها يبقى منحط ومجرم خسيس!


صافيناز بهدوء: مامي إحنا مالناش علاقة خالص باللي حصل، ومانعرفش حاجة، اتفاجئنا زيكم. إحنا مش عارفين أصلاً إزاي ده حصل؟! بعدين بالعقل كدة، هانعرف إزاي وسليم ماقالش لحد غير مكي وعشري، مفيش حد فينا يقدر يطلع بمعلومة منهم.


فايزة بشك: وأضمن منين إنكم مابتلعبوش عليا؟!


رشدي توقف أمامها: إحنا بجد مانعرفش حاجة، وده يخوف أكتر! في حاجة غلط الموضوع كبير ويخوف.


فايزة بتهديد مبطن: اممم، عموماً هانشوف.

زي ماقلت، لو حسيت إنكم بتلعبوا من ورايا، هندمكم على عمركم كله، حتى لو هيكلفني الأمر حياتي!


غادرت فايزة الغرفة بعد أن رمقتهم بنظرة حادة، وكان التوتر يملأ الأجواء.


زفر رشدي، ثم وجّه نظره إلى عماد وصافيناز: إنتم بجد ماتعرفوش حاجة؟ عرفوني علشان أبقى فاهم.


عماد بنفي: أكيد مش إحنا، العصابة التانية واضح أنهم مراقبين رجالتهم علشان عارفين إن سليم مش هايسكت، هما سابقينا بخطوات.


جلست صافيناز على المقعد، وسحبت شعرها للخلف، ثم وضعت قدمًا فوق الأخرى وقالت بحيرة وتعجب:

بجد... هموت وأعرف مين السبب في كل ده!


رشدي بتوتر: الإسطوانة دي لو كانت وقعت في إيده، كانت هاتودينا في داهية!


أمعن رشدي النظر في ملامح عماد قليلًا، وكأنه يدرسها. حكّ لحيته بشك: قلّي يا عماد، إيه إللي يخليني ماشكّش إنك إنت ومراتك، أختي، ورا حادثة سليم؟


توقفت صافيناز وقاطعته بغضب: إنت اتجننت؟!


رشدي بهدوء: اتجننت ليه؟ مش ممكن تكون حقيقة؟ أنا ومنى مستحيل نكون ورا الحادثة. منى مالهاش في السكة دي، وأنا كمان ماليش علاقة بالمافيا. ولو أنا إللي وراها، إيه إللي يخليني أضرب العربية؟ ما أنا عارف إن في ناس مستنياني.


صافيناز بعصبية: رشدي، كفاية العبط وأعقل. مش وقتنا نخسر بعض، ومش وقت الشك. إحنا محتاجين لبعض، علشان نفكر ونفهم مين إللي ورا الحادثة.

إحنا عارفين حاجات بابي وسليم مايعرفوهاش. إحنا معانا خيوط مش عندهم. لازم نشتغل مع بعض بدل مانضيع الوقت في الشك، علشان لو شكينا في بعض، هانتحرق.


رشدي بهدوء: أنا لحد دلوقتي عاقل، بس أهو، بقولها للمرة الألف: لو جه الطوفان، هايبقى عليا وعلى أعدائي.


صمت قليلًا، ثم نظر نحو عماد بحدة: وحذاري يا عماد، لو كنت بتلعب من ورايا وكنت إنت إللي ورا قتل الواد ده!


عماد بإنفعال: لو أنا إللي وراها، مش ها أقول ليه؟ وهعرف منين؟

هو في حد فينا بيعرف يوصل لمعلومة عن سليم؟

سليم مش سهل، اختراقه مجازفة. لو فكرنا نزرع ميكروفونات أو كاميرات يبقى سلملنا نفسنا بإيدينا، مكي وعشري بيكشفوا كل 3 أيام وساعات كل يوم!

على المكاتب .. ده القلم لو اتنقل من مكانه بيعرف! والباشا زيه بالظبط! فعملها إزاي يا نبيه؟


رشدي بدهاء: يمكن في حاجة تانية أنا ماعرفهاش، يمكن إنت متفق مع العصابة التانية، وعارف كويس الإسطوانة دي فيها إيه! وجالك أمر تتخلص منها.


عماد بثقة: أنا مش هرد عليك، بس إللي بتفكر فيه مالوش أي أساس، المهم دلوقتي لازم نفتح عينينا أكتر من الأول ونحذر، سليم بعد المصيبة دي. عينيه هتتفتح أكتر وأكيد هيزود المراقبة أضعاف. مش عايزين نتجمع ولا نتكلم في أي حاجة. نتقابل هنا في أوضة النوم، ولازم ميكنش معانا تليفونات، أكيد هيخترقها.


صافيناز: لازم نعمل كدة فعلاً وانت اعقل يا رشدي.


نظر لهما رشدي دون تحدث وتوجه نحو الباب. خرج من الغرفة، تاركًا خلفه صمتًا كثيفًا.


اقتربت صافيناز من عماد، وضربته على كتفه: أوعى تكون إنت إللي ورا كل ده!


عماد بدهشة وغضب: هو في إيه؟ والله ما أنا! معرفش حاجة، اتفاجئت زيكم! صافيناز، إنتِ هتصدقي كلام رشدي المتخلف ده؟


صافيناز بتنهيدة: دي مصيبة... لو الموضوع كبر، سليم مش هايسكت... عماد، إحنا لازم نتصرف، لازم نوصل للي عمل الحادثة. أنا خايفة يكون ماسك حاجة علينا.


تبادلا النظرات، وكان في أعينهما قلق حقيقي.


في منطقة شعبية.


منزل دغمش التاسعة مساءً 


نشاهد مكي جالسًا مع الفتاة التي ظهرت سابقًا مع دغمش، والتي اتضح أنها زوجته ترتدي عباءة سوداء وحجاب. مع الاستماع لصوت قرآن فهو يبدو إنه عزاء.


الفتاة وهي تبكي: والله يا بيه، أنا معرفش حاجة. محروس أقصد دغمش ماكنش بيحب يتكلم في الأمور دي خالص. هو يعني على باب الله، ساعات يشتغل على توك توك، وساعات تانية في محل أو أي شغلانة تيجي.


مكي: يعني مالوش شغل ثابت؟


الفتاة وهي تبكي: لا، والله يا بيه.


مكي: طب مين أصحابه؟


الفتاة: أصحابه كتير، بس أنا معرفهمش، إحنا لسة متجوزين قريب، من حوالي شهرين فا أنا لسة يعني معرفش حاجة.


مكي: ماكنتيش تعرفيه قبل كدة؟


الفتاة: لا، والله يا بيه.


مكي يطمئنها: لو عارفة أي حاجة، قولي وماتخافيش.


الفتاة وهي تمسح دموعها بالمنديل: والله معرف حاجة، ولا أعرف إزاي جوزي اتقتل كدة. حسبي الله ونعم الوكيل.


مسح مكي وجهه بضجر، متسائلًا بنبرة هادئة:

طب آخر حاجة حصلت بينكم كانت إيه؟ قالك رايح فين أو هايعمل إيه؟


الفتاة، وهي تبكي بحرقة: هو كل إللي قاله إنه رايح مشوار وهايرجع ومعاه فلوس، كان عايز يعمل عملية لحماتي... حماتي عندها القلب، وكان لازم تعمل عملية كبيرة وماكانش معاه فلوس. قالي: يا ألفت، هروح أجيب الفلوس واستنيني. وبعدها نزل، ورجع راجلي مدبوح!


أخذت الفتاة تبكي بحرقة


هز مكي رأسه بتفهم، ثم مد يده بكارت: ده رقمي. لو عرفتي أي حاجة، كلّميني. وخليكي عارفة إنك تحت عيني.


الفتاة بصوت مكسور: حاضر...


غادر مكي مع بعض الرجال، وأغلق الباب خلفه.أثناء نزولهم الشارع اقترب عشري وقال بلهجة  ضيق 

عشري: محدش عارف حاجة، بس الكل بيقول إنه كان بيمشي مش مظبوط. وبتاع مشاكل، وبلطجي. كان ممكن حد يجره في خناقة أو يضرب حد.


