
رواية عهد الغرام 3
الفصل الثامن عشر 18
بقلم محمد محمد علي
في اليوم التالي ، في مطار القاهرة الدولي
كانت صالة المطار مزدحمة، صوت الإعلانات المتكررة والركاب الذين يسيرون في كل اتجاه يملأ الأجواء. غزل واقفة بجانب غيث، تمسك بيده بحماس، بينما يقف حولهما عائلتاهما لتوديعهما.
ميار (والدة غزل، وهي تمسك بيد ابنتها بحنان):
"دي مش أول مرة تسافري، بس دي أول مرة تسافري كزوجة... احنا متعودين على غزل الصحفية المغامرة، بس دلوقتي هتعيشي تجربة جديدة تمامًا."
غزل (تبتسم بثقة):
"أنا متحمسة جدًا، بس المرة دي مختلفة... المرة دي مش بس سفر شغل، المرة دي هكون مع جوزي!"
سليم، والد غزل، يقف بجوار زوجته، ينظر إلى ابنته نظرة مختلطة بين الفخر والحنان، ثم يضع يده على رأسها بلطف.
سليم (بصوته الجاد لكن مليء بالحب):
"خدي بالك من نفسك، عارفة إنك قوية ولفيتي بلاد كتير، بس دي حياة جديدة ليكِ، ومسؤولية جديدة."
غزل تبتسم وتومئ برأسها، ثم تنظر إلى غيث الذي يبدو متحمسًا لكنه يخفي بعض التوتر.
رمزي، والد غيث، يربت على كتف ابنه بابتسامة مشجعة.
رمزي:
"دي أول مرة ليك تسافر، صح؟ متوتر؟"
غيث (بصوت متحمس لكنه مرتبك قليلًا):
"جدا! عمري ما تخيلت إن أول سفرية ليا بره مصر هتكون لفرنسا… وعلى طيارة درجة أولى كمان!"
شيرلين، والدة غيث، تمسك بيده بحنان وتبتسم.
شيرلين:
"استمتع بكل لحظة يا حبيبي، دي فرصة عمرك، وخد بالك من نفسك ومن غزل."
غيث ينظر إلى غزل، التي تبتسم له بمكر.
غزل:
"جاهز للمغامرة؟ ولا عايز تراجع القرار؟"
غيث (يبتسم بثقة رغم توتره):
"معاكِ؟ عمري ما هراجع أي قرار!"
الجميع يضحك، بينما يعلن المطار عن موعد صعود رحلتهم.
غزل (بحماس وهي تمسك بيد غيث):
"يلا، باريس مستنيانا!"
غيث (بابتسامة واسعة وهو يشد على يدها):
"حلم حياتي بيتحقق... ومع أجمل زوجة!"
يودعان الجميع، ثم يسيران معًا نحو البوابة، مستعدين لبدء فصل جديد من حياتهما في مدينة الأحلام، باريس
********************
في قصر مظلم في ضواحي روما، إيطاليا
في غرفة واسعة ذات إضاءة خافتة، يجلس زعيم المافيا "لورينزو فيراردي" خلف مكتبه المصنوع من الخشب الأسود الفاخر، يُدخن سيجاره الفاخر بينما يتأمل شاشة أمامه عليها صور لغزل في عدة أماكن التقطتها عدسات مراقبيهم.
أمامه يقف رجاله، بعضهم يجلسون على الكراسي الفاخرة، بينما آخرون واقفون في انتظار التعليمات.
لورينزو (بصوت هادئ لكنه ينضح بالقوة والخطر):
"كيف سمحتم لها بالاختفاء؟ أخبروني، هل نحن مافيا أم مجموعة هواة؟!"
أحد رجاله، "ميشيل"، يتقدم خطوة إلى الأمام وينحني قليلاً احترامًا.
ميشيل:
"سيدي، لقد كانت في إيطاليا لعدة أشهر، لكن فجأة اختفت تمامًا. آخر مرة شوهدت فيها كانت في مطار روما متجهة إلى القاهرة. ومنذ ذلك الحين لم نتمكن من تتبعها."
لورينزو يضغط على سيجاره في المنفضة بعنف، فتتناثر بعض الرماد على المكتب.
لورينزو (بعينين ضيقتين):
"القاهرة... الشرقاوي... كنت أعلم أن هذه العائلة لن تتركها وحدها. لقد أدركوا أننا نلاحقها."
