
رواية لا تخافي عزيزتي
الفصل السابع 7
بقلم مريم الشهاوي
صلوا على الحبيب
استيقظت هدير من نومها بفزع على صوت طرق الباب بشكل يقلق كان الصوت مزعجًا ولم يكن صوت طرق على الباب فقط... كان هناك صوت رجل ينادي عليها بصراخ.
نهضت من فراشها وسرعان ما وضعت غطاء على رأسها وذهبت لتفتح الباب حتى رأت صاحب المنزل يهتف بها بصراخ:"إيه يا هدير؟؟؟... صباح الخير.. معلش قلقناكي من نومك... فين الإيجار بتاع الشهر ده والشهر اللي فات؟؟ مش قولتي هتجيبيهم إمبارح وأهو إمبارح عدّى والنهاردة كمان هيعدي وت..... "
تفاجأ بهدير تدخل للمنزل مرة أخرى وبعد دقائق رآها آتية بالمال وتعطيه له بيده وتقول بإستنذاف طاقة للحديث :"حقك عليا يا أستاذ أوعدك مش هأخر عليك الإيجار تاني وإمبارح رجعت متأخر من الشغل فمعرفتش أعدي عليك."
تنهد براحة وأخذ ماله وذهب من أمامها
أغلقت هدير الباب وسندت عليه بإرهاق وبعد دقائق بدلت ملابسها للذهاب إلى عملها الأول وهي روضة الاطفال.
____________________________________
استيقظ مصطفى من النوم وتفاجأ بشهاب أمامه:"يابني بلاش تخضني كده فيها إيه لو دخلت من باب الشقة وطلعت خبطت على أوضتي ؟"
تحدث شهاب بمرح:"مينفعش... لازم أجيبلك سكتة قلبية علصبح كده المهم يلا قوم."
مصطفى:"أقوم ليه؟... أنا تعبان أوي يا شهاب إمبارح اتضربت وأنت مكنتش معايا ودخلت بيت البنت كمان متعملهاش تاني لو كانت قفشتك كنت هتعمل مشكلة."
جلس شهاب بجانبه:"احكيلي عملت معاها إيه ؟"
ضربه مصطفى بكتفه بمرح:"أحكي إيه مانت كنت معانا في نفس الأوضة !هتستعبط يلا ؟"
ضحك شهاب:"ده أنت موتني ضحك... هدير أنا بحبك."
قالها بهيام مثل ما كان يقولها مصطفى وقتها
تفاجأ بضربة مصطفى إليه بالوسادة بوجهه
شهاب:"حاسس إنها بداية كويسة... "
ابتسم مصطفى وهو يتذكر لهفتها عليه هو يعلم أنها ليست نابعة من حب ولكنه سعيد برؤيتها تخاف عليه ولو حتى شفقة !
روى له ما حدث معه وكيف أبرحه وليد ضربًا وبعدها لم يشعر بشيء
علّق شهاب بمرح:"بس حلوة الحركة دي إنك دافعت عنها وأعتقد هتشيلهالك جميلة ودي الطريقة الوحيدة اللي كانت تديك فرصة إنك تتعامل معاها بشكل ودّي منغير ما تفهمك غلط وإلى حد ما تتقبلك ومتبقاش دبش زي الأول هي الطريقة أه مكنتش أنسب حاجة للي زيك لإنك اتدشملت خالص !!"
مصطفى:"أنا مش عارف عملت كده إزاي بجد ساعت ما ضربته بالعصاية إيدي كانت بتترعش أصلا.. عمري ما اتشاكلت مع حد أبدا وفي حالي دايما أول مرة أدخل خناقة !"
ضحكوا هما الاثنان وظل مصطفى يتحدث مع شهاب على مشاعره تجاه هدير وشهاب مستمع إليه بكل إهتمام كانت صداقتهم قوية كان عمر ومصطفى وشهاب أعز الأصدقاء ولكن ابتعد عمر عنهم بفترة ما ولكن مصطفى مازال متعلقا بشهاب وباتو أصدقاء طوال الحياة.
شهاب:"أسماء مش راضية تكلمني... وبوقفها في الشارع مبتردش عليا."
مصطفى:"ليه كده؟؟.... أنت فاتحتها في موضوع الجواز ؟"
زفر شهاب بحزن:"أمي مش راضية يا مصطفى... لان أسماء مطلقة ومعاها بنت.... بس أنا بحبها وعاوزها هي مش عارف أقنع أمي إزاي وهي اللي خلت أسماء تتجنبني بعد ما راحتلها وقالتلها ملكيش دعوة بابني."
