رواية عهد الغرام 3 الفصل الواحد والعشرون 21 بقلم محمد محمد علي

رواية عهد الغرام 3

الفصل الواحد والعشرون 21

بقلم محمد محمد علي


بعد شهر ، في منزل العائلة في فرنسا – بعد الظهر


فيلا راقية وسط أجواء باريسية راقية، الحديقة واسعة مليئة بالأزهار، والجو لطيف. داخل المنزل، تقف غزل مرتدية فستانًا مريحًا، تضع يدها على بطنها الصغير، وعيناها تلمعان بالسعادة والتعب في آنٍ واحد. بجانبها، يقف غيث، يضع يده بحنان على ظهرها، يساعدها في الوقوف، بينما كلاهما ينتظران والديها بلهفة.


فجأة، يُفتح الباب، وتظهر ميار، والدتها، تركض نحوها بلهفة، بينما يدخل سليم بهدوء، لكن السعادة واضحة على ملامحه رغم محاولته إخفاءها.


ميار (بحماس وسعادة):

"حبيبتي! غزل! يا قلبي، عاملة إيه؟!"


تسرع ميار نحو غزل وتحتضنها بحنان شديد، تقبل وجنتيها مرارًا، بينما غزل تضحك بسعادة.


غزل (تغمض عينيها بسعادة في حضن والدتها):

"وحشتيني أوي يا ماما... مكنتش متخيلة قد إيه محتاجالك!"


ميار (تنظر إليها بقلق وهي تمسك بوجهها):

"يا بنتي انتي خسّيتي! بتاكلي كويس؟ بتنامي كويس؟"


يضحك غيث وهو يضع يديه في جيبه، ثم يلتفت إلى سليم، الذي ينظر إلى غزل بنظرات عميقة مليئة بالحب الأبوي.


غيث (مازحًا):

"أظن إن أول سؤال مفروض يكون عني أنا، مش كده برضو؟"


سليم (برفع حاجبه بتهكم خفيف):

"وأنا برضو كنت بفكر نفس الشيء… إنهم نسونا تمامًا."


تضحك غزل وهي تمسك بيد والدها بحب، ثم تقبّل وجنته بحنان.


غزل:

"بابا! وحشتني أوي… أنا بقيت كويسة، متقلقش عليا."


ينظر إليها سليم بحنان ويمسح على رأسها، ثم يضع يده على بطنها وينظر إلى غيث بجدية، لكن بنبرة تحمل العطف:


سليم:

"كويسة إزاي وإنتِ هنا لوحدك؟ عشان كده جينا… وخليني أوضح حاجة، انت مش بس مسؤول عن غزل، دلوقتي انت مسؤول عن شخص تاني جواها كمان."


يهز غيث رأسه بثقة، يمسك بيد غزل ويبتسم لها بحب.


غيث:

"أنا مسؤول عنها طول العمر… ومستعد أعمل المستحيل عشان تبقى مرتاحة."


تنظر ميار إلى هذا المشهد وتبتسم، ثم تلتفت إلى زوجها بمكر خفيف.


ميار (بمزاح وهي تهمس لسليم):

"شكله بيعرف يقول كلام حلو… عكس حد أعرفه!"


يرد سليم بنظرة جانبية إليها، ثم يهمس بمكر مماثل:


سليم:

"لولا إننا مش في بيتنا كنت وريتك مين اللي مش بيعرف يقول كلام حلو!"


تضحك غزل وهي تستند إلى غيث، بينما ميار وسليم يواصلان مشاكساتهما اللطيفة. كان الجو مليئًا بالحب والدفء، وكأن العائلة قد اجتمعت أخيرًا، ليحيطوا بغزل بحبهم واهتمامهم في هذه المرحلة الجديدة من حياتها

***********************

في مصر في فيلا العائلة، – الحديقة مساءً-


في جو هادئ يملؤه نسيم الليل العليل، تجلس ميار على أحد المقاعد الخشبية في حديقة الفيلا، تحدق في السماء المليئة بالنجوم، شاردة بأفكارها. ترتدي فستانًا بسيطًا بلون السماء، وشعرها منسدل بهدوء على كتفيها. كانت تفكر في الأيام الماضية، وكيف تغير كل شيء فجأة، وكيف أن سليم أصبح الآن خطيبها…


فجأة، تسمع صوت خطوات تقترب منها، ترفع عينيها لترى سليم، واقفًا أمامها، يضع يديه في جيوبه، ينظر إليها بابتسامة هادئة.


