قصة الشخصية المحذوفة الجزء الثاني البارت التاسع 9 بقلم احمد عصام أبوقايد

قصة الشخصية المحذوفة الجزء الثاني البارت التاسع 9 بقلم احمد عصام أبوقايد
_________________
أحمد لم يستطع التنفس للحظات، وهو يحدق في النسخة المظلمة منه !
كان الأمر أشبه بالنظر في مرآة مشوهة، حيث عكست الظلمة داخل تلك النسخة منه بوضوح مخيف !
لكن .. كيف يكون هذا ممكنًا؟ كيف يمكن أن يكون أمامه نسخة منه، ولكن أكثر شراسة وقوة؟!
حينها حاول إلياس النهوض، لكنه شعر بضغط هائل يبقيه في مكانه!
كذلك سارة التي كانت تحاول التحرك لكن جسدها كان وكأنه مُقيد بقوة غير مرئية.
أما الكائن الجالس على العرش، فقد اكتفى بمراقبة المشهد، كما لو كان مجرد متفرج على حدث طال انتظاره.
تراجع أحمد خطوة، بينما ظلّه المظلم يتقدم نحوه، عاقدًا ذراعيه، ثم قال بصوت هادئ :
"أخيرًا… التقينا."
ابتلع أحمد ريقه بصعوبة، ثم قال:
"إنت… أنا؟ إزاي؟"
ضحك الظل بصوت منخفض، وقال:
"أنا مش مجرد نسخة منك، أنا حقيقتك اللي كنت دايمًا بتحاول تتنكرها !"
شعر أحمد بقشعريرة تسري في جسده، لكنه تشبث بثباته وهو يقول :
"مافهمتش، وضّح كلامك."
اقترب الظل أكثر، حتى صار بينه وبين أحمد مسافة خطوة واحدة، ثم همس بصوت غريب قائلا :
"أنا الجزء الذي تخليت عنه عندما دخلت لهذا العالم…
ذلك الجزء اللي انتزعته اللعنة منك، حتي تعيش… لكن الأن...
لقد أتيت لأستعيد مكاني."
حينها كان عقل أحمد يعمل بأقصى طاقته لفهم ما يحدث، لكن الأمر بدا أكبر منه.
هل يعقل أن اللعنة لم تكتفِ بجلبه إلى هذا العالم، بل فصلت جزءًا منه وجعلته كيانًا مستقلاً؟!
حاولت سارة أن تتكلم، لكن الضغط الذي كان يحيط بهم جعل صوتها لا يخرج.
أما إلياس، فكان يحدق في الظل بعينين متسعتين، وكأنه بدأ يدرك شيئًا.
وأخيرًا، قال بصوت خافت حاول أن يظهره بثقة :
"أحمد… ده مش مجرد ظل… ده أنت… !
في اللحظة اللي فقدت فيها ذاتك بسبب اللعنة، كان لازم يحصل توازن…
فالعالم خلق نسخة منك، لكن مش زي ما كنت… لكن زي ما كان ممكن تبقى… لو استسلمت للظلام !"
ابتسمت النسخة الآخري من أحمد ، ثم قال ببطء:
"بالضبط…
والآن، لم يعد هناك خيار… سنصبح واحدًا مرة أخرى."
ثم رفع يده…
شعر أحمد بانجذاب قسري، كما لو أن قوة غير مرئية تحاول سحبه نحو ظلّه المظلم.
كان إحساسًا أشبه بالغرق في بحر من الظلام، حيث لم يعد جسده تحت سيطرته !
حاول المقاومة، لكن قوة الظل كانت طاغية، كأنها تحاول التهام روحه !
صرخ إلياس :
"بلاش تخليه يسيطر عليك يا أحمد! ... قاوم!"
لكن الظل ابتسم بخبث وهو يرفع يده أكثر، مما جعل أحمد يشعر بانهيار داخلي، وكأن شيئًا بداخله يُمزق ليستوعب هذا الكيان الجديد !
"لا داعي للمقاومة يا أحمد…"
قالها الظل بصوت هادئ قاتل.
ثم أستطرد قائلا :
"أنا وأنت واحد…
كل شئ تخشاه …
كل غضبك…
كل يأسك…
كل هذا بداخلي أيضا، ينتظى اللحظة التي نندمج فيها لنصبح كيان كامل."
بدأ أحمد يفقد الإحساس بالأرض تحته، شعر بأن أطرافه تتلاشى تدريجيًا… الصور تمر أمامه بسرعة ! حياته السابقة ...
الأيام التي قضاها في ذلك العالم الملعون...
اللعنة...
يحيى...
سارة...
إلياس...
كل شيء بدا وكأنه يبتعد عنه، وكأن وجوده نفسه في خطر!
لكن فجأة…
"لا!"
كان صوتًا داخليًا، لكنه لم يكن مجرد صرخة، بل انفجار إرادة. شيء داخل أحمد اشتعل بقوة غير مسبوقة!
وكأنه يرفض أن يبتلعه الظلام.
"إنت مش أنا… إنت مجرد وهم ... شيء اللعنة خلقته علشان يسيطر عليا!"
وأخيرا ...
بدأت الأمور تتغير.
الظلام الذي كان يغلف جسده بدأ يتشقق، خطوط من الضوء الأزرق انبثقت من داخله، وكأن شيئًا يحاول تحريره من قبضة الظل.
