قصة الشخصية المحذوفة الجزء الثاني البارت العاشر 10 بقلم احمد عصام أبوقايد

قصة الشخصية المحذوفة الجزء الثاني البارت العاشر 10 بقلم احمد عصام أبوقايد



الصحوة في العدم

__________________


كان أحمد يطفو في فراغ مطلق، لا أرض تحته ولا سماء فوقه.

 فقط ظلام لا متناهٍ، وصمت خانق يبتلع كل شيء.

فتح عينيه ببطء، لكن لم يكن هناك أي فرق، كأن عينيه فقدتا القدرة على رؤية الضوء. حاول أن يتحرك، لكن جسده لم يكن يستجيب له بالكامل، وكأن هناك قوة خفية تسحبه للأسفل رغم أنه لا يوجد "أسفل" هنا.

وفجأة…

جاءه صوت...

 صوت مألوف لكنه مشوه ! وكأنه يُسمع عبر آلاف الأميال: "أحمد… لازم تصحى!"

كان هذا الصوت صوت سارة.

حاول الرد، لكن صوته لم يخرج. 

حاول الحركة مجددًا، لكنه شعر وكأن جسده نفسه ليس ملكه بعد الآن !

ثم، ومثل ومضة برق في الظلام، ظهر أمامه مشهد…

مشهد كان يرى نفسه فيه ، لكنه لم يكن هو بالكامل ! 

رأى نسخة منه، لكنها كانت مشوهة، عينيها فارغتان وكأن روحه قد سُلبت. 

وقفت النسخة المقابلة له بلا حراك، ثم رفعت يدها ببطء، مشيرة إليه وهي تقول :

"القرار الأخير… هو ما  سيحدد النهاية."

لم يفهم أحمد ، لكنه شعر بأن هناك شيئًا خطيرًا قادم. 

شيء لن يتمكن من إيقافه وحده.

وفجأة... 

اندفع ضوء ساطع من العدم، اجتاح كل شيء من حوله.

أغمض عينيه من شدة السطوع…

وعندما فتحهما مرة أخرى، كان مستلقيًا على الأرض الباردة، وسط الأنقاض.

وبجانبه، كان إلياس، يتنفس بصعوبة. 

وسارة تحدق فيه بقلق.

لكنه لم يجد أثرًا لليث.

رفع أحمد رأسه ببطء، وعيناه لا تزالان مشوشتين من تأثير ما رآه في الفراغ. 

كان جسده متيبسًا، كأنه خرج للتو من كابوس استمر لأعوام!

 سارة كانت أول من اقتربت منه، ووضعت يدها على كتفه وسألته بقلق:

"إنت كويس؟ "

لم يرد أحمد فورًا. 

فقد كان لا يزال يستوعب ما رآه. 

ثم... بعد لحظات تمتم قائلا :

"ليث… راح فين؟"

نظر إلياس إلى سارة قبل أن يرد بصوت منخفض قائلا :

"اختفي لما الضوء اجتاح المكان، كان ليث واقف جنبك… لكن بعد ما انتهى كل شئ ملقناهوش."

شعر أحمد بقبضة باردة على قلبه. 

فلم يكن متأكدًا مما حدث، لكن داخله كان يخبره أن ليث لم يختفِ فقط… 

بل انتُزع من هذا العالم !

وقف أحمد ببطء، مستندًا إلى صخرة قريبة، ثم نظر حوله.

 كانوا في وسط المدينة المدمرة، لكن شيئًا ما كان مختلفًا. 

الجو نفسه كان مشحونًا بطاقة غير مرئية، وكأن شيئًا جديدًا قد انبعث من بين الأنقاض.

وقبل أن يتمكنوا من استيعاب ما يحدث، دوّى صوت قوي في الأرجاء، كأنه يأتي من داخل رؤوسهم مباشرة يقول :

"البوابة فُتحت… والقرار الأخير قد حان."

أحمد تبادل نظرة مع إلياس وسارة ، فقد كان هذا الصوت مألوفًا.

وفجأة، شُقّت السماء فوقهم، وبدأت شظايا من الضوء الأسود تتساقط..! 

وكأنها نهاية هذا العالم الملعون لا محالة !

زاد تساقط الشظايا السوداء  من السماء وكأنها بقايا عالم ينهار، وفي وسط العاصفة الغامضة، دوى الصوت مجددًا، لكنه كان أكثر وضوحًا وقوة هذه المرة :

"البوابة فُتحت… والقرار الأخير قد حان."