سليم (بصوت دافئ):

"لو كنتِ ناوية تفضلي سرحانة كده كل يوم، يبقى لازم أفكر في طريقة جديدة أخليكي تركزي فيها عليا أنا بس."


تبتسم ميار بخجل، تخفض عينيها قليلًا، لكنها لا تستطيع إخفاء لمعة السعادة فيهما.


ميار (بهدوء):

"مش سرحانة… بس بفكر شوية."


يجلس سليم بجانبها، يميل بجسده نحوها قليلًا، وعيناه تتابعان ملامحها بدقة، ثم يهمس بصوت خافت، لكن واثق:


سليم:

"وفي إيه غيري يستحق تفكري فيه؟"


تتورد وجنتا ميار، لكنها تحاول التظاهر بالثبات، تلتفت إليه، ترفع حاجبها بمكر خفيف.


ميار (بمزاح خجول):

"مش واخد على الغرور ده منك!"


يضحك سليم، يمد يده ليمسك بيدها بلطف، أصابعه تلتف حول يدها الصغيرة بحنان، ثم يرفع يدها إلى شفتيه ويطبع عليها قبلة خفيفة.


سليم (بصوت عميق وصادق):

"مش غرور… بس أنا متأكد إنك بتحبيني، زي ما أنا بحبك."


تنظر ميار إلى عينيه للحظة، تقرأ فيهما الحب الذي طالما حاول إنكاره، ثم تخفض نظرها بخجل وتهمس:


ميار:

"أنا… فعلًا بحبك."


عندما تقولها، يشعر سليم بقلبه ينبض بسرعة، وكأن هذه الجملة كانت كل ما كان يحتاج لسماعه. يقترب منها أكثر، يرفع يدها إلى قلبه، ثم يهمس بصوت مليء بالمشاعر:


سليم:

"وأنا عمري ما حبيت غيرك… وعمري ما هحب غيرك، ميار."


تبتسم ميار بسعادة، بينما تنساب مشاعرها أخيرًا دون خوف أو كبرياء، تحت ضوء القمر الذي كان شاهدًا على قصة حب بدأت منذ سنوات، لكنها لم تجرؤ على الظهور إلا الآن…

**********************

داخل مقر المخابرات الإيطالية – غرفة العمليات السرية


تحت الأضواء الخافتة، يجلس ماركو أمام شاشة كبيرة تعرض ملفات وصورًا، بينما يقف أمامه ليوناردو، رئيس فرقته، رجل في أواخر الأربعينات بملامح حادة ونظرات صارمة. في الغرفة عدة شاشات تعرض خرائط وتحركات مشبوهة مرتبطة بأحد أخطر زعماء المافيا في إيطاليا، لورانزو.


ليوناردو (بصوت جاد):

"ماركو، أخبرني بكل ما توصلت إليه بشأن لورانزو… سمعت أنك كنت قريبًا جدًا من الهدف."


يرتشف ماركو قهوته ثم يضع الكوب جانبًا، يركز عينيه على الشاشة وهو يتحدث بثقة.


ماركو:

"لورانزو لا يزال مصرًا على ملاحقة الفتاة المصرية، غزل الشرقاوي. من الواضح أنه يرى فيها تهديدًا له، رغم أنها لا تعلم أي شيء عن صفقاته المشبوهة."


ليوناردو (بعينين ضيقتين):

"لماذا؟ لماذا فتاة عادية تصبح هدفًا لزعيم مافيا مثله؟"


يضغط ماركو على لوحة المفاتيح ليعرض صورة لـلورانزو بجانب صورة قديمة لرجل آخر.


