
بقلم سعاد محمد سلامه
﷽
ذُهل جميع من بالغرفة ليس فقط طوفان الذي استقبل العرض بهدوء قائلًا بثبات:
فعلًا عندي أخت بتدرس فى الجامعة وهي بره الإتفاق المعروض،كمان جوازي من دُرة تم بموافقتها،و..
قاطعه حاتم بنبرة تصميم:
كمان تقدر تسأل أختك عن ردها،وحكاية إنها فى الجامعة مش عائق تقدر تكمل دراستها فى الجامعة ومعتقدش الجواز هيأثر على دراستها .
أومأ طوفان برأسه ببطء، كأنه يستوعب الصدمة على مراحل، ثم التفت نحو الشيخ عرفة الذي يجلس جواره، كأنّه يبحث عن تفسير، دعم، أو حتى اعتراض... لكنه أومأ بصمت، تفهم طوفان نظرته، عليه الحفاظ على هدوء الجلسة
بينما لمعت عيني عزمي، كأنها فرصة ود أن يتحدث ويقوم بإثارة الضجة قد تنتهي الجلسة وتنفض دون إتفاق، لكن سبقه طوفان
تنحنح قائلًا بنبرة أقل حِدة مراوغًا:
أنا مش ضد فكرة الجواز، بس أختي ليها شخصيتها وقراراتها... وده قرار مصيري، مكنش ينفع يتقال كده فجأة... ومش أنا صاحب القرار فيه.
ابتسم حاتم ابتسامة خفيفة، لكنها لم تضع الطمأنينة فى قلب الجالسين قائلًا:
وأنا مقدّر ده، وعشان كده بقولك تسألها... وهحترم قرارها أكيد... أنا ماجيتش أفرض حاجة، بس شايف النسب هيقوي ويعزز التصالُح… وزي ما قلت، الجواز مش هيعطلها، بالعكس، يمكن يكون سند ليها.
سادت لحظة صمت، مشحونة بالحرج والتوتر... لم يتحدث حاتم لكن نظرته كانت صلبة، كأنّه يرا شيئًا أهم من الكلام ... يخطط لأبعد من ذلك.
تنهد طوفان وهو يتغاضي عن نظرة الجميع قائلًا:
هكلمها... بس القرار قرارها، وأنا مش هاخد خطوة غير لما أكون متأكد إنها موافقة ومقتنعة.
لمعت عيني حاتم بظفر قائلًا:
وأنا قولت هحترم قرارها، رغم شايف النسب فى مصلحة الجميع.
نظر طوفان لـ حاتم شعور بعدم الراحة مُتبادل بينهما، كأن كل منهما يقرأ تفكير الآخر به، لكن رسما بسمة طفيفية.
❈-❈-❈
في مساء نفس اليوم
بمنزل طوفان
مع مُضي وقت حاول أن يُرتّب أفكاره، دخل طوفان البيت بخطوات متعبة... رفع رأسه لأعلى تنهد بصبر، كُل الأثقال مُحملة بصدره وهو عليه تحمُل كل تلك الأثقال برحابة ليس غصبً، لمعت عيناه بحنان، حين رأي جود
تجلس بشُرفة غُرفتها ، بين يديها كتابً ... جود ليست فقط شقيقته الصغري، بل بمثابة إبنته الذي كان يحملها منذ صغرها، كان الحماية لها حتى بوجود والدهم، كان حظها أنها فتاة فإبتعدت عن قسوة والدهم، هي إخد القطع اللينة بقلبه، لا يود إرغامها وإدخالها بفجوة بركان قد يثور ويسحبها نحو هاوية، بعقله إتخذ قرار، لكن يُخبرها بعرض حاتم، وسينهي العرض بالرفض، دخل الى داخل المنزل إبتسم حين سمع صوت وجدان تتحدث مع شُكرية بشُرفة قريبة من الرُدهة، توجه نحوهن،ألقي عليهن السلام.. نهضت شُكرية مبتسمه قائلة:
يسعد مساك يا طوفان، أحضر العشا.
أومأ لها برأسه بموافقة... غادرت شُكرية، بينما نظرت وجدان الى وجه طوفان،لو أخفي عن الجميع حقيقة ثُقل ما يتحمله هي الوحيدة التي تفهمه من ملامحة.. أشارت له بيدها ليجلس جوارها على الآريكة، بالفعل جلس جوارها، وضعت يدها على كتفه بحنو سائلة:
مرجعتش طول اليوم جولي إيه اللى حصل فى الإجتماع اللى كان بدار الشيخ عرفه.
