رواية لا تخافي عزيزتي الفصل الثامن 8 بقلم مريم الشهاوي


رواية لا تخافي عزيزتي

الفصل الثامن 8

بقلم مريم الشهاوي

صلوا على الحبيب

اتسعت عينا عمر بدهشه قائلاً:"يتجوز مين؟! "


نهض علي وتوجه إليه محاولًا إقناعه:"أهو عمر أنت جيت أهو... عرّفها إن الحب ملوش دعوة بالسن وأنا بحب يارا من زمان من ساعت ما كنا جيران."


لمَ هذا الضيق ! هل لأنني أعلم ما حقيقتها بأنها حامل وأشعر بالشفقة على أخي... أم شيءٍ آخر ؟! 


قالت دعاء بتوعد:"على جثتي مش هتتجوزها يا علي ....إيه؟ بنات العالم كلهم خلصوا عشان تروح ليارا !"


تحدث علي بعجرفة:"أنا مش هتجوز غيرها... عمر أنت أكتر واحد هتساعدني حاول تقنع ماما معايا إن....."


قاطعه عمر بقوله:"بس أنا مش موافق."


صمت انتاب الجميع بذهول حتى قطعته دعاء مادحة إبنها:"اسم الله عليك ربنا يكملك بعقلك.. أهو أخوك الكبير كمان مش موافق... خلاص اقفل الموضوع وأنت لسه العمر قدامك كتير أنت لسه صغير أما تشتغل و..... "


تحدث علي بغضب موجهه لعمر:"ممكن أعرف مش موافق ليه؟؟"


أجابه عمر بضيق ظاهر عليه:"مش موافق وخلاص وخلي أسبابي لنفسي...وزي ما أمك قالت أنت لسه صغير."


عمر:"أسبابك لنفسك اااه.... قول كده.... ويا ترا الأسباب دي يا عمر إنك بتحب يارا؟"


شهقت دعاء بفزع وصرخت :"اسكت يا علي إيه اللي بتقوله ده ! "


صرخ علي هو الآخر:"لا مش هسكت... كلنا شايفين هو قد إيه مهتم بيها... كنت بعتبره أخوة لكن الظاهر إن إبنك بيحبها ومجرجر مودة وراه وبيتخانق معاها عشان يسيبها ويتجوز يارا ولما سمع إني طلبت أتجوزها اتجنن....أنت أناني يا عمر وبتحب كل حاجة لنفسك كل حاجة في البيت لازم تكون ماشية بكيفك لدرجة إن قرار زي ده بتعارضني فيه وأنت واثق إنه مش هيتنفذ لإنك أنت اللي تقول أعمل إيه ومعملش إيه طول حياتي ماسكني تحكمات تحكمات لحد ما طهقت... أنت ملكش حق تعارضني في قرار زي ده.. ولا حد في البيت ده ليه الحق إنه ياخد قرار زي ده أنا أنا بس اللي ليا الحق في أخد قرارات حياتي أنا معدتش صغير."


تفاجأ علي بصفعة على خده من قبل والدته 

وضع يده علي خده بصدمة 

واتسعت عينا عمر ونظر لأخيه بحزن 

سمعوا دعاء تقول بصوت صارم:"الظاهر إنك محتاج تتربى من الأول لازم تحترم أخوك الكبير وحتى لو مش هتحترمه احترمني أنا يا سيدي بتعلي صوتك وأنا واقفة الله الله شوف سيرتها لما بتتذكر بس إيه اللي بيحصل أومال لما تعيش معانا؟؟.. اسمع...منتاش متجوز بنت رحاب إلا على جثتي وده آخر كلام عندي."


ذهب علي من أمامهم ورأسه يشتعل غضبًا متجه لباب المنزل أمسكه عمر بيده من ذراعه ونظرا لبعضهما

عمر ينظر له بشفقة وحزن عليه أما علي فينظر إليه كأنه عدوه ويتوعد له بداخله

وضع علي يده الأخرى على يد عمر الممسكة بذراعه وأبعدها عنه بقوة ثم فتح الباب وخرج وأغلقه ورائه بعنف. 


أغمض عمر عينيه بحيرة لم يعد يفهم شيء أو ما الذي يخططه القدر... كيف لأخيه بأن يعجب بيارا هل يقول له لمَ يرفض جوازه بها؟ أم يظل صامتا حتى يتفاجأ أخيه؟... لا بالتأكيد سيجد حلاً... هل يقول ليارا بأن أخيه يحبها ويطلب الزواج منها؟! تساؤلات كثيرة تدور برأسه لا يجيد الإجابة عنهم. 