ماركو:

"لأنها ليست فتاة عادية. جدها، نادر الشرقاوي، كان السبب في الإطاحة بعائلة مافيا قديمة قبل عقود طويلة ، لورانزو يريد الانتقام من العائلة، ووجد في غزل نقطة ضعفه و أيضا غزل اهانته أمام المدعوين في حفل ما عندما كانت هنا في ايطاليا قبل عدة أشهر و أنا كنت شاهدا على ذلك"


يصمت ليوناردو للحظة، ثم يعقد حاجبيه بقلق.


ليوناردو:

"وهل لديها أي فكرة عن هذا؟"


ماركو (يهز رأسه نفيًا):

"لا. لكنها الآن في فرنسا مع زوجها، غيث. المافيا تراقب تحركاتها. أخشى أن يكونوا قد اكتشفوا مكانها."


يضرب ليوناردو الطاولة بقبضته، ثم يأخذ نفسًا عميقًا ليهدأ.


ليوناردو:

"لا يمكننا المخاطرة، يجب حمايتها بأي ثمن. هل لديك خطة؟"


ماركو:

"سأسافر إلى فرنسا. يجب أن أتأكد من سلامتها شخصيًا. بالإضافة إلى ذلك، هناك شخص داخل المافيا يتعاون معنا سرًا، ربما نستطيع استخدامه للإيقاع بلورانزو نهائيًا."


يتبادل ليوناردو وماركو نظرات التفاهم، ثم يربت ليوناردو على كتف ماركو.


ليوناردو:

"كن حذرًا، ماركو. هذه المهمة قد تكون أخطر مما تتخيل."


يبتسم ماركو ابتسامة واثقة وهو يلتقط سترته ويستعد للمغادرة.


ماركو:

"لا تقلق، رئيس. لم أعتد الخسارة بعد."


ثم يخرج من الغرفة، مستعدًا لمهمته الجديدة في فرنسا…

********************

خارج مقر المخابرات الإيطالية – شارع جانبي هادئ


يخرج ماركو من المقر مرتديًا سترته الجلدية السوداء، وبينما يتقدم بخطوات واثقة نحو سيارته، يسمع صوتًا مألوفًا خلفه.


جاسر (بصوت هادئ لكن يحمل سخرية خفية):

"ماركو، هل أنت متأكد أنك تعرف كيف تخرج من المبنى دون أن تتوه؟ أم تريد أن أرشدك؟"


يلتفت ماركو ليجد جاسر يقف مستندًا إلى سيارته، يعقد ذراعيه على صدره، ويرمقه بنظرة ساخرة. جاسر الحديدي الضابط المصري المخضرم، يبدو هادئًا كما لو أنه يسيطر على المشهد بالكامل.


ماركو (يرفع حاجبه بسخرية مماثلة):

"آه، سيد جاسر! لم أدرك أن إيطاليا أصبحت موطنك الثاني… أو ربما جئت فقط لمراقبتي والتأكد من أنني لا أفسد الأمور؟"


جاسر (يبتسم نصف ابتسامة وهو يهز رأسه):

"ماركو، يا بني… أنا لا أراقبك لأنك جيد في عملك، بل لأنك تملك موهبة نادرة في تحويل أي مهمة بسيطة إلى فوضى عارمة."


ماركو (يضحك):

"فوضى؟ أنا أسميها تكتيكات غير تقليدية!"


جاسر (يتنهد وهو ينظر إليه بنظرة الأب الذي يراقب ابنه الطائش):

"اسمع، يا ولد، أنت شاب متحمس، لكن الحماس وحده لا يكفي في هذه المهنة. أنت تتعامل مع لورانزو، وليس مع لص سوقي. هذا الرجل لن يتردد في قطع رأسك وإرساله هدية في صندوق أنيق."


يعقد ماركو ذراعيه وينظر إليه بثقة.


ماركو:

"أعلم من هو لورانزو، وأعلم أيضًا أنه ليس invincible (لا يُقهر). كل شخص لديه نقطة ضعف."