مكي: أنا كنت متوقع إننا مش هانوصل لحاجة؟


علق عشري بقلق: سليم هايتضايق أوي لما يعرف ده.


ساد الصمت لحظة، وتابعوا طريقهم في صمت ثقيل

في إتجاه آخر.


في منزل دغمش..


بينما كانت زوجته ألفت تجلس في رعب شديد. فجأة خرج شخص ضخم الذي كان يجلس مع دغمش في المقهى الذي يدعى (صابر) تقدم منها وهددها وهو يحمل مسدسًا.


صابر بسخرية: شاطرة يا ألفت، إنتي كدة تعجبيني لا ممثلة جامد ها أبقى أكلمك حد من المنتجين.

جلس أمامها بنبرة جادة بتهديد:

.. بصي يا ألفت، إنتي وإللي زيك الرصاصة بتاعت المسدس ده أغلى منها. فلو خايفة على عمرك، حطي لسانك جوه بقك.


ألفت برعب: والله العظيم ماهتكلم، بس سيبني في حالي.


صابر وهو ينظر إليها بعينين قاسيتين: هسيبك في حالك، مكي هايفضل حاطك تحت المراقبة، فأوعي خيالك يضلك وتعملي حركة كدة أو كدة، إنتي فاهمة؟ ولا تحبي تفهمي بطريقتي.


أجابته ألفت، وهي ترتجف من الخوف: والله العظيم، ماهفتح بوقي، أنا ماليش دعوة أبوس إيدك سبني.

ولا شفت حاجة ولا أعرف حاجة أنا بشتري عمري يا بيه.


صابر وهو يبتسم ابتسامة قاسية: شاطرة.


ثم تركها وخرج من الشقة، وأغلق الباب وراءه بشدة.


أخذت ألفت تبكي بحرقة، وبنبرة مليئة باليأس،: الله يسامحك يامحروس، الله يسامحك. كان مالي ومال القرف ده؟ والله العظيم، لهسيب الشقة وأروح عند أهلي. منك لله.


على إتجاه آخر..


في شقة متواضعة.


نرى شاب يقف في بلكونة صغيرة، يشعل سيجارة ويتابع الشارع بصمت. ملامحه حادة، ونظراته تعكس التوتر بعد صعود ذلك الرجل الضخم سيارته تتحرك،. بعد لحظات، يدخل غرفته بخطوات ثقيلة. يفتح دولابًا قديمًا، يُخرج منه أسطوانة صغيرة، ويمسكها بين يديه وهو ينظر إليها بشرود.


فلاش باك


في مكان مهجور بجوار مقلب قمامة، يقف محروس (دغمش) بجانب الشاب رضا (التمساح) المكان مليء بالروائح الكريهة، والجو مشحون بالتوتر.


تمساح بضيق: فيه إيه يادغمش؟ جايبني هنا ليه؟ أنا بطني اتقلبت من الريحة يا جدع!


دغمش بنبرة جادة: اسمعني كويس، يا تمساح. أنا عايزك تمسك الإسطوانة دي. 


تمساح متعجبًا وهو يقلبها بين يده: أسطوانة إيه دي؟ وليه معايا أنا؟


دغمش: لو حصل لي حاجة، توصلها لسليم الراوي.


تمساح بإندهاش: سليم الراوي؟ إنت صاحي؟ ده إحنا قتلناه هو ومراته، أنا إللي ضربتها بنفسي! مالك يا دغمش إنت معلي.


دغمش مقاطعًا بغضب: اسمعني للآخر! يا رضا لما كنت مستنيك في العربية، معرفش ليه صورت الليلة كلها، كنت عايز فلوس، وكلمت الواد البقف إللي اسمه صابر.. مارضيش يديني حاجة.


تمساح بتهكم: يا عم أبعد عن الحوارات دي. إنت كدة هاتودينا في داهية، والناس دي مابترحمش.


دغمش بتنهيدة: أمي بتموت، وكنت عايز فلوس للعملية. كلمت سليم، وماقلتلوش حاجة عن إللي عندي. قلتله بس إن معايا معلومات.


تمساح بقلق: وإنت فاكر سليم هايصدقك ويسيبك تعيش؟ ولا هما هايسبوك؟!


دغمش: آها هو مش عايزني أنا تاره معاهم ... لو حصل لي حاجة، إنت سلمه الإسطوانة. مش عايز منك حاجة غير كدة. وهو هايديك فلوس حلوة.


تمساح: يا سلام ده لو عرف أنا مين هايدبحني؟


محروس بتنبيه قال بسخرية: هايعرف منين إنك إنت إللي غرزت السكينة في بطن مراته؟! إنت قول له إنك كنت من ضمن الواقفين ومعاهم سلاح، أو صاحبي وأنا أمنتك على سري .. مش هاتغلب يا  رضا .. دمي أمانة في رقبتك لو حصل لي حاجة يا صاحبي.


وضع الأسطوانة في يد رضا، وأنصرف بخطوات ثقيلة..


((العودة إلى الحاضر))


نظر رضا للأسطوانة بين يديه، تنفس بعمق وقال بصوت منخفض: ما تزعلش مني بقى يا صاحبي... رقبتي غالية، بس الدنيا مش بتسلم كدة.


أخرج ولاعة من جيبه، فتحها وقربها من الأسطوانة. النيران تقترب، ولكنه تردد للحظة قبل أن يقرر مصيرها.


💕________________بقلمي_ليلة عادل 


كورنيش النيل - الخامسة مساءً


نرى مكي وسلوى يجلسان جنب بعض على مقعد خشبي، ويتناولان الذرة المشوية أمام النيل. بجانب سلوى شنطة هدايا بداخلها باقة ورد جميلة.


سلوى وهي تنظر من حولها: الجو فعلاً حلو، كان عندك حق، القعدة على النيل دلوقتي جميلة.

أكملت وهي تنظر له بجدية: بس إنتوا كدة خلاص مش عارفين توصلوا لأي حاجة تخص الشخص ده؟


مكي بأسف وهو يتناول الذرة: للأسف، هما كانوا عارفين كويس إننا هاندور وراه وهانوصل لأهله. مأمنين نفسهم بشكل رهيب.


سلوى متعجبة: والله، الحكاية دي تحسها زي أفلام الأكشن الأجنبية. الموضوع غريب بجد! المشكلة إن ماسة هي إللي بتدفع التمن، وسليم قفل عليها أكتر من الأول. دلوقتي أول حاجة قال لها: شفتي؟ أنا كدة عندي حق، لسة بيراقبونا وفي خطر عليكي.


مكي برجاء لطيف: اتكلمي معاها يا سلوى، خليها تتحمل شوية. سليم بيحبها جداً وحقيقي خايف عليها.


سلوى بتوضيح: والله، ماسة مستحملة ومابتشتكيش، وبتكدب علينا لما تقول مش مضايقة، لكن أنا بكلمها عشان أحسسها باهتمامي. بس كتر الضغط بيولد الانفجار يا مكي، ماسة مستنية تدخل الجامعة، وهاتبقى مصيبة لو سليم رفض.


هز مكي رأسه نافيًا:معتقدش انه هيرفض دخلها  الجامعة، بعدين إحنا هانتكلم معاه بس عندي الأيام دي...

صمت للحظه واقترب منها بابتسامة عاشقة.


سلوى برفعة حاجب تساءلت: بتقرب كدة ليه؟


مكي مفسرًا بضحكة: هحب فيكي شوية.


سلوى بمزاح ساخر: بس يا أبو وردة في الشنطة!


ضحك مكي: المهم إن الورد يعجبك مش مهم جايبه في إيه!!


سلوى بتنهيدة خفيفة: صح، عجبني.


مكي بجدية خفيفة: قوليلي بقى، بعد فترة من ارتباطنا، إيه رأيك فيا؟


سلوى بنبرة ماكرة: رأيي إزاي؟


مكي: يعني عملتي مقارنتك؟


سلوى: مكي، إحنا مكملناش لسة 4 شهور!


مكي متعجباً: ليه !! هو أنا صعب كدة؟


ضحكت سلوى: بالعكس سهل. الصراحة، فهمت إنك عملي جدًا وغيور جدًا.