___________________________________


استيقظت أسيل في الصباح على صوت الممرضة تتحدث مع أحد وهناك صوت آخر يجيبها يبدو إنه يزن


الممرضة:"هجيب لحضرتك أي مرهم يفكهم ألف سلامة عليك."


يزن:"الله يسلمك... إيه أخبار أسيل ؟"


الممرضة:"هي أحسن من إمبارح... وهشوف الدكتور ممكن نخرجها النهاردة ولا لا."


خرجت الممرضة من الغرفة 

وأبعدت أسيل الستار حتى رأت يزن وبمثابة ما رأته اتسعت عيناها بدهشه فرقبته بها اعوجاج ورأسه مائلة إلى اليمين قليلاً !


ابتسم يزن حين رآها :"صباح الخير... نمتي كويس؟ "


هزت رأسها بإيجاب ثم شاورت بيدها على رقبته تتسائل ما بها؟ 


حدثها بمرح:"أنا نمت كويس جدا كل الحكاية إن رقبتي بس اتلوحت من نومة الكرسي."


ضمت شفتاها بندم ثم أمسكت بدفترها وكتبت به:"أنا آسفة."


ضحك يزن مجيبها:"لا آسفة إيه بس يعني هي أول مرة أنا بقى عندي مناعة منك."


كتبت بدفترها:"بس منمتش علكنبة ليه ؟"


أجابها بشرود:"لأن..... "


صمت قليلا وهو يتذكر إمساكها بيده طوال الليل وهي تشعر بالأمان نحوه وهذا ما أسعده يتمنى لو يظل هكذا مدى الحياة مادامت أسيل مطمئنة. 


شعرت بالحرج حين تذكرت ما حدث بالليل وكيف لم تترك يده أبدا فحاولت تغيير الحوار وكتبت بدفترها:"شكرا على تعبك معايا إمبارح... أنا بقيت كويسة أقدر أمشي؟ "


تكلم يزن بسرعة:"لا لا تمشي إيه... ده الممرضة لسه قايلة إنك لسه تعبانه ولازم تقعدي شوية كمان وأنا مش ورايا حاجة متقلقيش."


تعجبت أسيل من كلامه فمنذ قليل سمعت الممرضة تقول له بأن حالتها تحسنت عن ذي قبل وسيسمح لها بالخروج اليوم لمَ يريد أن يبقيها؟ 


كتبت بدفترها:"بس سمعت الممرضة بتقول إني ممكن أروح النهاردة."


تنهد يزن بصعوبة ثم جلس أمامها وحدق بعينيها بقوة وهتف بإسمها بنبرة غريبة:"أسيل."


بقيَ محدقًا بعينيها ولا يعرف ما يقوله الآن... فكل الكلام الذي كان يرتبه صار هباءً منثورا حين ينظر لعينيها لا يشعر من هو؟ أين نحن؟ يتبدل كيانه ولا يعلم كيف يوقظ نفسه وقتها. 


نظرت للأسفل بخجل وسمعا طرق الممرضة على باب الغرفة وهمت بالدخول إليهما:"حمد لله على سلامتك."


ابتسمت لها أسيل وأمالت برأسها مرحبة بها بود

ثم نظرت الممرضة ليزن وتحدثت معه:"ده مرهم هيفك التشنج اللي حصل."


هتف يزن بوجع:"أه ياريت بدل منظري ده أكيد مش هنزل الشارع كده!"


اقتربت الممرضة منه ولاحظت أسيل هذا وشعرت بشعور غريب ينتابها حين سمعت الممرضة تقول بصوت ناعم:"حضرتك تحب أدلكلك رقبتك بيه ؟"


نظر إليها يزن وكاد أن يتحدث بجفاء مثل عادته معها ويرفض بذوق ولكن خطر بباله أن يشاكس أسيل قليلاً :"لا إزاي أمال أسيل بتعمل إيه هنا؟... هي تبقى تدلكلي رقبتي مش حابب أعطلك عن شغلك..اتفضلي."


اتسعت عينا أسيل ونظرت إليه بذهول وهو يحاول ألا يضحك من نظراتها 

ذهبت الممرضة بإحراج وتركتهم معًا.


بصقته بعينيها بطريقة حادة وآثار الغضب على وجهها مما قال وكتبت له بدفترها:"يعني إيه أدلكلك المرهم مش فاهمة؟؟"


يزن وهو يحاول استفزازها أكثر فها هو يرى تعابير وجهها ويستلذ بجعلها غاضبة مثل الأطفال:"وفيها إيه؟ دنا مريض حتى مش هتساعدي مريض ! "


أخذت تكتب بعنف في دفترها :"وأنت إيدك راحت فين ما سليمة أهي ولا اتشلت؟"


وقف يزن واقترب منها ويقول بنبرة لوم:"طب بصي إيدي اللي سليمة؟"


نظرت ليده ورأت جروح أسفل جميع أصابعه الخمس... لقد جرحته بأظافرها دون أن تشعر وهي مقبضة بقوة على يده ليلة أمس.