جاسر (يضحك بسخرية):

"نقطة ضعف؟ هل تقصد غروره؟ أم ذوقه السيئ في الملابس  و النساء؟"


ماركو (يبتسم بمكر):

"بل أقصد شيء أكبر… المعلومات التي لدينا تؤكد أنه يلاحق غزل الشرقاوي، وهذا يمنحنا فرصة ذهبية للإيقاع به."


جاسر (يصبح جادًا فجأة):

"غزل فتاة بريئة لا علاقة لها بهذه الفوضى، لا تخطط لاستخدامها كطُعم، ماركو."


ماركو (يهدئه):

"لا تقلق، أنا هنا لحمايتها، وليس لاستخدامها. لكننا لا يمكننا تجاهل أنها أصبحت هدفًا."


يصمت جاسر للحظة، ثم يزفر بضيق وهو ينظر إلى ماركو بعينين تحملان الخبرة والقلق معًا.


جاسر:

"حسنًا، لنرى إن كنت ستتمكن من إنجاز هذه المهمة دون أن تحوّل باريس إلى ساحة معركة."


ماركو (يغمز له مازحًا):

"ثق بي، سأجعلها تبدو كحفلة راقية."


يهز جاسر رأسه وهو يركب سيارته، بينما يراقب ماركو وهو ينطلق مبتسمًا بثقة… المهمة في فرنسا بدأت، والمخاطر تتصاعد

*******************


يقف جاسر بجانب سيارته، يشعل سيجارة ببطء، ينفث الدخان وهو يراقب سيارة ماركو تبتعد. عيناه تضيقان قليلًا، وكأن الأفكار تتلاعب في ذهنه. يمرر يده فوق شعره الرمادي القصير، ثم يزفر بضيق.


جاسر (متمتمًا لنفسه):

"ماركو شاب ذكي، لكن ذكاؤه وحده لن ينقذه لو ساءت الأمور… ولورانزو؟ ذلك الأفعى القذر لن يترك غزل وشأنها…!"


يضرب سقف السيارة بقبضته بخفة وهو ينظر إلى هاتفه، يتردد للحظة، ثم يغمغم بنبرة حاسمة:


"سليم لازم يعرف…"


يمرر يده على وجهه، وكأنه يحاول تهدئة أفكاره، لكنه يعرف أن هذه ليست مسألة يمكنه تأجيلها.


جاسر (بجدية وحزم):

"سليم بيحب غزل أكثر من أي شيء في الدنيا، ولو عرف أن المافيا تطاردها، مش هيسكت…"


يضحك بسخرية خفيفة ثم يهز رأسه وهو ينظر إلى هاتفه مجددًا.


"بل لن يسكت؟! سيقلب الدنيا فوق رؤوسهم!"


يأخذ نفسًا عميقًا من سيجارته، ثم ينفض الرماد وهو يتخذ قراره النهائي.


"خلاص، لازم أكلمه… غزل مش مجرد ابنته، دي حياته كلها."


يركب سيارته، يفتح هاتفه، ويبدأ في البحث عن رقم سليم الشرقاوي، مستعدًا لبدء محادثة ستشعل القلق في قلب الأب… لكن لا خيار أمامه، فالمخاطر أصبحت قريبة أكثر مما يتخيل أحد

*********************

في  بيت العيلة في فرنسا – الصالون الفخم


غزل قاعدة على الكنبة المريحة، مسنودة على مخدة ناعمة، وعينيها بتلمع من الفرحة رغم التعب اللي حاسة بيه بسبب الحمل. قدامها مامتها ميار، ماسكة فنجان قهوتها برقة، وعينيها مليانة حب وهي بتبص لبنتها اللي كبرت وبقت زوجة ومستنية أول طفل ليها.


