
قصة الثعبان
البارت الرابع والعشرون 24 والخامس والعشرون 25
بقلم فريدة الحلواني
صعق عمر و من معه حينما طلب منهم المساعده ...خرجت نبرته جريحه ...مهزومه رغم صموده
نبره جندي جريح داخل معركه مصيريه...يطلب العون من رفاقه حتي يكمل الملحمه ...بل و ينتصر فيها
و الرجال لا يخذلون من يطلب منهم العون ابدااا ...حتي لو كان عدوً لهم ...ما دام وقف علي بابهم...لم و لن يردوه ابدااا
تلك هي شيم الرجال
وقفو ثلاثتهم أمامه ...في نفس اللحظه مدو أيديهم له و بدأ عمر الحديث قائلا : أنا كده كده معاك …مش عشان ده شغلي و بس ...لا لأني بعرف افرق بين الصالح و الطالح ...يا يوسف
نظر له بصدمه لمعرفته بتلك الحقيقه فابتسم له عمر بهدوء ...أما حسن
فقال برجوله : و أنا معاك عشان أنت راجل جدع بغض النظر عالي كنت فيه
بدر : أنا معاك يا شق منين ما هتروح خلينا نخلص مالناس الزباله دي
أما العدنان فشدد علي يده بقوه ثم قال : في يوم من الايام كنت مٌطرحك ياخوي مع اختلاف الأسباب..لكن ربنا فاتح باب التوبه للكل مين احنا لجل ما نجفلو في وشك
أبتسم بهدوء ثم قال موضحا: أنا بس حابب أوضح حاجه ...نظر له الجميع بأهتمام فأكمل :أنا مش هضر حد فيكم و لا هحطكم في موضع خطر
عمر : قولنا إيه الي فدماغك و نتناقش سوي و الأصلح هو إلي يتعمل
عيسي بخوف ظهر جليا علي نبرته : الأول ...مراتي لو أنا مشيت من هنا ...هي هتبقي فين و ازاي اضمن أنها هتكون في أمان
عدنان : مرتك في الحفظ و الصون في دار خوك...كيفها كيف أهل بيتي متخافش عليها ...عاودلها بالسلامه إن شاء الله هتلاجيها زي ما سببتها
هز رأسه يرضي ثم قال حسن بجديه : أهم حاجه ....مين الراس الكبيره ...و ازاي هتجمع الكل و هما طالبين رقبتك
عيسي : اول حاجه انا محتاج بدر يكلم صاحبه الي في ايطاليا زي ما قولتلك ....محتاج أوصل للزعيم بتاعه ضروري
أما بقي الراس الكبيره ده ميخطرش علي بال حد أصلا ....نظر لعمر و أكمل : لأزم هتضحي بحد يا عمر بيه
عمر بأستغراب : بمعني
عيسي : يعني أنا مش هقدر أسلمك كل العناصر الموجوده هنا ....في واحد بس لازم يكون في أمان
حسن : مين ده و أشمعني
تنهد بهم ثم قال: هقولكم فالاخر ...نظر لعمر و اكمل : أوعدني إنك تعمل إلي بقولك عليه ...قبل ما ابداء
تطلع له عمر بضع لحظات يفكر مليا في هذا الطلب المبهم ...و لكن بمعرفته به سواء عن طريق رامي أو التحريات التي أجراها عنه ...علم إن طلبه لن يضر بصالح القضيه و إنما لغرضٍ ما في نفسه
هز راسه بموافقة ثم قال : تمام يا عيسي ....وعد الي هتقوله هعمله ...أنا واثق فيك و عارف إنك قد الثقه دي
تنفس بارتياح و قبل ان يبدأ الحديث أكمل عمر موضحً بعض الحقائق : قبل ما تبدأ...و عشان تكون مطمن
تطلع له باهتمام فاكمل بما لم يخطر علي بال أحد : رامي شغال معايا بقاله سنتين
رغم الصدمه التي ارتسمت علي وجهه الا انه ابتسم بغلب و قال : كنت حاسس أنه مخبي حاجه عليا
رد عليه عمر سريعا كي لا يسىء الظن به : لالالالا ...أفهم الأول ....رامي كان شرطه الوحيد إنك متضرش ...و إنك تكون شاهد ملك فالقضية....و طول الوقت بيحاول يحميك ....يعني مبعاكش