كتبت بدفترها:"مش هتحط المرهم بضهر إيدك بطن إيدك كويسة وإيدك التانية برضو كويسة."


زفر يزن:"تعملي العملة وترميها زي ما بخيتي البخاخ في عيني وسيبتيني وفين لما قررتي تساعديني وقبل البخاخ كنت هبداني علأرض مرتين وضربتي الفازة على دماغي... والله ما عارف إيه اللي جابر الواحد علتهزيق ده !"


كتبت بدفترها وهي رأسها يستشيط غضبًا:"والله أنا كمان ما عارفة إيه اللي جابرك !"


حدّق بعينيها:"مش يمكن عينيكِ هي اللي مبهدلاني بالشكل ده؟ "


صمتت لبرهة لتستوعب ما قال فقد فاجأها برده !


أخذ نفسا عميقا يحاول استرداد كيانه من جديد ثم ابتعد عنها وذهب إلى المرحاض ليدلك رقبته أمام المرآة.


وهي ساكنة على فراشها تحاول تهدئة قلبها فهو يدق بقوة مما قاله هل غازلها؟

ابتسمت شفتيها بمهل فمن الفتاة التي تنزعج حين يغازلها أحدهم وخاصةً إن كان شخص ينبض قلبها إليه.


خرج يزن من المرحاض وهي وجهت الدفتر إليه ليقرأ ما كتبته:"لو سمحت شوف الممرضة لو أذنت ليا بالخروج لإني عاوزة أمشي من المستشفى."


فجلس يزن على كرسي بجانب فراشها ويتحدث بجديه:"لا يا أسيل أنتِ مش هتمشي زي كل مرة أنا محتاج إجابات لأسئلتي... إيه اللي مخليكِ مش بتاكلي؟ وإيه اللي مخليكِ بتخافي من صوت المطر والبرق بالشكل ده ؟أنتِ مش هتمشي من هنا إلا لما تجاوبيني... واعتبريها زي ما تعتبريها وأعتقد بقينا صحاب إنك تقدري تتكلمي معايا وصدقيني هحاول أساعدك إنك تكوني أحسن أنا مش عاجبني إني أشوفك تعيسة بالشكل ده !"


أخذت نفسا عميقا ثم كتبت بدفترها:"وده يهمك في إيه؟  أنت متعرفنيش ولا أنا أعر..... "


تفاجأت به يمسك يديها فعجزت عن إكمال جملتها التي قرأها وهي تكتبها وأوقفها فورًا عن تكلمتها ورفع عينيه يحدق بها قائلا:"لا أنا أعرفك كويس مش بتتكلمي بسبب فقدانك لوالدتك وباعدة نفسك عن الكل وطريقة معاملة مرات أبوكي ليكِ مش عارف أنتِ إزاي ساكتة عليها ومقولتيش لباباكي على اللي بيحصل ليه؟؟ أعرف كمان إنك فنانة وبتروحي كلية جميلة كفيلة بتغيير مزاجك وبإمكانك تكوني صداقات كتيرة عشان تخرجي نفسك من المود بس قلبك مازال مغلق للصيانة لا قابلة تتكلمي مع حد ولا تتعالجي اليوم اللي انفجرتي فيه وقلبك معادش مستحمل اغمى عليكِ... بحمد ربنا إني كنت موجود وعرفت أخدك للمستشفى جالك هبوط من قلة الأكل صوت رعد ومطر خلوكي مرعوبة بالشكل اللي شوفتك فيه إمبارح أنتِ بتدمري نفسك شوية شوية...مادام مش راضية تروحي لدكتور نفسي اتكلمي مع حد هتفضلي كده لامتى؟؟ قوليلي مالك وأنا هساعدك... هحاول أكون صديقك على قد ما أقدر هحاول أخرجك من اللي أنتِ فيه ثقي فيا يا أسيل."


كان يتكلم بحزن شديد على حالتها وهي لمست شيء بداخله إنه حقا يريد مساعدتها وينوي الخير ولكنها ترفض إفشاء أسرارها لأحد فقد قررت بأن تموت الأسرار معها من دون معرفة أحد فكتبت بدفترها:"بس دي أسراري ومحبش أشاركها مع حد ولو سمحت أنا عاوزة أمشي."