تنهد بضيق قائلًا:
يعتبر الإتفاق تم، بس فى حاجه حصلت من حاتم، مفكر إن بكده ممكن يحط الاتفاق فى خانة عدم التنفيذ..بس غلطان.
بإرادة معرفة سألته:
وإيه اللى حصل من حاتم ومضايقك كده.
أجابها:
حاتم طلب يتجوز من جود.
نظرت وجدان له بتعجُب كأنها تستفسر ما سمعته ثم سألته:
حاتم يتجوز من جود، يعرفها منين.
أجابها:
معرفش بس أكيد عارف إن عندي أخت، حاسي بنوايا خبيثة من حاتم.
تفهمت هي الأخرى سائله:
جصدك بايه بنوايا خبيثة، إنه ممكن لو رفضت طلبه، ميقبلش الصُلح.
أجابه بإيماءة من راسه قائلًا بتبرير:
مش حكاية ميقبلش الصُلح، لان سهل أقول الموضوع ده خارج الإتفاق، بس من طريقة كلامه وتصميمه حسيت عنده نوايا تانية، زي ما يكون نظام تحدي فى دماغه، زي ما إنت إتجوزت دُرة أنا هتجوز من أختك، جود غالية عندي أوي ومش هستحمل إنها تدخل صراع هي ملهاش يد فيه.
تفهمت وجدان ذلك وتنهدت بتفكير قائلة:
أنا أعرف بدرية من وإحنا صغيرين، طول عمرها عندها عُقدة نقص فى دماغها، إنها مش من عيلة غُنيم وإنها أخت مُختار من الأم فالبتالي مورثتش فى الأرض بتاعت أختها وكلها راحت لـ مُختار حتى بعد النزاع اللى حصل بينه وبين عيلة بدران عالارض لأنه هو اللى كان واخدها عنده بعد ما جوزها مات، جوزها اللى كان من عيلة بدران اخواته فكروا ان لهم ميراث فى الأرض، بالذات
"مرعي بدران"
زفر طوفان نفسه بإزدراء قائلًا:
"مرعي بدارن"
فعلًا بسببه عمي مختار طلب مني أشتري الأرض دي، مرعي قلبه مليان سواد، عنده حقد قادر يقوم حريق وسط البلد ومش هيهمه مين يتحرق حتى لو واحد من ولاده إتحرق.
وافقت وجدان ذلك وتنهدت تنفض ذلك الثُقل عن صدرها قائلة:.
فعلّا ربنا يكفينا شره، دلوق سيبني أنا أتحدت ويا جود، نشوف رأيها أيه، رغم عندي شبة يقين مش هتوافج بس من باب التوكيد.
كانا يتحدثان لم يرا تلك التى سمعت حديثهما صدفة بعدما رأت طوفان وهو يدخل الى المنزل تركت الكتاب، تركت الكتاب ونزلت كي تطلب منه عمل بطاقة إئتمانية أخري بدل تلك التى تبدلت مع بطاقة حاتم، صدفة كادت تدخل الى الشُرفه لكن توقفت خين سمعت إسم حاتم، كانها إلتصقت بمكانها، سمعت حديث طوفان مع والدتهما، إنتفض قلبها بداخلها، شعور جديد وله سطوة فى قلبها ينبُض، قبل أن تستكمل بقية حديثهما، نظرت حولها لم تجد أحدًا غادرت الى غرفتها دخلت تشعر بنبضات قلبها العالية، شعور بالسعادة يغزوا قلبها، كأنها لم تنتبة لحديث طوفان الخائف من نوايا حاتم، فقط سمعت ما اراده قلبها البرئ... ظلت بغرفتها ترسم أماني وأحلام تحقيقها ليس بعيد كما ظنت.
❈-❈-❈
بعد وقت
بغرفة جود
مازالت تنتظر أن تدخل والدتها الى الغرفة
بالفعل سمعت صوت فتح باب الغرفة
تبسمت حين دخلت وجدان تحدثت لها بحنان قائلة:
كنتِ هتنامي.
اومأت رأسها برفض قائلة:
لاء، كنت هسهر أقرى كتاب عجبني وإشتريته أونلاين.
إبتسمت لها بحنان وجلست على آريكة مُقابلة للفراش قائلة:
تعالى نقعد شوية مع بعض نتكلم شويه.