عيسي بجديه : دي حاجه أنا متاكد منها ...لو الدنيا كلها باعتني رامي عمره ما يعملها ....و بحكم معرفتي بيه ...أقدر أقولك انه قرر ينهي القصه لما بقي شبه متاكد إني تعافيت من مرضي بنسبه كبيره
تنهد عمر بإرتياح ثم قال : بالظبط ...كان المفروض نبدأ من سنه بس هو صمم ياجلها ....هز رأسه بغيظ و هو يكمل : عمر ما حد أتحكم فيا زيه ...كنت كل ما أحاول أشدّ عليه عشان نخلص ...يهددني أنه هينسحب و الأتفاق الي بينا لاغي....كل ده عشان يحميك
حسن : دكتور رامي راجل محترم و بيعتبرك زي أبنه متزعلش منه ...هو كان عايز يحميك من نفسك ...و لما بدأت تتعافي من مرضك ...بحكم خبرته كان عارف إنك هتندم علي كل إلي عملته
هتحس إن ده مش مكانك ...بس وقتها الكلاب دول كانو هيصفوك ...هو أختار الوقت الصح عشان ينقذك منهم ...و من نفسك
رد عليهم برجوله و يقين في صديقه الوفي : يا جدعان أنتو بتبررو إيه بس ...من غير ما أعرف أسباب أنا عارف رامي كويس ...ممكن أزعل شويه أنه خبي عليا إنما ابداااا عمري ما أشك في لحظه أنه كان هيخون ثقتي ....هو عمل الصح و كنت متوقعها منه الصراحه
تحدث عدنان بمزاح كعادته : أيوه صوح أختار الوجت الي وجعت فيه علي بوزك و العشج شندلك ياخوي ...أكده بجي ضامن إنك مش هتعاود لولد الفرطوس دول
ضحك بدر و قال : أنت بتشم ريحتنا يا عدنان من علي بعد ....نظر لعيسي ثم اكمل : العمده يبص للواحد فينا يعرف أنه الحب بهدل أمه
قال حسن بجديه زائفه : الا أنا الحمد لله أنا راجل كوباره مليش فالكلام ده
تطلع له بدر بغيظ ثم قال : و الله ....قول كلام غير ده يا راجل ...أمال مين إلي راح للعيال قبل ما يجي علي هنا و لعن إلي جابو عمر
ضحك الرجال بينما قال عمر بغيظ : ااااايه يا بدر ...أحترمني شويه يا جدع الهيبه راحت خالص كده
نظر لعيسي و اكمل بجديه زائفه : سيبك منهم أنا ظابط كبير و ليا وضعي دول ناس مسخره
تمازحو قليلا عن عمد حتي يشعر عيسي بينهم بالألفه و هذا ما حدث ...و بعد وقت لا بأس به ...جاء وقت الجد
سحب عيسي نفسا عميقا ثم قال : مبدئيا كده بالصلاه عالنبي ...هيثم هو الراس الكبيره إلي بتحرك الكل سواء هنا أو في ايطاليا
تطلع له الجميع بزهول ثم قال عدنان بسخريه : هو أكده أعبط واحد فالحكايه تلاجيه هو وش المصايب
عمر بأستغراب شديد: طب ازاي ...ده عمره ما طلع بره مصر ....أنت عرفت ازاي
عيسي : من يومين لما قعدت عند البدو قررت إني انهي اللعبه و أخلص منهم ...بدأت أدخل علي حساباتهم و أخترقها ...مسبتش حاجه غير لما دخلتها ....بس كان في حساب صعب إختراقه ...ده الي خلاني أشك
بدر بذكاء : طبعا ده حساب هيثم ده
عيسي : بالظبط....كلمت ناس عشان أتاكدت ...و طلبت من رامي يجبلي شفرات معينه عشان أقدر أخترقه
عمر : دي إلي بدر جبهالك صح
هز رأسه بموافقة ثم أكمل : الباشا أصلا و لا ليه في العلوم و لا دخل الكليه اصلا ...جوزيف إلي طلب من عصام يشغله معاه بعد ما زور كل الشهادات و الأوراق الرسميه ....