شعر أحمد بضغط رهيب على رأسه، وكأن هناك قوة تحاول دفعه نحو شيء لا يفهمه بالكامل. 

فالتفت إلى إلياس، فوجد وجهه شاحبًا، وكأنه قد أدرك للتو حقيقة مخيفة !

"إلياس… إيه اللي بيحصل؟!" صرخ بها أحمد وسط الضجيج المحيط بهم.

لم يرد إلياس فورًا، بل أخذ نفسًا عميقًا، ثم قال بصوت بالكاد يُسمع : 

"دي لحظة الحسم يا أحمد ... اللحظة اللي اللعنة بتنتظرها من زمان."

وقبل أن يتمكن أحمد من استيعاب كلماته، اهتزت الأرض من تحتهم بعنف، وانقسمت إلى شقوق ضخمة كأنها على وشك التهام المدينة بأكملها. 

ومن داخل تلك الشقوق، تصاعدت ألسنة من الظلام المتحرك، وكأنها كائنات حية تحاول الخروج من قيدها !!

وفجأة ووسط هذا الجنون، ظهر شكل مألوف عند أطراف الأنقاض…

"ليث!"

كان واقفًا هناك، لكن شيئًا فيه لم يكن طبيعيًا. 

عيناه كانتا تتوهجان بلون أحمر غريب، وجسده كان ينبعث منه طيف من الظلام الخالص !

نظر إليهم نظرة خالية من أي مشاعر، ثم تكلم بصوت مزدوج، كأن هناك شيئًا آخر يتحدث من خلاله وقال :

"لقد تأخرتم… اللعنة اختارت مضيفًا جديدًا."

كان أحمد يقف في مكانه، يشعر بجسده يرتجف رغم أنه لم يتحرك. 

وكانت الرياح السوداء تدور حول ليث، تُظهر هالته المظلمة التي لم تكن فيه من قبل. وصوت الظلام المنبعث منه كان وكأنه يتحدث من عوالم أخرى، أبعد من الفهم البشري.

"ليث، فوق لنفسك!"

 صرخ بها أحمد، محاولًا اختراق الجدار الغامض الذي أصبح يفصل بينهم.

لكن ليث لم يتحرك، بل أمال رأسه قليلًا وكأنه يستمع إلى صوت آخر لا يستطيعون سماعه. 

ثم ... ودون سابق إنذار، رفع يده، وتحولت الطاقة المحيطة به إلى دوامة سوداء اندفعت نحو أحمد وإلياس بسرعة مذهلة !

فتحرك إلياس بسرعة، دافعًا أحمد بعيدًا في اللحظة الأخيرة. و...

انفجرت الدوامة عند ارتطامها بالأرض، محدثة حفرة ضخمة وكأنها لطخة من العدم تمحو كل ما تلمسه !

"دي مش قوته… ده مش ليث!" 

صاح بها إلياس وهو ينهض.

أحمد لم يكن بحاجة إلى سماع المزيد، كان يعرف بالفعل أن هذا ليس رفيقهم ليث . 

فقد كان هذا شيئًا آخر، فقط يستخدم جسد ليث كوسيلة للوصول إلى هدفه.

لكن السؤال كان: ما هو الهدف؟!

تقدمت سارة، وعيناها مشتعلة بالغضب وقالت بصوت ثابت:

 "مش هسيبك للّعنة، ليث… حتى لو كان دا معناه مواجهة الشيء اللي سيطر عليك."

رفعت يديها، وبدأت تهمس بكلمات غير مفهومة، وكأنها تستحضر شيئًا من العدم!  الهواء حولها اهتز، والأرض نفسها بدت وكأنها تستجيب لندائها !

ليث، أو ما تبقى منه ابتسم ابتسامة غريبة، ثم قال بصوت مزدوج: 

"حاولي… لكن تذكري اللعنة لا تختار عبثًا."

وفجأة... 

انطلقت موجة أخرى من الظلام، أقوى من الأولى، واتجهت نحوهم بسرعة لا تُصدق. 

لكن هذه المرة… لم يكن لدى أحد فرصة للهرب.



            البارت الحادي عشر من هنا 

    لقراءة جميع حلقات القصه من هنا 

تعليقات