إبتسمت جود بقبول وإقتربت منها بهدوء، وجلست جولرها على تلك الآريكة ، تحدثن مع بعض قليلًا بأحاديث مُتشعبة كانت جود تترقب حديث والدتها عن عرض حاتم، بعد عدة حوارات بينهم، بلا مقدمات تفوهت وجدان بتوقع لـ رفض جود كما حدث سابقًا، حين أخبرتها أن هنالك من تقدم لخطبتها وقتها
وضحكت ضحكة إستغراب،وأخبرتها أنها لا تُفكر بالزواج قبل إنهاء دراستها على الأقل...
جود في موضوع مهم حابة أسمع رأيك الأول.
تسألت بفضول قاىلة بتحريض:
موضوع إيه يا ماما.
صمتت وجدان للحظة، ثم قالت لها بجديّة:
فى عريس متقدملك.
توقفت وجدان تتوقع رد جود سيكون كما السابق
"انا مش ضد الجواز يا ماما، بس مش دلوقتي... عندي طموحات ونفسي أكمل الماجستير، والجواز مسؤولية كبيرة... لازم أكون مستعدة ليه عاطفيًا وعقليًا".
لكن خاب توقع وجدان حين ظهر الخجل على وجه جود التى سألت بحرج:
ومين العريس ده يا ماما.
رد جود وحده أدهش وجدان،ظنت سترفض بلا إرادة معرفة هوية العريس،لكنها أخبرتها به وبعائلته:
العريس يبقي"حاتم بدران" بيقولوا ظابط شرطة، معرفشي تعرفي أهله أو لاء.
ابتسمت وجدان بعدما لاحظت لمعة حيرة في عيني جود، كانها تُفكر بالرفض، لكن خاب ذلك حين قالت:
أعرفهم أسماء بس يا ماما، أكيد طوفان يعرف بالموضوع ده، هو رأيه إيه.
أجابتها وجدان:
طوفان قال قرارك هو الأهم.
إبتسمت جود قائلة
أنا عارفة إن طوفان أخويا طول عمره دايمًا بيحميني، وعمره هيفضل هو السند اللى يقويني، وبسببه مش بخاف من نتيجة أي خطوة... أنا عمري ما كنت بدور على فارس الأحلام، بس لو الشخص اللي متقدم لى شخص محترم، ونيته صافية، وإبن ناس طيبين... ليه لاء
وعشان كده، أنا موافقة يا ماما.
إستغربت وجدان من ذلك، حتى أنها قالت لها بنُصح:
خدي وقت وفكري قبل ما تقولى قرارك النهائي.
هزت جود رأسها بحياء قائلة:
حاضر يا ماما هفكر تاني.
إبتسمت وجدان وضمتها قائلة:
فكري كويس، الجواز مش قرار سهل ده رحلة عُمر ولازم تبقي قدها.
اومأت جود بإبتسامة.
بعد قليل نهضت وجدان وتركت جود، نهضت جود هي الأخري تتبع بعينيها خروج والدتها الى أن أغلقت خلفها باب الغرفة، توجهت نحو الفراش تمددت عليه، تترك لنبضات قلبها العنان، تشعر بسعادة فقط، لن تتراجع فى قرار الموافقة
❈-❈-❈
صباحً
علم طوفان من وجدان بموافقة جود مبدائيًا، إستغرب هو الآخر ذلك، لكن هو لن يضغط عليها، بعد نهاية الإفطار...
دخل الثلاث الى إحد الغرف نظرت وجدان الى جود قائلة بتحذير:
قولي قرارك النهائي يا جود الجواز رابطة العمر كله.
أبتسمت جود بحياء قائلة:
قولتلك قراري من إمبارح يا ماما، ليه حاسة إنك خايفة بزيادة.
تنهدت وجدان قائلة:
مش حكاية خوف، بس ده جواز، وجواز العُمر كله.
نظرت جود نحو طوفان وتبسمت قائلة:
بس أنا مش خايفه من حاجه يا ماما، عشان عارفة إن فى ضهري طوفان دايمًا، مستحيل يسمح بأي حاجه تأذيني.
نظر لها طوفان وإقترب مُبتسمً ضمها من كتفها قائلًا:
مين اللى يجي فيه قلب يقدر يأذي ملاك زيك يا جود، مستحيل طبعًا، الا لو كان مُختل عقليًا وقتها أنا هضمن جنانه رسميًا.