بس إلي مكنتش أتوقعه...نظر لعمر بقوه و أكمل : أنه يكون أبن جوزيف
أحتلت الصدمه وجوههم فأكمل موضحا: كان مرافق رقاصه ...حملت منه و هربت عشان متجهضش الجنين ...فكرت أنها بكده هتجبره يتجوزها ....بس هو سابها بمزاجه تفكر أنها هربت منه
لحد يوم الولاده ...أخده منها و قتلها ....أتفق مع واحد غلبان في قريه صغيره يربيه و هو هيبعتله مصاريف
لحد ما وصل أعدادي كان علي فاشل اصلا ....عرفه حقيقته و أتفق معاه أنه بعد ما يخلص ثانوي هيشتغل معاه ...هيثم بقي كان أبن حرام مصفي من صغره ...مكملش تعليمه و أتجبر عالناس إلي ربوه بعد ما عرف هو مين ....و لما كمل سبعتاشر سنه ...قتل الراجل إلي رباه
عمر بغضب : يا نهار اسود ...طب ليه
عيسي : الراجل دخل عليه لقاه بيغتصب بنته ...قبل ما يصرخ أو يعمل أي رد فعل كان ضاربه في قلبه بالمطواه
حسن : و من هنا بدأت حياته الإجرامية
عيسي : عمل كل حاجه ممكن حد يتخيلها ...دماغه سم ...الريس الكبير لما عرف خلاه هو الريس علي أبوه...بس هيثم أختار يفضل في الضل و يحرك الكل و هو في مكانه
عمر : طب ازاي كان بيحضر الأجتماع السنوي بتاع رؤساء المافيا و هو عمره ما طلع بره مصر
عيسي : كان بيتنكر في شخصيه اي سايح و طبعا الشكل و الصوت و الأوراق دي أسهل حاجه ممكن تتعمل...و بكده يخرج و يدخل البلد من غير ما حد يحس بيه
نظر له عمر بتمعن ثم قال بذكاء : أكيد كل المعلومات دي ملقتهاش جوه حسابه الي أخترقته ....نظر له بقوه و تحدي إن ينكر ما سيقوله ثم أكمل : إلي عايز تحميه و أخدت مني وعد عشانه هو إلي عرفك كل ده ....واضح أنه حد مش سهل ابدا
أبتسم عيسي علي ذكاء ذلك الماكر ثم قال : عندك حق ....
عمر : كده فاضل نعرف ميعاد المزاد و مكانه و إيه إلي هيتم فيه
عيسي : بعد بكره الساعه سبعه ...في دار أيتام الرحمه إلي عالصحراوي
بدر : يا ولاد الكلب دار أيتام
عدنان : ملهومش دين و لا مله
حسن : كده الأقتحام هيبقي صعب
عيسي : و لا صعب و لا حاجه
عمر : ازاي فهمني
عيسي : لأن ببساطه في سرداب تحت الدار معمول للهروب في حال إن المكان انكشف ....وقت المزاد كل الأطفال و عمال المكان بيتحبسو فيه قبلها بيومين ...ميعرفوش ليه و لا عشان إيه و بعد ما كل حاجه تنتهي و المكان يرجع زي ما كان بيخرجو تاني
عمر : كده مفيش وقت قدامنا لازم نتحرك فورا...
عيسي : فعلا مفيش وقت ...وقف من مجلسه و أكمل : أنا جاهز و حاطط خطه الأقتحام...نظر لعمر بقوه ثم أكمل : علي فكره أنا قررت أبلغ عنهم أو أقضي عليهم من قبل حتي ما أعرف أتفاقك مع رامي ...و لو مكنتش وصلتلي كنت أنا الي هجيلك
نظر له عمر بجديه و قال : عارف و متاكد من كده ...بس كنت هتجيلي ازاي أنت تعرفني
ابتسم بهدوء ثم قال : أكيد أعرف الشبح إلي خلانا نفضل ست شهور مش عارفين نعمل عمليه واحده ....صراحه مكنتش هثق في حد غيرك ...و طبعا الفضل في هشام الكلب الي خلاني أحسن إن كلكم خوانه
نظر لبدر و قال : كان صاحبك لو سمحت ...لازم أتفق معاه قبل ما أمشي
قام بدر بالأتصال علي صديقه و قد قص له الأمر بأختصار ثم أعطي الهاتف لعيسي الذي طلب منه شيئً واحد فقط ....و حينما وعده بتنفيذه أغلق الهاتف و أعطاه لبدر
نظر لعدنان و قال بنبره تقطر وجعا استشفها الجميع : عايز أشوف مراتي ...قبل ما أمشي
أبتسم له عدنان و تحرك تجاه الباب المؤدي إلي داخل السرايا فتحه و هتف بأسم أحد أبناؤه: هارون ...هااااارون