عانقه مصطفى بلطف :"متقلقش... هنحلها بإذن الله."
ابتعد عنه شهاب وابتسم له ثم تحدث مصطفى قائلا بحماس:"تيجي نروح لطنط ونقنعها؟... شوف طنط هتبقى فاضية إمتى وقولي وهعدي عليها وأقنعها أنت عارف إنها بتحبني وأنا عارف هدخلها إزاي."
فرح شهاب كثيرا قائلا:"بجد هتساعدني يا صاصا ؟"
مصطفى:"يابني ياما ساعدتني وأنت السبب في تشجيعي إني أتكلم مع هدير."
عانقه شهاب بقوة:"ربنا يخليك لياااا."
سمع طرق على الباب وكانت والدته
نظر مصطفى إلى الباب وسرعان ما رأى شهاب يختبئ
نهض مصطفى من جلسته ليفتح الباب:"صباح الخير يا ماما."
رحاب:"جهز شنطتك ورو..... إيه ده؟؟؟ إيه الكدمات اللي في وشك دي !! "
أجابها مصطفى بهدوء ليطمئنها:"خناقة بسيطة يا ماما محصلش حاجة متقلقيش هيروحوا بسرعة.... المهم كنتِ عايزاني أروح فين؟"
رحاب بخوف:"إيه يا مصطفى ده اتخانقت مع مين ومن إمتى وأنت بتتخانق؟"
زفر مصطفى بضيق:"يا أمي أنا كويس... ومش خناقة كبيرة دي مشكلة كده حصلتلي وأنا بركن العربية.... المهم كنتِ عايزاني أروح فين ؟؟"
هتفت رحاب بلوم :"طب محطيتش تلجة ولا أي حاجة يخفي الكدمات دي؟؟"
تذكر مصطفى أن من طيّب جوارحه كانت هدير وهي دواءه ويكفي هذا لا يحتاج ليعالج بدنه مادام قلبه تعافى.
مصطفى:"عملت كده...وشوية وهيخفوا."
رحاب:"طيب.. جهز شنطتك وروح لأختك عند دعاء هاتها لإننا مسافرين."
ضم مصطفى حاجبيه باستفهام:"مسافرين !... مش قولتي هتسيبي يارا مع علا شوية تغير جو؟"
تكلمت رحاب بغضب مكتوم:"لا.... منا لازم أعرف اختك مخبية إيه ولازم تبقى تحت عنيا.... أديك شوفت حالتها عاملة إزاي وهي مش طبيعية.... عايزة أبعدها عن اللي إسمه عمر ده... مش فاهمة أنا حالتنا اتيسرت وبقيت أعلى منهم بكتير ليه لسه على علاقة بيه !"
تحدث مصطفى معلقا على كلامها باقتضاب:"إيه يا ماما اللي بتقوليه ده !!... إحنا صحاب من زمان جدا ومتنسيش إننا كنا زيهم وكنا جيران ودايما سوا إيه البي غيّرك تجاههم؟"
مصمصت رحاب شفتيها بانزعاج :"اللي أعرفه إني بصاحب ناس من مستوايا خليها تنقي صحاب تانين من مستواها إحنا مستوانا بقى أعلى منهم بكتير."
مصطفى:"ما إحنا في يوم من الأيام كنا من مستواهم من بعد موت بابا وإحنا قعدنا سنين حالتنا مش ميسورة."
رحاب:"وأهو الحمد لله.. حالتنا دلوقتي تفوقت عليهم ميت مرة.... بقولك إيه أنا مصدعة... اعملوا اللي تعملوه وهي خليها لازقالي في علا وأخواتها اعمل اللي قولتلك عليه منغير جدال."
تركته وذهبت من أمامه... أغلق مصطفى الباب وسند عليه وزفر بضيق لمَ تفكر أمه بهذه الطريقة؟ ليس هناك طبقات تجعلنا مختلفين فكلنا بشر وهو عاجز عن مرافقة أحد غير شهاب.... جميعهم يستهزءون به وبشخصيته الضعيفة عدا شهاب الذي يعذره ويعذر كم شاق بعمره من ظروف جعلته بهذا الطبع شهاب صديقه الوحيد الذي يحكي معه عن تفاصيل يومه وأشياء لا يقدر على البوح بها لأمه وكذلك يارا هي متعلقة بعائلة عمر... صحيح يارا محببة بين الجميع ولكنها لم تحب أحدا غير علا وعمر صديقها المقرب الذي كان معها بالجامعة وظلوا معا طوال هذه السنوات أحيانا يظن أنها تحب عمر ولكن تختفي ظنونه عندما يراها تصلح بينه وبين حبيبته فليس هناك أحد عاقل يفعل هكذا !