إبتسمت جود بإمتنان تشعر بقوة فى قلبها منبعها قوة تُماثل طوفان.
...***
بعد قليل عبر الهاتف
كان حاتم يجلس بقسم الشرطة الذي يعمل به،يمسك تلك البطاقة الائتمانية الخاصة بـ جود لا شيء برأسه سوا أنه يود معرفة قرار طوفان، ربما يشعر براحة قلبية، أو زيادة غليان فى صدره، لن يترك طوفان يهنئ على بؤس قلب والدته...
فى أثناء ذلك صدح رنين هاتفه، نظر لشاشته
زفر نفسه وجذب الهاتف بترقُب بعدما قرأ إسم طوفان... إلتقط نفسًا طويلًا قبل أن يقوم بالرد، بلا تردُد، بعد السلام والمراوغة المُتعمدة من طوفان،فقد حاتم الصبر تصلب فكيه، قبض على البطاقة بقوة حتى ابيضّت أنامله، ثم قال بنبرة خافتة لكن حاسمة:
أكيد مش متصل عليا عشان نتساير فى حكاية تقديم الكفن، ممكن تقولي قرارك بشأن طلب إيد أختك، قرارها إيه.
بمراوغة من طوفان أصبح يكون فكرة عن أخلاق حاتم،يبدوا أنه شخص لا يعرف التحكم فى أعصابه،خفق قلبه بقلق على جود وحياتها معه كيف ستكون،كاد يرفض ألاجابه لكن تذكر موافقتها،لم يغصبها على ذلك،فأجابه ببرود:
تقدر تبعت والدتك تقعد مع الحاجه وجدان، والمسا تجيب والدك وتشرفنا فى القصر.
إرتخت قبضة يده يشعر بظفر حتى لو لم يتفوه طوفان بالقبول مباشرةً لكن ما قاله كافي ودليل على الموافقة... أغلق الهاتف مع طوفان ونهض سريعًا خارجً من القسم يعلم الى أين يذهب الآن
بعد قليل بالمقابر وقف أمام ذلك القبر الذي يحمل شهادة وفاة حسام، رفع يديه يقرأ الفاتحة حتى إنتهي قام بالدعاء لأخيه، ثم مسد بيديه على تلك الشهادة،ينفض ذلك الغُبار العالق عليها... بدمعة تحجرت فى عيناه وتفوه بثقة:
حقك هيرجع يا حسام، عارف إنك أكيد زعلان إن دُرة هتبقي من نصيب غيرك، بس أنا مش هسمح لهم بالسعادة، وهتبدأ رحلة إنتقام وطوفان هيندم على اليوم اللى فكر فيه يقرب من دُرة.
.....***
مساءً بمنزل طوفان
كان إستقبال طوفان لـ حاتم ووالده بترحيب، ثم اخذهم الى تلك الغرفة، تعجب حاتم من وجود الشيخ عرفة،كذالك عزمي الذي تنطق عيناه بغضب وكُره واضح،لكن عليه الصمت...
جلسوا معًا لبعض الوقت بحديث بسيط، كان كل من طوفان و حاتم كلامها يكتشف الآخر لكن واضح بينهم بعض الحزازية ببعض الشؤون، بالأخص حين تحدث حاتم:
أنا بقول ملهاش لازمة فترة الخطوبه، أنا شغلي فى الشرطة بياخد وقتي معظم الوقت فمش هبقي فاضي للحركات واللقاءات بتاع المخطوبين،أنا بقول نكتب الكتاب ونتجوز مع...
توقفت الجملة بحلقه،صعب عليه نطقها،لكن تحمل تلك الغصة فى قلبه وأكمل:
مع طوفان ودُرة.
ذُهل طوفان قائلًا بالسرعة دي مش معقول،إنت و وجود متعرفوش بعض،كمان تجهيزات العروسة.
تهكم حاتم بين نفسه قائلًا بحقد دفين:
مش محتاج أتعرف على أختك العينه قدامي...
بينما تفوه للعلن بثبات:
هنتعرف على بعض أفضل وإحنا متجوزين، كمان التجهيزات مش مُعضلة، أكيد تقدر تجهز أختك فى يوم، وأنا كمان الشقة عندنا جاهزة حتى بالعفش.
نظر والد حاتم له نظرة عينيه بسؤال، فأكمل حاتم حديثه:
شقة حسام جاهزة بالعفش.