يتدخل "نيزو"، رجل آخر يبدو أكثر دهاءً، يجلس مسترخيًا بينما يداعب كوبًا من النبيذ في يده.
نيزو (بابتسامة ساخرة):
"لا عجب، جدها نادر الشرقاوي ليس رجلًا يُستهان به، يبدو أنه تحرك بسرعة لحمايتها."
لورينزو ينظر إليه بنظرة قاتلة، قبل أن يتحدث ببطء شديد، وكأنه يزن كلماته بعناية.
لورينزو:
"لا يهمني من يقف خلفها. غزل الشرقاوي ليست مجرد فتاة مدللة، إنها ابنة واحد من أكبر رجال الأعمال في الشرق الأوسط، واستهدافها سيجعل الشرقاوي يركع لنا!"
رجل آخر يدعى "فيدريكو" يفتح ملفًا أمامه ويمرر بعض الصور الحديثة لغزل مع غيث، التقطتها عدسات مخبرٍ سري في مصر.
فيدريكو:
"لدينا معلومات جديدة، سيدي. يبدو أنها تزوجت مؤخرًا من رجل يُدعى غيث... ليس من نفس مستواها، لكنه أصبح عقبة بيننا وبينها."
لورينزو (بصوت ساخر):
*"زواج؟ هل تظن أن حلقة معدنية حول إصبعها ستمنعنا من الوصول إليها؟" (ثم ينظر لرجاله بحدة) "أريدها! حيّة إن أمكن، ميتة إن لزم الأمر. ابحثوا عن أي أثر لها في القاهرة... ولا تخذلوني مرة أخرى."
الرجال ينحنون بإجلال قبل أن يخرجوا بسرعة لتنفيذ أوامره، بينما يبقى لورينزو جالسًا، يرفع كوب النبيذ إلى شفتيه بابتسامة خبيثة.
لورينزو (بهدوء شديد لكن مليء بالتهديد):
"لن تختبئي مني طويلًا يا غزل الشرقاوي..."
********************
بعد أن غادر رجاله، بقي لورينزو جالسًا في كرسيه الفاخر، يحتسي نبيذه ببطء وهو يتأمل في أمر غزل الشرقاوي. لكن قبل أن يغرق في أفكاره أكثر، يفتحالباب فجأة دون استئذان، وتدخل "تارا" بخطوات واثقة، تتمايل بإغراء واضح، ترتدي فستانا أحمر ضيقًا، وعيناها تتلألآن بمكر مخيف.
تارا( بصوت ناعم متصنع):
"أوه، لورينزو.... لماذا كل هذا التوتر؟ هل تحتاج إلى.... شخص يخفف عنك؟"
تقترب منه وتجلس على حافة مكتبه، تلعب بشريط شعرها الطويل وتبتسم ابتسامة ماكرة.
لورينزو (بابتسامة باردة دون أن ينظر إليها)
"لا وقت لي لهذه التفاهات تارا. إما أن تقولي شيئا مهما، أو اخرجي."
تارا تضحك بصوت منخفض وهي تميل نحوه تمرر أصابعها على طرف قميصه، لكنه يمسك معصمها فجأة بقوة، يجبرها على التوقف.
لورينزو( بعينين قائمتين):
"قلت لك، لست في مزاج يسمح لي بالاستماع إلى ترهاتك."
تارا تسحب يدها ببطء وتعدل جلستها، لكنها لا تبدو غاضبة، بل مسلية بما يحدث.
تارا:
"حسنا، حسنًا، كما تشاء أيها الزعيم... لكن لدي شيء مثير للاهتمام لك."
لورينزو يرفع حاجبًا، يشير لها بيده أن تتكلم.
تارا (بابتسامة خبيثة):
"ماركو روسي... صديقك الصحفي الفضولي، هل تعلم أنه يحب غزل؟"
لورينزو يحدق بها بعيون ضيقة، بينما تارا تضحك بخفة.
تارا (بتهكم):
"لطالما كنت أراقبه، ذلك الوغد يتصرف وكأنه بطل نبيل، لكنه مجرد أحمق آخر وقع في سحر فتاة شرقية مدللة. والجزء الممتع ؟ أنه لم يهتم بي أبدا، رغم أنني... أكثر إثارة بكثير من تلك الطفلة."
لورينزو يبتسم ابتسامة جانبية، مستمتعا بما يسمعه.