ذهب لمنزل دعاء ورحب به الجميع لم يطيل في جلسته فقد نبهت عليه رحاب بالاستعجال اتضطر أن يأخذ يارا رغما عنها لأن رحاب قد أعطت أمرا ويجب تنفيذه مهما كان.
مصطفى:"هستناكِ تحت...اوكي."
كانت يارا حزينة لا تطيق هذا السفر نظر إليها عمر وتحدث معها:"أنا نازل معاكِ استني."
ركبا المصعد سويا وزفر عمر وأمسك بيدها بحنان:"حاولي تفكي."
صرخت يارا به بنفاذ صبر:"أفك إيه يا عمر !!... هو أنا بقولك جبت درجة وحشة في مادة ؟!!!"
ضم يديه الاثنان على يدها محاولا تهدئتها :"عارف والله عااارف.... بس بقولك ده عشان متشككيش طنط رحاب فيكِ... وهي لو عرفت هتعمل مشكلة."
اقتربت منه يارا وبدأت عيناها تمتلئ بالدموع :"أنا مش عايزة أسافر وأبعد عنك يا عمر.... أنت الوحيد اللي تعرف الموضوع وأنت الوحيد اللي تقدر تواسيني مش قادرة أتعامل معاهم وأنا في الحالة دي ومش عارفة رد فعل ماما هيبقى إيه لما تعرف."
ابتسم عمر لها:"متقلقيش... هفضل على تواصل معاكِ في التلفون وأما ترجعي بالسلامة أكون لقيت حل... وإن شاء الله خير استعيني بربنا وخلي إيمانك قوي مادام مغلطيش يبقى تكوني واثقة إن حقك هيرجعلك."
اومأت يارا برأسها وتنهدت بعمق
تحدث عمر بصوت مرح:" بركاتك يا يويو.... أنا ومودة اتصالحنا إمبارح.. وأمي قالتلي خلاص بدل ما نتخانق تاني رايح أخطبها الاسبوع الجاي."
صدمت يارا ولم تعرف ماذا تعقب فهي غير قادرة على التمثيل الآن.
وصل المصعد للأرضي وخرجت يارا من أمامه بصمت أثار شكوكه ولكن عذرها لما هي به.
ركبت يارا السيارة بجانب أخيها وودّع مصطفى عمر وتحرك بسيارته حتى انتبه لأخته ولحزنها:"في إيه مالك؟؟... أهو البوز ده خلى ماما تشك إن فيكِ حاجة.. ما تنطقي يا يارا."
حاولت يارا كتم بكاءها فخرج منها صوت مبحوح:"مفيش حاجة أنا كويسة."
سندت رأسها ونامت فهي لم تنم جيدا لأنها بقيت مستيقظة مع علا بالحديث سويا وفجأة سمع مصطفى صوت وراءه:"هييي... رحلة."
فزع مصطفى من صوته ونظر بالمرآة فرأى شهاب وضحك حين رآه :"يخربيتك خضيتني كويس إن يارا نايمة كانت مش هتستحمل."
ضحك شهاب وقال له بمرح:"جاي معاكم يعني جاي معاكم."
مصطفى:"بجد نفسي تيجي معانا."
شهاب :"طبعا جاااي... حطني في الشنطة ومحدش هيشوفني."
مصطفى:"ياريت لو ينفع... أنت عارف أنا ويارا في السفريات دي بنكون وحدانيين أوي ومبنعرفش نكون صداقات بالسرعة اللي بنبقى فيها هناك وأصلا مبنحسش بالعيلة بتاتا وبنبقى ضاربين بوز وبنتمنى السفرية تخلص بأي طريقة... بس أنا هحاول السفرية دي أتكلم مع يارا هي أكيد محتاجاني وأهي فرصة تحس فيها إنها مش لوحدها وإني معاها عارف إني قصرت كتير في حقها ومكنتش بحسسها بأي أخوة بس ده لاني أنا كمان مكنتش حاسس بنفسي أنا دايما حاسس إني تايه ومش فاضي لحد ومعودتهاش تاخد قرارات معايا لإني مبعرفش أخدها لوحدي أساسا."
زفر بضيق لحالة أخته ولما وصلت إليه !