العرش الذي كان يجلس عليه الكائن الغامض بدأ يهتز، وسارة شعرت بأن الضغط حولها بدأ يخف تدريجيًا.
أما إلياس، الذي كان يراقب الموقف، نظر سريعًا إلى التماثيل الحجرية المنتشرة في القاعة، ثم قال بصوت مرتفع: "أحمد!... استخدم قوتك!
إنت مش المفروض تكون مجرد ضحية للعنة، إنت البوابة... وإنت اللي تقدر تسيطر علي كل اللي بيحصل!"
الكلمات اخترقت عقل أحمد كالسيف، فشعر بقوة مختلفة تنبثق من داخله.
رفع يده، وفي لحظة خاطفة، تدفق نور أزرق من جسده، ارتطم بالظل المظلم، فصرخ الأخير بصوت أشبه بالزئير الوحشي.
"لاااااااااااا!"
كان فيما يبدو الصراع الأخير… لكن من سينتصر؟
فأحمد لم يكن ينوي التراجع.
الأن ... ولأول مرة كان هو المسيطر.
ثم حدث الانفجار !
انفجر النور الأزرق بقوة ساحقة، جارفًا كل ما حوله. واهتزت الأرض تحت أقدامهم، وانبعثت صرخة الظل ممتزجة بألم لا يوصف، وكأن وجوده نفسه يُمحى من الوجود !
شعر أحمد وكأن شيئًا يُقتلع من داخله، لكن هذه المرة، لم يكن ضعفًا… بل كان تحررًا.
الظلام الذي كان يحاول التهام روحه بدأ يتلاشى، والعرش الذي كان يسيطر على القاعة تصدّع وسقطت أجزاء منه على الأرض ، وأختفي من عليه ذلك الكيان.
وفجأة…
هدأ كل شيء.
وقف أحمد في منتصف الدمار، يلهث وهو يشعر بطاقة غريبة بداخله.
شيء ما قد تغيّر…
لكنه لم يستطع تحديده بعد.
سقطت سارة على ركبتيها، تلتقط أنفاسها، وهي تنظر إلى أحمد بذهول .
بينما إلياس الذي كان يراقب المشهد، اقترب ببطء وقال: "كنت واثق أنك هتقدر تسيطر عليه."
و قبل أن يستوعبوا ما حدث، دوى صوت من خلفهم.
"ما خلصناش لسه."
التفت الجميع بسرعة…
وكان ليث هذه المرة واقفًا هناك، لكن وجهه كان مختلفًا.
كانت عيناه تلمعان بلون أسود غريب، والهالة حوله كانت مشبعة بطاقة غير طبيعية.
"الاندماج حصل… بس مش بالطريقة اللي تتوقعوها."
قالها ليث ثم ابتسم ابتسامة خافتة، وعاد ليقول بصوت بارد :
"دلوقتي، كل حاجة هتبدأ فعلاً."
ساد الصمت للحظات، فلم يكن أحد مستعدًا لما رأوه أمامهم للتو !
ليث؟! .. الذي كان رفيقهم طوال الرحلة، لم يعد هو نفسه. كانت عيناه اللامعتان بالسواد تعكسان شيئًا آخر، شيئًا لم يكن بشريًا بالكامل.
خطا أحمد للأمام، وبصوت حذر قال :
"ليث… إيه اللي حصل لك؟"
ابتسم ليث ابتسامة خفيفة، لم يكن فيها أي أثر للدفء الذي عرفوه عنه من قبل :
"أنا؟ ...أنا مش ليث اللي تعرفه… ليث مجرد وعاء دلوقتي."
أدرك حينها إلياس الحقيقة قبل الآخرين، فشد أحمد من ذراعه وهمس له بسرعة قائلا :
"ده مش هو… الكيان اللي كنا بنحاربه، جزء منه مسيطر عليه ."
وسارة التي كانت تحاول استيعاب الموقف، قالت بصوت مهتز:
"لا… لا يمكن!
إحنا قضينا عليه!
النور الأزرق قضى عليه!"
لكن ليث ... أو بشكل أدق الكيان الذي كان يتحكم فيه، ضحك بصوت منخفض، وكأنه يسخر منهم جميعًا وقال:
"فاكرين إن النور لوحده كفاية؟ .. العالم مش أبيض وأسود يا أغبياء…
دايماً فيه لون رمادي في النص، دايما بتحاولوا تعملوا مش شايفينه !!
عموما أنا دلوقتي بقى عندي القوة اللي تخلي الرمادي هو اللي يسيطر."
ثم وبدون سابق إنذار، اختفت ملامح ابتسامته، ورفع يده ببطء.
فبدأ الهواء من حوله يتحرك بعنف، وكأن العدم نفسه يستجيب لإرادته !
فصرخ إلياس :
"ابعدوا!"
للكن وقبل أن يتمكن أي منهم من التحرك، انطلقت موجة من طاقة سوداء خرجت من جسد ليث، جرفتهم جميعًا بعنف.
شعر أحمد بجسده يُلقى في الهواء، فقوة الطاقة التي تلقاها كانت ساحقة، كأنها تحاول تمزيق روحه قبل جسده.
وفي نفس الوقت سمع صرخة سارة، وصوت ارتطام إلياس بشيء صلب...
ثم…
سقط كل شيء في الظلام...
لقراءة جميع حلقات القصه من هنا
تعليقات
إرسال تعليق