لورينزو:
"إذن، أنت غاضبة لأنه لم يقع في شباكك؟"
تارا تعض شفتها السفلية، لكن سرعان ما تستعيد هدوءها، وتلعب بأطراف شعرها بإغراء.
تارا:
"أنا لا أغضب، لورينزو، أنا فقط ... أنتقم."
لورينزو يضحك ضحكة قصيرة، يضع كأسه جانبًا وينظر إليها مباشرة.
لورينزو:
"هل أفهم أنك تريدين التخلص من غزل ؟ "
تارا تقترب أكثر، تهمس بجانب أذنه بصوت يحمل مزيجا من الغواية والجنون
تارا:
أريد أن أجعل ماركو يعاني... وأفضل طريقة؟ القضاء على تلك الفتاة التي سلبت انتباهه."
لورينزو ينظر إليها للحظات، ثم يميل إلى الخلف يراقبها وكأنه يزن الأمور في رأسه.
لورينزو (ببرود)
"أعجبني تفكيرك، تارا. لكننا لا نريد قتلها الآن.... نريدها حية أولا، ثم سنرى ما سنفعله بها لاحقا."
تارا تتنهد بتصنع، ثم تبتسم ابتسامة واسعة وهي تنهض ببطء.
تارا
"كما تشاء، لورينزو. لكن عندما يحين الوقت، أريد أن أكون أنا من تنهي حياتها."
لورينزو يراقبها وهي تغادر، قبل أن يرفع كأسه من جديد، يتمتم بسخرية
لورينزو:
"يبدو أن الأمور ستصبح أكثر إثارة قريبًا ..."
********************
داخل الطيارة – كراسي الدرجة الأولى
غزل قاعدة جنب غيث، عينيها على الشباك، بتبصّ للسماء الواسعة وكأنها سرحانة في عالم تاني. شكلها هادي، بس جواها مليون فكرة وفكرة. على الناحية التانية، غيث قاعد مستقيم، بيحاول يبان عادي، بس الحقيقة إنه حاسس بتوتر غريب. لسه مش مستوعب إنه في الطيارة رايح باريس... ومعاه البنت اللي كان بيحبها في السر طول عمره، بس هي ماكانتش عاوزة الجوازة دي أصلاً.
غيث (يبصّ لها بابتسامة خفيفة):
"متحمسة لباريس؟ سمعت إنك زرتيها قبل كده."
غزل بتلفّ له ببطء، بتشد إيديها على صدرها، وتردّ ببرود:
"آه، رحتها كذا مرة قبل كده... السفر مش حاجة جديدة بالنسبة لي."
غيث (يبصّ لتحت شوية وبعدين يبتسم بحرج):
"أما أنا... فدي أول مرة أسافر بره مصر."
غزل لأول مرة من ساعة ما قعدوا تبصّ له، تلاحظ لمعة في عينيه... نفس اللمعة اللي بتكون في عيون العيال الصغيرة لما يشوفوا حاجة مبهرة لأول مرة.
غزل (بهدوء مستغرب):
"بجد؟ عمرك مسافرت قبل كده؟"
غيث (يهزّ راسه ويبتسم بصدق):
"لا، ماكانش عندنا المقدرة على كده، بس كنت دايمًا بحلم إني أزور باريس... ماكنتش متخيل إن أول مرة هاروحها هتكون في شهر العسل."
غزل سكتت شوية، عينيها بتتنقل عليه وهو بيتفرج على المنظر من الشباك، باين عليه كأنه عيل صغير شايف الدنيا لأول مرة. هي ماكانتش عاوزة الجوازة دي، ماكانتش عاوزة حد يفرض عليها حاجة، بس دلوقتي، هي هنا، معاه... ومش قادرة تنكر إنه شخص كويس... يمكن أكتر مما كانت متخيلة.
غيث (بصوت هادي وواثق):
"غزل، أنا عارف إنك ماكنتيش موافقة على الجوازة دي... بس أنا بوعدك بحاجة."
غزل بتبصّ له بحذر، فيكمل كلامه بثقة:
غيث:
"مش هاجبرك على حاجة، ولا هحاول أفرض نفسي عليكي. كل اللي بطلبه منك إننا نحاول نعيش سوا، على الأقل الفترة دي... وبعدها، لو كنتي لسه مش عاوزة العلاقة دي، عمري ما همنعك."
كلامه كان صادق، مش محاولة استعطاف أو كسب تعاطفها، وده خلّى غزل تفضل باصة له أكتر من اللازم. بعدين أخدت نفس هادي، ورجعت راسها ورا، وسكتت لحظة قبل ما تهمس:
غزل:
"مش عارفة إيه اللي مستنينا قدام، بس... ماشي، نحاول."