أخذ شريف إجازة بضع أيام ليسافر معهم كان يريد أن يتغير مزاجه للأحسن فقد مل من تلك الحياة "الروتينية"
كانت رحاب سعيدة بأنها ستذهب بعيدا مع حبيبها... نعم فهي تحب شريف حبا جما... لا بل تعشقه ومن قبل زواجها بزوجها السابق والد مصطفى ويارا الذي مات.
كان ضميره يأنبه تجاه إبنته الوحيدة ولكنه يعلم كم هي تزعج كل من حولها وهو يريد أن يفرح الجميع ولأن أسيل تزعج رحاب بعنادها وعدم إرضائها بأي شيء قرر أن يبقيها بالمنزل ويحاول أن يفرّح يارا فهو يشعر إنها غير طبيعية ويكفي أنه سيبتعد عن عالم العمل والمشاريع وينفرد برحاب زوجته.. هي ليست حبيبته... فهو كان يحب قمر والدة أسيل ولكن حب رحاب إليه يجعله مرغما على حبها فهو يرى نفسه جميل بعينيها يحب حبها إليه هي تجعله شاب من جديد رغم كبر سنه ولكنها بمرحها وهيئتها الصغيرة تجعله صغير وشاب مراهق يحب تحترامها له واتاخذها القرارات فهي لا تتعبه مثل ما كانت قمر تتعبه بأخذ القرارات والتمرد عليه والعناد لكن رحاب تقول له "نعم وحاضر" فقط لا غير وهذا ما يريده أغلب الرجال حاليًا.
_______________________________________
هتفت دعاء بذهول:"يعني إيه تتجوزها يا علي أنت اتجننت في عقلك؟؟"
أجابها علي:"يا أمي إيه الجنان في اللي بقوله؟!... أنا عاوز أتجوز يارا وبحبها من زمان."
صرخت بوجهه:"دي أكبر منك !!"
زفر علي بلا مبالاة لما قالته:"السنين مش مهمة ما دام الحب موجود وأنا بحبها."
دخل من المنزل وحين رأته دعاء ركضت نحوه وهي تهتف بصراخ :"إلحق أخوك... اتجنن... عاوز يتجوزلي يارا بنت رحاب !"
اتسعت عينا عمر ونظر لأخيه بدهشة....
_____________________________________
حملها يزن بين يديه وركض بها إلى سيارته أدخلها بها وركب بجانبها بحث عن زجاجة مياة وسكب بعض الماء بيده ووضع قطرات من الماء على وجهها ليفيقها ولكنها ظلت فاقدة للوعي ولم تفق... قلق عليها بشدة وتحرك بسيارته مسرعًا للمستشفى.
كان يركض في المستشفى وهو حاملها ويصرخ بقوة اقتربت منه الممرضات وحاولوا أخذها من يديه ولكنه غير قادر على تركها يشعر بشيء غريب وكأنها منه ! لا يريد أن يفقدها ستترك فراغ شديد بداخله... وبعد محاولات كثيرة استطاعوا أن يأخدوها منه وحملوها على فراش المستشفى وهو جالس على كرسي قريب من غرفة الإسعافات وبعد مدة من الوقت خرج الطبيب حيث نهض يزن من جلسته وتوجه نحوه بقلق :"خير يا دكتور.... هي كويسة صح؟ "
تنهد الطبيب وتكلم بعملية:"أصابها اغماء بسبب هبوط حاد في الدورة الدموية."
قلق يزن كثيرا فتحدث إليه بلهفة:"وهي هتبقى كويسة؟؟.... يعني هي دلوقتي إيه حالتها؟؟ "
حاول الطبيبة أن يهدئ من روعه:"متقلقش إحنا ركبنالها محاليل وإن شاء الله تبقى كويسة."
وجد الممرضات يخرجون ومعهم أسيل نائمة على فراش متحرك متوجه نحو غرفة ما بالمستشفى لتقيم بها.
ركض يزن تجاهها وأمسك بيدها وهو في حاله غريبة... لم يفهم مشاعره !
لم يتسائل نفسه هو فقط يتصرف مثل ما يقول له قلبه ولا هناك فرصة لحديث عقله.
كانت نائمة مثل الملائكة نظر إليها يزن ودق قلبه بشدة... هناك شيء غريب يحدث له تجاه تلك الفتاة... لم يمر به من قبل كان مثل الثور الغاضب حين رآها ليست بخير أتى بها إلى المستشفى وكان خائفًا من خسارتها !
توقف وسمع صوت عقله وكان يفكر بالكثير من الأسئلة ويبحث عن إجابة
عقله:"لماذا كنت خائف لهذا الحد؟"
تنهد وأجابه:"إنها مريضة ولو كانت أي فتاة مكانها لكنت فعلت هذا أيضا."