حضر له الصبي بينما أنسحب الثلاث رجال للخارج كي يعطو له الفرصه لتوديع حبيبته
عدنان : جول للضيفه تاجي ...جوزها رايدها
الصبي : حاضر يابوي...كاد أن يتحرك من أمامه الا إن أمه أمسكه سريعا من زراعه و قال بغيره عمياء : خد يا ولد ...أمك حضنت الضيفه
تطلع له الصبي بمكر و قرر إن ينتقم منه لرفضه شراء هاتف جديد ...نطق بما أشعل النار في صدر أبيه
نظر له ببراءه زائفه ثم قال : وااه يابوي ...دي من وجتها و هي ماسكه فيها و عم تبكي و ياها و مطلعتهاش من حضنها واصل
أحمرت عيناه من شده غضبه و غيرته ...قال بتوعد جاد: طيب يا بتووول بتغفليني ...ااااني هربيكي مالأول....انطلق الصبي دون إن يذيد حرفً واحد تاركً أبيه يغلي كالمرجل من شده غيرته علي تلك المسكينه التي كانت ضحيه الأنتقام
بمجرد إن أغلق الباب عليهما ...وقف يتطلعان لبعضهما في هدوء ظاهري...و لكن داخل كلً منهما مشاعر وأحاسيس باستطاعتها لو خرجت ...إن تحرق العالم أو ...تجعل منه جنه تسر الناظرين
دون إن يتفوه بحرف ...فتح زراعيه في دعوه صريحه كي ترتمي بينهما
و ما كان منها إلا إن تهرول تجاهه تلبيه لتلك الدعوه التي كانت في أمس الحاجه لها
ضمها بقوه بل رفعها من فوق الأرض بعدما لفت زراعيها حول عنقه لتتشبث به و كأنها تخاف فقدانه
أما هو ...كان أحتضانه له بمثابه قوه خفيه يحتاجها بشده كي يستطع تحمل ما هو مقدم عليه
حينما شعر بدموعها الدافئه تسيل بحرارة فوق جلد عنقه
ضمها أكثر و قال بحنو : ليه البكي يا حبيبي ...أنتي خلاص بقيتي في أمان
أبتعدت قليلا كي تنظر له من بين دموعها و تقول برعب : بقيت في أمان ...طب و أنت ...مين الناس دي يا عيسي ....ليه شايفه في عينيك نظره وداع
كوبت وجهه بيد مرتعشه ثم أكملت : أوعي ...هموت أقسم بالله ...أنت وعدتني و أنا صدقتك ...أنا وثقت فيك متخذلنيش يا عيسي
أمسكها بإحكام بزراع واحده ...ثم رفع يده و مدها الي وجهها المبتل....أخذ يجفف دموعها التي تنهمر بغزاره و هو يقول كذبا كي يطمأنها: و أنا عند وعدي يا حبيبي ....هرجعلك و هنعيش سوي و نخلف ولاد كتير زي ما أتفقنا ...
نظرت له برعب و قالت بإستنكار : ترجعلي....أنت هتسيبني....رايح فين ...أنا أستحاله أسيبك ابدااا
ضغط علي وجهها دون قصد و قال بحسم رغم آلمه : متصعبهاش عليا يا نوري ...لازم أخلص منهم ....مش هقدر أضحي بيكي و لا هتحمل تعيشي في خوف بقيت عمرك
أنتي عارفه إن المواجهه دي لازم تحصل ...لو بتحبيني بجد ساعديني ...قويني عشان أخلص منهم و أرجع لك بسرعه ...عشان خاطري يا نوري ...عشان خاطري
لم تشعر بحالها و هي تطبق علي فمه بقوه و جهل ...تريد لمسه ...بل إدخاله بين ضلوعها كي تخفيه عن العالم
أستلم هو القياده و كانت قبله أشبه بحاله هستيريا انتابت الاثنان معا ...هي تصرح له بعشقها و خوفها عليه ....و هو يعتزر الف أعتزار لكذبه عليها ....و بين كل هذا و الأهم
وعده الغير منطوق لها إن تحي بأمان هي و أحبائها حتي لو كان الثمن ...حياته
فصلها بصعوبه بعدما شعر أنه إذا ظل هكذا لحظه واحده سيلقي بكل شيء عرض الحائط و يأخذها و يهرب به إلي أقصي الأرض و لن يعرف لهم أحد مكان
سألته بنبره تقطر حزنا و قلقا عليه بل عشقا يغلفه الرعب : هترجعلي
رد عليها بأخري ظاهرها الثبات و لكن داخله كان يبكي دما علي فراقها : بحبك