صمتت لثوانٍ ثم أضافت: بصراحة، الفترة إللي عرفتك فيها زمان عرفتني كل حاجة. مش حاسة إنك جديد عليا، الفرق الوحيد دلوقتي إننا بنتكلم وبنتقابل قدام الكل... طب وأنا؟!


مكي بابتسامة: يعني بقيتي أهدى شوية ده إللى حسيته؟


سلوى بمزاح وهي تضحك: بص أنا مش بحب أقلل من نفسي. يمكن طولت شوية، بس مفيش أختلاف كبير حاساه فيا.


مكي وهو يضحك: لسه بردو شبر ونص وبتجيلي لعند وسطي. 


ضيقت عينيها وضربت بمزاح على كتفه: احترم نفسك القصر نص الجمال.


مكي ضحك: الجمال كله ماتزعليش يا سوسكا ..طب ما دام كدة، تعالي نتجوز.


سلوى بإبتسامة ثابتة: قلتلك بعد أول سنة في الجامعة.


مكي: مصممة؟


سلوى: أيوة.


مكي: طب خلينا نبدأ نجهز. نشتري الفيلا ونفرشها.


سلوى هزت رأسها بموافقة: اللي إنت عايزه.


مكي بتوجس: سوسكا،عندك مانع نقعد مع ماما بعد مانتجوز يعني هانقضي شهر العسل وبعده نقعد مع ماما، ممكن نقعد شهر أو شهرين مثلا، وبعدها نرجع لفيلتنا. هي ملهاش غيري، ومقدرش أسيبها.


سلوى: طيب ماتخليها هي تيجي تعيش معانا؟


مكي بتوضيح: هترفض، متعلقة بالشقة لأنها فيها ذكرياتها مع بابا و سامح أخويا. بس ماتخافيش، ماما طيبة ومش زي الحموات إللي بنشوفهم في الأفلام. هاتبقى ونيس ليكي خصوصًا إني بأبقى بشغلي كتير.


سلوى هزت راسها بإيجاب: عموماً، ماعنديش مانع بس لازم تقولهم عندي.

ثم أضافت بجدية: بس يا مكي، أنا مش موافقة إنك تفضل تشتغل مع سليم.


مكي بهدوء: بصي، الوقت الحالي صعب أبعد. لازم نعرف مين ورا الحادثة. خصوصا بعد إللي حصل، سليم محتاجني ماينفعش اتخلى عنه ...

لكن بعد كدة هشتغل في شركة السياحة بتاعته. وإنتي كمان هتشتغلي في الشؤون القانونية بما انك هتكون مستشارة.


سلوى تبسمت: طيب ماشي بتعرف تقنعني.


توقف مكي ومد يده: يلا نتمشى شوية.


سلوى وهي تمسك يده: يلا.


بدأا بالتحرك معًا، وهي متعلقة بذراعه. كان الجو جميلا وهما يشربان حمص الشام، وبرغم أن مكي لا يجيد التحدث برومانسية، إلا إن سلوى كانت تشعر بسعادة كبيرة بقربه.


سيارة مكي السابعة مساءً 


نرى مكي وسلوى يجلسان في السيارة وهو يقودها.


مكي وهو ينظر لها بحماس: بقولكِ إيه، أنا جعان. تيجي نروح نتغدى؟


سلوى بإعتراض: أنا مش عايزة أتأخر.


مكي بضيق: أنا ماصدقت أبوكي وافق يخرجك معايا. الوقت حلو وإحنا مع بعض، وهو قال لي الساعة 9 تبقي في البيت ولسة الساعة 7.


سلوى تبسمت: طيب ماشي.


غمز مكي لها مداعبًا: بقول لكِ إيه، هشغل لكِ أغنية حلوة.


فتح كاسيت السيارة وشغل أغنية يا معلمني الهوى لعبد الباسط حمودة.

الأغنية: يا عمى وعم قلبي يا معلمني الهوى...

نظرت سلوى للأغنية بدهشة، ويبدو أنها لم تعجبها.

أما مكي، فبدأ يغني بانسجام شديد مع عبد الباسط، ويقوم بحركات وإيماءات تتناسب مع كلمات الأغنية.

مكي وهو يغني: اتفضل جوه قلبي تعالى نعيش سوا... يا سيد يا جامعة في الحب وفي الملوعة... أنا قلبي ناره والعة وفي إيديك الدوا...


سلوى كانت تنظر له بابتسامة وتعجب من طريقته، فانتبه لها.


مكي متعجبًا، وهو يعقد حاجبيه: مابتغنيش معايا ليه؟ الأغنية مش عاجباكي؟ ده أنا بهديها لكِ.


سلوى باستهجان: إنت سبت كل الأغاني إللي في الدنيا، ما لقيتش إلا دي؟


مكي متعجبًا: مابتحبيش الشعبي ولا إيه؟ لا كدة مش حلو. ده الأستاذ.


رفعت سلوى حاجبيها بدهشة: الأستاذ؟ أمال تامر حسني؟ إيه؟


مكي باستنكار: تامر حسني ده تحبه؟ واحدة زيك كدة؟


سلوى رفعت حاجبها: مالها إللي زي بقى، إن شاء الله!! 


ابتسم مكي و مد يده ليقرص خدها بدلال:

كتكوتة يعني! لكن أنا عيب عليا أسمع تامر حسني.


سلوى متبسمة: والله يا مكي عندك حق،  عموماً شكراً. إنك مسمعني أغنية كلماتها فيها غزل كويس ماسمعتنيش دقيقة حداد لطارق الشيخ.


ضحك مكي: إنتي بتسخري من رومانسيتي؟ بعدين، ده أنا هاخدك مكان رومانسي يجنن في السيدة.


سلوى بقلق: وحياة ربنا، بقلق منك. إنت لما بتقول لي على حاجة رومانسية. إنت رومانسيتك محتاجة تظبيط زوايا.


مكي متظاهرًا بالضيق: يعني أفهم إيه إن طريقة حبي ليكي مش عاجباكي؟


سلوى مبتسمة: لا يا حبيبي، هو أنا اتكلمت.


مكي بسعادة: تصدقي؟ إنتي أول مرة تقولي لي يا حبيبي. حلوة حلوة. قوليها تاني كدة.


سلوى بمزاح: سوق يا مكي سوق، وبص قدامك بدل ما نلاقي نفسنا لابسين في العربية إللي قدامنا.


مكي بمزاح: ماهو إنتي لو ماقلتليش حبيبي دي تاني أنا هلبس في العربية بجد.


سلوى بدلع: طب يا حبيبي وروح قلبي بص قدامك.


مكي: تصدقي، الكلام الحلو ده بيعمل حاجة كده زي قشعريرة قوليها لي على طول، يا حبيبي.


سلوى بدلال: لما إنت تقول لي يا حبيبتي ها أقول لك.


مكي بسعادة: بس كدة؟ ها أقول لك يا حبيبتي، ويا روح قلبي كمان، ويا ست البنات. حلو كدة؟


سلوى: حلو. 


مكي: استني استني، هعمل لك حاجة رومانسية دلوقتي جامدة.


نظر مكي في مرايات السيارة ليتأكد إنه لا يوجد سيارات بجانبهم، خفف السرعة قليلا،مد يده للخلف وأخذ وردة من البوكيه. اقترب منها ووضعها في شعرها.


سلوى بدهشة وابتسامة: لا لا حقيقي أفعالك الرومانسية النهاردة كتير مسمعنى عبد الباسط و وردة في شعري.ويا روح قلبي. إحنا هانتحسد يا مكي.


ضحك مكي بجاذبية: طب بطلي شقاوة بقى وخليني أسوق علشان نطلع المكان الرومانسي .ثم غمز لها 


أحد المطاعم الشعبية في السيدة زينب الثامنة مساءً.


نرى مكي وسلوى يترجلان من السيارة ويدخلان إلى المسمط الشعبي.


سلوى بنظرات مستغربة: هو ده المكان الرومانسي؟ قلت لك، أنا بخاف من رومانسيتك.


مكي بإبتسامة عريضة: أيوه يا بنتي، ده مكان رومانسي. مش شايفة الأكل والجو؟ المكان نفسه بيحكي قصص حب! وأوعي تقولي لي إنكِ ما بتحبيش الأكل ده.