عقله بشك:"أي فتاة؟؟ "
أكّد له:"نعم أي فتاة."
أعطته الممرضة ورقة بها علاج لأسيل وطلبت منه أن يملأ إستمارة المستشفى ويدفع مال الغرفة التي ستبيت بها أسيل
كان يملأ الإستمارة سريعا لكي يذهب لشراء الدواء لها ويعود لغرفتها بجانبها، ولكن توقف عند خانة معرفة علاقته بالمريضة هل هو زوجها أم أخيها أم أبيها أم أحد أقاربها...ولا أحد من هؤلاء !
لكن ماذا يكتب؟؟ كان سيكتب أخيها ولكن تراجع وكتب مسرعا... صديق.
كان جالسا على الأريكة ينظر إليها والممرضة تعطي لها الدواء بالمحلول
صوته الداخلي يهدئه:"اهدأ يا يزن لمَ كل هذا القلق؟ هي بخير أمامك !"
نظرت إليه الممرضة وتحدثت بشكل عملي:"اجرينا ليها تحاليل دم... وظهر إن الهيموجلوبين قليل خالص ويظهر إنها بقالها يومين مش بتاكل لان الكالسيوم كمان قليل وده كله سبب كبير في إنخفاض ضغط الدم بالشكل ده... يرجى الاعتناء بيها جيدا وهي هتفضل في المستشفى بالكتير يومين لحد ما حالتها تستقر وإلا ممكن بعيد الشر الهبوط الجاي يكون مموتها بسبب قلة الغذاء !"
صرخ يزن بها حين سمع آخر جملتها:"لا موت إيه !!... ربنا يبعد عنا كل شر... شكرا جدا ليكِ."
ابتسمت الممرضة بود :"تقوم بالسلامه إن شاء الله... عن إذنك."
ذهبت الممرضة من الغرفة واغلقت الباب ورائها اقترب يزن من فراش أسيل وأمسك بيديها بحنو:"ناوية تدمري نفسك... خلاص معادتش نفسك بتهمك... بنتتحري بالبطيء زي ما هو عمل؟... غفلنا كلنا وراح منتحر !...أنتِ كمان عايزة تعملي زيه وتعلقيني بيكي وتمشي؟... مش بتاكلي بقالك يومين ليه بتعملي كده؟؟... ليه نفسك هانت عليكِ بالشكل ده !... على فكرة نفسك ليها حق عليكِ."
نظر للطاولة التي بجانب سريرها فوجد هاتفها وحقيبتها الجامعية سمع صوت رسالة أثارت إهتمامه اقترب وأخذ هاتفها ونظر إليه فتح الرسالة من الخارج بفضول فرآها من رحاب تقول لها:"ياريت متبوظيش علينا السفرية ونسمع خبر تعبك زي كل مرة وتخلي أبوكي يرجعنا كلنا اهتمي بنفسك واعتمدي على نفسك ياريت متتصليش بأبوكي لإنك هتلاقيه مغلق وأنا كمان هقفل موبايلي خلينا نشم هوا شوية ولا أنتِ مبتحبيش الخير لحد؟ السفرية مش هتطول بس أهو يومين الواحد ميشوفش وشك فيهم."
هذا الكلام ليس موجه إليه ولكن أغضبه كثيرًا ،ما تلك الوقاحة؟ تأكدت شكوكه أن زوجة أبيها هي من تجعلها بتلك الحالة أمسك بإصبعها وفتح هاتفها ببصمة يدها دخل على المحادثة وحذف الرسالة لكي لا تراها أسيل لقد أثارت غضبه واستفزته بشكل كبير ما بال أسيل كيف ستشعر؟؟.. لمَ تعاملها رحاب بهذا الشكل... يجب أنا يعرف كل شيء عنها.
نظر إليها وأخذ كرسي وضعه بجانب فراشها وأمسك بيدها لمس أصابعها كانت شديدة البرودة قرب شفتاه نحو يدها وأخذ ينفخ بيدها لكي يدفئهم وضع يده على خصلاتها ومسح على جبينها بحنين وتذكر شكلها وهي تبكي آلمه قلبه بشدة مسكينة يا أسيل لا أعرف كيف اواسيكي لأني لا أعلم مما اواسيكي عليه؟ ولكني متأكد أنك لن تبقي هكذا لفترة طويلة سأحاول جاهدا بتخفيف هذا عنك لن أتخلى عنك إلا عندما تكونين سعيدة لن أجعلك تشعري مثل صديقي كان دائما يشعر بالوحدة وعدم إهتمام الناس إليه حتى أهله وأنا... أنا أيضا تخليت عنه ولهذا أنا أعاقب نفسي على كل ساعة وكل وقت كان يطلب مني الجلوس معه وكنت مشغولا يمكن إذا كنت اهتتمت به ورافقته ولم اتركه كان معنا الآن ولكني تعلمت من الخطأ ولن اكرره.