ماذا سيحدث يا تري سنري
انتظروووني
بقلمي / فريده الحلواني
ساشالفصل الخامس العشرون
بقلم فريدة الحلواني
المشهد حقًا مهيب ...يثير الرهبه داخل النفوس
فقد كان المكان الذي اختاره عمر كي يجهزوا فيه خطه الاقتحام أشبه بسكنه عسكريه ...بل كان كذلك بالفعل
اختار من أقواهم و أكثرهم اخلاصًا ...و وقف معهم حول طاوله عليها خريطه للمكان يشرح لهم ما يجب عليهم فعله
و بعد الانتهاء بدأ صوت أجزاء الاسلحه التي يتأكدون من جودتها يعلو فالمكان
أم عن حسن الجيزاوي الذي كان حاضرًا مع بعضًا من رجاله ...وقف معهم يملي عليهم تعليماته الصارمه
و اخيرا في احد الاركان ....عيسي و معه رامي و مصطفي يتهامس معهم فيما ينوي فعله
رامي بقلق : انت كده بتلعب بالنار يابني انا خايف عليك
عيسي بعتاب رقيق : و مخوفتش عليا ليه لما اتفقت مع المخابرات
لمعت عين رامي بدموع و هو يقول بحزن : أنا عمري ما كان عندي الجرأه اني اعملها ...بس اتشجعت و عملتها عشانك يا عيسي ....أنا اعتبرتك ابني اللي لو كان عاش كنت اتمني اشوفه زيك ...كنت عارف انك بعد ما تخف و وتعالج هتندم و ممكن تدمر نفسك عشان تخلص من الحياه اللي اقحمت نفسك فيها ...كان لازم الحقك ....و اضمن سلامتك و امانك ....أسال عمر كان شرطي الوحيد انك تكون شاهد ملك حتي لو مكنش كل ده حصل
غير أن ملفك المرضي اصلا يعفيك من اي عقوبه بس كان هيدخلك في حوار مصحات نفسيه و حاجات انت مكنتش هتقبلها
ابتسم عيسي بحب ثم ضمه بعناق حاني و هو يقول : مش محتاج تشرح أو تبرر ...انا مابثقش في حد قدك يا رامي ....أنا اتفاجأت مش اكتر...و من غير ما اسمع منك كنت عارف كل ده
فصل العناق ثم نظر لمصطفي و قال: لو مش هتقدر على اللي طلبته منك قول ....انت مش مجبر ابدا تعمل كده
رد عليه بجديه و رجوله: و من امتي مقدرتش على حاجه معاك يا صاحبي ....انا اه اكبر منك بست سنين و كنت القائد بتاعك ايام الجيش ....بس كنت صاحبي و اخويا الوحيد ...و افديك بروحي و انت عارف كده
ربت عيسي علي كتفه ثم قال بامتنان : عارف ...و عمري ما انسي الي كنت بتعمله معايا وقتها و دفاعك عني ....حتي لما طلبت منك تسيب الجيش و تمسك شركه الحراسه ...مترددتش لحظه و كنت معايا لحظه بلحظه
وزع انظاره عليهما ثم قال بامتنان و عرفان بالجميل : انتو الاتنين عندي بالدنيا ...و مليش غيركم اصلا ...انتو كل عيلتي
رد عليه رامي بمزاح : و نورك تبقي ايه يا ثعبان
رد عليه بنبره تقطر عشقا: تبقي روحي اللي ردت ليا و خلتني احس اني عايش و بتنفس
اتي عليهم عمر و بعد ان وقف قبالتهم قال بجديه : جاهزين ...نظر لعيسي و اكمل بشك : انت واثق ماللي ناوي تعمله ...مش هتندم ...
رد عليه بجديه و عزم : عمري ما كنت متأكد من حاجه زي دلوقتى ...تطلع له بقوه يشوبها الرجاء ثم اكمل : بس المهم اوعدني انك هتعمل الي قولتلك عليه و مش هترجع في كلامك مهما حصل
عمر : وعدتك ...و بوعدك قدامهم ...عمر الغنيمي عمره ما قال كلمه و رجع فيها لو على رقبته
ابتسم بهدوء ثم قال : و انا مصدقك...اديني ربع ساعه و هكون جاهز ...نظر الي مصطفي و اكمل دون توضيح : كل حاجه جاهزه
هز مصطفي راسه علامه الموافقه فاكمل: بعد اذنكم ...و فقط تركهم و اتجه ناحيه احدى الغرف التي ما ان دخلها اغلق الباب خلفه ثم تنهد بهم و اتجه ناحيه احدى المقاعد و....