سلوى بضحكة خفيفة: لا، باكله. إحنا في بيتنا متعودين على كل حاجة. مافيش حاجة أقول عليها لا. بصراحة الأماكن دي ليها جو مميز.


مكي بحماس: تعالي بس نقعد.


جلسا على إحدى الطاولات. سحب مكي الكرسي لسلوى برقي ثم جلس أمامها.


مكي: بصراحة، أنا بحب الأماكن دي. بحس فيها بالراحة، مافيهاش تكلف، وكل حاجة فيها حقيقية. الأماكن الفاخرة كلها مظاهر كذابة، كمان أنا بقضي أغلب وقتي في الشغل البدلة والكرافتة والمظاهر، فبستنى اللحظة إللي أخرج فيها وأقعد في مكان بسيط زي ده.


سلوى بتأييد: عندك حق. البساطة دايمًا أحلى.


مكي: طب هقولك على فكرة. الخروجة الجاية إنتِ تختاري المكان.


سلوى: أنا؟ بس أنا معرفش أماكن كتير. يعني، خرجت مع صحابي قبل كدة، لكن ماعنديش خبرة بالأماكن. إنما بحب الأماكن إللي فيها هيصة، موسيقى عالية، ورقص. الحفلات يعني.


مكي: خلاص. المرة الجاية أودّيكي مكان في كل إللي بتحبيه.


أتي الجرسون ليأخذ الطلبات، وبعد قليل قدم الطعام لهما.


مكي وهو يقدم لها ملعقة من الطاجن: على فكرة، المكان ده أكله حلو ونضيف.


سلوى تتذوق الطاجن: آه، طعمه حلو. ده طاجن كوارع، صح؟


مكي بإبتسامة: أيوة، طبعًا.


سلوى بمزاح: بس على فكرة، إحنا في بيتنا بنعمله أحلى من كده. لما تيجي عندنا المرة الجاية، هعمل لك حاجات أجمل من إللي هنا.


مكي بنبرة مرحة: وأنا سايب لكِ نفسي.


سلوى وهي تتناول قطعة ممبار بمزاح: مش بقول لك، أنا بخاف من رومانسيتك؟! الرومانسية عندك ماتش مصارعة أو فيلم أكشن، ، والنهاردة تأكلني في مسمط! فاضل وتاخدني أتعلم ضرب نار.


ضحك مكي: على فكرة، أنا مستحيل أعلمك ضرب نار أو حتى أشوفك ماسكة سلاح. أنا ما بحبش إنكِ تكوني قريبة من الحاجات دي.


تنهدت سلوى بابتسامة: أنا عارفة. وبالمناسبة، أنا مش زعلانة من طريقتك. بالعكس، بحبها. يمكن لو اتغيرت، ماتبقاش إنت مكي إللي أنا أعرفه وحبيته.


مكي بنظرة عميقة: بحبك.


شعرت سلوى بالخجل، واحمرّت وجنتاها. نظرت للأسفل بخجل شديد.

مكي وهو يمسك يدها: بوعدك إنكِ دايمًا تكوني مبسوطة وسعيدة، وأشوف ضحكتك الحلوة دي على طول. يا سوسكا. يا أحلى سوسكا


سلوى بصوت منخفض: يلا نكمل أكل بقى، علشان ما نتأخرش على بابا.


مكي بابتسامة هادئة: يلا.


أكملا الطعام وسط جو من الألفة و البساطة والسعادة.


قصر الراوي الخامسة مساءً 


الهول 


نشاهد هبة جالسة في الهول، تحمل طفلتها نالا وتتحدث عبر الهاتف.


هبة بابتسامة هادئة: زي ماقلتلك، الموضوع مش بالكَمّ، بالكيف.


يدخل سليم، يبتسم فور رؤيته لهبة ويتوجه نحوها.


سليم بابتسامة: إنتم هنا؟ أخبارك إيه؟


هبة تبسمت: الحمد لله، وإنت أخبارك إيه يا سليم؟


سليم: تمام، الحمد لله.. نظر لنالا .. إيه القمر ده؟ هاتيها، وحشتني أوي.


يحمل سليم نالا من حضن هبة، يداعبها قليلاً بينما تستأنف هبة حديثها على الهاتف:

زي ماقولتلك حتى لو عندك احتياجات، لازم تقدري تعبه... هو ماكانش كده زمان خلي عندك دم إيه يعني مرة في الأسبوع، الإحساس والمشاعر أهم.. أصبري عشان (أخفضت صوتها ) سليم جنبي.


لكن سليم كان منتبها لطريقة حديثها،بعد ثواني، يعيد نالا إلى حضن هبة ويصعد إلى جناحه.


جناح ماسة وسليم


يدخل سليم ليجد ماسة تتحدث في الهاتف.

ماسة: يعني إنتِ شايفة إن يوم واحد كفاية؟ متأكدة؟


استشعر سليم أن ماسة تتحدث مع هبة عن علاقتهما الخاصة فيشعر بالجنون .. أقترب متسائلاً.


سليم بإنفعال: ماسة بتكلمي مين؟


ماسة نظرت له: سليم! خضتني. بتكلم مع ريتال.


سليم بشك: بتتكلمي مع ريتال؟ ولا مع هبة؟


ماسة متعجبة: هبة!! هبة في أوضتها.ولو عايزة أتكلم معاها هروح أكلمها... هو في إيه مالك؟


سليم بحزم: هاتي التليفون.


ماسة باستغراب تام: هو إنت مش مصدقني؟


سليم بغضب: قلت هاتي التليفون!


سحب الهاتف من يدها بغضب ونظر إلى الاسم توقفت ماسة أمامه تحاول أن تفهم ما أصابه.

قرأ سليم الإسم ريتال؟! لكنه مازال يشك وضعه على أذنه قال: عاملة إيه؟


ريتال على الهاتف: إزيك يا سليم؟ أخبارك إيه؟


سليم ارتبك للحظه ثم قال: الحمد لله. مش ناوية تيجي بقى؟


ريتال: هاجي إن شاء الله. بس إنت بقى هتوافق تخلي ماسة تيجي فرحي؟


سليم باعتذار: بعتذر منك يا ريتال، إنتي فاهمة الوضع الف مبروك.


ريتال: الله يبارك فيك.


أعطي الهاتف لماسة التي نظرت له بغضب وتحدثت في هاتفها: ريتال معلش هكلمك بعدين.


أغلقت الهاتف، ونظرت له ماسة بغضب: بتاخد التليفون مني علشان تتأكد؟! أنا قلت لك بتكلم مع ريتال. حتى لو كنت بكلم هبة، إيه المشكلة؟ من إمتى ده بنا أصلا؟!


سليم بضيق وهو يشيح بوجهه بعيداً: مش عايز أتكلم في الموضوع.


ماسة بغضب: لأ، هنتكلم في الموضوع! أنا صبرت كتير وتحملت أكتر. إللي بتعمله ده اسمه إهانة!


نظر لها وحاول سليم تهدئتها، لكنها استمرت في الحديث: ردي عليا انت إزاي تعمل كدة؟!


سليم بغضب شديد: قلت لك خلاص يا ماسة.


ماسة بإنفعال: لا مش خلاص يا سليم والله ماخلاص وهاتقولي إللي إنت عملته ده سببه إيه!! 


سليم نظر لها متسائلاً: قولي لي الأول تقصدي إيه بيوم واحد؟!


زفرت ماسة محاولة لجم غضبها: أقصد محفظة القرآن كانت بتقول لي ممكن تيجي لك يوم واحد وأنا بقول لها يوم واحد كفاية متأكدة لأن المحفظة مشغولة وحضرتك مانعني من الخروج... ها أنا أهو قلت لك قول لي بقى إنت إيه مشكلتك وهاتقول يا سليم.


سليم بهدوء: هبة كانت بتتكلم مع حد من أصحابكم واضح إن هي عندها مشكلة مع جوزها في العلاقة الخاصة، ومتضايقة يعني إن الموضوع ده بيحصل مرة واحدة. 