ضم حاجبيه بغضب :"يا بنتي أنتِ ناوية تجنيني.... هتفضلي كاتماها كده لحد إمتى قلبك معادش مستحمل أنا نفسي أساعدك."


وهل بقيَ أحدا يساعدني على النجاة بعد أن غرقت بأعماق المحيط فات الأوان فإن أنفاسي تقل وأنا أنتظر إنتهائها. 


كتبت في دفترها بوجع:"محدش هيقدر يساعدني وحتى لو فيه نفسي معادتش قادرة تقاوم كمان هي استسلمت."


كلماتها مزقت قلبه ولمس وجعها ثم نظر إليها وتحدث بيقين:"ولو وعدتك إني هقدر أساعدك... اديني الفرصة وافتحيلي قلبك."


ضمت حاجبيها باستغراب وكتبت بدفترها:"هو أنا عايزة اسألك ليه مهتم أوي كده تعرف حكايتي وتنقذني ؟ إيه اللي مخليك عايز تساعدني وتمشي ورايا تطلب الطلب ده وعاوز تعرف قصتي؟ "


أجابها يزن بحزن يتنهد قائلا:"كان ليا صديق دايما لوحده في آخر فترة ومحدش كان جمبه حتى أهله كانوا مشغولين عنه ولما كان بيطلب مني إننا نقعد كنت بكون مشغول كانت ساعتها فترة دراستي فمكنتش مهتم أوي بسبب مذاكرتي لكن طلع إن كان نفسه يفضفض مع حد ولما اختارني خذلته مقدرتش أكون الصاحب الكويس اللي يسمعه ويخفف عنه وياريت الموضوع كانوا شوية زعل منه وخلاص هيروحوا لحالهم لا ده كمان...."


صمت قليلا غير قادر بنطقها وتجمعت الدموع بعينيه:"انتحر."


اتسعت عينا أسيل بذهول وأشفقت على حالة صديقه ووضعت نفسها مكانه هل فكرت يوما بالانتحار وكانت الاجابه للأسف: 

نعم هناك أيام كانت تود لو أن تقتل نفسها وتستريح من عبء هذه الدنيا وظلمها ولكن خافت ربها. 


لم يقدر على كتمان دموعه فهو كان أول شخص قريب منه يخسره فجأة أجهش بالبكاء على صديقه المفقود:"يوميها كنت فاضي فقولت أروحله البيت وأشوفه عامل إيه كنا الصبح روحت ولقيت مامته كانت نازلة الشغل فبسألها هو فين قالتلي جوا في الأوضة نايم ولما... لما دخلت عليه كان مرمي علأرض وإيده بتنزف والد م ملأ الأوضة مكنتش أتخيل إني لما أفكر أسمعله هيكون الوقت فات وهو خلص على نفسه ومقدرناش نلحقه."


سالت الدموع على وجنتيها وبكت معه أيضا يا لها من قصة مؤثرة شعرت بقلبها يؤلمها حين رأته يبكي هكذا مثل الأطفال المعروف عند الرجال إنهم أقوياء ونادرا ما يبكون وحين ترى رجلٌ يبكي فأعلم أنه مقهور اللهم إنا نعوذ بك من قهر الرجال. 


وضعت يدها على كتفه وربتت بحنو حتى هدأ قليلا ثم كتبت له بدفترها:"الله يرحمه ادعيله كتير أنت ملكش ذنب...نفسه اللي عملت فيه كده مش أنت والنفس تريد الهلاك وهو استسلم لنفسه متقلقش أنا مش هعمل زيه مهما حصل لأني عارفة إن ليا رب كريم وعادل وواثقة إنه هيجبرني."


_____________________________________


كان مصطفى وشريف يجلبون بعض الحلوى والمشروبات لانهم خططوا بأن يذهبوا إلى رحلات كثيرة ويحاولوا الاستمتاع بقدر الإمكان لتفريغ الطاقة السلبية. 


كانت يارا بغرفتها لا تود النزول معهم ولكن مجبورة 

سمعت طرق على باب غرفتها وكانت رحاب 

فتحت الباب ودخلت رحاب ثم جلست على فراشها وتحدثت معها:"إيه منزلتيش ليه؟ "


يارا:"هاخد شاور وأنزل."


وفجأة شعرت إنها ستتقيأ فركضت نحو المرحاض بسرعة واستفرغت كل ما ببطنها. 


ذهلت رحاب وتحدثت معها بقلق:"أنتِ تعبانة يا يارا شكلك أخدتي برد بليل معايا دوا للترجيع."