في احدي المناطق المطله علي الطريق الصحراوي ...و امام احدي المنازل التي تبعد عن دار الايتام بمسافه لا بأس بها
كان يقف بعض الرجال المسلحين حول المكان يحرسونه ويلتفون حوله للتأكد من عدم وجود أى دخلاء
و فجأه ظهر امامهم مجموعه من الرجال المرتدين زيًا اسود ملثمين أطلقوا النار عليهم دون انذار فخرو قتلى فالحال
ابتسم عمر و قال: يارب باقي المهمه تخلص بالسهولة دى
رد عليه عيسي : احنا لسه مبدأناش ....يلا ...تقدم امامهم للداخل و لحقوا به ....اتجه ناحيه احدى الغرف ثم أشار لهم بالصمت ....سحب البساط الملقي فوق الأرض فظهر امامهم غطاء حديد كبير
همس لهم بجديه : هنا النفق الي بيوصل للدار ...اكيد في حراسه ...قدامنا خمس دقايق تقتحم فيه المكان قبل ما يكتشفوا تشويش الكاميرات الي عملناه
فتح أحد رجال عمر الغطاء و قام بإطلاق النار علي من وجده امامه بمسدس كاتم للصوت ...و تتابعت الرجال خلفه و معهم عمر
بينما حسن و رجاله ظلوا بالخارج لتأمين المكان كما اتفقوا من قبل
تحرك عيسي و معه مصطفي الذي ارتدي الماسك الخاص بيوسف ....لم يشتركوا في تلك المعركه الصامته...بل تركوا الامر لعمر و من معه كي يتخلصوا ممن يقابلهم
فزعت الأطفال و من معهم من عمال بعدما رأوا الطلقات المتناثرة و الدماء ملأت المكان
هداهم بعض رجال عمر و قاموا بحمايتهم الي أن انهى رفاقئهم علي جميع أعضاء التنظيم
و هنا جائت اللحظه الاصعب حينما بدأوا في الخروج من فتح النفق حتي اصبحوا داخل الدار
دارت معركه أشرس من ذي قبل نظرا لكثرة عدد الرجال بالأعلى...كل هذا يحدث خارج القاعه المغلقه على اهم رجال الدوله الخائنين و معهم عناصر من تنظيم المافيا العالميه بل و رئيسهم ايضًا
امسك عيسي احد الرجال بقوه بعد ان ابرحه ضربًا ثم وضع وجهه امام شاشه من خصائصها التعرف علي الوجه و من ثم يفتح القاعه
و في لمح البصر كان يلقيه جانبا بعنف ثم أقتحم الغرفه و معه مصطفي...الصقوا ظهريهما في بعضهم البعض
و بمجرد أن توجه لهم أسلحه من جميع الحاضرين ...كان عيسي يرفع يده الممسكه بجهاز صغير يضع إصبعه الإبهام عليه
و مصطفي فعل بالمثل ...نظر لهم بشماته حينما رأي صدمتهم التي ارتسمت علي وجوههم بعدما رأوا حزام من القنابل ملتف حول وسطه هو و اخيه
اقترب بتمهل الي ان وصل الي المنتصف و هو يقول بصوت جهوري : لو حد فكر يضرب طلقه ...هفجر المكان باللي فيه و نروح صُحبه علي جهنم
نطق جوزيف بغل و خوف : أنت اتجننت يا عيسي ... إيه اللي بتعمله ده
نظر له بغضب ثم قال : لاااااا .... أنا اساساً عقلت....عايز تخلص مني صح ...عمال تبعت كلابك ورايا في كل مكان .... أنا وفرت عليك و جيتلك لحد عندك
تحدث هشام بجنون يملأه الرعب و الزهول : أنت كنت بتضحك عليا يا يوسف و مفهمني أنك بتكره أخوك و عايز تخلص منه ....و دلوقت جاي ضهرك في ضهره
ضحك مصطفى بقوه و الذي كان يضع داخل فمه جهاز صغير كي يجعل نبرته مختلفه و تشبه عيسى ثم قال : ده اخوياااا .... توأمي ...عمري ما ابيعه عشان حد ... أنت أهبل بقى و صدقت دي مشكلتك
عصام : اهدوا يا جماعه و نتفاهم بالعقل
عيسى بسخريه : موافق ...بس لما تقولي أنت مين بالظبط
نظر له عصام بحيره من ذلك السؤال الذي يحمل ألف معنى و لم يقوى على الرد
تدخل أحد الرجال و المعروف عنه أنه من أكبر رجال الأعمال قائلاً : إحنا مالنا بكل ده ...دي مشاكل داخليه في التنظيم حلوها مع بعض و خرجونا من هنااااا