نظر طوفان لـ حاتم بنظرة غضب وكاد يقف رافضًا، ذلك لكن سبقه الشيخ عرفة قائلًا بتهدئة:
خير البِر عاجله، بس فى التأني السلامة.
أومأ حاتم قائلًا بتبرير خادع:
إنتم عارفين إن شغلي فى الشرطة مُعرض دايمًا للتنقُلات فى الأقسام وبين المحافظات،ممكن فى حركة التنقُلات الجايه أروح أخدم فى مكان بعيد.
أومأ الشيخ عرفة بإقتناع.
بالنهاية وصل الى هدفه وتم تحديد عقد القران مساء يوم تقديم الكفن... كذالك الزفاف باليوم التالي مع طوفان ودُرة.
❈-❈-❈
بعد وقت
بمنزل دُرة
إستغربت دُرة من قول باسل عن طلب حاتم للزواج من أخت طوفان، تحدثت بدهشة ورفض:
أكيد طوفان هيرفض بدون جِدال.
خيب باسل توقعها قائلًا:
لاء من شوية حاتم كلمني وقالي إنه وافق وكمان قروا الفاتحة وحددوا كتب الكتاب والزفاف فى نفس يوم زفافك إنتِ وطوفان.
ذُهلت قائلة:
طوفان أميد عقله طار منه إزاي يوافق على حاجه زي دي، حاتم يعرف جود منين
جود شخصيتها رومانسية ممكن وافقت بضغط من طوفان.
تحدثت كريمان بسؤال:
وهيضغط عليها ليه، دي أخته وأكيد مش هيضغط عليها بحاجة زي دي فيها مستقبلها.
إحتار عقل دُرة تركتهم وصعدت الى غرفتها فتحت هاتفها قامت بإتصال
سُرعان ما رد عليها طوفان قائلًا:
بصراحة مكنتش مصدق إنك تتصلي عليا لما قريت إسمك عالشاشة قولت أكيد بحلم.
تفوهت بنبرة إعتراضها:
إزاي وافقت على جواز حاتم من جود.
أجابها بهدوء:
أنا واقفت بعد ما سألتها وهو وافقت بدون...
قطاعته بغضب، لكن حديثها مثل الرصاص:
بس هي مش قطعة شطرنج في صفقة، ولا ورقة في ملف... أختك إنسانة... ومينفعش تبقي كأنها بند في اتفاق.
عاود طوفان حديثه بحزم:
أنا مستحيل أدخل أختي فى أي إتفاق يا دُرة، انا قولت لماما وماما إتكلمت معها وهي وافقت بدون أي ضغط من أي حد عليها، وأنا طول اليوم مُرهق، ومحتاج أخد شاور بعدها أنام، تصبحي على خير.
أغلق طوفان الهاتف دون إنتظار، سبب ذلك غيظ بعقل دُرة قائلًا:
قفل فى وشي، الحقير مفكر إنه الحاكم بأمره والجميع لازم يوافقوا على أوامره، حقير أناني ميهموش غير راحة نفسه حتى لو على حساب غيره.
بينما بمنزل طوفان
كان مُشتاقًا لها، وفكر فى الإتصال عليها قبل أن تتصل عليه ود أن يُشاغبها قليلًا يستمتع بالحديث معها، لكن إتصالها وطريقة حديثها تلك لو أطال معها فى الحديث، ستتحامل عليه، وهو مُرهق، لو أحد غيره بعدما مر عليه بالفترة الأخيرة وتحمله وهو مُصاب برصاصتين فى جسده ما زال جرح جسده لم يلتئم مكانهم،لكان برك بالفراش،لكن هو يُقاوم ويقاوح كي يحصل على راحة قلبه منها، قبل راحة جسده.
هي دواؤه وسُقمه، شغفه وبلواه، وفتنته الذي مهما حاول يهرب منها، يعود لها...
خلع ثيابه وبقي بسروال داخلي فقط،إلتقط برشامه وأبتلعها بقليل من المياة،ثم تمدد على الفراش لحظات قبل أن يغفوا يفصل لوقت يستعد للإعصار القادم.