ميار (بابتسامة دافية وهي بتتأمل غزل):

"سبحان الله… كأني لسه شايفاكي طفلة صغيرة لابسة الفستان الوردي بتاعك وبتجري في الفيلا، ودلوقتي بقتي متجوزة وحامل كمان… الأيام جريت إزاي كده؟"


غزل (بتضحك بخفة وهي بتمسح على بطنها):

"وأنا كمان مش مصدقة يا ماما… حاسة إني كنت بدرس وبلف ورا الأخبار وأنا صحفية من يومين، ودلوقتي قاعدة في فرنسا، مستنية أول طفل ليا!"


ميار (بنظرة حنونة):

"هي الدنيا كده يا حبيبتي… بتاخدنا في سكة ما كناش متوقعينها، بس الحمد لله إنكِ مبسوطة، وده أهم حاجة عندي."


غزل (بتومئ برأسها بحب):

"مبسوطة أوي يا ماما… خصوصًا وأنا مع غيث، حاسة إن نصي التاني بجد… يمكن ما كنتش متخيلة حياتي كده، بس دلوقتي مش قادرة أتخيلها غير كده."


ميار (بمزاح):

"يعني لو كنت قلتلكِ من سنة إنكِ هتتجوزي غيث وتسافري فرنسا، كنتِ هتصدقيني؟"


غزل (بتضحك وهي بتهز رأسها):

"مستحيل! كنت هقولكِ إنكِ بتهزري أو إني بحلم!"


ميار (بتحط إيدها على إيد غزل برفق):

"ودلوقتي بقى، بعد ما الحلم بقى حقيقة… قوليلي، عاملة إيه بجد؟ الحمل تعبك؟ وغيث، بيهتم بيكي زي ما المفروض؟"


غزل (بتبتسم بسعادة):

"الحمل متعب، بس أنا مبسوطة، أما غيث؟ مستحيل تلاقي حد بيهتم بمراته زيه، حاسس بيا وكأني حاجة غالية أوي ممكن تتكسر في أي لحظة!"


ميار (بتضحك وهي بتهز رأسها):

"عشان إنتِ أغلى حاجة عنده، زي ما إنتِ أغلى حاجة عندنا كلنا."


غزل تسكت لحظة، وبعدين تبص لوالدتها بعينين مليانين حب.


غزل (بصوت دافي):

"وأنا محظوظة أوي إنكِ أمي، دايمًا جمبي، في كل لحظة، في كل موقف… بحبكِ أوي يا ماما."


ميار (بتمسح على خدها بحنان):

"وأنا كمان يا حبيبتي… ما فيش حاجة في الدنيا أهم عندي منكِ ومن إخواتكِ."


تحس غزل بدموع خفيفة في عينيها من المشاعر الجميلة، فتضحك وتمسحها بسرعة.


غزل (بمزاح):

"الهرمونات… أقسم بالله بتلعب بيا اليومين دول!"


ميار (بتضحك وهي تمسك إيدها بحنان):

"دي مش الهرمونات يا حبيبتي، دي مشاعر الأمومة… وهتفهميها أكتر لما تحملي ابنكِ بين إيديكِ لأول مرة."


غزل تبتسم بحلم، وهي بتفكر في المستقبل، وحاسة بالأمان جنب أمها اللي كانت دايمًا مصدر دفئها وحبها الأول

**********************

– داخل المكتب الفخم في منزل العائلة-


يجلس سليم والد غزل على كرسيه الجلدي خلف المكتب، بينما يجلس غيث أمامه، يتبادلان الحديث عن أمور العائلة، لكن فجأة يقطع رنين الهاتف الأجواء. ينظر سليم إلى الشاشة، فيظهر اسم جاسر الحديدي، صديقه وضابط المخابرات المصري المحترف. يرد سليم على المكالمة، وصوته يحمل نبرة اهتمام.


سليم (بجدية): "أيوه يا جاسر، خير؟"


جاسر (بصوت منخفض لكنه حازم): "سليم، اسمعني كويس… الموضوع مهم وخطير. المافيا الإيطالية  بتلاحق غزل لسه ما استسلموش، ولازم تبقى عارف إن الضابط ماركو، اللي كان متخفي في هيئة مرشد سياحي، كان في فيلا العيلة في مصر، وقابل جدك نادر بنفسه وخبره بكل حاجة."