خرجت يارا من المرحاض ولاحظت رحاب إن لديها هالات سوداء متزايدة ووجهها شاحبًا مثل الاشباح:"ابقي حطي ميكب في وشك متطلعيش بالمنظر ده... هتاخدي دوا الترجيع وتبقي كويسة يلا عشان ننزل نفطر و... يااارا !!!"


صرخت بإسمها حين وقعت يارا على الأرض فاقدة وعيها 

لابد من استدعاء الطبيب إلى غرفتها للكشف عليها .


رن هاتفها وكان شريف لم تجيبه فقد كانت قلقه على يارا ووقفت بجانب الطبيب الذي كان يكشف عليها بعمليه قائلا:"ألف سلامة عليها أنا اديتها حقنة وشوية وهتفوق إن شاء الله."

 

رحاب بقلق :"هي مالها يا دكتور؟"


أجابها الطبيب بلهجة عمليه بحتة:"شوية إرهاق وده طبيعي في حالتها خلوا بالكم من أكلها لإن الظاهر من شكلها إن مفيش غذا وده عشان سلامة البيبي وسلامتها."


توقف قلبها لثوان وكأنها ماتت وأعادوها للحياة مرة أخرى مما سمعته... اتسعت عيناها بصدمة وانصرف الطبيب من الغرفة وحين انصرافه تقابل مع شريف ومصطفى أمامه متوجهين إلى غرفة يارا.


شريف:"إيه يا رحاب مش بتردي على موبايلك ليه ؟؟"


شعر مصطفى بالتوتر تجاه أمه فلم يراها هكذا من قبل:"في إيه يا ماما أنتِ كويسة؟ وليه الدكتور كان هنا؟ ويارا مالها ،هي تعبانة؟؟ "


انتبهت لحديثهم وحاولت أن تتكلم بصعوبة دون أن تكشف شيء:"إيه؟... يارا... يارا تعبانه شوية ومش هتعرف تيجي وأنا هفضل جمبها اخرجوا أنتم."


تركوها مع ابنتها وهم ينتابهم القلق فحالة رحاب كانت مريبة ولكن حاولوا الاستمتاع بالسفرية. 


استيقظت يارا بعد فترة من الوقت ووجدت أمها تنظر إليها بتمعن، تتفحصها جيدا وتشك بأن هذه إبنتها ! 


حاولت الجلوس ووضعت وسادة خلفها لتستند عليها ثم نظرت لرحاب:"ماما... أنا آسفة بس تعبانة أوي ومش هقدر أنزل."


ظلّت رحاب صامته فقط تنظر إليها وهذا زاد قلق يارا أضعاف وتسائلتها بخوف:"في إيه يا ماما بتبصيلي كده ليه؟"

 

أخذت رحاب نفسا عميقا ثم تحدثت بغضب مكتوم:"مفيش.... قولت أبص في خلقتك يمكن أقدر أتعرّف عليها بس مش لاقية بنتي ! "


ضمت يارا حاجبيها بعدم استيعاب فأكملت رحاب وهي تقترب من فراشها وتتحدث بصرامة :"مش ناوية برضو تقولي مالك وليه قافلة على نفسك ومش بتكلمي حد؟؟"

 

زفرت يارا بضيق:"يا أمي كفاية بقى أنا تعبت من السؤال ده... هو أنا إمتى كنت سعيدة عشان تلاحظي دلوقتي إني اتغيرت مش عارفة مالكوا مستغربيني ليه مانا طول عمري كارهة نفسي ومش بكلم حد إيه الجديد؟؟!"

 

أجابتها رحاب بنبرة موجوعة:"الجديد إنك حامل !"

 

تسارعت دقات قلبها بعد ما سمعت ما قالته !! 

هل عرفت؟ من أخبرها؟ كيف علمت أنني حامل؟؟؟

ارتجف جسدها من الخوف ونظرت إليها برعب


فاقتربت منها رحاب:"إيه؟ هي مش دي الحقيقة اللي أنتِ مخبياها علينا... كنتِ هتفضلي مخبية لحد إمتى ها ؟؟"


أمسكت بخصلات شعرها تفرغ غضبها المشحوم وهي تصرخ بها :"كنتِ هتعرفينا إمتى بالبلوة دي انطقي؟؟يا خسارة تربيتي فيكِ أعمل فيكِ إيه؟؟... أموتك وأخلص من عارك ولا أعمل فيكِ ايييييييه ؟؟"


انهمرت دموع يارا وهي تحاول التحدث ولكن هرب الكلام لا تعرف ماذا تقول؟


صفعتها رحاب على وجهها بغضب وهي تصرخ:"حامل من مين انطقييي؟؟"


ظلت تصفعها مرارا وتكرارا ويارا تصرخ بوجع 

تكلمت رحاب بجبروت:"قوليلي مين يا إما هشرب من دمك... ورحمة أبويا وأمي في تربتهم لاوريكِ يا يارا... أنا تستغفليني أنا؟؟... وأنا اللي بغلّط نفسي إني مش مهتمية وإنك مش عارفة تبني علاقات وعمالة أجيبلك عرسان وترفضيهم أتاريكِ بترفضي عشان اتلمستي يا ***** يا***** روحي ربنا ياخدك ويخلصني من عارك."