عيسى : لا يا باشااا ...يا إما هنخرج كلنا أو.....نولع برضو كلنا ....تطلع للجميع بقوه ثم أكمل بمغزى : .و أهي كلها نار و هطول الكل
هيثم : أهدى يا عيسى و نتفاهم أنت عارف البيج بوس بيحبك زي أبنه و اكتر
ملأت ضحكاته الشيطانيه المكان بعدما سمع هذا الحديث ثم قطعها فجأه و قال : أبنه ....أنا عمري ما كنت و لا هكون زيك ...يا بيج بوص
نظر له هيثم بزهول بينما تسأل الجميع عن معني هذا الحديث المبهم
فاكمل بقوه : اللي انتوا متعرفهوش ان هيثم ابن جوزيف ....لا و خدوا الصدمه اللى بجد بقى ...نظر لجوزيف بشماته و اكمل : و هو الرئيس الحقيقي للمافيا ...اللى بيحرك الكل و اولهم ابوه ...خيال المئاته اللى عامل فيها مفيش منه
نظر عصام بجنون لهيثم ثم قال بغل : الكلام ده صح .....كنت بتغفلنا
ظلوا يتراشقون بالحديث و السباب و وسط كل هذا كان عمر يسجل كل تلك الاعترافات التي أخرجها منهم عيسي دون أن يشعروا أنه يسحب الحديث منهم عنوه
و حينما أتم تسجيل كل ما يريده و يضمن به عدم إفلات احدهم من العقاب ...قرر اقتحام الغرفه هو و رجاله شاهرين أسلحتهم امامهم حتي لا يعطوا فرصه لأحد بالدفاع عن نفسه
و اخيرًا ...بعد معاناه ...انتهي الامر بالقبض علي جميع من كانو حاضرين ....تم نقلهم في عربات مصفحه الى مبني المخابرات العامه كي يضمنوا عدم هروبهم او تدخل أحد الأطراف الدوليه لحمايه من يحملوا جنسيات اخري
حتى عيسي كان أهم شخص وجب عليهم حمايته لذلك اصطحبوه معهم تحت حراسه مشدده
بعد ان تولى خبراء المفرقعات تخليصه هو و مصطفي من المتفجرات التي كانت ملتفه حول خصريهما
جلس مصطفي بهم على أحد المقاعد امام رامي الذي كان يتأكله القلق ....و بعد أن قص عليه كل ما حدث قال بنبره تقطر حزنا : أنا خايف على عيسي ...حتي لو كنا ضامنين انه مش هيتحاكم ...المافيا الدوليه مش هتسيبه ...ده تقريبا قضي علي نصهم في ضربه واحده ....
رد عليه رامى بقلق جم : انا حاولت أتواصل مع كل اللى اعرفهم ...عشان احميه منهم ...بس للاسف رفضوا التدخل...و في الي مردش عليا اصلاً
مصطفي : أزاي مفكرناش في حاجه زي كده من الاول أزاااي
رامي بغضب من شده قلقه علي عيسي : و مين قالك أنى مفكرتش في كده ...بس مكنش ينفع اكلم حد و عمر وعدني بحمايته
مصطفي : مش هيفضل يحميه العمر كله ...دي بالنسبه له قضيه زي أى قضيه مسكها قبل كده ...هيعمل اللى عليه و خلصت ...هيشوف غيرها
تنهد رامي بهم ثم قال : مفيش في أيدينا غير أننا نعمل اللى طلبه مننا و ندعي ربنا انه يحميه
بعد مرور يومان قضتهم في البكاء و الصلاه و الدعاء أن ينجيه الله و يعيده لها سالمًا
طلب عدنان من بتوله ان تطلب منها الحضور كي يحادثها في أمر هام
و حينما جلست امامه و بجوارها البتول التي كانت تشعر بالحزن و الشفقه عليها
نظر لها عدنان باخوه و قال : اطمني يا مرت اخوي ...جوزك بخير و الدنيا خلصت الحمد لله
نظرت له بلهفه و قالت بتوسل : هو فين ...عمل ايه ...بكت بقوه و هي تكمل : ارجوك قولي متخبيش عليا انا بقالي يومين بسألك و حضرتك مش بتريحني ...من يوم ما سابني هنا و أنا هتجنن نفسي أسمع صوته ...يطمني أنه بخير ...هو وعدني هيرجعلي ...بس مجاش
ربتت بتول علي كتفها بحنو غير قادره علي احتضانها بعد معاقبه هذا الغيور لها ثم قالت : اهدى ياخيتي ...العدنان جالك انه بخير و هو مهيكدبش واصل
عدنان : بعد ما مشي من اهنيه اخد يومين يجهزوا للجبض علي ولاد المحاريج دول ...و بعديها مكتش عارف اوصل لحدي منيهم ...لحدت ما عمر اتصل علي دلوك و طمني
نور : طب هو فين ...