تتسع عينا سليم بصدمة، لكنه يحافظ على هدوئه.


سليم (بصوت منخفض لكنه غاضب): "ماركو؟! المرشد السياحي اللي طفشناه لما جه؟ هو ضابط مخابرات؟!"


جاسر (بتأكيد): "أيوه، وهو اللي كشف خطط المافيا وعشان كده  جدك نادر صمم على جواز غزل وغيث بسرعة، كان عارف إن وجودها لوحدها خطر، وإن غيث ممكن يحميها."


يتشنج فك سليم، بينما ينظر غيث إليه بقلق، يلاحظ التوتر في ملامحه.


غيث (بقلق): "فيه إيه يا  عم سليم؟ حصل حاجة لغزل؟"


لا يرد سليم فورًا، بل يضغط على الهاتف بقبضة قوية، ثم يتحدث بصوت مشحون بالغضب.


سليم (بحزم وعيناه تشتعلان غضبًا): "جاسر… أقسم بالله، المافيا دي مش هتعرف تهرب من إيدي، أنا هفتح عليهم أبواب جهنم، وهخليهم يندموا على اليوم اللي فكروا يقربوا فيه من بنتي!"


جاسر (بحزم وتحذير واضح): "اهدى يا سليم! عارف إنك أب ومشاعرك مش سهلة، بس ما تعملش حاجة متهورة، إحنا بنتعامل مع ناس خطرين، وأي خطوة غلط ممكن تأذي غزل بدل ما تحميها."


يأخذ سليم نفسًا عميقًا، يحاول السيطرة على غضبه، بينما يضغط غيث على قبضته بقوة.


غيث (بصوت منخفض لكنه خطير): "إذا كانوا لسه بيلاحقوها، يبقى لازم نستعد كويس… غزل مش لوحدها دلوقتي، وأنا مش هسمح لأي حد يقرب منها."


يراقب سليم ملامح غيث الجادة، ثم يغمض عينيه للحظة قبل أن يفتحها بعزم واضح.


سليم (بهدوء لكن بصوت يحمل نبرة قاتلة): "هنعمل كل حاجة بحساب، بس لازم يعرفوا إنهم لعبوا بالنار."


جاسر (بتأكيد جاد): "تمام، أنا هتابع الموضوع وأبقى على اتصال، بس انتبه كويس، وبلغني بأي خطوة تاخدوها."


يغلق سليم الهاتف، ثم ينظر إلى غيث بحدة، وكأنهما اتفقا دون الحاجة للكلام… الحرب بدأت، ولن يتركا المافيا تفلت بفعلتها

**********************

في  مطار باريس – قاعة الوصول


وسط زحام المسافرين، وقف لورانزو، زعيم المافيا الإيطالية، مرتديًا معطفًا أسود طويلًا، يدخن سيجارته الفاخرة بنظرة متعجرفة، وعيناه تراقبان الشاشة التي تعرض مواعيد الرحلات القادمة. بجواره تارا، المرأة الفاتنة ذات الفستان الأحمر الضيق والكعب العالي، تتلاعب بشعرها الأشقر وهي تمضغ علكتها ببطء، عيناها تمتلئان بالحقد وهي تتحدث بصوت متهكم.


تارا (بابتسامة ساخرة): "وأخيرًا عرفنا مكان العصفورة الصغيرة… باريس، مدينة الحب، يا لها من وجهة رومانسية لشهر العسل، أليس كذلك؟"


يأخذ لورانزو نفسًا عميقًا من سيجارته، ثم ينفث الدخان ببطء، وعيناه تضيقان بمكر.


لورانزو (بهدوء قاتل): "شهر العسل… سيكون الأخير لها."


تارا (تضحك بخبث وهي تميل عليه): "أتساءل… كيف سيكون تعبير وجهها عندما ترى أنكَ أتيت شخصيًا من أجلها؟ هل ستصرخ؟ ستبكي؟ أم ستتوسل لحياتها؟"


يبتسم لورانزو ابتسامة باردة، ثم يرمي سيجارته على الأرض ويدوسها بحذائه الجلدي الأسود.


