رواية وقعت في دائرة الشر الفصل السادس عشر 16 بقلم هبة نبيل


رواية وقعت في دائرة الشر الفصل السادس عشر 16 بقلم هبة نبيل


 خفايا تُبعث من الرماد
في صباح اليوم التالي، كان البيت غارقًا في صمت ثقيل كأن الجدران نفسها تختنق بالانتظار.
فرح جلست على طرف السرير، ترتدي ملابس بسيطة يغلب عليها الطابع الرسمي كأنها تستعد لمواجهة مصير محتوم.
أطراف أناملها كانت تعبث بحافة ورقة الاستدعاء بين يديها، عيناها تائهتان في اللاشيء، وكأنها تحاول تأجيل لحظة المواجهة قدر المستطاع.

دخل حسام الغرفة بهدوء، يحمل في ملامحه مزيجًا بين القلق والقوة، يخفي توتره بابتسامة مشجعة.

حسام (بهدوء مشجع):
"جاهزة يا فرح؟"

فرح (بصوت مخنوق، تنظر للأرض): جاهزة على قد ما أقدر 

في السيارة...

جلس يوسف في المقعد الأمامي بجوار حسام الذي يقود في صمت متوتر، بينما جلست فرح في الخلف بجوار يارا التي كانت تمسك بيدها بإحكام طوال الطريق، كأنها تخشى أن تفلت منها.
كل شيء خارج النافذة كان يمر مشوهًا، كأن الحياة فقدت ملامحها… وجوه الناس، اللافتات، الأشجار… حتى ضوء الشمس بدا باهتًا.

في قسم الشرطة...

استقبلهم الرائد راضي بكر بنظرة جادة للغاية، تتنافى مع محاولات الترحيب المعتادة.
وقف ينتظرهم عند باب مكتبه ثم أشار إلى فرح فقط بالدخول، مع بقاء الباقين بالخارج.

راضي (بنبرة آمرة):
"أنتي معايا لوحدك… الباقي ينتظر بره

تبادلت فرح نظرة قصيرة مع حسام الذي أومأ لها بصمت مطمئن رغم توتره الذي حاول اخفائه، ثم تبعته بخطوات ثقيلة، وكأنها تسير نحو مصير مجهول

في مكتب الرائد...

جلس راضي خلف مكتبه فتح ملفًا ضخمًا أمامه بينما جلست فرح على الكرسي المقابل له، ظهرها مشدود وكأنها تستعد لضربة وشيكة.

راضي (وهو ينظر في عينيها مباشرة):
"فرح كريم البحيري… عندنا شوية أسئلة مهمة ليكي… وكمان في اتهام خطير 

فرح بلعت ريقها بصعوبة، تحاول الحفاظ على تماسكها.

فرح (بصوت منخفض):
"أنا… مستعدة."

فتح راضي الملف وسحب منه صورتين: واحدة ل نادر والثانيه لشخص اخر 

راضي (بهدوء محمّل بالمعاني):
"تعرفي مين اللي في الصورتين دول؟

نظرت فرح للصورتين بتركيز شديد ثم قالت... 

فرح: اعرف ده بس... قالتها وهي تشير بأصابعها إلي صورة نادر

راضي: والتاني

فرح: معتقدش اني شوفته قبل كده او يمكن شوفته بس انا حاليا في ظروف خاصه تمنعني من تذكر اي شئ

راضي بتفهم: ايوه عارف استاذ حسام اداني فكرة عن اللي حصلك بس دلوقتي انتي في موقف صعب جدا وانا للأسف مفيش في ايدي حاجه اعملها فرح انتي متهمه بجريمة قتل الراجل اللي في الصورة التانيه ده وفي دليل مادي قوي لاقناه جمب المجني عليه 

فرح بصدمه: بتقول ايه حضرتك انا متهمه في جريمه قتل ازاي اكيد في حاجه غلط
 

أغلق راضي الملف مؤقتًا، وأسند ذراعيه على المكتب.

راضي:
تعرفي ايه عن نادر فتحي؟ 

فرح برتباك في محاوله تذكر اي شئ: كل اللي فكراه ان في حاجه قويه بتربطني بيه 

صمت لثوانٍ ثقيلة قبل أن يتابع، بنظرة أكثر حدة:

راضي (ينقر بأصبعه على المكتب):
مش دي المصيبة الوحيدة انتي لازم تفتكري اي حاجه يافرح 

فرح شحب وجهها أكثر.

راضي:
"تم العثور على جثة موظف شغال في مكتب هندسي مجهول… ومعاه دليل مادي مهم جدًا…"

أخرج كيسًا بلاستيكيًا شفافًا من درج مكتبه، ووضعه أمام فرح.
داخل الكيس كانت ساعة يد صغيرة، محفور على ظهرها الحرفين الأوليين من اسمها

راضي (ببرود):
"الساعة دي بتاعتك؟

فرح: ايوه بتاعتي بس دي يا افندم كانت في ايدي لحد اول مبارح وبقالي يومين بدور عليها

 راضي بنظره عميقه: الساعه دي كانت جنب جثة المجني عليه واسمك طالع في سجلات اتصالاته قبل وفاته بساعات."