صفعتها آخر صفعة بقوة حتى سقطت يارا على الفراش أنفها ينزف من كثرة الصفعات أخذت تجهش بالبكاء ماذا تجيبيها فإنها لم تجد إجابة لنفسها فكيف ستجيب أمها؟ 


انصرفت رحاب من غرفتها بغضب 

ثم أمسكت يارا هاتفها بسرعة واتصلت بعمر ولكنه لم يجيب عليها فكتبت له رسالة عبر (الواتس) 


"عمر ماما عرفت إني حامل أنا مش عارفة هنعمل إيه؟" 


رأت الرسالة بهاتفه لكثرة فضولها واتسعت عيناها حين قرأتها 

جاء لها من المرحاض وجلس أمامها على الطاولة.


عمر:"ها شوفتي هناكل إيه ولا لسه؟... أنا عن نفسي هاكل نجريسكو."


نهضت من جلستها ورحلت من أمامه غاضبة لم يفهم عمر شيئا فأخذ مفاتيح سيارته وهاتفه وركض ورائها يحاول إيقافها وفهم لمَ تذهب بتلك السرعة؟ 


وقف أمامها يتسائلها:"مودة.... مودة ردي عليها... في إيه؟؟"

 

صرخت بوجهه بغضب:"بقولك إيه يا عمر... إبعد أنت وقذارتك عني."

 

لم يستوعب كلامها فتحدث بإستفهام:"إيه اللي بتقوليه ده !!... فهميني طيب إيه اللي حصل ؟؟"


ذهبت من أمامه فأمسك ذراعها بقوة وتحدث بغضب :"مودة أنا مش عيل صغير معاكِ.... أنتِ مجنونة؟ إيه اللي حصل في الدقايق اللي دخلتهم الحمام خلوكِ تتغيري كده في إيه إيه اللي حصل حد ضايقك؟"

 

صرخت بوجهه مجددَا:"في إنك خاين ومتستاهلش ضافري إبعد يا حقير... بقى دي يارا اللي بتقول فيها شعر وإنها أختك !... يا زبالة بتستغفلني كل ده أنت وهي !!.. مش عايزة أعرفك تاني."

 

أبعدت يده بقوة عن ذراعها وركبت بسيارة أجرة تابعها بنظراته هو لم يعد يفهمها.... ماذا فعل لتتكلم معه هكذا وما دخل يارا بالموضوع؟ 


زفر بقوة فها هو يخسرها من جديد اليوم وعدها بان لا يتشاجروا وكان سيحدد معها ميعاد لخطبتهم . 


تذكر جداله مع أخيه في الصباح وإنه مصمم على الزواج من يارا ولا يعرف كيف يجعله يرفض سيتكلم مع يارا وبالتأكيد سترفض هو يعلم علاقتها بعلي ليست محبّة أبدا وإنما هي أخوة كان أخيها الصغير الذي تهتم لأمره ولكن علي فهم غير ذلك.


فتح هاتفه وظهرت أمامه رسالة يارا التي حين قرأها استوعب لمَ غضبت مودة منه. 


قلق على يارا فهاتفها وحين رأت اتصاله أجابت عليه مسرعة وهي تبكي:"عمر... ماما.."


انهمرت في البكاء بحرقة وهو يحاول تهدئتها :"قالتلك إيه؟"

 

يارا ببكاء:"بتسألني مين... وأنا مش عارفة أجاوبها لإني ا....... "


وجدها صمتت فجأة فتحدث بقلق:"ألو يارا... يارا !"


ظلت المكالمة مفتوحة وسمع صوت صراخ رحاب بها :"بتكلمي مييين؟؟؟.... بتكلميه ها؟"


صرخت يارا ببكاء :"يا ماما صدقيني أنا معرفش مين... "


صفعتها رحاب بقوة فوقع هاتفها تحت الفراش وحين سمع عمر الصفعة اهتز قلبه بقوة وركب سيارته وهو يسمع حديثهم وأنفاسه تتعالى بغضب فهو عاجز عن إنقاذها.