اتسعت عينا ماسة من الصدمة: أنت اتجننت ياسليم! إنت ممكن تفتكر إني أتكلم مع حد في حاجة خاصة بالشكل ده؟ أنا أختي إللي هي أختي، ماينفعش أتكلم معاها في مواضيع زي دي. إللي بيني وبينك مايخرجش برة أبداً !


سليم بهدوء وهو يجلس على الفراش: خلاص، آسف.


ماسة بغضب: هو إيه إللي خلاص آسف إنت إزاي تفكر عني كده.


سليم بخذلان من نفسه ولا يستطيع النظر لها: معرفش. 


ماسة بغضب ودموع تهبط من عينيها متعجبة بألم: إزاي ماتعرفش، أنا مش مصدقاك أقسم بالله

ما مصدقة، أنا ماسة حبيبتك ... يعني أنا مقدرة عصبيتك ومقدرة كل حاجة، بس مش للدرجة دي، وبعدين ثانية واحدة هو إنت شايف إن إنت عندك مشكلة علشان أروح أشتكي.


رفع سليم عينه بحسم: طبعاً لا.


ماسة متعجبة: أمال ليه فكرت فيا كدة ؟!


سليم بضيق مما صدر منه: خلاص ياماسة قلت لك آسف أقفلي الموضوع بقى.


جلست ماسة وقالت بألم وقهر: تعبت، والله العظيم تعبت والله حرام إللي بيحصل فيا ده بجد. 


بكت بحرقة بعد ثواني نظرت له وقالت: أنا هعدي الموضوع ده المرة دي بس، بس والله يا سليم لو عملتها تاني هاتشوف ماسة ماتعرفهاش.


سليم رفع عينه نحوها بضجر: ده تهديد؟


ماسة بطفح كيل: اعتبره زي ماتحب، بس خليك فاكر إني مش هسمح إنك تشك فيا كدة تاني.


وضعت ماسة رأسها بين كفيها، ونظراتها ثقيلة تسقط على الأرض. تنفست بتعب وكأن كل كلمة أصبحت تُنهكها. 


كان بجانبها سليم يجلس، متكئًا على الأريكة، ورأسه مائل للخلف، تتقاطع في عينيه مشاعر متضاربة بين الندم والعجز. صمت ثقيل يلفّهما، وكأن الكلمات عاجزة عن التعبير.


بعد لحظات من الصمت، قطع سليم الهدوء بصوت خافت، محمّل بالثقل:

مش عارف أقولك إيه... بس حقيقي أنا... آسف.


قال سليم كلماته ونهض ليغادر، تاركًا ماسة غارقة في أحزانها.


خلال اليوم 


ظلت ماسة في غرفتها تتابع الأفلام لساعات، بعد أن اتصلت بسليم لتطمئن عليه، لكنه أخبرها بإنه في اجتماع مهم.


مع حلول الليل، الساعة العاشرة مساءً


تلقت ماسة اتصالًا من سليم الذي طلب منها أن تهبط إلى الحديقة وأن تغيّر ملابسها، لأن هناك أحد المستثمرين يريد أن يراها.


بدّلت ملابسها، ارتدت فستانًا محتشمًا، وضعت القليل من مستحضرات التجميل. بدت جميلة كعادتها، ثم هبطت لأسفل واتصلت به. لأنها لم تجده في الحديقة، فأجابها أنه في الحديقة الخلفية في الأعلى.. صعدت إلى الدرج حيث الحديقة العلوية.

فور صعودها، فوجئت بالألعاب النارية تضيء السماء بألوان وأشكال جميلة، فابتسمت بدهشة وسعادة. فهمت أن سليم قد حضّر لها مفاجأة.


جاء سليم من خلفها واحتضنها، وضع رأسه بين حنايا رقبتها، كانت يداه تحيطان بها بحنان إحداهما على صدرها والأخرى على بطنها. شعرت ماسة بشعور غريب يسري في جسدها، كعشق غامر. أغمضت عينيها، فهي تحبه. مهما حدث بينهما، فالحب في قلبها أكبر من أي شيء. ابتسمت في سرها.


وضع سليم قبلة بين حنايا رقبتها قائلاً:

أنا آسف على كل حاجة، عارف إني زودتها. حقك عليا، يا أحلى ماسة، يا قطعة السكر إللي محليّة حياتي.


أدارها إليه ونظر في عينيها بحب، ثم وضع كفه على خدها:

وحشتيني... وحشتني الأيام الحلوة دي.


ماسة بعشق غمر قلبها: إنت كمان وحشتني أوي.


سليم بتأكيد: سامحتيني من قلبك.


ماسة بعشق: قلبي مايعرفش يزعل منك يا سليم... قلبي مايعرفش غير إنه يحبك وبس.


شّدها سليم إلى أحضانه، ضمّها بشدة، ثم أخرج من جيبه علبة قطيفة مستطيلة تحتوي على إنسيال من الماس. قام بإلباسه لها، ثم قبّل يدها.

ماسة بسعادة: ميرسي يا حبيبي، حلو أوي.

نظرت إلى السماء: بس حلو أوي إللي إنت عملته ده!


سليم بابتسامة لطيفة: أنا مش بس عملت كدة، تعالي.


أمسك بيدها، وسار معها فوقعت عينيها على شاشة كبيرة، وخيمة، وبعض الأضواء الصغيرة التي كانت تزين الخيمة، ووجدت بعض الشُلت الملوّنة. كانت الأجواء في منتهى الجمال.


سليم بحماس: إحنا النهاردة هانقعد هنا ونتفرج على فيلم، ونتفرج على النجوم، ونقضي وقت حلو مع بعض زي زمان، وبعدين هننام في الخيمة دي.


تحمست ماسة: فكرة حلوة أوي، موافقة جدًا.


ساعدها سليم على الجلوس على إحدى الشُلت، ثم بدأ في تشغيل الفيلم داخل الخيمة، جلب لها فشارًا ومسليات، وأعطاها إياهم.


سليم بعناية: بردانة؟


ماسة: تؤ، بس ممكن تجيب الشال علشان لو الجو برد.


دخل سليم وأحضر الشال مع ترمس شاي وكوبين، وجلس بجانبها. وضعت ماسة رأسها على صدره بعد أن وضع ذراعه خلف ظهرها.


أخذا يتابعان الفيلم في أجواء رومانسية رائعة، يتناولان الفشار والمسليات.. 


كان الفيلم يعرض مشهدًا رومانسيًا، فابتسمت ماسة بينما كانت تتناول الفشار والمسليات وتراقب سليم من زاوية عينها. الإضاءة الخفيفة كانت تنعكس على وجهه، وتجعل ملامحه تبدو أكثر وسامة في تلك اللحظة. وضعت يديها على قلبها، شعرت بالدفء ينبع من حبه لها...بينما سليم كل بضع دقائق يخطف النظر لها متأملا إياها بعشق بإبتسامة حب..


ثم، في لحظة من السكون، رفع سليم رأسه لينظر إلى السماء المليئة بالنجوم. 

سليم قال بصوت هادئ: شايفة النجوم؟


ماسة بابتسامة نظرت للسماء: أيوة، دي أروع حاجة في الليل أنا با اعتبرها أمانينا.


سليم مبتسمًا: إنت شبه النجوم، النجوم بتزين السماء وبتخلي الليل دافئ وجميل وبتعمل معنى وشكل للسماء، ولما بتغيب؟! بتخلي السماء فاضية وكئيبة والليل حزين، السماء ماتقدرش تحلى من غير النجوم، لكن النجوم كدة كدة حلوه ومؤثرة.


ماسة تبسمت بحب: النجوم كمان ماتقدرش تظهر ألا بوجود السما، هو ده مسكنها، السما حتى لو مظهرها كئيبة من غير نجوم بس موجودة، بس النجوم ملهاش وجود إلا بوجود السماء ولا إيه؟!


سليم تبسم : إيه؟!


تبادلا النظرات بعشق اقتربا من بعدهما ضما بعضهما ثم أحاط سليم ذراعيه حول ظهرها ووضع رأسها على صدره.