لورانزو (بنبرة تهديدية): "لا يهمني كيف ستتصرف… المهم أنها لن تهرب هذه المرة."


تارا تعض شفتها السفلية بغيظ، ثم ترفع رأسها بتحدٍ وهي تتذكر شيئًا أزعجها أكثر من غزل نفسها.


تارا (بغضب مكبوت): "ماركو… ذلك الأحمق يرفضني بسببها، وكأنها ملاك بريء! لو كان الأمر بيدي، لجعلته يرى حقيقتها القذرة!"


لورانزو ينظر إليها بازدراء للحظة، ثم يضحك ضحكة منخفضة، وكأنه يستمتع بحقدها.


لورانزو (بابتسامة ساخرة): "ماركو؟ نسيتي أنه مجرد حشرة تعمل لصالح الحكومة؟ لا تقلقي بشأنه، سيندم قريبًا على تدخله في شؤوننا."


تارا (بحقد): "أتمنى ذلك… وأتمنى أن أكون أول من يرى انهيار تلك الفتاة المدللة."


لورانزو يضع يده في جيب معطفه، ثم ينظر إلى ساعته قبل أن يرفع عينيه نحو بوابة الخروج.


لورانزو (بهدوء): "حان الوقت… باريس ستكون مقبرة جميلة لها."


يضحكان معًا، بينما يخرجان من المطار، وعلى وجهيهما نظرة مخيفة تنذر بعاصفة سوداء تقترب من غزل المسكينة، دون أن تدري أن الخطر بات أقرب مما تتخيل

*********************

في ايطاليا ، غرفة أوس وشغف – منتصف الليل


كان أوس ينام بهدوء، جسده مرهق بعد يوم طويل، لكن إحساسًا غريبًا أيقظه. مدّ يده إلى جانبه ليجد الفراش فارغًا. فتح عينيه بتثاقل، ثم جلس في سريره وهو يتلفت حوله بقلق.


أوس (بصوت ناعس): "شغف؟ فين انتي؟"


لم يسمع ردًا، فعبس ونهض من السرير، لكنه فجأة سمع صوت صراخ حاد يأتي من الحمام!


شغف (تصرخ بسعادة): "يااااااااه! مش ممكن! أوس… أوس!!!"


تجمد أوس في مكانه للحظة، عيناه اتسعتا بصدمة، ثم هرع نحو الحمام بسرعة وكأنه تلقى إنذارًا بوجود خطر!


أوس (بقلق وهو يطرق الباب بقوة): "شغف! إنتِ كويسة؟! افتحي الباب حالًا!"


بعد لحظات، فتح الباب بقوة، وظهرت شغف أمامه وهي تضع يدها على فمها، عيناها ممتلئتان بالدموع، وفي يدها الأخرى كانت تمسك اختبار الحمل.


شغف (بصوت مرتعش من الفرحة): "أوس… أنا حامل!"


ظل أوس ينظر إليها لثوانٍ، وكأنه لم يستوعب ما قالته، ثم حوّل نظره إلى الاختبار في يدها، ثم إليها مجددًا.


أوس (بدهشة): "إيه؟! حامل؟!!"


ابتسمت شغف والدموع تنهمر من عينيها، وهزّت رأسها بحماس.


شغف (بسعادة): "أيوه… إحنا هنكون بابا وماما!"


فجأة، أمسكها أوس من خصرها ورفعها عن الأرض وهو يدور بها في الهواء، ضاحكًا بجنون من الفرحة.


أوس (بسعادة طاغية): "ياااه شغف! والله بجد؟! إحنا هنكون اب و أم؟!"


شغف (تضحك وهي تمسك بوجهه): "أيوه يا حبيبي… حلمنا اتحقق!"


توقف أوس عن الدوران، لكنه لم يتركها، بل احتضنها بقوة، وكأنه يخشى أن تكون هذه لحظة حلم ستتلاشى.