❈-❈-❈
مرت عِدة أيام
بظهيرة يوم الجمعة
والطقس شبة حار بل حار جدًا
بالساحة المُقابلة لأحد مساجد البلدة
نشاط أمني واسع ومُكثف حول المكان، حضور كبار الشخصيات بالمحافظة وأعضاء المجالس النيابية،كذالك شيوخ من الأزهر،وبعض القساوسة...لفيف واسع من الحضور،وترقُب وخوف
وعلى الجهة الأخري غضب عارم من
وليد وعزمي المغصوب على فعل ذلك وقام بالغصب أيضًا على وليد الذي قالها صريحة:
لو سيبتني كنت فرغت السلاح فى دماغ طوفان نفسه والشيخ عرفة معاه، ده ذُل لينا.
نظر له عزمي بغضب:
السلاح اللى جتلت بيه إتنين قبل إكده لو مش التحايل ودفع الرشاوي للشهود كان زمانك لساك بالسجن، عدي اليوم مش عاوز مشاكل، المرة دي لو حُصل حاجة هتبجي جريمة علني.
غصبً إمتثل وليد متوعدًا:
مش هنساها لـ طوفان وهدفعه تمنها غالي، بس كل شئ بآوان.
بعد وقت
تحت تلك الشمس الحارقه
خطاب ديني عن القصاص والتسامُح
أعقبه
وقوف بعض الأهالى على الصفين، ومن الوسط مرور كل من وليد وعزمي اللذان يحملان كفانيهم فوق أيديهم...يسيران من بين الصفين بخطوات غاضبة
حتى وصلا الى مكان وقوف كل من
والد حسام وباسل
إنحني عزمي أولًا أصبح جاثيًا على ركبتيه أمام والد حسام، ورفع يديه بالكفن
بينما هنالك ترقُب ونظرات مُريبة لـ وليد الذي لوهله تحكم به الكِبر وفكر بالهرب، صمت خيم للحظات توقفت بعض القلوب عن النبض خوفً من نقض الإتفاق المُسبق... لكن كلمة نطقها طوفان، أدخلت الرُعب فى قلب وليد الجبان، حين نطق بإسمه وبأشارة من رأسه أمره
-وليد..
لا داعي للنظر نحو طوفان، فلو فكر وليد بنقض الإتفاق أصبح مهدور دمه، تحكم الجُبن بقلبه غصبً فعل مثلما فعل عزمي ووجثي على ركبتيه أمام باسل رفع يديه بالكفن
لم يُفكر
والد حسام، ولا باسل وتقبلا ذلك وأخذا الكفنين من إيديهم، بلحظة كانت تُذبح الذبائح فدوًا وعفوًا مقبول...وسط همزات الأهالى.
❈-❈-❈
مساء
بمنزل طوفان
بتلك الغرفة الكبيرة، يوجد نفس كبار الشخصيات التي حضرت ظهرًا، ها هم يحضرون
عقد القران أيضًا
جلس كل من
طوفان وحاتم بالمواجهه لبعضهم،بالمنتصف كان يجلس المأذون،الذي طلب منهما وضع إيديهم ببعض،بالفعل حصل ذلك،نظر حاتم و طوفان لبعضهما كل منهما بداخله تحفُظ من الآخر لكن يمتثلا للقدر الذي لا يعلم أحدهما الى أين سيصل بهم مستقبلًا...ربما يصبحان صديقان،أو يظلا غريمان...
بالنهاية تم عقد القران، وبالغد سيكون العُرس
❈-❈-❈
بنهاية اليوم التالي
بأحد القاعات الفخمة كان العُرس الذي انتظره الجميع، تتلألأ الثريات في السقف كنجوم مُعلقة، وتعزف الأوتار أنغامًا تُغازل الروح... العروستين كُن كأميرات من زمنٍ الحكايات، تخطوان بخجلٍ وبهاء نحو مصيرٍ كُتب لهن... بين العيون والهمسات... أما العريسين، فكان الوقار والهيبه بثياب أنيقة..
كان الحضور مزيجًا من أهل وأصدقاء،ومعارف وشخصيات لها مكانتها.... تتعالى الضحكات تارة، وتتوارى الدموع خلف ابتساماتٍ مجاملة تارة أخرى....
ليلة أسطورية انتهت...
أخذ كل عريس عروسه إلى حيث تبدأ الحكايات على مهل، حيث تُخلع الأقنعة، وتُكشف النوايا، وتُولد التفاصيل الصغيرة التي تصنع عمرًا.
❈-❈-❈
بمنزل طوفان
إستقبال حافل من والدة طوفان ومعها سامية وكوثر اللذان يشعران بإحتقان وحقد، بينما رحبت وجدان بها بدبلوماسية...