وبعد بضعة ساعات قد غفل يزن بهم من شدة تعبه وحين شعر بأصابعها تتحرك بيده استفاق بسرعة فهو نومه خفيف نوعا ما نظر إليها بلهفة:"أسيل... أنتِ كويسة؟؟"
لمَ تواصل سؤالي إذا كنت بخير؟
لمَ تواصل القلق عليّ؟
لم أعتاد هذا إلا من أمي!
يكفي، أنا لا أريد أن يهتم بي أحد أو يهتم لأمري إذا كنت بخير أم لا... فقد اعتدت الوحدة.
نظرت إليه وهذه الأسئلة تدور بذهنها وهي ترى قلقه الشديد عليها
سحبت يدها بعنف ونظرت للغرفة ثم نظرت إليه بإستفهام ما الذي أتى بها إلى هنا؟
فهم يزن من ملامح وجهها واستعجابها من الغرفة :"أنتِ في المستشفى... جيبتك هنا بعد ما اغمى عليكِ في.... "
ايكمل أنها فقدت وعيها بحضنه؟
تذكرت أسيل ما حدث لها ورسالة أبيها وحينها أغمضت عينيها بأنها تخشى التذكر ثم التفت لتبحث عن حقيبتها
ففهمها يزن وأخذ حقيبتها وضعها على قدمها
مدت يدها داخل الحقيبة وأخرجت دفترها وقلمها لتتحدث معه
وكتبت به:"عايزة أخرج."
نظر يزن إلى دفترها وقرأ ما كتبته:"لا تخرجي إيه!!... ده هبوط حاد في الدورة الدموية... اهدي كده وصل علنبي."
لم تهتم لما قاله وأبعدت غطائها ونهضت من الفراش بسرعة وذلك أدّى إلى دوراها الشديد وكادت أن تقع إلى أن لحقها يزن بين ذراعيه ونتج ذلك إقترابها الشديد منه.
يزن:"يا أسيل أنتِ تعبانة... لازم تخلصي محاليلك الأول.... أنتِ عارفة تحاليل الدم بتاعتك مش تحاليل إنسان دي تحاليل كائن فضائي احمدي ربنا إنك لسه عايشة وفيكِ نفس.... مبتاكليش بقالك يومين حرام عليكِ نفسك... أرجوكي كفاية تإذيها."
كيف تخبره إنها لم تعد تشعر بأنها مشتهية للطعام منذ زمن وحين تأكل يكون بالغصب على نفسها كي لا تموت مثل ما قال وكانت تظن أن أحد سيعرف إنها لم تأكل لأنها تعيد الصينية مكانها المطبخ ولم تكن آكلة منها أية شيء ولكنها لا تعلم أن رحاب تعيد الطعام للثلاجة وكأن شيء لم يكن ولا تهتم بكونها لم تأكل فهي تظن إنها تفعل ما عليها واضرابها عن الطعام ليس بيدها إذا كانت تريد الموت أو الانتحار فهذا قرارها.
امتلأت عيناها بالدموع ونظرت إليه بوجع
نظر لدموعها وسرعان ما أصابه القلق وهتف بإسمها بحنين:"أسيل."
سمعت إسمها مرة أخرى بنفس الطريق وتدفق لحنه إلى قلبها
نظر لعينيها وكرر كلماته التي لم يشعر بها فهو مسلوب عن كل شيء حين ينظر لعينيها:"مش هتخرجي من هنا إلا وأنا متطمن عليكِ... استحالة أسيبك تمشي وأنتِ بحالتك دي... لو أنتِ مش خايفة على نفسك فأنا خايف عليها."
كلماته تشعل نيران جسدها لا تعلم لمَ وكيف ولكنها تشعر بالدفء والراحة تجاهه !
توترت من قربه وشعرت بأنفاسه على وجهها وحين اقترابهم الشديد ظهر فارق الطول بينهم.
ابتعدت عنه لتأخذ أنفاسها فقد شعرت بأن ليس هناك هواء بالغرفة حين ينظر إليها هكذا لا تعلم ماذا يحدث لها... جلست على الفراش ومددت جسدها بإرهاق
وضع يزن الغطاء عليها :"عاوزك ترتاحي خالص وتشوفي هناكل إيه النهاردة."