عدنان : مخابرش مكانه ...بس هو في أمان ميهينفعش يتحددت و لا يخرج من المكان اللى حاطينه فيه لجل ما يكون في أمان
نور : طب أنا هفضل هنا لحد امتي و هقدر أوصله أزاي
عدنان : المفروض تجعدي اسبوع كماني و بعدها رامي هياجي ياخدك مع الحراسه...بس لو حابه تجعدي حدانا لحدت ما راجلك يرجع بالسلامه ...علي راسنا من فوج
ردت عليه بلهفه: لا هرجع القاهره ...يمكن اقدر اوصله و أطمن قلبي عليه
و في نفس الوقت كانت تجلس الاء و هبه مع رامي و مصطفي و معهم بدر الذي يصر علي بقائهم عنده أما الاولى أصرت علي العوده الى منزلها
رامي : طب عشان تعملي حسابك هتفضلى اسبوع هناك و الحراسه معاكي لحد اما اخلص ترميم القصر و هتتنقلوا فيه
الاء : اعتقد ملهاش لازمه كده كل حاجه انتهت ...نرجع بيتنا بقي و تجبولى بنتي و لا ايه
مصطفي بتسويف : حضرتك ده طلب عيسي و الانسه نور لما ترجع هتفهمك كل حاجه ...انما احنا مفيش في ايدينا غير نعمل الي اطلب مننا و بس
بدر : طب خليهم هنا لحد ما تخلصوا القصر هنا اضمن
هبه : معلش كفايه كده و شكرا جدا على استضافتكم لينا الفتره دي
بدر برجوله : بيت اخوكم مفتوح في اي وقت كنت منورنا و الله ...فالعموم الي يريحكم بس اتمني تعتبرونا أهلكم
نفذ رامي و مصطفي كل ما طلبه منهم عيسي بالحرف الواحد...قامو بترميم القصر و أعادته افضل مما كان في وقت قياسي ...و اليوم اصبح جاهزًا لاستقبال نوره التى أصبحت تملكه دون أن تدرى
و التي كانت تحمل هم أخبار خالتها و امها الثانيه عن خبر زواجها من عيسي .. كان هذا ما يشغلها طوال الوقت الذي قضته في الانتقال من قنا الى القاهره ...غير انشغالها الأكبر علي حبيبها و الذي لم يخبرها عنه أحدًا شيء حتى الان
و حبيبها لأول مره يشعر براحه الضمير الذي كان يعتقد أنه استطاع قتله بداخله و هو يجلس امام المحققين طيله الأيام الماضيه يقص عليهم كل شيء عن هؤلاء المجرمين
حتي أماكن تخزين السلاح و المخدرات ...و لم ينسى الأماكن التي اتخذوها مخبأً للفتيات التى يتم اختطافهم ثم بيعهم لأحد المرضي الذين يهوون الفتيات الصغيره
لم يترك شيء ...و بداخله لم يكن يهتم انه تبرأ من تلك القضيه ...بل كان ينظف ذاته و يريح ضميره ...و الاهم ...يفي بوعده لنور حياته ....يخلص نفسه من اثام الماضى كي يولد من جديد ...يريد أن يشعر من داخله انه يستحقها
حتي اذا نال عقوبه سيتقبلها بصدر رحب ...لن يخرج من هنا ألا بعد ان يطهر حاله من جميع الاثام التي ارتكبها ....كي يختفي الدم الوهمي الذي يراه دائما علي كفيه ...وقتها سيلمسها دون ان يلوثها معه ...هي نوره ...نقاء قلبه ...النقطه البيضاء التي اضائت عتمه حياته ...لن يطفأها ابدااا حتي لو كان الثمن ....حياته..