غيث ابتسم بخفة، وبصّ لها للحظة قبل ما يرجع يبصّ للشباك، بيتأمل السما الزرقا اللي ممدودة قدامه... يمكن، يمكن بس، الجوازة دي يبقى ليها فرصة حقيقية
********************
في مكتب سليم – فيلا عائلة غزل
يجلس سليم خلف مكتبه الضخم، عينيه مثبتة على شاشة اللاب توب، بينما يراجع بعض التقارير. ملامحه جادة كعادته، لكنه لا يبدو متوتراً، فهو رجل يعرف كيف يسيطر على الأمور. فجأة، يُفتح الباب بهدوء، وتطل ميار برأسها، تبتسم بخفة وهي تراه غارقًا في عمله كعادته.
ميار (بمزاح ناعم):
"هو أنا منافسة للأوراق دي؟ ولا ممكن آخد شوية من وقتك؟"
يرفع سليم نظره فورًا، وبمجرد أن يراها، تتبدل ملامحه، تتلاشى الصرامة لتحل محلها نظرة دافئة لا يراها أحد غيرها. يبتسم ابتسامة صغيرة لكنه لا يرد، فقط يشير لها بأن تقترب.
تدخل ميار وتغلق الباب خلفها، ثم تتقدم إليه بخطوات هادئة قبل أن تتكئ على مكتبه، تنظر إليه بحب واضح، بينما يعقد هو ذراعيه مستمتعًا برؤيتها أمامه.
سليم (بصوت منخفض لكنه دافئ):
"إنتِ عارفة إنكِ الوحيدة اللي أسمح لها تعطلني عن شغلي، صح؟"
ميار (تغمز بعفوية):
"أكيد، وإلا كان زماني مطرودة برا المكتب."
يضحك سليم بصوت خافت، ثم يمد يده ويمسك بكفها، يعبث بأصابعها برقة كما اعتاد دائمًا عندما يكونان بمفردهما.
سليم (بهدوء وهو ينظر لعينيها):
"عارفة، لسه مش مستوعب إن بنتنا الكبيرة اتجوزت... وكأنها كانت بتجري في البيت من يومين بس."
تنظر له ميار بحنان، ثم تجلس على حافة المكتب قريبة منه، تميل نحوه قليلًا وهي تهمس:
ميار:
"وأنا كمان حاسة بنفس الشعور... فاكرة أول يوم جبتها فيه للدنيا، كنت خايف عليها أكتر مني!"
سليم (يبتسم وهو يتذكر):
"كنت صغيرة أوي... كنت خايف عليكم انتوا الاتنين، كنت بحس إني مسؤول عنكِ أكتر من أي شيء تاني."
ميار (تضع يدها على يده برقة):
"وأنا دايمًا حسيت بالأمان معاك، يا سليم... رغم فرق السنين بينا، عمري ما حسيت إنك أكبر مني، كنت دايمًا راجل بقلب شاب، راجل كنت بحبه من وأنا بنت صغيرة... ولسه بحبه أكتر النهارده."
يبتسم سليم وهو يشدّ يدها إليه، يجذبها نحوه حتى تقع بين ذراعيه، ثم يطبع قبلة خفيفة على جبينها، همساته تلامس روحها قبل أن تلامس أذنها.
سليم (بصوت منخفض وعميق):
"وأنا عمري ما حبيت حد في حياتي قدك، إنتِ مراتي، أم ولادي، و... حياتي كلها."
تشعر ميار بوجنتيها تحترقان رغم سنوات زواجهما الطويلة، لكنه دائمًا يعرف كيف يجعلها تشعر وكأنها وقعت في حبه لأول مرة. تبتسم وهي تخفي وجهها في صدره، بينما يحتضنها بقوة وكأنه يعدها أن يكون دائمًا سندها، كما كان منذ اليوم الأول
*******************
في ساحة الجامعة
تقف ميار مع زميلها في الكلية، تتحدث معه عن المحاضرات والمشاريع القادمة، ملامحها هادئة وعادية، لا شيء غير طبيعي. لكن من بعيد، يقف سليم يراقب المشهد، عيناه تضيقان وهو يرى ميار تبتسم أثناء الحديث. قلبه يشتعل، غضبه يتصاعد، وهو لا يعرف حتى لماذا يشعر بهذا الجنون! لكنه لم يستطع منع نفسه، وتقدم نحوهما بخطوات سريعة وعينين تشتعلان بالغيرة.