رحاب:"أنتِ بتستغفليني تاني صح؟!.... عايزة شريف يقول عليا إيه؟؟.... يقول مربتش !.... لازم نتخلص منه النهاردة قبل بكرة قبل ما بطنك تبان وتفضحينا.. مادام مش عايزة تقوليلي هو مين وييجي يتجوزك ويصلح غلطتكم ال**** ماشي يا يارا أنا هوريكِ... بتفضحيني أنا؟؟... أنا رحاب هانم أتفضح فضيحة زي دي !فتحطي راسي في الطين بعد ما كنت رفعاها للسما !!"


صرخت يارا بها:"مش هسقط جنين أنا... مش هخاطر بحياتي... أنا مغلطش... بقولك مش عارفة مين عمل فيا كده.. ولو كنتِ أم فعلا مكانش ده حصلّي لو كان بيهمك أمري مكنتيش سيبتيني أنا ممكن أقعد بالأسبوع وأنتِ متعرفيش أنا موجودة في البيت ولا لا من كتر سفرياتك وخروجاتك كل اللي هامك أنتِ وبس."


ضربتها رحاب بقوة صارخة بوجهها:"أنتِ كمان بتبجحي؟؟... يعني كمان قليلة الأدب... الله الله... طب هتسقطي اللي في بطنك يا يارا وهروح أعملك زفت عملية عشان أداري فضيحتك يا إما تقولي مين الشخص ده وييجي يتجوزك يا ****."


يارا بوجع:"أنتِ مش مصدقاني يا ماما؟؟ بقولك أنا حامل ومعرفش من مين ومحدش لمسني إزاي تتهميني كده أنتِ مش واثقة فيا ؟"


ضحكت رحاب بسخرية:"اااااه.... أثق فيكِ قولتيلي... مانا وثقت فيكِ يا حبيبتي وعرّيتيني... لمي هدومك عشان هنرجع مصر هقولهم إنك تعبتي هنرجع ونشوف حل للفضيحة دي وأنتِ إياكِ أسمع صوتك لحد ما نروح عارفة الأخرس؟ طول الطريق مسمعش حسّك واياكِ يا يارا تعيطي قدامهم وتحسسيهم بحاجة هموتك والله أموتك فيها."


تركتها وذهبت من الغرفة ثم جلست يارا على الأرض تبكي بقهر و نظرت لهاتفها أسفل الفراش وأمسكت به فرأت عمر ما زال معها بالمكالمة وسمع كل ما دار بينها وبين رحاب وضعت الهاتف على أذنيها قائلة:"سمعت يا عمر."


صرخ عمر بغضب :"لا مش هتسقطي الطفل.... ده خطر عليكِ."


يارا بوجع:"أعمل إيه؟؟... بجد مش عارفة أعمل إيه ...يارب أموت أنا لو مُت أو جرالي حاجة هكون ريحتها لازم أسقط الطفل واللي عمل كده فيا أهو راح وأديني مش هعرف آخد حقي. "

 

عمر بإصرار:"هتاخديه."


يارا بيأس:"خلاص يا عمر.... مش هعرف أوقفها... مين هيوقفها ماما طالما قالت قرار فهو هيتنفذ مهما كان."


عمر:"أنتو نازلين مصر؟"

 

يارا:"أه."


عمر:"تمام أول ما تنزلي رني عليا."


لم تفهم شيء من حديثه وهو لم يقل لها ما يخططه أحضرت حقيبتها وأخذت تضع ثيابها بها لتجهز بالرحيل. 


_____________________________________


ذهب ليؤدي صلاة المغرب وحين عودته للغرفة وجدها واقفة وتهم بالرحيل 

يزن:"خلاص ماشية؟"

 

هزت رأسها بإيجاب

وخرجت معه خارج المستشفى وهو توجه لسيارته:"تعالي اركبي أكيد مش هتروحي بتاكسي ! أخاف عليكِ يجرالك حاجة في الطريق."


شعرت بحنينه ثم ابتسمت بهدوء وركبت بسيارته بجانبه وبعد دقائق شعرت بالنعاس فغفلت بالسيارة وبعد قليل رأى يزن قطرات الماء على زجاج السيارة أخرج يده من نافذة السيارة ووجد أن السماء تستعد لتمطر.


أوقف سيارته وأخرج سماعات الرأس ووضعها على أذنيها بسرعة حتى لا تسمع صوت المطر وترتعب مرة أخرى يخاف أن يراها بهذا الشعور مجددا وهي نائمة بثبات قرر بأن يوقف السيارة بمكان ما حتى يخف هطول المطر ظل شاردا بها وهي نائمة يتفحصها جيدا كيف لهذا الملاك أن يكون تعيس لا يليق بها التعاسة أبدا فقط الفرحة تتناسب مع ملامح وجهها كم رقيقة وبشرتها دافئة وجنتيها بهم إحمرار طبيعي وشفتاها أيضا وعينيها...