لحظات وإنتهي ذلك الترحيب التى شعرت دُرة به بكثرة الرياء
صعدت بصُحبة طوفان الى الأعلى توقف طوفان
فتح باب الجناح وتنحي جانبًا يبتسم ، رفعت دُرة ذيل فستان الزفاف ودلفت الى الغرفة تشعر بضجر، أزداد حين دلف طوفان وأغلق الباب، إستدارت تنظر له بغضب قائلة بإستهجان:
إنتَ بتعمل إيه.
رمقها طوفان بنظرة متفحصة، قبل أن يميل برأسه قليلاً، والابتسامة لا تزال معلقة على شفتيه... قائلًا بهدوء مستفز:
داخل أوضتنا.
زفرت بضيق، قبضت على ذيل فستانها بقوة وكأنها تحاول أن تستمد منه بعض الثبات، ثم قالت بحدة:
أوضتنا، القصر فيه أوض كتير شوفلك أوضة تانيه نام فيها ،
ده جواز صفقة، إنت مفكره جواز بجد.
اقترب خطوة، مما جعلها تتراجع لا إراديًا... تأمل توترها للحظات قبل أن يجيب بصوت منخفض لكن يحمل من التهديد ما يكفي لإشعال الرهبة في قلبها:
حتى لو جواز صفقة فأنا ليا حقوق .
اتسعت عيناها للحظة، قبل أن تستعيد رباطة جأشها، متظاهرة بالتماسك، ثم رفعت ذقنها بتحدٍ وتحدثت بصوت ثابت:
حقوق... ها، واضح إنك......
ارتسمت على شفتيه ابتسامة ماكرة، كصياد يُحكم قبضته على فريسته... لم يمنحها فرصة الحديث ، قاطعها مباغتًا يجذبها من خصرها،بعدما قطع المسافة بينهما في غمضة عين، بلحظة ضم شفتيها بين شفتيه يُسكت احتجاجها بقُبلة متملكة، سلبت أنفاسها، ثبتها بين ذراعيه عاجزة عن المقاومة.
لوهلة تصلبت في البداية، عقلها يصرخ بالأوامر للابتعاد، للرفض، لكن جسدها خذلها للحظة، كأنها علقت في دوامة أحاسيس لم تواجهها من قبل... نبضها تسارع بعنف، ويداها كانهم دِرع هش، ترددت بين الدفع والتشبث.... حتى عادت تُدرك ما يحدث، انتفضت بقوة، تحاول الإفلات، لكن ذراعيه شدد قبضته حولها، كمن يفرض سطوته بلا نية للتراجع... همست باسمه بانفعال، نبرة صوتها متأرجحة بين الغضب والاضطراب، فشعر برجفتها الطفيفة، لكنه لم يبتعد... وعاد يُقبلها... متملكً من شفتيها....مُحاولًا فرض سيطرته على تمرُد يديها اللتان تدفعه بهن، كاد أن يفرض هيمنته لكن رنين الهاتف قطع الأجواء كضربة قاسية أعادتها للواقع بعنف... تجمد كلاهما، أنفاسها المتقطعة تتلاحق، وصدره يرتفع ويهبط ببطء، كمن يحاول كبح شراسة رغبته غير المكتملة.
استغلت اللحظة، دفعته بيديها بقوة على صدره، فاختل توازنه لثانية، بما يكفي لتبعد عن ذراعيه، تلهث وكأنها خرجت من معركة خاسرة.
ابتسم ومد يده أخرج الهاتف من جيبه، نظر لشاشته ثم لها،لاحظ إرتجاف يديها تُحايد النظر إليه، وهي تُعطيه ظهرها ما زالت تشعر بحرارة لمساته تطبع أنفاسها، بصره المشتعل يلتهمها بصمت.
ضغط على زر الرد محاولة جلي صوته، يستمع لمن يحدثه، سريعًا أنهي الإتصال قائلًا:
تمام أنا نازل حالًا.
أغلق الهاتف ونظر نحو دُرة التى أعطته ظهرها ، لكن هو تخابث وذهب نحو الفراش جذب ذلك الرداء النسائي،ثم عاد يسير توقف خلفها مباشرةً، كظلٍ قائلًا بمكر:
ما تفكريش إنكِ هربتي... راجعلك تاني.