وظلا جالسين في صمت، مستمتعين بالأجواء الرومانسية، يشاهدان النجوم ويتحدثان عن أحلامهما. وكانت السماء تتغير ببطء، من ظلام الليل إلى إشراقة النجوم التي تضيء كل شيء من حولهما. بعد فترة طويلة، بدأ التعب يظهر على وجهيهما، فقررا أن يناما في الخيمة.


تدثرا بالبطانيات في جو من السكينة والراحة، مع إحساس بأن تلك الليلة ستكون ذكرى جميلة تحفظها قلوبهما للأبد.

💕__________________بقلمي_ليلةعادل


في فيلا عائلة ماسة السادسة مساءً 


الصالون 


الجميع يجلسون حول طاولة صغيرة عليها أطباق حلوة أم علي ساخنة. أجواء مريحة وأحاديث عائلية دافئة.


ابتسمت ليلى وهي تتناول أم علي: تسلم إيدك يا أم عمار، بجد تحفة! 


تنظر إلى سلوى متسائلة: يا ترى عروستنا بتعرف تعمل الحاجات الحلوة دي ولا لأ؟


سعدية بفخر وبتطبطب على كتف سلوى: بناتي بيعرفوا يعملوا كل حاجة، إللي تحلمي بيه قولي عليه وهاتعمله.


ليلى بفرحة: ماشاء الله، ربنا يحميهم.


سعدية بغمزة لمكي تساءلت بتهكم: وإنت مش قايل لمامتك حاجة ولا إيه؟


مكي مستغربا: مش قايل إيه؟


سعدية برفعة حاجب: إننا كنا شغالين عند قرايب سليم.


ليلى بهدوء وابتسامة: لا، أنا عارفة كل حاجة، وبعدين الشغل مش عيب، مدام حلال. طب ما إبني كمان شغال عندهم حارس، ومحمد الله يرحمه كان زيه بس الحمد لله ربنا فتح عليه واشتغل في الحراسات بعد ما ساب الشرطة، يعني ماتتخميش في لبسنا. 


مجاهد وهو يمسك كوب الشاي: جوز حضرتك كان ظابط؟


ليلى بتوضيح: لا، أمين شرطة. لكن سابها من زمان واشتغل في الحراسات، علشان يكون قريب من الباشا عزت بيه، ودي أخدت سنين طويلة عشان يكون حارسه الأول.


سعدية بإحراج: متأخذنيش يا مكي بس الولا إللي كان خاطب سلوى ماقلش لأهله واستعر مننا.


ليلى بتفخيم: لا إبني راجل، ده تربيتي. 


مجاهد: ربنا يخليهولك. 


مكي بهدوء وبصوت واطي لمجاهد: عمي، سلوى قالت لي إنها فتحت الموضوع معاكم، إننا نسكن مع أمي رأيك إيه؟


مجاهد بحزم وبصوت واثق: أنا موافق،المهم البت تكون راضية.


سلوى بهدوء تبسمت: وأنا كمان موافقة.


ربتت ليلى على إيد سلوى بسعادة: ماتخافيش، ياحبيبتي، إنتِ زي بنتي. مش هخليكي تعملي حاجة، بس ممكن أطلب منك تعملي لنا حاجات حلوة زي أم علي؟


ضحكت سلوى :عيوني يا طنط مكي قال لي إن حضرتك بتحبي الفطير، بكرة هأعمل لحضرتك وأبعتهولك.


ليلى: حبيبتي، تسلم إيدك.. لا، تعالي أعمليه عندي وعلميني.


سعدية بتودد: عنينا يا غالية، بس خليها بعد بكرة، علشان هنروح لماسة. وبعدين يا بني أنا موافقة بنتي تقعد مع مامتك، ماينفعش تسيبها بعد ماكبرتك، بس لازم تجهز شقة للبت.


مكي بحماس: من غير ماتقولي، ده أكيد. ومش شقة، فيلا كمان!


عمار ضاحكًا: بتكسب فلوس كتير كدة؟


مكي بثقة: آه، شغال مع سليم من سنين، وليا مكافآت كمان.


مجاهد بنظرة جادة: بتقبض كام في الشهر؟


مكي ضاحكًا: كتير، الحمد لله.


ليلى: خلاص، من بكره دور على فيلا حلوة واكتبها باسم سلوى. وبردو ياحبيبتي ماتقلقيش، ها أخلي مكي يغيرلك أثاث الشقة كله ويدهنها لك.


سلوى بتواضع: مش لازم كلها، ممكن لما أجي أشوف إللي محتاج يتغير.


ليلى: خلاص، بعد بكرة تيجي تتغدي عندنا وتشوفي شقتك، وتعلّميني الفطير.


ضحك الجميع في جو مليء بالدفء والسعادة.


مجموعة الراوي 


غرفة الاجتماعات التاسعة صباحًا 


نشاهد جميع العائلة تجتمع ومعهم رؤساء الأقسام، حول الطاولة الكبيرة، لكن ننتبه أن سليم أصبح يجلس محل عزت لأنه الآن أصبح رئيس مجلس الإدارة بعد نقلهم الأسهم له حيث بدأ سليم في عرض فكرة جديدة تهم الجميع. على الطاولة توجد أوراق ومستندات تتعلق بالتوسع الكبير في المشاريع المستقبلية. 


عزت: الفكرة عجباني هتوسع نشاط المجموعة خارج الشرق الأوسط بشكل اقوي وأضخم لكن مشروع بالحجم ده هنحتاج شركاء.


سليم: انا محبش الشراكه احنا اللى هنمول المشروع 

هناخد قروض من البنوك.


عزت مستفتيا الجميع: أنا موافق على المشروع، مين موافق؟


رفع الجميع أيديهم ما عدا رشدي. تردد لحظات ثم رفع يده.


سليم: هعمل الميزانيات وأبعتها لحضرتك دلوقتي. خلصنا من أهم نقطة. فيه نقطة تانية، أنا هدخل مشروع جديد تنقيب عن دهب وماس، حضرتك إللي هاتمون لي المشروع، يعني أعتقد دي أول مرة أطلب منك إنك تمولني في مشروع.


عزت: مفيش مشكلة يا سليم، الشيك مفتوح على الرقم إللي إنت عايزه.


سليم بتأكيد:. المشروع ده هايبقى خاص بيا فقط، هايبقى بأسمي أنا ومراتي.


فايزة بتأييد: محدش قال حاجة، سليم. إنت من حقك، يكون ليك مشروع خاص بيك زيك زي إخواتك. على الأقل أنا متأكدة إنك هاتنجح، مش هاتفشل زيهم.


سليم بقوة: يلا بقى، نبدأ الاجتماع في المشاريع بتاعتنا. سمعوني بقى أخباركم إيه؟ وأخبار الشغل؟


وبعد انتهاء الاجتماع، بدأ الجميع بالخروج من الغرفة، كان طه على وشك المغادرة، لكنه توقف فجأة حين سمع صوت منى يناديه من خلفه.


منى: طه استنى.


استدار نحوها وقال بهدوء: أفندم.


اقتربت منه وخاطبته بنبرة ضيق:

محتاجة أفهم، هتفضل لحد إمتى كده؟ كل واحد في أوضته؟! مافيش حتى كلمة؟ بتعاقبني على إيه؟

عقاب الهانم اللي اتآمرت على مرات ابنها الحامل؟ ولا رشدي اللي كان هيقتل سليم وبيهددك بولادك؟


قاطَعها طه بنبرة استهجان، وقد ظهر الغضب في عينيه: آااه، جينا لمربط الفرس، بصرف النظر إني مش طايقك عشان حطّيتي إيدك في إيدهم ولوّثتي نفسك بدم، بس لولا إنك اشتركتي معاهم، مكنّاش وصلنا للي إحنا فيه، ولا كان رشدي حط سكنته على رقبتي.


هزّت منى رأسها وقالت باستهجان: والحل؟! هتفضل كده؟ أنا زهقت يا طه؟


رد عليها بجمود، وكأنه أنهى الحديث قبل أن يبدأ:

معنديش حلول ليكي يا منى، إنتي بتدفعي تمن اختياراتك، ده إنتي حتى مش مِبطّلة، لسه مستمرة في ضغوطك، مافيش لحظة ندم.