أعطاها دفترها لتكتب به بإقتضاب:"شكرا مش عايزة آكل."
تحدث يزن وكأنه لم يقرأ شيئا مما قالت:"كينتاكي ولا ماك؟ "
اتسعت عيناها بدهشة وكتبت بدفترها مسرعة:"دول مقاطعة ! "
ابتسم يزن وهذا ما أراده:"أيوة كده حسسيني إنك عايشة معانا دنا افتكرتك متعرفيش حاجة عن الدنيا وفي حالك."
كتبت أسيل بدفترها:"وهل يغفل أحد من موت إخوانه كل يوم؟ اسأل الله أن ينصرهم على الأعداء ويخلد أرواحهم ويأمن قلوبهم من الخوف وينزل على قلوبهم السكينة ويحفظ أطفالهم. "
(اللهم أنزل علي الصهاينة بأسك الشديد الذي لا يُصد ولا يُرد ولا يقدر على دفعه أحد.. قولوا آمين)
أمّن يزن على كلامها ثم قال:"يعني أنتِ مش جعانة؟؟"
هزت برأسها بإيجاب ثم سمعا صوت غريب جاء من بطن أسيل وهي تبوح جوعًا
انفجر يزن بالضحك بصوت عالٍ ووضعت أسيل يدها على بطنها بحرج.
يزن:"أهي بطنك ردت هنطلب أكل عشان أنا كمان هموت من الجوع."
ثم قال بمرح:"ومتقلقيش أنتِ اللي هتدفعي."
نظرت إليه غير مصدقة ما قال وسرعان ما ضحكت وضحك هو الآخر معها
نظر لها بهيام حين تضحك تغلق عينيها حتى أن لونهمها يُخفى بين رموشها ولديها "غمازة" تزيديها جمالا فوق جمالها... حين تضحك تشعر بأن جميع وجهها يضحك معها كم هي جميلة وكم تمنى لو تلازمها تلك الضحكة دائما.
وبعد قليل وصل مندوب الشحن فنزل إليه يزن ليأخذ الطعام منه وصعد إليها :"أنتِ وجبه وأنا وجبتين.. عدل ربنا."
كانت رائحة الطعام شهية
فتحت أسيل العلبة ونظرت للطعام بحزن... هي حقا تشعر بالجوع ولكنها غير قادرة
كتبت له بالدفتر :"أنا حقيقي مش قادرة آكل."
قرأ ما كتبت وتحدث معها برجاء:"بالله عليكِ يا أسيل كلي ولو شوية... وغلاوة أغلى حاجة عندك لتاكلي... يا بنتي هتموتي كده !!"
تذكرت والدتها حين كانت تترجاها لكي تأكل ابتسمت للذكرى فها هي ترى أحد يعاملها مثل ما كانت والدتها تعاملها
حاولت أن تأكل ولكن لم تأكل كثيرا فقط لتسد جوعها.
جاءت له مكالمة هاتفية من والده عبد الله
يزن:"صاحبي تعبان يا بابا ومضطر أفضل معاه في المستشفى."
عبد الله:"لا حول ولا قوة الا بالله ألف سلامة ابقى طمني عليه.... طب هتيجي إمتى ؟؟"
يزن:"والله مش عارف يا بابا لحد ما حالته تتحسن."
نظرت إليه وهو يتحدث مع والده وتسائلت هل سيبيت معها الليلة بالمستشفى؟
أغلق المكالمة ونظر إليها وجدها تنظر إليه بشكل مريب:"جوعتي تاني؟... لسه وجبتك أهي متقلقيش مكلتش منها حاجة."
نفت برأسها وكتبت بدفترها:"خليني أروح هو أنا هبات في المستشفى؟؟"
أجابها يزن بعد ما قرأ:"أيوة.. للأسف حالتك غير مستقرة ولازم تخلصي محاليلك عشان تعرفي تقفي على رجلك مينفعش تمشي وأنتِ بالحالة دي."
كتبت بدفترها:"وأنت؟ "
نظر إليها وتحدث بحنين بداخله ينبعث من وجه فتشعر هي به بسرعة:"أنا هفضل معاكِ."
كتبتب بدفترها :"بصفتك إيه؟ "
شرد لثوان ثم هاتفها بمرح:"بصفة إني صديقك... أه ماحنا بقينا أصدقاء هو أنا مقولتلكيش؟؟ معلش مجاتش مناسبة أقولك بس أنا وأنتِ بقينا صحاب حتى سجلت رقمي على موبايلك ورنيت على نفسي وسجلت رقمك."