فرح شهقت لا إراديًا وهي تمسك طرف المقعد بأصابع متيبسة.

فرح (بصوت منكسر):
"مستحيل… مستحيل أكون عملت كده! أنا حتى معرفش اسمه!"

راضي (بتحقيق هادئ ومخيف): اسمه مختار عبد النعيم موظف في مكتب هندسي تابع لشركة منافسه للشركة اللي كنتي بتشتغلي فيها
ده غير ان القانون محتاج إجابات مش مشاعر يا فرح. وإنتي لازم تتعاوني معانا قبل ما الموقف يتعقد أكتر."

أغمضت فرح عينيها بقوة… وفي لحظة، ضربها فلاش باك قوي 

فرح: صدقني يا افندم انا معرفش اي حاجه عن اللي حضرتك قولته ده 

راضي بيأس: للأسف يا فرح بس انا دلوقتي معنديش حاجه تتقال غير انك هتفضلي معانا شويه الموضوع مش سهل ده قتل 

شهقت فرح بصوت مسموع، وأمسكت بطرف المكتب تتماسك.

راضي (يناولها كوب ماء):
"هدي أعصابك… إحنا هنا علشان نعرف الحقيقة مش نرعبك 

في الخارج...

كانت يارا ويوسف يجلسان على مقعد خشبي قديم، يحاولان امتصاص توترهما، بينما ظل حسام واقفًا لا يكف عن السير ذهابًا وإيابًا بعصبية.

يارا (بهمس ليوسف):
"حاسه إننا داخلين على أيام سودا…الموضوع ده مش مريحني

يوسف (بجدية):
"لازم نكون معاها… مهما حصل."

في مكان آخر… مخزن مهجور

ندى، مكبلة اليدين بوحشية، تجلس على مقعدها تحاول جاهدة أن تحرر نفسها رغم ألم معصميها.
خلف الجدار، كان يمكن سماع شجار محتدم بين رجلين.

الرجل الأول (بهمس غاضب):
"لو اكتشفوا مكانها، إحنا اللي هنتعدم!"

الشريك (بصوت خافت):
"في خطة بديلة… اصبر بس!"

ندى، رغم الألم، ابتسمت بسخرية خافتة وهمست:

ندى (بصلابة):
"فرح جاية… ومش هتسيبني."

ثم تفاجئت ندي بمن يفك تقيدتها ويحررها... 

الرجل: يلا معايا بسرعه 

ندي: انت مين؟ 

الرجل: يلا بسرعه مفيش وقت لأسئله اخلصي

---

في مكتب الرائد راضي

تنهد راضي وهو يغلق الملف بعنف خفيف، ثم أشار بيده للعسكري الواقف عند الباب.

راضي (بصوت خشن):
اكتب يابني؟ تحجز فرح كريم البحيري اربع ايام على ذمة التحقيق حتي يراعي التجديد في الميعاد من ساعتة وتاريخه ياسعد هات الكلبشات 

تجمدت فرح في مكانها، لم تصدق أن الأمور انقلبت بهذه السرعة.
فتح العسكري الكلبشات بفرقعة معدنية مرعبة، واتجه نحوها.

فرح (بصوت مخنوق، تحاول التماسك):
"ممكن أعرف ليه الكلبشات؟! أنا جيت برجليا!"

راضي (ببرود مميت):
"لإن دلوقتي رسميًا بقيتي متهمة بقتل موظف المكتب الهندسي، بجانب اختفاء نادر فتحي بشكل مشبوه… لحد ان نثبت العكس."

اقترب العسكري منها، وبلطف زائف قيد معصميها أمامها.
شعرت فرح ببرودة المعدن وهي تلتف حول معصمها، وكأنها تتجرد من كل قواها.
راضي أشار للعسكري:

راضي (بنبرة صارمة):
"خدها على الحجز 

---

خارج المكتب...

فتح العسكري الباب، وسحب فرح للخارج 
كانت عيناها تبحثان تلقائيًا عن وجه مألوف وسط العالم الغريب القاسي.

وفجأة، توقفت العيون المصدومة على حسام، يارا، ويوسف.
جميعهم تجمدوا في أماكنهم، عيونهم تتسع بدهشة ممزوجة برعب صامت.

يارا (بهمس مبحوح، تغطي فمها بكفها):
"لا… مستحيل…!" اي اللي بيحصل؟ 

يوسف (بصوت مكتوم، يضغط قبضتيه):
"ده هزار تقيل… مش معقول!"

أما حسام...
تقدم خطوة تلقائية نحوها، وجهه متشنج بالغضب والانكسار معًا.

حسام (بصوت مجروح):
"استنى… دي بريئة! أنتم بتعملوا إيه؟!"

لكن العسكري تجاهله تمامًا، وواصل سحب فرح بثبات.

فرح التفتت برأسها للخلف، عيناها تلمعان بالدموع المكبوتة،
نظرت إلى حسام نظرة طويلة...
نظرة مملوءة بالاعتذار والصمود… وكأنها تقول له بلا صوت:
"اصبر… متسيبنيش..."