أنهي حديثه وجنب طرحة الزفاف عن عُنقها وضع قُبلة رقيقة على جانب عُنقها هامسًا:
مش هغيب كتير
هسيبك تغيري الفستان وتلبسي قميص النوم ده.
ترك الرداء بين يديها ثم غادر مُبتسمً يعلم أنها على شفى لحظة وقد تشتعل نارًا أو غضبًا، أو ربما بين الاثنين معًا... وقفت متسمرة، تنظر إلى ذلك الرداء الحريري بين يديها، أصابعها تنقبض عليه دون وعي، وكأنها تمسك بفتيل قنبلة على وشك الانفجار...زفرت نفسًا مرتجفًا، تشعر بالدماء تتدفق إلى وجنتيها بحرارة، بينما كلماته تواصل التردُد بعقلها ..كيف تركته يفرض سطوته بهذه السهولة،
رفعت عينيها إلى المرآة، فرأت انعكاسها... وجسدها ما زال يعلوه فستان الزفاف الأبيض،
أغمضت عينيها لوهلة، تحاول تهدئة أنفاسها، قبل أن تستدير ببطء، تنوي تغيير الفستان، لو ظلت
لحظة واحدة فقط... كفيلة بأن تشعل المزيد من الضيق في أنفاسها... بلحظة
نزعت عن رأسها ذلك الوشاح الأبيض وألقته بقوة فوق الفراش بغضب شديد،استدارت بعصبية، تحاول خلع الفستان بحركات مضطربة، وكأنها تنزع عنها أثر كلماته التي ما زالت تتردد في أذنيها...خلعت الفستان وألقته بجانب الوشاح على الفراش، ثم نظرت إلى الرداء الحريري الذي تركه لها، تأملته باشمئزاز، وكأنه رمز لهيمنته التي يحاول فرضها عليها... زفرت أنفاسها
بحِدة قائلة:
مفكر نفسه شخصية مهمة... ولا ملك متوج.
رفعت ذلك الرداء النسائي بين أصابعها، مترددة بين تمزيقه أو تجاهله تمامًا....فكرت تعرف جيدًا لو مزقته سيظن أنه إنتصر ... القته هو الآخر على الفراش
زفرت مجددًا، ثم ذهبت نحو خزانة الثياب ارتدت رداءً آخر، أكثر تحفظًا، كنوع من التحدي الصامت... ذهبت إلى الحمام ،توقفت لحظات قبل أن تفتح الصنبور،غسلت وجهها وشفتيها بقوة ، تُزيل أثر قُبلاته،لكن مازال الغضب مرسوم ملامحها،خرجت من المرحاض بخطوات ثابتة، مرفوعة الرأس، لتواجهه كما يليق بها... بلا استسلام.
بينما قبل لحظات،عاد طوفان الى الجناح نظر نحو الفراش،ضحك حين رأي فستان الزفاف،كذالك ذلك الرداء النسائي الشبه عاري،بمكر خلع ثيابه وبقي بسروال داخلي فقط ينتظرها ، مسندًا ظهره على إحد حوائط الغرفة، وابتسامة تتراقص على شفتيه، وكأنه كان يتوقع كل ذلك... فاجئها قائلًا:
إيه غيبك فى الحمام كنتِ بتفكري فى إيه.
قالها بنبرة صوت مستفزه.. جعلها ترتجف من الخضة،إبتسم من شهقتها ينظر لها بوقاحة قائلًا:
فى عروسة تلبس بيجامة سودة ليلة الدخلة،بس تصدقي اللون الأسود ملك الألوان،وأنا كمان أهو لابس شورت أسود بخطين حُمر مطقم مع لون البيجامة بتاعتك،دي هتبقي ليلة....
-ليلة سودة، وكُل لياليك معايا هتبقى سودة.
هكذا قاطعته دُرة بتحدي، بينما بعين عاشقة إقترب طوفان بخطوات بطيئة يتلاعب بعصبية دُرة المُمتعة له، قبل أن يُفاجئها ويجذبها من خصرها يضمها لصدره العاري بتملُك، ينظر نحو شفتيها اللتان تطبقهما بقوة
بطريقة مُغرية بالنسبة له، لم يهتم وهو يُقيد حركة يديها يُقبلها بنهم عاشق مُتيم، ترك شفتيها ليتنفسا، تحدث من بين أنفاسه المُتلاحقة:
إحنا هنلعب الليلة عالخطين الحُمر...الليلة فيضان هيغرقنا مع بعض
يا " دُرة طوفان".