ضم حاجبيه بضيق لعدم رؤيته عينيها لأنهما مغلقتين الآن فهذا أكثر شيء يتأمله بها كم هي جميلة وبريئة الملامح... متى ستفتحي لي قلبك يا أسيل؟... ولكن هذه المرة أخذ رقمها واعتبرته صديق فها هو أصبح شيئًا في حياتها... هو الوقت... انتظر يا يزن... انتظر قليلا فهذا الموضوع يحتاج بعض الصبر.. كيف تخيلت إنك حين تسألها ما بها ستجيبك فورا !! 


هيا اضحك يا صاح صار لك صديقة.. ولكن لحظة.... منذ متى وأنت تصاحب فتاة؟ وهذه المرة فتاة جميلة أيضا !.... يالها من أضحوكة إذا سمعتك والدتك تقول لها بأنك صاحبت فتاة لن تصدقك فهذا ليس طبعك أنت تتعامل مع جميع الفتيات بجفاء إلا هي... 


تشعل قلبي حين أراها أود التحدث معها لكثير من الوقت أحب النظر إليها أشعر بأني لست أنا حين أنظر لعينيها. 


بعد قليل بدأت أسيل في الاستيقاظ وكان مازال المطر يهطل بقوة فأمسك يزن سترته ووضعها على رأسيهما هما الاثنان فحدقت أسيل بعينيه بصدمة مما فعل ومن اقترابهما الشديد تحت السترة وهي تسمع أغنية( رومانسية) وهناك ضوء خافت فقط يظهر بعض من ملامحهم ويخفي البعض دقات قلبه تعالت فها هو يسمعها ويخجل من أن تسمعها أسيل أيضا من قوة صوتها أنفاسهم اختلطت أسفل السترة وهما ينظران لبعضها وهناك حرارة تشعل جسدهم هما الاثنان هي تنظر إليه ولا تعلم لمَ يدق قلبها بقوة مع صوت الموسيقى تشعر بأنها بفيلم رومانسي وهو الآخر يسمع موسيقى دقات قلبه وصوت المطر كان هناك لحن غريب بالجو كأنه علم بأن هذا المشهد يحتاج للحن رومانسي ليشعل اللحظة أكثر. 


كان يزن يشعر بأن عيناها ستغرقه بيوم أسقط نظره إلى شفتيها ولم ينتبه بتاتًا لما يقول عقله استسلم لمشاعره ولكيانه الذي سلب عن إرادته ولا يقدر على إيقاف نفسه أخذ يقترب إلى شفتيها بمهل......


_____________________________________


وصلت يارا لمنزلها وبقيت واقفة أمام السيارة

رمقتها رحاب بنظرة توعد :"تعالي لجوا البيت الخدم هيجيبوا الشنط واستنيني في أوضتك."


أردفت إلى المنزل ويارا أرسلت رسالة لعمر بأنها قد وصلت وبينما رأى الرسالة وجدت سيارته أمام المنزل أخرج رأسه من نافذة باب السيارة وهتف بقوله:"اركبي."


اتسعت عينا يارا:"اركب إيه !.... هنروح على فين؟ "


عمر:"اركبي يا يارا مضمنش لو سيبتك النهاردة تعمل فيكِ إيه اركبي بقولك."

 

ركبت يارا السيارة بسرعة وتحرك عمر بسيارته مسرعا متجها نحو..... 


وبعد قليل أوقف سيارته عند مكان ما وهبط من السيارة وهاتفها:"يلا انزلي وصلنا."

 

يارا:"إيه المكان ده يا عمر؟ ما تجاوبني؟؟"

 

عمر:"انزلي بس وأنا هقولك... ثقي فيا."

 

هبطت من السيارة وأمسك يدها وتوجها نحو مبنى 

قبضت على يده بخوف وهو ربت بأصابعه يطمئنها 

ثم دخلا إلى غرفة بها مكتب و شيخ بعمامته جالسًا بهدوء والبشاشة على وجهه ألقى عمر السلام عليه.


ثم جلس عمر هو ويارا التي لا تزال تستوعب ما يخطط له حتى ادهشها بقوله:"عاوزين نكتب الكتاب يا شيخ على سنة الله ورسوله."


الشيخ:"ومَن موكلها؟ "


ظهر صوت مصطفى أمام باب الغرفة:"أنا موكلها."

 

بسم الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر ولا حول ولا قوة الا بالله

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 🌺


            الفصل التاسع من هنا 


تعليقات