توقفت برهة وهي تمر بجانبهم، ثم همست بصوت متحشرج بالكاد سُمع:

فرح (بهمس مخنوق):

"أنا ماعملتش حاجة… صدقني."

حسام: انا عارف اكيد في حاجه غلط

ثم سحبها العسكري بقوة، واختفى صوت خطواتها في ممرات القسم الصامتة.... 

وقف يوسف مكانه، يده ترتجف، عيناه متشبثتان بآخر مكان وقفت فيه،
وكأن العالم كله انهار حوله.

أما يارا… كانت تمسح دموعها بعنف، تحاول أن تتمالك نفسها.

وحسام أخرج هاتفه بعصبية، يتصل بأحد معارفه في محاولة يائسة لإيقاف هذه الكارثة

---

انتهى المشهد، لكن داخله كان واضحًا...
ما حدث اليوم مجرد بداية...
ومعركة تبرئة فرح ستكون قاسية... وأشد مما توقعوا جميعًا.

جهه اخري في مكان ما... 

كانت ندي تستقل عربه الرجل الذي حررها ووقف بها بمكان بعيد وحيوي لكنه أمن.. 
 
ندي: انت مين؟ واي مصلحتك انك تهربني

الرجل بلهجة ساخرة يصتحبها غضب: مكنتش اعرف انك وكيل نيابه متسكتي شويه من ساعه ما ركبنا العربيه وانتي ويك ويك ويك واسئله اي مابتفصليش صدعت

ندي بندهاش: اي ده انت بتزعق ليه؟ 

الرجل بحنق وهو ينظر لها مباشرة بعيون حادة: اخلصي بيتك فين؟ 

ندي بغضب: وانت تروحني ليه ان شاء الله طفلة انا قدامك انا اعرف اروح لوحدي

الرجل: انتي عندك حق اتفضلي... قالها وهو يوقف محرك السيارة بشكل مفاجئ ارعبها

ندي بتردد: انا هنزل..! 

الرجل بلا مبالاه: ماتنزلي

ندي بغيظ: اي ده انت بتمسك في الكلمة كده ليه ياجدع انت اش حال ان انت اللي انقذتني من العصابه والاشرار يعني المفروض انك سوبر هيرو وشهم هتسبني امشي كده عادي

الرجل وهو يرفع حاجبيه ويجاهد بأنه لا يبتسم: جبتي وراه يعني 

ندي بتردد: ممكن سؤال صغنن اخير مش هسأل تاني والله..! 

الرجل بنفاذ صبر: ها انجزي

ندي بنبره سريعه: ممكن اعرف اسمك؟ 

الرجل: اسمي هشام وانتي ندي 

ندي: ايوه حلو عرفتني ازاي بقي عرفت مكاني ازاي؟ 

هشام وهي مازال رافع حاجبيه: تاني؟ اسئلة تاني... 

ندي: اخر مرة والله 

هشام ببتسامه لأول مرة: اوصلك الأول

ندي بشقاوه : طيب ما الشباك اتفتح اهو الحمدلله عرفت اضحكك متنكرش 

هشام: ممكن تسكتي بقي لحد ما اوصلك عشان مرجعش في كلامي

ندي تزفر بضيق: حاضر

شغل هشام محرك السياره وانطلق بها وهو يبتسم ويحرك رأسه يمينا ويسارا في وجهتهم لمنزل ندي
---

في منزل حسام... 

عندما عاده بخيبه والصدمه تعلو وجوه الثلاث قابلتهم صفيه التي كانت تتجه عائدة من المطبخ وعيونها تجول بينهم بقلق وهي تنتظر ظهور فرح ثم تقول... 

صفيه: اومال فين فرح؟ مجتش معاكم ليه؟ 

تبادلو الثلاث نظراتهم بصمت واكتفو بالنظر للأسفل

صفيه بتوجس: اي اللي حصل؟ مبتردوش ليه؟ 

يوسف بحزن: فرح اتقبض عليها

صفيه بصدمه: ايه؟ ازاي؟ وليه؟ واي اللي حصل؟ 

حسام بصوت ضعيف و متحشرج وقد تمالك نفسه قليلا: بيقوله انها متهمه في جريمة قتل..! 

 كان يقف الأب يسمع إلي حدثهم ثم قال... 

عبد الرحمن: الموضوع ده في حاجه مش مريحاني وراه حاجه 
البنت دي قعدت وسطنا واللي وصلي انها استحاله شخصيه زيها ممكن تقتل 

يارا ببكاء: ايوه يا بابا مظبوط استحاله فرح تعمل كده 

في ذلك الوقت جاء لحسام اشعار على هاتفه بوصول رساله وعندما فتحها لا يوجد سوي جملة واحدة 1-0 ليا يا بطل 
رسالة جعلت حسام في غضبه شده وهو يحكم قبضته وانفاسه تتسارع بشده عيناه من يراها في هذه اللحظه قادرة بحرق من يقف امامه

في هذه الاثناء رن جرس الباب ذهبت يارا لفتح الباب لتجد امامها من تقول...
وحشتونيييييي...!



تعليقات