سليم (بصوت حاد وهو يقترب منهما):
"ميار!"
تستدير ميار بصدمة، تفاجأت بنبرته الغاضبة ونظراته التي تحمل عاصفة، بينما زميلها يلاحظ التوتر فورًا ويحاول التراجع قليلًا.
ميار (بدهشة):
"إيه في إيه؟!"
سليم (يحدق في زميلها بحدة):
"مين ده؟ وبتتكلمي معاه في إيه؟"
ترفع ميار حاجبيها بعدم تصديق، قبل أن تضع يديها على خصرها وترد بحدة مماثلة:
ميار:
"إنت بتسأل بجد؟ ده زميلي في الكلية، وكنّا بنتكلم عن الدراسة، فيه مشكلة؟"
يضحك سليم بسخرية، لكنه لا يبدو مستمتعًا أبدًا، عيناه ما زالتا تشتعلان غضبًا.
سليم:
"أيوه فيه مشكلة! مش عاجبني المنظر، إنتي واقفة بتتكلمي وبتضحكي معاه كأنكم أصحاب من سنين!"
تزداد ميار غضبًا، تشعر بالإهانة من طريقته وكأنها طفلة تحتاج لمراقبة.
ميار (تعقد ذراعيها بغضب):
"بجد؟! ومن إمتى بقيت وصي عليَّ؟ ولا هو ممنوع أتكلم مع زملائي عادي؟"
سليم (يرفع صوته أكثر):
"أيوه، ممنوع! ميار، إنتِ متفاهمة؟ متتكلميش مع أي حد بالطريقة دي تاني!"
تشهق ميار بصدمة، لم تتوقع أن يصل به الأمر لهذا الحد، تشعر بالإحراج والغضب في آنٍ واحد، خاصة أن زميلها انسحب فورًا من الموقف محاولًا تجنب المشاكل.
ميار (تصيح وهي تلوّح بيديها بغضب):
"إنت بتهزر، صح؟ إنت مالك؟ ليه بتتصرف كأني ملكك؟!"
يتجمد سليم لوهلة، كلماتها تصيبه مباشرة، لكنه لا يستطيع التراجع الآن. يقترب أكثر، يخفض صوته لكنه يظل غاضبًا.
سليم (بصوت منخفض لكنه يحمل تهديدًا):
"عارفة كويس إني مش قادر أشوفك مع حد غيري... متحاوليش تستفزيني أكتر من كده، لأنكِ مش هتحبي النتيجة."
تنظر إليه ميار بغضب، لكن قلبها ينبض بعنف من كلماته، تشعر بالحيرة بين الغضب والخجل، لكنه لم يعطها فرصة للرد، استدار ورحل، تاركًا إياها واقفة هناك، مشوشة تمامًا
*******************
في بهو الفندق الفاخر في باريس
يدخل غيث و غزل الفندق المذهل الذي يطل على برج إيفل، الديكورات الفخمة تملأ المكان، والهواء يحمل رائحة العطور الفرنسية الفاخرة. ينظر غيث حوله بانبهار، هذه أول مرة يرى فندقًا بهذه الفخامة، بينما غزل تبدو معتادة على المكان، تتقدم بثقة نحو مكتب الاستقبال.
يبتسم مدير الفندق، رجل خمسيني أنيق، فور رؤيته لغزل، يخرج من خلف المكتب ليحييها بحرارة.
مدير الفندق (بفرحة صادقة):
"مدام غزل! يا لها من مفاجأة جميلة! لقد سمعنا عن زواجكِ، تهانينا القلبية!"
تبتسم غزل بخفة، تهز رأسها بامتنان.
غزل:
"شكرًا لك، مونسيو فيليب، لم أتوقع أنك سمعت بالخبر."
يضحك المدير بود، مشيرًا إلى أحد الموظفين ليأخذ الحقائب.
مدير الفندق:
"عائلتكِ من أهم شركائنا، كيف لا نعلم؟ لقد جهزنا لكِ ولزوجكِ جناحًا خاصًا يليق بكما. وأنت، سيد...؟"
ينظر إلى غيث، الذي يشعر ببعض التوتر لكنه يمد يده ليصافح المدير.
غيث:
"غيث الراوي، زوج غزل."