أوس (بصوت مليء بالمشاعر): "أنا مش مصدق… ده أحلى خبر سمعته في حياتي!"


شغف تضحك بسعادة، بينما يضع أوس يده على بطنها برفق، وكأنه يحاول استيعاب أن هناك روحًا صغيرة تنمو بداخله.


أوس (بهمس وهو ينظر لعينيها): "أنا هخلي حياتكوا أحلى حياة… إنتِ والبيبي، هتكونوا في عيوني."


تبتسم شغف بحب، ثم تمسح دموعها، وتضع يدها فوق يده على بطنها، قبل أن تهمس بحنان:


شغف: "وأنا عارفة ده… لأنك أحسن أب في الدنيا."


يقترب أوس ويطبع قبلة ناعمة على جبينها، ثم ينظر إليها بعينين لامعتين من الفرحة، قبل أن يضحك فجأة وهو يقول بمزاح:


أوس: "طب قوليلي… هو أنا من دلوقتي أناديكِ ماما شغف؟!"


تضحك شغف بقوة وهي تضربه على كتفه، بينما يغرقان في لحظة مليئة بالحب والسعادة التي لا توصف

********************

سرية في إيطاليا – منتصف الليل


في غرفة معتمة، يجلس ديفيد، جاسوس المخابرات الإيطالية، على كرسي خشبي متهالك، يراقب الباب بحذر بينما يمسك بهاتفه. قلبه ينبض بسرعة، يدرك أنه إذا اكتشف المافيا أمره، فسيكون مصيره الموت. يضع السماعة في أذنه، ويضغط على زر الاتصال.


ديفيد (بصوت منخفض ومتسارع): "ماركو، الوضع خطير، لورانزو عرف مكان غزل."


على الطرف الآخر، في سيارته المتوقفة في زقاق مظلم في باريس، يتجمد ماركو للحظة، ثم يشد قبضته على الهاتف.


ماركو (بحدة): "كيف عرف؟!"


ديفيد (بقلق): "لا أعرف بالضبط، لكنه حصل على المعلومة من مصدر مجهول. الأسوأ من كده… إنه سافر بنفسه لفرنسا مع تارا، ونيّتهم واضحة… غزل في خطر حقيقي، ماركو!"


يضرب ماركو المقود بقبضته، يشعر بالغضب والقلق في آنٍ واحد. تنهد بعمق محاولًا السيطرة على أعصابه.


ماركو (بصوت خطير): "اللعنة! هل لديك تفاصيل؟ أين ينوي الهجوم؟"


ديفيد: "مش متأكد، لكنه مش هيضيع وقت… احتمال كبير يكون عندها خلال ساعات."


صمت للحظة، ثم أكمل بصوت أكثر حدة:


ديفيد: "ماركو، لو مشيت خطوة غلط، غزل هتكون جثة قبل ما تقدر توصلها."


يتصلب جسد ماركو، عينيه تشتعلان بالغضب، ثم يضغط على أسنانه بقوة.


ماركو (بصوت قاتم): "مش هسمح له يلمس شعرة منها… غزل تحت حمايتي، وهيموت قبل ما يوصل لها."


على الجانب الآخر، ينظر ديفيد حوله بحذر، ثم يهمس بجدية:


ديفيد: "انتبه، لورانزو مش سهل، ولو شك لحظة إني بساعدك، أنا اللي هكون جثة."


ماركو يضغط على الهاتف بقوة، ثم يقول بصوت مليء بالإصرار:


ماركو: "ابقَ بعيدًا عن الأنظار، ودعني أتعامل مع هذا الأمر… وغزل؟ مش هسمح لأي شخص يؤذيها."


يغلق الخط بسرعة، قبل أن يشغّل محرك سيارته، وعيناه تلمعان بتصميم قاتل… السباق ضد الزمن قد بدأ، وعليه أن يصل إلى غزل قبل أن يفعل لورانزو.


           الفصل الثاني والعشرون من هنا 

    لقراءة جميع فصول الرواية من هنا

تعليقات