رمقها بنظرة سريعة من أعلى لأسفل، ثم استدار وغادر دون أن يضيف شيئًا آخر.


توقفت منى مكانها تتنهد بعمق، ووضعت أطراف أصابعها على جبينها تفكر بصمت، كانت تشعر أنها على وشك أن تخسر كل شيء...

لا بد أن تتراجع.


مكتب سليم


عشري ومكي وعرفان جالسين أمام المكتب، كل واحد منهم يبدو مشغولًا بعمله.


عشري بتفسير: مسحت المكاتب والقصر زي متعودين، مافيش أي حاجة جديدة، الكاميرات اللي زراعتها مسجلتش أي حاجة غير العاديه.


عرفان أضاف وهو يعطي ورق وصور بها أشقائه: إحنا مراقبين الكل، رشدي لسه بيقابل البت اللي مرافقها، وبدأ يشد، لكن مش محدد كام جرعة شد، بس لسه في الأول، واحد من رجالتي شافه في الحمام الديسكو بياخد سطر.. وسارة، مرات عماد، رجعت أخدلها شقة في الزمالك. صافيناز منى وطه مافيش أي حاجة عليهم، بس شفت منى قابلت نيللي مرتين، وراحت لها مرة 


عشري معلقاً: بس نيللي دي شفناها كمان مع فريدة هانم وصافيناز حتي فايزة هانم، في أكثر من مكان زي النادي، الجيم، تحركاتهم طبيعية.


سليم استمع بكل هدوء، لكنه كان يحاول فهم الصورة كاملة. رد بصوت منخفض: أنا محتاج أفهم... في حاجة غلط؟


مكي: لحد دلوقت كله تحت سيطرة مافيش اى تحركات مثيرة للإنتباه.


سليم: تمام روحوا، إنتوا، بس لازم تزوّدوا المراقبة، وأي حاجة تشكوا فيها، حتى لو مجرد شك، تعالوا وقولوا لي فورًا.


قصر الراوي الثانية مساءً.


في الصالون.


نرى سلوى وماسة تجلسان على الأريكة، تتناولان العصير وتتبادلان الحديث.


ماسة متعجبة: يعني، إنتي ماعندكيش مشكلة تقعدي مع مامته في الشقة؟


سلوى وهي تشرب العصير: لا، يعني أنا شفت إنه حرام مامته تتحرم منه، وماعندهاش غيره، فا إيه المشكلة يعني؟


ماسة بتأييد: صح يا سوسكا، طنط ليلى شكلها طيب أصلا ماما قالت إنها ست كويسة. طب بابا وماما وافقوا؟


سلوى رفعت حاجبها مفسرة: أمي حكمت رأيها وقالت إنه لازم يجيب لي شقة ويكتبها بإسمي. بصراحة، مكي قالها من غير ما تقولي، لازم تكون ليها شقتها، وأنا هفرشها لها. بس مكي مُصر إننا نتجوز بعد مانخلص أولى جامعة. مش عايز يستنى أكتر من كدة.


ماسة بتأييد: أيوة، الصراحة كفاية يا سلوى. إنتي عايزة تعرفي عنه إيه؟ ده أنا ماتخطبتش لسليم غير يومين بس!


سلوى: ما أنا عايزة أتعرف عليه أكتر، زي ماهو قال لي.


نظرت لها ماسة بتهكم: ما تبطلي عبط بقى يا سلوى. لو هاتطولي الخطوبة علشان تتعرفي على مكي، تبقي فعلاً لسة دماغك صغيرة. ماينفعش تتجوزي، أكبري بقى.


سلوى تبسمت بلطف: يا ستي، خلاص، أنا بفضفض معاكِ، أكيد أنا حابة الخطوبة، علشان فيها لحظات حلوة، مافيهاش مسؤوليات وطبعًا. علشان فعلاً أعرف مكي أكتر من كده. بس عارفة، رغم إنه مابيعرفش يقول كلام حلو ولسة بيجيب لي الورد في الشنطة، بس أنا بحبه أوي، مش حاسة إني متضايقة.


ماسة وضعت يدها على قدميها بطمأنينة:

ماتقلقيش، أكيد لما تتجوزوا الموضوع هايختلف.


سلوى بتوضيح: أنا مش قلقانة، أنا أصلاً مابحبش الكلام الكتير، بحس إنه تلزيق. المهم، سليم لسة منعك من الخروج.


ماسة تنهدت بضيق: إنتم مابتزهقوش من الكلام في الموضوع ده؟


سلوى: يا ستي، خلاص، عموماً كلها ثلاث شهور تقريبًا والجامعة هاتفتح، وتتحرري.


ماسة ضحكت متعجبة: أتحرر من إيه؟ هو ساجني!!!! يا ستي والله بجد مش متضايقة. بفكر أخلي سليم يعزم طنط ليلى هنا، عايزة أتعرّف عليها، تعرفي إني ماشفتهاش غير يوم خطوبتك بس ماتكلمناش كتير؟


سلوى متعجبة: بجد؟ طب إللي هنا مش هايتضايقوا.

ماسة بلا مبالاة: يضايقوا عادي إيه المشكلة؟


ضحكتا معا بصوت عالي.


السفرة الرابعة مساءً 


نرى سليم وماسة يجلسان على طاولة السفرة، ويتناولان الطعام كان يوجد ورق عنب وفراخ مشوية وبطاطس وشوربة وكانت ماسة تزين السفرة بورد وشموع لكي تعطي العشاء لمسة رومانسية لطيفة.


سليم: وهو يتناول الطعام بإبتسامة دافئة: تسلم إيدك يا حبيبتي، بقالّي كتير ماكلتش حاجة من إيدك.


ماسة بابتسامة خفيفة وهي تراقبه: ألف هنا، حسيت نفسي زهقانة كدة قلت أما أعمل حاجة.


نظر سليم لها بحب وأمسك يدها قبل أن يطبع قبلة عليها: وأنا مش عايزك تزهقي، بس ماتبطليش تعمليلي أكل بإيدك.


داعبته ماسة بدلع: سالوملوم إيه رأيك نعزم طنط ليلى - مامت مكي - ومكي وماما وبابا وإخواتي على الغداء هنا؟


سليم رفع حاجبه بإستغراب: اشمعنا؟


ابتسمت ماسة ووضعت الشوكة على الطاولة:

عايزة أتعرف على طنط ليلى أكتر، تصوّر يعني ماشفتهاش غير مرة واحدة يوم الخطوبة.


سليم تأمل قليلاً، ونظر أمامه وكأنه يفكر بصمت بينما يتناول الطعام: أمّم...


ماسة بترقب وتركيز على تعابير وجهه: لو إنت مش موافق مفيش مشكلة...نعمله عند ماما ونروح.


ابتسم سليم بخفة ونظر لها: وهرفض ليه؟ طنط ليلى أنا بعزها جدًا. ماشي، شوفي جدولي ونعزمهم.


ثم يأخذ قطعة من الدجاج ويقدمها لماسة بنفسه بإبتسامة واسعة، وهي تبتسم بخجل وتتناولها.


داخل السيارة العاشرة صباحاً 


سليم يجلس في المقعد الخلفي، منهمكًا في العمل على جهاز التابلت، بينما مكي يجلس في المقعد الأمامي بجوار السائق. أجواء السيارة هادئة.


رفع سليم عينيه عن التابلت: مكي، خلي بالك، النهاردة إنت وطنط ليلى معزومين على العشاء الساعة 6:00. حماتك وحماك هايبقوا موجودين، ماسة نفسها تتعرف على طنط.


مكي بتردد: يا ريت يا سليم، بس...مايمكن فايزة هانم تضايق.


سليم بهدوء وحزم: تضايق؟ ده بيتي، أستقبل فيه إللي أنا عايزه في أي وقت. بلاش عناد، بدل متخليني أجيب مامتك وأجيبك تعيش معانا في القصر.


صما مكي، متجنبًا الرد


في قصر الراوي السادسة مساءً 


القصر يفيض بأجواء الرفاهية، ماسة وسليم يقفان عند المدخل لاستقبال الضيوف، تظهر ليلى بابتسامة عريضة، يتبعها مكي بخطوات واثقة.