اتسعت عينيها بدهشة !وظلت تنظر إليه وبها سؤال لمَ يهمه أمرها هكذا؟
تشتاق لهذا الإهتمام حقا حتى لو من شخص غريب... أي شخص يجعلها تشعر أنها حقا موجودة بالحياة ولم تمُت !
كانت تغفل بنعاس ولكن تفيق نفسها بسرعة حتى شعر يزن بها:"نامي يا أسيل... أنتِ تعبانة ارتاحي شوية."
نظرت إليه وقد ظهر عليها بعض الخجل لوجوده بالغرفة ففهم نظراتها ثم تفاجأت به يقف ويرفع يديه فوق الفراش ليسحب ستار الفراش ليكون حاجز بينهم:"متقلقيش أنا مش شايفك... ولو احتاجتيني وعاوزة تنادي عليا... موبايلك في إيدك وأنا سجلت رقمي عليه بإسم زونة."
ابتسم حين سمع همسات ضحكاتها
جلس على الكرسي بجانب فراشها وفتح هاتفه يتصفح الانترنت ليظل مستيقظا خاف من أن تحتاج إليه ولم تجده.
وبعد ساعات
سمعت أسيل صوت البرق وسرعان ما هطل المطر بشدة و البرق معا.
وضعت أسيل يديها الاثنين على أذنيها وهي تصرخ بخوف.
رفع يزن الستار بسرعة حين سمع صرختها ووجدها ترتعش من الرعب وكلما سمعت صوت البرق تندفع جميع أعضاء جسدها بزعر !
لم يتحمل يزن رؤيتها هكذا فحدثها بصوت يطمئنها:"أسيل... اهدي... أنا معاكِ...متخافيش..،أسيل !!"
ازادات حالتها سوءً كلما تسمع صوت البرق
أنزل الستار ووقف وهو يفكر فيما يفعله لتشعر بالأمان...هل يقترب منها ويعانقها؟
رفع الستار وحاول لمس ذراعها ولكنها دفعته بقوة وهي خائفة ومازالت ترتجف
تنهد ووقف ليفكر فيما يفعله... إنها تزداد زعرا من إقترابه إليها فهي مازالت قلقة منه وهي الآن خائفة.
مد يده من أسفل الستار وحرك أصابعه وتحدث معها:"أسيل.... امسكِ إيدي... أنا جمبك متخافيش هاتي إيدك يا أسيل."
فتحت عينيها ونظرت ليده وتحركت عيناها نحو الستار هي لا تراه ولكن حديثه جعلها تشعر بالأمان.
حركت يديها نحو يديه إلى أنا وصلت لباطن يديه ممسكه بها وهي خائفة
أمسك يدها بحنو وهو يربت بأصابعه عليها :"أنا جمبك... اهدي."
ظلت أصوات البرق تتعالى مع هطول المطر بغزارة وهي مازالت خائفة وترتجف وتقبض على يديه بقوة كلما سمعت صوت البرق.
وبعد ثوان أمسك بحقيبته الصغيرة وأخرج منها سماعات رأس فهذا هو الحل لأن كلما سمعت ذاك الصوت ارتعبت أكثر.
ناولها إياها من أسفل الستار وتحدث معها:"خدي اسمعي الأغنية دي هتعجبك."
نظرت للسماعات وكانت مترددة ولكنها سمعت البرق من جديد فأخذتها بسرعة و وضعتها على أذنيها.
كان الصوت عالٍ لدرجة أنها لم تقدر على سماع صوت البرق مرة أخرى قبضت يديها على يده بقوة حتى لا يتركها ونامت بثبات وهي محتضنة يده وتشعر بالأمان.
هدأ قلب يزن وزفر بقوة لمَ فزعت من صوت المطر هكذا وبهذه الطريقة!!
ما السر وراء رعبها الشديد من صوت البرق والمطر؟
وبعد ساعات
نام يزن حتى أن قبضته على يدها بدأت تلين ويده تنسحب من يدها بدون أن يشعر ولكنها شعرت به وحين رأت يده تبتعد أمسكتها مرة أخرى وضمتها بأصابعها بقوة لا تريد ترك يده فهي تشعر بالأمان بمجرد إمساكها بيده.
_____________________________
صفعتها رحاب على وجهها بقوة وهي تصرخ بها:"حامل من مين انطقي؟؟؟"
يارا.....
دمتم سالمين
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد
استغفر الله العظيم واتوب اليه.