يبتسم المدير باحترام، يلاحظ لمعة المفاجأة في عيني غيث، وكأنه لم يعتد بعد على هذا المستوى من الحياة.
مدير الفندق:
"تشرفنا، سيد غيث، ونتمنى لكما إقامة سعيدة هنا."
يشير إلى أحد الموظفين، الذي ينحني قليلاً قبل أن يتحدث باحترام شديد.
الموظف:
"سيدي، سيدتي، اسمحا لي بمرافقتكما إلى جناحكما الفاخر."
يتبع غيث و غزل الموظف، لكن قبل أن يبتعدا، يضيف مدير الفندق بابتسامة:
مدير الفندق:
"سيد غيث، لديك زوجة رائعة، وأثق أنكما ستقضيان وقتًا ممتعًا هنا."
تنظر غزل إلى المدير بابتسامة مجاملة، لكن غيث يشعر بغرابة، كما لو أنه يذكّره بأن غزل معتادة على هذه الحياة الفاخرة، وهو مجرد وافد جديد عليها. يزفر بصمت، ثم يتبع زوجته نحو المصعد، حيث تبدأ رحلتهما في مدينة الأحلام
*******************
بعد عدة أيام ، في أحد شوارع باريس الجميلة – بالقرب من برج إيفل
تسير غزل و غيث جنبًا إلى جنب وسط أجواء باريسية ساحرة، غيث يبدو مستمتعًا بكل شيء حوله، بينما غزل معتادة على هذه الأجواء لكنها تستمتع برؤية ردود أفعاله المتحمسة.
غيث (ينظر حوله بحماس كطفل صغير):
"يا لهوي! بصي يا غزل، الناس هنا بتمشي رايقة إزاي، ولا حد عنده هم زي عندنا!"
غزل (تضحك بخفة):
"غيث، إحنا في باريس! طبيعي الناس تبقى رايقة، ده مش مترو الساعة 7 الصبح في مصر!"
غيث (يهز رأسه وهو يفكر):
"هو أنا لو قعدت هنا شوية ممكن أبقى رايق زيهم؟"
غزل (بخبث):
"مستحيل، مصري أصلي، مستحيل تتغير!"
فجأة، يقف غيث أمام أحد الأكشاك التي تبيع الكرواسون الفرنسي الشهير، ينظر إليه بتركيز وكأنه يكتشف كنزًا جديدًا.
غيث (بصوت منخفض لكن حماسي):
"غزل، شايفة الكرواسون ده؟ ده مش كرواسون عادي… ده كرواسون فرنسي أصلي! عاوز أجربه، بس مش عاوز أبين إني سائح مصري غلبان."
غزل (ترفع حاجبها بسخرية):
"يعني ناوي تكلمني دلوقتي بلكنة فرنسية؟"
غيث (بثقة زائدة):
"طبعًا، ركزي معايا!"
يتقدم غيث للبائع بثقة مفرطة، يحاول أن يبدو وكأنه محترف في الفرنسية، ثم يأخذ نفسًا عميقًا ويقول بأفضل طريقة ممكنة:
غيث (بلكنة كارثية):
"بونجور مسيو... آه... آه... عاوز كرواسون سيل فو بليه!"
ينظر إليه البائع للحظة ثم يرد عليه بإنجليزية واضحة:
البائع:
"كم عدد الكرواسون الذي تريده، سيدي؟"
يصمت غيث، ينظر إلى غزل التي تكاد تنفجر ضحكًا، ثم يعود للبائع بوجه جاد:
غيث:
"آه، انت بتتكلم إنجليزي؟! وأنا اللي عمال أتمرن عالجملة دي بقالى ساعة!"
يضحك البائع بلطف، بينما غزل تحاول كتم ضحكتها بصعوبة.
غزل (تغمز له مازحة):
"على الأقل حاولت، مونامور!"
غيث (بفخر زائف وهو يأخذ الكرواسون):
"أنا عالمي يا بنتي، عالمي!"
تضحك غزل، بينما يأخذ غيث قضمة من الكرواسون، لكنه فجأة يتوقف وينظر إليها بصدمة.
غيث:
"إيه ده! ده طعمه شبه اللي في مصر بالظبط! إحنا بنتضحك علينا ولا إيه؟!"
تنفجر غزل ضحكًا، بينما يستمر غيث في مضغ الكرواسون بحيرة، مقتنعًا أنه اكتشف أكبر مؤامرة غذائية في التاريخ.