سليم بابتسامة: إزيك يا طنط ليلى؟ عاملة إيه؟ وحشتيني جدًا.


ليلى تبتسم وتصافحه: الحمد لله ياسليم. إنت أخبارك إيه؟


سليم: تمام الحمد لله.


ماسة بترحيب: إزاي حضرتك؟ نورتينا.


ليلى بلطف: حبيبتي، ده نورك إنتي. ما شاء الله زي القمر!


ماسة: ده من ذوقك. اتفضلي.


توجه الجميع إلى الصالون حيث الأجواء مليئة بالدفء والحديث المرح بين أفراد الأسرة بعد ان انضم لهم عائلة ماسة، بعد ذلك توجهوا إلى الحديقة لتناول العشاء وسط الخضرة والزهور، في أجواء هادئة ومميزة. عبرت ليلى عن إعجابها بالطعام الذي أعدته ماسة بنفسها.


( بعد أيام)


قصر الراوي – حديقة القصر – الخامسة مساءً


ماسة كانت تتنقل بين الممرات، ملل يثقل قلبها، لكنها تصبر لاعتقادها أن ما تفعله هو الصواب. بعد شهور من الحصار، بدأت الروتينات المملة تؤثر عليها، لكنها أقنعت نفسها أنها تتحمل خوفًا على سليم.


هبة كانت تراقبها من بعيد، ثم اقتربت وجلست بجانبها.


هبة: هاي! إيه يا ماسة؟


ماسة: نيمتي نالا.


هبة: لحد إمتى هاتفضلي كده؟ حرام عليكي نفسك.


ماسة: أنا مالي يعني؟


هبة بقلق: ليه بتدمري حياتك؟ الأشجار دي كانت رمز للحرية، دلوقتي بقت زي قضبان السجن حواليك.


ماسة بابتسامة خفيفة: إيه الكلام الكبير ده؟


هبة: مش كلام كبير، ده الحقيقة. سليم مش هيتغير لو فضلتي كده، هتضري نفسك وهو كمان. ده مش حل.


ماسة تنهدت: سليم عنده حق. لحد دلوقتي الفاعل مجهول، حتى لما سليم لقى واحد منهم، اتقتل بعدين أنا مش هفضل كدة متاكدة ان موضوع هينتهى لما الدراسة تبدأ.


هبة: سليم مش هيدخلك الجامعة زي ماوعدك. هيتحجج بالخوف. وهاتلاقي نفسك محبوسة أكتر.


ماسة بتحدي: سليم وعدني، وسليم عمره مايرجع في كلامه.


هبة: مش قصدي اقلل من وعودة، بس الخوف جواه أقوى من أي وعد. لو فضلتي كده، مش هتضعي أنتِ بس، سليم كمان هايضيع.


ماسة: إن شاء الله كل ده هاينتهي قريب.


هبة: أتمنى


داخل الملهى الليلي – الوحدة صباحا


كانت نيللي ترقص مع رشدي، متأملة عينيه، لكنها سرعان ما شعرت بالغيرة تشتعل في قلبها حين تركها فجأة، وبدأ يرقص بين مجموعة من الفتيات، يضحك ويتمايل بخفة، كأنها لم تكن.


بخطوات جريئة، دخلت بينهن، جذبت أنظاره مجددًا، ورقصت معه بقوة، تفرض وجودها عليه وعلى المكان، حتى عاد إليها بنظرات مبهورة.


احتسى رشدي كأسين من الخمر، وبدا فاقدًا لتوازنه، تلمع عيناه ببريق غريب. رمقته نيللي بنظرة مثيرة، أخرجت ورقة صغيرة من جيبها، استخرجت منها حبة، واقتربت منه بخفة، وضعتها في فمه دون أن تنطق. تناولها منها بلا تفكير، واستمر في الرقص.


منزل رشدي – بعد قليل


دخلا الشقة يتبادلان القبلات بشغف، تائهين بين الضحكات واللمسات، حتى وصلا إلى غرفة النوم.


دفعها رشدي على الفراش بنعومة فيها شيء من الخشونة، خلع قميصه، واقترب منها، وضع كفه على وجهها بحنان مفاجئ، ثم همس بصوت خافت:

ماسة... أحبك.


تجمدت نيللي لوهلة، لكن رشدي لم ينتبه، وقد أكمل اقترابه منها، غارقًا في وهمه.

  ♥️________بقلمي_ليلةعادل___________♥️


ومرّت الشهور...


أصبحت ماسة حبيسة ذلك القصر الذي تحول إلى سجن كبير لها. اعتادت جدرانه وأسواره، اعتادت الصمت الذي يخيّم على المكان، واعتادت العيش دون خروج. ومع ذلك، لم تستسلم للفراغ الذي يحيط بها. بل صنعت لنفسها حياة جديدة، تعلمت خلالها الكثير.

أصبحت تتقن اللغات التي كانت تعرفها من قبل، حتى صارت تُجيدها كالعربية، وربما أفضل. تعلمت العزف على البيانو والجبتار، ركوب الخيل، ولعب التنس. اعتنت بلياقتها البدنية واهتمت بنفسها.

على الرغم من كل ذلك، لم يحدث أي صدام كبير بينها وبين سليم. ورغم حديث الجميع اصدقائها معها عن ضرورة رفضها هذا الوضع، كانت ماسة متفهمة. ومستوعبة وضعه النفسي وتحاول دعمه، اعتقدت أن الوقت كفيل بتهدئة حالته، ربما بعد أيام أو أشهر، وربما بعد أن يتقبل فكرة عدم العثور على من تسبب في تلك الحادثة التي غيرت حياتهما.


ماسة كانت تتحلى بصبر شديد. تفادت إثارة غضب سليم أو الدخول في أي جدال معه. تفهمت حالته النفسية، وحاولت أن تكون مصدر هدوء وسلام له. تحملت كل شيء بدافع حبها له، ولم تفقد الأمل في أن يتغير، ولو بعد حين.


لكن في الوقت الذي كانت فيه ماسة تحاول أن تخلق معنى لحياتها داخل القصر، كان الجميع من حولها منشغلًا بحياته الخاصة.


هبة، صديقتها المقرّبة، كانت مشغولة تمامًا بدراستها، بحياتها الزوجية، وبالاعتناء بابنتها الصغيرة. لم تعد تزور القصر كثيرًا، وأصبحت غائبة عن حياة ماسة بشكل شبه كامل.


سلوى، كانت هي الأخرى منشغلة بتطوير نفسها. كانت تركز على دروسها التحضيرية قبل دخول الجامعة، وتخرج باستمرار مع أصدقائها. حياتها كانت مليئة بالحركة والنشاط، بعيدة تمامًا عن السجن النفسي الذي تعيشه ماسة كانت علاقتهما بمكي تقوه كل يوم بشكل اكبر كما بدا في البحث عن فيلا تهما 


أما العائلة فكانت منشغلة بالمشروع الجديد، وكان الجو هادئًا، لا يبدو أن هناك ما يُثير القلق.


ظل طه بعيدًا عن منى، لكنه عاد إلى الغرفة، ليست ذاتها بل المجاورة. كان بين الغرفتين باب مشترك، كي لا يشعر أحد بوجود خلاف بينهما، وكان ذلك يُزعج منى بشدة.


أما رشدي ونيللي، فكانت علاقتهما تزداد تقرّبًا يومًا بعد يوم؛ كان يلتقي بها باستمرار، يخرج ويسهر معها، وقد بدأ يُدمن الإحساس الذي يشعر به بعد شمةٍ خفيفة من المخدر، لم يصل بعد لمرحلة الإدمان، لكن الخطوات التي قطعها لم تكن بسيطة أبدًا.

أما ماسة، فعلى الرغم من إدراكها أن الجميع لديه حياته الخاصة، لم تشعر بالاستياء أو الغيرة. كانت تتحمل كل ذلك بصبر عجيب، وبحب نادر لا يزال يجمعها بسليم. لم تكن تهتم كثيرًا بأن كل من حولها يعيش بحرية، بينما هي محاصرة في القصر.



      الفصل الثاني والستون ج2 من هنا 

   لقراءة جميع فصول الرواية من هنا

تعليقات